المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الثاني: فرية أن الوهابيين خوارج وأن نجد اليمامة قرن الشيطان مع الرد والدحض لها - دعاوي المناوئين لدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب

[عبد العزيز بن محمد آل عبد اللطيف]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌تمهيد

- ‌الباب الأول: مفتريات ألصقت بدعوة الشيخ مع الدحض لها

- ‌الفصل الأول: الافتراء على الشيخ بادعاء النبوة، وانتقاص الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌الفصل الثاني: الزعم بأن الشيخ مشبه مجسم

- ‌الفصل الثالث: فرية إنكار كرامات الأولياء

- ‌الباب الثاني: الشبهات المثارة حول دعوة الشيخ مع بيان الحق في ذلك

- ‌الفصل الأول: التكفير والقتال.. عرض ثم رد وبيان

- ‌المبحث الأول: مفتريات الخصوم وأكاذيبهم على الشيخ في مسألة التكفير مع الرد والدحض لها

- ‌المبحث الثاني: فرية أن الوهابيين خوارج وأن نجد اليمامة قرن الشيطان مع الرد والدحض لها

- ‌المبحث الثالث: شبهة أن الوهابيين أدخلوا في المكفرات ما ليس فيها

- ‌المبحث الرابع: شبهة مخالفة الشيخ محمد بن عبد الوهاب لابن تيمية وابن القيم في مسألة الذبح لغير الله..عرض ثم رد

- ‌المبحث الخامس: شبهة عدم طروء الشرك على هذه الأمة.. عرض ثم رد

- ‌المبحث السادس: شبهة تنزيل آيات في المشركين على مسلمين.. عرض ثم رد

- ‌المبحث السابع: شبهة خروج الشيخ على دولة الخلافة

- ‌الفصل الثاني: تحريم التوسل.. عرض ثم رد

- ‌الفصل الثالث: منع الاستشفاع بالنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب الثالث: فيما اعترض عليه من قضايا الدعوة مع المناقشة

- ‌الفصل الأول: هدم الأبنية على القبور والنهي عن شد الرحال لزيارتها

- ‌الفصل الثاني: تقسيم التوحيد إلى توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية

- ‌الفصل الثالث: إنكار دعاء الموتى

- ‌مصادر ومراجع

الفصل: ‌المبحث الثاني: فرية أن الوهابيين خوارج وأن نجد اليمامة قرن الشيطان مع الرد والدحض لها

‌المبحث الثاني: فرية أن الوهابيين خوارج وأن نجد اليمامة قرن الشيطان مع الرد والدحض لها

هذا المبحث يرتبط كثيرا بالمبحث السابق، ففي المبحث السابق تحدثنا عن فرية تكفير الوهابية للمسلمين، وفي هذا المبحث نتحدث عن فرية أن الوهابيين خوارج، فهناك تداخل بين المبحثين، وذلك لأن الخوارج قد عرف عنهم التكفير لأصحاب المعاصي من المسلمين، فجعل الخصوم الوهابيين كالخوارج في هذه المسألة، ولهذا فلن نتحدث عن هذا الجانب تفصيلا ففي المبحث السابق كفاية وغنية عن التكرار، وإنما سنتحدث عن فرية الخصوم في رميهم للوهابيين بهذا الوصف -أي الخوارج-، وذمهم والطعن فيهم لأنهم خوارج سيماهم التحليق1 ولأن بلادهم ومحل ظهورهم هو نجد التي هي قرن الشيطان.. بلاد مسيلمة الكذاب.. إلى آخر تلك الدعاوى الباطلة، ثم نتبعها بالرد والدحض.

لقد تعددت مزاعم الخصوم بهذه الفرية الخاطئة، وتنوعت أباطيلهم، فمرة يتهمون الشيخ بأنه من الخوارج، وأن سيماهم التحليق.. ومرة يطعنون في الشيخ الإمام وفي دعوته بحجة أن موطنه نجد اليمامة، ونجد هي قرن الشيطان كما في الحديث، وهي موطن الزلازل والفتن، وثالثة يزعمون أنه من نسل ذي الخويصرة التميمي.. إلى آخر هذه الترهات والأباطيل.

ونلاحظ أن ابن عفالق من أوائل المفترين في ذلك، حيث ينعى على الوهابيين بأن موطنهم هو نجد - قرن الشيطان - وأنهم من بقايا فتنة مسيلمة الكذاب، يقول ابن عفالق في رسالته لابن معمر:

(وفي فضل أهل الشام واليمن والحرمين وفارس ما يعرفه من له أدنى معرفة بالأحاديث، وأما أنتم يا أهل اليمامة ففي الحديث الصحيح عندكم يطلع قرن الشيطان، وأنتم لا تزالون في شر من كذابكم إلى يوم القيامة. إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار)2.

ويقول: (فبماذا يجاوبون من هذه حالته ودعواه، أيدينون بالرجعة ويقولون هذا

1 أي علامتهم حلق شعر الرأس. انظر "صحيح مسلم"(شرح النووي) ، المطبعة المصرية 7/167.

2 رسالة ابن عفالق لابن معمر ق49.

ص: 178

مسيلمة قد ظهر بوادي حنيفة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الحديث المشهور " أنهم لا يزالون في فتنة من كذابهم إلى يوم القيامة.. "1.

ويذكر سليمان بن عبد الوهاب الدليل على بطلان دعوة أخيه الشيخ الإمام، وهو أن موطنه بلاد المشرق، بلاد مسيلمة الكذاب، فيقول:

(ومما يدل على بطلان مذهبكم ما في "الصحيحين" عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " رأس الكفر نحو المشرق " 2 فلو علم أن بلاد المشرق خصوصا نجد بلاد مسيلمة أنها تصير دار الإيمان، وأن الطائفة المنصورة تكون بها.. وأن الحرمين الشريفين واليمن تكون بلاد كفر تعبد فيها الأوثان، وتجب الهجرة منها، لأخبر بذلك، ولدعى لأهل المشرق خصوصا نجد، ولدعى على الحرمين واليمن وتبرأ منهم، إذ لم يكن إلا ضد ذلك، فإنه صلى الله عليه وسلم عم المشرق، وخص نجداً بأن منها يطلع قرن الشيطان)3.

ويسوق (الحداد) بعض تلك الفرية، فيزعم أن الشيخ الإمام هو قرن الشيطان، يقول الحداد في كتابه "مصباح الأنام":

(وقد استنبط العلماء من مفهوم قول النبي صلى الله عليه وسلم "يطلع منها -أي نجد- قرن الشيطان" من معجزاته، لأنه أتى بالياء للاستقبال؛ لأن مسيلمة لعنه الله، في حياته عليه السلام طلع، وادعى النبوة، وهلك في خلافة الصديق..، ولم يطلع قرن الشيطان إلا بعد الألف والمائة والخمسين، وهو محمد بن عبد الوهاب رأس هذه البدعة وأسها)4.

ويورد (الحداد) بعضا من علامات الخوارج، ليدعي زورا وجودها عند الوهابيين، فيقول كاذبا:

(وأهم من ذلك كله ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم من الأحاديث الكثيرة المبينة لعلامات الخوارج، مما يبين أن ابن عبد الوهاب وأتباعه منهم، ككونهم من نجد، وكونهم من المشرق، ومعلوم أن نجدا شرقي المدينة، وكون سيماهم التحليق، مع كونهم من المشرق)5.

1 "جواب ابن عفالق على رسالة ابن معمر" ق56.

2 صحيح البخاري: كتاب بدء الخلق (3301)، وصحيح مسلم: كتاب الإيمان (52) ، ومسند أحمد (2/418 ،2/506)، وموطأ مالك: كتاب الجامع (1810) .

3 "فصل الخطاب في الرد على محمد بن عبد الوهاب" ص44، 45 باختصار، وهو مطبوع بعنوان "الصواعق الإلهية في الرد على الوهابية" -كما تقدم-.

4 ص7.

5 ص5 باختصار.

ص: 179

ويقول الحداد:

(قال السيد العلامة المنعمي في مطلع قصيدة له في الرد على النجدي لما قتل عدة لم يحلقوا رءوسهم قال:

أفي حلق رأسي بالسكاكين والحد

حديث صحيح بالأسانيد عن جدي1

ويأتي أفاك آخر، وهو المدعو عبد الرءوف، حيث ساق حديث "اللهم بارك لنا في شامنا"، وما ورد في شأن الخوارج من الأحاديث.. ثم قال:

(المراد به أصحاب ابن عبد الوهاب، فإن شعارهم تحليق شعر رءوسهم أجمع، وعدم اتخاذ القنازع كما هو الأعراب قديما وحديثا، وإذا دخل الرجل في دينهم، أول ما يأمرونه به حلق شعر رأسه أجمع، وبهذا تعرف الوهابية عن سائر الأعراب كما هو معروف، فالحديث نص على رد الوهابية)2.

ويدعي الصاوي كذبا وتلفيقا أن علماء الدعوة وأتباعها خوارج (وأنهم يحسبون أنهم على شيء ألا إنهم هم الكاذبون..)3.

ويؤكد ابن عابدين في حاشيته هذا الإفك، فيزعم أن أتباع الشيخ الإمام يدخلون في مسمى الخوارج4.

ويفتري محسن بن عبد الكريم على أتباع هذه الدعوة السلفية بأنهم خوارج، ويصفهم بأنهم مارقة..5 ويتحدث عن فرية التحليق، فيقول:

(والتحليق الذي صار شعارهم فلا يقبلون من أحد الدخول فيما هم فيه حتى يحلق رأسه، حتى قال المولى عبد الله بن عيسى في كتابه "السيف الهندي": إنه بلغني أنه

1 ص6.

2 "فصل الخطاب" ق15.

3 "حاشية الصاوي على الجلالين" 3/307، 308. زعم الصاوي هذا الإفك عند تفسيره لقوله تعالى:{أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا..} فذكر القول بأنها نزلت في الخوارج الذين يحرفون تأويل الكتاب والسنة، ويستحلون بذلك دماء المسلمين وأموالهم كما هو مشاهد في نظائرهم وهم فرقة يقال لهم الوهابية.. إلى آخر هذا الافتراء. وانظر: إلى الرد الذي كتبه أحمد بن حجر آل بوطامي في كتابه "تنزيه السنة والقرآن". فقد بين ضلال الصاوي وانحرافه وزيفه ص150- 157.

4 انظر: "حاشية ابن عابدين" 4/262.

5 انظر: "لفحات الوجد عند فعلات أهل نجد" ق76. فقد زعم صاحب اللفحات أن الوهابيين خوارج، وذكر علامات الخوارج كما أوردها يوسف بن إبراهيم الأمير ق32- 44.

ص: 180

حلق ناس من أهل تهامة رؤوسهم على ضوء السراج نحو ستمائة رجل في ليلة واحدة، فكيف بالنهار

) 1.

ويقذع الرافضي اللكنهوري في السب والشتم، فيجعل الخوارج هم سلف الوهابيين، فكان من إفكه أنه قال: (وإن لهم أسوة في من سلف من الخوارج الحرورية، لعنهم الله، حيث كفروا أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب عليه السلام، وجميع المسلمين من أصحابه وأنصاره بتلفيقات تشبهها أقوال هؤلاء الوهابية واستحلوا بذلك دماءهم وأموالهم. ولو تأملت بصائب النظر في تاريخهم لوجدت الوهابية ممن يحذو حذوهم في العقائد

ثم إنك لو أمعنت النظر لوجدت شيوخ أولئك الخوارج من أهل نجد) 2.

ويزعم عثمان بن منصور أن نجد اليمامة هي قرن الشيطان، فيقول:(وقد امتنع الرسول صلى الله عليه وسلم عن الدعاء لها لما دعا للشام ولليمن والمدينة، لما علم بعلم الله ما يحدث فيها ومنها، وقال فيها "وأولئك منها الزلازل والفتن، ومنها ما يظهر قرن الشيطان")3.

ويورد شيخ الكذب والبهتان أحمد دحلان، اتهامه لأنصار هذه الدعوة السلفية بفرية التحليق فيقول:

(وكانوا يأمرون من اتبعهم أن يحلق رأسه، ولا يتركونه يفارق مجلسهم إذا تبعهم، حتى يحلقوا رأسه، ولم يقع مثل ذلك قط من أحد من الفرق الضالة التي مضت قبلهم، فالحديث صريح فيهم، وكان السيد عبد الرحمن الأهدل مفتي زبيد يقول: لا يحتاج أن يؤلف أحد تأليفا للرد على ابن عبد الوهاب، بل يكفي من الرد عليه قوله صلى الله عليه وسلم " سيماهم التحليق " 4 فإنه لم يفعله أحد من المبتدعة غيرهم)5.

ويتهم الرافضي محمد حسن الموسوي الوهابيين بأنهم على نهج الخوارج. ثم يقول كاذبا (أن الوهابية أصحاب الزلازل والفتن بنص رسول الله صلى الله عليه وسلم 6.

ويدعي النبهاني أن نجد اليمامة هي قرن الشيطان، وأنها من بلاد المشرق التي ذمها الرسول صلى الله عليه وسلم يقول النبهاني في رائيته الصغرى:

1 "لفحات الوجد عند فعلات أهل نجد" ق45.

2 "كشف النقاب عن عقائد بن عبد الوهاب" ص77، 78.

3 نقلا عن "مصباح الظلام في الرد على من كذب على الشيخ الإمام" ص234.

4 صحيح البخاري: كتاب التوحيد (7562)، وسنن النسائي: كتاب تحريم الدم (4103)، وسنن ابن ماجه: كتاب المقدمة (175) ، ومسند أحمد (3/5 ،3/64 ،4/421 ،4/424 ،5/176) .

5 "الدرر السنية في الرد على الوهابية" ص54.

6 "البراهين الجلية"، ص71.

ص: 181

أشار رسول الله للشرق ذمه

وهم أهله لا غرو أن اطلع الشرا

به يطلع الشيطان ينطح قرنه

رءوس الهدى والله يكسره كسرا1

وقد حشد الدجوي في مجلته "الأزهر" إحدى عشرة صفة من صفات الخوارج، وحملها ظلما وبغيا على أنصار وأتباع دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله2.

كما زعم الأفاك الأثيم، والكذاب اللئيم الرافضي "العاملي" أن الوهابيين يشبهون الخوارج من ثلاث عشرة جهة3.

ويورد العاملي الأحاديث التي في ذم المشرق، وذم نجد، ليحملها على نجد اليمامة4. ثم يدافع عن موطنه -العراق-، فيقول نافيا أن تكون العراق هي نجد قرن الشيطان -.

(وما يحكى عن بعض الوهابيين من أن المراد من نجد هو العراق؛ لأنها أعلى من الحجاز والنجد في اللغة ما أشرف من الأرض، معلوم الفساد، فإن نجدا حيثما يطلق بلا قيد يراد به بلادهم التي لا تسمى عرفا إلا بهذا الاسم قديما وحديثا..)5.

ويأتي العاملي بزور آخر، حين يدعي أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب من عشيرة ذي الخويصرة التميمي، وذلك لأن كلاهما من بني تميم، يقول العاملي:

(ومن الأخبار المرجح ورودها في الوهابية قوله صلى الله عليه وسلم في ذي الخويصرة التميمي أن من ضئضيء هذا قوما يقرأون القرآن ولا يجاوز حناجرهم.. فيكون المراد من ضئضئه أي من أصله وعشيرته، لا من نسله وعقبه؛ لأن عشيرة الرجل هي أصله

1 "الرائية الصغرى" ص27.

2 انظر: "مجلة الأزهر" م5، ص329. وانظر: الرد مفصلا في كتاب الفصل الحاسم بين الوهابيين ومخالفيهم ص 112.

3 انظر: كتابه"كشف الارتياب" ص114- 126. ومما يحسن ذكره هاهنا ردا على العاملي أن نسوق ما كتبه القصيمي حيث قال: (ومن العجب الذي لا ينقضي أن يزعم العاملي بأن الوهابية يشبهون الخوارج في الجمود والغباوة، وقد ألف جماعة من الشيعة قديما رسالةً سموها "الشيعة والمنار" وكان أحد مؤلفيها هذا الرجل - أى العاملي - وقد جاء في هذه الرسالة أن كربلاء أفضل من مكة لوجود آل النبي فيها، وفي الرسالة أيضا أن زيارة آل البيت أفضل من الحج، فمن أغبى من هؤلاء وأجمد؟) عن كتاب "الصراع بين الإسلام والوثنية" 1/378.

4 انظر: "كشف الارتياب" ص119، 120.

5 "كشف الارتياب"، ص120.

ص: 182

ومعدنه، وذو الخويصرة وابن عبد الوهاب. من أصل واحد، من عشيرة واحدة فكلاهما تميمي) 1.

ويدعي الزهاوي أن من أعلام نبوة محمد صلى الله عليه وسلم إخباره عن هؤلاء الخوارج، يقصد أتباع الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله-2.

ويزعم أحمد بن محمد الغماري أن دعوة الشيخ الإمام هي قرن الشيطان، فيقول:(ولما طلع قرن الشيطان بنجد في أواخر القرن الحادي عشر، وانتشرت فتنته، كانوا يحملون الأحاديث عليه وعلى أصحابه)3.

ويردد أبو زهرة تلك الفرية دون تورع أو تثبت فيقول عن أتباع هذه الدعوة بأنهم: (كانوا يشبهون الخوارج الذين كانوا يكفرون مرتكب الذنب)4.

كما أن الشيعي محمد جواد مغنية يزعم أن الوهابية لا تختلف عن الخوارج في مسألة التكفير

5.

إن هذا الركام من تلك الأكاذيب التي افتراها خصوم الدعوة السلفية ما يلبث أن يتلاشى ويزول، فيكون كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف، وذلك عندما نسوق ما سطره بعض أتباع هذه الدعوة السلفية من الحجج الواضحة والأدلة الدامغة في دحض ذلك البهتان.

لقد كذب الخصوم على الشيخ الإمام حين زعموا أنه يكفر المسلمين بالذنوب، فإن الشيخ قد أوضح معتقده في هذه المسألة، فقال في رسالته لأهل القصيم:

(ولا أكفر أحدا من المسلمين بذنب، ولا أخرجه عن دائرة الإسلام)6.

ومع أن الإمام الشوكاني- رحمه الله في بادئ الأمر لم تبلغه معلومات موثقة عن هذه الدعوة السلفية، إلا أنه لم يصدق تلك الدعاوى الكاذبة، فقال:

(وبعض الناس يزعم أنه يعتقد اعتقاد الخوارج، وما أظن ذلك صحيحا)7.

1 كشف الارتياب، ص 123.

2 انظر: "الفجر الصادق"، ص 20.

3 نقلا عن "إيضاح المحجة في الرد على صاحب طنجة" للشيخ حمود التويجري ص 132.

4 "تاريخ المذاهب الإسلامية" 1/236.

5 انظر: "هذه هي الوهابية" ص70.

6 "مجموعة مؤلفات الشيخ" 5/11.

7 "البدر الطالع" 2/6.

ص: 183

(وسئل الشيخ حمد بن ناصر بن معمر- رحمه الله، فقال السائل: إنكم تكفرون بالمعاصي.

فأجاب: ليس هذا قولنا، بل هذا قول الخوارج الذين يكفرون بالذنوب، ولم نكفر أحدا بعمل المعاصي، بل نكفر من فعل المكفرات كالشرك بالله بأن يعبد معه غيره، فيدعو غير الله، أو يذبح له، أو ينذر له، أو يخافه، أو يرجوه، أو يتوكل عليه، فإن هذه الأمور كلها عبادة لله بنص القرآن

إلى آخر جوابه رحمه الله 1.

ويفند الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب فرية "التحليق" فيقول:

(وأما البحث عن حلق شعر الرأس، وأن بعض البوادي الذي دخلوا في ديننا قاتلوا من لم يحلق رأسه، وقتلوا بسبب الحلق خاصة، وأن من لم يحلق رأسه صار مرتدا، والردة لا تكون إلا بإنكار ما علم بالضرورة من دين الإسلام، وأنواع الكفر والردة من الأقوال والأفعال معلومة عند أهل العلم، وليس عدم الحلق منها، بل ولم نقل إن الحلق مسنون فضلا عن أن يكون واجبا، فضلا عن أن يكون تركه ردة عن الإسلام. ونحن لم نأمر أحدا من الأمراء بقتال من لم يحلق رأسه بل نأمرهم بقتال من أشرك بالله، وأبى عن توحيد الله

) 2.

ويوضح الشيخ عبد العزيز بن حمد- سبط الشيخ الإمام- في جواب له، بعضا من أحكام حلق شعر الرأس، ويذكر السبب في حلقه عندهم في بلاد نجد، فقال رحمه الله:

(فالذي تدل عليه الأحاديث، النهي عن حلق بعض وترك بعض، فأما تركه كله فلا بأس به، إذا أكرمه الإنسان كما دلت عليه السنة النبوية. وأما حديث كليب3 فهو يدل على الأمر بالحلق عند دخوله في الإسلام إن صح الحديث، ولا يدل على أن استمرار حلقه سنة، وأما تعزير من لم يحلق وأخذ ماله فلا يجوز وينهى فاعله عن ذلك؛ لأن ترك الحلق ليس منهيا عنه، وإنما نهى عنه ولي الأمر؛ لأن الحلق هو العادة عندنا، ولا يتركه إلا السفهاء عندنا، فنهى عن ذلك نهي تنزيه لا نهي تحريم سدا للذريعة؛ ولأن كفار زماننا لا يحلقون فصار في عدم الحلق تشبها بهم)4.

1 "الدرر السنية" 8/204.

2 "الدرر السنية" 8/175.

3 لعله يقصد الحديث الذي أخرجه أبو داود، عن عثيم بن كليب عن أبيه عن جده: أنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: قد أسلمت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"ألق عنك شعر الكفر" وقال عبد القادر الأرناؤوط عن هذا الحديث: وإسناده ضعيف. انظر: "جامع الأصول في أحاديث الرسول" لابن الأثير، تحقيق: عبد القادر الأرناؤوط، نشر مكتبة الحلواني، سوريا، 1391هـ، 7/338، 339.

4 "مجموعة الرسائل والمسائل" 4/578.

ص: 184

ويؤكد الشيخ عبد الرحمن بن حسن في رد شافٍ على من احتج بحديث نجد قرن الشيطان أن الذم والمدح يقع على الحال لا على المحل، كما يذكر المراد بنجد قرن الشيطان فقال رحمه الله:

(.. الذم إنما يقع في الحقيقة على الحال لا على المحل، والأحاديث التي وردت في ذم نجد كقوله صلى الله عليه وسلم " اللهم بارك لنا في يمننا. اللهم بارك لنا في شامنا " 1 الحديث.. قيل إنه أراد نجد العراق، لأن في بعض ألفاظه: ذكر المشرق، والعراق شرقي المدينة، والواقع يشهد له، لا نجد الحجاز، ذكره العلماء في شرح هذا الحديث، فقد جرى على العراق من الملاحم والفتن، ما لم يجر في نجد الحجاز، يعرف ذلك من له اطلاع على السير والتاريخ، كخروج الخوارج بها، وكمقتل الحسين، وفتنة ابن الأشعث، وفتنة المختار وقد ادعى النبوة

وما جرى في ولاية الحجاج بن يوسف من القتال، وسفك الدماء وغير ذلك مما يطول عده.

وعلى كل حال فالذم إنما يكون في حال دون حال، ووقت دون وقت، بحسب حال الساكن، لأن الذم إنما يكون للحال دون المحل، وإن كانت الأماكن تتفاضل. وقد تقع المداولة فيها، فإن الله يداول بين خلقه، حتى في البقاع، فمحل المعصية في زمن قد يكون محل طاعة في زمن آخر، وبالعكس) 2.

ثم قال رحمه الله: (فلو ذم نجد بمسيلمة بعد زواله، وزوال من يصدقه، لذم اليمن بخروج الأسود العنسي ودعواه النبوة..، وما ضر المدينة سكنى اليهود بها، وقد صارت مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ومعقل الإسلام، وما ذمت مكة بتكذيب أهلها لرسول الله صلى الله عليه وسلم وشدة عداوتهم له، بل هي أحب أرض الله إليه..)3.

ويذكر الشيخ عبد الرحمن بن حسن في الرد على عثمان بن منصور، الذي وصف أهل هذه الدعوة بأنهم خوارج، ونزل الأحاديث التي وردت في شأن الخوارج عليهم- في رده- أن أهل هذه الدعوة من أبعد الناس عن مشابهة الخوارج، يقول:

(وأما أهل هذه الدعوة الإسلامية التي أظهرها الله بنجد، وانتشرت واعترف بصحتها كثير من العلماء والعقلاء، وأدحض الله حجة من نازعهم بالشهادة، فهم بحمد الله، يدعون إلى ما بعث الله به رسله من إخلاص العبادة لله وحده لا شريك له..)4.

1 البخاري: الجمعة (1037)، والترمذي: المناقب (3953) ، وأحمد (2/90 ،2/118) .

2 "مجموعة الرسائل والمسائل" 4/264.

3 المرجع السابق 4/265.

4 "الدرر السنية" 9/195. وانظر: جواب الشيخ عبد الرحمن بن حسن لما سئل عن الخوارج: "الدرر السنية" 8/204، 205.

ص: 185

كما يبين الشيخ عبد الرحمن بن حسن في موضع آخر أن رأيى أهل هذه الدعوة في الخوارج هو رأي الصحابة رضي الله عنهم1. ويقرر الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن المراد بالمشرق ونجد الذي ورد ذمه في الحديث، فقال:

(إن المراد بالمشرق ونجد في هذا الحديث وأمثاله هو العراق، لأنه يحاذي المدينة من جهة الشرق، يوضحه أن في بعض طرق هذا الحديث: "وأشار إلى العراق"، قال الخطابي: نجد من جهة المشرق، ومن كان بالمدينة، كان نجده بادية الشام ونواحيها فهي مشرق أهل المدينة، وأصل نجد ما ارتفع من الأرض، وهو خلاف الغور فإنه ما انخفض منها، وقال الداوودي: إن نجدا من ناحية العراق، ذكر هذا الحافظ ابن حجر، ويشهد له ما في مسلم عن ابن عمر قال: يا أهل العراق ما أسألكم عن الصغيرة وأركبكم للكبيرة، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الفتنة تجيء من هاهنا، وأومأ بيده إلى المشرق، فظهر أن هذا الحديث خاص لأهل العراق؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم فسر المراد بالإشارة الحسية، وقد جاء صريحا في "المعجم الكبير" للطبراني النص على أنها العراق. وقول ابن عمر وأهل اللغة وشهادة الحال كل هذا يعين المراد..)2.

ويشير الشيخ عبد اللطيف إلى فضل بني تميم فيقول:

(وقد جاء في فضل بعض أهل نجد كتميم، ما رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: أحب تميما لثلاث سمعتهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله لما جاءت صدقاتهم هذه صدقات قومي، وقوله في الجارية التميمية: اعتقها فإنها من ولد إسماعيل، وقوله: هم أشد أمتي على الدجال.. هذا في المناقب الخاصة، وأما العامة للعرب، فلا شك في عمومها لأهل نجد؛ لأنهم من صميم العرب، وما ورد في تفضيل القبائل والشعوب أدل وأصرح في الفضيلة مما ورد في البقاع والأماكن في الدلالة على فضل الساكن والقاطن.

1 انظر: "الدرر السنية في الأجوبة النجدية 9/210.

2 "منهاج التأسيس والتقديس في الرد على ابن جرجيس" ص62 ولا يعني ذلك ذم علماء العراق.. لما ورد من أحاديث في شأن بلادهم، يقول الشيخ عبد اللطيف في "مصباح الظلام" ص236:(ولا يقول مسلم بذم علماء العراق لما ورد فيها، وأكابر أهل الحديث وفقهاء الأمة أهل الجرح والتعديل أكثرهم من أهل العراق) . وانظر: "رسالة أكمل البيان في شرح حديث نجد قرن الشيطان" ص43.

ص: 186

ومعلوم أن رؤساء عباد القبور الداعين إلى دعائهم وعبادتها لهم حظ وافر مما يأتي به الدجال، وقد تصدى رجال من تميم، وأهل نجد للرد على دجاجلة عباد القبور الدعاة إلى تعظيمها مع الله، وهذا من أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم إن قلنا إن "ال" في الدجال للجنس لا للعهد، وإن قلنا إنها للعهد كما هو الظاهر، فالرد على جنس الدجال توطئة وتمهيد لجهاده، ورد باطله فتأمله فإنه نفيس جدا) 1.

ويجيب الشيخ عبد اللطيف على من عاب الشيخ الإمام بدار مسيلمة، فيقول:

(ولا يعيب شيخنا بدار مسيلمة إلا من عاب أئمة الهدى ومصابيح الدجى بما سبق في بلادهم من الشرك والكفر المبين، وطرد هذا القول جرأة على النبيين وأكابر المؤمنين، وهذا المعترض2 كعنز السوء يبحث عن حتفه بظلفه ولا يدري.

وقد قال بعض الأزهريين:3 مسيلمة الكذاب من خير نجدكم. فقلت وفرعون اللعين رأس مصركم، فبهت، وأين كفر فرعون من كفر مسيلمة لو كانوا يعلمون) 4.

ويرد الشيخ عبد اللطيف على ابن منصور حين طعن في نجد اليمامة؛ لأنها - على حد زعمه- بلد نجدة الحروري والقرمطي، فيقول رحمه الله:

(ثم كون نجدة الحروري والقرمطي من هذه البلاد، كلام كذب وزور على عادته، فإن نجدة ابتلي ببدعته ومروقه بالعراق، وبها استقر وهي وطنه، وأيضا فقد ثبت أنه تاب لما ناظره ابن عباس. والقرمطي بلاده القطيف والخط، وليس من حدود اليمامة، بل ولا من حدود نجد. ثم لو فرض أنه من نجد، ومن اليمامة ومن بلدة الشيخ أي ضرر في ذلك؟

وهل عاب الله ورسوله أحدا من المسلمين أو غيرهم ببلده ووطنه، وكونه فارسيا أو زنجيا أو مصريا من بلاد فرعون، ومحل كفره وسلطته؟ وعكرمة بن أبي جهل

1 "منهاج التأسيس والتقديس في الرد على ابن جرجيس" ص61. انظر: توضيح الشيخ عبد اللطيف حال الخوارج ثم حال عباد القبور -وكثير منهم خصوم للدعوة السلفية- وبيان حال الشيخ الإمام.. ثم قال: (ليعلم الواقف على ما تقرره حقيقة المذاهب وحاصل العقائد فيما وقعت فيه الخصومة) : "تاريخ نجد" للآلوسي ص79-87.

2 أي عثمان بن منصور.

3 من المعلوم أن الشيخ عبد اللطيف تلقى بعض العلوم من علماء مصر أثناء مغادرته مع أبيه للدرعية بعد سقوطها منفيا إلى مصر.

4 "مصباح الظلام" ص237.

ص: 187

من أفاضل الصحابة، وأبوه فرعون هذه الأمة) 1.

وقد تتبع الشيخ السهسواني في "صيانة الإنسان" الروايات في شأن نجد قرن الشيطان، وساق أقوال العلماء في ذلك، ومرادهم بنجد هاهنا2 ثم قال:

(ولا يخفى عليك أن لفظا من ألفاظ هذا الحديث، لا يقتضي أن كل من يولد في المشرق يكون مصداقا لهذا الحديث..

ومجرد وقوع الفتنة لا يستلزم ذم كل من يسكنه، بدليل ما رواه الشيخان عن أسامة بن زيد قال: أشرف النبي صلى الله عليه وسلم على أطم من آطام المدينة، فقال: هل ترون ما أرى؟ قالوا: لا قال: فإني لأرى الفتن تقع من خلال بيتكم كوقع المطر) 3. وذكر المؤلف أحاديث أخرى، ثم قال:

(وهذه الأحاديث وغيرها مما ورد في هذا الباب دالة على وقوع الفتن في المدينة النبوية، فلو كان وقوع الفتن في موضع مستلزما لذم ساكنيه لزم ذم سكان المدينة كلهم أجمعين، وهذا لا يقول به أحد، على أن مكة والمدينة كانتا في زمن موضع الشرك والكفر، وأي فتنة أكبر منهما، بل وما من بلد أو قرية إلا وقد كانت في زمن أو ستصير في زمان موضع الفتنة، فكيف يجتريء مؤمن على ذم جميع مسلمي الدنيا؟ وإنما مناط ذم شخص معين كونه مصدرا للفتن من الكفر والشرك والبدع)4.

كما ساق السهسواني الروايات التي تثبت أن العراق هو المراد في أحاديث الفتن في نجد، وأنه المشرق بالنسبة للمدينة المنورة5. ويقول السهسواني عن دعوى التحليق:(وهذا كذب صريح وبهتان قبيح)6.

ويقول علامة العراق محمود شكري الآلوسي عن بلده العراق- والتي هي في الحقيقية نجد قرن الشيطان-:

1 "مصباح الظلام" ص 295.

2 انظر: "صيانة الإنسان" ص496-499.

3 "صيانة الإنسان" ص499.

4 "صيانة الإنسان" ص500.

5 "صيانة الإنسان" ص514.

6 "صيانة الإنسان" ص529 وانظر: في المرجع السابق ما ذكره المؤلف من ثناء المصطفى صلى الله عليه وسلم على أهل نجد وبني تميم ص521-523.

ص: 188

(ولا بدع فبلاد العراق معدن كل محنة وبلية، ولم يزل أهل الإسلام منها في رزية بعد رزية، فأهل حروراء وما جرى منهم على الإسلام لا يخفى، وفتنة الجهمية الذين أخرجهم كثير من السلف من الإسلام إنما خرجت ونبغت بالعراق، والمعتزلة وما قالوه للحسن البصري وتواتر النقل به

إنما نبغوا وظهروا بالبصرة، ثم الرافضة والشيعة وما حصل فيهم من الغلو في أهل البيت، والقول الشنيع في الإمام علي، وسائر الأئمة ومسبة أكابر الصحابة..، كل هذا معروف مستفيض) 1.

ويعلن الشيخ ابن سحمان براءتهم من الخوارج، فينشد هذه الأبيات:

ونبرأ من دين الخوارج إذ غلوا

بتكفيرهم بالذنب كل موحد

وظنوه دينا من سفاهة رأيهم

وتشديدهم في الدين أي تشدد

ومن كل دين خالف الحق والهدى

وليس على نهج النبي محمد2

ويرد ابن سحمان إفك الحداد حين وصف أهل نجد بأنهم من ذرية مسيلمة الكذاب، ويؤكد أن العراق موطن الفتن؛ لأنها مشرق المدينة وليست اليمامة، يقول ابن سحمان:

(.. وآباء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأسلافهم كانوا على جاهلية، وشرك، وعبادة للأصنام والأحجار وغيرها. ولا يتوجه عيب أحد منهم بأسلافه وقد يخرج الله من أصلاب المشركين، والكفار من هو من خواص أوليائه وأصفيائه

) 3.

ويقول: (قد كان بلد الشيخ اليمامة، ولم تكن اليمامة مشرق المدينة، بل مشرق المدينة العراق ونواحيه، فاليمامة ليست مشرق المدينة، ولا هي وسط المشرق بين المدينة والعراق، بل اليمامة شرق مكة المشرفة..)4. ويبين عبد الكريم بن فخر الدين الهندي تحريف دحلان، ويرد عليه، ثم ينكر جوابا على دعوى التحليق، فيقول- حين ذكر دحلان أن نجد جزيرة العرب هي قرن الشيطان-:

انظر كيف صنيعه وتحريفه كلام الرسول وتضييعه، مع أن شراح الحديث يذكرون في ذيله قتل عثمان رضي الله عنه وواقعة الجمل وصفين، وظهور الخوارج

1 "غاية الأماني في الرد على النبهاني" 2/148 باختصار. وانظر: "فتح المنان تتمة منهاج التأسيس" ص527.

2 "الهدية السنية" ص116.

3 "الأسنة الحداد في الرد على علوي الحداد" ص87.

4 "الأسنة الحداد في الرد على علوي الحداد" ص97.

ص: 189

ونحو ذلك، ولم يعينوا مورده كما عين، مع أن حدوث الشيخ محمد بن عبد الوهاب خارج عن الموارد المذكورة فيما هنالك) 1.

ويقول عبد الكريم أيضا:

(وأما ما ورد في الخوارج سيماهم التحليق، فلا ينطبق على ما ادعاه فإن ترك الشعر واللمة سنة عند محمد بن عبد الوهاب وأتباعه، فإن كان صحيحا يحمل أمره ذلك، فيمن كان جديد الإسلام كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ألق عنك شعر الكفر " 2 3)4.

ويبين ناصر الدين الحجازى في "النفخة" المراد بالشرق وحده- أثناء رده على إفك الاسكندراني- فيقول: (إن الشرق اسم عام نهايته مطلع الشمس، وقد ظهر منه فتن كثيرة كفتنة جنكيزخان، وهولاكو ومن بعده من التتار، واستطال الأمر، وقتلت الألوف المؤلفة من المسلمين، فما الذي حملت على أن تخصه بأولئك المساكين الذين يضربون في الأرض، ليحصلوا قوتهم من حلال

) 5.

ويجيب الحجازي عن فرية التحليق فيقول- رحمه الله: (وأما ما ذكرته عن التحليق فذاك "كلام خرافة يا أم عمرو")6.

وألف الشيخ حكيم محمد أشرف سندهو رحمه الله رسالة مستقلة بعنوان "أكمل البيان في شرح حديث نجد قرن الشيطان"7 جمع فيها روايات هذا الحديث، وذكر أقوال شراح الحديث في بيان معناه، وكذا أقوال علماء اللغة، والجغرافيين، وأثبت على ضوئها أن المراد بنجد قرن الشيطان هي العراق، ونوجز بعض ما أورده وهو يقول- بعد أن ساق مرويات هذا الحديث-:

(مقصود الأحاديث أن البلاد الواقعة في جهة المشرق من المدينة المنورة، هي مبدأ الفتنة والفساد، ومركز الكفر والإلحاد، ومصدر الابتداع والضرر، فانظروا في خريطة العرب بنظر الإمعان، يظهر لكم أن الأرض الواقعة في شرق المدينة إنما

1 "الحق المبين في الرد على اللهابية المبتدعين" ص44.

2 سنن أبي داود: كتاب الطهارة (356) ، ومسند أحمد (3/415) .

3 رواه أبو داود، وضعفه عبد القادر الأرناؤوط، وقد تقدم.

4 "الحق المبين" ص45.

5 " النفخة على النفحة" ص29.

6 " النفخة على النفحة"، ص32.

7 حقق هذه الرسالة عبد القادر السندي، ط1، حديث أكاديمي باكستان، 1402هـ.

ص: 190

هي أرض العراق فقط موضع الكوفة والبصرة وبغداد) 1.

ويقول في موضع آخر:

(واتفقت كلمة شراح الحديث وأئمة اللغة ومهرة جغرافية العرب أن النجد ليس اسما لبلد مخصوص، ولا اسما لبلدة بعينها، بل يقال لكل قطعة من الأرض مرتفعة عما حواليها نجد

) 2.

وقد رد الشيخ حمود التويجري في كتابه "إيضاح المحجة" على فرية الغماري فكان من رده:

(أن الروايات الواردة في طلوع قرن الشيطان من المشرق كلها عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، وقد صرح في بعضها أن المراد بالمشرق أرض العراق فبطل بذلك كل ما يتعلق به الملاحدة على أهل الجزيرة العربية)3.

ولما زعم الغماري أن المراد بطلوع قرن الشيطان بنجد هو ظهور الشيخ أعقبه التويجري برد قال فيه:

(وهذا من البهتان والإثم المبين، لكونه وصفهم بصفة ذميمة لم ترد فيهم، وإنما وردت في غيرهم، وقد قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً} 4 وقد شهد علماء الدين للشيخ بأنه أظهر توحيد الله، وجدد دينه، ودعا إليه، واعترفوا بعلمه وفضله وهدايته، وأثنوا عليه نظما ونثرا)5.

ويقول العلامة ناصر الدين الألباني- معلقا على حديث " اللهم بارك لنا في شامنا.. "6 بعد أن ساق طرقه ومروياته:

(فيستفاد من مجموع طرق الحديث أن المراد من نجد في رواية البخاري ليس هو الإقليم المعروف اليوم بهذا الاسم، وإنما هو العراق، وبذلك فسره الإمام الخطابي والحافظ ابن حجر العسقلاني

وقد تحقق ما أنبأ به عليه السلام، فإن كثيرا من الفتن الكبرى كان مصدرها العراق كالقتال بين سيدنا علي ومعاوية، وبين علي والخوارج، وبين علي وعائشة وغيرها مما هو مذكور في كتب التاريخ. فالحديث

1 ص16، 17.

2 ص21.

3 "إيضاح المحجة في الرد على صاحب طنجة"، ص132، باختصار.

4 سورة الأحزاب آية: 58.

5 "إيضاح المحجة" ص138.

6 صحيح البخاري: كتاب الجمعة (1037)، وسنن الترمذي: كتاب المناقب (3953) ، ومسند أحمد (2/90 ،2/118) .

ص: 191

من معجزاته صلى الله عليه وسلم وأعلام نبوته..) 1. وينفي د. عبد الباري عبد الباقي أن يكون الوهابيون خوارج، فيقول: (فعلى عكس الخوارج، لم يتبرأ الوهابيون من عثمان وعلي رضي الله عنهما 2.

ويدحض القصيمي فرية التحليق- شعار الخوارج كما يقولون..-، وينفي أن تكون منطبقة على الوهابيين، فيقول:

(وهذا قول فاسد مردود، وبيان ذلك أن حجته في هذا القول، هي أن النجديين فيهم من يحلقون رءوسهم، وفاتهم أن معنى سيمى القوم، أي علامتهم التي بها يتميزون عن غيرهم، وما به يعرفون ويختصون، وإذا كان الأمر مشتركا بين الناس مشاعا بين أصنافهم، فليس سيمى الطائفة ولا علامة، وكذلك التحليق لا يمكن أن يكون سيمى لأحد اليوم؛ لأن التحليق أمر تفعله أمم كثيرة في أقطار كثيرة من الأقطار الإسلامية، فلا يمكن أن يكون سيمى النجديين يقينا)3.

ويبطل القصيمي- دعوى الرافضي العاملي- أن الوهابيين خوارج فيقول:

(أن الوهابيين يشهدون بحق وصدق أن هؤلاء الذين أكفرهم الخوارج كعلي وعثمان ومعاوية، ومن وافق هؤلاء الصحابة من الصحابة والتابعين من أفضل البشر، وأصدقهم دينا، وإيمانا وسيرة وسريرة..)4.

1 محمود مهدى الاستانبولي، "الإمام محمد بن عبد الوهاب في مرآة علماء الشرق والغرب"، ص88-90.

2 الوهابيون الأوائل بعض الجوانب من التقييم المعاصر لهم" تعريب د. سيد رضوان علي (ضمن بحوث أسبوع الشيخ، غير منشور) ص17.

3 "الصراع بين الإسلام والوثنية، 1/443، 444 باختصار.

4 "الصراع بين الإسلام والوثنية، 1/470. ويوضح القصيمي أن الشيعة شر من الخوارج من عدة أوجه (انظر: المرجع السابق 1/477- 492) ، كما يوضح أوجه الشبه بين الشيعة واليهود. (انظر: المرجع السابق 1/492- 503) . ويرد القصيمي في كتابه "الفصل الحاسم بين الوهابيين ومخالفيهم" الصفات الشنيعة من صفات الخوارج التي ألصقها الدجوي بالوهابيين، ثم يثبت بالبراهين أن الدجوي وأتباعه هم بهذه الصفات أحق وأولى. انظر: "الفصل الحاسم" ص112- 117. وانظر: مقال د. محمد الشويعر في مجلة الاعتصام س47، ع8، 9 جمادى الأولى والآخرة 1406هـ بعنوان: "لا علاقة بين الوهابية الرستمية وبين دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب السلفية حيث إن هناك طائفة من الإباضية في المغرب يطلق عليها الوهابية نسبة إلى عبد الوهاب بن عبد الرحمن بن رستم وهذه الطائفة قد وجدت قبل مولد الشيخ بمئات السنين، فربما وقع اللبس عند قاصري الاطلاع فخلط بين الحركة الإباضية الخارجية وبين دعوة الشيخ الإمام السلفية.

ص: 192