المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌275 - باب تخليل اللحية في الوضوء - ديوان السنة - قسم الطهارة - جـ ١٤

[عدنان العرعور]

فهرس الكتاب

- ‌264 - بَابُ التَّخْلِيلِ بَيْنَ الْأَصَابِعِ فِي الوُضُوءِ

- ‌265 - بابٌ في ذِكَرِ مَا رُوِيَ فِي عُقُوبَةِ مَنْ لَا يُخَلِّلُ

- ‌266 - بَابُ الجَمْعِ بَيْنَ المَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ بِغَرْفَةٍ وَاحِدَةٍ

- ‌267 - بَابُ الفَصْلِ بَيْنَ المَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ

- ‌268 - بَابُ المُبَالَغَةِ فِي المَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ وَالِاسْتِنْثَارِ

- ‌269 - بَابُ الأَمْرِ بِالمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ وَالِاسْتِنْثَارِ فِي الوُضُوءِ

- ‌270 - بَابُ مَا جَاءَ فِي أَنَّ المَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ سُنَّةٌ

- ‌271 - بَابُ مَا وَرَدَ فِي إِدْخَالِ الأَصَابِعِ فِي الفَمِ حِينَ الوُضُوءِ

- ‌272 - بَابُ غَسْلِ الوَجْهِ

- ‌273 - بَابُ صَكِّ الوَجْهِ بِالمَاءِ

- ‌274 - بَابَ مَا رُوِيَ فِي غَسْلِ الوَجْهِ بيد واحدة

- ‌275 - بَابُ تَخْلِيلِ اللِّحْيَةِ فِي الوُضُوءِ

- ‌276 - بَابُ مَسْحِ الرَّأْسِ وَصِفَتِهِ

- ‌277 - بَابُ المَسْحِ عَلَى النَّاصِيَةِ

- ‌278 - بَابُ مَاءِ مَسْحِ الرَّأْسِ بِمَاءٍ جَديدٍ

- ‌279 - باب ما روي في مسح الرأس بفضل يديه

- ‌280 - بَابُ مَسْحِ الأُذُنَيْنِ وَصِفَتِهِ

الفصل: ‌275 - باب تخليل اللحية في الوضوء

‌275 - بَابُ تَخْلِيلِ اللِّحْيَةِ فِي الوُضُوءِ

1700 -

حَدِيثُ عُثْمَانَ:

◼ عن شَقِيقِ بنِ سَلَمَةَ، قَالَ:((رَأَيتُ عُثْمَانَ بنَ عَفَّانَ رضي الله عنه تَوَضَّأَ، فَغَسَلَ كَفَّيْهِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، وَمَضْمَضَ [ثَلَاثًا] 1، وَاسْتَنْشَقَ [ثَلَاثًا] 2، وَاسْتَنْثَرَ، وَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا، قَالَ: وَحَسِبْتُهُ قَالَ: وَذِرَاعَيْهِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ وَأُذُنَيْهِ ظَاهِرِهِمَا وَبَاطِنِهِمَا، وَغَسَلَ قَدَمَيْهِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، وَخَلَّلَ أَصَابِعَهُ [ثَلَاثًا] 3، وَخَلَّلَ لِحْيَتَهُ حِينَ غَسَلَ وَجْهَهُ، قَبْلَ أَنْ يَغْسِلَ قَدَمَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: [هَكَذَا] 4 رَأَيتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَفْعَلُ كَالَّذِي رَأَيتُمُونِي فَعَلْتُ)).

• وَفِي رِوَايَةٍ: عن شَقِيقِ بنِ سَلَمَةَ، قَالَ: رَأَيتُ عُثْمَانَ رضي الله عنه تَوَضَّأَ، فَخَلَّلَ لِحْيَتَهُ [ثَلَاثًا]، وَقَالَ:«هَكَذَا رَأَيتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ» .

[الحكم]:

مختلفٌ فيه؛ فَحَسَّنَهُ: البُخاريُّ، والبَيْهَقيُّ، وابنُ المُلَقِّنِ، والشَّوْكانيُّ، والألبانيُّ. وَصَحَّحَهُ: التِّرْمِذيُّ، وابنُ خُزَيْمةَ، وابنُ حِبَّانَ، والدَّارَقُطنيُّ، والحاكمُ، وعبدُ الحَقِّ الإشبيليُّ، والنَّوَويُّ، وابنُ القَيِّم. وَصَحَّحَهُ بشواهده: ابنُ المُلَقِّنِ، وابنُ حَجَرٍ، والسُّيوطيُّ، والسَّخاويُّ، والمُناويُّ، والمباركفوريُّ.

بيْنما ضعَّفَه: أحمدُ، وابنُ مَعِينٍ، وأبو حاتم الرَّازيِّ، وابنُ حَزمٍ، والمُنْذِريُّ،

ص: 166

والزَّيْلَعيُّ، والصَّنعانيُّ.

وضعَّفَ أحاديثَ تخليلِ اللِّحيةِ كلَّها: أحمدُ، وأبو حاتمٍ، والعُقَيليُّ، وابنُ المُنْذِرِ، وابنُ عبدِ البرِّ، وابنُ حَزْمٍ، وابنُ رُشْدٍ.

[التخريج]:

تخريج السِّياقة الأولى: [حم 403 (مختصرًا جدًّا) / عب 125 (واللفظُ له) / ش 63 (مختصرًا جدًّا) / خز 162/ عل (خيرة 575)، (مط 93) (مختصرًا) / مع (تعليقة صـ 44) (والزيادات له ولغيرِهِ) / ..... ].

تخريج السِّياقة الثانية: [ت 31 (مختصرًا) / جه 434/ مي 731 (واللفظُ له) / حب 1076 (والزيادة له) / ..... ].

* تَقَدَّمَ تخريجُه كاملًا برواياته وتحقيقِها في: (باب جامع في صفة الوُضوء).

ص: 167

1701 -

حَدِيثُ أَنَسٍ:

◼ عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ رضي الله عنه: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا تَوَضَّأَ أَخَذَ كَفًّا مِنْ مَاءٍ فَأَدْخَلَهُ تَحْتَ حَنَكِهِ فَخَلَّلَ بِهِ لِحْيَتَهُ [بِأَصَابِعِهِ] 1 [مِنْ تحتِهَا (بَاطِنِهَا)] 2» ، وَقَالَ:«هَكَذَا أَمَرَنِي رَبِّي عز وجل» .

[الحكم]:

مختلفٌ فيه: فصَحَّحَ بعضَ طُرُقِه: الحاكمُ، وعبدُ الحَقِّ الإشبيليُّ، وابنُ القَطَّانِ، والنَّوَويُّ، وابنُ القَيِّمِ، ومُغْلَطايُ، وابنُ المُلَقِّنِ، وابنُ حَجَرٍ، وابنُ الهُمَامِ، والسُّيوطيُّ، والمُناويُّ، والألبانيُّ.

وَضَعَّفَهُ ابنُ المباركِ.

وضعَّفَ أحاديثَ تخليلِ اللِّحيةِ كلَّها: أحمدُ، وأبو حاتمٍ، والعُقَيليُّ، وابنُ المُنْذِرِ، وابنُ عبدِ البَرِّ، وابنُ حَزْمٍ، وابنُ رُشْدٍ.

[التخريج]:

[د 143 (واللفظُ له) / ك 537 (والزيادتان له ولغيرِهِ)، 538 (مختصرًا) / ش 106 (مختصرًا) / عل 3487، 4269 (والرواية له) / طس 452، 520 (مختصرًا)، 2976، 4465/ طش 1691/ طهور 313/ سعد (1/ 332) / حرب (طهارة 193) / طبر (8/ 176)، (8/ 177) / عق (3/ 16)، (3/ 18) / ذهلي (وهم 5/ 220)، (مُغْلَطاي 1/ 418) / علحا (1/ 526) / مج 949/ رقة 78/ جعفر 549/ صفار 608/ مجر (2/ 11) / عد (3/ 80)، (4/ 38)، (5/ 85، 312)، (10/ 350) / هق 249/ ضح (2/ 450 - 451) / متشابه (2/ 807 - 808) / حربي (فراء ق 40/ب) / تمام 725/ أصبهان (1/ 257) / بغ 215/ ضيا (6/ 106/ 2096)، (7/ 260/ 2708، 2709، 2710) / كما

ص: 168

(31/ 13) / مُغْلَطاي (1/ 419) / مسند أنس بن مالك لابن قيراط (مُغْلَطاي 1/ 418) / مخلدي (ق 263/أ)].

[التحقيق]:

الحديثُ له طرقٌ عن أنسٍ:

الطريق الأول: عنِ الزُّهْريِّ، عن أنسٍ:

أخرجه الحاكمُ في (المستدرك 537) قال: حدثناه عليُّ بنُ حَمْشَاذَ العَدْلُ، حدثنا عُبيدُ بنُ عبدِ الواحدِ، حدثنا محمدُ بنُ وَهْبِ بنِ أبي كريمةَ، حدثنا محمدُ بنُ حربٍ، عن الزُّبَيديِّ، عن الزُّهْريِّ، عن أنسِ بنِ مالكٍ، قال:((رَأَيتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ وَخَلَّلَ لِحْيَتَهُ بِأَصَابِعِهِ مِنْ تَحْتِهَا، وَقَالَ: «بِهَذَا أَمَرَنِي رَبِّي»)).

ومحمدُ بنُ وَهْبٍ من رجالِ التهذيبِ، وهو صدوقٌ، وقد تُوبِع:

فرواه الطَّبَرانيُّ في (مسند الشاميين 1691)، والقاضي أبو القاسم المَيانِجيُّ في (جزئه 23) من طريقِ كثيرِ بنِ عُبَيدٍ الحَذَّاءِ - (وهو ثقةٌ) -.

ورواه الذُّهْليُّ في (عِلَل حديث الزُّهْري) -كما في (بيان الوهم والإيهام 5/ 220)، وغيرِه- قال: حدثنا محمدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ خالدٍ الصفارُ مِن أصله، وكان صدوقًا.

كلاهما عن محمدِ بنِ حربٍ به.

وهذا الإسنادُ من المدارِ، رجالُهُ ثقاتٌ رجالِ الشيخينِ، والزُّبَيديُّ هو محمدُ بنُ الوليدِ ثقةٌ ثبْتٌ، مِن كبارِ أصحابِ الزُّهْريِّ. ومحمدُ بنُ حربٍ هو كاتبه أبو عبدِ اللهِ الحِمصيُّ، المعروفُ بالأبرشِ: ثقةٌ من رجالِ الشيخينِ. وقد رواه عنه ثلاثةٌ موثَّقون.

ص: 169

ولذا صَحَّحَهُ الحاكمُ في (المستدرك 1/ 149)، وابنُ القَطَّانِ في (بيان الوهم 5/ 220)، ومُغْلَطايُ في (شرح ابن ماجَهْ 1/ 418)، وابنُ المُلَقِّنِ في (البدر المنير 2/ 188)، ورمزَ السُّيوطيُّ لصحته في (الجامع الصغير 6624)، وأقَرَّه المُناويُّ في (الفيض 5/ 115، 116).

بينما قال الحافظُ: "رجالُهُ ثقاتٌ، إلا أنه معلولٌ"(التلخيص الحبير 1/ 150).

قلنا: يشيرُ إلى الاختلافِ الواقعِ في سندِهِ على محمدِ بنِ حربٍ:

فقد رواه الذُّهْليُّ في (علل حديث الزُّهْري) أيضًا -كما في (بيان الوهم 5/ 220)، و (شرح ابن ماجَهْ لمُغْلَطاي 1/ 418) -: عن يَزيدَ بنِ عبدِ ربِّه (ثقة من رجال مسلم)، عن محمدِ بنِ حربٍ، عن الزُّبَيديِّ، أنه بلغه عن أنسٍ، به.

قال الذهليُّ: "المحفوظُ عندنا حديث يزيدَ بنِ عبدِ ربِّه، وحديث الصفار واهٍ"(بيان الوهم والإيهام 5/ 221).

وقد رَدَّ ذلك ابنُ القَطَّانِ فقال: "هذا الإسنادُ صحيحٌ، ولا يضره رواية من رواه عن محمدِ بنِ حربٍ عن الزُّبَيديِّ أنه بلغه عن أنسٍ [؛ فإنه ليس مَن لم يحفظْ حجةٌ على من حَفِظَ، فالصَّفَّارُ قد عيَّنَ شيخَ الزُّبَيديِّ بأنه الزُّهْريُّ، وحتى لو علمنا أن محمدَ بنَ حربٍ حدَّثَ به تارة فقال فيه: عن الزُّبَيديِّ بلغني عن أنسٍ، لم يضره ذلك؛ ] فقد يراجع كتابه فيعرف منه أن الذي حدَّثه به هو الزُّهْريُّ، فيُحدِّثُ به، فيأخذه عنه الصَّفَّارُ وغيرُه، وهذا الذي أشرتُ إليه هو الذي اعتَلَّ به عليه محمدُ بنُ يحيى الذُّهْليُّ حين ذكره"(بيان الوهم والإيهام 5/ 220)، والزيادةُ من (شرح ابن ماجَهْ لمُغْلَطاي 1/ 418).

ص: 170

ورَدَّ ابنُ القَيِّمِ على ابنِ القَطَّانِ تصحيحَه لهذا الطريقِ، فقال:"وهذه التجويزات لا يَلتفِت إليها أئمةُ الحديثِ وأطباءُ عِلَلِه، ويعلمون أن الحديثَ معلولٌ بإرسالِ الزُّبَيديِّ له، ولهم ذوقٌ لا يحول بينه وبينهم فيه التجويزات والاحتمالات"(تهذيب السنن 1/ 169).

وكذا رجَّحَ الذَّهَبيُّ صنيع الذُّهْلي، فقال مُتَعقِّبًا ابنُ القَطَّانِ:"كفانا الذُّهْليُّ مؤنتَك"(الرد على ابنِ القَطَّانِ صـ 54).

بينما قال الألبانيُّ: "ونحن نرى أن الحَقَّ مع ابنِ القَطَّانِ؛ لأن الاحتمالَ الذي أبداه إنما هو في سبيلِ الجمعِ بين رواياتِ الثِّقاتِ؛ وإلا لَزِمَ توهيمُ الثقة بدون دليل؛ بل بمجرد الذوق! وهذا ليس من العلم في شيءٍ! "(صحيح أبي داودَ 1/ 247 - 248).

قلنا: ويؤيدُ صنيعَ ابنِ القَطَّانِ والألبانيِّ: أنه قد رواه ثلاثةٌ عنِ ابنِ حربٍ مسندًا؛ وهُم (محمدُ بنُ وَهْبِ بنِ أبي كريمةَ، وكثيرُ بنُ عُبيدٍ الحَذَّاء، ومحمدُ بنُ عبدِ اللهِ الصَّفَّارُ).

فاتفاقُ هؤلاءِ الجماعة أَوْلى من انفرادِ ابنِ عبدِ ربِّه، لاسيما والصَّفَّارُ قد رواه من أصله.

ولذا قال ابنُ حَجَرٍ -مخالفًا قولَه في (التلخيص) -: "له علةٌ غيرُ قادحةٍ، كما قال ابنُ القَطَّانِ"(النكت 1/ 423).

فإن قيلَ: قال مُغْلَطاي عَقِبَ ذكره لروايةِ ابنِ عبدِ ربِّه: "ورواه ابنُ قيراط في مسند أنس بن مالك: عن سُلَيمانَ بنِ سلمةَ، عنِ ابنِ حربٍ كذلك"(شرح ابن ماجَهْ 1/ 418).

وهذا يعني أن هناكَ متابعةً ليزيدَ بنِ عبدِ ربِّه! .

ص: 171

فالجوابُ من جهتين:

الأولى: أن هذه المتابعةَ ساقطةٌ، لا اعتدادَ بها؛ فسُلَيمانُ بنُ سلمةَ الخَبَائِريُّ متروكٌ لا يُشتَغلُ به، كذَّبه ابنُ الجُنَيد وغيرُه (الميزان 2/ 209).

الثانية: أن مُغْلَطاي ذكرَ الطريقَ المسندةَ، ثُمَّ كلامَ ابنِ القَطَّانِ والذُّهْليِّ، وفي أثناءِهِ الطريقَ المنقطعةَ، ثُمَّ هذه المتابعة.

فالإشارةُ في قوله: "كذلك" تحتمل الأمرين، ويُقوِّي عَوْدَ الإشارة إلى الطريقِ المسندةِ، أنه: قد رواه أبو طاهر السِّلَفيُّ في (المشيخة البغدادية - الجزء الثاني والعشرين 84) من طريقِ أبي عَرُوبةَ الحَرَّانيِّ، عن سُلَيمانَ بنِ سلمةَ الخَبَائِريِّ، به مسندًا مثل رواية الجماعة.

الطريق الثاني: عن الوليدِ بنِ زورانَ، عن أنسٍ:

أخرجه أبو داودَ (144) قال: حدثنا أبو توبةَ -يعني: الرَّبيع بنَ نافع-، حدثنا أبو المَلِيحِ، عن الوليدِ بنِ زَوْرانَ

(1)

، عن أنسٍ، به.

وأخرجه أبو عُبَيدٍ في (الطهور 313)، وأبو يَعْلَى في (المسند 4269)، والقُشَيريُّ في (تاريخ الرقة 78)، وتمَّام في (الفوائد 725)، والبَيْهَقيُّ في (السنن الكبرى 249)، والبَغَويُّ في (شرح السُّنَّة 215)، والضِّياءُ المقدسيُّ في (المختارة 7/ 260/ 2708، 2709، 2710)، والمِزِّيُّ في (تهذيب

(1)

قال الحافظُ: "الوليد بن زوران بزاي ثم واو ثم راء، وقيل بتأخير الواو، السُّلَمي الرَّقِّي"(التقريب 7423). قلنا: قال ابن ناصر الدين، ردًّا على الذَّهَبيِّ في قوله:"الوليد بن زوران": "إنما هو: ابن زروان، بتقديم الرَّاء أيضًا على الواو، لا أعلم في ذلك خلافًا" توضيح المشتبه (4/ 317).

ص: 172

الكمال 31/ 13)، ومُغْلَطايُ في (شرح ابن ماجَهْ 1/ 419): من طرقٍ عن أبي المَلِيحِ، عن الوليدِ به.

وهذا إسنادٌ رجالُهُ ثقاتٌ سوى الوليدِ بنِ زورانَ -أو: زروان-، ترجمَ له البُخاريُّ في (التاريخ الكبير 8/ 144)، وابنُ أبي حاتم في (الجرح والتعديل 9/ 4)، ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا، وقيل لأحمدَ: الوليد بن زروان؟ قال: "هذا يحدِّثُ عنه أبو المَلِيحِ، فما لي به تلك المعرفة"(سؤالات أبي داودَ 325). وذكره ابنُ حِبَّانَ في (الثِّقات 7/ 550).

وقال ابنُ حزمٍ: "مجهولٌ"(المحلى 2/ 35)، وأَعَلَّ به الحديثَ.

وكذا صَنَعَ ابنُ القَطَّانِ، فقال -مُتَعقِّبًا عبدَ الحَقِّ في سكوتِهِ عنه في (الأحكام الوسطى 1/ 173) مُصحِّحًا له-:"الوليدُ هذا مجهولُ الحالِ، ولا يُعرَفُ بغيرِ هذا الحديثِ"(بيان الوهم 5/ 17).

وقال الذَّهَبيُّ عنه: "ماذا بحُجَّةٍ، مع أنَّ ابنَ حِبَّانَ وَثَّقَهُ"(ميزان الاعتدال 4/ 338). ومع هذا وَثَّقَهُ في (الكاشف 6064)! .

ومالَ ابنُ القَيِّمِ إلى تقويته، فقال -مُتَعقِّبًا ابنَ حَزمٍ وابنَ القَطَّانِ في إعلالهما الحديثَ بجهالةِ الوليدِ-:"وفي هذا التعليلِ نظرٌ؛ فإن الوليدَ هذا رَوَى عنه جعفرُ بنُ بُرْقان، وحَجَّاجُ بنُ مِنْهالٍ، وأبو المَلِيحِ الحسنُ بنُ عُمرَ الرَّقِّيُّ، وغيرُهُم، ولم يُعلَم فيه جرحٌ"، ثُمَّ صرَّحَ بعد ذلك بأن له ثلاثَ طُرُقٍ حسنة، (تهذيب السنن مع عون المعبود 1/ 167، 169).

وقال ابنُ دَقيقٍ: "والوليدُ بنُ زروانَ روَى عنه جماعةٌ. وقول ابنِ القَطَّانِ: إنه مجهولٌ، هو على طريقته في طلبِ زيادةِ التعديلِ مع رواية جماعة عن الراوي"(نصب الراية 1/ 23)، (الفيض 5/ 116).

ص: 173

وقال الحافظُ في الوليدِ: "مجهولُ الحالِ"(التلخيص 1/ 274)، وقال في (التقريب 7423):"ليِّنُ الحديثِ".

ومع هذا حسَّنَ إسنادَهُ الحافظُ في (النكت 1/ 422)، فقال:"وإسنادُهُ حسنٌ؛ لأن الوليدَ وَثَّقَهُ ابنُ حِبَّانَ، ولم يُضَعِّفْه أحدٌ، وتابَعه عليه ثابتٌ البُنَانيُّ عن أنسٍ". وتَبِعَه السَّخاويُّ في (فتح المغيث 1/ 99). فكأنَّ الحافظَ حَسَّنَهُ لغيرِهِ.

وقال الألبانيُّ: "رَوَى عنه جماعةٌ، وذكره ابنُ حِبَّانَ في الثِّقاتِ، فمِثْلُه حسَنُ الحديثِ"(الإرواء 1/ 130).

قلنا: وهذا قد يقويه سكوتُ أبي داودَ عن حديثِهِ، وقوله عَقِبَه:"والوليدُ بنُ زورانَ، روَى عنه حَجَّاجُ بنُ حَجَّاجٍ، [وجعفرُ بنُ بُرْقان]، وأبو المَلِيحِ الرَّقِّيُّ".

والزيادةُ ذكرها عبدُ الحقِّ في (الأحكام الوسطى 1/ 173)، ومُغْلَطايُ في (شرح ابن ماجَهْ 1/ 419).

فكأنَّه يشيرُ إلى رفعِ الجهالةِ عنه بروايةِ هؤلاء، ولذا سكتَ عنه عبدُ الحَقِّ مقتصرًا على ذكرِ عبارةِ أبي داودَ عَقِبَ الحديثِ.

وذكره النَّوَويُّ في صحيحِ هذا البابِ من (خلاصة الأحكام 167)، وقال عَقِبَه:"رواه أبو داودَ ولم يُضَعِّفْه، وفي التخليل: عن عائشةَ، وأمِّ سَلَمةَ، وأبي أيُّوبَ، وابنُ أبي أَوْفَى" اهـ. وكأنه يشيرُ إلى تقويتِهِ بشواهدِهِ.

ولكن في الإسنادِ شائبة انقطاع؛ قال أبو عُبَيدٍ الآجُرِّيُّ: "سألتُ أبا داودَ عن الوليدِ بنِ زروانَ، حدَّثَ عن أنسٍ؟ قال: جزريٌّ، لا ندري سمِع من أنسٍ أم لا"(سؤلات الآجُرِّيِّ 1796).

ص: 174

ولهذا ذكره الوليُّ العِراقيُّ في (تحفة التحصيل في رواة المراسيل صـ 337).

ومما يقوي جانب الانقطاع، أن البُخاريَّ قال في ترجمتِهِ من (التاريخ الكبير 8/ 144):"سمِع عبدَ الوهابِ المدنيَّ، مرسل".

فلو ثبتَ عنده سماعه من أنسٍ لكان أَوْلى بالذكرِ، والبُخاريُّ يحرِصُ على أن يذكرَ السماعَ لصاحبِ الترجمةِ، لا سيما إن كان شيخُهُ منَ الصحابةِ، ولم يفعلْ هنا، وهذا يقوي شكَّ أبي داودَ. (جنة المرتاب 209).

وقولُ ابنِ القَطَّانِ في الوليدِ: "ولا يُعرَفُ بغيرِ هذا الحديثِ"، مردودٌ؛ فقد روى غيرَه كما في (طبقات ابن سعد 5/ 239)، و (علل الدَّارَقُطنيِّ 4013).

وعلى كلٍّ، فكما قال الألبانيُّ:"الحديثُ صحيحٌ على كلِّ حالٍ؛ لطرقِهِ وشواهدِهِ"(صحيح أبي داودَ 1/ 246).

الطريق الثالث: عن حُمَيدٍ، عن أنسٍ:

أخرجه الطَّبَرانيُّ في (الأوسط 452) -وعنه الضِّياءُ المقدسيُّ في (المختارة 6/ 106/ 2096) - قال: حدثنا أحمدُ بنُ خُلَيدٍ، قال: حدثنا إسحاقُ، قال: حدثنا إسماعيلُ بنُ جعفرٍ، عن حُميدٍ، عن أنسٍ، به.

قال الطَّبَرانيُّ: "لم يَروِ هذا الحديثَ عن حُميدٍ إلا إسماعيلُ بنُ جعفرٍ، تفرَّدَ به إسحاقُ بنُ عبدِ اللهِ".

وهذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ إسحاقُ هو ابنُ عبدِ اللهِ التَّميميُّ الأَذَنيُّ، لم يوثِّقه معتبَرٌ، إنما ذكره ابنُ حِبَّانَ في (الثِّقات 8/ 120) على قاعدته في توثيقِ المجاهيلِ.

ص: 175

وبقية رجال ثقات رجال الشيخينِ، عدا أحمد بن خُلَيد، وهو الكِنْديُّ الحلبيُّ، وثَّقَه الدَّارَقُطنيُّ كما في (تاريخ حلب 2/ 732)، وذكره ابنُ حِبَّانَ في (الثِّقات 8/ 53)، وقال الذَّهَبيُّ:"وله رحلةٌ واسعةٌ، ومعرفةٌ جيدةٌ"(تاريخ الإسلام 6/ 672)، وقال أيضًا:"ما عَلِمْتُ به بأسًا"(سِيَر أعلام النبلاء 13/ 489).

الطريق الرابع: عن ثابتٍ، عن أنسٍ:

وله عن ثابتٍ ثلاثة طرق:

الأول:

أخرجه الطَّبَرانيُّ في (الأوسط 4465)، والعُقَيليُّ في الضُّعفاء (3/ 16)، والدِّينَوَريُّ في (المجالسة 949)، من طرقٍ، عن عُمرَ بنِ حفصٍ أبي حفصٍ العَبْديِّ، عن ثابتٍ، به.

قال الطَّبَرانيُّ: "لم يَروِ هذا الحديثَ عن ثابتٍ إلا عُمرُ أبو حفصٍ العَبْديُّ".

قلنا: وهذا مُتعَقَّبٌ كما سيأتي.

وإسنادُ هذا الطريقِ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه عُمرُ بنُ حفصٍ أبو حفصٍ العَبْديُّ؛ وهو متروكٌ، انظر (لسان الميزان 5599). وقال أبو نُعَيمٍ:"روَى عن ثابتٍ بالمناكير"(الضُّعفاء 149).

وقال ابنُ حِبَّانَ: "كان ممن يشتري الكتبَ ويحدِّث بها من غيرِ سماعٍ، ويجيبُ فيما يسأل وإن لم يكن مما حدّثَ به. وهو الذي روى عن ثابتٍ، عن أنسٍ قال: وَضَّأْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَرَأَيتُهُ يُخَلِّلُ لِحْيَتَهُ بِالمَاءِ

" (المجروحين 2/ 55)، فعَدَّ هذا الحديثَ من مناكيره.

ص: 176

وذكر العُقَيليُّ في ترجمته قولَ أحمدَ فيه: "تركنا حديثَهُ وخرقناه"، ثُمَّ روى له هذا الحديث، وقال عَقِبَه:"وفي التخليلِ رواية من غير هذا الوجه أصلح من هذه"(الضُّعفاء 3/ 16).

وأغربَ ابنُ القَيِّمِ، فقال:"وأبو حفصٍ وَثَّقَه أحمدُ، وقال: لا أعلمُ إلا خيرًا، وَوَثَّقَهُ ابنُ مَعِينٍ، وقال عبدُ الصمدِ بنُ عبدِ الوارثِ: ثقةٌ وفوقَ الثقةِ. فهذه ثلاث طرق حسنة"! (تهذيب السنن 1/ 169).

قلنا: ظنَّه ابنُ القَيِّم عُمرَ بنَ إبراهيمَ أبا حفصٍ العَبْديَّ المُوَثَّق، والراوي هنا هو عُمرُ بنُ حفصٍ المتروكُ، وقد جاءَ منصوصًا عليه في أكثرَ من مصدرٍ، وقد ذَكَرَ الحديثَ في ترجمته العُقَيليُّ وابنُ حِبَّانَ، كما تقدَّمَ.

الثاني:

أخرجه أبو يَعْلَى (3487) -وعنه ابنُ عَدِيٍّ في (الكامل 4/ 38) - قال: حدثنا عَمرُو بنُ حصين، حدثنا حسَّانُ بنُ سِيَاه، عن ثابتٍ، عن أنسٍ، به مختصرًا.

وهذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه عِلَّتان:

الأولى: حسانُ بنُ سِيَاه، قال فيه ابنُ حِبَّانَ:"منكَرُ الحديثِ جدًّا، يأتي عن الثِّقاتِ بما لا يُشْبِهُ حديثَ الأثبات"(المجروحين 1/ 330)، وقال أبو نُعَيمٍ:"روَى عن ثابتٍ بمناكيرَ، ضعيفٌ"(الضُّعفاء 54).

الثانية: عَمرُو بنُ حصينٍ العُقَيليُّ: "متروكٌ" كما في (التقريب 5012).

الثالث:

أخرجه العُقَيليُّ في (الضُّعفاء 3/ 18) قال: حدثنا محمدُ بنُ الفضلِ بنِ

ص: 177

جابرٍ السَّقَطيُّ، قال: حدثنا إسماعيلُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ زُرارةَ الثَّقَفيُّ، قال: حدثنا عُمرُ بنُ ذُؤَيبٍ، عن ثابتٍ، به.

وهذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ فيه عُمرُ بنُ ذُؤَيبٍ؛ قال العُقَيليُّ: "عن ثابتٍ، مجهولٌ بالنقلِ، حديثُهُ غيرُ محفوظٍ، ولعلَّه عُمرُ بنُ حفصِ بنِ ذُؤَيبٍ العَبْديُّ"(الضُّعفاء 3/ 17).

ثُمَّ قال العُقَيليُّ: "وقد رُوِي التخليلُ من غيرِ هذا الوجهِ بإسنادٍ صالحٍ"، كذا ذكر محقِّقو طبعة التأصيل في الحاشية من نسخة المكتبة الظاهرية، ولم يقع قول العُقَيليِّ هذا في النسخة التي اعتمدوا عليها في الأصل.

الطريق الخامس: عن موسى بنِ أبي عائشةَ، عن أنسٍ:

أخرجه الحاكمُ في (المستدرك 538)، من طريقِ مروانَ بنِ محمدٍ الطَّاطَريِّ، ثنا إبراهيمُ بنُ محمدٍ الفَزاريُّ، عن موسى بنِ أبي عائشةَ، عن أنسِ بنِ مالكٍ، قال:((رَأَيتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ وَخَلَّلَ لِحْيَتَهُ))، وقال:((بِهَذَا أَمَرَنِي رَبِّي)).

ورواه (أبو جعفر ابنُ البَخْتَريِّ) من طريقِ صفوانَ بنِ صالحٍ، قال: حدثنا إبراهيمُ بنُ محمدٍ الفزاريُّ أبو إسحاقَ، قال: حدثني موسى بنُ أبي عائشةَ، قال: سمِعتُ أنسَ بنَ مالكٍ، به. وفي متنِهِ زيادةٌ سيأتي الكلامُ عليها بعدُ.

وإسنادُهُ ظاهره الصحة، فرجالُهُ كلُّهم ثقات، الفزاريُّ وموسى من رجالِ الشيخينِ، والطَّاطَري من رجالِ مسلمٍ، وتابعه صفوان بن صالح وهو ثقةٌ إلا أنه يدلِّسُ ويُسوِّي، وقد صرَّحَ بالسماعِ في كلِّ طبقاتِ الإسنادِ، ولكن هذا التصريح وهَمٌ غريب:

فموسى بنُ أبي عائشةَ لم يسمعْ من أنسٍ؛ قال ابنُ أبي حاتمٍ: "سألتُ

ص: 178

أبي عن حديثٍ رواه مروانُ الطَّاطَري عن أبي إسحاقَ الفَزاريِّ، عن موسى بنِ أبي عائشةَ، أنه سَمِع أنسًا، قال:((رَأَيتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ فَخَلَّلَ لِحْيَتَهُ)) ".

قال أبي: الخطأُ من مروانَ، موسى بن أبي عائشة يحدِّثُ، عن رجلٍ، عن يَزيدَ الرَّقَاشيِّ، عن أنسٍ، عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم" (العلل 1/ 420 - 421).

وقول أبي حاتم: "الخطأُ من مروانَ" فيه نظرٌ؛ فقد تابعه صفوان بن صالح كما سبقَ، فالأقربُ أن الخطأَ من الفَزاريِّ، وهو ظاهر صنيع الدَّارَقُطنيِّ في (العلل 13/ 5، 6)، وقد ذكرَ أن الفزاريَّ "تابَعه عبدُ اللهِ بنُ عُمرَ النَّخَعيُّ"، وسُئِل عنه، فقال: لا أعرفه".

وقال أبو حاتم في موضعٍ آخَرَ عن روايةِ الطَّاطَري: "هذا غيرُ محفوظٍ". ثُمَّ رواه عن أحمدَ بنِ يُونسَ، عن الحسنِ بنِ صالحٍ، عن موسى بنِ أبي عائشةَ، عن رجلٍ، عن يَزيدَ الرَّقَاشيِّ، عن أنسٍ، به (علل ابن أبي حاتم 1/ 526).

وكذا رواه ابنُ البَخْتَريِّ في (مصنفاته 549) من طريقِ ابنِ يونسَ، به.

وكذا رواه ابنُ أبي شَيْبةَ (37619) عن يحيى بنِ آدمَ عنِ الحسنِ بنِ صالحٍ، به.

قال أبو حاتم: "هذا الصحيحُ، وكنا نَظُنُّ أن ذلك غريبٌ، ثُمَّ تبيَّنَ لنا عِلَّتُه: تَرَكَ من الإسنادِ نفْسين، وجعل موسى، عن أنسٍ"(علل ابن أبي حاتم 48).

ولذا قال الحافظُ عن سندِ الطَّاطَريِّ: "رجاله ثقات، لكنه معلولٌ"(التلخيص 1/ 149).

قلنا: معلولٌ بالإعضالِ، وبروايةِ الحسنِ بنِ صالحٍ تبيَّنَ أن فيه علتين: الجهل بحالِ الرجلِ المبهم، وضعْف يزيدَ الرَّقَاشيِّ.

ص: 179

قلنا: ووقع في موضعٍ آخَرَ عندَ ابنِ أبي شَيْبةَ في (المصنَّف 106) عن يحيى بنِ آدمَ، قال: حدثنا الحسنُ بنُ صالحٍ، عن موسى بنِ أبي عائشةَ، عن يَزيدَ الرَّقَاشيِّ، عن أنسٍ، به.

فأسقطَ منه الرجلَ المبهمَ، وكذا ذكره الدَّارَقُطنيُّ في (العلل 7/ 6) عن الحسنِ بنِ صالحٍ! .

وكذا رواه تمَّامٌ الرَّازيُّ في (إسلام زيد بن حارثة 19) من طريقِ سلمةَ بنِ العيارِ، عن موسى بنِ أبي عائشةَ، عن يَزيدَ الرَّقَاشيِّ، عن أنسِ بنِ مالكٍ به.

وذكره الدَّارَقُطنيُّ في (الأفراد) كما في (الأطراف 1320) وانظر (شرح ابن ماجَهْ لمُغْلَطاي 1/ 416).

ورواه الطَّبَريُّ في (التفسير 8/ 176)، وابنُ عَدِيٍّ في (الكامل 3/ 80) من طريقِ أبي الأَشْهبِ العُطارِديِّ، عن موسى بنِ أبي عائشةَ، عن زيدٍ الجَزَريِّ

(1)

، عن يَزيدَ الرَّقَاشيِّ، عن أنسٍ به.

وأبو الأَشْهَبِ هو جعفرُ بنُ الحارثِ الواسِطيُّ، "صدوقٌ كثيرُ الخطإِ"(التقريب 936).

وقال ابنُ عَدِيٍّ -بعد أن ذكر له هذا الحديثَ وغيرَه-: "ولم أجدْ في أحاديثِهِ حديثًا منكَرًا"(الكامل 3/ 83)، وهذا يعني أن حديثَ التخليلِ عندَ ابنِ عَدِيٍّ ليس بمنكَرٍ.

قال الدَّارَقُطنيُّ: "والقولُ عندنا قولُ أبي الأشهبِ، عن موسى، والله أعلم"

(1)

((وقع في طبعتَي الطَّبَريّ "زَيْدٍ الْخُدْرِيِّ" وهو خطأٌ، والمثبَتُ من الكامل. وانظر (التلخيص الحبير 1/ 149).

ص: 180

(العلل 7/ 6).

قلنا: وعلى هذا، فالرجلُ المبهمُ هو زيدُ بنُ أبي أُنَيْسةَ، وهو ثقةٌ، فانحصرتْ عِلَّتُه في الرَّقَاشيِّ، وهو مشهورٌ عنه من طرقٍ أخرى.

أخرجه ابنُ سعدٍ في (الطبقات الكبرى 1/ 332)، والطَّبَريُّ في التفسير (8/ 177)

(1)

، والطَّبَرانيُّ في (الأوسط 520)، من طرقٍ عن يَزيدَ الرَّقَاشيِّ، عن أنسٍ، به.

وعلته ضعف يزيدَ الرَّقَاشيِّ، وانظر (علل الدارقطني 7/ 5).

الطريق السادس: عن معاويةَ بنِ قُرَّةَ، عن أنسٍ:

أخرجه الطَّبَريُّ في التفسير (8/ 177)، وابنُ عَدِيٍّ في (الكامل (5/ 85، 312)، من طريقِ سَلَّامٍ الطويلِ، عن زيدٍ العَمِّيِّ، عن معاويةَ بنِ قُرَّةَ، به.

وهذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه عِلَّتان:

الأولى: زيدٌ العَمِّيُّ؛ وهو "ضعيفٌ" كما في (التقريب 2131).

الثانية: سلَّامٌ الطويلُ؛ قال الحافظُ: "متروكٌ"(التقريب 2702).

وقدِ اضطربَ فيه، فرواه مرة هكذا، وتارة قال:"عن زيدٍ العَمِّيِّ، عن معاويةَ بنِ قُرَّةَ أو يزيدَ الرَّقَاشيِّ"، أخرجه الطَّبَريُّ في (التفسير 8/ 176).

قال ابنُ عَدِيٍّ: "هذا الحديثُ ليس البلاءُ فيه من زيدٍ العَمِّيِّ، البلاءُ من الراوي عنه سَلَّامٌ الطويلُ، ولعلَّه أضعفُ منه"(الكامل 5/ 85).

(1)

وقع في طبعة دار هجر خطأ ينظر له طبعة الرسالة.

ص: 181

الطريق السابع: عن محمدِ بنِ زيادٍ، عن أنسٍ:

أخرجه حربُ بنُ إسماعيلَ الكرمانيُّ في (مسائله - كتاب الطهارة 193) قال: حدثنا أبو عبيدةَ شَاذُّ بنُ فَيَّاض، قال: ثنا هاشِمُ بنُ سَعيدٍ، عن محمدِ بنِ زيادٍ، عن أنسِ بنِ مالكٍ، به.

وأخرجه إسماعيلُ الصَّفَّارُ في (جزئه 608)، وابنُ عَدِيٍّ في (الكامل 10/ 350)، والخطيبُ البغداديُّ في (موضح أوهام الجمع والتفريق 2/ 450 - 451)، وهو في كتابِ حربٍ كما ذكره مُغْلَطايُ في (شرح ابن ماجَهْ 1/ 418 - 419) من طريقِ هلالِ بنِ فَيَّاضٍ -الملقب بشاذ-، عن هاشمِ بنِ سعيدٍ، به.

وإسنادُ هذا الطريقِ ضعيفٌ؛ فيه هاشمُ بنُ سعيدٍ؛ "ضعيفٌ" كما في (التقريب 7254).

وقال ابنُ عَدِيٍّ -بعد أن ذكرَ أحاديثَ منها هذا الحديث-: "وهاشمُ بنُ سعيدٍ له من الحديثِ غيرُ ما ذكرتُ، ومقدارُ ما يرويه لا يُتابَعُ عليه"(الكامل 10/ 350).

الطريق الثامن: عن مَطَر الوَرَّاق، عن أنس:

أخرجه الطَّبَرانيُّ في (الأوسط 2976) -وعنه أبو نُعَيمٍ في (تاريخ أصبهان 1/ 257) - قال: حدثنا إسماعيلُ، قال: حدثنا داودُ بنُ حمادٍ، قال: حدثنا عَتَّابُ بنُ محمدِ بنِ شَوْذَب، عن عيسى الأزرقِ، عن مَطَرٍ الوَرَّاقِ، عن أنسٍ به.

قال الطَّبَرانيُّ: "لا يُروَى عن مطرٍ إلا بهذا الإسنادِ".

وإسنادُهُ ضعيفٌ؛ مطرُ الوراقُ؛ "صدوقٌ كثيرُ الخطإ" كما في (التقريب

ص: 182

6699).

وأما عَتَّابُ بنُ محمدِ بنِ شَوْذَب، فترجمَ له البُخاريُّ في (التاريخ 7/ 56)، وابنُ أبي حاتمٍ في (الجرح والتعديل 7/ 13) ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا، وذكره ابنُ حِبَّانَ في (الثِّقات 7/ 295) وقال:"مستقيمُ الحديثِ".

وقال الهيثميُّ: "رواه الطَّبَرانيُّ في (الأوسط)، ورجاله وُثِّقوا"! (مجمع الزوائد 1206).

الطريق التاسع: عن الفضلِ البصريِّ، عن أنسٍ:

أخرجه الخطيبُ البغداديُّ في (تلخيص المتشابه 2/ 807 - 808) قال: أنا عليُّ بنُ يحيى بنِ جعفرٍ الأَصبَهانيُّ، أنا أبو الحسنِ أحمدُ بنُ القاسمِ بنِ الريانِ المصريُّ، بالبصرةِ، نا الحضرميُّ -يعني: محمدَ بنَ عبدِ اللهِ بنِ سُلَيمانَ-، نا سعيدُ بنُ عمرٍو، نا عَبْثَرُ بنُ القاسمِ، عن سفيانَ، عن الفضلِ البصريِّ، عن أنسِ بنِ مالكٍ، به.

ورواه المَخْلَديُّ في (الفوائد- انتخاب البحيري ق 263/أ) من طريقِ الحسنِ بنِ الفضلِ، عن سعيدِ بنِ عمرٍو، به.

وهذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ الفضلُ البصريُّ هو الفضلُ بنُ عيسى بنِ أَبانَ الرَّقَاشيُّ؛ قال الحافظُ: "منكَرُ الحديثِ"(التقريب 5413).

الطريق العاشر:

رواه ابنُ حِبَّانَ في (المجروحين 2/ 11) فقال في ترجمة عبد الله بن الحسين بن جابر البغدادي: "عن أنسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ فَخَلَّلَ لِحْيَتَهُ، أخبرناه أحمدُ بنُ مجاهدٍ بالمَصِّيصةِ، قال: حدثنا عبدُ اللهِ بنُ الحسينِ، فيما

ص: 183

يشبه هذا كتبناها عنه في نسخة أكثرها مقلوبة".

وهذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ آفتُه: عبدُ اللهِ بنُ الحسينِ بنِ جابرٍ؛ قال ابنُ حِبَّانَ: "يقلبُ الأخبارَ ويسرقُهَا، لا يجوزُ الاحتجاجُ به إذا انفردَ"(المجروحين 2/ 10).

وللحديثِ طرقٌ أخرى ستأتى في الرواياتِ التاليةِ، وعامةُ طرقه وإن كانتْ ضعيفةً كما قال الحافظُ في (التلخيص 1/ 149)، إلا أنها تتعاضدُ، وبهذه الطرق مع بقية شواهد الباب يرتقي الحديثُ للصحةِ بلا ريبٍ، وقد أشارَ إلى ذلك مُغْلَطايُ حيث قال عن طريقِ الزُّبيديِّ عنِ الزُّهْريِّ:"وقد وقعَ لنا أيضًا من طريقٍ سالمةٍ من هؤلاءِ الضُّعفاءِ، حسنة، بل صحيحة؛ لِمَا عضدها من الشواهدِ والمتابعاتِ"(شرح ابن ماجَهْ 1/ 418).

وبهذه المتابعاتِ والشواهدِ، صَحَّحَهُ أيضًا الألبانيُّ، كما سبقَ ذكرُه.

بينما ليَّنَهُ ابنُ المباركِ عندما سُئِل -كما في (تاريخه) - عن التخليلِ قال: "قد جاءَ: ((كَذَا أَمَرَنِي رَبِّ)) "، ولم نجدْ له ذاك القوة" (شرح ابن ماجَهْ 1/ 419)، و (الإكمال 5034).

وكذا نصَّ كثيرٌ منَ النُّقَّادِ على أن أحاديثَ هذا البابِ لا يصحُّ منها شيءٌ، وإليك أقوالهم:

1) قال أبو داودَ: "قلتُ لأحمدَ بنِ حَنبَلٍ، تخليلُ اللحيةِ؟ قال: يُخلِّلُها. وقد رُوِي فيه -يعني: التخليلَ- أحاديثُ، ليس يثبُتُ فيه حديثٌ، يعني: عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم"(مسائل الإمام أحمد رواية أبي داود صـ 13).

2) وقال أبو حاتم: "لا يثبُتُ عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم في تخليلِ اللحيةِ حديثٌ"(علل الحديث 101).

ص: 184

3) وقال ابنُ المُنْذِرِ: "والأخبارُ التي رُوِيتْ عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه خللَ لحيته قد تُكُلِّمَ في أسانيدِها، وأَحْسَنُها حديث عثمان"(الأوسط 2/ 29).

ثُمَّ ذَكَرَ حديثَ عُثْمَانَ وأَتْبَعَه بقوله: "ولو ثبتَ هذا لم يَدُلَّ على وجوبِ تخليلِ اللحيةِ، بل يكون ندْبًا كسائرِ السُّننِ في الوُضوءِ"(الأوسط 2/ 30).

4) وقال العُقَيليُّ: "والروايةُ في تخليلِ اللحيةِ فيها لِينٌ"(الضُّعفاء الكبير 4/ 104). ونحوه في (الضُّعفاء 4/ 150).

6) وقال ابنُ حزمٍ: "وهذا كلُّه -يعني: التخليلَ- لا يصحُّ منه شيءٌ"(المحلى 2/ 36).

وقال ابنُ عبدِ البرِّ: "رُوي عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه خللَ لحيته في وُضوئِهِ من وجوهٍ كلها ضعيفة"(التمهيد 20/ 120).

7) وقال ابنُ رُشْدٍ: "وسببُ اختلافِهم في ذلك اختلافُهم في صحةِ الآثارِ التي وَرَدَ فيها الأمرُ بتخليلِ اللحيةِ، والأكثرُ على أنها غيرُ صحيحةٍ، مع أن الآثارَ الصِّحاحَ التي وَرَدَ فيها صفةُ وُضوئِهِ عليه الصلاة والسلام ليسَ في شيءٍ منها التخليلُ"(بداية المجتهد 1/ 18).

قلنا: أقوال هؤلاء العلماء وإن كانت ظاهرة في تضعيفِ أحاديثِ البابِ مفردة، إلا أنها ليستْ ظاهرة في تضعيفها مجتمعة، ولذا قال المُناويُّ:"وأما قولُ أحمدَ وأبي حاتم: "لا يصحُّ في تخليلِ اللحيةِ شيءٌ"، فمرادهما به: أن أحاديثَهُ ليس شيءٌ منها يرتقي إلى درجةِ الصحةِ بذاتِهِ، لا أنه لم يثبُتْ فيه شيءٌ يُحتجُّ به أصلًا"(الفيض 5/ 116).

وهو كذلك؛ فاجتماعها يعطيها قوة؛ ولذا قال الكمالُ ابنُ الهُمَامِ: "طرقُ هذا الحديثِ متكاثرة عن أكثر من عشرة منَ الصحابةِ، لو كان كلّ منهم

ص: 185

ضعيفًا، ثبَتَ حُجِّيَّةُ المجموعِ، فكيف وبعضُها لا ينزلُ عن الحسنِ، فوجبَ اعتبارُها. إلا أن البُخاريَّ يقول: لم يثبتْ منها المواظبة، بل مجرد الفعل، إلا في شُذوذٍ من الطرقِ، فكان مستحَبًّا لا سُنَّةً، لكن ما في هذا الحديثِ من قوله:((بِهَذَا أَمَرَنِي رَبِّي)) لم يثبتْ ضَعْفُه، وهو مُغْنٍ عن نقلٍ صريح المواظبة، لأن أمره تعالى حامِلٌ عليها؛ فيترجَّحُ القول بسُنِّيَّتِه" (الفيض 5/ 115، 116).

وقال المباركفوريُّ: "لا شَكَّ في أن أحاديث تخليل اللحيةِ كثيرة، ومجموعها يدلُّ على أنَّ لها أصلًا، كيف وقد صَحَّحَ التِّرْمِذيُّ حديثَ عُثْمَانَ، وحَسَّنَهُ الإمامُ البُخاريُّ كما ستعرف، وحسَّنَ الحافظُ ابنُ حَجَر حديثَ عائشةَ، وهي بمجموعها تصلُح للاحتجاجِ على استحبابِ تخليلِ اللحيةِ في الوُضوءِ، وهذا هو الحَقُّ عندِي. والله تعالى أعلم"(تحفة الأحوذي 1/ 107).

قلنا: وقد قال بالتخليلِ بعضُ مَن ضَعَّفَ هذه الأحاديث، كالإمامِ أحمدَ وغيرِه، وقد قَبِلوا أحاديثَ أَقَلَّ مِن هذه قوةً وطرقًا وشواهدَ، والله أعلم.

ص: 186

رِوَايَةٌ بِزِيَادَة: وَفَرَّجَ أَصَابِعَهُ مَرَّتَيْنِ:

• وَفِي رِوَايَةٍ، قَالَ:((كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا تَوَضَّأَ خَلَّلَ لِحْيَتَهُ، وَفَرَّجَ أَصَابِعَهُ مَرَّتَيْنِ)).

[الحكم]:

صحيحُ المتنِ دون قوله: ((وَفَرَّجَ أَصَابِعَهُ مَرَّتَيْنِ))، وإسنادُهُ ضعيفٌ. وَضَعَّفَهُ: ابنُ القَيِّمِ، ومُغْلَطايُ، والبُوصيريُ، والسِّنديُّ، والألبانيُّ.

[التخريج]:

[جه 435].

[السند]:

أخرجه ابنُ ماجَهْ (435) قال: حدثنا محمدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ حفصِ بنِ هشامِ بنِ زيدِ بنِ أنسِ بنِ مالكٍ، حدثنا يحيى بنُ كثيرٍ أبو النَّضْرِ صاحبُ البصريِّ، عن يَزيدَ الرَّقَاشيِّ، عن أنسٍ به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ فيه عِلَّتان:

الأولى: يزيدُ الرَّقَاشيُّ، وهو "ضعيفٌ" كما في (التقريب 7683).

الثانية: يحيى بنُ كثيرٍ أبو النَّضْرِ "ضعيفٌ"(التقريب 7631).

وبهما أَعَلَّه ابنُ القَيِّمِ، فقال: "رواه ابنُ ماجَهْ في (سننه) من حديثِ يحيى بنِ كثيرٍ أبي النَّضْرِ صاحبِ البصريِّ عن يَزيدَ الرَّقَاشيِّ

، قال الدَّارَقُطنيُّ:"أبو النَّضْر هذا متروكٌ"، وقال النَّسائيُّ:"يزيدُ الرَّقَاشيُّ متروكٌ"،

ثُمَّ ذَكَرَ طريقين آخرين عن أنسٍ، وقال:"فهذه ثلاثُ طرقٍ ضعيفة، والثلاثةُ الأُولى أقوى منها"(تهذيب السنن 1/ 169).

ص: 187

وكذا قال البُوصيريُّ: "هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ لضعفِ يحيى بنِ كثيرٍ وشيخِهِ، رواه أبو داودَ في (سننه) من هذا الوجهِ فلم يذكرِ الأصابع؛ فلذلك أوردْتُه"(الزوائد 1/ 63).

وزادَ مُغْلَطايُ علةً أخرى، فقال:"إسنادُهُ في غايةِ الضعفِ؛ أما شيخُ ابنِ ماجَهْ فحالُهُ مجهولةٌ، وأما يحيى بنُ كثيرٍ فقال فيه الرَّازيان وابنُ مَعِينٍ: "ضعيفٌ"،

وأما يزيد

"، فذكر أقوالَ النُّقَّادِ فيه، وجمهورُهم على تضعيفه (شرح ابن ماجَهْ 1/ 416، 417).

قلنا: شيخُ ابن ماجَهْ روَى عنه ابنُ خُزَيْمةَ أيضًا، وذكره ابنُ حِبَّانَ في (الثِّقات 9/ 116) وقال فيه ابنُ حَجَرٍ:"صدوقٌ"(التقريب 6011).

وقال الألبانيُّ: "صحيحٌ دونَ المرَّتينِ"(صحيح ابن ماجَهْ 351).

قلنا: ودون تفريج الأصابع؛ فقد رُوِيَ من طرقٍ عن يَزيدَ، ومن طرقٍ عن أنسٍ دون هذه العبارة كما سبقَ.

نعم، قد جاءَ ذكر المرتين من طريقٍ آخر عن يَزيدَ كما في الروايةِ التاليةِ.

ص: 188

رِوَايَة: يُخَلِّلُ لِحْيَتَهُ مَرَّتَيْنِ:

• وَفِي رِوَايَةٍ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، قَالَ: «كَأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم إِذَا تَوَضَّأَ يَقُولُ بِيَدِهِ تَحْتَ ذَقَنِهِ، وَيُخَلِّلُ لِحْيَتَهُ [، يَفْعَلُ ذَلِكَ] مَرَّتَيْنِ، وَرُبَّمَا فَعَلَهُ ثَلَاثًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ

(1)

مَرَّتَيْنِ».

[الحكم]:

صحيحُ المتنِ دون قوله: «يَفْعَلُ ذَلِكَ مَرَّتَيْنِ

» الخ، وهذه الروايةُ سندها ضعيفٌ، وَضَعَّفَهُ: مُغْلَطايُ، والبُوصيريُ.

[التخريج]:

[طس 520 (مختصرًا) / مع (خيرة 567) (واللفظُ له) / معص (صـ 279) (والزيادة له ولغيرِهِ) / مُغْلَطاي (1/ 417 - 418)].

[السند]:

رواه أحمدُ بنُ مَنِيعٍ في (مسنده) كما في (إتحاف الخِيَرة) و (مصباح الزجاجة) -ومن طريقِه الطَّبَرانيُّ في (الأوسط 520) - قال: حدثنا أبو بدرٍ، عن الرّحيلِ بنِ معاويةَ، عن يَزيدَ الرَّقَاشيِّ، عن أنسٍ به. إلا أن الطَّبَرانيَّ اختَصَر متْنَه.

ورواه ابنُ جُمَيعٍ في (معجمه) -ومن طريقِه مُغْلَطايُ في (شرح ابن ماجَهْ 1/ 418) - قال: حدثنا زكريا بنُ أحمدَ بمصر، حدثنا أبو غَسَّانَ مالكُ بنُ يحيى، حدثنا أبو بدرٍ شجاعُ بنُ الوليدِ، به.

فمدارُه عندَ الجميعِ على أبي بدرٍ، عن الرحيلِ، به.

(1)

زِيد هنا في نقل البُوصيري كلمة: "ذَلِكَ"، ولم تذكر في روايةِ ابنِ جُمَيعٍ ومُغْلَطاي، وهو أليقُ بالسياقِ.

ص: 189

[التحقيق]:

إسنادُهُ ضعيفٌ من أجلِ يزيدَ الرَّقَاشيِّ، وقد مَرَّ.

ولذا ضَعَّفَه مُغْلَطايُ في (شرح ابن ماجَهْ 1/ 418)، والبُوصيريُ في (الإتحاف 1/ 335)، فقال: "رواه أبو بكر بنُ أبي شَيْبةَ في (مسنده) وأبو داودَ وابنُ ماجَهْ، من طريقِ يزيدَ الرَّقَاشيِّ -وهو ضعيفٌ- دون قوله:((تَحْتَ ذَقْنِهِ)) ولم يذكروا: ((رُبَّمَا

)) إلى آخره".

رِوَايَة: فَتَوَضَّأَ ثَلَاثًا، وَخَلَّلَ لِحْيَتَهُ مَرَّتَيْنِ:

• وَفِي رِوَايَةٍ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، قَالَ: وَضَّأْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَتَوَضَّأَ ثَلَاثًا [ثَلَاثًا]، وَخَلَّلَ لِحْيَتَهُ مَرَّتَيْنِ [أَوْ ثَلَاثًا]، وَقَالَ:«هَكَذَا أَمَرَنِي رَبِّي» .

[الحكم]:

صحيحُ المتنِ دون قوله: «مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا» ، وهذه الروايةُ سندُهَا ضعيفٌ معلولٌ، أَعَلَّه الدَّارَقُطنيُّ. وَضَعَّفَهُ: ابنُ حِبَّانَ، والبُوصيريُّ.

[التخريج]:

[ثحب (8/ 304) (واللفظ له) / مُغْلَطاي (1/ 382) (والزيادتان له)].

[السند]:

رواه ابنُ حِبَّانَ في (الثِّقات) قال: حدثنا أحمدُ بنُ الحسنِ بنِ عبدِ الجبارِ، ثنا عبدُ الرحمنِ بنُ صالحٍ الأَزْديُّ، ثنا سيدُ بنُ عِيسى، ثنا موسى الجُهَنيُّ،

ص: 190

عن يَزيدَ الرَّقَاشيِّ، عن أنسٍ به.

[التحقيق]:

إسنادُهُ ضعيفٌ؛ لضعفِ الرَّقَاشيِّ كما سبقَ.

وبه أَعَلَّه ابنُ حِبَّانَ، فقال:"الحديثُ باطلٌ، ويزيدُ الرَّقَاشيُّ قد تَبَرَّأْنا من عُهْدته"(الثِّقات 8/ 304).

والسيدُ بنُ عِيسى، ذكره ابنُ حِبَّانَ في (الثِّقات 8/ 304) وقال:"شيخٌ يروي عن موسى الجُهَنيِّ، عن يَزيدَ الرَّقَاشيِّ، عن أنسٍ".

وقال ابنُ حَجَرٍ في ترجمة الكوفيِّ: "لعلَّه هو"(اللسان 3745).

والكوفيُّ هذا ترجَمَه ابنُ أبي حاتم (4/ 324)، وقال الأَزْديُّ:"ليس بذاك"(الميزان 2/ 254).

قلنا: وقد وَهِمَ في سندِهِ، قال الدَّارَقُطنيُّ: "رواه السيدُ بنُ عيسى، فقال: عن موسى الجُهَنيِّ، وإنما أراد: موسى بن أبي عائشة

والقول عندنا قولُ أبي الأشهب عن موسى" (العلل 7/ 6).

قلنا: وطريقُ أبي الأشهبِ قد مَرَّ ضمن طرق الرواية الأولى، وفيه واسطةٌ بين موسى ويزيد.

هذا، وقد رواه مُغْلَطايُ في (شرح ابن ماجَهْ 1/ 382) من طريقِ عُمرَ بنِ طَبَرْزَد، عنِ ابنِ عبد الباقي القاضي، عن عُمرَ الخَفَّافِ، عن أبي الحسينِ ابنِ المُظَفَّرِ، عن أحمدَ بنِ الحسنِ

(1)

بنِ عبدِ الجبارِ، عن عبدِ الرحمنِ بنِ

(1)

تحرَّفَ في المطبوع إلى: "الحسين"، والصوابُ المثبتُ كما سبقَ أعلاه عند ابنِ حِبَّانَ، وترجمتُه عندَ الخطيبِ (1988) وفي (السِّيَر 14/ 152).

ص: 191

صالحٍ، عن أسدِ بنِ عمرٍو، عن موسى الجُهَنيِّ، به.

كذا وقعَ في المطبوعِ: "أسدُ بنُ عمرٍو" بدلًا من "السيدِ بنِ عِيسى"، فإن لم يكن وهَمًا من النَّاسِخِ -والكتابُ مليئٌ بذلك-، فهو من تخاليطِ ابنِ طَبَرْزَد، انظر (اللسان 5688).

ولو فُرِضَ أنه المحفوظُ، فأَسَدٌ هذا متكلَّمٌ فيه بكلامٍ شديدٍ، انظر (اللسان 1105).

رِوَايَة: وَعَنْفَقَتَهُ

• وَفِي رِوَايَةٍ: قَالَ: وَضَّأْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَخَلَّلَ لِحْيَتَهُ وَعَنْفَقَتَهُ بِالأَصَابِعِ، وَقَالَ:«هَكَذَا أَمَرَنِي رَبِّي عز وجل» .

[الحكم]:

صحيحُ المتنِ دون قولِه: «وَعَنْفَقَتَهُ بِالأَصَابِعِ» ، وهذه الروايةُ سندُهَا ضعيفٌ، وَضَعَّفَهُ ابنُ القَيِّمِ.

[التخريج]:

[هق 250].

[السند]:

قال البَيْهَقيُّ: أخبرنا أبو عبدِ اللهِ الحافظُ، ثنا أبو العبَّاسِ محمدُ بنُ يعقوبَ، ثنا العبَّاسُ بنُ محمدٍ الدُّوريُّ، ثنا معاذُ بنُ أسدٍ، ثنا الفضلُ بنُ موسى، ثنا السُّكَّريُّ -يعني: أبا حمزةَ-، عن إبراهيمَ الصائِغِ، عن أبي خالدٍ، عن أنسِ بنِ مالكٍ، به.

ص: 192

[التحقيق]:

هذا الإسنادُ ضعيفٌ؛ لانقطاعه، ورجاله ثقات غير أبي خالدٍ، وهو محمدُ بنُ خالدٍ الضَّبِّيُّ، وهو وإن كان صدوقًا كما في (التقريب 5851) فإنه لم يسمعْ من أنسٍ؛ قال أحمدُ بنُ حَنبَلٍ:"مِن أين أَدرَكَ محمدُ بنُ خالدٍ أَنَسًا أو رآه؟ ! "، وقال ابنُ مَعِينٍ:"لم يسمعْ من أنسٍ، وَوَثَّقَهُ"(جامع التحصيل 679).

وخَفِيَ أمْرُه على ابنِ القَيِّمِ، فقال:"وأبو خالدٍ هذا مجهولٌ"، ثُمَّ صرَّحَ بضعفِ هذا الطريقِ (الحاشية 1/ 169).

قلنا: وهو صدوقٌ، ولكن علته الانقطاع كما سبقَ.

ولم يأتِ ذكرُ تخليلِ العنفقةِ مِن وجهٍ يَشهَدُ له، وبقية الحديث صحيح؛ لطرقه السابقة، وشواهدِه الآتية.

قال البَيْهَقيُّ: "ورُوِّينا في تخليلِ اللحيةِ عن عمارِ بنِ ياسرٍ وعائشةَ وأمِّ سَلَمةَ عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ عن عليٍّ وغيرِه. ورُوِّينا في الرخصةِ في ترْكِه عنِ ابنِ عُمرَ والحسنِ بنِ عليٍّ، ثُمَّ عنِ النَّخَعيِّ، وجماعةٍ من التابعين"(السنن الكبرى).

ص: 193

رِوَايَاتُ الحَسَنِ، عَنْ أَنَسٍ

• وَفِي رِوَايَةٍ 1: عَنْ أيُّوبَ بنِ عَبْدِ اللَّهِ القُرَشِيِّ، قَالَ:((رَأَيتُ الحَسَنَ بنَ أَبِي الحَسَنِ قَدْ تَوَضَّأَ، وَصَلَّى الظُّهْرَ، وَخَرَجَ فَاسْتَقْبَلَهُ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ خُرَاسَانَ، فَقَالُوا لَهُ: اشْتَبَهَ عَلَيْنَا الوُضُوءُ، فَنُحِبُّ أَنْ تُرْشِدَنَا. فَقَالَ: قَدْ تَوَضَّأْتُ الظُّهْرَ، وَلَكِنِّي سَأُعِيدُ وُضُوئِي. فَنَزَلَ عَنْ دَابَّتِهِ، فَدَعَا جَارِيَةً يُقَالُ لَهَا مَلِيحَةُ، فَقَالَ: يَا جَارِيَةُ، ائْتِنَا بِتِلْكَ القُلَّةِ، فَجِيءَ بِكُوزِ مَاءٍ صُبَّ فِي تَوْرٍ لَهُ، فَغَسَلَ يَدَيْهِ [ثَلَاثَ مَرَّاتٍ]، وَتَمَضْمَضَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَاسْتَنْشَقَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَغَسَلَ ذِرَاعَيْهِ إِلَى المِرْفَقَيْنِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ وَاحِدَةً، وَمَسَحَ أُذُنَيْهِ، وَخَلَّلَ لِحْيَتَهُ، وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ إِلَى الكَعْبَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَنَسُ بنُ مَالِكٍ أَنَّ هَذَا وُضُوءُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم).

• وَفِي رِوَايَةٍ 2: عَنِ الحَسَنِ، عَنْ أَنَسٍ، ((أَنَّهُ قِيلَ لَهُ: صِفْ لَنَا وُضُوءَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَدَعَا بِطَسْتٍ، فَتَوَضَّأَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، وَخَلَّلَ لِحْيَتَهُ، وَقَالَ: هَكَذَا رَأَيتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ)).

• وَفِي رِوَايَةٍ 3: عَنِ الحَسَنِ، ((وَسُئِلَ عَنِ الوُضُوءِ، فَتَوَضَّأَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، وَخَلَّلَ لِحْيَتَهُ، وَمَسَحَ عَلَى عِمَامَتِهِ، وَقَالَ: حَدَّثني أَنَسُ بنُ مَالِكٍ أَنَّ هَذَا وَضُوءُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم).

• وَفِي رِوَايَةٍ 4: عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَتَى بِمَاءٍ فَتَوَضَّأَ، وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ، وَخَلَّلَ لِحْيَتَهُ» .

[الحكم]:

إسنادُهُ ضعيفٌ، وأشارَ إلى ضَعْفِه: البَزَّارُ، وابنُ عَدِيٍّ -وتَبِعَه

ص: 194

ابنُ طاهر-.

[التخريج]:

تخريج السِّياقة الأولى: [لا 929 (واللفظُ له) / قط 370/ ضيا (5/ 241، 242/ 1866، 1867)].

تخريج السِّياقة الثانية: [بز 6671].

تخريج السِّياقة الثالثة: [عد (2/ 215)].

تخريج السِّياقة الرابعة: [محد (4/ 214/ 623)].

سَبَق تخريجُه وتحقيقُه في: (باب جامع في صفة الوُضُوء).

رِوَايَة: أَتَانِي جِبْرِيلُ

• وَفِي رِوَايَةٍ، عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:((أَتَانِي جِبْرِيلُ فَقَالَ: [يَا مُحَمَّدُ]، إِذَا تَوَضَّأْتَ فَخَلِّلْ لِحْيَتَكَ [بِالمَاءِ])).

[الحكم]:

ضعيفٌ جدًّا. وَضَعَّفَهُ جدًّا: الحافظُ، والألبانيُّ.

[التخريج]:

[ش 114 (واللفظُ له) / غيل 848 (والزيادتان له) / عد (10/ 319) / ضح (2/ 527) / متفق 1671].

[السند]:

قال ابنُ أبي شَيْبةَ: حدثنا وَكِيعٌ، عن الهيثمِ بنِ جَمَّازٍ، عن يَزيدَ بنِ أَبانَ،

ص: 195

عن أنسٍ، به.

ومدارُ الحديثِ -عندهم- على الهيثمِ بنِ جمَّازٍ، عن يَزيدَ به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه عِلَّتان:

الأولى: يَزيدُ بنُ أَبانَ، وهو الرَّقَاشيُّ؛ وهو ضعيفٌ كما تقدَّمَ.

الثانية: الهيثمُ بنُ جَمَّازٍ، قال فيه أبو حاتم:"ضعيفُ الحديثِ منكَرُ الحديثِ"(الجرح والتعديل 9/ 81)، وقال ابنُ مَعِينٍ:"ضعيفٌ"، وقال مرة:"ليس بذاكَ"، وقال أحمدُ:"تُرِكَ حديثُهُ"، وقال النَّسائيُّ:"متروكُ الحديثِ"(اللسان 8299).

وكلُّ مَن رَوَى هذا الحديثَ عن يَزيدَ بنِ أَبانَ الرَّقَاشيِّ عن أنسٍ لم يَرْوِه بهذا اللفظِ، إنما رَوَوُا التخليلَ دون قوله:((أَتَانِي جِبْرِيلُ))، وليس لهذه الزيادةِ ما يَشهَدُ لها، إلا أن التخليلَ ثابتٌ من طرقٍ أُخرى عن أنسٍ وعن غيرِهِ، دون قوله: ((أَتَانِي جِبْرِيلُ

)) إلى آخره.

والحديثُ ضعَّفَهُ الحافظُ، فقال:"في إسنادِهِ ضعفٌ شديدٌ"(الدراية 1/ 22).

وقال الألبانيُّ: "الإسنادُ ضعيفٌ جدًّا"(السلسلة الضعيفة 4/ 239).

* * *

ص: 196

رِوَايَة: هَكَذَا قَالَ لِي جِبْرِيلُ

• وَفِي رِوَايَةٍ: «تَوَضَّأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَشَبَكَ لِحْيَتَهُ هَكَذَا، أَوْ قَالَ: هَكَذَا قَالَ لِي جِبْرِيلُ عليه السلام» .

[الحكم]:

ضعيفٌ بهذا اللفظِ، وَضَعَّفَهُ أبو حاتم، وأَعَلَّهُ الحافظُ.

[التخريج]:

[جعفر 548].

[السند]:

قال أبو جعفر ابنُ البَخْتَريِّ: حدثنا محمدُ، قال: حدثنا صفوانُ بنُ صالحٍ، قال: حدثنا إبراهيمُ بنُ محمدٍ الفَزاريُّ أبو إسحاقَ، قال: حدَّثني موسى بنُ أبي عائشةَ، قال: سمِعتُ أنسَ بنَ مالكٍ، به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ رجالُهُ ثقاتٌ، لكنه معلولٌ بالإعضالِ، سَقَطَ منه رجلان، وقد بيَّنَّا ذلك ضمنَ تحقيقنا للسياقةِ الأُولى، وقد جاءَ الحديثُ عن موسى من طرقٍ ليس فيها تشبيكُ اللحيةِ، ولا ذِكْرُ جبريلَ عليه السلام، فلم يَرِدْ عن موسى بنِ أبي عائشةَ إلا من روايةِ أبي جعفرٍ البَخْتَريِّ، والله أعلم.

ص: 197

رِوَايَة: خَلَّلَهَا إِلَى فَوْقَ

• وَفِي رِوَايَةٍ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((هَكَذَا عَلَّمَنِي جِبْرِيلُ. وَقَالَ بِأَصَابِعِ يَدَيْهِ، فَأَدْخَلَهُمَا تَحْتَ لِحْيَتِهِ، ثُمَّ خَلَّلَهَا إِلَى فَوْقَ)).

[الحكم]:

ضعيفٌ جدًّا.

[التخريج]:

[ضحة (ق 6/ أ)].

[السند]:

أخرجه عبدُ الملكِ بنُ حَبيبٍ في (الواضحة) قال: حدَّثني أسدُ بنُ موسى، عن يحيى بنِ كَثيرٍ، عن يَزيدَ الرَّقَاشيِّ، عن أنسِ بنِ مالكٍ، به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه ثلاثُ عِلَلٍ:

الأولى: يزيدُ الرَّقَاشيُّ؛ وهو "ضعيفٌ" كما في (التقريب 7683).

الثانية: يحيى بنُ كثيرٍ أبو النَّضْرِ؛ "ضعيفٌ"(التقريب 7631).

الثالثة: عبدُ الملكِ بنُ حَبيبٍ؛ متكلَّمٌ فيه لسُوءِ حِفْظِه وغلَطِه، وكان صَحَفيًّا، يُخطئُ في الأسانيدِ، واتُّهِم في سماعه من أسد بنِ موسى، وقد طوَّل ابنُ حَجَرٍ ترجمته في (اللسان 5/ 255)، وانظر (تهذيب التهذيب 6/ 390)، ولخَّصَ حالَهُ الحافظُ فقال:"صدوقٌ، ضعيفُ الحفظِ، كثيرُ الغلطِ"(التقريب 4174).

* * *

ص: 198

1702 -

حَدِيثُ عَائِشَةَ:

◼ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا تَوَضَّأَ خَلَّلَ لِحْيَتَهُ بِالمَاءِ» .

[الحكم]:

إسنادُهُ منقطعٌ، وَضَعَّفَهُ ابنُ حزمٍ.

[التخريج]:

[حم 25970 (واللفظُ له)، 25971/ ك 539/ طهور 314/ حق 1371/ حرب (طهارة 194) / خط (12/ 410) / حيان 140/ كر (25/ 126)، (49/ 70) / كما (23/ 367 - 368) / مخلدي (ق 284/أ) / صفار 19].

[السند]:

أخرجه أحمدُ (25970) قال: حدثنا زيدُ بنُ الحُبابِ، قال: أخبرني عُمرُ بنُ أبي وَهْبٍ النَّصْري

(1)

، قال: حدثني موسى، عن طلحةَ بنِ عُبيدِ اللهِ بنِ كَرِيزٍ الخُزاعيِّ، عن عائشةَ، به.

وأخرجه أحمدُ (25971) قال: حدثنا عليُّ بنُ إسحاقَ، قال: أنا عبد الله -يعني: ابنَ مبارَك-، قال: أنا عُمرُ بنُ أبي وهبٍ الخُزاعيُّ

(2)

، قال: حدثني موسى بنُ ثَرْوان، عن طلحةَ بنِ عُبيدِ اللهِ بنِ كَرِيزٍ الخُزاعيِّ، عن

(1)

كذا وقعَ في مطبوع (مسند أحمد) طبعتَيْ قرطبة والرسالة، تبعًا للنسخِ، والصواب ما أثبتناه كما في (تاريخ دمشق لابن عساكر 25/ 126)، وانظر ترجمته في كتب الرجال.

(2)

وقع في مطبوع (مسند إسحاق بن راهُويَهْ)، و (تاريخ بغداد)، و (تاريخ دمشق 49/ 70) و (تهذيب الكمال):"عَمرُو بنُ أَبِي وَهْبٍ الْخُزَاعِيُّ"، وهو خطأٌ والصوابُ ما أثبتناه، وانظر باقي المصادر وترجمته في كتب الرجال.

ص: 199

عائشةَ، به.

ومدارُ الحديثِ عندهم على عُمرَ

(1)

بنِ أبي وهبٍ، عن موسى بنِ ثَرْوانَ العِجْليِّ

(2)

، به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ رجالُهُ ثقاتٌ رجالُ مسلمٍ عدا عُمر بن أبي وهبٍ، وقد وَثَّقَهُ ابنُ مَعِينٍ، وقال أحمدُ:"ما أعلمُ به بأسًا"، وقال أبو حاتم:"لا بأس به"(الجرح والتعديل 6/ 140)، وقال الدَّارَقُطنيُّ:"بصريٌّ، معروفٌ، لا بأسَ به"(سؤالات البَرْقانيِّ 351)، وذكره ابنُ حِبَّانَ في (الثِّقات 7/ 187)، وكذلك ابنُ شاهين (866)، ومع هذا قال الذَّهَبيُّ:"وُثِّق"! ! (تاريخ الإسلام 4/ 168).

وأما ابنُ حزمٍ فأَعَلَّه به قائلًا: "وأما حديثُ عائشةَ فإنه من طريقِ رجلٍ مجهولٍ لا يُعرَفُ مَن هو، شُعبةُ يسميه (عَمرو بن أبي وهب)، وأُمَيَّةُ بنُ خالدٍ يسميه (عمر

(3)

بن أبي وهبٍ) " (المحلَّى 2/ 36).

وتَعقَّبَه مُغْلَطايُ بتوثيقِ أحمدَ وابنِ حِبَّانَ (شرح ابن ماجَهْ 1/ 425).

(1)

وقعَ في بعضِ المراجعِ: "عمرو"، وهو خطأٌ، والظاهرُ أنه خطأٌ رواية لا طباعة كما سنذكره بعد.

(2)

وقعَ في مطبوع (تاريخ بغداد)، و (تاريخ دمشق 49/ 70)، و (تهذيب الكمال):"موسى بن ثروانَ الْبَجَلِيُّ"، وهو خطأٌ، والصوابُ "موسى بن ثَرْوَانَ العِجْليّ" كما في الطهورِ ومسندِ إسحاقَ بنِ راهُويَهْ، وانظر ترجمتَهُ في كتبِ الرجالِ.

(3)

في المطبوع: "عمران"، وهو تحريفٌ، ولذا قال محقِّقه:"لم أجدْ له ترجمة"! ، والتصويب من (شرح ابن ماجَهْ لمُغْلَطاي 1/ 425)، وهو الموافقُ لما في مراجعِ التخريجِ.

ص: 200

ولكن الدَّارَقُطنيّ لما سُئِل عن "موسى بن ثروان" قال: "موسى بن ثَرْوان -ويقال: ابن سَرْوان-، عن طلحةَ بنِ عُبيدِ اللهِ بنِ كَرِيزٍ، عن عائشةَ رضي الله عنها. إسنادٌ مجهولٌ، حمَلَه الناس"(سؤالات البَرْقانيِّ 504).

قلنا: موسى بنُ ثَرْوانَ من رجالِ مسلمٍ متابعةً، وَوَثَّقَهُ ابنُ مَعِينٍ (الجرح والتعديل 8/ 139)، وأقَرَّه أبو داودَ (سؤالات الآجُرِّيِّ 122)، ولذا جَزَمَ الذَّهَبيُّ بأن أبا داودَ وَثَّقَهُ (التاريخ 4/ 237)، وذكره ابنُ حِبَّانَ في (الثِّقات 7/ 451)، وقال الحافظُ:"ثقةٌ"(التقريب 6952).

وبتوثيقِ ابنِ مَعِينٍ وإخراجِ مسلمٍ له تَعَقَّبَ العِراقيُّ كلمةَ الدَّارَقُطنيِّ (ذيل الميزان صـ 196).

وطلحةُ بنُ عُبيدِ اللهِ من رجالِ مسلمٍ أيضًا، وَوَثَّقَهُ أحمدُ، والنَّسائيُّ (تهذيب التهذيب 5/ 22)، وقال الحافظُ:"ثقةٌ"(التقريب 3028).

ولذا صحَّحَ الحديثَ الحاكمُ في (المستدرك عَقِبَ 539)، وحسَّن إسنادَهُ الحافظُ في (التلخيص الحبير 1/ 150).

وقال الهيثميُّ: "رواه أحمدُ ورجاله موثَّقون"(مجمع الزوائد 1201).

وأقَرَّه الألبانيُّ وَصَحَّحَهُ في (صحيح أبي داودَ 1/ 249/ مع الحاشية).

وتناقضَ العَيْنيُّ في الحُكمِ عليه؛ فقال في موضعٍ: "إسنادُهُ ضعيفٌ"(البناية 1/ 224)، وفي موضعٍ آخَرَ:"إسنادُهُ حسنٌ"(البناية 1/ 225).

قلنا: وفاتهم جميعًا أن إسنادَهُ منقطعٌ، فقد قال الذَّهَبيُّ في ترجمةِ طلحةَ:"وأرسلَ عن عائشةَ"(تاريخ الإسلام 3/ 435)، ومثله عند السَّخاويِّ في (التحفة اللطيفة 1876).

ص: 201

وقال العِراقيُّ: "روايةُ طلحةَ عن عائشةَ مرسلةٌ"(ذيل الميزان صـ 128).

ويؤيده ما ذكره مُغْلَطايُ في (الإكمال 7/ 80) عن الدَّارَقُطنيِّ بشأنِ حديث له عن عائشةَ، أدخلَ شُعبةُ بينهما رجلًا.

هذا، وذكرَ ابنُ دَقيقٍ أن هذا الحديثَ قد أُعِلَّ بالاضطرابِ، وذكرَ من ذلك اختلافهم في اسم موسى، والراوي عنه (شرح ابن ماجَهْ 1/ 486).

قلنا: وهذا اختلافٌ غيرُ ضارٍّ؛ فأما الأول: فاختلافُهم في اسمِ والدِ موسى، هل هو "ثَرْوان" أم "سَرْوان" أم "فَرْوان"، وقد ذَكَر كلٌّ مِن ابنِ مَعِينٍ وأبي داودَ وابنِ حِبَّانَ وجهين من الخلافِ فيه، ومع ذلك وثَّقوه؛ ولذا لَمَّا ذكرَ مُغْلَطايُ هذا الخلافَ، أَعقَبَه بقوله:"وهو ثقةٌ، وثَّقَهُ ابنُ مَعِينٍ، وخرَّجَ مسلمٌ حديثَهُ في (صحيحه) متابعةً"(شرح ابن ماجَهْ 1/ 425).

وأما الاختلافُ الثاني: فلم يتضحْ مرادُ ابنِ دَقيقٍ بسببِ السقطِ الواقع في الأصلِ، ولعلَّه يريدُ ما أشارَ إليه ابنُ حزمٍ آنفًا من أن بعضَهم سمَّاه "عُمر بن أبي وهبٍ"، وبعضُهم سمَّاه "عَمرًا"، فأما الأولُ فهو روايةُ الجماعةِ، وهم:

- ابنُ المباركِ، وزيدُ بنُ الحُبابِ كما في (مسند أحمد)،

- وهلالُ بنُ فَيَّاضٍ كما في (مسائلِ حربٍ) و (مستدرك الحاكمِ)،

- وبكرُ بنُ بكَّارٍ كما في (التاسع من حديثِ ابنِ مَنْدَهْ للصَّفَّارِ 19).

وأما الثاني، فروايةُ:

- عبدِ الصمدِ بنِ عبدِ الوارثِ كما في (مسندِ ابنِ راهُويَهْ)،

- ورواية شُعبةَ أيضًا كما سبقَ عنِ ابنِ حزمٍ، إلا أنه وقعَ في مطبوعة (الطهور لأبي عُبيدٍ 314) من روايةِ شُعبةَ:"عُمر" كما عند الأكثرين، ولكنه

ص: 202

وهَمٌ؛

فقد رواه أبو الشيخِ كما في (جزء ابن حيان 140)

(1)

،

والخطيبُ في (تاريخه 14/ 404) -ومن طريقِه ابن عساكر (49/ 70)، والمِزِّيُّ (23/ 368) - كلاهما عن المروزيِّ، عن أبي عبيدٍ، عن شُعبةَ، عن عمرٍو، به.

ولولا متابعةُ عبدِ الصمدِ لقلنا: هذا من أخطاء شُعبةَ؛ فإنه يُخطئُ في أسماءِ الرجالِ، وعلى كلٍّ فهو اختلافٌ غيرُ ضَارٍّ، وروايةُ الجماعةِ هي الموافقةُ لما في كتبِ التراجمِ.

وقد وقعَ في أصولِ المخلدي (ق 284/أ) من روايةِ حَجَّاجٍ عن "وهبِ بنِ أبي محمدٍ الخزاعيِّ"! ، فإن لم يكن تصحيفًا فهذا وجهٌ ثالثٌ من الخلافِ في اسمه.

(1)

وقد صوَّبه محقِّقه في المطبوع: إلى "عمر" مع أنه في الأصل: "عمرو"، ظنًّا منه أنه خطأُ نَاسِخٍ! ولم ينتبه إلى أنه هكذا رُوي.

ص: 203

1703 -

حَدِيثُ عَمَّارِ بنِ يَاسِرٍ:

◼ عَنْ حَسَّانَ بنِ بِلَالٍ، قَالَ: رَأَيتُ عَمَّارَ بنَ يَاسِرٍ رضي الله عنهما تَوَضَّأَ، فَخَلَّلَ لِحْيَتَهُ. فَقِيلَ لَهُ -أَوْ قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ-: أَتُخَلِّلُ لِحْيَتَكَ؟ قَالَ: ((وَمَا يَمْنَعُنِي؟ ! وَلَقَدْ رَأَيتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُخَلِّلُ لِحْيَتَهُ)).

[الحكم]:

إسنادُهُ ضعيفٌ. وأَعَلَّه: أحمدُ، والبُخاريُّ، وأبو حاتمٍ، وابنُ حزمٍ، وابنُ دَقيقٍ، وابنُ القَيِّمِ، ومُغْلَطايُ، وابنُ حَجَرٍ، والشَّوْكانيُّ. وَصَحَّحَهُ الحاكمُ وأحمدُ شاكر لذاته. وَصَحَّحَهُ ابنُ حَجَرٍ والألبانيُّ بشواهدِهِ.

[الفوائد]:

قال التِّرْمِذيُّ رحمه الله: "وقال بهذا أكثرُ أهلِ العلمِ من أصحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، ومن بعدهم: رأوا تخليلَ اللحيةِ. وبه يقولُ الشافعيُّ. وقال أحمدُ: «إنْ سها عن تخليلِ اللحيةِ فهو جائزٌ»، وقال إسحاقُ: إن تركه ناسيًا أو متأوِّلًا أجزأه، وإن تركه عامدًا أعادَ"(سنن الترمذي 1/ 46).

[التخريج]:

[ت 28 (واللفظُ له)، 29/ جه 433/ ك 535/ طي 680/ ش 98، 37612/ مش 433/ عل 1604/ حمد 146، 147/ عدني (مُغْلَطاي 1/ 410) / طهور 310/ طب (تهذيب السنن لابنِ القَيِّمِ 1/ 227) / طس 2395/ علحم 1035، (إمام 1/ 491) / فة (2/ 696، 697) / حرب (طهارة 192) / طبر (8/ 178) / طوسي 27/ سراج 1596/ حل (7/ 317) / هقع 715، 716/ حَرْمَلةَ (هقع 718) / كر (49/ 59) / كما (6/ 14 - 15) / طهارة (منده - مُغْلَطاي 1/ 410) / اختصار الخلال (إمام 1/ 491) / ابن المقرئ (النكت الظراف 7/ 473)].

ص: 204

[التحقيق]:

هذا الحديثُ مدارُه على حسانَ بنِ بلالٍ، ورُوِي عنه من طريقِين:

الأول: يرويه قتادةُ، عن حسانَ بنِ بِلالٍ، عن عمارٍ به.

أخرجه التِّرْمِذيُّ (28)، وابنُ ماجَهْ قالا -والسياقُ للتِّرْمِذيِّ-: حدثنا ابنُ أبي عُمرَ، حدثنا سفيانُ بنُ عُيَيْنةَ، عن سعيدِ بنِ أبي عَرُوبةَ، عن قتادةَ، عن حسانَ بنِ بِلالٍ، عن عمارٍ به.

وأخرجه الحُمَيديُّ (147) قال: ثنا سفيانُ عن سعيدِ بنِ أبي عَرُوبةَ، به.

وأخرجه يعقوبُ الفَسَويُّ في (المعرفة والتاريخ 2/ 697)، والطَّبَرانيُّ في (الأوسط)، والحاكمُ في (المستدرك)، والعدنيُّ في (مسنده) -كما في (شرح ابن ماجَهْ لمُغْلَطاي 1/ 410) - كلُّهم وغيرُهُم: من طريقِ سفيانَ بنِ عُيَيْنةَ به.

قال الطَّبَرانيُّ: "لم يَروِ هذا الحديثَ عن قتادةَ إلا سعيدٌ، تفرَّدَ به سفيانُ".

وقال أبو نُعَيمٍ: "غريبٌ من حديثِ سفيانَ، عن سعيدٍ، تفرَّدَ به إبراهيمُ".

وهذا إسنادٌ رجالُهُ ثقاتٌ رجالُ الصحيحِ عدا حسان بن بِلالٍ، وهو ثقةٌ؛ قال ابنُ المَدِينيِّ "ثقةٌ"(تهذيب الكمال 6/ 14)، واعتمده الذَّهَبيُّ في (الكاشف 997)، وقال الحافظُ:"صدوقٌ"(التقريب 1196)، وذكره ابنُ حِبَّانَ في (الثِّقات).

ولذا صَحَّحَهُ الحاكمُ في (المستدرك عَقِبَ 535)، وأحمد شاكر في تحقيقه (لجامع الترمذي 1/ 45)، وقال:"لا مطعنَ فيه"! .

وليس كذلك؛ فلهذا الطريقِ عِدَّةُ عِلَلٍ:

الأولى: انقطاعه بين قتادةَ وحسانَ؛ فقتادةُ مدلسٌ، وقد عنعنه، وجزمَ

ص: 205

ابنُ المَدِينيِّ بأنه لم يسمعه من حسانَ، فقد نقلَ ابنُ دَقيقٍ عن مُهَنَّا، أنه قال:"قال عبَّاسٌ العَنْبَريُّ لأحمدَ: قال أبو الحسنِ -يعني: عليَّ بنَ المَدِينيِّ-: لم يسمعْ قتادة هذا إلا من عبد الكريم، قال أحمدُ: كأنَّ عليَّ بنَ المَدِينيِّ قد عرَفَ الحديثَ"(شرح ابن ماجَهْ 1/ 492).

وهذا إقرارٌ من أحمدَ لهذه العلةِ، ثُمَّ من ابنِ دَقيقٍ أيضًا، وكذا أقرَّها مُغْلَطايُ، وتَعَقَّبَ بها تصحيحَ الحاكمِ للحديثِ (شرح ابن ماجَهْ 1/ 413).

وكذلك أقرَّها ابنُ حَجَرٍ، فقال:"قد بيَّنَ ابنُ المَدِينيِّ عِلَّةَ هذا الحديثِ، فقال: لم يسمعه قتادة إلَّا من عبدِ الكريمِ. والله أعلم"(إتحاف المهرة 11/ 720).

وقال أيضا: "لم يسمعه قتادةُ من حسانَ"(التلخيص الحبير 1/ 149).

وعبدُ الكريمِ هو ابنُ أبي المُخارِقِ، ضعيفٌ، وهو صاحبُ الطريقِ الثاني.

الثانية: أن سعيدَ بنَ أبي عَرُوبةَ وإن كان ثقة فإنه كان قدِ اختلطَ، ولم يُذكَرِ ابنُ عُيَيْنةَ فيمَن رَوَى عنه قبل اختلاطه، بل الأغرب من ذلك: أن المِزِّيَّ لم يَذكُرِ ابنَ عُيَيْنةَ ضمنَ تلاميذِ سعيدٍ، ولم يذكرْ سعيدًا ضمنَ شيوخِ ابنِ عُيَيْنةَ، مع أنه على شرطِهِ! ! .

الثالثة: أنَّ ابنَ عُيَيْنةَ لم يسمعْه من سعيدِ بنِ أبي عَرُوبةَ، وقد جاءَ في كلِّ المراجعِ بالعنعنةِ، إلا عند الحاكمِ، فذكرَ تصريحَ ابنِ عُيَيْنةَ بالسماعِ من ابنِ أبي عَرُوبةَ، وهو وهَمٌ كما سيأتي. وممن أَعَلَّهُ بعنعنةِ ابنِ عُيَيْنةَ: أبو حاتمٍ الرَّازيُّ، فقد سأله ابنُه عنه فقال:"لم يحدِّثْ بهذا أحدٌ سوى ابنِ عُيَيْنةَ، عنِ ابنِ أبي عَرُوبةَ" -قال ابنُ أبي حاتمٍ: - قلتُ: هو صحيحٌ؟ قال: لو كان صحيحًا لكان في مصنَّفاتِ ابنِ أبي عَرُوبةَ، ولم يذكرِ ابنُ عُيَيْنةَ في هذا

ص: 206

الحديثِ الخبرَ، وهذا أيضًا مما يُوهِّنُه" (العلل 1/ 488).

قال ابنُ القَيِّمِ: "يريدُ بذلك أنه لعلَّه دَلَّسَهُ"(الحاشية 1/ 170).

وقال ابنُ دَقيقٍ: "أما كوْنُه ليس في كتبِ ابنِ أبي عَرُوبةَ فليسَ بالعلةِ القويةِ بانفرادِه، ولكن لعلَّه يضمه إلى ما يقع لسفيانَ من تدليسٍ أحيانًا، مع كونه لم يذكرِ السماعَ"(الإمام 1/ 492).

وقال الحافظُ: "لم يسمعْه ابنُ عُيَيْنةَ من سعيدٍ"(التلخيص الحبير 1/ 149).

واعتَرَضَ مُغْلَطايُ على هذه العلةِ، فقال:"وأما قولُ ابنِ أبي حاتمٍ .. "، فذكرَ سؤاله لأبيه وجوابَه السابق، ثُمَّ قال:"فليسَ كما زعمَ؛ لأنا أسلفنا من عندَ الحاكمِ تصريحه بالسماعِ لهذا الحديثِ من سعيدٍ؛ فزالَ ما يخشى من تدليسِهِ. وأما كوْنُه ليس في كتبه فليسَ بشيءٍ أيضًا؛ إذ العالِمُ قد يَشذُّ عنه عند التصنيفِ الكثيرُ من روايته"(شرح ابن ماجَهْ 1/ 414).

وكذا تعَقَّبَ ذلك الشيخُ أحمد شاكر، بقوله:"هذه دعوى، وأين الدليل عليها؟ ، ومع ذلك فقد صرَّحَ ابنُ عُيَيْنةَ فيه بالسماعِ؛ ففي روايةِ الحاكمِ في (المستدرك): "قال سفيانُ: وحدثنا سعيدُ بنُ أبي عَرُوبةَ"؛ ولذلك صَحَّحَ الحاكمُ الحديثَ، وأقَرَّه الذَّهَبيُّ فلم يَتعَقَّبْهُ في تصحيحه"(تحقيقه على جامع الترمذي 1/ 45).

قلنا: ما في مستدركِ الحاكمِ وهَمٌ بلا شَكٍّ؛ فإنه رواه من طريقِ الحُمَيديِّ وابنُ أبي عُمرَ كلاهما عنِ ابنِ عُيَيْنةَ، ورواية الحُمَيديُّ في مسنده ليس فيها التصريحُ بالسماعِ كما سبقَ، وكذلك رواه الفَسَويُّ وغيرُه عن الحُمَيديُّ بالعنعنة.

ورواية ابن أبي عُمرَ في مسنده أيضًا معنعنة كما في (شرح ابن ماحه

ص: 207

1/ 410)، وكذا رواه عنه التِّرْمِذيُّ وابنُ ماجَهْ وغيرهما بالعنعنة كما سبقَ.

وقد جزم أبو حاتم بأنَّ ابنَ عُيَيْنةَ لم يذكر الخبر في حديثِه، وهو غير مشهور بالرواية عنِ ابنِ أبي عَرُوبةَ، ولعله لذلك سها المِزِّيُّ فلم يذكره في تلاميذ ابن أبي عَرُوبة، ولا هذا في شيوخه، والله أعلم.

ولهذا جزم البُخاريّ بعدم صحة هذا الحديثُ فقال: فقال: "لا يصح حديث سعيد"(التاريخ الكبير 3/ 31).

وقد أنكر الإمام أحمدُ روايةَ سفيانَ لهذا الحديثِ عن سعيد، وحَمَل في ذلك على الحُمَيديُّ، أو مَن حدَّث عنه، واستَدَلَّ على ذلك بأنه سمِعه من سفيانَ عن عبد الكريم، عن حسان به.

وتَعقَّبَه ابن دقيق وابنُ القَيِّم ومُغْلَطايُ بمتابعة ابن أبي عُمر للحُمَيدي، ثُمَّ قال ابنُ دقيق:"فخرج الحُمَيديُّ والراوي عن العهدة"(شرح ابن ماجَهْ 1/ 492)، و (حاشية ابن القَيِّم 1/ 170)، و (شرح ابن ماجَهْ 1/ 413).

قلنا: وتابَعَهما أيضًا إبراهيمُ بن بشَّار الرَّماديُّ عند الطَّبَرانيِّ في (الأوسط 2395) وأبي نُعَيمٍ في (الحلية 7/ 317).

الطريق الثاني: يرويه أبو أُمَيَّةَ عبدُ الكريم بن أبي المُخارِقِ

(1)

، عن حسان بن بلال، عن عمار به.

أخرجه التِّرْمِذيُّ (28)، وابنُ ماجَهْ، والحاكمُ، والطَّيالِسيّ، وابنُ أبي شَيْبةَ، وأبو يَعْلَى، والحُمَيديُّ (146)، وأبو عبيد في (الطهور)، والفَسَويُّ في (المعرفة 2/ 696)، والطَّبَريُّ في التفسير، وغيرُهُم: من

(1)

ووقع عند الحاكم في نسب عبد الكريم (الجزري) وهو وهَمٌ، كما سيأتي بيانه.

ص: 208

طرقٍ عن ابنِ عُيَيْنةَ، عن عبد الكريم، به.

وهذا الإسناد ضعيف؛ فيه عِلَّتان:

الأولى: الانقطاع؛ فلم يسمعه عبد الكريم من حسان بن بلال.

وبهذا أَعَلَّه غيرُ وَاحدٍ من النقاد:

* فقال البُخاريُّ: "ولم يَسمع عبد الكريم من حسان"(التاريخ الكبير 3/ 31).

* قال أحمد بن حَنبَل: قال ابنُ عُيَيْنةَ: لم يسمع عبد الكريم من حسان بن بلال حديثَ التخليل" (العلل ومعرفة الرجال (1/ 455)، ونقله التِّرْمِذيُّ عَقِبَ الحديث، وأقَرَّه.

ويؤيد هذا؛ قولُ الحافظ: "رواه ابنُ المقرئ، عن سفيانَ، عن عبد الكريم، عمَّن يحدِّث عن حسان"(النكت الظراف 7/ 473).

وهذا صريح بأنه لم يسمعه منه.

قلنا: ووقع في رواية أبي يَعْلَى التصريحُ بالتحديث بين عبد الكريم وحسان: "عن عبد الكريم أبي أمية، أن حسان بن بلال المزني، حدثه أنه، رأى عمار بن ياسر"، وهو مخالف لرواية الجماعة، ومخالف أيضًا لنص الأئمة.

ولذا قال ابنُ رجب الحَنبَلي: "وكان أحمد يستنكر دخول التحديث في كثير من الأسانيد، ويقول: هو خطأ، يعني: ذِكْرَ السماع

وحينئذ ينبغي التفطُّن لهذه الأمور، ولا يُغتَرُّ بمجرد ذكر السماع والتحديث في الأسانيد" (شرح علل التِّرْمِذيّ 2/ 593 - 594).

ص: 209

الثانية: عبد الكريم بن أبي المُخارِقِ؛ قال الحافظُ: "ضعيف"(التقريب 4156).

ووقع عند الحاكمُ: "عبد الكريم الجزري" ولعله لذلك قال قبله: "في تخليل اللحية شاهد صحيح عن عمار بن ياسر"(المستدرك 535).

وتَعقَّبَه ابن المُلَقِّنِ، فقال:"عبد الكريم هذا هو أبو أُمَيَّةَ بن أبي المُخارِقِ، كما أخرجه التِّرْمِذيُّ، وهو أحد الضُّعفاء، ولم يسمعه من حسان. قاله ابن عُيَيْنةَ والبُخاريُّ، فأين الصحة؟ ! "(البدر المنير 2/ 188).

ويحتمل أنه صَحَّحَهُ لأجل طريق قتادة؛ ولذا تَعَقَّبَه الحافظُ بإعلال الوجهين، فقال:"قوله: إنه صحيح غير صحيح؛ بل هو معلول، وما وقع عنده في نسب عبد الكريم وهَمٌ، وإنما هو أبو أُمَيَّةَ، وقد ضعَّفَه الجمهور"، ثُمَّ قال:"قد بيَّن ابنُ المَدِينيِّ علةَ هذا الحديثُ، فقال: لم يسمعه قتادة إلا من عبد الكريم"(إتحاف المهرة 11/ 720).

ولذا قال الشَّوْكانيُّ: "وأما حديث عمار فرواه التِّرْمِذيُّ وابنُ ماجَهْ، وهو معلول"(نيل الأوطار 1/ 189).

هذا، وقد أَعَلَّ هذا الحديثُ من طريقِيه بجهالة حسان وعدم سماعه من عمار، ابنُ حزم الظاهريُّ، ورد عليه ابن القَيِّم، فقال: "وقد أَعَلَّه ابن حزم بعلتين: إحداهما أنه قال: حسان بن بلال مجهول. والثانية قال: لا نعرف له لقاءً لعمار بن ياسر.

فأما العلة الأولى: فإن حسانًا روَى عنه أبو قِلابة وجعفرُ بن أبي وَحْشِيَّةَ وقتادةُ ويحيى بنُ أبي كثير ومَطَرٌ الوَرَّاقُ وابنُ أبي المُخارِقِ وغيرُهُم، ورَوَى له التِّرْمِذيُّ والنَّسائيُّ وابنُ ماجَهْ. قال عليُّ بن المَدِينيِّ: كان ثقة.

ص: 210

ولم يحفظ فيه تضعيف لأحد.

وأما العلة الثانية: فباطلة أيضًا؛ فإن التِّرْمِذيّ رواه من طريقِين إلى حسان، أحدهما عنِ ابنِ أبي عُمرَ، عن سفيانَ، عن سعيد بن أبي عَرُوبةَ، عن قتادةَ، عن حسان، عن عمار. والثاني عنِ ابنِ أبي عُمرَ، عن سفيانَ بن عُيَيْنةَ، عن عبد الكريم بن أبي المُخارِقِ، عن حسان، قال: رَأَيتُ عَمَّارًا تَوَضَّأَ فَخَلَّلَ لِحْيَتَهُ، وفيه:" وَلَقَدْ رَأَيتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُخَلِّلُ لِحْيَتَهُ"(تهذيب السنن 1/ 228 - 229).

وبنحو هذا رَدَّ مُغْلَطايُ في (شرح ابن ماجَهْ 1/ 410) إعلالَ ابن حزم.

وهو مسَلَّمٌ، إلا أن قوله:"رأيت عمارًا" إنما جاء من رواية عبد الكريم، وهو ضعيفٌ سيِّئ الحفظ؛ فلا يُعتد بروايته في ذلك.

ولكن قال البُخاريُّ في ترجمة حسان: "رأى عمارًا"(التاريخ الكبير 3/ 31).

وسأل حربٌ ابنَ راهُويَهْ عن التخليل، فقال:"سُنَّة"، وذكر له حديثَ عبد الكريم في مَعرِض الاحتجاج به في تصريح حسان بسماعه له من عمار، ذكره مُغْلَطاي، ثُمَّ قال:"وهو رَدٌّ على من نفاه"(شرح ابن ماجَهْ 1/ 413).

يشير إلى ابن حِبَّانَ وابنُ حزم، فإن الأول قد شكَّكَ في (الثِّقات 4/ 164) في سماع حسان من عمار، ولَمَّا ذكره مُغْلَطايُ في (شرح ابن ماجَهْ)، ردَّه بما سبقَ، مع أنه تَعَقَّبَ المِزِّيَّ في (الإكمال 4/ 55) بكلام ابن حِبَّانَ وابنُ حزم! .

ومما ينبغي ذكره في دفع هذه العلة: ما رواه الدَّارَقُطنيُّ عن الحافظ جعفر الطَّيالِسيِّ، قال:"سمِع حسانُ بن بلال من عائشةَ وعمار" (السنن 1/ 221

ص: 211

/عَقِبَ الحديث 440).

وفي هذا إقرارٌ من الدَّارَقُطنيِّ بثبوت السماع، والله أعلم.

قلنا: والحديثُ وإن كان من طريقِيه ضعيفًا، فإن له شواهدَ أخرى؛ ولذا قال الحافظُ:"وهو معلول، وله شواهد أخرى دون ما ذكر في المرتبة، وبمجموع ذلك حَكَموا على أصل الحديث بالصحةِ، وكلُّ طريق منها بمفردها لا يبلغ درجة الصحيح. والله أعلم"(النكت 1/ 423 - 424).

وَصَحَّحَهُ الألبانيُّ في (صحيح ابن ماجَهْ 349).

رِوَايَةٌ مُخْتَصَرًا مُخْتَصَرَةٌ

• وَفِي رِوَايَةٍ، عَنْ عَمَّارٍ رضي الله عنه، قَالَ:((رَأَيتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ، وَخَلَّلَ لِحْيَتَهُ)).

[الحكم]:

صحيحُ المتنِ بشواهدِه، وسندُهُ ضعيفٌ جدًّا.

[التخريج]:

[طب (مُغْلَطاي 1/ 414)]

[السند]:

رواه أبو القاسمِ الطَّبَرانيُّ في "الكبير": عن إيراهيم بن موسى، ثنا صالح بن قطان، ثنا محمد بن عمار بن محمد بن عمار، حدثني أبي، عن جدي، عن عمار، به.

[التحقيق]:

وهذا الإسناد ضعيف جدًّا؛ مسلسَلٌ بالمجاهيل:

ص: 212

الأول: محمد بن عمار بن ياسر العَنْسيُّ؛ ترجم له البُخاريّ في (التاريخ الكبير 1/ 185)، وابنُ أبي حاتم في (الجرح والتعديل 8/ 43)، ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا. وذكره ابنُ حِبَّانَ في (الثِّقات 5/ 357) على عادته. وقال الذَّهَبيُّ:"وُثِّق"(الكاشف 6731)، وقال الحافظُ:"مقبولٌ"(التقريب 6166)، يعني: إذا تُوبِع، وإلا فليِّن.

الثاني: عمار بن محمد بن عمار بن ياسر، قال العِراقيُّ:"أشار ابن الجَوزيِّ في العلل إلى تجهيله"(ذيل ميزان الاعتدال 591)، وأقَرَّه هو، والحافظُ ابنُ حَجَر في (لسان الميزان 5548).

الثالث: محمد بن عمار بن محمد بن عمار بن ياسر، قال العِراقيُّ:"أشار ابن الجَوزيِّ في العلل إلى تجهيله هو وأبوه"(ذيل ميزان الاعتدال 656)، وأقَرَّه هو، والحافظُ ابنُ حَجَر في (لسان الميزان 7238).

* * *

ص: 213

1704 -

حَدِيثُ ابْنِ عبَّاسٍ

◼ عنِ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَتَطَهَّرُ، ثُمَّ يُخَلِّلُ لِحْيَتَهُ، وَيَقُولُ:"هَكَذَا أَمَرَنِي رَبِّي عز وجل".

[الحكم]:

إسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا.

[التخريج]:

[عق (4/ 104) واللفظُ له/ تمام 1775].

[السند]:

قال (العُقَيليّ): حدثنا أحمدُ بنُ إبراهيم، قال: حدثنا سُلَيمان بن عبد الرحمن، قال: حدثنا سَعْدان بن يحيى، قال حدثنا نافع مولى يوسف، عن محمدِ بنِ سيرين، عنِ ابنِ عبَّاسٍ، به.

ورواه (تمام) من طريقِ سُلَيمانَ بنِ عبد الرحمن، به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه عِلَّتان:

الأولى: نافعٌ مولى يوسف وهو السُّلَمي؛ قال أبو حاتم: "متروكُ الحديثِ"، وقال البُخاريُّ:"منكَرُ الحديثِ"(لسان الميزان 8/ 250 - 251)، وقال العُقَيليُّ بعد أن أورد هذا الحديثُ في ترجمته:"لا يُتابَع عليه بهذا الإسنادِ، والرواية في تخليل اللحية فيها مقال"(ضعفاء العُقَيليّ 4/ 104).

وقد قيل: إن نافعًا هذا هو أبو هُرْمُزَ البصري، وأبو هُرْمُزَ ضعَّفَه أحمدُ وجماعة، وكذَّبه ابن مَعِينٍ مرَّةً، وقال أبو حاتم:"متروكٌ ذاهب الحديث"

ص: 214

وقال النَّسائيُّ: "ليس بثقة" انظر (اللسان 8/ 249).

الثانية: الانقطاع؛ محمد بن سيرين لم يسمع من ابن عبَّاسٍ؛ قال أحمد وابنُ المَدِينيِّ: "لم يسمع من ابن عبَّاسٍ شيئًا"، قال أحمد:"إنما يقول: نُبِّئْتُ عنِ ابنِ عبَّاسٍ"(جامع التحصيل 683).

وسَعْدان بن يحيى، اسمه: سعيد، وسَعْدان لقب، قال فيه الحافظ:"صدوقٌ وسَطٌ"(التقريب 2416).

وسُلَيمان هو ابن بنت شُرَحْبِيلَ الدِّمشقي، قال فيه الحافظ:"صدوقٌ يخْطئ"(التقريب 2588).

رِوَايَة: هَكَذا التَّطَهُّرُ

• وَفِي رِوَايَةٍ، قال ابنُ عبَّاسٍ رضي الله عنهما: دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَتَطَهَّرُ، وَبَيْنَ يَدَيْهِ إِنَاءٌ قَدْرَ المُدِّ - وَإِنْ زَادَ فَقَلَّ مَا يَزِيدُ، وَإِنْ نَقَصَ فَقَلَّ مَا يَنْقُصُ -، فَغَسَلَ يَدَيْهِ، وَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، وَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا، وَخَلَّلَ لِحْيَتَهُ، وَغَسَلَ ذِرَاعَيْهِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ وَأُذُنَيْهِ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ، وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ حَتَّى أَنْقَاهُمَا. فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَكَذَا التَّطَهُّرُ؟ قَالَ:«هَكَذَا أَمَرَنِي رَبِّي عز وجل» .

[الحكم]:

إسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا.

[التخريج]:

[طس 2277]

ص: 215

[السند]:

قال الطَّبَرانيُّ في (الأوسط): حدثنا أحمدُ بنُ إسماعيل الوَساوِسي البصري، قال: نا شَيْبان بن فَرُّوخ، قال: نا نافع أبو هُرْمُز، عن عطاء، عنِ ابنِ عبَّاسٍ، به.

وقال عَقِبَه: "لم يَروِ هذه اللفظةَ عن عطاء، عنِ ابنِ عبَّاسٍ، عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، في تخليل اللحية في الوضوء، إلا نافعٌ أبو هُرْمُز، تفرَّد به شَيْبانُ".

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه ثلاثُ عِلَلٍ:

الأولى: نافع أبو هُرْمُز؛ متروكٌ واهٍ، وقد سبقَ الكلامُ عليه.

الثانية: اضطراب نافع فيه، فمرة يرويه عن عطاء كما هنا، وأخرى يرويه عنِ ابنِ سيرين كما سبقَ.

الثالثة: جهالة حالِ أحمدَ بنِ إسماعيلَ الوَساوِسيِّ شيخِ الطَّبَرانيِّ، فقد ترجم له السَّمعانيُّ في (الأنساب 13/ 338)، والذَّهَبيُّ في (التاريخ 6/ 669)، ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا، وانظر (إرشاد القاصي والداني 73).

* * *

ص: 216

1705 -

حَدِيثُ جَابِرٍ:

◼ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما، قَالَ:«وَضَّأْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم غَيْرَ مَرَّةٍ، وَلَا مَرَّتَيْنِ، وَلَا ثَلَاثًا، وَلَا أَرْبَعًا، فَرَأَيتُهُ يُخَلِّلُ لِحْيَتَهُ بِأَصَابِعِهِ، كَأَنَّهَا أَنْيَابُ مُشْطٍ» .

[الحكم]:

إسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا. وَضَعَّفَهُ: أحمد، وابنُ عَدِيٍّ، وابنُ حزم، وابنُ سيِّدِ الناسِ، ومُغْلَطاي، وابنُ المُلَقِّنِ، وابنُ حَجَرٍ.

[التخريج]:

[علحم 1612/ عد (2/ 313) "واللفظُ له"/ خط (7/ 494) / ك (تاريخ- مُغْلَطاي 1/ 425) / علخ (مُغْلَطاي 1/ 425)]

[السند]:

أخرجه ابنُ عَدِيٍّ في (الكامل) قال: حدثنا عبدُ اللهِ بنُ محمد بن عبد العزيز، حدثنا سُرَيْج بن يونس، حدثنا أَصْرَمُ بنُ غِيَاثٍ الخُراسانيُّ، حدثنا مقاتِل بن حَيَّان، عن الحسن، عن جابرٍ، به.

ومدار الحديث عندهم على أَصْرَمَ بنِ غِياث، عن مقاتِل بن حَيَّان، به.

[التحقيق]:

هذا إسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه عِلَّتان:

الأولى: أَصْرَم بن غِياث؛ قال فيه أحمد والبُخاريُّ والدَّارَقُطنيُّ: "منكَرُ الحديثِ"، وقال النَّسائيُّ:"متروكُ الحديثِ"(ميزان الاعتدال 1/ 273).

وقال عبدُ اللهِ بنُ أحمدَ: "سمعت أبي يقول: شيخ من أهل نيسابورَ قَدِمَ علينا، فسمِعْتُه يحدِّث عن مقاتِل بن حَيَّان، عن الحسن، عن جابر: رَأَيتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ فَخَلَّلَ لِحْيَتَهُ بِأَصَابِعِهِ، كَأَنَّهَا أَنْيَابُ مُشْطٍ". ثُمَّ قال أبي: ما

ص: 217

أرى هذا الشيخَ كان بشيءٍ، ضعَّفَه جدًّا".

قال عبدُ اللهِ: "حدثناه بعض المشايخ قال: حدثنا أَصْرَمُ النَّيسابوريُّ، ذَكَر هذا الحديثُ"(العلل ومعرفة الرجال 1612).

قال مُهَنَّأ: سألت أحمدَ عن أَصْرَمَ بنِ غِياث، فقال: مِن أهل نيسابورَ، إلا أنه حدثنا عن مقاتل عن الحسن عن جابر. يعني: هذا الحديثُ، قال مُهَنَّأ:"وكتب عنه رُقعة، ثُمَّ خرَّقها، كانت فيها أحاديثُ منكَرة. قال: وكان أَصْرَمُ رجلًا له أدب، وفيه حسَب، لكن أحاديثه منكَرة"(شرح سنن ابن ماجَهْ لمُغْلَطاي 1/ 425 - 426).

وقال ابنُ عَدِيٍّ بعد ذكر هذا الحديثُ: "وأَصْرَمُ بن غِيَاثٍ هذا له أحاديثُ عن مقاتلٍ مناكِيرُ كما قاله البُخاريُّ والنَّسائيّ، وهو إلى الضعف أقرب منه إلى الصدق، وليس له كبيرُ حديث"(الكامل 2/ 313).

وبه ضعَّفَ الحديثَ ابنُ حزم؛ فقال: "وأما حديث جابر فهو من طريقِ أَصْرَمَ بنِ غِيَاث، وهو ساقطٌ الْبَتَّةَ، لا يُحتج به"(المحلى 2/ 37).

وقال ابنُ سيِّدِ الناسِ: "طريق لا مُعَوَّل عليها"(النفح الشذي 1/ 316). ونحوَه قال ابنُ المُلَقِّنِ في (البدر المنير 2/ 191).

الثانية: الانقطاع؛ فالحسن البصري لم يسمع من جابر بن عبد الله، كذا قال ابنُ مَعِينٍ - كما في (رواية الدوري 4258، 4599) و (رواية ابن مُحْرِز 661) و (رواية ابن الجُنَيد 180) -، وابنُ المَدِينيِّ في (العلل له 50)، وبَهْزُ بن أَسَد، وأبو زُرْعةَ، وأبو حاتم- كما في (المراسيل لابن أبي حاتم ص 36 - 37) -، وأبو داودَ في (رسالته إلى أهل مكة ص 30)، والنَّسائيّ في (السنن الكبرى 12/ 292)، والبَزَّارُ- كما في (شرح ابن ماجَهْ لمُغْلَطاي

ص: 218

1/ 196)، و (نصب الراية 1/ 91) -، والدَّارَقُطنيُّ في (العلل 3241)، وابنُ حِبَّانَ في (المجروحين 2/ 153)، والحاكمُ في (معرفة علوم الحديث ص 111)، وغيرهم.

الثالثة: مقاتل بن حَيَّانَ لا يُعرَفُ له سماعٌ من الحسن، وقد سأل مُهَنَّا - عَقِبَ هذا الحديثُ - الإمامَ أحمدَ: مقاتل بن حَيَّان، أسَمِع من الحسن؟ قال أحمد: لا أدري" (شرح سنن ابن ماجَهْ لمُغْلَطاي 1/ 425).

وبهذه العِلَلِ ضعَّفَ الحديثَ مُغْلَطايُ في (شرح سنن ابن ماجَهْ لمُغْلَطاي 1/ 425 - 426).

وقال الحافظُ: "وأَصْرَمُ متروكُ الحديثِ، وفي الإسناد انقطاعٌ أيضًا"(التلخيص الحبير 1/ 151).

ص: 219

1706 -

حَدِيثُ ابْنِ أَبِي أَوْفَى:

◼ عن عبدِ اللهِ بنِ أَبِي أَوْفَى الْأَسْلَمِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: أَنَّهُ قَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا أَبَا مُعَاوِيَةَ، كَيْفَ رَأَيْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ؟ قَالَ: فَتَوَضَّأَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، وَخَلَّلَ لِحْيَتَهُ فِي غَسْلِهِ وَجْهَهُ، ثُمَّ قَالَ:«هَكَذَا رَأَيتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ» .

[الحكم]:

إسناده ساقط.

[التخريج]:

[طب (نصب 1/ 25) / طهور 82 واللفظُ له، 311/ مُغْلَطاي (1/ 374)]

[السند]:

قال أبو عبيد في (الطهور 82): حدثنا مروان بن معاوية الفَزاري، عن أبي وَرْقاءَ العبدي، عن عبدِ اللهِ بن أبي أَوْفَى الأَسْلَمي، به.

ومدار الحديث عندهم على مروان بن معاوية الفَزاري، به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ساقطٌ؛ فيه أبو الوَرْقاءِ العَبْديُّ، وهو فائِد بن عبد الرحمن؛ قال فيه أحمد والنَّسائيّ:"متروكُ الحديثِ"، وقال ابنُ مَعِينٍ وأبو داودَ وغيرُهُما:"ليس بشيءٍ"، وقال البُخاريُّ:"منكَرُ الحديثِ"، وقال أبو حاتم وأبو زُرْعةَ:"لا يُشتغل به"، وقال أبو حاتم أيضًا: "ذاهب الحديث، لا يُكتب حديثُه، وكان عند مسلم بن إبراهيم عنه، وكان لا يحدِّث عنه، وكنا لا نسأله عنه، وأحاديثه عنِ ابنِ أبي أَوْفَى بواطيلُ، لا تكاد ترى لها أصلًا،

ص: 220

كأنه لا يشبه حديثَ ابنِ أبي أَوْفَى. ولو أن رجلًا حلَف أن عامة حديثِه كَذِبٌ، لم يَحْنَث" (الجرح والتعديل 7/ 84). وَضَعَّفَهُ غيرُ وَاحدٍ. انظر (تهذيب التهذيب 8/ 255 - 256).

ولذا قال الحافظُ: "متروك، اتَّهَموه"(التقريب 5373).

[تنبيه]:

هذا الحديثُ له رواية مختصرة عندَ ابنِ ماجَهْ (420) من طريقِ سفيان بن وكيع، عن عيسى بن يونس، عن فائد به دون ذكر التخليل، ولَمَّا ذكرها مُغْلَطاي في (شرح ابن ماجَهْ 1/ 374) أَعَلَّها بسفيان، ثُمَّ بفائد، لكنه زعم أن فائِدًا قد تُوبِع في سند ابن ماجَهْ من عبد الرحمن بن نِسْطاس، وتَعَقَّبَ على ابنِ عساكرَ وابنُ سرور والمِزِّيِّ في ترْكِهِما ذلك الأمر! ، ولذا لما ساق الحديثَ من طريقِ الطَّبَرانيِّ باللفظ المختصر ثُمَّ من طريقِ أبي عُبَيد باللفظ المُخَرَّجِ هنا، وكلاهما من طريقِ فائِد، قال مُغْلَطاي:"فصَحَّ إسنادُه على هذا"! ! .

وهذا فيه نظرٌ، فلو سلمنا له بما زعم من ذكر ابن نِسْطاس مع فائِد في سند ابن ماجَهْ، فلا يصح السند أيضًا؛ لأنه لم يَرِد إلا من روايةِ ابن وكيع، وهو متروك.

وقد رواه زُهير بن عَبَّاد عند الطَّبَرانيِّ في (الأوسط 9362).

وعليُّ بن بحر كما رواه مُغْلَطايُ نفْسُه (1/ 374).

كلاهما عن عيسى عن فائدٍ وحدَه.

فتبيَّن أن ذِكر ابن نِسْطاس لو ثبَت فهو مِن أخطاء ابن وكيع.

ص: 221

ثُمَّ أنَّ ابنَ نِسْطاس لم يذكر التخليلَ في روايتِهِ، وإنما ذكر من روايةِ ابن فائد فقط.

فأما ما زعمه من المتابعة فلم نجدْه في سنن ابن ماجَهْ المطبوع.

رِوَايَة: وَيُخَلِّلُ لِحْيَتَهُ مِنْ بَاطِنِهَا

• وَفِي رِوَايَةٍ، عن عبدِ اللهِ بنِ أَبِي أَوْفَى رضي الله عنه، أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ وُضُوءِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُؤْتَى بِقَعْبٍ فِيهِ مِنَ المَاءِ نَحْوٌ مِنَ المُدِّ، يَتَمَضْمَضُ ثَلَاثًا، وَيَسْتَنْشِقُ ثَلَاثًا، وَيَغْسِلُ وَجْهَهُ ثَلَاثًا، وَذِرَاعَيْهِ ثَلَاثًا، ثُمَّ يَمْسَحُ بِرَأْسِهِ وَيُخَلِّلُ لِحْيَتَهُ مِنْ بَاطِنِهَا، وَيَغْسِلُ رِجْلَيْهِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا» .

[الحكم]:

صحيحُ المتنِ، وإسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا، وَضَعَّفَهُ البُوصيري.

[التخريج]:

[عل (خيرة 561)].

[السند]:

قال (أبو يَعْلَى): حدثنا القَوَارِيريُّ، حدثنا يَزيد بن هارونَ، أنبأنا فائد بن عبد الرحمن، عن عبدِ اللهِ بن أبي أَوْفَى، به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه فائد بن عبد الرحمن، وقد سبقَ الكلامُ عليه في الروايةِ السابقةِ.

ص: 222

قال البُوصيري: "رواه ابنُ ماجَهْ في سننه باختصار من طريقِ فائد بن عبد الرحمن، وهو ضعيفٌ كما بيَّنْته في الكلام على زوائد ابن ماجَهْ".

قلنا: وستأتي روايةُ ابن ماجَهْ في باب: «مسح الرأس وصِفَته» .

رِوَايَة: يُخَلِّلُ لِحْيَتَهُ بِأَصَابِعِهِ ثَلَاثًا:

• وَفِي رِوَايَةٍ، عن عبدِ اللهِ بنِ أَبِي أَوْفَى رضي الله عنه:((أَنَّهُ رَأَىَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ))، وَفِيهِ:((فَمَسَحَ رَأْسَهُ وَاحِدَةً، وَيُخَلِّلُ لِحْيَتَهُ بِأَصَابِعِهِ ثَلَاثًا)).

[الحكم]:

إسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا.

[التخريج]:

[نسخة أبي أيُّوبَ سُلَيمان بن عبد الرحمن (نفح 1/ 315)، (بدر 2/ 192)]

[السند]:

قال ابنُ سيِّدِ الناسِ في (النفح الشذي 1/ 315) - وتَبِعَه ابن المُلَقِّنِ في (البدر المنير) -: في نسخة أبي أيُّوبَ سُلَيمان بن عبد الرحمن التَّيْميِّ، عن مروانَ بن معاوية الفَزاريِّ، نا فائد، عنِ ابنِ أبي أَوْفَى، فذكره.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه فائِدُ بن عبد الرحمن، وقد سبقَ الكلامُ عليه.

ص: 223

1707 -

حَدِيثُ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ

◼ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه، قَالَ:((رَأَيتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ، فَخَلَّلَ لِحْيَتَهُ)).

• وَفِي رِوَايَةٍ، بِلَفْظ:«أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا تَوَضَّأَ تَمَضْمَضَ، وَمَسَحَ لِحْيَتَهُ مِنْ تَحْتِهَا بِالمَاءِ» .

[الحكم]:

إسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا، وَضَعَّفَهُ العُقَيليّ، والبُوصيريُ.

[التخريج]:

تخريج السياق الأول: [جه 437 واللفظُ له/ طبر (8/ 177) / عق (4/ 150) / عد (10/ 288)].

تخريج السياق الثاني: [حم 23541 واللفظُ له/ حميد 218/ علت 20/ طبر (8/ 178) / شا 1137/ مع (خيرة 568)، (مصباح الزجاجة 1/ 64)].

[السند]:

أخرجه ابنُ ماجَهْ قال: حدثنا إسماعيل بن عبد الله الرَّقِّيُّ، حدثنا محمدُ بن ربيعة الكِلابيُّ، حدثنا واصل بن السائب الرَّقَاشيُّ، عن أبي سَوْرةَ، عن أبي أيُّوبَ الأنصاريِّ به. بلفظ السياق الأول.

وأخرجه أحمدُ: عن محمدِ بنِ عُبيد، عن واصِل، عن أبي سَوْرةَ، عن أبي أيُّوبَ، به. بلفظ السياق الثاني.

والحديثُ مداره عندَ الجميعِ على واصل بن السائب، به.

ص: 224

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه ثلاثُ عِلَلٍ:

الأولى: واصل بن السائب الرَّقَاشيّ؛ "ضعيف" كما في (التقريب 7383).

الثانية: أبو سَوْرَة: "ضعيف" كما في (التقريب 8154).

وأَعَلَّه العُقَيليّ بواصل، ثُمَّ قال:"والرواية في التخليل فيها لِينٌ، وفيها ما هو أصلح من هذا الإسناد"(الضُّعفاء الكبير 4/ 150).

وقال البُوصيري: "هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ لضعف أبي سَوْرةَ، وواصِلٍ الرَّقَاشيِّ"(مصباح الزجاجة 1/ 64)، وانظر (إتحاف الخيرة 1/ 336).

الثالثة: الانقطاع بين أبي سَوْرةَ وأبي أيُّوبَ؛ فقد قال البُخاريُّ: "لا يُعرَفُ له سماعٌ من أبي أيُّوبَ"(علل التِّرْمِذيّ الكبير 20).

وَصَحَّحَهُ الألبانيُّ بشواهده السابقة، فقال:"صحيح بما قبله"(صحيح ابن ماجَهْ 352).

[تنبيه]:

وقع في إسناد الطَّبَريِّ: "عن أبي سودة" بالدال المهملة بدلًا من الراء، وهو خطأ من شيخ الطَّبَريِّ (محمد بن إسماعيل الأَحْمَسي) كما أشار إليه الطَّبَريُّ نفْسُه؛ حيث قال:"هكذا قال الأَحْمَسيُّ".

* * *

ص: 225

رِوَايَة: مَا أَدْبَرَ مِنْ أُذُنَيْهِ

• وَفِي رِوَايَةٍ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا تَوَضَّأَ اسْتَنْشَقَ ثَلَاثًا، وَتَمَضْمَضَ وَأَدْخَلَ أُصْبُعَيْهِ فِي فَمِهِ، وَكَانَ يَبْلُغُ بِرَاحَتَيْهِ إِذَا غَسَلَ وَجْهَهُ مَا أَقْبَلَ مِنْ أُذُنَيْهِ، وَإِذَا مَسَحَ رَأْسَهُ مَسَحَ بِأُصْبُعَيْهِ مَا أَدْبَرَ مِنْ أُذُنَيْهِ مَعَ رَأْسِهِ، وَخَلَّلَ لِحْيَتَهُ» .

[الحكم]:

إسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا، وَضَعَّفَهُ الهيثميُّ.

[التخريج]:

[طب (4/ 178/ 4068)]

[السند]:

قال الطَّبَرانيُّ في (الكبير): حدثنا الحسين بن إسحاقَ التُّسْتَري، حدثنا سعيد بن يحيى الأُمَوي، حدثني أبي، عن واصِل بن السائب الرَّقَاشيِّ، عن أبي سَوْرةَ، عن أبي أيُّوبَ، به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه ثلاثُ عِلَلٍ سبق بيانُها فيما تقدم.

وهذه الرواية سبقت في باب: «ما ورد في إدخال الأصابع في الفم حين الوُضوء» .

ص: 226

1708 -

حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ:

◼ عنِ ابنِ عُمَرِ رضي الله عنهما، قَالَ:«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا تَوَضَّأَ عَرَكَ عَارِضَيْهِ بَعْضَ العَرْكِ، ثُمَّ شَبَكَ لِحْيَتَهُ بِأَصَابِعِهِ مِنْ تَحْتِهَا» .

[الحكم]:

إسنادُهُ ضعيفٌ معلول. وأَعَلَّه: أبو حاتم، والدَّارَقُطنيُّ، وعبد الحق، وابنُ حَجَرٍ. وَضَعَّفَهُ: ابنُ القَطَّانِ، والألبانيُّ.

[التخريج]:

[جه 436 واللفظُ له/ عد (8/ 350) / قط 374، 555/ كر (37/ 261) / كما (18/ 472، 473)].

[السند]:

قال (ابن ماجَهْ): حدثنا هشام بن عمار، حدثنا عبد الحميد بن حبيب، حدثنا الأَوْزَاعيُّ، حدثنا عبد الواحد بن قيس، حدثني نافع، عنِ ابنِ عُمرَ، به.

ومَدارُه عندَهم على هشام بن عمار، حدثنا عبد الحميد بن حبيب، حدثنا الأَوْزَاعيُّ، به.

[التحقيق]:

هذا الإسناد فيه ثلاثة رجال مختلَف فيهم، أوَّلُهم: هشام، والراجح أنه صدوقٌ، تغيَّرَ بأَخَرة.

والثاني: عبد الحميد بن حبيب، وهو ابن أبي العِشْرين كاتبُ الأَوْزَاعيِّ، ولخَّص حالَه الحافظُ فقال:"صدوقٌ، ربما أخطأ"(التقريب 3757).

قلنا: وقد خُولِف في سندِهِ كما سيأتي.

ص: 227

الثالث: عبد الواحد بن قيس، أبو حمزة الدمشقي؛ مختلَف فيه:

فَوَثَّقَهُ ابنُ مَعِينٍ - في رواية الدَّارِميّ عنه -، وَوَثَّقَهُ العِجْليّ، وذكره أبو زُرْعةَ الدمشقي في نفر ثقات، وقال ابنُ عَدِيٍّ:"أرجو أنه لا بأس به".

بينما سُئِل عنه الإمام أحمد فقال: "لا أدري، أخشى أن يكون حديثُه منكَرًا"(سؤالات أبي داودَ لأحمد 280). وقال ابنُ مَعِينٍ - في رواية الغَلابي -: "لم يكن بذاك، ولا قريب". وقال يحيى بن سعيد: "كان شِبْهَ لا شيء"، وقال أبو حاتم:"لا يُعجِبُني حديثُه"، وقال أيضًا:"يُكتَب حديثُه، وليس بالقوي"، وقال النَّسائيُّ:"ضعيف"، وقال ابنُ حِبَّانَ:"ينفرد بالمناكير عن المشاهير، [لا يُحتج به] "، وقال الحاكمُ أبو أحمد:"منكَرُ الحديثِ"، وذكره أبو بكر البَرْقانيُّ فيمَن وافَق عليه الدَّارَقُطنيُّ من المتروكين" (تهذيب التهذيب 6/ 439).

وقال الذَّهَبيُّ: "منكَرُ الحديثِ"(الكاشف 3507)، وقال الحافظُ:"صدوقٌ، له أوهام"(التقريب 4248).

وبه أَعَلَّه ابنُ القَطَّانِ، فقال:"وبعد هذا، فعلة الخبر هي غير ذلك، وهي ضعْفُ عبد الواحد بن قيس، راويه عن نافع عنِ ابنِ عُمر"(بيان الوهم 3/ 364).

قلنا: ولكنْ رَوَى عنه هنا الأَوْزَاعيّ، وقد قال ابنُ عَدِيٍّ - بعد أن خرَّج حديثَه هذا -:"وقد حدَّث الأَوْزَاعيُّ عن عبد الواحد هذا بغير حديث، وأرجو أنه لا بأس به؛ لأن في روايات الأَوْزَاعيِّ عنه استقامةً"(الكامل 8/ 350).

وقال ابنُ عساكر: "إذا رَوَى عنه الأَوْزَاعيُّ فهو صحيح"، ذكره مُغْلَطاي

ص: 228

مُتَعَقِّبًا به كلامَ ابنُ القَطَّانِ، (شرح ابن ماجَهْ 1/ 422).

وقد كان قال قبل ذلك: "هذا حديث رجال إسناده لا بأس بهم، وذكر الخَلَّالُ عن أحمدَ أنه أصح شيء في التخليل"(شرح سنن ابن ماجَهْ 1/ 421).

قلنا: إنْ سَلِمَ من الكلام في رجاله، فلن يسلم من الإعلال بالوقف، أو الإرسال:

فقد اختُلِف في إسنادِهِ على الأَوْزَاعيِّ رفعًا ووقفًا وإرسالًا. فأما المرفوع فقد سبقَ رواته، وأما الموقوف:

فقد أخرجه الدَّارَقُطنيُّ (375، 556) - ومن طريقِه البَيْهَقيُّ (253) -، قال: حدثني إسماعيل بن محمد الصَّفَّار، نا إبراهيم بن هانئ، نا أبو المغيرة، نا الأَوْزَاعي، نا عبد الواحد بن قيس، عن نافع:«أنَّ ابنَ عُمَرَ كَانَ إِذَا تَوَضَّأَ يَعْرُكُ عَارِضَيْهِ، وَيُشَبِّكُ لِحْيَتَهُ بِأَصَابِعِهِ أَحْيَانًا، وَيَتْرُكُ أَحْيَانًا» .

وأبو المغيرة، هو عبد القدوس بن الحَجَّاج، ثقة من رجال الشيخينِ، وقد رواه عن الأَوْزَاعيِّ موقوفًا على ابنِ عُمر، وهو أوثق من ابن أبي العِشْرين؛ ولذا قال الدَّارَقُطنيُّ:"وهو الصوابُ"، (السنن 375، 556)، و (العلل 2785).

وتَبِعَه عبد الحق في (الأحكام الوسطى 1/ 173).

وتَعقَّبَه ابنُ القَطَّانِ، فقال:"وقد يُظَن أن تعليله إياه هو ما ذَكَر من وقْفِه ورفْعِه، وليس ذلك بصحيح، فإنه إنما كان يصح أن يكون هذا علةً لو كان رافِعُه ضعيفًا، وواقِفُه ثقةً، ففي مثل هذا الحال كان يصدق قوله: "الصحيح موقوف من فعل ابن عُمر". أما إذا كان رافِعُه ثقةً، وواقِفُه ثقةً، فهذا لا

ص: 229

يضره، ولا هو علةٌ فيه. وهذا حال هذا الحديثُ، فإن رافِعَه عن الأَوْزَاعيِّ هو عبد الحميد بن حبيب بن أبي العِشْرين كاتِبُه، وواقِفُه عنه هو أبو المغيرة، وكلاهما ثقة، فالقضاء للواقف على الرافع يكون خطأً" (بيان الوهم 3/ 364).

وفي كلامه نظر؛ فإنهم قد يرجِّحون الموقوف على المرفوع لكثرة الواقفين، أو لتقديم مرتبة الواقف على الرافع، وبمِثْل هذا تَعَقَّبَه مُغْلَطايُ في (شرح ابنِ ماجَهْ 1/ 422).

قلنا: وقد اجتمع الأمران هنا، فمرتبة أبي المغيرة أعلى من مرتبة ابن حبيب كما ذكره مُغْلَطاي، وذكر الدَّارَقُطنيُّ أيضًا أن بَقيَّة بن الوليد، تابع أبا المغيرة على وقْفِه، ثُمَّ قال:"وهو الصحيح"(العلل 2895).

وتابَعَهما الوليدُ بن مسلم أيضًا؛ فقد رواه الطَّبَريُّ في (التفسير 8/ 174) من طريقِ الوليد بن مسلم عن الأَوْزَاعي، عن نافع به موقوفًا.

إلا أنه أسقط منه عبدَ الواحد بن قيس، والوليد يدلِّسُ ويُسَوِّي كما هو معروف، فلعله سوَّى إسنادَه.

ومما يؤيد وقْفَه أيضًا أمران:

الأول: ما أخرجه البَيْهَقيُّ (254) من طريقِ الوليد بن مَزْيَد، عن الأَوْزَاعيِّ، قال: حدثني عبد الله بن عامر، حدثني نافع، أنَّ ابنَ عُمرَ

به موقوفًا.

إلا أنه جعله من روايةِ ابن عامر بدلًا من ابن قيس، وابنُ عامر هو الأَسْلَمي؛ ضعيف.

الثاني: أنه قد صح عن نافع من طرق أنَّ ابنَ عُمرَ كان يُخَلِّلُ لحيتَه، هكذا

ص: 230

موقوفًا دون ذكر العَرْك والتشبيك. وممن رواه عن نافعٍ: عُبيدُ الله العُمَريُّ الثقة الثبْتُ. وقد رواه عنه غيرُ نافع أيضًا، وقد تقدم بيان ذلك تحتَ حديثِ ابن عُمرَ المُخَرَّجِ في باب تخليل الأصابع.

وهذا يُعِلُّ حديثَ عبدِ الواحدِ المرفوعَ سندًا ومتْنًا، والموقوفَ متْنًا. وقد ضعَّفَ ابنُ القَطَّانِ الموقوفَ أيضًا بعبد الواحد (بيان الوهم 3/ 364).

وأما الوجه المرسل:

فقد أخرجه الدَّارَقُطنيُّ (558) من طريقِ إسماعيل بن عبد الله بن سَمَاعة، حدثنا الأَوْزَاعيُّ، حدثني عبد الواحد بن قيس، عن قتادةَ ويزيدَ الرَّقَاشيِّ، به مرسَلًا.

وأخرجه الدَّارَقُطنيُّ (559) - ومن طريقِه (البَيْهَقيُّ 252) - بإسنادِهِ السابق نفْسِه، عن أبي المغيرة، ثنا الأَوْزَاعيُّ، حدثني عبد الواحد بن قيس، عن يَزيدَ الرَّقَاشيِّ، به مرسَلًا.

وقال الدَّارَقُطنيُّ أيضًا: "والمرسل هو الصواب"! .

وقال أبو حاتم الرَّازيّ: "رَوَى هذا الحديثَ الوليدُ، عن الأَوْزَاعيِّ، عن عبد الواحد، عن يَزيدَ الرَّقَاشيِّ وقتادةَ، قالا: كَأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم

وهو أَشْبَهُ" (العلل 1/ 485).

قال مُغْلَطاي: "وخالَف ذلك أبو أحمدَ ابنُ عَدِيٍّ، فصوَّب رفْعَه، وأظنُّ أن ذلك بسبب متابعة عبد الحميد المذكورةِ عند أبي القاسم في (الأوسط)

"، وذكر رواية مُؤَّمَلٍ، عن العُمَري، عن نافعٍ في تخليل اللحية والأصابع (شرح ابن ماجَهْ 1/ 421).

وقد خرَّجْناها في باب تخليل الأصابع، وبيَّنَّا ضعْفَ سندِها وإعلالَه

ص: 231

بالوقف أيضًا. وابنُ عَدِيٍّ لم يصرِّح بتصويب المرفوع فضلًا عن بيان الاختلاف أو التصحيح، وإنما أثنى فقط على روايات الأَوْزَاعيِّ عن عبد الواحد كما سبقَ.

وقال البَيْهَقيُّ عَقِبَ الرواية المرفوعة: "تفرَّد به عبد الواحد بن قيس، واختَلَفوا في عدالته، فَوَثَّقَهُ: يحيى بن مَعِينٍ. وأباه: يحيى بنُ سعيد القَطَّانُ، ومحمد بنُ إسماعيلَ البُخاريُّ"، ثُمَّ ذكر كلام الدَّارَقُطنيّ، وأقَرَّه (السنن الكبرى 1/ 169 - 170).

وقال الحافظُ: "عبد الواحد مختلَف فيه، واختُلِف فيه عن الأَوْزَاعيِّ، فقال عبد الحميد بن أبي العِشْرين هكذا، وخالَفَه أبو المغيرة، فرواه عن الأَوْزَاعيِّ بهذا السند موقوفًا. قال الدَّارَقُطنيُّ: وهو الصوابُ. وخالَفَهما الوليدُ فقال: عن الأَوْزَاعيِّ، عن عبد الواحد، عن يَزيدَ الرَّقَاشيِّ وقتادةَ مرسَلًا. حكاه ابن أبي حاتم في العِلَلِ"(التلخيص الحبير 1/ 152).

وقال الحافظُ: "ظاهره الصحة، لكنه معلول"(النكت الظراف 6/ 120).

وقال البُوصيري: "هذا إسناد فيه عبد الواحد وهو مختلَف فيه

"، ثُمَّ ذَكَر كلامَ أبي حاتم، وأَتْبَعَه بكلام الدَّارَقُطنيِّ، وأيَّده بقوله: "قلت: وكذا ابنُ أبي شَيْبةَ؛ ففي مصنَّفه من طريقِ نافع عنِ ابنِ عُمرَ" يعني: موقوفًا (مصباح الزجاجة 1/ 63)، وانظر (مصنَّف ابن أبي شَيبة 100، 102، 115، 37614، 37617).

ولذا ضعَّفَه الألبانيُّ في (ضعيف ابن ماجَهْ 90).

بينما صَحَّحَهُ ابنُ السَّكَنِ، قاله الحافظ في (التلخيص الحبير 1/ 152).

وكذا رمز له السُّيوطيُّ بالصحةِ في (الجامع الصغير 6626).

ص: 232

قلنا: وفيه وجْهٌ رابع عن الأَوْزَاعيّ:

فرواه عبدُ الله بن كثير بن ميمون، عن الأَوْزَاعيِّ، عن عبد الواحد بن قيس، حدثني قتادةُ ويزيدُ الرَّقَاشيُّ، عن أنس به. أخرجه الدَّارَقُطنيُّ (557).

فأسنده عن أنس، وهو غريب من هذا الوجه، وابنُ كثير صدوقٌ، لكنه يُغْرِب، والحديثُ مشهور عن الرَّقَاشيِّ عن أنس مرفوعًا في تخليل اللحية من غير هذا الطريق، وقد سبقَ.

رِوَايَة: وَأَصَابِعَ رِجْلَيْهِ

• وَفِي رِوَايَةٍ، عنِ ابنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:«أَنَّهُ كَانَ إِذَا تَوَضَّأَ خَلَّلَ لِحْيَتَهُ وَأَصَابِعَ رِجْلَيْهِ، وَيَزْعُمُ أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَفْعَلُ ذَلِكَ» .

[الحكم]:

إسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا. وَضَعَّفَهُ: ابن حِبَّانَ، وابنُ حَجَرٍ، وتَبِعَه الشَّوْكانيّ.

[التخريج]:

[طس 1363]

وقد سبقَ تحقيقُه في "باب: تخليل الأصابع".

ص: 233

رِوَايَةٌ مُخْتَصَرًا مُخْتَصَرَةٌ

• وَفِي رِوَايَةٍ مُخْتَصَرَةٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا تَوَضَّأَ خَلَّلَ لِحْيَتَهُ» .

[الحكم]:

إسنادُهُ ضعيفٌ، وأنكره ابن حِبَّانَ.

[التخريج]:

[مجر (1/ 499) معلقًا]

[السند]:

علقه ابن حِبَّانَ في (المجروحين): عن عبدِ اللهِ بن عمر العمري عن نافع عنِ ابنِ عمر به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ضعيفٌ معلول، وسبقَ الكلامُ عليه تحتَ حديثِ ابن عُمرَ المُخَرَّجِ في باب تخليل الأصابع.

ص: 234

1709 -

حَدِيثُ قَتَادَةَ وَيَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ مُرْسَلًا

◼ عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ، وَقَتَادَةَ:((أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا تَوَضَّأَ عَرَكَ عَارِضَيْهِ [بَعْضَ العَرْكِ]، وَشَبَكَ لِحْيَتَهُ بِأَصَابِعِهِ)).

[الحكم]:

ضعيف مرسل.

[التخريج]:

[طبر (8/ 178) / قط 558 "واللفظُ له"]

[السند]:

رواه الطَّبَريُّ في (التفسير 8/ 178) قال: حدثنا أبو الوليد، قال: ثنا الوليد، قال: ثنا أبو عَمرو، قال: أخبرني عبد الواحد بن قيس، عن يَزيدَ الرَّقَاشيِّ وقتادةَ، به.

ورواه الدَّارَقُطنيُّ في (السنن): من طريقِ إسماعيلَ بن عبد الله بن سَمَاعةَ، عن الأَوْزَاعيِّ، به.

فمدار الحديث عندهما على الأَوْزَاعيِّ، به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ فيه عِلَّتان:

الأولى: الإرسال.

الثانية: عبد الواحد بن قيس؛ مختلَفٌ فيه، وقد سبقَ الكلامُ عليه.

ص: 235

رِوَايَةُ يَزِيدَ - وَحْدَهُ - مُرْسَلًا:

• وَفِي رِوَايَةٍ، عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ - وَحْدَهُ - نَحْوَهُ. أي: المرسَل السابق عن يَزيدَ وقتادةَ.

[الحكم]:

ضعيف مرسل.

[التخريج]:

[قط 559/ هق 252].

[السند]:

أخرجه الدَّارَقُطنيُّ (559) - ومن طريقِه البَيْهَقيُّ (252) -، قال: حدثنا إسماعيل بن محمد الصَّفَّار، نا إبراهيم بن هانئ، نا أبو المغيرة، ثنا الأَوْزَاعيُّ، حدثني عبد الواحد بن قيس، عن يَزيدَ الرَّقَاشيِّ، به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ فيه ثلاثُ عِلَلٍ:

الأولى: الإرسال.

الثانية: يزيد بن أَبانَ الرَّقَاشيّ؛ قال الحافظُ: "ضعيف زاهد"(التقريب 7683).

الثالثة: عبد الواحد بن قيس؛ مختلَفٌ فيه، وقد سبقَ الكلامُ عليه.

ص: 236

1710 -

حَدِيثُ أَنَسٍ

◼ عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا تَوَضَّأَ عَرَكَ عَارِضَيْهِ بَعْضَ العَرْكِ، وَشَبَكَ لِحْيَتَهُ بِأَصَابِعِهِ» .

[الحكم]:

ضعيف معلول.

[التخريج]:

[قط 557]

[السند]:

قال (الدَّارَقُطنيُّ): حدثنا جعفر حدثنا المَعْمَريُّ، حدثنا داود بن رُشَيد، حدثنا عبدُ اللهِ بنُ كثير بن ميمون، عن الأوزاعيِّ، عن عبد الواحد بن قيس، قال: حدثني قَتادةُ ويَزيدُ الرَّقَاشيُّ، عن أنس بن مالكٍ، به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ عبد الواحد بن قيس؛ مختلَفٌ فيه، وقد سبقَ الكلامُ عليه.

والصواب في هذا الحديثِ إرسالُه أو وقْفُه، كما سبقَ بيانُه.

ص: 237

1711 -

حَدِيثُ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ مُرْسَلًا:

◼ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، نَحْوَهُ. أَيْ: نَحْوَ مُرْسَلِ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ، وَقَتَادَةَ، وَلَفْظُهُ:((أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا تَوَضَّأَ عَرَكَ عَارِضَيْهِ، وَشَبَكَ لِحْيَتَهُ بِأَصَابِعِهِ)).

[الحكم]:

مرسل ضعيف جدًّا.

[التخريج]:

[طبر (8/ 178)]

[السند]:

أخرجه الطَّبَريُّ في (تفسيره 8/ 178) - عَقِبَ مرسَلِ يزيدَ الرَّقَاشيِّ وقتادةَ -، قال: حدثنا أبو الوليد، قال: ثنا الوليد، قال: أخبرني أبو مَهْدِيِّ بنُ سِنان، عن أبي الزَّاهِرِية، عن جُبَير بن نُفَير، عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، نحوه.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه عِلَّتان:

الأولى: سعيد بن سِنان، وهو الشامي؛ قال الحافظُ:"متروك، ورماه الدَّارَقُطنيُّ وغيرُه بالوضع"(التقريب 2333).

الثانية: الإرسال؛ فجُبَيْرُ بن نُفَيْرٍ تابِعيٌّ من الثانية.

ص: 238

1712 -

حَدِيثُ أَبِي أُمَامَةَ

◼ عَنْ أَبِي غَالِبٍ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي أُمَامَةَ: أَخْبِرْنَا عَنْ وُضُوءِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. «فَتَوَضَّأَ ثَلَاثًا، وَخَلَّلَ لِحْيَتَهُ، وَقَالَ: هَكَذَا رَأَيتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَفْعَلُ» .

[الحكم]:

إسنادُهُ معلولٌ، وأشارَ إلى إعلاله البُخاريُّ، وضعَّف سندَه ابن حَجَر، وتَبِعَه العَيْنيُّ.

[التخريج]:

[ش 112 واللفظُ له، 37618/ طب (8/ 278/8070) مختصرًا/ تخ (6/ 160) مختصرًا/ طهور 317 مختصرًا/ طبر (8/ 177) مختصرًا/ متفق 1214 مختصرًا].

[السند]:

أخرجه ابنُ أبي شَيْبةَ في (المصنَّف 112) قال: حدثنا زيد بن الحُباب، عن عُمرَ بن سُلَيم الباهِليِّ

(1)

، قال: حدثني أبو غالب، به.

ومدار الحديث عندهم على زيد بن الحُباب، به.

[التحقيق]:

هذا إسناد رجاله مختلَفٌ فيهم؛ وأَحْسَنُهم حالًا زيدٌ، فهو حسن الحديث ما لم يخالف، يليه:

أبو غالب، صاحب أبي أُمامةَ رضي الله عنه، وَثَّقَهُ ابن مَعِينٍ (رواية الدَّارِميّ

(1)

وقع في مطبوع الطَّبَريِّ طبعة ابن تيمية، ونَصْب الرَّاية:"عمر بن سليمان" وفي المتفق والمفترق "عمرو بن سليم" وهو خطأ، والصواب ما أثبتناه؛ انظر ترجمته في كتب الرجال وباقي المصادر.

ص: 239

917)، وموسى بن هارون (تهذيب التهذيب 12/ 198)، وَوَثَّقَهُ الدَّارَقُطنيّ مرَّةً، وقال مرَّةً:"يُعتبَر به"(سؤالات البَرْقانيّ 115). وقال ابنُ عَدِيٍّ: "ولم أر في أحاديثه حديثًا منكَرًا جدًّا، وأرجو أنه لا بأس به".

بينما ضعَّفَه النَّسائيُّ وابنُ سعدٍ، وَليَّنَهُ أبو حاتم، وقال ابنُ حِبَّانَ:"لا يجوز الاحتجاجُ به إلا فيما وافَق الثِّقات"، (تهذيب التهذيب 12/ 197 - 198).

وقال الذَّهَبيُّ: "صالح الحديث، صَحَّحَ له التِّرْمِذيُّ"(الكاشف 6776).

وقال الحافظُ: "صدوقٌ يخطئ"(التقريب 8298).

وقال الألبانيُّ: "وفي أبي غالب خلافٌ لا ينزل حديثه عن رتبة الحسن"(الصحيحة 1/ 888).

ويليه: عُمر بن سُلَيم الباهلي، قال أبو زُرْعةَ:"صدوقٌ"، وقال أبو حاتم:"شيخ"(الجرح والتعديل 6/ 113)، وذكره ابنُ حِبَّانَ في (الثِّقات 7/ 176)، وقال العُقَيليُّ:"عن يوسفَ بنِ إبراهيم، جميعًا غير مشهورين بالنقل، ويحدِّثان بالمناكير"(الضُّعفاء 3/ 29).

قلنا: ولكن يوسف بن إبراهيم - وهو الواسِطيُّ - متَّفَقٌ على ضعفه، فلعل المناكير منه لا من عُمر، والله أعلم.

وقال مُغْلَطاي: "حالُه مختلَف فيها"(شرح ابن ماجَهْ 1/ 426)، وقال الحافظُ:"صدوقٌ، له أوهام"(التقريب 4911).

وقد قال ابنُ المُلَقِّنِ: "إسناد هذا الطريق حسن"(البدر المنير 2/ 190).

بينما قال الحافظُ: "إسنادُهُ ضعيفٌ"(التلخيص الحبير 1/ 151)، وتَبِعَه

ص: 240

العَيْنيُّ في (البناية 1/ 224).

قلنا: وقد اختُلِف على أبي غالب في رفعه،

فرواه آدم أبو عَبَّاد، عن أبي غالب: رَأَى أَبَا أُمَامَةَ رضي الله عنه يُخَلِّلُ لِحْيَتَهُ، وَكَانَتْ رَقِيقَةً.

رواه البُخاريُّ معلَّقًا في (التاريخ 6/ 161) عَقِبَ رواية عُمر بن سُلَيم، وكأنه يُعِلُّها بالوقف.

وآدم هو ابن الحَكَم صاحب الكَرابِيسي، قال ابنُ مَعِينٍ - في رواية الكَوْسَج -:"صالح"، وقال أبو حاتم:"ما أرى بحديثه بأسًا"(الجرح والتعديل 2/ 267)، وذكره ابنُ حِبَّانَ في (الثِّقات 6/ 80).

بينما قال ابنُ المَدِينيِّ: "ضعيف ضعيف"(سؤلات ابن أبي شَيْبةَ 41)، وروى ابن البَرْقي، عنِ ابنِ مَعِينٍ أنه قال فيه:"لا شيء"(اللسان 944).

[تنبيه]:

قال الهيثميُّ: "رواه الطَّبَرانيُّ في الكبير، وفيه الصَّلْتُ بن دينار، وهو متروك"(المجمع 1204).

قال أحمد شاكر: "فهذا إسنادٌ آخَرُ للطَّبرانيِّ فيما يظهر غيرُ الذي خرَّجه الزَّيْلَعيُّ في نَصْب الراية"(تحقيق الطَّبَريّ 11414).

قلنا: الإسناد الذي فيه "الصَّلْت بن دينار" في (المعجم الكبير للطبراني 8071)، خلْفَ إسنادِ الحديث يلي حديثَ الباب مباشرة! ؛ فالظاهر أن الهيثميُّ انتَقل بصرُه إليه.

ص: 241

1713 -

حَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ

◼ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا تَوَضَّأَ خَلَّلَ لِحْيَتَهُ» .

[الحكم]:

إسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا. وَضَعَّفَهُ: أبو بكر بنُ أبي شَيْبةَ، والعُقَيليُّ، وابنُ حزم، والزَّيْلَعيُّ، ومُغْلَطاي، والبُوصيريُ، وابنُ حَجَرٍ.

[التخريج]:

[طب (23/ 298/ 664) واللفظُ له/ مش (خيرة 569) / طبر (8/ 177) / عق (1/ 564) / عد (4/ 281) / مخلدي (ق 284/أ)].

[التحقيق]:

الحديث له طريقان:

الأول:

أخرجه الطَّبَرانيُّ في (الكبير) قال: حدثنا عبدُ اللهِ بنُ أحمدَ بن حَنبَل، ثنا أبو الربيع الزَّهراني، ثنا أبو معاوية، عن خالد بن إلياس، عن عبدِ اللهِ بن رافع، عن أمِّ سَلَمةَ، به.

وقال أبو بكر بن أبي شَيْبةَ في (المسند): حدثنا الفضل بن دُكَيْن، حدثنا خالدُ بنُ إياس - قال أبو بكر: وكان ضعيفًا -، عن عبدِ اللهِ بن رافع، قال: بعثني مروانُ إلى أمّ سَلَمةَ، فقالت:

الحديثَ.

ورواه الطَّبَريُّ والعُقَيليُّ والمَخْلَديُّ، من طرق، عن خالد بن إلياسَ، به.

وهذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه خالدُ بن إلياس، ويقال:"ابن إياس"؛ قال فيه الحافظ: "متروكُ الحديثِ"(التقريب 1617).

وبه أَعَلَّه العُقَيليُّ، فذكره في ترجمته من الضُّعفاء، ثُمَّ قال: "لا يُتابَع

ص: 242

عليه، وفي تخليل اللحية أحاديثُ ليِّنةُ الأسانيد، وفيها ما هو أحسنُ مَخْرَجًا من هذا" (الضُّعفاء 1/ 564).

ولذا قال الزَّيْلَعيُّ: "رواه العُقَيليّ في ضعفائه، وأَعَلَّه بخالد بن إلياسَ العَدَويِّ، وقال: "إنه منكَرُ الحديثِ"، (نصب الراية 1/ 26).

وقال ابنُ حزم: "وأما حديث أمِّ سَلَمةَ فهو من طريقِ خالد بن إلياس

وهو ساقطٌ منكَرُ الحديثِ" (المحلَّى 2/ 36)، وأقَرَّه مُغْلَطاي في (شرح ابن ماجَهْ 1/ 426).

وقال البُوصيري - بعد أن خرَّجه، معلِّقًا على قولِ ابن أبي شَيْبةَ:"وكان ضعيفًا" -: "وَضَعَّفَهُ أيضًا: ابنُ مَعِينٍ، وأحمدُ بن حَنبَل، وأبو حاتم، والبُخاريُّ، وأبو داودَ، والتِّرْمِذيُّ، وابنُ شاهين، والسَّاجيُّ، وغيرُهُم. وقال ابنُ حِبَّانَ والحاكمُ: يروي الموضوعات"(إتحاف الخيرة 1/ 336).

وقال الحافظُ: "وفي إسنادِهِ خالدُ بن إلياس، وهو منكَرُ الحديثِ"(التلخيص الحبير 1/ 150).

وأما الهيثميُّ فقال: "رواه الطَّبَرانيُّ في الكبير، وفيه خالد بن إلياس، ولم أر مَن ترجمهُ"(مجمع الزوائد 1203)

(1)

.

الطريق الثاني:

رواه ابنُ عَدِيٍّ في (الكامل 4/ 281)، قال: حدثنا محمدُ بن محمد بن سُلَيمان الباغَنْدي، حدثنا أحمدُ بنُ محمد بن سَوَّار، حدثنا أبو أحمدَ

(1)

كذا قال في هذا الموضع، وذكره في مواضعَ أخرى وقال:"وهو متروك"، انظر (المجمع 2452، 3223، 3224) وغيرها.

ص: 243

الزُّبَيريُّ، عن خالد بن سلمة، عن عبدِ اللهِ بن رافع، عن أمّ سَلَمةَ، به.

وهذا إسناد منكَرٌ؛ ذكره ابنُ عَدِيٍّ في ترجمة خالد بن سلَمةَ الفَأْفَاء، ثُمَّ قال:"ولخالد بن سلمةَ غيرُ ما ذكرتُ من الحديث، وهو في عِداد مَن يُجمَع حديثُه، وحديثه قليل، ولا أرى برواياته بأسًا"(الكامل 4/ 281).

قلنا: والفَأْفَاءُ "صدوقٌ، رُمِي بالإرجاء والنصب"، ولكن الحديث لا يُعرَفُ به، إنما يُعْرَف بخالد بن إلياس، فالظاهر أن أحدهم أخطأ في اسمه، أو صحَّفه، ومِثْلُ هذا يُعرَف عن محمد الباغَندي؛ فقد قال فيه الإسماعيلي:"لا أتَّهِمه، ولكنه خبيث التدليس، ومصحِّف أيضًا". وقال الدَّارَقُطنيُّ: "مخلِّط، مدلِّس

وهو كثير الخطإِ". وكذَّبَه بعضُهم. وذكر الخطيب وغيرُه أنه يُخرَّج في الصحيح، وقال الذَّهَبيُّ: "هو صدوقٌ من بحور الحديث" (اللسان 7/ 473 - 474).

وشيخه أحمد بن محمد بن سَوَّار لم نجدْ مَن ترجمهُ، ونخشى أن يكون مصحَّفًا أيضًا، وأن صوابه:"جعفر" بن محمد بن سَوَّار الحافظ النَّيسابوري.

وعل كلٍّ فلا يمكن أن يتقوَّى بالطريق الأول؛ لشدة ضعفِه؛ ولاحتمال أن هذا أن يكون هذا مردُّه إلى الأول، كما أشرنا.

* * *

ص: 244

1714 -

حَدِيثُ أَبِي الدَّرْدَاءِ

• عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه، قَالَ:«تَوَضَّأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَخَلَّلَ لِحْيَتَهُ [مَرَّتَيْنِ] 1 بِفَضْلِ وَضُوئِهِ، وَمَسَحَ رَأْسَهُ بِفَضْلِ ذِرَاعَيْهِ [، وَلَمْ يَسْتَأْنِفِ لَهُمَا مَاءً] 2، [وَقَالَ: هَكَذَا أَمَرَنِي رَبِّي عز وجل] 3» .

[الحكم]:

إسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا، وأنكره ابنُ عَدِيٍّ، وَضَعَّفَهُ البَيْهَقيُّ، وابنُ حَجَرٍ.

[التخريج]:

[طب (نصب 1/ 25)، (مجمع 1205) واللفظُ له/ عد (2/ 554) والزيادة الأولى والثالثة له/ مرداس (حديث- ق 56/ب) والزيادة الثانية له/ مرداس (منتقى- ق 31/ب) / هقخ 873 بدون ذكر (فخلل لحيته) / مسند أبي إسحاق ابن عبيد الشَّهْرَزُوري (مُغْلَطاي 1/ 427)].

[السند]:

أخرجه (ابن عَدِيٍّ) قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم الغَزِّي، حدثنا محمدُ بن أبي السَّري، حدثنا مُبَشِّر بن إسماعيل، عن تَمَّام بن نَجِيح، عن الحسن، عن أبي الدَّرداء، به.

وأخرجه (البَيْهَقيُّ) من طريقِ مُبَشِّر بن إسماعيلَ، به.

وقد تُوبِع:

فأخرجه الطَّبَرانيُّ في (الكبير) - كما في (نصب الراية) -، وإبراهيم بن محمد بن عُبيد، أبو إسحاق الشَّهْرَزُوريُّ الحافظ - كما في (شرح ابن ماجَهْ لمُغْلَطاي 1/ 427) -، وخالد بن مِرْداس السَّرَّاج: من طريقِ إسماعيلَ بنِ

ص: 245

عَيَّاش، عن تَمَّام بن نَجِيح الأَسَديِّ

(1)

، به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه عِلَّتان:

الأولى: تمَّام بن نَجِيح، قال فيه البُخاريُّ:"رَوَى عنه مُبَشِّرُ بن إسماعيل. فيه نظرٌ"(التاريخ الكبير 2/ 157)، وقال أبو حاتم:"منكَرُ الحديثِ ذاهب"(الجرح والتعديل 2/ 445). وقصَّر الحافظُ، فقال:"ضعيف"(التقريب 798).

وبه أَعَلَّه ابن عَدِيٍّ، فقال بعد أن خرَّجه:"وهذا الحديثُ إنما يعرف بتمَّام، عن الحسن. على أنه قد رواه غيرُهُ. ولتمَّامٍ غيرُ ما ذكرتُ من الروايات شيءٌ يسير، وعامة ما يرويه لا يُتابِعُه الثِّقاتُ عليه"(الكامل 2/ 554).

وقال ابنُ حَجَرٍ: "وفي إسنادِهِ تمَّام بنُ نَجِيح، وهو ليِّن الحديث"! ! (التلخيص 1/ 148).

وقال الهيثميُّ: "رواه الطَّبَرانيُّ في الكبير، وفيه تمَّام بن نَجِيح، وقد ضعَّفَه البُخاريُّ وجماعة، وَوَثَّقَهُ يحيى بن مَعِينٍ"(مجمع الزوائد 1205).

الثانية: الانقطاع؛ الحسن البصري لم يسمع من أبي الدَّرداء؛ قال أبو زُرْعةَ: "الحسن عن أبي الدرداءِ مرسَلٌ"، انظر (جامع التحصيل 135).

وقال البَيْهَقيُّ: "وقد رُوِيَ فيه عن أبي الدرداء عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وإسنادُهُ ضعيفٌ"(السنن الكبرى 2/ 218).

(1)

وقع عند الطَّبَرانيّ كما في نصب الراية: "تَمَّامِ بن نجيح الدستوي" وهو خطأ، والصواب ما أثبتناه، وانظر حديث خالد بن مرداس السراج وترجمته في (تهذيب 1/ 510)

ص: 246

1715 -

حَدِيثُ عَلِيٍّ:

◼ عَنْ أبي البَخْتَريِّ الطَّائِيِّ، قَالَ: رَأَيتُ عَلِيًّا رضي الله عنه يُخَلِّلُ لِحْيَتَهُ إِذَا تَوَضَّأَ، وَيَقُولُ:«هَكَذَا رَأَيتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَفْعَلُ» .

[الحكم]:

إسنادُهُ ضعيفٌ. وَضَعَّفَهُ: مُغْلَطاي، وابنُ حَجَرٍ - وتَبِعَه الشَّوْكانيُّ -.

[التخريج]:

[جريه 52]

[السند]:

قال الطَّبَرانيُّ - في جزء (ما انتقاه ابن مَرْدُويَهْ من حديثه) -: حدثنا يحيى بن عُثْمَانَ، حدثنا زكريا بن عبد الخالق الواسِطي، حدثنا هُشَيم بن بَشِير، عن منصور بن زَاذانَ، عن أبي البَخْتَريِّ الطائي، به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ فيه ثلاثُ عِلَلٍ:

الأولى: الانقطاع بين أبي البَخْتَريِّ وعليٍّ - رضى الله عنه-؛ قال العَلَائيُّ: "كثير الإرسال عن عُمرَ وعليٍّ وابنُ مسعود وحُذَيفةَ وغيرِهم رضي الله عنهم. قال شُعبة: "كان أبو إسحاقَ - يعني: السَّبِيعيَّ - أكبرَ من أبي البَخْتَريِّ، ولم يُدرِك أبو البَخْتَريِّ عليًّا ولم يَرَه"، وكذلك قال البُخاريُّ وأبو زُرْعةَ وغيرُهُما"(جامع التحصيل 1/ 183).

قلنا: وفي (المراسيل لابن أبي حاتم 259) قال: سمِعتُ أبي يقول: أبو البَخْتَريِّ كوفيٌّ، قُتِل في الجَماجِم، لم يَسمع من عليٍّ ولم يُدْرِكه".

وبهذا أَعَلَّه مُغْلَطايُ في (شرح ابن ماجَهْ 1/ 425).

ص: 247

أما قولُه في المتنِ: ((رَأَيتُ عَلِيًّا)) فلعله وهَمٌ من بعض رواته.

الثانية: هُشَيم بن بَشِير، وهو وإن كان ثقة فإنه مدلِّسٌ، وقد عنعنه.

الثالثة: زكريا بن عبد الخالق الواسطي؛ لم نجدْ له ترجمةً.

الرابعة: يحيى بن عُثْمَانَ بن صالح السَّهمي، تُكُلِّم فيه؛ لأنه يحدِّث من غير كتبه. انظر (تهذيب التهذيب 11/ 257)، و (إرشاد القاصي والداني 1129). وفي (التقريب 7605):"صدوقٌ، رُمِي بالتشيُّع، وَليَّنَهُ بعضُهم لكونِه حدَّث من غير أصْلِه".

ولذا قال الحافظُ ابنُ حَجَر: "إسنادُهُ ضعيفٌ ومنقطع"(التلخيص 1/ 151)، وتَبِعَه الشَّوْكانيُّ في (نيل الأوطار 1/ 189).

ص: 248

1716 -

حَدِيثٌ آخَرُ عَنْ عَلِيٍّ

◼ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه، قَالَ:((كُنْتُ أُوَضِّئُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ، فَلَمْ يَكُنْ يَدَعُ نَضْحَ غَابَتِهِ ثَلَاثًا تَحْتَ ذَقْنِهِ)). قَالَ حُسَيْنٌ: قُلْتُ لِجَعْفَرٍ: مَا الْغَابَةُ؟ فَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى بَطْنِ لِحْيَتِهِ.

[الحكم]:

إسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا.

[التخريج]:

[متفق 588]

[السند]:

رواه الخطيب البغدادي: من طريقِ أبي بكر الشافعي - صاحب كتاب (الغَيلانيات) -، قال: حدثنا عبدُ اللهِ بنُ محمد بن ناجيةَ، حدثني زيد بن عليِّ بن الحسين بن زيد بن عليٍّ، حدثني عليُّ بن جعفر بن محمد، (عن)

(1)

حسين بن زيد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن عليٍّ، به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه عِلَل:

الأولى: الانقطاع؛ فإن جد جعفر بن محمد - وهو: زين العابدين عليُّ بن الحسين بن عليِّ بن أبي طالب - لم يسمع من جده عليٍّ رضي الله عنه؛ ولذا قال المِزِّيُّ - عَقِبَ ذكره روايتَه عن جده -: "مرسَل"(تهذيب الكمال 20/ 383).

الثانية: زيد بن عليِّ بن الحُسين بن زيد بن عليِّ بن الحُسين أبو الحسين الأصغر؛ قال عنه الحافظ: "مقبولٌ"(التقريب 2150).

(1)

- في المطبوع: "بن"، وهو خطأ، والصواب المثبَت، وقد جاء ذكر حُسينٍ هذا في آخر الرواية؛ مما يؤكِّد ما ذكرنا.

ص: 249

الثالثة: عليُّ بن جعفر بن محمد بن عليِّ بن الحُسين بن عليٍّ؛ قال عنه الحافظ: "مقبولٌ"(التقريب 4699).

الرابعة: الحُسين بن زيد بن عليٍّ؛ قال ابنُ المَدِينيِّ: "فيه ضعفٌ"، وقال ابنُ مَعِينٍ:"لَقِيتُه، ولم أسمع منه، وليس بشيءٍ". وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم: قلت لأبي: ما تقول فيه؟ فحَرَّك يده وقلبها، يعني: تَعرِف وتُنكِر". وقال ابنُ عَدِيٍّ: "أرجو أنه لا بأس به، إلا أني وجدتُ في حديثِه بعض النكرة". وَوَثَّقَهُ الدَّارَقُطنيُّ، انظر (تهذيب التهذيب 2/ 339)، وقال الحافظُ: "صدوقٌ، ربما أخطأ" (التقريب 1321).

وأما عبد الله بن محمد بن ناجية: فـ"ثقة ثبت"(تاريخ بغداد 10/ 103).

وجعفر بن محمد هو الصادق، وأبوه هو أبو جعفر الباقِر، وجدُّه هو زين العابدين عليُّ بن الحسين بن عليٍّ رضي الله عنهم جميعًا.

وقد أخرجه أبو بكر الشافعي في كتابه (الغَيلانيات 85) من وجهٍ آخَرَ، فقال: حدثنا عبدُ اللهِ بنُ ناجية، حدثنا عَبَّاد بن يعقوب، حدثنا ابن زيد بن عليٍّ، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن عليٍّ رضي الله عنه، قال: "وَضَّأْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَنَضَحَ عَانَتَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ».

هكذا وقع في المطبوع: "عانته" بالمهملة والنون، والظاهر أنها محرَّفةٌ من "غابته" المفسَّرَةِ هنا بباطن اللحية.

وقد ذكرنا هذه الرواية في باب: "نضح الفرج بعد الوضوء"، وأشرنا هناك إلى احتمال كونها محرَّفةً من هذه الرواية، والله أعلم.

ص: 250

1717 -

حَدِيثُ كَعْبِ بْنِ عَمْرٍو:

◼ عَنْ كَعْبِ بْنِ عَمْرٍو - أَوْ عَمْرِو بْنِ كَعْبٍ -، قَالَ:«رَأَيتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ، فَمَسَحَ بَاطِنَ لِحْيَتَهُ، وَقَفَاهُ» .

[الحكم]:

ضعيف. وَضَعَّفَهُ: عبد الحق، وابنُ القَطَّانِ.

[التخريج]:

[طب (19/ 181/ 412) واللفظُ له/ قا (2/ 221) / صحا 5832/ سكنص (وهم 3/ 316)، (إمام 1/ 549، 584، 585)]

[السند]:

قال (الطَّبَرانيّ): حدثنا محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحَضْرمي، ثنا أحمدُ بنُ مُصَرِّف بن عمرٍو اليامِيُّ، حدثني أبي مُصَرِّف بن عَمرِو بن السَّرِيِّ بن مُصَرِّف بن كعب بن عَمرٍو، عن أبيه، عن جده، يَبْلُغ به عن كعب بن عَمرٍو

(1)

، به.

ومدار الحديث عندهم على أحمدَ بنِ مُصَرِّف بن عمرو عن أبيه

به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ فيه ثلاثُ عِلَلٍ:

الأولى والثانية: عَمرو بن السَّرِي بن مُصَرِّف، وأبوه السَّرِيُّ؛ مجهولان لا يُعرَفُان؛ ولذا قال عبد الحق بعد أن ذكر الحديث:"وهذا الإسناد لا أعرفه، وكتبتُه حتى أسأل عنه إن شاء الله تعالى" (بيان الوهم والإيهام 3/

(1)

- كذا عند الطَّبَرانيّ وأبي نُعَيم، لكن ذكره ابن قانِع في ترجمة "عَمرو بن كَعْبٍ"، ووقع في إسناد كتاب الحروف لابن السَّكَن كما في (بيان الوهم والإيهام 3/ 316)"عَمرو بن كَعْب" أيضًا.

ص: 251

316).

وقال ابنُ القَطَّانِ: "ومُصَرِّف بن عَمرو بن السَّرِي، وأبوه عَمرو، وجدُّه السَّرِي؛ لا يُعرَفُون"(بيان الوهم والإيهام 3/ 319).

قلنا: وقول ابنُ القَطَّانِ في مُصَرِّف بن عمرو: "لا يُعرَفُ" لا يصح؛ فإن مُصَرِّفَ بن عَمرٍو "ثقةٌ" كما في (التقريب 6684).

وترجم ابن أبي حاتم في كتابه لـ"سَرِيِّ بنِ مُصَرِّف"، وقال:"كوفيٌّ، رَوَى عن الشَّعبي، رَوَى عنه أبو نُعَيمٍ وأيوبُ بنُ سُوَيد"، وقال:"سمِعتُ أبي يقول ذلك، وقال: لم يكن صاحبَ حديث"(الجرح والتعديل 4/ 284).

فلا ندري أهو صاحبُ هذا الحديثُ أم غيرُه.

الثالثة: انقطاعه بين السَّرِيِّ بنِ مُصَرِّف بن كعب بن عَمرو، وجدِّه كعبِ بنِ عَمرٍو، وذلك ظاهر من قوله:"يبلغ به عن كعب"، قال ابنُ القَطَّانِ:"وسماعُه منه لا يُعرَفُ، بل ولا تعاصُرُهما، فالجميع لا يصح، فاعلم ذلك"(بيان الوهم والإيهام 3/ 319).

وانظر حديث طلحةَ بنِ مُصَرِّفٍ عن أبيه عن جده، في باب الفصل بين المضمضة والاستنشاق.

ص: 252

1719 -

حَدِيثُ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ:

◼ عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ رضي الله عنه، قال: حَضَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ أُتِيَ بِإِنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ، فَأَكْفَأَ عَلَى يَمِينِهِ ثَلَاثًا، ثُمَّ غَمَسَ يَمِينَهُ في الإِنَاءِ فَأَفَاضَ بِهَا عَلَى اليُسْرَى ثَلَاثًا، ثُمَّ غَمَسَ اليُمْنَى فِي المَاءِ فَحَفَنَ حَفْنَةً مِنْ مَاءٍ فَتَمَضْمَضَ بِهَا وَاسْتَنْشَقَ وَاسْتَنْثَرَ ثَلَاثًا، ثُمَّ أَدْخَلَ كَفَّيْهِ فِي الإِنَاءِ فَحَمَلَ بِهِمَا مَاءً فَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا، وَخَلَّلَ لِحْيَتَهُ وَمَسَحَ (وَغَسَلَ) بَاطِنَ أُذُنَيْهِ، ثُمَّ أَدْخَلَ خِنْصَرَهُ (أُصْبُعَيْهِ) فِي دَاخِلِ أُذُنِهِ لِيُبَلِّغَ المَاءَ، ثُمَّ مَسَحَ [ظَاهِرَ] رَقَبَتِهِ وَبَاطِنَ لِحْيَتِهِ [ثَلَاثًا] مِنْ فَضْلِ مَاءِ الوَجْهِ، [ثُمَّ أَدْخَلَ يَمِينَهُ فِي المَاءِ] وَغَسَلَ ذِرَاعَهُ اليُمْنَى ثَلَاثًا حَتَّى مَا وَرَاءَ المِرْفَقِ (حَتَّى جَاوَزَ المِرْفَقَ)، وَغَسَلَ اليُسْرَى مِثْلَ ذَلِكَ بِاليُمْنَى حَتَّى جَاوَزَ المِرْفَقَ، ثُمَّ مَسَحَ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثًا، وَمَسَحَ ظَاهِرَ أُذُنَيْهِ [ثَلَاثًا]، وَمَسَحَ [ظَاهِرَ] رَقَبَتِهِ وَبَاطِنَ لِحْيَتِهِ (وَأَظُنُّهُ قَالَ: وَظَاهِرَ لِحْيَتِهِ ثَلَاثًا) بِفَضْلِ مَاءِ الرَّأْسِ، ثُمَّ غَسَلَ [بِيَمِينِهِ] قَدَمَهُ اليُمْنَى ثَلَاثًا، وَخَلَّلَ أَصَابِعَهَا، وَجَاوَزَ بِالمَاءِ الْكَعْبَ، وَرَفَعَ فِي السَّاقِ المَاءَ، ثُمَّ فَعَلَ فِي اليُسْرَى مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ أَخَذَ حَفْنَةً مِنْ مَاءٍ بِيَدِهِ اليُمْنَى [فَمَلَأَ بِهَا يَدَهُ] فَوَضَعَهُ عَلَى رَأْسِهِ حَتَّى تَحَدَّرَ [المَاءُ] مِنْ جَوَانِبِ رَأْسِهِ، وَقَالَ: هَذَا تَمَامُ الوُضُوءِ، [وَلَمْ أَرَهُ تَنَشَّفَ بِثَوْبٍ]

الحَدِيثَ، وَتَقَدَّمَ بِطُولِهِ.

[الحكم]:

منكر بهذه السِّياقة، وأنكره ابنُ القَطَّانِ، وإسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا، وَضَعَّفَهُ: عبدُ الحَقِّ الإشبيليُّ، وابنُ القَطَّانِ، وابنُ دقيق، والهيثميُّ، والزَّيْلَعيُّ.

ص: 254

[التخريج]:

[بز 4488 "والروايات والزيادة كلها له"/ طب (22/ 49/ 118) "واللفظُ له"/ ..... ]

سَبَق تخريجه وتحقيقُه في باب: "جامع في صفة الوُضوء".

ص: 255

1720 -

حَدِيثُ عبدِ اللهِ بنِ عُكْبَرَةَ

◼ عن عبدِ اللهِ بنِ عُكْبَرَةَ [وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ]، قَالَ:«التَّخَلُّلُ سُنَّةٌ» .

• وَفِي رِوَايَةٍ، بِلَفْظ:((التَّخَلُّلُ مِنَ السُّنَّةِ)).

[الحكم]:

إسنادُهُ ضعيفٌ، وَضَعَّفَهُ: ابنُ مَنْدَهْ، وأبو نُعَيمٍ، والهيثميُّ، وابنُ حَجَرٍ، والعَيْنيُّ، والشَّوْكانيُّ.

[التخريج]:

[طس 7639 واللفظُ له/ طص 941 والزيادة له ولغيرِهِ/ مقط (3/ 1730) / صحا 4422 والرواية له ولغيرِهِ/ صمند (أسد 3/ 335، إصا 6/ 289، توضيح المشتبه 6/ 316) / عسكر (صحابة- أسد 3/ 335، إصا 6/ 289)]

[السند]:

قال الطَّبَرانيُّ في (الأوسط) و (الصغير): حدثنا محمدُ بن سَعْدانَ [الشِّيرازيُّ]، ثنا زيد بن أَخْزمَ [الطَّائيُّ]، ثنا أبو أحمدَ الزُّبَيريُّ، ثنا حَنْظَلةُ بن عبد الحميد، عن عبد الكريم [أبي أُمَيَّةَ]، عن مجاهد، عن عبدِ اللهِ بن عُكْبرةَ، به.

ومن هذا الطريق رواه العسكريُّ وابنُ مَنْدَهْ كما في (الإصابة) وغيرِه.

ورواه الدَّارَقُطنيُّ في (المؤتلف) عن أبي عُبيد القاسم بن إسماعيلَ المَحامليِّ، عنِ ابنِ أَخْزَمَ به، إلا أنه سَمَّى صحابِيَّه:"عبد الله بن عُكْبر".

قال ابنُ ناصر: "وهِمَ أبو عُبيد في ذلك"(التوضيح 6/ 316).

ص: 256

ومما يؤيِّد وهَمَه أنه قد:

رواه أبو نُعَيمٍ في (المعرفة) من طريقٍ آخَرَ عن عبد الكريم به، مِثْلَ رواية الطَّبَراني.

فمدار الحديث عندهم على عبد الكريم، به.

قال الطَّبَرانيُّ: "لا يُروَى هذا الحديثُ عن عبدِ اللهِ بن عُكْبَرةَ إلا بهذا الإسنادِ".

[التحقيق]:

إسنادُهُ ضعيفٌ؛ فيه عِلَّتان:

الأولى: عبد الكريم، وهو ابن أبي المُخارِقِ؛ ضعيف كما سبقَ قريبًا.

ولذا قال الهيثميُّ في (المجمع 1/ 236): "فيه عبد الكريم بن أبي المُخارِقِ؛ وهو ضعيفٌ"، وبه أَعَلَّه الحافظ في (التلخيص 1/ 148 - 149) والعَيْنيُّ في (البناية 1/ 225) والشَّوْكانيُّ في (النيل 1/ 189).

الثانية: جهالة ابنِ عُكْبرةَ، قال فيه ابن مَنْدَهْ:"مجهول"، وأقَرَّه أبو نُعَيمٍ في (المعرفة 3/ 1744)، ولا عبرة بقول عبد الكريم:"وكانت له صحبةٌ"؛ فعبد الكريم لا يُعَوَّلُ عليه.

ص: 257

1721 -

حَدِيثُ عبدِ اللهِ بنِ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ مُرْسَلًا

◼ عن عبدِ اللهِ بنِ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ: ((أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ فَخَلَّلَ لِحْيَتَهُ بِأَصَابِعِهِ، ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا أَمَرَنِي رَبِّي عز وجل أَنْ أُخَلِّلَ)).

[الحكم]:

إسناده مرسل ضعيف، وَضَعَّفَهُ البُوصيري.

[التخريج]:

[مسد (خيرة 566) واللفظُ له، (مط 91) / جواليقي (ق 178 ب)]

[السند]:

أخرجه مُسَدَّد في (مسنده) - ومن طريقِه أبو سهل الجَوَاليقيُّ في (أحاديث ابن الضريس) -، قال: حدثنا محمدُ بن جابر، عن موسى بن أبي عائشة، عن عبدِ اللهِ بن شَدَّاد بن الهاد، به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ فيه عِلَّتان:

الأولى: محمد بن جابر، وهو اليَمَامي؛ قال فيه الحافظ:"صدوقٌ، ذهبَتْ كُتُبُه فساء حِفْظُه وخلط كثيرًا. وعَمِيَ فصار يُلَقَّن. ورجَّحَه أبو حاتم على ابنِ لَهِيعةَ"(التقريب 5777).

وبه أَعَلَّه البُوصيري، فقال:"هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ لضعف محمد بن جابر"(إتحاف الخيرة 1/ 335).

وقد أخطأ اليَمامي على موسى، فموسى إنما يرويه عن رجل عن يَزيدَ الرَّقَاشيِّ عن أنس كما تقدم.

الثانية: الإرسال؛ فأن عبدَ الله بن شَدَّاد من كبار التابعين كما في (التقريب 3382)، فلم يُدرِكِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم.

ص: 258

1722 -

حَدِيثُ عَمْرِو بنِ الحارثِ مُعْضَلًا:

◼ عَنْ عَمْرِو بنِ الحارثِ: ((أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا تَوَضَّأَ فَغَسَلَ وَجْهَهُ خَلَّلَ لِحْيَتَهُ بِأَصَابِعِهِ حَتَّى يَصِلَ المَاءُ إِلَى الْبَشَرَةِ)).

[الحكم]:

ضعيف جدًّا؛ لإعضاله.

[التخريج]:

[ضحة (طهارة ق 6/ أ)]

[السند]:

أخرجه عبد الملك بن حبيب في (الواضحة) قال: حدثني أَصْبَغُ بنُ الفرَج، عنِ ابنِ وَهْبٍ، عن عَمرو بن الحارث، به.

[التحقيق]:

هذا إسناد رجاله ثقات، عدا عبد الملك بن حبيب؛ فإنه ضعيف كما تقدم قريبًا. وقال الحافظُ:"صدوقٌ، ضعيف الحفظ، كثير الغلط"(التقريب 4174).

وعَمرو بن الحارث من أتباع التابعين؛ فالحديثُ معضل.

[تنبيه]:

ذكر غير واحد من أهلِ العلمِ أن من شواهد هذا الباب (باب تخليل اللحية) حديثَ جَرير.

فقال ابنُ سيِّدِ الناسِ: "وأما حديث جرير: فذكره ابنُ عَدِيٍّ من طريقِ ياسين الزيَّات، عن رِبْعيِّ بن حِرَاشٍ عنه - مرفوعًا -، ثُمَّ قال: وياسين متروك"(النفح الشذي 1/ 318)، وكذا قال ابنُ المُلَقِّنِ في (البدر المنير 2/ 191).

ص: 259

وقال ابنُ حَجَرٍ: "وأما حديث جَرير: فرواه ابنُ عَدِيٍّ، وفيه ياسين الزيات؛ وهو متروك"(التلخيص الحبير 1/ 151)، وتَبِعَه العَيْنيُّ في (البناية 1/ 225)، والشَّوْكانيُّ في (نيل الأوطار 1/ 189).

قلنا: كذا عَزَوْه جميعًا لابن عَدِيٍّ ضِمْنَ أحاديثِ تخليل اللحية ولم يذكروا مَتْنَه، ولم نقف في النسخ المطبوعة من (الكامل) على حديث لجَرِير بذِكْرِ تخليلِ اللحية.

والذي يبدو - لنا - أن ذلك وهَمٌ من ابن سيِّدِ الناسِ، وتَبِعَه عليه الآخرون؛ وذلك أنَّ ابنَ عَدِيٍّ أخرج في (الكامل 10/ 497) من طريقِ ياسين بن معاذ الزيات، حَدَّثني حماد، حَدَّثني رِبْعِيُّ بنُ حِرَاشٍ، قال: سمِعتُ جَريرًا يقول: وَضَّأْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعَدَمَا نَزَلَتِ المَائِدَةُ، فَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ".

فجاء ابن طاهر المقدسيُّ فذكره في (ذخيرة الحفاظ 5932) مع حديث أنس في تخليل اللحية؛ لاتِّفاقهما في طرَف الحديث، وهذا نصُّ كلامه: "حديث: وَضَّأْتُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَخَلَّلَ لِحْيَتَهُ، ثُمَّ قال: بِهَذَا أَمَرَنِي رَبِّي. رواه سَلَّامٌ الطويل، عن زيدٍ العَمِّيّ، عن معاويةَ بنِ قُرَّةَ، عن أنس. وسَلَّامٌ متروكُ الحديثِ.

وأورده في ترجمة ياسين الزيات: عن حماد، عن ربيعي بن خراش رِبْعِيِّ بنِ حِرَاشٍ، عن جَرِير يقول: وَضَّأْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَمَا نَزَلَتِ المَائِدَةُ، فَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ. وياسين هذا متروكُ الحديثِ" اهـ.

فظنَّ ابنُ سيِّدِ الناسِ - وتَبِعَه المذكورون

(1)

- أن حديث جَريرٍ المذكورَ

(1)

وصدق الحافظ ابن حَجَر إذ يقول: "إن كثيرًا من المحدِّثين وغيرِهم يستروحون بنقل كلامِ مَن يتقدَّمُهم مقلِّدين له، ويكون الأول ما أتقن ولا حرَّر، بل يتبعونه تحسينًا للظن به، والإتقانُ بخلاف [ذلك] "(مقدمة الفتح 1/ 465).

ص: 260

عَقِبَ حديث أنس في تخليل اللحية، فيه أيضًا ذِكْرٌ لذلك، فحكاه في شواهدِ باب تخليل اللحية، ولَمَّا جَرَتْ عادةُ ابن طاهر على نقل كلام ابن عَدِيٍّ عَقِبَ الأحاديث، ظنَّ أيضًا أن قوله عَقِبَ الحديث:"وياسين متروك" هو لابن عَدِيٍّ، فنَسَبَه له، وابنُ عَدِيٍّ لم يَقُلْ ذلك عَقِبَ الحديث، إنما ختم الترجمة بأن عامة رواياته غيرُ محفوظة. هذا والله تعالى أعلى وأعلم.

* * *

ص: 261

1723 -

حَدِيثُ أَنَسٍ

◼ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: قَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى: «خَلِّلُوا لِحَاكُمْ» .

[الحكم]:

إسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا.

[التخريج]:

[طس 1062].

[السند]:

أخرجه (الطَّبَرانيّ) قال: حدثنا أحمد، قال: حدثنا أبو جعفر، قال: حدثنا سعيد بن يَزيدَ الأعور، قال: حدثني أبو يحيى القَوَّاس، قال: قال لي أنس بن مالك:

فذكره.

قال الطَّبَرانيُّ: "لم يَروِ هذا الحديثَ عن أبي يحيى إلا سعيدُ بن يَزيدَ، تفرَّد به النُّفَيْليُّ".

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه:

* أحمد شيخ الطَّبَرانيِّ، وهو ابن عبد الرحمن بن عِقَال الحَرَّانيُّ؛ قال أبو عَرُوبةَ:"ليس بمؤتمن على دينه"، وذكر له ابن عَدِيٍّ حديثًا منكَرًا، وقال:"ولم أر له أَنكَرَ مِن هذا، وهو ممن يُكتَب حديثُه"(اللسان 1/ 523).

* وفيه: سعيد بن يَزيدَ الأعور، ولم نجدْ أحدًا ترجم له، ونخشى أن يكون هو ابنَ أبي رَزِين المذكورَ في (التاريخ الكبير للبُخاري 8/ 115) ضمن تلاميذ القَوَّاس، فإن كان هو فقد قال فيه الذَّهَبيُّ:"لا يُعرَفُ" (الميزان

ص: 262

2/ 136)، ويحتمل على - بُعْدٍ - أنه محرَّفٌ من "مخلد بن يَزيدَ"، فهو المعروف في شيوخ أبي جعفر النُّفَيلي، ومَخْلدٌ صدوقٌ يَهِم.

* وفيه: أبو يحيى القَوَّاس، ذكره البُخاريُّ، وقال: "نَجِيحٌ القَوَّاس أبو يحيى

يروي عن أنس" (التاريخ الكبير 8/ 114).

ص: 263

1724 -

حَدِيثُ جَابِرٍ:

◼ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ قَالَ:«خَلِّلُوا لِحَاكُمْ، وَقُصُّوا أَظَافِيرَكُمْ؛ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مَا بَيْنَ اللَّحْمِ وَالظُّفُرِ» .

[الحكم]:

موضوع، وكذا قال الألبانيُّ.

[التخريج]:

[أصم 411/ تمام 905/ خطج 860 واللفظُ له/ كر (53/ 247)].

[السند]:

أخرجه أبو العبَّاسِ الأصمُّ - ومن طريقِه الخطيبُ وابنُ عساكر -، قال: حدثنا العبَّاسِ بن الوليد، حدثنا محمدُ بن شُعَيب، حدثني عيسى بن عبد الله، عن عُثْمَانَ بن عبد الرحمن، أنه أخبره عن محمدِ بنِ المُنْكَدِر، عن جابر بن عبد الله، به.

وأخرجه تمَّام قال: أخبرنا أبو عليٍّ الحسن بن حبيب، أبنا العبَّاسِ بن الوليد، به.

[التحقيق]:

هذا إسناد تالف؛ فيه: عثمان بن عبد الرحمن، وهو: ابن عُمر بن سعد بن أبي وقاص القُرَشيُّ الزُّهْريُّ، أبو عَمرٍو المَدَني؛ وهو متروك متَّهَم، قال الحافظُ:"متروك، وكذَّبه ابن مَعِينٍ"(التقريب 4493).

* وعيسى بن عبد الله، وهو: ابن الحكم بن النُّعمان بن بَشير، أبو موسى الأنصاري؛ ترجم له ابن عَدِيٍّ في (الضُّعفاء) وقال: "ولعيسى هذا غيرُ ما

ص: 264

ذكرتُ الشيءُ اليسير، وعامة ما يرويه لا يُتابَع عليه" (الكامل 8/ 246).

وقال الألبانيُّ: "موضوع؛ آفته عُثْمَانُ بن عبد الرحمن"(الضعيفة 1705).

ص: 265