المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌280 - باب مسح الأذنين وصفته - ديوان السنة - قسم الطهارة - جـ ١٤

[عدنان العرعور]

فهرس الكتاب

- ‌264 - بَابُ التَّخْلِيلِ بَيْنَ الْأَصَابِعِ فِي الوُضُوءِ

- ‌265 - بابٌ في ذِكَرِ مَا رُوِيَ فِي عُقُوبَةِ مَنْ لَا يُخَلِّلُ

- ‌266 - بَابُ الجَمْعِ بَيْنَ المَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ بِغَرْفَةٍ وَاحِدَةٍ

- ‌267 - بَابُ الفَصْلِ بَيْنَ المَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ

- ‌268 - بَابُ المُبَالَغَةِ فِي المَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ وَالِاسْتِنْثَارِ

- ‌269 - بَابُ الأَمْرِ بِالمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ وَالِاسْتِنْثَارِ فِي الوُضُوءِ

- ‌270 - بَابُ مَا جَاءَ فِي أَنَّ المَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ سُنَّةٌ

- ‌271 - بَابُ مَا وَرَدَ فِي إِدْخَالِ الأَصَابِعِ فِي الفَمِ حِينَ الوُضُوءِ

- ‌272 - بَابُ غَسْلِ الوَجْهِ

- ‌273 - بَابُ صَكِّ الوَجْهِ بِالمَاءِ

- ‌274 - بَابَ مَا رُوِيَ فِي غَسْلِ الوَجْهِ بيد واحدة

- ‌275 - بَابُ تَخْلِيلِ اللِّحْيَةِ فِي الوُضُوءِ

- ‌276 - بَابُ مَسْحِ الرَّأْسِ وَصِفَتِهِ

- ‌277 - بَابُ المَسْحِ عَلَى النَّاصِيَةِ

- ‌278 - بَابُ مَاءِ مَسْحِ الرَّأْسِ بِمَاءٍ جَديدٍ

- ‌279 - باب ما روي في مسح الرأس بفضل يديه

- ‌280 - بَابُ مَسْحِ الأُذُنَيْنِ وَصِفَتِهِ

الفصل: ‌280 - باب مسح الأذنين وصفته

‌280 - بَابُ مَسْحِ الأُذُنَيْنِ وَصِفَتِهِ

1756 -

حَدِيثُ ابْنِ عبَّاسٍ:

◼ عنِ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَسَحَ أُذُنَيْهِ دَاخِلَهُمَا بِالسَّبَّابَتَيْنِ، وَخَالَفَ إِبْهَامَيْهِ إِلَى ظَاهِرِ أُذُنَيْهِ، فَمَسَحَ ظَاهِرَهُمَا وَبَاطِنَهُمَا» .

• وَفِي رِوَايَةٍ بِلَفْظِ: «تَوَضَّأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَغَرَفَ غَرْفَةً فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ، ثُمَّ غَرَفَ غَرْفَةً فَغَسَلَ وَجْهَهُ، ثُمَّ غَرَفَ غَرْفَةً فَغَسَلَ يَدَهُ اليُمْنَى، ثُمَّ غَرَفَ غَرْفَةً فَغَسَلَ يَدَهُ اليُسْرَى، ثُمَّ [غَرَفَ غَرْفَةً فَـ]ـمَسَحَ بِرَأْسِهِ وَأُذُنَيْهِ بَاطِنِهِمَا بِالسَّبَّاحَتَيْنِ وَظَاهِرِهِمَا بَإِبْهَامَيْهِ (فَمَسَحَ رَأْسَهُ وَبَاطِنَ أُذُنَيْهِ وَظَاهِرَهُمَا وَأَدْخَلَ أُصْبُعَيْهِ فِيهِمَا)، ثُمَّ غَرَفَ غَرْفَةً فَغَسَلَ رِجْلَهُ اليُمْنَى، ثُمَّ غَرَفَ غَرْفَةً فَغَسَلَ رِجْلَهُ اليُسْرَى» .

[الحكم]:

صحيحٌ لغيرِهِ، وإسناده حسن. وَصَحَّحَهُ: التِّرْمِذيُّ، والطَّبَريّ، وابنُ خُزَيْمةَ وابنُ حِبَّانَ، وابنُ مَنْدَهْ، وابنُ عبد البر، وابنُ دقيق، والنَّوَويُّ، والصالحي، والشَّوْكانيُّ، والألبانيُّ.

[الفوائد]:

قال ابنُ عبد البر: "أجمع المسلمون طُرًّا أن الاستنشاق والاستنثار من الوُضوء، وكذلك المضمضة ومسح الأذنين. واختلفوا فيمن ترك ذلك ناسيًا أو عامدًا

" (التمهيد 18/ 225).

ص: 378

وقال في موضعٍ آخَرَ: "وأهل العلم يكرهون للمتوضيء ترْكَ مسْحِ أذنيه، ويجعلونه تارِكَ سُنَّةٍ من سنن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يوجبون عليه إعادة، إلا إسحاقَ بنَ راهُويَهْ، فإنه قال: إنْ ترَكَ مسْحَ أذنيه عامدًا لم يُجْزِه. وقال أحمد بن حَنبَل: إن تركهما عمدًا أحببتُ أن يعيد"(التمهيد 4/ 37).

وقال حرب بن إسماعيل الكرماني: قلت لأحمدَ: فنَسِيَ أن يمسح أذنيه؟ فكأنه ذهب إلى الإعادة، وقال:«إِنَّ الأُذُنَيْنِ مِنَ الرَّأْسِ» .

وسمعت إسحاقَ يقول: «إن مسحت رأسك ولم تمسح أذنيك عمدًا؛ لم يُجْزِك، وإن مسحت أذنيك ولم تمسح رأسك؛ لم يُجْزِكَ حتى تمسح رأسك، ولا يجوز ترك مسح الأذن عمدًا على أي حال كان، وإن كان نَسِيَ أو سها عن موضع الأذن؛ رجونا أن يكون جائزًا، فأما أن يتركها عمدًا؛ فعليه الإعادة؛ لأن أمر المسلمين في وُضوئهم على مسح الأذنين، من (لَدُن) النبي عليه السلام إلى يومنا هذا؛ لا يختلف فيه أحد من أهلِ العلمِ؛ أنْ يُمْسحا، فإذا ثبتَتِ السُّنَّةُ بمسحهما؛ لم يَجُزْ لنا ترْكُهُما عمدًا، إلا أن يعيد، فأما الناسي؛ فهو جائز" (مسائل حرب - كتاب الطهارة ص 128).

وقال ابنُ المُنْذِرِ: "اختَلَف أهل العلم فيمن ترك مسح الأذنين؛ فقالت طائفة: لا إعادة عليه، كذلك قال مالك والشافعي والأَوْزَاعيّ والثَّوْريّ وأبو ثَوْرٍ وأصحاب الرأي.

وقال إسحاق: وإن مسحت رأسك ولم تمسح أذنيك عمدًا لم يُجِزْكَ، وقال أحمد:"إذا تركه متعمدًا أخشى أن يعيد".

قال ابنُ المُنْذِرِ: "لا شيء عليه؛ إذ لا حُجَّةَ مع من يوجب ذلك

(1)

"

(1)

حيث إن حديث: ((الْأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ)) منكَرٌ لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما الثابت فقط أن النبي صلى الله عليه وسلم مسَح أذنيه في وُضوئه، كما صح من حديث ابن عبَّاس وغيره، وفِعْلُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم المجرَّدُ لا يفيد الوجوب، كما هو مُقرَّرٌ في علم الأصول، ولم يثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يواظب عليه، بدليل أنه لم يذكره عدد من الصحابة الذين حَكَوْا صفةَ وُضوئِه صلى الله عليه وسلم. والله أعلم.

ص: 379

(الأوسط 2/ 51).

[التخريج]:

تخريج السِّياقة الأولى: [ت 36 مختصرًا/ جه 443 (واللفظُ له) / ن 106/

].

تخريج السِّياقة الثانية: [ن 106 واللفظُ له/ كن 130/ خز 158/ .... ].

سَبَق تخريجه وتحقيقُه برواياته في: "باب جامع في صفة الوُضوء".

[تنبيه]:

زعم الفيروز آبادي رحمه الله في (رسالة في بيان ما لم يثبت فيه حديث من الأبواب ص 19): أن باب مسح الأذنين لم يَصِحَّ فيه شيء!

(1)

.

وفي تصحيح هذا الحديثُ ونقل تصحيحه عن جماعة من أئمة الحديث ردٌّ عليه. ولم نقف على أحد من أئمة الحديث تَكَلَّم في حديثِ ابن عبَّاسٍ هذا، أو استَنكَر ذِكْرَ مسح الأذنين فيه.

(1)

وفي (تفسير الموطأ 1/ 119) للبُوني، كلام يشبه هذا المعنى، إلا أن في الأصل سقطًا، يمنعنا من الجزم بذلك.

ص: 380

وقد ثبت المسح على الأذنين - أيضًا -: من حديث عبد الله بن زيد، ومن حديث المِقْدَام بن مَعْدِي كَرِبَ، ومن حديث عبد الله بن عَمرو، وقد صَحَّحَ كلًّا منها فريقٌ من الأئمة، كما سيأتي بيانُه تباعًا في هذا الباب.

لا جَرَمَ قال بدر الدين العَيْنيُّ: "الآثار الصحيحة في سُنِّيَّةِ مسْحِهما كثيرةٌ"(نخب الأفكار 1/ 293).

ولعل الفيروزآبادي أراد باب (الأذنان من الرأس)، فسبقه القلم، فقد ضعف كل الأحاديث الواردة في ذلك جماعة من أهلِ العلمِ، كالدَّارَقُطنيّ والبَيْهَقيُّ وابنُ حزم والإشبيلي والنَّوَويُّ وغيرهم. وهو ظاهرُ كلامِ الإمام أحمد، كما سيأتي في بابه - إن شاء الله -.

أما مشروعية المسح على الأذنين في الوضوء، وأنه سُنَّةٌ من سنن النبي صلى الله عليه وسلم، فمحل إجماع، نقله الإمام إسحاقُ بنُ راهُويَهْ، وابنُ عبد البر، كما تقدم في الفوائد. والله أعلم.

* * *

ص: 381

1757 -

حَدِيثُ عبدِ اللهِ بنِ زَيْدٍ:

◼ عن عبدِ اللهِ بنِ زيدٍ الْأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ وَمَسَحَ بِأُذُنَيْهِ» .

• وَفِي رِوَايَةٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم [أُتِيَ بِثُلُثَيْ مُدٍّ [مِنْ مَاءٍ] 2، فَـ] 1 ـتَوَضَّأَ، فَجَعَلَ يَقُولُ هَكَذَا [عَلَى ذِرَاعِهِ] 3، يُدَلِّكُ [ذِرَاعَيْهِ] 4، [وَدَلَّكَ أُذُنَيْهِ، يَعْنِي: حِينَ مَسَحَهُمَا] 5» .

[الحكم]:

إسنادُهُ صحيحٌ. وَصَحَّحَهُ: ابنُ خُزَيْمةَ، وابنُ حِبَّانَ، والحاكمُ، والضِّياءُ، والألبانيُّ.

[التخريج]:

تخريج السِّياقة الأولى: [عل (خيرة 584/ 2) / غر 49 واللفظُ له/ صبغ 2217/ علت (شبيل 1/ 467 - 468) / ضيا (9/ 364/ 332، 333) / أسد (3/ 251) / إمام (1/ 564، 565)].

تخريج السِّياقة الثانية: [حم 16441 "واللفظُ له"/ خز 126 " والزيادة الأولى له ولغيرِهِ"/ حب 1077، 1078"والزيادة الرابعة له ولغيرِهِ"/ ك 516 "والزيادة الثانية له ولغيرِهِ"، 586/ طي 1195/ عل (خيرة 584/ 3 "والزيادة الخامسة له ولغيرِهِ"، 4) / غر 50 "والزيادة الثالثة له"/ مسد (خيرة 584/ 1) / طح (1/ 32) / ني 1009/ هقخ 238/ هق 957/ شا 1088/ ضيا (9/ 368 - 369/ 337 - 339) / إمام (1/ 512 - 513)].

ص: 382

[التحقيق]:

أَخْرَجَهُ الطَّيالِسيُّ - وعنه أحمدُ -، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعبة قَالَ: حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ زَيْدٍ الْأَنْصَارِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ عَبَّادَ بْنَ تَمِيمٍ يُحَدِّثُ، عن عبدِ اللهِ بنِ زيدٍ بِهِ مختصرًا بلفظ السِّياقة الثانية دون زيادات سوى الزيادة الرابعة فذكرها الطَّيالِسيُّ وحدَه.

ورواه النَّسائيُّ في (الإغراب 50) - ومن طريقِه ابن دقيق في (الإمام 1/ 512) -، عن العبَّاسِ العَنْبَري، عن الطَّيالِسيِّ، عن شُعبةَ به مثله مع الزيادة الثالثة فقط.

ورواه ابنُ خُزَيْمةَ (126)، وابنُ حِبَّانَ (1078)، والحاكمُ (586)، من طريقِ أبي كُرَيب محمد بن العلاء،

ورواه الحاكمُ (586) - وعنه البَيْهَقيّ (957) - من طريقِ إبراهيم بن موسى الرَّازيِّ، ورواه أبو يَعْلَى كما في (إتحاف الخِيَرة 584/ 4)، والبَيْهَقيُّ في (الخلافيات 238)، من طريقِ سُوَيد بن سعيد،

ثلاثتهم عن يحيى بن زكريا بن أبي زائدة،

ورواه مُسَدَّدٌ في مسنده كما في (إتحاف الخِيرة 584) - ومن طريقِه ابنُ حِبَّانَ (1077) - عن يحيى بن سعيد القَطَّان،

كلاهما (القَطَّان وابنُ أبي زائدة) عن شُعبةَ به مع الزيادات: الأولى والثانية والرابعة، إلا أن سُوَيدًا زاد فيه عند البَيْهَقيِّ زيادةً موقوفة تفرَّد بها، وسيأتي الكلام عنها في بابٍ آخَرَ.

ورواه أبو يَعْلَى كما في (إتحاف الخِيَرة 584/ 3) - ومن طريقِه الضِّياءُ (338) - عن عبيد الله بن معاذ بن معاذ عن أبيه عن شُعبة

به مع جميع

ص: 383

الزيادات بما فيها الخامسة.

وقد رواه الطَّحاويُّ في (شرح المعاني 1/ 32)، والضِّياءُ (339) من طريقِين آخرين عنِ ابنِ معاذ عن أبيه به مع الزيادات، إلا أن الطَّحاويَّ اختَصَره مقتصرًا على الزيادة الخامسة.

ورواه النَّسائيُّ في (الإغراب 49)، والتِّرْمِذيُّ في (العلل) كما في (الأحكام الكبرى ص 467) عن محمدِ بنِ عُبيد المحاربي (وهو صدوقٌ)،

ورواه أبو يَعْلَى كما في (الإتحاف 584/ 2) - ومن طريقِه الضِّياء (332) - عن عبدِ اللهِ بن عامر بن زُرَارةَ (وهو صدوقٌ من شيوخ مسلم)،

ورواه البُخاريّ في (العلل) كما في (الأحكام) أيضًا عن فَرْوةَ بن أبي المَغْراء (وهو صدوقٌ من شيوخ البُخاريّ)،

ورواه البَغَويُّ في (المعجم)، والضِّياءُ في (المختارة 333)، من طريقِ سُوَيد بن سعيد،

ورواه ابنُ الأثير في (الأُسْد) من طريقِ أبي كُرَيب،

خمستُهم عن يحيى بن زكريا بن أبي زائِدةَ، عن شُعبةَ به، بلفظ السِّياقة الأولى مقتصرًا على مسح الأذن، غير أن البُوصيريَّ أحال بمتن ابن زُرارةَ على رواية مُسَدَّد، وانظر التنبيهات.

ورواه البَيْهَقيُّ (985) من طريقِ أبي خالد الأحمر، عن شُعبةَ، مقتصرًا على الوُضوء بثُلُثَيِ المُدِّ.

وكذلك رواه الشاشيُّ (1088) من طريقِ سُلَيمانَ المُبارَكيِّ، عنِ ابنِ أبي زائدةَ، عن شُعبة، به نحو رواية الأحمر.

ص: 384

فهو حديث واحد، فيه الوُضوءُ بثلثي المد، ودلْكُ الذراعين، ومسح الأذنين ودلْكُهما، وقد اختصره بعض أصحاب شُعبة، وطوَّله بعضهم.

فأما الطَّيالِسيّ فاقتصر منه على دلك الذراعين، وأما القَطَّان وابنُ أبي زائدة - من روايةِ اثنين من أصحابه -، فزادا عليه الوُضوءَ بثلثي المد، وزاد عليهم معاذٌ العَنْبَريُّ مسْحَ الأذنِ ودْلَكها، واقتصر ابن أبي زائدة - من روايةِ اربعة من أصحابه - على مسح الأذن، كما اقتصر الأحمر على ثُلُثَيِ المُدِّ.

وكل هؤلاء - عدا الأحمرَ - ثقات حُفَّاظ، فرواياتهم جميعًا محفوظة، وبعضهم يشهد لبعض، فرواية القَطَّان تشهد للطيالسي، ولبعض رواية معاذ، وبعضها الآخر يشهد له رواية الأربعة عنِ ابنِ أبي زائدة - كما تشهد لهم رواية معاذ -، إلا في دلك الأذنين، فهذا مما تفرد به معاذٌ العَنْبَريُّ من بين أصحاب شُعبة، وهذا لا يضره، فهو ثقة متقن من رجال الشيخينِ، وقد قال فيه أحمد:"إليه المنتهى في التثبت بالبصرة"، وقال يحيى بن سعيد القَطَّان:"ما بالبصرة ولا بالكوفة ولا بالحجاز أثبت من معاذ بن معاذ، وما أبالي - إذا تابَعَني - مَن خالفني"، وقال أيضًا:"كان شُعبةُ يحلف لا يحدِّث فيستثني معاذًا، وخالدًا".

إذن، فقد كان شُعبة ربما خَصَّه بالحديث، فلما لا يزيد عنهم الكلمة والكلمتين؟ والراوي عن معاذ هو ابنه عُبيد الله، وهو ثقةٌ حافظٌ من رجال الشيخينِ أيضًا.

هذا عن ثبوت الروايات عن شُعبة.

فأما إسناده من شُعبة فما فوق، فإسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال

ص: 385

الصحيح عدا حبيب بن زيد، فمن رجال السنن، وهو ثقةٌ كما في (التقريب 1091).

ولذا صَحَّحَهُ ابن خُزَيْمةَ وابنُ حِبَّانَ؛ بإخراجهما له في صحيحيهما، وكذلك الضِّياء في المختارة.

وقال الحاكمُ: "حديث صحيح على شرطِ الشيخينِ ولم يخرجاه"(المستدرك 516).

وقال في موضعٍ آخَرَ: "هذا حديث صحيح على شرطِ مسلمٍ، فقد احتَجَّ بحبيب بن زيد، ولم يخرجاه"(المستدرك 586).

ووهِمَ في ذلك؛ فإن حبيب بن زيد من رجال السنن، ولم يخرج له صاحِبَا الصحيحِ شيئًا.

هذا، وقد أُعِلَّ الحديثُ بالاختلاف على شُعبة:

فقد رواه محمد بن جعفر - المعروف بغُنْدَر -، عن شُعبة، عن حبيب بن زيد، عن عَبَّاد بن تميم، عن جدته أمِّ عُمارةَ رضي الله عنها به.

أخرجه أبو داودَ (93) - ومن طريقِه البَيْهَقيُّ في (الكبرى 956) -، والنَّسائيُّ في (الصغرى 75) و (الكبرى 87)، عن بُنْدار، عن غُنْدَر به، اختصره أبو داودَ في الوضوء بثلثي المد، وزاد عليه النَّسائيُّ غَسْلَ الذراعين ودَلْكهما ومسْحَ باطنِ الأذنين.

فجعله غُنْدَرٌ من حديث أم عمارة، خلافًا لابن أبي زائدة ومَن تابَعَه عن شُعبة؛ إذ جعلوه من حديث عبد الله بن زيد.

وسُئِل أبو زُرْعةَ عن حديث غُنْدَرٍ مقابلةً بحديث ابن أبي زائدة والطَّيالِسيِّ

ص: 386

فقط، فقال أبو زُرْعةَ:"الصحيحُ عِندِي حدِيثُ غُندر"(العلل لابن أبي حاتم 39).

ولعل أبا زُرْعةَ رجَّحَ طريق غندر لسببين: الأول: أن غُنْدرَ مِن أَثبَتِ الناسِ في شُعبة.

الثاني: أن غُنْدرًا سلك به غيرَ الجادة، لأن الجادة عَبَّاد بن تميم، عن عمه عبد الله بن زيد، أما عباد بن تميم، عن جدته أم عمارة؛ فغير الجادة، وسلوك غير الجادة من قرائن الترجيح عند أئمة العلل.

قلنا: ولكن اعتماد هذا الرأي يقضي بالخطإ على كل من يحيى القَطَّان ومعاذٍ العَنْبَريِّ وابنُ أبي زائدةَ والطَّيالِسيِّ والأحمر، وهذا نراه محالًا؛ إذ كيف يخطئ كلُّ هؤلاء - وفيهم القَطَّانُ ومعاذٌ، وكفى بهما -، ويصيب غُنْدَرٌ وحدَه؟ ! .

فأما كون غُنْدَرٍ مِن أثبتَ الناسِ في شُعبةَ، فكذلك معاذٌ والقَطَّانُ مِن أوثقِ الناس فيه، بل قدَّمَ الإمامُ أحمدُ القَطَّانَ عليه، فسُئِل: مَن تُقدِّمُ مِن أصحاب شُعبة؟ فقال: "أما في العدد والكثرة فغُنْدَرٌ، قال: صحِبْتُه عشرين سنةً، ولكن كان يحيى بن سعيدٍ أَثبَتُ"(المعرفة والتاريخ 2/ 202).

وقدم ابن عَدِيٍّ معاذًا ثُمَّ القَطَّانَ على غُنْدَرٍ أيضًا (الكامل 5/ 266).

وقد سبقَ عن القَطَّان - وهو مَن هو في التثبُّت والإتقان - أنه لا يبالي بمن خالَفَه إذا تابَعَه معاذ، ونحن نقول بقوله، لاسيما ومعهما من ذكر منَ الثِّقاتِ، ولسنا ندري هل كان أبو زُرْعةَ - حين سُئِل عن ذلك - وقف على هذه المتابعات للطيالسي وابنُ أبي زائدة، أم لم يكن وقف عليها بعدُ؟ .

وأما الخطأ بسلوك الجادة، فهذا يقع فيه سيِّئُ الحفظ، أو متوسِّطُه،

ص: 387

والواحد الثقة أو الاثنان غير الحافظان، فأما الأثبات الحُفَّاظ فلا يقعون في مثل هذا، خاصَّةً إذا اجتمعوا.

وعلى كلٍّ، فهذا الخلاف غير ضارٍّ؛ لأنه في تعيين الصحابي، والصحابة كلهم عدول، فسواءٌ رجحنا رواية الجماعة، أمْ روايةَ غُنْدَر، فالسند واحد، غير أنه في الأول من حديث عبد الله بن زيد، وفي الثاني من حديث أم عمارة، وكيفما كان فهو صحيح.

وقد قال الألبانيُّ - مُعَقِّبًا على كلام أبي زُرْعةَ -: "إننا لا نرى مانعًا من صحة الحديث عن أم عمارة وابنُ زيد معًا؛ فإن الراوي عنهما ثقة حجة، وكذا من رواه عنه، فلا وجه لترجيح إحدى الروايتين على الأخرى، وقد صحح كلًّا منهما بعضُ الأئمة"(صحيح أبي داودَ 84).

[تنبيه]:

1 -

أحال البُوصيريُّ لفظَ حديث أبي يَعْلَى عنِ ابنِ عامر وسُوَيد على لفظ حديث مُسَدَّد في (الوضوء بثلثي المد ودلك الذراعين).

واعتمدنا هذه الإحالة في رواية سُوَيد، لأنه قد رُوِي عنه كذلك من طريقٍ آخَرَ كما سبقَ في الخلافيات، فأما رواية ابن عامر، فقد رواها الضِّياء من طريقِ أبي يَعْلَى في مسح الأذنين فقط، وهو ما اعتمدناه في التحقيق؛ تجنُّبًا لاحتمال الوهَمِ في النقل، أو التساهُلِ في الإحالة.

على أن سُوَيدًا قد نُقِل عنه الروايتان، وكذلك شيخه، وقد بيَّنَّا أنه حديث واحد.

2 -

جاءَ الحديثُ في (الأحاديث المختارة 9/ 369/ 339) بلفظ: "ثلث مُدٍّ"، وهو: تحريف، والصواب:"ثلثي مد" كما في باقي المصادر.

ص: 388

رِوَايَة: فَأَخَذَ مَاءً لِأُذُنَيْهِ خِلَافَ المَاءِ الَّذِي مَسَحَ بِهِ رَأْسَهُ:

• وَفِي رِوَايَةٍ، قَالَ:((رَأَيتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ، فَأَخَذَ مَاءً لِأُذُنَيْهِ خِلَافَ المَاءِ الَّذِي مَسَحَ بِهِ رَأْسَهُ)).

[الحكم]:

مختلَف فيه؛ فصَحَّحَ سندَه: الحاكمُ، والبَيْهَقيُّ، والنَّوَويُّ، ومُغْلَطاي، وابنُ المُلَقِّنِ، والمُناويُّ. وحَسَّنَهُ ابن الصَّلاحِ.

بينما أشار ابنُ المُنْذِرِ والمباركفوريُّ إلى عدم ثبوته، وأشارَ البَيْهَقيّ إلى شذوذه - مع أنه صَحَّحَ إسنادَهُ -، وجزم بذلك ابن حَجَر، والألبانيُّ، وابنُ عثيمين. وهو الراجح.

[التخريج]:

[ك 546 (واللفظُ له)، 547/ حاكم (معرفة ص 97) / هق 310/ .... ].

سَبَق تخريجه وتحقيقُه في: "باب جامع في صفة الوُضوء".

* * *

ص: 389

1758 -

حَدِيثُ عُثْمَانَ

◼ عَنْ عُثْمَانَ رضي الله عنه فِي صِفَةِ الوُضُوءِ، قَالَ: ((

وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ وَأُذُنِهِ [ظَاهِرِهِمَا وَبَاطِنِهِمَا مَرَّةً وَاحِدَةً]

)).

[الحكم]:

صحيحُ المتنِ بطُرُقه وشواهِده، وَصَحَّحَهُ ابن عبد البر والألبانيُّ.

[التخريج]:

[عم 554/ عه 671 "واللفظُ له"/ بز 434 "والزيادة له"، 442/

].

* وسبقَ الكلامُ على الحديث برواياته في: "باب جامع في صفة الوُضوء".

ص: 390

1759 -

حَدِيثُ المِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ

◼ عَنِ المِقْدَام بن مَعْدِي كَرِبَ رضي الله عنه، قَالَ:«أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِوَضُوءٍ فَتَوَضَّأَ، فَغَسَلَ كَفَّيْهِ ثَلَاثًا، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا، ثُمَّ غَسَلَ ذِرَاعَيْهِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، ثُمَّ مَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ ثَلَاثًا [ثَلَاثًا]، وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ وَأُذُنَيْهِ ظَاهِرِهِمَا وَبَاطِنِهِمَا، وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا» .

• وَفِي رِوَايَةٍ: «رَأَيتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ، فَلَمَّا بَلَغَ مَسْحَ رَأْسِهِ وَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى مُقَدَّمِ رَأْسِهِ فَأَمَرَّهُمَا حَتَّى بَلَغَ القَفَا، ثُمَّ رَدَّهُمَا إِلَى المَكَانِ الَّذِى بَدَأَ مِنْهُ [وَ [لَمَّا فَرَغَ مِنْ مَسْحِ رَأْسِهِ] 2 مَسَحَ بِأُذُنَيْهِ ظَاهِرِهِمَا وَبَاطِنِهِمَا] 1 [مَرَّةً وَاحِدَةً] 3 [وَأَدْخَلَ أَصَابِعَهُ فِي صِمَاخِ أُذُنَيْهِ] 4» .

[الحكم]:

حسَن. وحَسَّنَهُ: ابنُ الصَّلاحِ، وابنُ المُلَقِّنِ، وابنُ حَجَرٍ، والعَيْنيُّ، والصَّنعانيُّ والشَّوْكانيُّ. وَصَحَّحَهُ: عبد الحق، والنَّوَويُّ، والألبانيُّ.

[التخريج]:

تخريج السِّياقة الأولى: [د 120/ حم 17188 واللفظُ له/ طب (20/ 276/ 654 والزيادة له،

].

تخريج السِّياقة الثانية: [د 121 واللفظُ له، 122 والزيادة الأولى والرابعة له ولغيرِهِ/ جه 446 مختصرًا/ طب (19/ 378/887)، .... ]

* وسبقَ الكلامُ على الحديث برواياته في: "باب جامع في صفة الوُضوء".

ص: 391

1760 -

حَدِيثُ عبدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو:

◼ عن عبدِ اللهِ بنِ عَمْروٍ رضي الله عنهما: أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ الطُّهُورُ؟ فَدَعَا بِمَاءٍ فِي إِنَاءٍ، فَغَسَلَ كَفَّيْهِ ثَلَاثًا، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا، ثُمَّ غَسَلَ ذِرَاعَيْهِ ثَلَاثًا، ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ فَأَدْخَلَ أُصْبُعَيْهِ السَّبَّاحَتَيْنِ فِي أُذُنَيْهِ، وَمَسَحَ بِإِبْهَامَيْهِ عَلَى ظَاهِرِ أُذُنَيْهِ وَبِالسَّبَّاحَتَيْنِ بَاطِنَ أُذُنَيْهِ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ:«هَكَذَا الوُضُوءُ، فَمَنْ زَادَ عَلَى هَذَا أَوْ نَقَصَ فَقَدْ أَسَاءَ وَظَلَمَ» أَوْ: «ظَلَمَ وَأَسَاءَ» .

[الحكم]:

مختلَفٌ فيه لأجْلِ قوله: "أَوْ نَقَصَ"، فبسبب هذه اللفظةِ عَدَّه الإمام مسلمٌ مِن مناكيرِ عَمرِو بن شُعَيب.

بيْنما صَحَّحَهُ النَّوَويُّ، وابنُ المُلَقِّنِ، وابنُ حَجَرٍ، والألبانيُّ، غيرَ أنه حَكَم على لفظة:"أَوْ نَقَصَ"، بالشُّذوذ، وكذا أنكرها ابنُ الموَّاق، والسِّنديُّ. ومنَ العلماءِ مَن أوَّلها بما يَصرِفُها عن ظاهرها، كابنِ حَجَر، والسُّيوطيُّ، وغيرِهم.

[التخريج]:

[د 134 واللفظُ له/ طح (1/ 33، 36) مختصرًا/ كجي (إمام 1/ 440) / .... ].

* وسبقَ الكلامُ على الحديث برواياته في: "باب جامع في صفة الوُضوء".

ومِن رواياته التي لم تُذْكَر هناك:

ص: 392

رِوَايَة: «مَسَحَ أُذُنَيْهِ مُقَدَّمَهُمَا وَمُؤَخَّرَهُمَا» :

• وَفِي رِوَايَةٍ مُخْتَصَرَةٍ، قَالَ:«رَأَيتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ، فَمَسَحَ أُذُنَيْهِ مُقَدَّمَهُمَا وَمُؤَخَّرَهُمَا» .

[الحكم]:

إسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا بهذا السياقِ.

[التخريج]:

[بشن 275]

[السند]:

أخرجه ابنُ بشران في (الأمالي) قال: أخبرنا أبو عليٍّ أحمدُ بن الفضل بن العبَّاسِ بن خُزَيْمةَ، ثنا محمد بن عُثْمَانَ بن أبي شَيْبةَ، ثنا إبراهيم بن محمد بن ميمون، ثنا علي بن عابس، عنِ ابنِ أبي ليلى، عن عَمرو بن شُعَيب، عن أبيه، عن جده، به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه ثلاثُ عِلَلٍ:

الأولى: ابن أبي ليلى هو محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى؛ "صدوقٌ سيِّئ الحفظ جدًّا" كما في (التقريب 6081).

الثانية: علي بن عابس؛ "ضعيف" كما في (التقريب 4757).

الثالثة: إبراهيم بن محمد بن ميمون، ذكره الأسدي في (الضُّعفاء)، وقال إنه:"منكَرُ الحديثِ"، قال الذَّهَبيُّ:"مِن أجلاد الشيعة، رَوَى عن عليِّ بن عابس خبرًا عجيبًا"(الميزان 203)، وكرَّره في موضعٍ آخَرَ باسم (إبراهيم بن محمود) - وهو

ص: 393

هو

(1)

-، وقال:"لا أعرفه. روى حديثا موضوعًا"(الميزان 211)، وقال الحافظُ العِراقيُّ:"هذا الرجل ليس بثقة". وذكره ابنُ حِبَّانَ في (الثِّقات)!، انظر ترجمته في (لسان الميزان 292).

* * *

(1)

كما قال الحافظ في (اللسان 1/ 358)، وقال في موضعٍ آخَرَ (1/ 362):"ومحمد هو الصواب، ومحمود تحريف".

ص: 394

1761 -

حَدِيثُ أَنَسٍ:

◼ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه: ((أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ، فَمَسَحَ بَاطِنَ أُذُنَيْهِ وَظَاهِرَهُمَا)). قَالَ: وَكَأنَّ ابنَ مَسْعُودٍ يَأْمُرُ بِذَلِكَ.

• وَفِي رِوَايَةٍ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه: أَنَّهُ كَانَ يَتَوَضَّأُ فَيَمْسَحُ ظَاهِرَ أُذُنَيْهِ وَبَاطِنَهُمَا، ثُمَّ قَالَ: رَأَيتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَعَلَ ذَلِكَ.

[الحكم]:

صحيحُ المتنِ، وَصَحَّحَهُ: الطَّبَريُّ، والحاكمُ، وابنُ المُلَقِّنِ. ووَثَّقَ رجالَه ابنُ دقيقِ العيدِ.

وأَعَلَّه ابنُ صاعد والدَّارَقُطنيُّ والبَيْهَقيُّ وابنُ حَجَرٍ بالوقف، وهو الراجح، إلا أن متنه صحيح من وجوه أخرى كما تقدم في الباب.

[التخريج]:

[ك 540 "واللفظُ له"/ حَرْمَلةَ (هقع 1/ 306) / طبر (مُغْلَطاي 1/ 445) / زهر 479/ قط 372 والرواية له ولغيرِهِ/ مخلص 2276/ هقع 731/ هقخ 139/ ضيا (6/ 77/ 2061، 2062)]

[التحقيق]:

الحديث مدارُه على حُمَيدٍ الطويل عن أنس رضي الله عنه.

وروي عن حُميد من طريقِين:

الأول:

أخرجه الحاكمُ في (المستدرك 540) - وعنه البَيْهَقيُّ في (الخلافيات 139) -، قال: حدثنا أبو بكر بن إسحاقَ، وأبو بكر بن بالُوْيَهْ، قالا: أخبرنا محمد بن أحمدَ بن النَّضْر الأَزْديّ، حدثنا معاوية بن عمرو، حدثنا

ص: 395

زائدة، عن سفيانَ بن سعيد، عن حُميد الطويل، عن أنس بن مالك، به.

وهذا إسناد رجاله ثقات، ولذا صَحَّحَهُ الحاكمُ فقال قبل ذكر الحديث:" وهذا شاهد صحيح في مسح باطن الأذنين" فذكره، ثُمَّ قال:"زائدة بن قُدَامة ثقةٌ مأمون، قد أسنده عن الثَّوْريِّ، وأوقفه غيره"(المستدرك 540).

قلنا: رواه البَيْهَقيُّ في (السنن الكبرى 306) من طريقِ حسين بن حفص عن الثَّوْريِّ به موقوفًا على أنس وابنُ مسعود، وحسين وإن كان لا يقارَن بزائدةَ، فإن هذا هو المحفوظُ عن حُميد من رواية جماعة منَ الثِّقاتِ، وقد عَدَّ منهم الدَّارَقُطنيُّ: الثَّوْريَّ أيضًا كما سيأتي؛ ولذا قال البَيْهَقيُّ عن هذا الوجه: "غير محفوظ"، وانظر ما يلي:

الطريق الثاني:

رواه الشافعي في (كتاب حَرْمَلةَ) - كما في (معرفة السنن والآثار 1/ 306) -: عن عبد الوهاب الثقفي، عن حميد، عن أنس، به.

ورواه الدَّارَقُطنيُّ في (السنن 372) - ومن طريقِه والضِّياءُ في (المختارة 2061) -، وأبو طاهر المُخَلِّص، كما في (المخلصيات 2276) - ومن طريقِه والضِّياءُ في (المختارة 2062) -، وأبو الفضل الزُّهْريّ في (حديثه)، ثلاثتهم: عن يحيى بن محمد بن صاعد، عن بُنْدار، حدثنا عبد الوهاب الثَّقَفي، عن حُميد، به.

ورواه البَيْهَقيُّ في (المعرفة): من طريقِ محمد بن بكار، عن عبد الوهاب الثَّقفي، به.

وعبد الوهاب الثقفي: ثقة من رجال الشيخينِ، قال الحافظُ ابنُ حَجَر:"ثقة، تغيَّر قبل موته"(التقريب 4261).

ص: 396

ولكنه خُولِف في رفْعِه:

فرواه إسماعيل بن جعفر في (حديثه - رواية علي بن حُجْر عنه 107).

ورواه أبو عُبَيد في (الطهور 357) وغيرُه: عن هُشَيم، ومروانَ بن معاوية.

ورواه ابنُ أبي شَيْبةَ في (المصنَّف 171) عن أبي خالدٍ الأحمر،

ورواه الطَّحاويُّ (1/ 34) من طريقِ يحيى بن أيوب،

وعلَّقَه الدَّارَقُطنيُّ في (العلل 2397) عنِ ابنِ المبارك ومالكٍ والثَّوْريِّ.

كلُّهم: عن حُميد، أن أنسًا فعل ذلك، وقال: أنَّ ابنَ مسعود كان يأمر بالأذنين.

ولذا قال ابنُ صاعد - عَقِبَ الرواية المرفوعةِ -: "هكذا يقول الثَّقَفيُّ، وغيرُه يرويه عن أنس عنِ ابنِ مسعود من فعله"(سنن الدَّارَقُطنيّ 372)، (المخلصيات 2276).

وقال الدَّارَقُطنيُّ: "يرويه عبد الوهاب الثَّقَفي عن حُميد عن أنس مرفوعًا، ووهِمَ في رفْعِه، والصواب ما رواه الثَّوْريُّ ومالكٌ وابنُ المبارك، عن حُمَيد، عن أنس، عنِ ابنِ مسعود، فِعْلَه غير مرفوع"(العلل 2397).

وقال البَيْهَقيُّ: "وقد وهِمَ فيه عبدُ الوهاب؛ إنما الرواية المحفوظةُ عن حُمَيد عن أنس أنه فعل ذلك، ثُمَّ عزاه إلى عبد الله بن مسعود، ورُوِيَ عن زائدةَ عن الثَّوْريِّ عن حُمَيدٍ مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أيضًا غير محفوظ والله أعلم"(معرفة السنن والآثار 1/ 306).

وقال الحافظُ ابنُ حَجَر: "والصواب وقْفُه على ابنِ مسعود"(التلخيص الحبير 1/ 157).

ص: 397

وخالف في ذلك ابنُ دقيقِ العيدِ؛ فقال - مُعَقِّبًا على قولِ الحاكمُ -: "وكأن الحاكمَ لم يُعَلِّلْه بوقفِ مَن وقَفَه. ومما يؤيِّدُه: أن الدَّارَقُطنيَّ روى عنِ ابنِ صاعد، عن بُنْدار، عن عبد الوهاب الثَّقَفي

" فذكره. ثُمَّ قال: "رجال الإسناد الذي رواه الدَّارَقُطنيُّ عنِ ابنِ صاعدٍ كلُّهم ثقات عندهم، وبُنْدارٌ فمَن فوقَه من رجال الصحيحين" (الإمام 1/ 567)، وانظر (البدر المنير 2/ 212).

وقال مُغْلَطاي: "وحديثًا في المستدرك ذكره في الشواهد الصِّحاح، وَصَحَّحَهُ الطَّبَريُّ أيضًا بسندهما من جهةِ حُمَيد عن أنس: "أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ، فَمَسَحَ بَاطِنَ أُذُنَيْهِ وَظَاهِرَهُمَا" (شرح ابن ماجَهْ 1/ 445).

وقال ابنُ المُلَقِّنِ بعد أن صَحَّحَ الروايةَ المرفوعة: "ورواه البَيْهَقيُّ من فعل أنس من طريقِين، ولم يذكر رواية الرفْع، وهي صحيحة"، ثُمَّ ذكر بعد ذلك كلامَ ابن دقيقِ العيدِ السابقَ.

والراجح أنه معلول كما جزم به الأئمة النُّقَّادُ، والله أعلم.

وانظر تخريج الرواية الموقوفةِ آخَرَ الباب.

ص: 398

رِوَايَة: يَبْدَأُ بِمَيَامِنِهِ:

• وَفِي رِوَايَةٍ: ((أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَبْدَأُ بِمَيَامِنِهِ، وَيَمْسَحُ بِرَأْسِهِ وَأُذُنَيْهِ)).

[الحكم]:

إسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا.

[التخريج]:

[عد (2/ 416)]

[السند]:

أخرجه ابنُ عَدِيٍّ في (الكامل 2/ 416) قال: حدثنا عبدُ اللهِ بنُ أبي سفيان، حدثنا الحسين بن مرزوق، حدثنا بِشْر بن محمد الواسطي، حدثنا عبد الحكم، عن أنس، به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ عبد الحكم هو القَسْمَلِيُّ البصري، قال فيه البُخاريّ وأبو حاتم والسَّاجيُّ:"منكَرُ الحديثِ"، وقال ابنُ حِبَّانَ:"لا يحل كتابة حديثه إلا على سبيل التعجب"، وقال أبو نُعَيمٍ الأَصبَهانيّ:"روى عن أنس نسخةً منكَرة، لا شيء"(تهذيب التهذيب 6/ 107)، وقال الحاكمُ:"روى عن أنس أحاديثَ موضوعةً "(المدخل إلى الصحيح 134).

* * *

ص: 399

1762 -

حَدِيثُ تَمِيمٍ المَازِنِيِّ أَوْ أَخِيهِ:

◼ عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَوْ عَمِّهِ، قَالَ:«رَأَيتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ، وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ وَأُذُنَيْهِ، دَاخِلِهِمَا وَخَارِجِهِمَا» .

[الحكم]:

صحيحُ المتنِ بشواهده، وإسنادُهُ ضعيفٌ.

[التخريج]:

[طهور 353 واللفظُ له/ طح (1/ 32)]

[السند]:

قال (أبو عُبَيد): حدثنا ابن أبي مريم، عنِ ابنِ لَهِيعةَ، عن أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن بن نَوْفَل، عن عَبَّاد بن تميم، عن أبيه، أو عمِّه به.

ورواه (الطَّحاويّ): عن فهد قال: حدثنا ابن أبي مريم، قال: أنا ابن لَهِيعةَ به، إلا أنه جعله من حديث تميمٍ وحدَه.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ علته: عبد الله بن لَهِيعةَ؛ فهو سيِّئ الحفظ، والكلام فيه مشهور، وقد سبقَ مِرارًا، وقد أخطأ في سند الحديث، انظر تحقيقنا لحديث عبد الله بن زيد وأخيه تميم في باب مسح القدمين.

ويشهد لمتن حديثِه هنا ما سبق.

ص: 400

1763 -

حَدِيثُ عَائِشَةَ:

◼ عَنْ عَمْرَةَ، قَالَتْ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ رضي الله عنها عَنِ الأُذُنَيْنِ؟ قَالَتْ: هُمَا مِنَ الرَّأْسِ، وَقَالَتْ:((وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَمْسَحُ أُذُنَيْهِ ظَاهِرَهُمَا وَبَاطِنَهُمَا إِذَا تَوَضَّأ)).

[الحكم]:

مرفوعه صحيحٌ لشواهدِهِ، وإسنادُهُ ضعيفٌ، وَضَعَّفَهُ: الدَّارَقُطنيُّ، والبَيْهَقيُّ، والغَسَّاني.

[التخريج]:

[طالوت 45 "واللفظُ له"/ كك 1788/ قط 368/ هقخ 245]

[السند]:

رواه أبو القاسم البَغَويُّ في (نسخة طالوتَ بنِ عَبَّاد) - وعنه أبو أحمدَ الحاكمُ، والدَّارَقُطنيُّ (ومن طريقِه البَيْهَقيُّ) -: عن طالوتَ بنِ عَبَّاد، حدثنا اليمان أبو حُذَيفة، عن عَمْرةَ، به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ وعلته: اليمان أبو حُذَيفة؛ قال ابنُ مَعِينٍ: "ليس حديثه بشيءٍ"(التاريخ - رواية الدُّوري 3219)، وقال البُخاريُّ:"منكَرُ الحديثِ"(التاريخ الكبير 8/ 425)، وقال أبو حاتم:"ضعيفُ الحديثِ، منكَرُ الحديثِ"، وقال أبو زُرْعةَ:"ضعيفُ الحديثِ"(الجرح والتعديل 9/ 311)، وقال النَّسائيُّ:"ليس بثقة"(الكامل 10/ 489)، وقال ابنُ حِبَّانَ:"منكَرُ الحديثِ جدًّا، يَروِي عن عطاءٍ أشياءَ لا يُتابَعُ عَليها من المناكير التي لا أصول لها، فلما كثُر ذلك في روايتِهِ استَحَقَّ التَّركُ"(المجروحين 2/ 497)، وقال الذَّهَبيُّ:"واهٍ"(الكاشف 6424)، وقال الحافظُ:"ضعيف"

ص: 401

(التقريب 7854).

وبه أَعَلَّه الدَّارَقُطنيّ، فقال - بعد أن ساق الحديث -:"اليمان ضعيف"(سنن الدَّارَقُطنيّ 1/ 105).

وأقَرَّه البَيْهَقيُّ في (الخلافيات 1/ 437) - وأسند عنِ ابنِ مَعِينٍ كلامَه السابق -، والغَسَّاني في (تخريج الأحاديث الضعاف 71).

[تنبيه]:

لفظ الحديث عند أبي أحمدَ الحاكمُ: "قالت: سَأَلْتُ عَائِشَةَ رضي الله عنها عَنِ الأُذُنَيْنِ، هُمَا مِنَ الرَّأْسِ؟ فَقَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَمْسَحُ

"الخ.

فصارت عبارةُ "هُمَا مِنَ الرَّأْسِ" ضِمْنَ سؤالِ عَمْرةَ، فلعل كلمة القول الأولى سقطت، وهي ثابتة في بقية المصادر، وإلا ففي الجواب إعراضٌ عن السؤال المباشر، إلى سؤالٍ آخَرَ، إشارةً إلى كونه أَوْلى بالاهتمام؛ إذِ المهم أنه كان يمسحهما، على غِرار السؤال عن الأَهِلَّة. والله أعلم.

ص: 402

1764 -

حَدِيثُ عَلِيٍّ:

◼ عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ، قَالَ: كُنَّا مَعَ عَلِيٍّ رضي الله عنه يَوْمًا صَلَاةَ الْغَدَاةِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ دَعَا الْغُلَامَ بِالطَّسْتِ، فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ أَدْخَلَ أُصْبُعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا رَأَيتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأ.

[الحكم]:

إسنادُهُ ضعيفٌ، وثبت مسح الأذن من وجوه أخرى كما تقدم في الباب.

[التخريج]:

[ش 401، 176]

سَبَق تخريجه وتحقيقُه في: "باب جامع في صفة الوُضوء".

* * *

رِوَايَة: مَسَحَ بِرَأْسِهِ وَأُذُنَيْهِ ثَلَاثًا

• وَفِي رِوَايَةٍ، بِلَفْظ: تَوَضَّأَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ وَأُذُنَيْهِ ثَلَاثًا، وَقَالَ: هَكَذَا وُضُوءُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَحْبَبْتُ أَنْ أُرِيكُمُوهُ.

[الحكم]:

منكَر بذِكْرِ التثليث في مسح الرأس والأذنين، وإسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا، وَضَعَّفَهُ الذَّهَبيُّ.

[التخريج]:

[قط 306/ هقخ 127].

سَبَق تخريجُ هذه الروايةِ وتحقيقُها في: "باب جامع في صفة الوُضوء". وانظر بقيَّةَ روايات الحديث هناك.

* * *

ص: 403

1765 -

حَدِيثُ مُعَاوِيَةَ:

◼ عَنِ القَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيِّ: أَنَّهُ حَضَرَ مُعَاوِيَةَ رضي الله عنه تَوَضَّأَ، فَمَسَحَ أُذُنَيْهِ ظَاهِرَهُمَا وَبَاطِنَهُمَا، وَقَالَ:«هَذَا وُضُوءُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم» .

[الحكم]:

إسناده ساقط، وثَبَت مسْحُ الأذنِ مِن وجوه أخرى كما تَقَدَّمَ في الباب.

[التخريج]:

[طب (19/ 378/ 888)]

[السند]:

أخرجه الطَّبَرانيُّ في (الكبير) قال: حدثنا إسحاق بن داودَ الصَّوَّافُ التُّسْتَري، حدثنا محمدُ بن سِنان القزاز، حدثنا إسحاق بن إدريس، حدثنا الوليد بن مسلم، عن عُثْمَانَ بن محمد، حدثني القاسم بن محمد الثَّقفي، به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ساقطٌ؛ فيه إسحاقُ بنُ إدريسَ، وهو الأسْوَاري، قال عنه ابن مَعِينٍ:"كذاب يضعُ الحديثَ"، وقال البُخاريُّ:"تركه الناس"، وقال النَّسائيُّ:"متروك"، وقال ابنُ حِبَّانَ:"كان يسرق الحديث"، ووهَّاه: أبو زُرْعةَ، وأبو حاتم، والدَّارَقُطنيُّ، وغيرُهُم. انظر:(لسان الميزان 2/ 41).

والراوي عنه محمد بن سِنان القزاز، كذَّبَه أبو داودَ، وابنُ خِرَاش (لسان الميزان 9/ 407).

وقد تقدم حديث معاوية في باب: "مسح الرأس" من طرقٍ عن الوليد عن عُثْمَانَ بن المُنْذِر (وليس ابن محمد)، عن القاسم، عن معاوية، وليس فيه

ص: 404

مسح الأذن.

ولكن ثبت مسح الأذن من حديث ابن عبَّاسٍ وعبد الله بن زيد وغيرهما، كما تقدم في الباب.

وقد جاءَ مسْحُ الأذنِ من وجوه أخرى، ستأتي إن شاء الله في الأبواب التالية.

كما صَحَّ مسْحُ الأذنِ عن عدد منَ الصحابةِ، وإليك بعضَها:

ص: 405

1766 -

حَدِيثُ أَنَسٍ وابنُ مَسْعُودٍ مَوْقُوفًا:

◼ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، قَالَ: تَوَضَّأَ أَنَسٌ وَنَحْنُ عِنْدَهُ (رَأَيتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ تَوَضَّأَ)، فَمَسَحَ بَاطِنَ أُذُنَيْهِ وَظَاهِرَهُمَا [مَعَ رَأْسِهِ]، فَلَمَّا رَأَى شِدَّةَ نَظَرِنَا إِلَيْهِ، قَالَ:«أنَّ ابنَ مَسْعُودٍ كَانَ يَأْمُرُ بِالأُذُنَيْنِ» .

[الحكم]:

صحيح موقوفًا.

[التخريج]:

[ش 171/ جع 107 "واللفظُ له"/ طهور 357 "والرواية له ولغيرِهِ"/ طح (1/ 34/ 150 "والزيادة له"، 151) / قط 373/ مخلص 2277/ هق 305، 306/ هقخ 138]

[السند]:

أخرجه إسماعيل بن جعفر في (حديثه - رواية علي بن حُجْر 107) قال: حدثنا حُميد، قال: توضأ أنس

فذكره.

وأخرجه أبو عُبيد في (الطهور 357) قال: حدثنا هُشَيمٌ ومروانُ بن معاوية، عن حُمَيدٍ الطويل، به.

وأخرجه الباقون من طرقٍ عن حُميد به موقوفًا.

[التحقيق]:

هذا إسناد موقوف صحيح؛ رجاله كلهم ثقات أثبات، وقد رُوِيَ مرفوعًا ولا يصح، الصواب فيه الوقف، كما قال الدَّارَقُطنيُّ والبَيْهَقيُّ وابنُ حَجَرٍ، وقد تقدَّمَ الكلامُ عليه آنِفًا.

* * *

ص: 406

1767 -

حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ مَوْقُوفًا:

◼ عَنْ نَافِعٍ: ((أن عبدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما كَانَ يَأْخُذُ المَاءَ بِأُصْبُعَيْهِ لِأُذُنَيْهِ)).

[الحكم]:

موقوف إسنادُهُ صحيحٌ، وَصَحَّحَهُ: البَيْهَقيُّ، وابنُ القَيِّم، والمباركفورى.

[التخريج]:

[طا 73/ حرب (طهارة 189) / هق 312 "واللفظُ له"، 313/ هقخ 135، 136، 137]

[السند]:

أخرجه مالك في (الموطأ) - ومن طريقِه حرْبٌ الكرمانيُّ في (مسائله)، والبَيْهَقيُّ في (السنن 313)، و (الخلافيات 135) -: عن نافع، به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ صحيحٌ غايةً.

ولذا قال ابنُ القَيِّم - في وصْفِ وُضوءِ النبي صلى الله عليه وسلم: "

وكان يمسح أذنيه مع رأسه، وكان يمسح ظاهرهما وباطنهما، ولم يثبت عنه أنه أخذ لهما ماءً جديدًا، وإنما صَحَّ ذلك عنِ ابنِ عُمرَ" (زاد المعاد 1/ 187).

وقال المباركفورى: "لم أقف على حديث مرفوع صحيح خالٍ عن الكلام يدل على مسح الأذنين بماءٍ جديد. نعم، ثبت ذلك عنِ ابنِ عُمرَ رضي الله تعالى عنهما مِن فِعْلِه. روى الإمام مالكٌ في موطَّئه عن نافع، أن عبدَ الله بن عُمرَ كان يأخذ الماء بأصبعيه لأذنيه. والله تعالى أعلم"(تحفة الأحوذي 1/ 122).

وأخرجه البَيْهَقيُّ في (السنن 312)، و (الخلافيات 136، 137) من طريقِ

ص: 407

ابنِ وَهْبٍ، عن عبدِ اللهِ بن عُمر بن حفص بن عاصم بن عُمر بن الخطاب، ومالك بن أنس عن نافع:((أن عبدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما كَانَ يُعِيدُ أُصْبُعَيْهِ فِي المَاءِ فَيَمْسَحُ بِهِمَا أُذُنَيْهِ)).

ثُمَّ قال البَيْهَقيُّ: "هذا إسنادٌ صحيحٌ لا يشتبه على أحد"(الخلافيات 1/ 344).

قلنا: بل فيه اشتباه؛ وذلك أنَّ ابنَ وَهْبٍ قرَن مالكًا بعبد الله بن عُمرَ العُمَريِّ وهو ضعيفٌ، ولم يبيِّنِ اللفظَ لمن فيهما لأيِّهما هو، فلولا أنه رُوي عن مالك من وجوه أخرى نحوه، ما استطعنا أن نصحِّحَه، لاحتمال أن يكون اللفظُ لعبد الله وليس لمالك. والله أعلم.

* * *

ص: 408

رِوَايَةٌ فِيهَا صِفَةُ مَسْحِ الأُذُنَيْنِ:

• وَفِي رِوَايَةٍ، عنِ ابنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:((أَنَّهُ كَانَ إِذَا تَوَضَّأَ أَدْخَلَ الْأُصْبُعَيْنِ اللَّتَيْنِ تَلِيَانِ الإِبْهَامَيْنِ فِي أُذُنَيْهِ، فَمَسَحَ بَاطِنَهُمَا وَخَالَفَ بِالإِبْهَامَيْنِ إِلَى ظَاهِرِهِمَا)).

[الحكم]:

موقوف صحيح.

[فائدة]:

ذكر ابنُ المُنْذِرِ هذه الروايةَ عنِ ابنِ عُمرَ، ثُمَّ قال:"هكذا ينبغي أن يَفعل مَن مسَح أذنيه"(الأوسط 2/ 49).

[التخريج]:

[عب 29، 30/ ش 173 "واللفظُ له"/ حرب (طهارة 188)]

[السند]:

أخرجه ابنُ أبي شَيْبةَ في (المصنَّف 173) قال: حدثنا عبدُ اللهِ بنُ نُمَير، عن عُبيد الله بن عمر، عن نافع، عنِ ابنِ عُمرَ، به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ صحيحٌ؛ رجاله كلهم ثقات رجال الشيخينِ.

ورواه عبدُ الرَّزَّاقِ (29)، وحرب الكراني الكرمانيُّ في (الطهارة 188): من طريقِ عبد الله بن عُمرَ العُمَريِّ، عن نافع، نحوه.

ولكنَّ العُمَريَّ ضعيفٌ.

* * *

ص: 409

رِوَايَة: كَانَ يَغْسِلُ ظُهُورَ أُذُنَيْهِ وَبُطُونَهُمَا

• وَفِي رِوَايَةٍ، عَنْ نَافِعٍ:((أنَّ ابنَ عُمَرَ رضي الله عنهما كَانَ يَغْسِلُ ظُهُورَ أُذُنَيْهِ وَبُطُونَهُمَا إِلَّا الصِّمَاخَ مَعَ الوَجْهِ مَرَّةً، أَوْ مَرَّتَيْنِ، وَيُدْخِلُ بِأُصْبُعَيْهِ بَعْدَمَا يَمْسَحُ بِرَأْسِهِ فِي المَاءِ، ثُمَّ يُدْخِلُهُمَا فِي الْصِّمَاخِ مَرَّةً))، وَقَالَ:((فَرَأَيتُهُ وَهُوَ يَمُوتُ تَوَضَّأَ، ثُمَّ أَدْخَلَ أُصْبُعَيْهِ فِي المَاءِ فَجَعَلَ يُرِيدُ أَنْ يُدْخِلَهُمَا فِي صِمَاخِهِ فَلَا يَهْتَدِيَانِ، وَلَا يَنْتَهِي حَتَّى أَدْخَلْتُ أَنَا أُصْبَعَيَّ فِي المَاءِ، فَأَدْخَلْتُهُمَا فِي صِمَاخِهِ)).

[الحكم]:

إسنادُهُ صحيحٌ.

[التخريج]:

[عب 26/ منذ 396]

[السند]:

أخرجه عبدُ الرزاقِ - ومن طريقِه ابنُ المُنْذِرِ -: عنِ ابنِ جُرَيجٍ، قال: أخبرني نافع، به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ صحيحٌ؛ رجاله كلهم ثقات رجال الشيخينِ.

وابنُ جُرَيجٍ من الأثبات في نافع، بل قال يحيى القَطَّان:"ابن جُرَيجٍ أَثبَتُ في نافع من مالك"(شرح علل التِّرْمِذي 1/ 459). ولَمَّا ذكر ابنُ المَدِينيِّ أيوبَ ومالكًا وعُبيد الله في الطبقة الأُولى من أصحاب نافع، قال: وسمِعتُ يحيى يقول: "ليس ابنُ جُرَيجٍ بدونهم فيما سمِع من نافع

(1)

"، وعَدَّ ابنُ المَدِينيِّ ابنَ جُرَيجٍ في الطبقة الثانية (شرح علل التِّرْمِذي 2/ 615).

* * *

(1)

يعني إذا صَرَّح بالسماع؛ لأنه مُدلِّسٌ.

ص: 410

رِوَايَة: فَيَأْمُرُنَا أَنْ نَمْسَحَ بِأُذُنَيْهِ:

• وَفِي رِوَايَةٍ، عن سالمٍ، قَالَ:((كُنَّا نُوَضِّئُ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما وَهُوَ مَرِيضٌ، فَيَأْمُرُنَا أَنْ نَمْسَحَ بِأُذُنَيْهِ عَلَى مَا كَانَ يَمْسَحُ)). وعَن نَافِعٍ، قَالَ:((فَنَسِينَا مَرَّةً أَنْ نَمْسَحَ بِأُذُنَيْهِ، فَجَعَلَ يُدْنِي يَدَيْهِ إِلَى أُذُنَيْهِ فَلَا يُطِيقُ أَنْ يَبْلُغَ أُذُنَيْهِ، وَلَا نَدْرِي مَا يُرِيدُ، حَتَّى انْتَبَهْنَا بَعْدُ، فَمَسَحْنَاهُمَا، فَسَكَنَ)).

[الحكم]:

إسنادُهُ صحيحٌ.

[التخريج]:

[عب 28]

[السند]:

أخرجه عبدُ الرزاقِ قال: عن مَعْمَر، عن الزُّهْريّ، عن سالمٍ، فذكر قول سالم

ثُمَّ قال: وأخبرني أيوب، عن نافع، قال: فَنَسِينَا مَرَّةً

فذكره.

والقائل: أخبرني أيوب هو مَعْمَر.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ صحيحٌ؛ رجاله كلهم ثقات.

وإن كان في رواية مَعْمَرٍ عن أيُّوبَ كلامٌ، فإنه متابَعٌ من ابن جُرَيجٍ، كما تقدم في الروايةِ السابقةِ، فهي بنحو رواية مَعْمَرٍ هذه.

* * *

ص: 411

رِوَايَة: يَتَوَضَّأُ ثَلَاثًا وَيَمْسَحُ:

• وَفِي رِوَايَةٍ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ صُبَيْحٍ، قَالَ:((رَأَيتُ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما يَتَوَضَّأُ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ وَأُذُنَيْهِ)).

[الحكم]:

إسنادُهُ صحيحٌ.

[التخريج]:

[ش 70/ منذ 409]

[السند]:

أخرجه ابنُ أبي شَيْبةَ في (مصنَّفه) - ومن طريقِه ابنُ المُنْذِرِ -، قال: حدثنا ابن فُضَيل، عن الحسن بن عُبيد الله، عن مسلم بن صُبَيح، به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ صحيحٌ؛ رجاله كلهم ثقات. فالحسن بن عُبيد الله هو النَّخَعي، ثقة فاضلٌ من رجال مسلم.

ص: 412

1768 -

حَدِيثُ ابْنِ عبَّاسٍ مَوْقُوفًا:

◼ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، قَالَ:«رَأَيتُ ابْنَ عبَّاسٍ رضي الله عنهما تَوَضَّأَ، فَمَسَحَ أُذُنَيْهِ ظَاهِرَهُمَا وَبَاطِنَهُمَا» .

[الحكم]:

إسنادُهُ حسَنٌ، وَصَحَّحَهُ العَيْنيُّ.

[التخريج]:

[طهور 358/ طح (1/ 34/ 152)]

[السند]:

أخرجه أبو عُبَيد في (الطهور) قال: حدثنا هُشَيم، قال: أخبرنا أبو حمزة، به.

وأخرجه الطَّحاويُّ في (شرح معاني الآثار) من طريقِ يحيى بن يحيى، عن هُشَيم، به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ حسنٌ؛ أبو حمزة هو القَصَّاب، مختلَفٌ فيه، ولخَّصه الحافظ بقوله:"صدوقٌ، له أوهام"(التقريب 358).

وقال العَيْنيُّ: "إسنادُهُ صحيحٌ"(نخب الأفكار 1/ 301).

ص: 413