الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
277 - بَابُ المَسْحِ عَلَى النَّاصِيَةِ
1740 -
حَدِيثُ المُغِيرَةِ:
◼ عَنِ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رضي الله عنه: ((أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ، فَمَسَحَ بِنَاصِيَتِهِ (مُقَدَّمِ رَأْسِهِ)، وَعَلَى العِمَامَةِ، وَعَلَى الْخُفَّيْنِ)).
[الحكم]:
صحيح (م). إلا أن طرقه لا تخلو من مقال في ثبوت زيادة المسح على الناصية والعمامة، وقد تقدم من طرقٍ عن المغيرة بدونهما.
[التخريج]:
[م (274/ 83) واللفظُ له، (274/ 82) والرواية له ولغيرِهِ/ د 149/ ت 101/ ن 111، 112/ كن 135/ حم 18234/ حب 1337، 1341/ جا 83/ عه 784 - 786/ ش 230، 241، 1889، 37254/ طب (20/ 379 - 380/ 886، 887، 888)، (20/ 398/ 945)، (20/ 426/ 1030)، (20/ 428/ 1035، 1036، 1038) / طس 3448، 5404/ طص 369/ طش 2685/ قط 737، 738 - 740/ علقط 1236/ أم 69/ شف 48/ ثعلب 1236/ مسن 637/ هق 270، 271/ بغت (3/ 22) / بغ 232/ طي 734/ هقع 618، 619/ خطل (2/ 868 - 876) / محلى (2/ 52 - 53) / تمهيد (20/ 128) / طوسي 82/ مخلص 2825/ مزني 6/ تخث (السفر الثاني 4233) / منذ 492/ حداد 292، 293]
[السند]:
قال مسلم: حدثنا محمدُ بن بَشَّار ومحمد بن حاتم، جميعًا عن يحيى القَطَّان - قال ابنُ حاتم: حدثنا يحيى بن سعيد -، عن التَّيمي، عن بكر بن عبد الله، عن الحسن، عنِ ابنِ المُغيرة بن شُعبة، عن أبيه، به.
قال بكر: وقد سمِعتُ من ابن المغيرة
…
وابنُ المغيرة هنا هو حمزة بن المغيرة، كذا رواه جماعة عن حُمَيد الطويل، عن بكر.
قال البَيْهَقيُّ: "وقد رُوِّينا معناه في حديثِ بكر بن عبد الله المُزَني، عن حمزة بن المغيرة بن شُعبة، عن أبيه، موصولًا صحيحًا"(معرفة السنن والآثار 1/ 275).
وقال أيضًا: "وأما المسح بالعمامة والناصية، فهو محفوظ في حديثِ المغيرة بن شُعبة عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم"(السنن الصغرى 1/ 100).
وكذا صَحَّحَهُ ابن عبد البر في (التمهيد 11/ 130).
[تنبيه]:
قد ورد المسح على الناصية والعمامة من طرق كثيرة عن المغيرة، ولكن لا يخلو طريق منها من مقال في ثبوت ذلك في الحديثِ، وقد رواه جماعة عن المغيرة دون ذكر المسح على الناصية والعمامة، منهم:
1) عُرْوة بن المغيرة، عند البُخاريّ (182، 203، 206، 4421، 5799)، ومسلم (274/ 75، 79، 80، 105) وغيرِهما.
2) مسروق بن الأجدع، عند البُخاريّ (388، 2918، 5798)، ومسلم
(274/ 77، 78) وغيرِهما.
3) حمزة بن المغيرة، عند مسلم (274/ 105) وغيرِه.
وقد روي عنهم أيضًا المسح على الناصية والعمامة، كما سيأتي بيانه.
4) الأسود بن هلال، عند مسلم (274/ 76) وغيره.
5) قَبِيصَة بن بُرْمَةَ، عند أحمدَ (18170) بسند صحيح
(1)
.
* وأما الطرق التي فيها (المسح على الناصية والعمامة)، فبيانها كالتالي:
أولًا: طريق حمزة بن المغيرة، عن أبيه:
فقد تقدم أن مسلمًا أخرجه من طريقِ سُلَيمان التَّيمي، عن بكر بن عبد الله، عن الحسن، عنِ ابنِ المغيرة بن شُعبة، عن أبيه، به. وذكر بكر: أنه سمعه أيضًا من ابن المغيرة.
ولم يُصرِّح باسمه التَّيميُّ، ولكن رواه حميد الطويل عن بكر فسماه حمزة بن المغيرة.
وقد انفرد بكر برواية هذه الزيادة من هذا الوجه.
وبكر بن عبد الله المُزَنيُّ وَثَّقَهُ جماعة من الأئمة، وقال الحافظُ:"ثقة ثبْتٌ جليل"(التقريب 743).
ولكن خالفه إسماعيل بن محمد بن سعد - وهو ثقةٌ حُجَّةٌ من رجال الشيخينِ (التقريب 479) -؛ فرواه عن حمزة بن المغيرة، عن أبيه، به،
(1)
هذه الطرق التي فيها ذكر القصة وصفة الوضوء، ولم نذكر الطرق التي اقتصرت على ذكر المسح على الخفين، وهي كثيرة جدًّا؛ إذ لا يصح الاستشهاد بها هنا.
ولم يذكر المسح على الناصية ولا العمامة.
أخرج روايتَه: عبدُ الرَّزَّاقِ (756) - وعنه أحمدُ (18195)، ومن طريقِه مسلم (274/ 105) -: عنِ ابنِ جُرَيجٍ، حدثني الزُّهْريّ.
ورواه عبدُ الرَّزَّاقِ (757). وابنُ أبي شَيْبةَ في (1889). والنَّسائيّ في (الصغرى 130)، وفي (الكبرى 96، 137، 161) عن محمدِ بنِ منصور، ثلاثتهم: عن سفيانَ بن عُيَيْنةَ.
كلاهما (الزُّهْريّ وابنُ عُيَيْنةَ): عن إسماعيل بن محمد بن سعد، عن حمزة بن المغيرة بن شُعبة، عن أبيه، به.
وقد أشارَ لإعلاله بذلك النَّسائيّ؛ فقال - عَقِبَ رواية بكر -: "وقد رَوَى هذا الحديثَ، إسماعيل بن محمد بن سعد، عن حمزة بن المغيرة، ولم يذكر العمامة"(السنن الكبرى 136).
هذا وقد اختَلفوا على بكر في سندِهِ:
فقد رواه عنه التَّيميُّ، عن الحسن، عنِ ابنِ المغيرة، عن أبيه. وذكر أنه سمعه من ابن المغيرة كذلك.
ورواه حُمَيد الطويل، عنه، عن حمزة بن المغيرة، عن أبيه.
ورواه سعيد بن أبي عَرُوبةَ - كما عند أحمدَ (18157) عن غُنْدَرٍ عنه -، وعاصم الأحول وداود بن أبي هند - كما في (علل الدَّارَقُطنيّ 1236) -: عن بكر عن المغيرة. لم يذكر الحسن ولا ابن المغيرة.
وبكر مختلَفٌ في سماعه من المغيرة، فقال ابنُ مَعِينٍ:"بكر لم يسمع من المغيرة"(تهذيب التهذيب 1/ 484).
وقال الحاكمُ: "بكر بن عبد الله المُزَنيُّ لم يسمع من المغيرة بن شُعبة؛ إنما يَروي عنِ ابنِ المغيرة عن أبيه"(سؤالات السِّجْزي 156).
واختَلف القول عن الدَّارَقُطنيّ؛ فقال وهو يحكي الخلاف على بكر في هذا الحديثِ: "ورَوَى هذا الحديثَ عاصمٌ الأحول، عن بكرٍ مرسلًا عن المغيرة
…
ورُوِي عن داود بن أبي هند، عن بكر، عن المغيرة مرسلًا أيضًا" (العلل 3/ 294).
فقوله هنا: (مرسلًا عن المغيرة) يفيد أنه لم يسمع منه. ولكن في موضعٍ آخَرَ قيل للدَّارَقُطنيِّ: سمِع من المغيرة؟ قال: "نعم"! (العلل 3/ 320). فالله أعلم.
ولعل الصواب ما قاله ابن مَعِينٍ والحاكمُ، ويؤيِّدُه رواية الجماعة لهذا الحديثِ عنه عن المغيرة بواسطة وواسطتين.
ثانيًا: طريق عُرْوة بن المغيرة، عن أبيه:
أخرجه الإمام مسلم: عن محمدِ بنِ عبد الله بن بَزِيع، عن يَزيدَ بن زُرَيْعٍ، عن حُميد الطويل، عن بكر بن عبد الله، عن عُرْوةَ بن المغيرة، عن أبيه، به.
وسيأتي أنَّ ابنَ بَزِيع أخطأ في هذا الإسناد، والصواب أنه:"عن حمزة بن المغيرة"، وليس "عن عُرْوةَ"، كما قال الدَّارَقُطنيُّ وأبو مسعود الدمشقيُّ والقاضي عِياضٌ وغيرُهُم.
ثُمَّ إن المحفوظ عن عُرْوةَ بن المغيرة؛ ما أخرجه البُخاريّ (182، 203، 4421)، ومسلم (274/ 75) من طريقِ نافع بن جبير.
وأخرجه البُخاريّ (206، 5799)، ومسلم (274/ 79، 80) من طريقِ
عامر الشَّعبي.
وأخرجه مسلم (274/ 105) من طريقِ عَبَّاد بن زِياد.
ثلاثتهم عن عُرْوةَ به دون ذكر المسح على الناصية أو العمامة.
فإن قيل: قد رُوِي من طريقِ الشَّعبيِّ عن عُرْوةَ به بذكر المسح على الناصية والعمامة.
قلنا: رواه النَّسائيُّ في (الصغرى 85)، والطَّحاويّ في (شرح معاني الآثار 1/ 31/ 133) - والسياق للنسائي-: من طريقِ ابنِ عون، عن عامر الشَّعبي، عن عُرْوةَ بن المغيرة، عن المغيرة، وعن محمدِ بنِ سيرين، عن رجل حتى رده إلى المغيرة، قال ابنُ عون: ولا أحفظ حديثَ ذا مِن حديث ذا
…
فذَكَر الحديثَ، وفيه: ((
…
وَذَكَرَ مِنْ نَاصِيَتِهِ شَيْئًا وَعِمَامَتِهِ شَيْئًا - قال ابنُ عَوْنٍ: لا أَحْفَظُ كَمَا أُرِيدُ -، ثُمَّ مَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ
…
)).
فهذا السياق ليس فيه جَزْمٌ أنه من روايةِ الشعبي كما ترى، والمحفوظُ عن الشَّعبيِّ بدون هاتين الزيادتين كما تقدم، وإنما هُمَا من روايةِ ابن سِيرِينَ، عن رجل (وهو عَمرو بن وَهْب)، عن المغيرة. وسيأتي الكلام على روايته في الطريق الرابع.
ثالثًا: طريق مسروق عن المغيرة:
أخرجه الطَّبَرانيُّ في (الكبير 20/ 398/ 945): عن عبدِ اللهِ بن أحمدَ بن حَنبَل، حدثني أبي، حدثنا أبو أسامة، عن الأعمشِ، عن أبي الضُّحى، عن مسروق، عَنِ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رضي الله عنه:((أَنَّهُ وَضَّأَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَتَوَضَّأَ فَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ وَعَلَى الْخِمَارِ)).
وهذا إسناد ظاهره الصحة؛ فرجاله ثقات رجال الشيخينِ غيرَ عبدِ اللهِ بنِ
أحمدَ وهو ثقةٌ حافظٌ.
ولكن المحفوظ عن أبي أسامة به بدون ذكر المسح على الخِمار.
كذا أخرجه البُخاريّ (388) عن إسحاق بن نصر. وأبو عَوَانةَ في (المستخرج 560، 776) عن أبي البَخْتَريِّ عبد الله بن محمد بن شاكر (ثقة صدوقٌ). كلاهما: عن أبي أسامة، ولم يذكر هذه الزيادة.
وهذا هو المحفوظُ عن الأعمشِ؛ كذا رواه عنه جماعة من أصحابه، وهُم:
1) أبو معاوية، عند البُخاريّ (263)، ومسلم (274/ 77).
2) وعبد الواحد بن زياد، عند البُخاريّ (2918، 5798).
3) وعيسى بن يونس، عند مسلم (274/ 78).
4) والثَّوْريّ، عند عبد الرَّزَّاقِ (758) وعنه أحمد (18159).
كلهم: عن الأعمشِ به دون الزيادة
(1)
.
فهي زيادة شاذة من هذا الوجه.
رابعًا: طريق عَمرو بن وَهْب الثَّقَفي، عن المغيرة:
أخرجه الشافعي في (الأم 69)، وأحمد (18134)، والنَّسائيّ (114) وجماعة: من طرق صِحَاحٍ عنِ ابنِ سيرين، عن عَمرو بن وَهْب الثَّقَفي (وفي بعضها التصريح بسماع ابن سيرين من عَمرو)، قال: سمِعتُ المغيرةَ بن شُعبة، به.
(1)
إلا أنه في رواية الثَّوْريّ سقط من سنده (مسروق).
وقد اختُلف على ابنِ سيرين في إسنادِهِ على أوجه، منها: إدخال واسطة مبهمة بينه وبين عمرو، ولهذا توقف في تصحيحه ابنُ خُزَيْمةَ وغيره.
ومنها: ما رواه بعض أصحاب ابن عَوْن، عن محمد عن عَمرو بن وَهْب، عن رجل، عن آخر، عن المغيرة. وقيل لأبي زُرْعةَ الرَّازيّ: أيهما الصحيح؟ قال: "عمرو عن رجل عن آخر عن المغيرة"(علل ابن أبي حاتم 10).
ولكن الأرجح - لدينا - هو رواية الجماعة الثِّقات الأثبات عنِ ابنِ سيرين، عن عَمرو بن وَهْب الثقفي، عن المغيرة، بدون واسطة بينهم، وقد صرح كل منهما بالسماعِ من شيخه من وجوه. وهو ما رجَّحه الدَّارَقُطنيُّ، وسيأتي بيانه مفصلًا في الرواياتِ التالية.
وعَمرو بن وَهْب الثقفي؛ وثَّقه النَّسائيُّ وابنُ سعدٍ والعِجْليُّ وابنُ حِبَّانَ. (تهذيب التهذيب 8/ 117). واعتمده الحافظ في (التقريب 5135). ولكن تفرد بالرواية عنه ابن سيرين؛ ولهذا ذكره الذَّهَبيُّ في (الميزان 6471) فقال: "عن المغيرة. تفرَّد عنه ابن سيرين، إلا أن النَّسائيَّ وَثَّقَهُ". وقال في (الكاشف 4249) - مُلَيِّنًا توثيقَه -: "وُثِّقَ".
فلقائل أن يقول: إن مثله لا يتحمل قَبول روايته، وقد خالفه جماعة منَ الثِّقاتِ المشاهير عن المغيرة بدون ذكر المسح على الناصية والعمامة.
وقد قال العُقَيليُّ: "الرواية في مسح العمامة فيها لِينٌ، ما فيها شيء ثابت"(الضُّعفاء 4/ 16).
[تنبيه]:
قال ابنُ الجَوزيِّ: "حديث المغيرة أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم توضأ فمسح بناصيته ومسح على العمامة وقد سبقَ بإسنادِهِ، وهو متفق عليه"(التحقيق 1/ 156).
كذا قال! والحديثُ بذكر المسح على الناصية والعمامة من أفراد مسلم، لم يخرِّجه البُخاريُّ، إنما اتفقا على المسح على الخفين.
ولذا تَعَقَّبَه ابنُ عبدِ الهادِي؛ فقال: "كذا قال المؤلف! وقد تقدم أنه من أفراد مسلم"(تنقيح التحقيق 1/ 211). وقال في موضعٍ آخَرَ: "ذكر الحافظ ضياء الدين وغيره أن حديث المغيرة انفرد به مسلم. وهو كما قالوا"(تنقيح التحقيق 1/ 195).
وقال ابنُ حَجَرٍ: "ولم يخرجه البُخاريّ، ووهِمَ المُنْذِري فيه، فعزاه إلى المتفق، وتبِع في ذلك ابنَ الجَوزيِّ، وقد تَعقَّبَه ابنُ عبدِ الهادِي، وصَرَّح عبدُ الحق في (الجمع بين الصحيحين) بأنه من أفراد مسلم"(التلخيص الحبير 1/ 95).
* * *
رِوَايَة: أَنَّهُ غَزَا مَعَهُ غَزْوَةَ تَبُوكَ، وَفِيهَا: وَمَسَحَ بِناصِيَتِهِ وَعَلَى العِمامَةِ:
• وَفِي رِوَايَةٍ، عَنِ المُغيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رضي الله عنه، [أَنَّهُ غَزَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَبُوكَ] 1، قَالَ: تَخَلَّفَ رَسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَتَخَلَّفْتُ مَعَهُ (عَدَلَ رَسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنا مَعَهُ) 1 [فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ قَبْلَ الفَجْرِ] 2، [فَلَمَّا كَانَ مِنَ السَّحَرِ، ضَرَبَ عُنُقَ رَاحِلَتِي، فَظَنَنْتُ أَنَّ لَهُ حَاجَةً، فَعَدَلْتُ مَعَهُ، فَانْطَلَقْنَا حَتَّى بَرَزْنَا عَنِ النَّاسِ، فَنَزَلَ عَنْ رَاحِلَتِهِ، ثُمَّ انْطَلَقَ، فَتَغَيَّبَ عَنِّي حَتَّى مَا أَرَاهُ، فَمَكَثَ طَوِيلًا، ثُمَّ جَاءَ] 3، فَلَمَّا قَضَى حاجَتَهُ [قَالَ:«حَاجَتَكَ؟» ، فَقُلْتُ: لَيْسَتْ لِي حَاجَةٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ] 4، قالَ:«أَمَعَكَ مَاءٌ؟» ، فَأَتَيْتُهُ بِمِطْهَرَةٍ [فَسَكَبْتُ عَلَى يَدِهِ مِنَ الإِدَاوَةِ] 5، فَغَسَلَ كَفَّيْهِ [ثَلَاثَ مَرَّاتٍ] 6 [فَأَحْسَنَ غَسْلَهُمَا] 7 وَوَجْهَهُ، ثُمَّ ذَهَبَ يَحْسِرُ عَنْ ذِراعَيْهِ فَضَاقَ كُمُّ الْجُبَّةِ فَأَخْرَجَ يَدَهُ مِنْ تَحْتِ الْجُبَّةِ وَالقَى الْجُبَّةَ عَلَى مَنْكِبَيْهِ، وَغَسَلَ ذِراعَيْهِ [إِلَى المِرْفَقَيْنِ] 8 (فَغَسَلَ يَدَهُ اليُمْنَى ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَيَدَهُ اليُسْرَى ثَلَاثَ مَرَّاتٍ) 2، وَمَسَحَ بِنَاصِيَتِهِ وَعَلَى العِمَامَةِ وَعَلَى خُفَّيْهِ، [وَلَمْ يَنْزِعْهُمَا] 9، ثُمَّ رَكِبَ وَرَكِبْتُ، فَانْتَهَيْنَا إِلَى القَوْمِ وَقَدْ قَامُوا فِي الصَّلَاةِ يُصَلِّي بِهِمْ عبدُ الرحمنِ بنُ عَوْفٍ [فَصَلَّى بِهِمْ حِينَ كَانَ وَقْتُ الصَّلَاةِ] 10 وَقَدْ رَكَعَ بِهِمْ رَكْعَةً [مِنْ صَلَاةِ الفَجْرِ]11.
[قَالَ المُغِيرَةُ: فأَرَدْتُ تَأْخِيرَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «دَعْهُ»] 12، فَلَمَّا أَحَسَّ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ذَهَبَ يَتَأَخَّرُ، فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ [أَنْ يَمْضِيَ] 13، فَصَلَّى بِهِمْ، [فَأَدْرَكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِحْدَى الرَّكْعَتَيْنِ، فَصَلَّى مَعَ النَّاسِ الرَّكْعَةَ الْآخِرَةَ] 14، فَلَمَّا سَلَّمَ [عبدُ الرحمنِ بنُ عَوْفٍ] 15 قَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم [يُتِمُّ صَلَاتَهُ] 16 وَقُمْتُ، فَرَكَعْنا الرَّكْعَةَ الَّتِي سَبَقَتْنَا [وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهَا شَيْئًا] 17، [فَأَفْزَعَ ذَلِكَ المُسْلِمِينَ فَأَكْثَرُوا
التَّسْبِيحَ] 18؛ [لِأَنَّهُمْ سَبَقُوا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بِالصَّلاةِ] 19، ] فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم صَلَاتَهُ أَقْبَلَ عَلَيْهِمْ»، ثُمَّ قَالَ:«أَحْسَنْتُمْ» أَوْ قَالَ: «قَدْ أَصَبْتُمْ» ، يَغْبِطُهُمْ أَنْ صَلَّوُا الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا] 20.
[الحكم]:
صحيح (م)، عدا بعضَ الرواياتِ والزيادات فلغيرِهِ.
[التخريج]:
[م (274 - 81)"واللفظُ له"، (274 - 105)"والزيادة الأولى والسادسة والثامنةُ والثانيةَ عشرةَ والرابعةَ عشرةَ والخامسةَ عشرةَ والسادسةَ عشرةَ والثامنةَ عشرةَ والعشرون له"/ د 149 "والرواية الأولى له، والزيادة الثانية والخامسة والعاشرةُ والحاديةَ عشرةَ والتاسعةَ عشرةَ له"، 152 "والزيادةُ الثالثةَ عشرةَ والسابعةَ عشرةَ له"/ ن 113/ كن 136، 211 - 213/ جه 1209 مختصرًا/ طا 79/ حم 18134 "والزيادة الثالثة والسابعة له"، 18160، 18161، 18164 "والزيادة الرابعة له"، 18165، 18172، 18175 "والزيادة التاسعة، والرواية الثانية له"، 18182، 18194، 18195/ مي 1281، 1282/ خز 1120، 1604، 1605، 1724/ حب 1342، 2223، 2224/ ك 6026/ عه 783، 2021 - 2022/ عب 755، 756/ ش 1889، 7247 مختصرًا/ حميد 397/ طب (20/ 376/ 880)، (20/ 390/ 923)، (20/ 426 - 429/ 1032، 1033، 1037، 1039، 1040، 1041)، (20/ 432/ 1050، 1051) / طس 1840، 9110، 1389، 4901، 5139، 7586 "مختصرًا"/ طش 1817، 1256، 2684، 3503/ تخ (6/ 377) مختصرًا/ أم 81/ شف 73، 74/ مسن 632، 944، 945/ هق 269، 282، 3661، 3944، 3945،
5209، 5373/ هقغ 124/ هقع 615، 1953/ بغ 236/ نبغ 484/ فة (1/ 398 - 399) / طح (1/ 31) / سعد (3/ 119) / مع (خيرة 1092/ 2) / مشكل 5653/ خطل (2/ 866، 869 - 875) / كر (26/ 228)، (26/ 229 - 230)، (35/ 258)، (35/ 260) / مطغ 225/ رقة 202/ عف (عنبري 71) / مديني (عوالي 43) / مديني (لطائف 626) / تمهيد (11/ 122 - 123، 159 - 160) / علحا 173/ كما (14/ 121 - 122)، (22/ 291 - 292) / متشابه (2/ 793) / حبيب 15/ بلا (10/ 32 - 33)].
[السند]:
قال مسلم: حدثني محمد بن عبد الله بن بَزِيع، حدثنا يزيد - يعني: ابنَ زُرَيْعٍ -، حدثنا حميد الطويل، حدثنا بكر بن عبد الله المُزَنيُّ، عن عُرْوةَ بن المغيرة بن شُعبة، عن أبيه قال: تَخَلَّفَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَتَخَلَّفْتُ مَعَهُ
…
به.
[تنبيه]:
خطَّأَ عددٌ منَ العلماءِ ذِكْرَ (عُرْوة بن المغيرة) في هذا الطريق؛ وذلك لأن المحفوظ في هذا الإسناد: عن يَزيدَ بن زُرَيْعٍ به (عن حمزة بن المغيرة) وليس عن (عُرْوة).
كذا رواه عَمرو بن علي الفَلَّاسُ وحُميد بن مَسْعَدة - كما عند النَّسائيّ في (الصغرى 113)، و (الكبرى 136) -، ومُسَدَّدٌ - كما في (مستخرج أبي عَوَانةَ 783) و (مستخرج أبي نُعَيمٍ 632)، وغيرِهما -. ثلاثتهم: عن يَزيدَ بن زُرَيْعٍ، عن حُميد الطويل، عن بكر بن عبد الله، عن حمزة بن المغيرة، عن أبيه، به.
وكذا رواه جماعة منَ الثِّقاتِ الأثبات عن حميد؛
فأخرجه أحمدُ (18172)، وغيره: عنِ ابنِ أبي عَدِي.
وأخرجه ابنُ أبي خَيْثَمَةَ في (تاريخه - السِّفر الثاني 4232)، والطَّبَرانيُّ في (الكبير 20/ 379/ 885) وغيرُهُما: من طريقِ حماد بن سلمة.
وأخرجه ابنُ حِبَّانَ (1342): من طريقِ المعتمر بن سُلَيمان.
ثلاثتهم: عن حميد الطويل، عن بكر، عن حمزة بن المغيرة، عن أبيه، به.
ولذا قال الدَّارَقُطنيُّ: "وأخرج مسلم، عنِ ابنِ بَزِيع، عن يَزيدَ بن زُرَيْعٍ، عن حميد، عن بكر، عن عُرْوةَ بن المغيرة، عن أبيه: قصة المسح.
كذا قال ابنُ بَزِيع. وخالَفَه [غيرُه عن]
(1)
يزيد؛ فرواه عنه على الصوابِ، عن حمزة بن المغيرة. ورواه حميد بن مَسْعدةَ وعَمرُو بن عليٍّ، عن يَزيدَ بن زُرَيْعٍ على الصوابِ. وكذلك قال ابنُ عَدِيٍّ، عن حميد" (التتبع 82).
وأشارَ لذلك البَيْهَقيّ بقوله: "رواه مسلم في الصحيح، عن محمدِ بنِ عبد الله بن بَزِيع
…
ورواه الجماعة عن يَزيدَ بن زُرَيْعٍ بإسنادِهِ عن حمزة بن المغيرة" (معرفة السنن والآثار 616).
وقال أيضًا: "كذا قال ابنُ بَزِيع في إسنادِهِ: عُرْوة، وقال غيره فيه عن يَزيدَ بن زُرَيْعٍ: حمزة بن المغيرة"(السنن الصغرى 1/ 100).
وقال أبو علي الغَسَّاني: "قال أبو مسعود الدمشقي: هكذا يقول مسلم في
(1)
في المطبوع (عن غيره) مقلوب، والصواب المثبَت، وقد نقله على الصواب غيرُ واحد، انظر (الإمام 2/ 108)، و (شرح ابن ماجَهْ 2/ 210).
حديثِ ابن بَزِيع، عن يَزيدَ بن زُرَيْعٍ:((عُرْوة بن المغيرة))، وخالَفَه الناسُ فقالوا فيه:((حمزة بن المغيرة)) بدل ((عُرْوة)) ".
قال أبو عليٍّ: "وأما أبو الحسن الدَّارَقُطنيُّ فنَسَب الوهَم فيه إلى محمد بن عبد الله بن بَزِيع، لا إلى مسلم. والله أعلم"(تقييد المهمل 3/ 792). وبنحو ذلك قال القاضي عِياضٌ في (إكمال المُعْلِم 2/ 88)، و (مشارق الأنوار على صِحاح الآثار 2/ 124)، وابنُ دقيق في (الإمام 2/ 108)، ومُغْلَطاي في (شرح ابن ماجَهْ 2/ 210).
وقال عِياضٌ أيضًا: "حمزة بن المغيرة هو عندهم الصحيح في هذا الحديثِ، وإنما عُرْوة بن المغيرة في الأحاديث الأُخَر، وحمزة وعُرْوة أبناء المغيرة، والحديثُ مَرْوِيٌّ عنهما جميعًا، لكن رواية بكر بن عبد الله المُزَني إنما هي عن حمزة بن المغيرة أو ابن المغيرة - غير مُسَمّى - ولا يقول: عُرْوة، ومَن قال: عُرْوة عنه وهِمَ"(إكمال المُعْلِم 2/ 89).
وقال ابنُ سيِّدِ الناسِ في (شرح التِّرْمِذيّ): "وكلام الدَّارَقُطنيِّ يقضي نسبةَ الوهَمِ فيه إلى ابن بَزِيع
…
وقول أبي مسعود يقتضي نسبةَ الوهَمِ فيه إلى مسلم"، ثُمَّ قال: "الوهَم دائر بينهما إلى أن توضحه المتابعات؛ فإن وجدنا راوٍ راويًا غيرَ مسلم رواه عنِ ابنِ بَزِيع على الصوابِ فالحمل فيه على مسلم. وإن وجدنا متابعَ مسلمٍ رواه عنِ ابنِ بَزِيع كرواية مسلم فالحمل فيه على ابنِ بَزِيع. وقد رواه حماد بن سلمة عن حميد، فقال: عن حمزة بن المغيرة على الصوابِ" (النفح الشذي 2/ 386).
قلنا: والأولى إلصاق الوهَمِ بابن بَزِيع؛ لِما بينه وبين الإمام مسلم من تفاوت كبير في الثقة والضبط، وقد وقفنا على متابعة للإمام مسلم على روايته؛
أخرجها البَيْهَقيّ في (معرفة السنن والآثار 615) وفي (السنن الصغرى 124) قال: أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق المزكي، قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب بن يوسف الحافظ، قال: حدثنا عبدُ اللهِ بنُ محمد بن شِيرُويَهْ، قال: حدثنا محمدُ بنُ عبدِ اللهِ بن بَزِيع، قال: حدثنا يزيد بن زُرَيْعٍ، قال: حدثنا حميد الطويل، قال: حدثنا بكر بن عبد الله المُزَنيُّ، عن عُرْوةَ بن المغيرة بن شُعبة، عن أبيه، به.
وابنُ شِيرُويَهْ ثقةٌ حافظٌ فقيهٌ؛ فبَرِئَتْ ساحةُ الإمام مسلمٍ، وتحقَّقَ أن الوهَم من ابن بَزِيع. والله أعلم.
* * *
رِوَايَة: ثُمَّ صَلَّى بِنَا:
• وَفِي رِوَايَةٍ، زَادَ فِي آخِرِهِ: ((
…
وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ، ثُمَّ صَلَّى بِنَا)).
[الحكم]:
صحيح (م)، إلا أن المحفوظ في الحديثِ:((ثُمَّ صَلَّى)) دُونَ قولِه: ((بِنَا))؛ لأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كان في تلك الواقعة مُؤْتَمًّا بعبد الرحمن بن عَوْف، كما تَقَدَّمَ.
[التخريج]:
[م (274/ 78) / ن 128/ جه 393]
[السند]:
أخرجه مسلم (274/ 78)، قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم، وعلي بن خَشْرَم، جميعًا عن عيسى بن يونس، قال: إسحاق، أخبرنا عيسى، حدثنا
الأعمش، عن مسلم، عن مسروق، عن المغيرة بن شُعبة، به.
وأخرجه النَّسائيُّ (128)، وابنُ ماجَهْ (393)، من طريقِ عيسى بن يونس عن الأعمشِ به.
[تنبيه]:
انفرد بزيادة ((بِنَا)) عيسى بن يونس عن الأعمشِ، وخالفه كل أصحاب الأعمش، فوقفوا بالحديث عند قوله ((ثُمَّ صَلَّى)).
كذا رواه عن الأعمشِ:
1) أبو معاوية، عند البُخاريّ (363)، ومسلم (274/ 77)، وغيرهما.
2) وعبد الواحد بن زياد، عند البُخاريّ (2918، 5798).
3) وأبو أسامة، عند البُخاريّ (388).
وغيرهم.
وقد رُوِيَ هذا الحديثُ من طريقِ عُرْوة وحمزةَ ابنَيِ المغيرة، وعَمرو بن وَهْب، عن المغيرة، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كان في تلك الواقعة مؤتمًّا بعبد الرحمن بن عوف.
وعليه: فزيادة ((بِنَا)) شاذة.
ولذا قال الشيخ الألبانيُّ: "صحيح الإسناد: م، لكن قوله: ((بِنَا)) خطأ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم كان مقتديًا بابن عوف في هذه القصة، كما تقدم"(صحيح سنن النَّسائيّ 123).
* * *
رِوَايَة: وَمَسَحَ بِنَاصِيَتِهِ وَجَانِبَيْ عِمَامَتِهِ:
• وَفِي رِوَايَةٍ، عَنِ المُغِيرَةِ رضي الله عنه، قَالَ:((خَصْلَتَانِ لَا أَسْأَلُ عَنْهُمَا أَحَدًا بَعْدَمَا شَهِدْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. قَالَ: كُنَّا مَعَهُ فِي سَفَرٍ، فَبَرَزَ لِحَاجَتِهِ، ثُمَّ جَاءَ فَتَوَضَّأَ وَمَسَحَ بِنَاصِيَتِهِ وَجَانِبَيْ عِمَامَتِهِ، وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ. قَالَ: وَصَلَاةُ الإِمَامِ خَلْفَ الرَّجُلِ مِنْ رَعِيَّتِهِ، فَشَهِدْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ فِى سَفَرٍ، فَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ، فَاحْتَبَسَ عَلَيْهِمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَقَدَّمُوا ابْنَ عَوْفٍ فَصَلَّى بِهِمْ، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَصَلَّى خَلْفَ ابْنِ عَوْفٍ مَا بَقِيَ مِنَ الصَّلَاةِ، فَلَمَّا سَلَّمَ ابْنُ عَوْفٍ قَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَضَى مَا سُبِقَ بِهِ)).
[الحكم]:
إسناده رجاله ثقات، وَصَحَّحَهُ البَغَويُّ والألبانيُّ.
[التخريج]:
[ن 114 واللفظُ له/ كن 139/ حم 18157 مختصرًا/ خز 1727/ عب 740 "مختصرًا"/ طب (20/ 426/ 1031)، (20/ 427/ 1034) / معر 1454 "مختصرًا"/ فقط (أطراف 4369) / طي 726 مختصرًا/ كر (35/ 258) / مض 32/ خلدف 116/ لي (رواية ابن البيع 250) مختصرًا/ خطل (2/ 867) / جَصَّاص (3/ 346)].
[السند]:
قال النَّسائيُّ: أخبرنا يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا هُشَيم، قال: أخبرنا يونس بن عبيد، عنِ ابنِ سيرين، قال: أخبرنى عَمرو بن وَهْب الثَّقفي، قال: سمعت المغيرة بن شُعبة، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخينِ، غيرَ عَمرو بن وَهْب، وقد وثقه النَّسائيّ وابنُ سعدٍ والعِجْليّ وابنُ حِبَّانَ (تهذيب التهذيب 8/ 117)، ولذا قال الحافظُ:"ثقة"(التقريب 5135).
ولذا صَحَّحَهُ البَغَويُّ في (الأنوار في شمائل النبي المختار ص 363)، وفي (شرح السُّنَّة 232).
وكذا صَحَّحَهُ الألبانيُّ في (صحيح سنن النَّسائيّ 109).
ولكن تفرد بالرواية عنه ابن سيرين، ولهذا ذكره الذَّهَبيُّ في (الميزان 6471) فقال:"عن المغيرة. تفرد عنه ابن سيرين إلا أن النَّسائيّ وَثَّقَهُ". وقال في (الكاشف 4249) - مُلَيِّنًا توثيقَه -: "وُثِّق".
فلقائل أن يقول: إن مثله لا يتحمل قَبول روايته، وقد خالفه جماعة منَ الثِّقاتِ المشاهير عن المغيرة دون ذكر المسح على الناصية ولا العمامة. كما تقدم بيانه.
وقد أَعَلَّه ابن خُزَيْمةَ وابنُ عبد البر بما لا يُسَلَّم؛
فقال ابنُ خُزَيْمةَ: "إنْ صح الخبر
…
فإن حماد بن زيد رواه عن أيُّوبَ عنِ ابنِ سيرين قال: حدثني رجل يكنى أبا عبد الله، عن عَمرو بن وَهْب".
وقال ابنُ عبد البر: "بيْن ابن سيرين وبيْن عَمرو بن وَهْب في هذا الحديثِ رجلٌ، كذلك قال حماد بن زيد"(التمهيد 20/ 128).
قلنا: رواية حماد هذه، رواها الطَّبَرانيّ في (المعجم الكبير 20/ 429/ 1039) قال: حدثنا عليُّ بن عبد العزيز، حدثنا عارِم أبو النعمان، حدثنا حمادُ بنُ زيدٍ، عن أيُّوبَ، عن محمدِ بنِ سيرين، عن رجل يكنى أبا
عبد الله، عن عَمرو بن وَهْب الثقفي، قال: سألت المغيرة
…
فذكره.
ورواها البَيْهَقيّ في (السنن 271) من طريقِ أبي الربيع الزَّهْراني، عن حماد، به.
وكذا رواه جَرير بن حازم عنِ ابنِ سيرين، كما عند أحمد (18165).
ولكن هذا ليس بقادح؛ فقد اختُلِف عليهما في ذلك، كما خُولِفا في ذلك:
فقد رواه أحمدُ (18182) عنِ ابنِ عُلَيَّةَ، قال: أَخبرنا أيوب، عن مُحمد، عن عَمرو بن وَهْب الثَّقَفي، قَال: كُنَّا مَعَ المُغِيرَةِ
…
فذكره بلفظ الرواية المطولة السابقة وقد أشرنا إليه هناك، فهذا ابن عُلَيَّةَ - وهو ثقةٌ حافظٌ - يرويه عن أيُّوبَ بنحو رواية يونس عنِ ابنِ سيرين.
وقد صرح يونس - وهو ثقةٌ ثبْتٌ - بسماع ابن سيرين له من عمرو.
وكذا في رواية هشام بن حسان عنِ ابنِ سيرين - وهو من أَثبَتِ الناسِ فيه -:
فقد رواه أحمدُ (18164): عن يَزيد بن هارونَ، أخبرنا هشام، عن محمد، قال: دخلت مسجد الجامع، فإذا عَمرو بن وَهْب الثقفي قد دخل من الناحية الأخرى، فالتقينا قريبًا من وسط المسجد، فابتدأني بالحديث، وكان يحب ما ساق إليَّ من خير، فابتدأني بالحديث، فقال: كنا عند المغيرة بن شُعبة،
…
فذكر الحديث مُطَوَّلًا بنحو الرواية التالية.
وعلقه البُخاريّ في (التاريخ الكبير 6/ 377) عن شيخه عبد الله بن عُثْمَانَ، قال: أخبرنا ابن المُبارك، سَمِع عَوفًا، وهشامًا، عن محمد، سَمِعَ عَمرو بن وَهْب الثَّقَفيَّ، به.
وكذا رواه جماعة آخرون عنِ ابنِ سيرين عن عَمرو بن وَهْب عن المغيرة، بلا واسطة. انظر (المعجم الكبير للطبراني 20/ 426 - 428/ 1030 - 1038).
وأما الاختلاف على حماد بن زيد:
فقد رواه الشَّافِعِيُّ في (الأم 69) و (المسند 48)، والطَّحاويّ في (شرح معاني الآثار 132)، و (أحكام القرآن 27) عن الربيع المُرادي. كلاهما: عن يحيى بن حسان، عن حَمَّادِ بن زَيْدٍ، عن أيُّوبَ، عن محمدِ بنِ سِيرِينَ، عن عَمرو بن وَهْب الثَّقَفِيِّ، عن المُغِيرَةِ، وذكر الحديث في المسح على الخف والناصية والعمامة.
ويحيى بن حسان هو التِّنِّيسيُّ، ثقة إمامٌ رئيس.
وأما الاختلاف على جَرير بن حازم، فقد اختُلف عليه على ثلاثة أوجه:
الأول:
رواه أحمدُ (18165) - ومن طريقِه الخطيبُ في (المدرج 2/ 875) -: عن أَسْوَدَ بن عامر، حدثنا جَرير بن حازم، عن محمدِ بنِ سيرين، قال: حدثني رجل، عن عَمرو بن وَهْب، فذكره.
وكذا رواه عفان بن مسلم في (حديثه/ رواية العَنْبَري 71) - ومن طريقِه الخطيبُ في (المدرج 2/ 874) -: عن جَرير، به.
الثاني:
رواه الطَّبَرانيُّ في (المعجم الكبير 20/ 429/ 1040) قال: حدثنا أبو مسلم الكَشِّي، ثنا سُلَيمان بن حرب، ثنا جَرير بن حازم، عنِ ابنِ سيرين، عن المغيرة بن شُعبة، نحوه.
الثالث:
قال البُخاريُّ في (التاريخ الكبير 6/ 377): وقال أبو نُعَيمٍ: حدثنا جَرير بن حازم، عنِ ابنِ سيرين، حدثنا عَمرو بن وَهْب، عن المغيرة رضي الله عنه، عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم.
وتابع أبا نُعَيمٍ: أبو غَسَّانَ مالكُ بن إسماعيل؛ أخرج روايتَه الخطيبُ في (المدرج 2/ 874) من طريقِين عنه.
وهذا الوجه موافق لرواية الجماعة، وقد صرح فيه بسماع ابن سيرين من عَمرو.
فيبدو - والله أعلم - أن جَريرًا لم يضبط سنده جيدًا، فكان يضطرب فيه، وأَوْلَى الأوجه عنه ما وافق فيه الجماعةَ عنِ ابنِ سيرين، وقد رواه عنه ثقاتٌ ثبات؛ هُمَا: أبو نُعَيمٍ الفضل بن دُكَيْن، وأبو غَسَّانَ مالكُ بن إسماعيل.
وكذا الحال مع رواية ابن عَون عنِ ابنِ سيرين، فقد اختلف عليه على أوجه:
الأول:
رواه النَّسائيُّ في (الصغرى 85) و (الكبرى 105، 138) قال: أخبرنا محمد بن إبراهيم البصري، عن بشر بن المُفَضَّل، عنِ ابنِ عون، عن عامر الشَّعبي، عن عُرْوةَ بن المغيرة، عن المغيرة، وعن محمدِ بنِ سِيرِين، عن رجل حتى رَدَّه إلى المغيرة - قال ابنُ عَون: ولا أحفظ حديث ذا من حديث ذا -، أن المغيرة قال:
…
فذكره.
الثاني:
رواه أحمدُ (18193)، قال: حدثنا يَزيد بن هارونَ، أخبرنا ابن عَون،
عن الشَّعبي، عن عُرْوةَ بن المغيرة بن شُعبة، عن أبيه، وعنِ ابنِ سيرين، رفَعَه إلى المغيرة بن شُعبة، به.
وكذا رواه الطَّحاويُّ في (شرح مشكل الآثار 5653) وفي (أحكام القرآن 28): عن الحسين بن نصر، عن يَزيد بن هارونَ، به. مثله
(1)
.
وتُوبِع يَزيدُ بن هارونَ على هذه الرواية:
رواه الطَّبَرانيُّ في (المعجم الكبير 20/ 373/ 870)، قال: حدثنا معاذ بن المثنَّى بن معاذ العَنْبَري، ثنا أبي، ثنا ابن عَون، عن محمد، والشَّعبيِّ - قال ابنُ عَون: لا أحفظ حديثَ هذا من حديث هذا، فكان حديثُ الشَّعبيِّ أقربَهما إسنادًا - حدَّث الشَّعبيُّ، عن عُرْوةَ بن المغيرة، ورَدَّ محمدٌ الحديثَ إلى المغيرة
…
فذكره.
الثالث:
رواه الخطيب في (المدرج 2/ 862) قال: أخبرنا عثمان بن محمد بن يوسف العلاف، أنا محمدُ بنُ عبدِ اللهِ بن إبراهيم الشافعي، نا محمد بن مَسلمة الواسطي، نا أبو جابر - هو محمد بن عبد الملك بن يَزيدَ بن مِسْمَع -، نا ابن عَون، عن الشَّعبي ومحمدِ بن سيرين، عن عُرْوةَ بن المغيرة بن شُعبة، عن أبيه، به.
وقال الخطيبُ عَقِبَه: "هكذا رَوَى هذا الحديثَ أبو جابر الواسطي، عن عبدِ اللهِ بن عَون بن أَرْطَبانَ البصري، عن عامر الشَّعبيِّ ومحمد بن سِيرينَ
(1)
وجاء في (شرح معاني الآثار 133) بهذا الإسناد نفْسِه، وزِيدَ فيه (عن عَمرو بن وَهْب)، وهذا خطأ، لعله بسبب انتقال بصر الناسخ إلى السند الذي قبله، والله أعلم.
جميعًا عن عُرْوةَ بن المغيرة، عن أبيه.
ووهِمَ أبو جابر في ذلك، لأن محمد بن سيرين لم يَروِ هذا الحديثَ عن عُرْوةَ بن المغيرة، ولا سمِعه منه، وإنما الشَّعبي رواه عن عُرْوةَ بن المغيرة
…
وأما محمد بن سيرين فرواه عن المغيرة بن شُعبة نفْسِه ولم يسمعه منه، فحمل أبو جابر روايةَ ابن سيرين على رواية الشعبي". واستدل برواية يَزيد بن هارونَ السابقة.
الرابع:
رواه الخطيب في (المدرج 2/ 875 - 876)، قال: أخبرناه الحسن بن أبي بكر، أنا أبو بكر الشافعي، نا إبراهيم الحربي، نا (عُبيد الله بن عمر)
(1)
بن ميسرة، نا سُلَيم بن أخضرَ، عنِ ابنِ عَون، قال: نا به محمد بن سيرين، عن عَمرو بن وَهْب، عن رجل، عن المغيرة بن شُعبة: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خرج
…
فذكر الحديث بطوله.
الخامس:
ذكره أبو زُرْعةَ الرَّازيّ فقال: "رواه بعض أصحاب ابن عَوْن، عنِ ابنِ عَون، عن محمد، عن عَمرو بن وَهْب، عن رجل، عن آخَرَ، عن المغيرة، عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم"(علل الحديث 1/ 409).
قلنا: هذه خمسة أوجه عنِ ابنِ عَون، وأسانيدها كلها صحيحة، عدا الوجه الذي ذكره أبو زُرْعةَ، فلم نقف على من رواه عنِ ابنِ عون كذلك.
(1)
في المطبوع: "عبد الله بن عمرو"، والصواب المثبت، فهو عُبيد الله بن عُمر بن ميسرة القَوارِيريُّ الثقة المشهور، معروف بالرواية عن سُلَيم بن أخضر، وبرواية الحَرْبيِّ عنه.
وهذا اضطراب شديد من ابن عون، يدل على أنه لم يضبط سنده، كما نص هو - في بعض الطرق - على أنه لم يحفظه كما ينبغي.
ومع هذا قال ابنُ أبي حاتم: قلت لأبي زُرْعةَ: أيهما الصحيح؟
قال: "عمرو، عن رجل، عن آخر، عن المغيرة"! ! (علل الحديث 1/ 409).
وأما ابن مَعِينٍ؛ فسُئِل عن حديث محمد بن سيرين عن عَمرو بن وَهْب: (كنا عند المغيرة في ذكر المسح على الخفين)؟ فقال: "بينهما رجل"(جامع التحصيل ص 264)، ونحوه في (تهذيب التهذيب 9/ 216) ولكن لم يعين الحديث.
وخالفهما الدَّارَقُطنيُّ؛ فرجح رواية الجماعة عنِ ابنِ سيرين بدون ذكر الواسطة؛ فقال - وقد سُئل عنه -: "يرويه محمد بن سيرين، واختُلف عنه؛
فرواه أيوب السَّخْتِيانيُّ، وقتادة، وحبيب بن الشهيد، وهشام بن حسان، وعَوْفٌ الأعرابي، وأَشْعَث بن عبد الملك، وأبو حُرَّة، عن محمدِ بنِ سيرين، عن عَمرو بن وَهْب، عن المغيرة.
واختُلِف عن يونس بن عبيد، فرواه هُشَيم، عن يونس، عنِ ابنِ سيرين، عن عَمرو بن وَهْب، عن المغيرة. وتابعه الفِريابي، عن الثَّوْريِّ، عن يونس.
وخالفهما قَبِيصة، عن الثَّوْريِّ، فقال: عن يونس، عنِ ابنِ سيرين، عن المغيرة، وأسقط عَمرو بن وَهْب.
ورواه حماد بن زيد، عن أيُّوبَ، عنِ ابنِ سيرين، عن رجل كناه أبا عبد الله عن عَمرو بن وَهْب، عن المغيرة. وتابعه جَرير بن حازم في ذكره رجلًا بين ابن سيرين، وبين عَمرو بن وَهْب إلا أنه لم يكنه.
وقال يزيد التُّسْتَري: عنِ ابنِ سيرين، عن بعض أصحابه، عن المغيرة.
وقال حسام بن المِصَكِّ، وأبو سهل محمد بن عمرو الأنصاري، وعبد الأعلى بن أبي المُساوِر: عنِ ابنِ سيرين، عن المغيرة، ولم يذكر بينهما عَمرو بن وَهْب.
فالقول قول أيوبَ وقتادة، ومَن تابعهما" (العلل 1237).
وأشارَ لذلك البَيْهَقيّ بقوله - عَقِبَ رواية حماد بزيادة الرجل -: "وكذلك قال جَرير بن حازم، عن محمدِ بنِ سيرين.
ورُوِيَ عن قتادة، وعوف، وهشام وغيرِهم، عن محمد، عن عَمرو بن وَهْب" (السنن 271).
ولذا قال ابنُ عبد البر: "وحديث عَمرو بن وَهْب الثقفي صحيح من روايةِ ايوب، عنِ ابنِ سيرين، عنه، من حديث حماد بن زيد وابنُ عُلَيَّةَ وغيرِهما، وكذلك حديث بكر وغيره صِحاحٌ والحمد لله"(التمهيد 11/ 130).
* والراجح - لدينا -: ما رجَّحه الدَّارَقُطنيّ من كون الصواب عنِ ابنِ سيرين عن عمرو عن المغيرة، بلا زيادة في سندِهِ، وقد صرَّح كلٌّ منهما بالسماعِ من شيخه من وجوه صِحاح.
وعليه: فذكر الرجل بين ابن سيرين وعمرو إما محضُ وهَمٍ من قائله؛ لمخالفتِهِ ذلك رواية الجماعة عنِ ابنِ سيرين.
أو يقال - جمعا بين الروايتين -: أنَّ ابنَ سيرين سمِعَه أوَّلًا من الرجل، ثُمَّ التقى بعمرو فسمعه منه، كما صرح بذلك في رواية هشام.
وفي كلا الصورتين يُعَدُّ ذكر الرجل من المزيد في متصل الأسانيد. والله أعلم.
* * *
1741 -
حَدِيثُ سَلْمَانَ:
◼ عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ مَوْلَى زَيْدِ بْنِ صُوحَانَ العَبْدِيِّ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ سَلْمَانَ الفَارِسِيِّ رضي الله عنه، فَرَأَى رَجُلًا قَدْ أَحْدَثَ، وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَنْزِعَ خُفَّيْهِ لِلْوُضُوءِ، فَأَمَرَهُ سَلْمَانُ أَنْ يَمْسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ وَعَلَى عِمَامَتِهِ وَيَمْسَحَ بِنَاصِيَتِهِ (وَشَعَرِهِ) 1، وَقَالَ سَلْمَانُ: رَأَيتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم [تَوَضَّأَ وَ] مَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ وَعَلَى خِمَارِهِ (العِمَامَةِ) 2".
[الحكم]:
إسنادُهُ ضعيفٌ، وَضَعَّفَهُ: ابن دقيقِ العيدِ، وابنُ عبدِ الهادِي، والمباركفوريُّ والألبانيُّ. وأشارَ لضَعْفِه: البُخاريّ والتِّرْمِذيُّ.
ثُمَّ إن مسْحَ الناصية في الحديثِ هنا من قول سلمانَ غيرُ مرفوع.
[التخريج]:
[جه 563 (دار إحياء الكتب العربية)
(1)
/ حم 23717، 23724 واللفظُ له/ حب 1339، 1340 والزيادة له/ بز 2505 والرواية الثانية له ولغيرِهِ/ طي 691 والرواية الأولى له ولغيرِهِ/ ش 229، 1881، 37253/ مش 464/ عدني (خيرة 689/ 2) / أثرم 14/ علت 71/ طب (6/ 262 - 263/ 6164 - 6167) / لا 1767/ صبغ 1498/ طالوت 95/ حرفي (رواية الأنصاري 16) / أصبهان (2/ 57) / متشابه (1/ 21) / كر (67/ 220 - 222) / تحقيق 147/ كما (25/ 229 - 230)]
(1)
سقط هذا الحديث من طبعة التأصيل، وهو مثبَت فى غيرها من الطبعات؛ كطبعة الصديق (563) وطبعة دار الجبل (563)، وطبعة الرسالة (563)، وغيرها، وقد ذكره الحافظ المِزِّي في (التحفة 10707).
[السند]:
أخرجه أبو داودَ الطَّيالِسيّ في (مسنده 691) قال: حدثنا داود بن أبي الفرات، قال: حدثنا محمدُ بن زيد العبدي، عن أبي شُريح، عن أبي مسلم مولى زيد بن صُوحان، به.
وأخرجه أحمدُ (23724) قال: حدثنا أبو عبد الرحمن المقرئ وعفان، قالا: حدثنا داود بن أبي الفُرات به.
ومداره عندَ الجميعِ - عدا الطَّبَرانيّ (6167) - على داودَ بن أبي الفرات، به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ فيه عِلَّتان:
الأولى: جهالة أبي مسلم؛ فلم يرو عنه غيرُ أبي شُريح، ولم يوثقه معتبر، وإنما ذكره ابنُ حِبَّانَ في (الثِّقات 5/ 584) على عادته في توثيق المجاهيل. ولذا ليَّن توثيقَه الذَّهَبيُّ بقوله:"وُثِّق"(الكاشف 6836)، وقال في (الميزان 10605):"لا يعرف"، وقال الحافظُ:"مقبولٌ"(التقريب 8368). أي إذا تُوبِع وإلا فليِّن، ولم يتابع.
الثانية: جهالة أبي شريح، فلم يروِ عنه غيرُ محمد بن زيد
(1)
، ولا يعرف له غير هذا الحديثُ، كما قال البُخاريُّ - وسيأتي نص كلامه -، ومع هذا ذكره ابنُ حِبَّانَ في (الثِّقات 7/ 660)، على عادته في توثيق المجاهيل. ولذا قال الحافظُ:"مقبولٌ"(التقريب 8159) أي: إذا تُوبِع وإلا فليِّن، ولم
(1)
وقيل: وقتادة أيضًا، ولا يصح، كما سيأتي بيانه في التحقيق.
يتابَع.
ولكن الغريب قول الذَّهَبيُّ عنه: "ثقة! "(الكاشف 6675). ولعله أراد أن يكتب "وُثِّق" كعادته فيمن انفرد بتوثيقه ابن حِبَّانَ، فسبقه القلم، والله أعلم.
قال التِّرْمِذيُّ: سألت محمدًا عن هذا الحديثِ؛ قلت أبو شريح ما اسمه؟ قال: لا أدري؛ لا أعرف اسمه ولا أعرف اسم أبي مسلم مولى زيد بن صُوحان، ولا أعرف له غير هذا الحديثُ" (العلل الكبير ص 56).
وقال ابنُ دقيقِ العيدِ: "أبو مسلم وأبو شريح لا يعرف اسمهما، ولم يعرف ابن أبي حاتم بحالهما، ولا ذكر عن كل واحد منهما إلا راويًا واحدًا"(الإمام 1/ 559).
وقال ابنُ عبدِ الهادِي: "وأبو شريح: ليس بذاك المشهور، وكذلك أبو مسلم مولى زيد بن صُوحان، وقد ذكرهما ابن حِبَّانَ في كتاب «الثِّقات»، ولم يرو ابن ماجَهْ لمحمد بن زيد وأبي شريح وأبي مسلم غير هذا الحديثُ"(تعليقة على العلل لابن أبي حاتم ص 224).
وأَعَلَّه بهما المباركفوريُّ في (تحفة الأحوذي 1/ 290).
وقال الحافظُ عبد الغني المقدسي: "غريب من حديث المَراوِزة، لا أعلم رواه غير داود بن أبي الفرات عن محمدِ بنِ زيد قاضي مَرْوَ"(تعليقة على العلل لابن أبي حاتم ص 227)، و (تنقيح التحقيق 1/ 214).
قلنا: كذا قال، وقد وقفنا على متابعة لهما:
فقد رواه الطَّبَرانيُّ في (الكبير 6167) عن الحسين بن إسحاقَ التُّسْتَري، ثنا يحيى الحِمَّاني، ثنا عبد السلام بن حرب، عن سعيد بن أبي عَرُوبة، عن قتادة، عن أبي شريح عن أبي مسلم، به.
كذا عند الطَّبَرانيِّ، وقد قال التِّرْمِذيُّ عن البُخاريّ:"ورواه عبدُ السلام بن حرب، عن سعيد، عن قتادة، وقلَبه فقال: عن أبي مسلم عن أبي شريح"(العلل الكبير ص 56).
وكذا علَّقه ابن أبي حاتم في (العلل 157): عن أبي غَسَّان النَّهْدي، عن عبد السلام بن حرب، عن سعيد بن أبي عَرُوبة، عن قتادة، عن أبي مسلم، عن أبي شُريح، عن سَلْمان، عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم؛ في المسح على الخفين والعمامة.
فسند الطَّبَرانيِّ خطأٌ، لعله من الحِمَّاني؛ فهو واهٍ، أو تحريفٌ من نساخ (المعجم الكبير)، حيث انتقل بصرهم إلى السند الذي قبله.
ثُمَّ إن متابعة قتادة هذه لا تصح أيضًا؛ فقد انفرد بذلك عبد السلام بن حرب عنِ ابنِ أبي عَرُوبة، وقد خُولِف:
خالفه شُعَيب بن إسحاقَ، فرواه عن سعيد بن أبي عَرُوبة، عن داود بن أبي الفرات، عن محمدِ بنِ زيد، عن أبي شُريح، عن أبي مسلم، عن سلمان، به. أخرجه الطَّبَرانيُّ في (الكبير 6166) وابنُ عساكر في (تاريخه 67/ 220) من طريقِين عن شُعَيب به.
وسُئِل أبو زُرْعةَ عن هذين الوجهين عن سعيد فقال: "هذا حديث وهِمَ فيه عبدُ السلام بن حرب"(علل الحديث 1/ 629 - 630). يعني أن الصواب عنِ ابنِ أبي عَرُوبة عن داود عن محمدِ بنِ زيد عن أبي شريح، ولا يصحُّ ذكر قتادة فيه.
فعاد الحديث إلى محمد بن زيد، وصح ما قلناه من تفرده بالرواية عن أبي شُريح.
قلنا: ولكن المرفوع من الحديث يشهد له حديث المغيرة رضي الله عنه السابق.
ولذا ضعَّفَه الألبانيُّ في (ضعيف سنن ابن ماجَهْ 111). وقال في (التعليقات الحسان على صحيح ابن حِبَّانَ 1341): "صحيح بما قبله"، يعني حديث المغيرة.
[تنبيه]:
وقع في مطبوع (الكُنى والأسماء للدُّولابي): "محمد بن زيد، عن أبي مسلم مولى زيد بن صُوحان" فسقط "عن أبي شريح" بينهما.
* * *
1742 -
حَدِيثُ بِلَالٍ:
◼ عَنْ بِلَالٍ رضي الله عنه: ((أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَبِنَاصِيَتِهِ وَالعِمَامَةِ».
[الحكم]:
صحيح دون ذِكْرِ الناصية.
[التخريج]:
[سط (ص 200) "واللفظُ له"/ هق 291/ هقغ 127/ هقع 636].
[السند]:
وقال أسلم الواسطي المعروف ببَحْشَل: حدثنا نصير بن إبراهيم، قال: حدثنا خالدُ بنُ عبد الله، عن حميد الطويل، عن أبي رجاء مولى أبي قِلابة، عن أبي قِلابة، عن أبي إدريس، عن بلال، به.
ورواه البَيْهَقيُّ: من طريقِ عَمرو بن عون، عن خالد بن عبد الله الواسطي
…
به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ظاهره الحُسْن؛ فإن أبا رجاء هو: مولى أبي قِلابة، واسمه سلمان؛ روى له البُخاريّ، ومسلم حديثًا واحدًا، وذكره ابنُ حِبَّانَ في (الثِّقات 6/ 417)، وَوَثَّقَهُ العِجْليّ في (كتابه 653)، والذَّهَبيُّ في (الكاشف 2022)، وقال البَزَّارُ:"مَشْهُورٌ"(مسند البَزَّارِ 4/ 213)، وقال الحافظُ:"صدوقٌ"(التقريب 2480).
ولكنه خُولِف فيه؛ فقد رواه أصحاب أبي قِلابة عنهَ عن بلال منقطعًا لم يذكروا فيه أبا إدريس.
ورواه حماد بن سلمة وحده عن أيُّوبَ عن أبي قلابة
…
به مثل رواية أبي رجاء، وخطَّأ البُخاريّ حمادًا في ذلك كما ذكره التِّرْمِذيّ في (العلل الكبير 69).
ولم يَرِدْ ذكر الناصية في حديثِ بلال إلا من طريقِ أبي رجاء هذا رغم كثرة طرقه عن بلال؛ فالظاهر أنها غير محفوظة من حديثه، والله أعلم.
وسيأتي الكلامُ عليه بأوسعَ مما هاهنا مع مزيد أقوالٍ للعلماء في فصل: "المسح على الخفين".
* * *
1743 -
حَدِيثُ أَنَسٍ:
◼ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، قَالَ:((رَأَيتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ قِطْرِيَّةٌ، فَأَدْخَلَ يَدَيْهِ مِنْ تَحْتِ العِمَامَةِ، فَمَسَحَ مُقَدَّمَ رَأْسِهِ، وَلَمْ يَنْقُضِ العِمَامَةَ)).
[الحكم]:
ضعيف. وَضَعَّفَهُ: ابنُ السَّكَنِ، وابنُ القَطَّانِ، وابنُ عبدِ الهادِي، وابنُ أبي العِزِّ الحَنَفيُّ، وابنُ المُلَقِّنِ، وابنُ حَجَرٍ، والشَّوْكانيُّ، والألبانيُّ. وهو ظاهرُ كلامِ الحاكمُ والذَّهَبيُّ.
[اللغة]:
" قِطْرِية": هي ثياب حُمر لها أعلام فيها بعض الخشونة، وقيل: حُلَل جِياد تُحمَل مِن قِبَل البحرين.
وقال الأزهري: في أعراض البحرين قرية يقال لها: قَطَر، وأحسب الثياب القطرية نسبت إليها، فكسروا القاف للنسبة وخفَّفوا" (النهاية لابن الأثير 4/ 80).
[الفوائد]:
قال ابنُ القَيِّم: "ولم يَصِحَّ عنه في حديثِ واحد أنه اقتصر على مسح بعض رأسه الْبَتَّةَ، ولكن كان إذا مسح بناصيته كمل على العمامة.
فأما حديث أنس الذي رواه أبو داودَ: «رَأَيتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ قِطْرِيَّةٌ، فَأَدْخَلَ يَدَيْهِ مِنْ تَحْتِ العِمَامَةِ، فَمَسَحَ مُقَدَّمَ رَأْسِهِ، وَلَمْ يَنْقُضِ العِمَامَةَ» ، فهذا مقصود أنس به أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لم ينقض عمامته حتى يستوعب مسح الشعر كلَّه، ولم ينفِ التكميل على العمامة، وقد أثبته المغيرة
ابن شُعبةَ وغيرُه، فسكوت أنس عنه لا يدل على نفيه" (زاد المعاد 1/ 186).
قلنا: هذا على فرْضِ صحَّتِه، وهو غيرُ صحيح، كما سنبيِّنُه في التحقيق.
[التخريج]:
[د 146 "واللفظُ له"/ جه 564 (دار إحياء الكتب العربية)
(1)
/ خل 310 مختصرًا/ ك 613/ هق 283/ هقع 626/ تمهيد (20/ 128) مختصرًا/ نبغ 794/ ضيا (6/ 239/ 2256) / كما (18/ 206)]
[السند]:
قال أبو داودَ: حدثنا أحمدُ بنُ صالح، حدثنا ابن وَهْبٍ، حدثني معاوية بن صالح، عن عبد العزيز بن مسلم، عن أبي مَعْقِل، عن أنس بن مالك، به.
ومَدارُه عندَهم على عبد الله بن وَهْب، به
(2)
.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ فيه عِلَّتان:
الأولى: جهالة أبي مَعْقِل؛ ترجم له ابن أبي حاتم في (الجرح والتعديل 9/ 448)، ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا. وقال ابنُ القَطَّانِ: "مجهول
(1)
سقط هذا الحديث من طبعة التأصيل، وهو مثبَت فى غيرها من الطبعات؛ كطبعة الصديق (564)، ودار الجيل (564)، والرسالة (564)، ودار الفكر (564)، وغيرها، وقد ذكره الحافظ المِزِّيُّ في (التحفة 1725).
(2)
عدا الضِّياء فوقع عنده (عن ابن معقل عن أنس)، وهذا تحريف؛ فقد جاء في كل المصادر (عن أبي معقل)، ويبدو أنه تحريف قديم في أصول الضِّياء أو وهَمٌ من بعض رواته، فقد عَنْوَن الضِّياءُ على الحديث:"عبد الله بن معقل عن أنس"! .
الاسم والحال" (بيان الوهم والإيهام 4/ 111). وقال الحافظُ: "مجهول" (التقريب 8381).
الثانية: عبد العزيز بن مسلم، هو الأنصاري مولى آل رفاعة؛ ترجم له البُخاريّ في (التاريخ الكبير 6/ 27، 28)، وابنُ أبي حاتم في (الجرح والتعديل 5/ 395)، ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا.
وذكره ابنُ حِبَّانَ في (الثِّقات 5/ 123) على عادته. وقال ابنُ حَجَرٍ: " مقبولٌ "(التقريب 4123) يعني: إذا تُوبِع، ولم يتابَع.
وبهاتين العلتين أَعَلَّه ابنُ القَطَّانِ، وتَعَقَّبَ على عبدُ الحَقِّ الإشبيليُّ في سكوته عليه، فقال: "هو حديث لا يصح؛ قال ابنُ السَّكَنِ: لم يثبت إسناده. وهو كما قال
…
" ثُمَّ ذكر علَّتَه، انظر (بيان الوهم والإيهام 4/ 111)، و (5/ 665).
وكذا ابن المُلَقِّنِ، حيث قال:"كل رجاله في الصحيح إلا عبد العزيز بن مسلم وأبا مَعْقِل، وهما مستوران لا أعلم مَن جرَحَهما ولا مَن وَثَّقَهُما. وإنْ وثَّقَ الأوَّلَ ابنُ حِبَّانَ وحدَه. والأصح أنه لا يجوز الاحتجاج بهما والحالة هذه"(البدر المنير 1/ 676).
وأَعَلَّه ابن عبدِ الهادِي بجهالة أبي مَعْقِل، فقال عَقِبَه:"وأبو مَعْقِل غير معروف"(تنقيح التحقيق 1/ 196).
وقال ابنُ أبي العز الحنفي: "ليس إسناده بالقوي. وفي حديثِ المغيرة أثبت التكميل على العمامة، وهو أصح من حيث أنس"(التنبيه على مشكلات الهداية 1/ 252).
وقال الحافظُ ابنُ حَجَر: "وفي إسنادِهِ نظر"(التلخيص 1/ 95).
قال الشَّوْكانيُّ مُعَقِّبًا على كلام الحافظ: "وذلك لأن أبا مَعْقِل الراوي عن أنس مجهول، وبقية إسناده رجال الصحيح
(1)
" (نيل الأوطار 1/ 199).
وقال الألبانيُّ: "إسنادُهُ ضعيفٌ؛ من أجل أبي مَعْقِل، فإنه مجهول اتفاقًا"(ضعيف أبي داودَ 19).
هذا وقد علَّق الحاكمُ على الحديث قائلًا: "هذا الحديثُ وإن لم يكن إسناده من شرط الكتاب، فإن فيه لفظةً غريبة وهي أنه مسح على بعض الرأس، ولم يمسح على عمامته".
وعلق عليه الذَّهَبيُّ قائلًا: "لو صح لدل على مسح بعض الرأس"(المستدرك مع التلخيص 1/ 169).
* وذهب الحافظ في موضعٍ آخَرَ إلى تقويته بغيره، فقال:"قد رُوِي عنه مَسْحُ مُقَدَّمِ الرأس من غير مسح على العمامة ولا تعرُّضٍ لسفر، وهو ما رواه الشافعي من حديث عطاء: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ فَحَسَرَ العِمَامَةَ عَنْ رَأْسِهِ، وَمَسَحَ مُقَدَّمَ رَأْسِهِ. وهو مرسل، لكنه اعتضد بمجيئه من وجهٍ آخرَ موصولًا، أخرجه أبو داودَ من حديث أنس، وفي إسنادِهِ أبو مَعْقِلٍ لا يُعرَفُ حالُه، فقد اعتضد كلٌّ من المرسل والموصول بالآخر، وحصلت القوه من الصورة المجموعة"(الفتح 1/ 293).
وتَعقَّبَه في ذلك الألبانيُّ قائلًا: "لكن حديث عطاء لا يصح إسناده إليه؛ فإنه عند الشافعي في (مسنده ص 5) هكذا: أخبرنا مسلم، عنِ ابنِ جُرَيجٍ، عن عطاء.
(1)
كذا قال! وعبد العزيز بن مسلم الأنصاري ليس من رجال الصحيح، ولعل الشَّوْكانيَّ ظنَّه القَسْمَليَّ أحدَ رجال الشيخين، وليس هو المراد هنا.
ومسلم هذا: هو ابن خالد الزَّنْجيُّ؛ قال الحافظُ في (التقريب): "صدوقٌ، كثير الأوهام"، وابنُ جُرَيجٍ:" كان يدلِّس "، قلت: وقد عنعنه؛ فيحتمل أن يكون سمِعه من غير ذي ثقة، فالحديثُ - عندي - ضعيفٌ موصولًا ومرسلًا" (ضعيف أبي داودَ 1/ 47).
قلنا: كذا قال الشيخ رحمه الله، وفيه نظرٌ أيضًا؛ فإن العلتين المذكورتين منتفيتان؛ فقد رواه عبدُ الرَّزَّاقِ في (المصنَّف): عنِ ابنِ جُرَيجٍ قال: أخبرني عطاء به.
وهذا لا يجعل هذا المرسل صالحًا للاعتبار؛ وذلك لأن مراسيل عطاء واهية؛ قال يحيى بن سعيد القَطَّان: "مرسلات مُجاهِد أحبُّ إليَّ من مرسلات عَطاء بن أبي رَباح بكثير، كان عَطاءٌ يَأخُذ عن كل ضرْب"(العلل الصغير للترمذي ص 754). وقال الإمام أحمد عن مراسيل الحسن وعطاء: "ليس هي بذاك، هي أضعف المراسيل كلِّها؛ فإنهما كانا يأخذان عن كلٍّ"(شرح علل التِّرْمِذيّ 1/ 539). وقال الآجُرِّيّ: "قلت لأبي داودَ: مراسيل عطاء، أو مراسيل مجاهد؟ قال: مراسيل مجاهد، عطاء كان يحمل عن كل ضرب"(سؤالات الآجُرِّيّ 237).
* * *
1744 -
مُرْسَلُ عَطَاءٍ:
◼ عن عَطاءٍ، قَالَ:((بَلَغَنِي أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَتَوَضَّأُ وَعَلَيْهِ العِمَامَةُ يُؤَخِّرُهَا عَنْ رَأْسِهِ [شَيْئًا]، وَلَا يَحُلُّهَا، ثُمَّ [أَدْخَلَ يَدَهُ فَـ] مَسَحَ بِرَأْسِهِ، فَأَشَارَ لَنَا بِكَفٍّ وَاحِدٍ، الْيَافُوخِ فَقَطْ [مَسْحَةً وَاحِدَةً]، ثُمَّ يُعِيدُ العِمَامَةَ)).
• وَفِي رِوَايَةٍ: ((أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ، فَرَفَعَ العِمَامَةَ، فَمَسَحَ مُقَدَّمَ رَأْسِهِ)).
[الحكم]:
ضعيف؛ لإرساله، وَضَعَّفَهُ بذلك البَيْهَقيّ، وابنُ عبدِ الهادِي.
[التخريج]:
تخريج السياق الأول: [عب 747 "واللفظُ له"/ عبص 38 "والزيادات له"/ ابن وَهْبٍ (بطال 1/ 307)].
تخريج السياق الثاني: [أم 70/ شف 49/ ش 238 "واللفظُ له"، 1852 مختصرًا/ سعد (1/ 392) / هق 284/ هقع 620/ ابن زياد (مُغْلَطاي 2/ 302)]
[السند]:
رواه عبدُ الرَّزَّاقِ في (المصنَّف 747)، وفي (أمالي الصحابة 38): عنِ ابنِ جُرَيجٍ، قال: أخبرني عطاء، قال: بلغني أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ
…
فذكره بلفظ السياق الأول.
قال ابنُ أبي شَيْبةَ في (المصنَّف 238): حدثنا عبدُ اللهِ بنُ إدريسَ، عنِ ابنِ جُرَيجٍ، عن عطاء، به. بلفظ السياق الثاني.
ورواه ابنُ أبي شَيْبةَ (1852): عن وكيع، عنِ ابنِ جُرَيجٍ، به مختصرًا.
[التحقيق]:
هذا إسناد رجاله ثقات، ولكنه مرسل، عطاء وهو ابن أبي رباح؛ تابعي مشهور.
وتقدم أن مراسيل عطاء من أضعف المراسيل، كما قال الإمام أحمد وغيرُه.
وأَعَلَّه بذلك البَيْهَقيّ فقال عَقِبَه: "هذا مرسل"(السنن) و (المعرفة).
وقال ابنُ عبدِ الهادِي: "هذا مرسلٌ. ومسلم هو: ابن خالد، وقد تَكَلَّم فيه غير واحدِ من الأئمة"(تنقيح التحقيق 1/ 196).
قلنا: ولكن مسلم بن خالد قد تابَعه غيرُ وَاحدٍ من الأئمة الثِّقات؛ فانحصرت العلة في الإرسال.
* * *
1745 -
حَدِيثُ الرُّبَيِّعِ بِنْتُ مُعَوِّذٍ:
◼ عَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ رضي الله عنها، قَالَتْ:«أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ مَسَحَ مُقَدَّمَ رَأْسِهِ، وَمَسَحَ ظَاهِرَ أُذُنَيْهِ وَبَاطِنَهَا» .
[الحكم]:
إسنادُهُ ضعيفٌ، اضطرب ابن عَقِيلٍ في متنِهِ كما سبقَ بيانه.
[التخريج]:
[طهور (زوائد المروزي 331)]
[السند]:
أخرجه محمد بن يحيى بن سُلَيمان بن يَزيدَ المروزي في (زوائده على الطهور لأبي عبيد)، قال: حدثنا عثمان بن أبي شَيْبةَ، حدثنا شَرِيك بن عبد الله، عن عبدِ اللهِ بنِ محمدِ بنِ عَقِيلٍ، عن الرُّبَيِّع بنت مُعَوِّذ، به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ فيه شَرِيك بن عبد الله النَّخَعيُّ؛ وهو صدوقٌ يُخطئُ كثيرًا كما في (التقريب 2787).
وابنُ عَقِيلٍ الجمهورُ على تضعيفه، وقد بيَّنَّا في "باب جامع في صفة الوُضوء" أنه قدِ اضطربَ في هذا الحديثِ، وهذا السياق أحد أوجه اضطرابه.
* * *
1746 -
حَدِيثُ عُثْمَانَ:
◼ عَنْ أَبِي مَالِكٍ الدِّمَشْقِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي: أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رضي الله عنه اخْتُلِفَ فِي خِلَافَتِهِ فِي الوُضُوءِ، فَأَذِنَ لِلنَّاسِ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ، فَدَعَا بِمَاءٍ، فَغَسَلَ يَدَيْهِ ثَلَاثًا، ثُمَّ غَرَفَ بِيَمِينِهِ ثُمَّ رَفَعَهَا إِلَى فِيهِ فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ بِكَفٍّ وَاحِدَةٍ، وَاسْتَنْثَرَ بِيَسَارِهِ، فَعَلَ ذَلِكَ ثَلَاثًا، ثُمَّ غَرَفَ بِيَدِهِ اليُمْنَى فَجَمَعَ إِلَيْهَا يَسَارَهُ، فَرَفَعَهَا إِلَى وَجْهِهِ فَغَسَلَ وَجْهَهُ، فَعَلَ ذَلِكَ ثَلَاثًا، وَخَلَّلَ لِحْيَتَهُ، ثُمَّ غَرَفَ بِيَدِهِ اليُمْنَى عَلَى ذِرَاعِهِ اليُمْنَى، فَغَسَلَهَا إِلَى المِرْفَقَيْنِ ثَلَاثًا، ثُمَّ غَرَفَ بِيَمِينِهِ فَغَسَلَ يَدَهُ اليُسْرَى إِلَى المِرْفَقَيْنِ ثَلَاثًا، ثُمَّ مَسَحَ مُقَدَّمَ رَأْسِهِ بِيَدِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً، وَلَمْ يَسْتَأْنِفْ لَهُ مَاءً جَدِيدًا، ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي صِمَاخِ أُذُنَيْهِ فَمَسَحَ ظَاهِرَهُمَا وَبَاطِنَهُمَا، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَهُ اليُمْنَى إِلَى الكَعْبَيْنِ، وَخَلَّلَ أَصَابِعَهُ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَهُ اليُسْرَى إِلَى الكَعْبَيْنِ، وَخَلَّلَ أَصَابِعَهُ ثَلَاثًا، وَقَالَ:((أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَذِنَ لَنَا كَمَا أَذِنْتُ لَكُمْ، وَتَوَضَّأَ لَنَا كَمَا تَوَضَّأْتُ لَكُمْ، فَمَنْ كَانَ سَائِلًا عَنْ مَوْضُوعِ وُضُوءِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَهَذَا وُضُوؤُهُ)).
[الحكم]:
منكَر بهذا السياقِ، والمحفوظُ في حديثِ عثمان في الصحيحين وغيرِهما أنه ((مَسَحَ بِرَأْسِهِ)) مُطْلقًا.
[التخريج]:
[ص (مغني 1/ 169، 176)، (الفتح 1/ 293) مقتصرًا على مسح مُقَدَّمِ الرأس، (كبير 17/ 44) "واللفظُ له"]
سَبَق تخريجه وتحقيقُه في "باب جامع في صفة الوُضوء".
* * *
1747 -
حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ مَوْقُوفًا:
◼ عنِ ابنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: ((أَنَّهُ كَانَ يَمْسَحُ مُقَدَّمَ رَأْسِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً)).
[الحكم]:
إسنادُهُ صحيحٌ، وَصَحَّحَهُ ابنُ المُنْذِرِ، وأقَرَّه ابن حَجَر.
[التخريج]:
[ش 136 "واللفظُ له"/ طبر (8/ 185) / طحق 29/ جعفر 663/ قط 376/ هق 287/ هقع 628، 629]
[السند]:
أخرجه ابنُ أبي شَيْبةَ (136) قال: حدثنا عبدُ اللهِ بنُ نُمَير، عن يحيى بن سعيد، عن نافع، عنِ ابنِ عمر، به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ صحيحٌ؛ رجاله كلهم ثقات.
قال الحافظُ: "وصَحَّ عنِ ابنِ عُمرَ الاكتفاءُ بمسح بعض الرأس، قاله ابنُ المُنْذِرِ وغيره"(فتح الباري 1/ 293).
ولم نقف على قولِ ابنُ المُنْذِرِ هذا في مظانِّه.
* * *
رِوَايَة: وَسَطَ رَأْسِهِ:
• وَفِي رِوَايَةٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ:((أنَّ ابنَ عُمَرَ رضي الله عنهما كَانَ يَمْسَحُ رَأْسَهُ هَكَذَا، وَوَضَعَ أَيُّوبُ كَفَّهُ وَسَطَ رَأْسِهِ، ثُمَّ أَمَرَّهَا عَلَى مُقَدَّمِ رَأْسِهِ)).
[الحكم]:
إسنادُهُ صحيحٌ، وَصَحَّحَهُ العَيْنيُّ.
[التخريج]:
[ش 154 "والرواية له"/ طبر (8/ 186) / منذ 384]
[السند]:
أخرجه ابنُ أبي شَيْبةَ (154) قال: حدثنا ابن عُلَيَّةَ، عن أيُّوبَ، عن نافع، به.
وأخرجه الطَّبَريّ في (تفسيره 8/ 186): عن يعقوب الدَّوْرَقيّ، عنِ ابنِ عُلَيَّة، به.
وأخرجه ابنُ المُنْذِرِ في (الأوسط 384) من طريقِ حماد بن زيد، عن أيُّوبَ، به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ صحيحٌ؛ رجاله كلهم أئمة ثقات أثبات.
وصحَّح سندَه العَيْنيُّ في (عمدة القاري 3/ 11).
وأما ابن عبد البر، فقال:"ورُوِي عنِ ابنِ عُمرَ أنه كان يبدأ من وسَط رأسه، ولا يصح"! (التمهيد 20/ 124).
كذا قال، ولم يبيِّن سبب عدم صحته. وقد رواه ابنُ عُلَيَّةَ وحمادُ بن زيد - وهُمَا مَن هُمَا - عن أيُّوبَ، عن نافع، عنِ ابنِ عمر.
وأيوبُ أحد الأئمة الثِّقات الأثبات، المقدمين في نافع، فقد ذكره ابنُ المَدِينيِّ والنَّسائيُّ في الطبقة الأولى من أصحاب نافع، مع عُبيد الله بن عمر، ومالك. وقال ابنُ المَدِينيِّ:"فهؤلاء أَثبَتُ أصحابه، وأَثْبَتُهم - عندي - أيوبُ"(شرح علل التِّرْمِذيّ 2/ 615). وكذا قدَّمَ أيوبَ على كلِّ أصحابِ نافعٍ: يحيى القَطَّانُ، وأحمدُ - في رواية -. ورُوِي نحوُ ذلك عنِ ابنِ عُيَيْنةَ، ووُهَيب، انظر (شرح علل التِّرْمِذي 2/ 667).
* * *
رِوَايَة: يَمْسَحُ مَا بَيْنَ قَرْنِهِ إِلَى الْجَبِينِ مَرَّةً وَاحِدَةً:
• وَفِي رِوَايَةٍ، عَنْ نَافِعٍ:((أنَّ ابنَ عُمَرَ رضي الله عنهما كَانَ يَضَعُ بَطْنَ كَفِّهِ اليُمْنَى عَلَى المَاءِ، ثُمَّ لَا يَنْفُضُهَا، ثُمَّ يَمْسَحُ بِهَا مَا بَيْنَ قَرْنِهِ إِلَى الْجَبِينِ مَرَّةً وَاحِدَةً، لَا يَزِيدُ عَلَيْهَا)).
[الحكم]:
إسنادُهُ صحيحٌ.
[التخريج]:
[عب 6]
[السند]:
أخرجه عبدُ الرزاقِ: عنِ ابنِ جُرَيجٍ، قال: أخبرني نافع، به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ صحيحٌ؛ رجاله كلهم ثقات رجال الشيخينِ.
وابنُ جُرَيجٍ من الأثبات في نافع، بل قال يحيى القَطَّان: "ابن جُرَيجٍ أثبت
في نافع من مالك" (شرح علل التِّرْمِذيّ 1/ 459). ولَمَّا ذكر ابن المَدِينيِّ أيوبَ ومالكًا وعُبيد الله في الطبقة الأولى من أصحاب نافع، قال: وسمِعتُ يحيى يقول: "ليس ابن جُرَيجٍ بدونهم فيما سمِع من نافع
(1)
"، وعَدَّ ابنُ المَدِينيِّ ابنَ جُرَيجٍ في الطبقة الثانية (شرح علل التِّرْمِذي 2/ 615).
* * *
رِوَايَة: بِكَفَّيْهِ
…
مُقْبِلَةً مِنَ الْجَبِينِ إِلَى القَرْنِ:
• وَفِي رِوَايَةٍ، عَنْ نَافِعٍ:((أنَّ ابنَ عُمَرَ رضي الله عنهما كَانَ يَضَعُ بَطْنَ كَفَّيْهِ عَلَى المَاءِ ثُمَّ لَا يَنْفُضُهُمَا، ثُمَّ يَمْسَحُ بِهِمَا مَا بَيْنَ قَرْنَيْهِ إِلَى الْجَبِينِ وَاحِدَةً، ثُمَّ لَا يَزِيدُ عَلَيْهَا، فِي كُلِّ ذَلِكَ مَسْحَةً وَاحِدَةً، مُقْبِلَةً مِنَ الْجَبِينِ إِلَى القَرْنِ)).
[الحكم]:
إسناده حسن.
[التخريج]:
[طبر (8/ 185)]
[السند]:
أخرجه الطَّبَريّ في (تفسير) قال: حدثنا ابن بَشَّار، قال: ثنا محمد بن بُكَير، قال: أخبرنا ابن جُرَيجٍ، قال: أخبرني نافع: أنَّ ابنَ عمر
…
به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ حسنٌ؛ رجاله ثقات، عدا محمد بن بُكَير هو ابن واصل
(1)
يعني إذا صرَّح بالسماع؛ لأنه مدلس.
الحَضْرَمي، قال عنه الحافظ:"صدوقٌ يُخطئُ"(التقريب 5765).
ولكن خالفه عبد الرَّزَّاقِ، فرواه عنِ ابنِ جُرَيجٍ - كما تقدم -، وأنه مسح ذلك بيده اليمنى فقط، وليس اليدين. ورواية وعبد الرَّزَّاقِ مُقدَّم عليه في ابن جُرَيجٍ.
ورواية عبد الرَّزَّاقِ، هي الموافقة لرواية أيوبَ السابقة.
ولكن سيأتي من رواية يحيى بن سعيد الأنصاريِّ عن نافع، أنه استعمل اليدين، فكأنَّ نافعًا حكَى الوجهين عنِ ابنِ عُمر، والأمر في ذلك واسع. والله أعلم.
* * *
رِوَايَة: مَسَحَ بِيَدَيْهِ:
• وَفِي رِوَايَةٍ، عَنْ نَافِعٍ:((أنَّ ابنَ عُمَرَ رضي الله عنهما كَانَ إِذَا تَوَضَّأَ رَدَّ كَفَّيْهِ إِلَى المَاءِ وَوَضَعَهُمَا فِيهِ، ثُمَّ مَسَحَ بِيَدَيْهِ مُقَدَّمَ رَأْسِهِ)).
[الحكم]:
إسنادُهُ صحيحٌ.
[التخريج]:
[طبر (8/ 185)]
[السند]:
أخرجه الطَّبَريُّ في (تفسيره) قال: حدثنا ابن بشَّار، قال: ثنا عبد الوهاب، قال: سمعت يحيى بن سعيد، يقول: أخبرني نافع: أنَّ ابنَ عُمرَ
…
فذكره.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ صحيحٌ؛ رجاله كلُّهم ثقات.
فعبد الوهاب هو الثَّقَفيُّ، ويحيى بن سعيد هو الأنصاري.
* * *
رِوَايَةُ القَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ نَافِعٍ:
• وَفِي رِوَايَةٍ، عَنْ عِيسَى بْنِ حَفْصٍ، قَالَ: ذُكِرَ عِنْدَ القَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ مَسْحُ الرَّأْسِ، فَقَالَ: يَا نَافِعُ، كَيْفَ كَأنَّ ابنَ عُمَرَ يَمْسَحُ؟ فَقَالَ:((مَسْحَةً وَاحِدَةً. وَوَصَفَ أَنَّهُ مَسَحَ مُقَدَّمَ رَأْسِهِ إِلَى وَجْهِهِ)). فَقَالَ القَاسِمُ: ابْنُ عُمَرَ أَفْقَهُنَا وَأَعْلَمُنَا.
[الحكم]:
إسنادُهُ صحيحٌ.
[التخريج]:
[طبر (8/ 185)]
[السند]:
أخرجه الطَّبَريّ في (تفسيره) قال: حدثنا نصر بن عليٍّ الجَهْضَميُّ، قال: حدثنا حماد بن مَسْعَدة، عن عيسى بن حفص، به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ صحيحٌ؛ رجاله كلهم ثقات.
وعيسى بن حفص هو ابن عاصم بن عُمر بن الخطاب: ثقة من رجال الشيخينِ. (التقريب 5290).
* * *
رِوَايَة: يَمْسَحُ يَافُوخَهُ:
• وَفِي رِوَايَةٍ، عَنْ نَافِعٍ:((أنَّ ابنَ عُمَرَ رضي الله عنهما كَانَ يُدْخِلُ يَدَهُ فِي الْوَضُوءِ، فَيَمْسَحُ بِهِمَا مَسْحَةً وَاحِدَةً الْيَافُوخَ قَطْ)).
[الحكم]:
صحيحٌ لغيرِهِ.
[اللغة]:
قال الأصمعي: "اليَأْفُوخ: وسط الهامة حيث التقى عظم مُقَدَّم الرأس وعظم مُؤَخَّرِه"(غريب الحديث لإبراهيم الحربي 2/ 857).
[التخريج]:
[عب 7 "واللفظُ له"، 30/ ش 137 "مختصرًا"/ غحر (2/ 856) / منذ 389]
[السند]:
أخرجه عبدُ الرزاقِ (7، 30) - ومن طريقِه ابنُ المُنْذِرِ في (الأوسط 389، 395) -: عن مَعْمَر، عن أيُّوبَ، عن نافع، به. وعندهما في الموضع الثاني زيادة في صفة مسحه لأذنيه.
[التحقيق]:
هذا إسناد رجاله ثقات، إلا أن مَعْمَرًا متكلَّم في روايتِهِ عن البصريين، وأيُّوبُ بصريٌّ.
ولكنه متابَع هنا؛
فقد أخرجه ابنُ أبي شَيْبةَ - وعنه الحربي في (غريبه) -: عن وكيع، عن أسامة بن زيد، عن نافع:((أنَّ ابنَ عُمَرَ كَانَ يَمْسَحُ يَافُوخَهُ مَرَّةً)).
وهذا إسنادٌ حسنٌ؛ رجاله ثقات، عدا أسامة بن زيد وهو اللَّيْثي فصدوقٌ.
وأخرجه الطَّبَريُّ في (تفسيره 8/ 186) قال: حدثنا أبو كُريب، قال: ثنا عُبيد الله الأَشْجَعي، عن سفيانَ، عنِ ابنِ عَجْلانَ، عن نافع، قال:((رَأَيتُ ابْنَ عُمَرَ مَسَحَ بِيَافُوخِهِ مَسْحَةً)).
وهذا إسنادٌ حسنٌ؛ رجاله ثقات، عدا محمد بن عَجْلانَ فصدوقٌ.
فهو صحيح بمجموع طرقه هذه، ويشهد لهذه الرواية كذلك الروايات السابقة.
وصحَّح هذه الروايةَ العَيْنيُّ في (عمدة القاري 3/ 11).
* * *
1748 -
حَدِيثُ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ مَوْقُوفًا:
◼ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ، قَالَ:((كَانَ سَلَمَةُ يَمْسَحُ مُقَدَّمَ رَأْسِهِ)).
• وَفِي رِوَايَةٍ: عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ رضي الله عنه: ((أَنَّهُ تَوَضَّأَ فَمَسَحَ مُقَدَّمَ رَأْسِهِ، وَغَسَلَ قَدَمَيْهِ، وَنَضَحَ بِيَدِهِ جَسَدَهُ وَثِيَابَهُ)).
[الحكم]:
إسنادُهُ صحيحٌ على شرطِ الشيخينِ.
[التخريج]:
[ش 155 "واللفظُ له"/ سعد (5/ 213) "والرواية له"]
[السند]:
أخرجه ابنُ أبي شَيْبةَ في (مصنفه)، وابنُ سعدٍ في (الطبقات الكبرى 5/ 213) كلاهما: عن حماد بن مَسْعَدة، عن يَزيدَ بن أبي عُبيد، عن سلَمة بن الأكوع، به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ صحيحٌ على شرطِ الشيخينِ؛ رجاله كلهم ثقات.
فحماد بن مسعدة: ثقة من رجال الشيخينِ.
ويزيد بن أبي عُبيد: ثقة من رجال الشيخينِ.
وسلمة بن الأكوع: صحابي وهو أحد من بايع تحت الشجرة، وغزا مع النبي صلى الله عليه وسلم سبع غزوات، وكان أحد من كان يُفتي بالمدينة منَ الصحابةِ ويُحدِّثون.
وقد أخرج البُخاريّ ومسلم - غيرَ ما حديث - بهذا الإسنادِ.
* * *