الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
269 - بَابُ الأَمْرِ بِالمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ وَالِاسْتِنْثَارِ فِي الوُضُوءِ
1676 -
حَدِيثُ أَبِي هريرةَ:
◼ عَنْ أَبِي هريرةَ رضي الله عنه، عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:«مَنْ تَوَضَّأَ فَلْيَسْتَنْثِرْ، وَمَنِ اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ» .
[الحكم]:
متفق عليه (خ، م).
[الفوائد]:
قال ابنُ حِبَّانَ: "الاستنثارُ هو إخراجُ الماءِ من الأنفِ، والاستنشاقُ إدخالُهُ فيه؛ فقوله صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ تَوَضَّأَ فَلْيَسْتَنْثِرْ)) أراد فليستنشق، فأوقعَ اسم البداية الذي هو الاستنشاق على النهاية الذي هو الاستنثار؛ لأنه لا يوجد الاستنثار إلا بتقدم الاستنشاق له، والاستجمار هو الاستطابة، وهو إزالة النجاسة عن المخرجين"(الصحيح 1438).
[التخريج]:
[خ 161 (واللفظُ له) / م (237/ 22) / ن 91/ كن 112/ جه 413/ .... ].
وسَبَق الحديثُ بتخريجه كاملًا مع بعض رواياته في باب (الوتر في الاستجمار).
* * *
رِوَايَة: فَلْيَجْعَلْ فِي أَنْفِهِ مَاءً
• وَفِي رِوَايَةٍ، بِلَفْظ:«إِذَا اسْتَجْمَرَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَجْمِرْ وِتْرًا، وَإِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَلْيَجْعَلْ فِي أَنْفِهِ مَاءً ثُمَّ لِيَنْتَثِرْ» .
[الحكم]:
متفق عليه (خ، م).
[التخريج]:
[خ 162 (مُطَوَّلًا) / م (237/ 20)(واللفظُ له) / د 139 (مقتصرًا على الفقرة الثانية) / ن 89/ كن 116/ طا 33/
…
].
وسَبَق الحديثُ بتخريجه كاملًا مع بعض رواياته في باب (الوتر في الاستجمار).
* * *
رِوَايَة: بِمَنْخِرَيْهِ مِنَ المَاءِ
• وَفِي رِوَايَةٍ، بِلَفْظ:«إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَنْشِقْ بِمَنْخِرَيْهِ مِنَ المَاءِ، ثُمَّ لْيَنْتَثِرْ» .
[الحكم]:
صحيح (م).
[الفوائد]:
قال ابنُ عبدِ البرِّ -عَقِبَ هذه الرواية-: "هذا أبينُ حديثٍ في الاستنشاقِ والاستنثارِ وأصحُّها إسنادًا. وأجمعَ المسلمون طُرًّا أن الاستنشاقَ والاستنثارَ من الوضوءِ، وكذلك المضمضة ومسح الأذنين.
واختلفوا فيمن ترك ذلك ناسيًا أو عامدًا؛ فكان أحمدُ بنُ حَنبَلٍ يذهبُ إلى أن من تركَ الاستنثار في الوضوء ناسيًا أو عامدًا أعادَ الوضوءَ والصلاةَ، وبه قال أبو ثَوْرٍ وأبو عُبَيدٍ في الاستنثارِ خاصَّة، وهو قول داودَ في الاستنثارِ خاصَّةً أيضًا.
وكان أبو حنيفةَ والثَّوْريُّ وأصحابهما يذهبون إلى إيجابِ المضمضةِ والاستنشاقِ في الجنابةِ دونَ الوضوءِ.
وكانت طائفة توجبهما في الوضوء والجنابة
…
وأما مالكٌ والشافعيُّ والأَوْزَاعيُّ وأكثرُ أهلِ العلمِ فإنهم ذهبوا إلى أن لا فرضَ في الوضوءِ واجب إلا ما ذكره الله عز وجل في القرآنِ؛ وذلك غَسل الوجه واليدين إلى المرفقين ومسح الرأس وغسل الرجلين" (التمهيد 18/ 225).
[التخريج]:
[م 237 (واللفظُ له) / ن 89/ كن 112/ حم 8179، 7298 (والروايةُ له ولغيرِهِ) / عه 741/ عل 6255/ طش 3294/ هما 81/ هق 224/ منذ 352، 354/ جا 76/ عط 193، 17/ مسن 561/ تحقيق 128/ تمهيد (18/ 224) / غلق (3/ 167) / حنائي 176/ كر (41/ 353)
(1)
/ محلي (2/ 50)].
[السند]:
قال مسلمٌ: حدثني محمدُ بنُ رافعٍ، حدثنا عبدُ الرَّزَّاقِ بنُ هَمَّامٍ، أخبرنا مَعْمَرٌ، عن هَمَّامِ بنِ مُنَبِّهٍ: هذا ما حدَّثنا أبو هريرةَ، عن محمدٍ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فذكرَ أحاديثَ منها هذا الحديث.
(1)
وقع عنده: (في فيه) بدلًا من: (فِي أَنفه)، وما نظنها إلا تحريفًا. والله أعلم.
وقال أبو داودَ: حدثنا عبدُ اللهِ بنُ مَسْلَمةَ، عن مالكٍ، عن أبي الزِّنادِ، عن الأعرجِ، عن أبي هريرةَ به.
[تنبيه]:
هذه الروايةُ لم يخرجها البُخاريُّ، ولكن جعلها في صحيحه اسمَ باب، فقال:(باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إِذَا تَوَضَّأَ، فَلْيَسْتَنْشِقْ بِمَنْخِرِهِ المَاءَ») وقد وصلها ابنُ حَجَرٍ في كتابه (تغليق التعليق) كما هو مثبَتٌ في التخريجِ آنفًا.
رِوَايَة: فَلْيَسْتَنْثِرْ وَتْرًا:
• وَفِي رِوَايَةٍ: «إِذَا اسْتَجْمَرَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَجْمِرْ وَتْرًا، وَإِذَا اسْتَنْثَرَ فَلْيَسْتَنْثِرْ وَتْرًا» .
[الحكم]:
صحيحُ المتنِ دون قوله «فَلْيَسْتَنْثِرْ وَتْرًا» فشاذٌّ.
[التخريج]:
[حمد 987 (واللفظُ له) / مسن 560].
[السند]:
أخرجه الحُمَيديُّ في (مسنده) -ومن طريقِه أبو نُعَيمٍ في (المستخرج على مسلم) -، قال: حدثنا سفيانُ قال: حدثنا أبو الزِّنادِ، عن الأعرجِ، عن أبي هريرةَ، به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ رجالُهُ ثقاتٌ رجالُ الشيخينِ، إلا أن الحديثَ غيرُ محفوظٍ بذكرِ
الاستنثارِ وترًا. فقد روَى هذا الحديثَ جماعةٌ منَ الثِّقاتِ الأثباتِ عنِ ابنِ عُيَيْنةَ، ولم يذكروها، وهم:
1، 2، 3 - قُتَيْبةُ بنُ سعيدٍ، وعَمرٌو الناقدُ، ومحمدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ نُمَير. كما عند مسلمٍ (237).
4 -
ووكيعٌ، كما عند أحمدَ (9969).
5 -
ومحمدُ بنُ منصورٍ، كما عند النَّسائيِّ (86).
6 -
والشافعيُّ في (سنن حَرْمَلةَ)، كما في (معرفة السنن والآثار 863).
7 و 8 - وابنُ المقرئ وعبدُ الرحمنِ بنُ بِشْرٍ، كما عندَ ابنِ الجارُودِ في (المنتقى 76).
9، 10 - ومحمدُ بنُ الصَّبَّاحِ، وابنُ أبي عُمرَ العَدَنيُّ، كما في (حديث السراج 2382).
جميعهم: عن سفيانَ بنِ عُيَيْنةَ، عن أبي الزِّنادِ، عن الأعرجِ، عن أبي هريرةَ، به بدون هذه الزيادة.
وكذا رواه مالكٌ في (الموطأ)، وعبدُ الرحمنِ بنُ إسحاقَ كما عند أحمدَ (7452): عن أبي الزِّنادِ، عن الأعرجِ، به، وليس فيه هذه الزيادة كما تقدَّمَ في الصحيحِ وغيرِهِ.
وخالفَ الجميعَ الحُمَيديُّ، فزادَ فيه عنِ ابنِ عُيَيْنةَ:(الاستنثار وترًا)، وعليه؛ فهي روايةٌ شاذَّةٌ.
* * *
رِوَايَة: «إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَلْيَتَمَضْمَضْ»
• وَفِي رِوَايَةٍ، عَنْ أَبِي هريرةَ رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَلْيَتَمَضْمَضْ وَلْيَسْتَنْثِرْ (وَلْيَسْتَنْشِقَ) 1 (تَمَضْمَضُوا وَاسْتَنْشِقُوا) 2، وَالأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ» .
[الحكم]:
إسنادُهُ ضعيفٌ بهذا السياقِ، وَضَعَّفَهُ الدَّارَقُطنيُّ، والبَيْهَقيُّ.
[التخريج]:
[عل 6370 (واللفظُ له) / طس 538 (والروايةُ الأُولى له)، 8318/ قط 352، 347 (والروايةُ الثانيةُ له ولغيرِهِ) / هقخ 181، 182، 207، 208/ مجر (2/ 86)].
[التحقيق]:
الحديثُ له طريقان عن أبي هريرةَ:
الأول:
أخرجه أبو يَعْلَى في (مسنده 6370) قال: حدثنا الحسنُ بنُ شَبِيبٍ المؤدِّبُ، حدثنا عليُّ بنُ هاشمٍ، حدثنا إسماعيلُ بنُ مسلمٍ، عن عطاءٍ، عن أبي هريرةَ، به.
وأخرجه الطَّبَرانيُّ في (الأوسط 538)، وابنُ حِبَّانَ في (المجروحين 2/ 86)، والدَّارَقُطنيُّ في (السنن 347)، والبَيْهَقيُّ في (الخلافيات 181، 182) من طريقِ عليِّ بنِ هاشمٍ، عن إسماعيلَ بنِ مسلمٍ به.
قال الطَّبَرانيُّ بإثره: "لم يَروِ هذا الحديثَ عن عطاءٍ إلا إسماعيلُ، تفرَّدَ به: عليُّ بنُ هاشمٍ".
وهذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ علته إسماعيل بن مسلم وهو المكي؛ قال الحافظُ: "فقيهٌ ضعيفُ الحديثِ"(التقريب 484).
وبه أَعَلَّه الدَّارَقُطنيُّ، وقال:"ولا يصحُّ"(السنن 348).
وكذلك البَيْهَقيُّ، حيث قال:"إسماعيلُ بنُ مسلمٍ المكيُّ هذا لا يُحتجُّ بحديثِهِ"(الخلافيات 1/ 379).
وأَعَلَّه ابنُ حِبَّانَ بعليِّ بنِ هاشمٍ؛ حيث ذكره في (المجروحين 2/ 86)، وقال:"كان غاليًا في التشيُّعِ، ممن يروي المناكيرَ عنِ المشاهيرِ، حتى كثُرَ ذلك في رواياتِهِ مع ما يقلب من الأسانيد". ثُمَّ ذكرَ هذا الحديثَ.
قلنا: وفي هذه العلةِ نظرٌ؛ فإن عليَّ بنَ هاشمِ بنِ البَريدِ الكوفيَّ؛ أخرجَ لَهُ مسلمٌ، ووثَّقَهُ وأثنَى عليه غيرُ وَاحدٍ من الأئمةِ؛ كأحمدَ وابنِ مَعِينٍ وابنِ المَدِينيِّ وأبي زُرْعةَ والنَّسائيِّ ويعقوبَ بنِ شَيْبةَ وغيرِهم، وإنما تُكُلِّم فيه لأجْلِ التشيُّعِ وليس الحديث. وقد ذكره ابنُ حِبَّانَ نفسُه في (الثِّقات 7/ 214) ولم يزدْ على قولِهِ:"وكان يتشيعُ".
فالحملُ في هذا الحديثِ على شيخِهِ إسماعيلَ بنِ مسلمٍ.
الطريق الثاني:
أخرجه الطَّبَرانيُّ في (الأوسط 8318)، قال: حدثنا موسى بنُ زكريا، نا عَمرو بنُ الحصين، نا محمدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ عُلَاثةَ، عن عبدِ الكريمِ بنِ مالكٍ الجَزَريِّ، عن سعيدِ بنِ المُسَيِّبِ، عن أبي هريرةَ به، بلفظ: ((تَمَضْمَضْ أَوِ
(1)
اسْتَنْشِقْ، وَالأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ)).
(1)
كذا في المطبوع، ولعلَّ الصواب:(و) بالعطف، كما عند الدَّارَقُطنيِّ وغيرِه، وقد رواه من الطريقِ نفْسِها.
وأخرجه الدَّارَقُطنيُّ في (السنن 352)، والبَيْهَقيُّ في (الخلافيات 207، 208) من طريقِ عَمرِو بنِ الحصينِ به، بلفظ: ((تَمَضْمَضُوا وَاسْتَنْشِقُوا
…
)).
قال الطَّبَرانيُّ بإثره: "لم يَروِ هذا الحديثَ عن عبدِ الكريمِ إلَّا ابنُ عُلاثةَ، تفرَّدَ به عَمرُو بنُ الحصينِ".
وهذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه عِلَّتان:
الأولى: عَمرُو بنُ الحصينِ؛ وهو متروكٌ كما في (التقريب 5012).
الثانية: محمدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ عُلَاثةَ، وهو مختلَفٌ فيه، فوَثَّقَهُ ابنُ مَعِينٍ وابنُ سعدٍ، وقال أبو زُرْعةَ:"صالح"، وقال ابنُ عَدِيٍّ:"حسنُ الحديثِ، وأرجو أنه لا بأسَ به".
بينما قال البُخاريُّ: "في حديثِهِ نظر"، وقال أبو حاتم:"يكتبُ حديثُهُ ولا يحتجُّ به"، وقال ابنُ حِبَّانَ:"كان يروي الموضوعاتِ عن الثِّقاتِ؛ لا يحلُّ ذكره إلا على جهةِ القدحِ فيه"، وقال الدَّارَقُطنيُّ:"متروكٌ"، وقال الحاكمُ:"يروي عنِ الأَوْزَاعيِّ وخُصَيف والنَّضْر بن عربي أحاديثَ موضوعة، ومدار حديثه على عَمرِو بنِ الحصينِ"، وقال أيضًا:"ذاهبُ الحديثِ، له مناكيرُ عن الأَوْزَاعيِّ وعن أئمةِ المسلمين".
وقال الأَزْديُّ مُعَقِّبًا على قولِ البُخاريِّ السابقِ: "لسنا نقنعُ من البُخاريِّ بهذا، حديثُهُ يدلُّ على كَذِبِهِ".
فتَعَقَّبَه الخطيبُ، قائلًا: "قد أفرطَ الأَزْديُّ في الميلِ على ابنِ عُلَاثةَ، وأحسبه وقعتْ له روايات لعَمرِو بنِ الحصينِ، عنِ ابنِ عُلَاثة، فَنَسَبَهُ إلى الكذبِ لأجْلها، والعِلةُ في تلك من جهةِ عَمرِو بنِ الحصينِ؛ فإنه كان كذَّابًا، وأما ابنُ عُلَاثَةَ، فقد وصفه يحيى بنُ مَعِينٍ بالثقةِ، ولم أحفظْ لأحدٍ
من الأئمةِ فيه خلاف ما وصفه به يحيى" انظر (تهذيب التهذيب 9/ 269 - 270).
قلنا: قد حُفِظَ عن جماعةٍ من الأئمةِ خِلافُ ذلك، منهم البُخاريُّ وأبو حاتم وغيرهما، كما سبقَ.
وقال الحافظُ: "صدوقٌ يخطئُ"(التقريب 6040).
وهذا الطريقُ ضَعَّفَهُ الدَّارَقُطنيُّ فقال عَقِبَه: "عَمرُو بنُ الحصينِ، وابنُ عُلَاثةَ ضعيفان"(السنن 352).
والحديثُ من هذا الطريقِ: أخرجه ابنُ ماجَهْ (449) مقتصرًا على قولِه: ((الأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ)).
وَضَعَّفَهُ البُوصيريُّ، فقال:"هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ لضعفِ محمدِ بنِ عبدِ اللهِ بنِ عُلَاثةَ وعَمرِو بنِ الحصينِ"(الزوائد 1/ 65).
ولقوله: ((الأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ)) طُرُقٌ أُخرى عن أبي هريرةَ، سيأتي -إن شاء اللهُ- تخريجُها والكلامُ عليها في:(باب ما جاء في أن الأذنين من الرأس)، وإنما لم نُخَرِّجْها هنا لخُلُوِّها مِن محل الشاهد في هذا الباب، وهو الأمر بالمضمضةِ والاستنشاقِ.
* * *
رِوَايَةُ الْأَمْرِ بِالمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ:
• وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ: «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ» .
[الحكم]:
إسنادُهُ مُعَلٌّ بالإرسالِ، وبه أَعَلَّه الدَّارَقُطنيُّ والبَيْهَقيُّ وابنُ عبدِ الهادِي وابنُ حَجَرٍ، وَضَعَّفَهُ النَّوَويُّ.
[التخريج]:
[قط 415 (واللفظُ له)، 416/ هق 240/ حطاب 36/ معص (صـ 95) / كر (52/ 212) / تحقيق 127/ مُغْلَطاي (1/ 363) / تذ (3/ 114) / علائي (الفوائد 319)].
[السند]:
أخرجه الدَّارَقُطنيُّ (415) قال: حدثنا الحسينُ بنُ إسماعيلَ المَحامليُّ، حدثنا عبدُ اللهِ بنُ أحمدَ بنِ موسى ح
وحدثنا محمدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ زكريا النَّيسابوريُّ، وعليُّ بنُ محمدٍ المصريُّ، قالا: حدثنا أحمدُ بنُ عَمرِو بنِ عبدِ الخالقِ، قالا: حدثنا هُدْبةُ بنُ خَالدٍ، حدثنا حمادُ بنُ سلمةَ، عن عمارِ بنِ أبي عمارٍ، عن أبي هريرةَ به.
ورواه الباقون -عدا الدَّارَقُطنيّ (416) - من طريقِ هُدْبةَ بنِ خالدٍ
…
به.
[التحقيق]:
وهذا سندٌ رجالُهُ ثقاتٌ رجالُ الصحيحِ، غير أنه مُعَلٌّ بالإرسالِ.
فقال الدَّارَقُطنيُّ -بعد أن رواه من طريقِ هُدْبةَ-: "تابعه داودُ بنُ المُحَبَّرِ، فوصله وأرسله غيرهما"(السنن ط. المعرفة 1/ 116)
(1)
.
(1)
وسقط هذا القول من (طبعة الرسالة).
ثُمَّ أسندَهُ الدَّارَقُطنيُّ (416) من طريقِ داودَ بنِ المُحَبَّرِ، نا حمادٌ، عن عمارِ بنِ أبي عمارٍ، به.
وهذه متابعةٌ ساقطةٌ؛ داودُ بنُ المُحَبَّرِ هذا "متروكٌ" كما في (التقريب 1811).
ثُمَّ قال الدَّارَقُطنيُّ: "لم يسنده عن حمادٍ غير هذين، وغيرهما يرويه عنه عن عمارٍ عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، ولا يذكر أبا هريرةَ"(السنن عَقِبَ رقم 416).
وقال أيضا: "وغيرهما يرويه عن حمادِ بنِ سلمةَ عن عمارِ بنِ أبي عمارٍ مرسلًا، وهو الصحيحُ"، وذكرَ أيضًا أن هُدْبةَ رواه في موضعٍ آخَرَ فلم يذكرْ فيه أبا هريرةَ (العلل 1605).
وكذا رواه البَيْهَقيُّ في (السنن 240) من طريقِ إبراهيمَ بنِ أحمدَ الواسطيِّ، عن هُدبةَ بنِ خالدٍ، به مسندًا، وقال: وقال مرة أخرى مرسلًا، لم يقل: عن أبي هريرةَ.
قال البَيْهَقيُّ عَقِبَه: "كذا في هذا الحديثِ، أظنُّه هُدْبة، أرسله مرة، ووصله أخرى، وتابعه داودُ بنُ المُحَبَّرِ، عن حمادٍ في وصله، وغيرهما يرويه مرسلًا
…
وخالفهما إبراهيمُ بنُ سُلَيمانَ الخَلَّالُ شيخٌ ليعقوبَ بنِ سفيانَ، فقال: عن حمادٍ، عن عمارٍ عنِ ابنِ عبَّاسٍ، وكلاهما غير محفوظٍ". اهـ
(1)
.
وقد حاولَ ابنُ الجَوزيِّ رَدَّ هذه العلة، فقال: "هُدْبةُ ثقةٌ أخرجَ عنه في
(1)
كذا في كلِّ طبعات (السنن) ليس فيها تصحيح للسند، وزعم مُغْلَطايُ في (شرح ابن ماجَهْ 1/ 264) أنه صحح إسناده! . فالله أعلم.
الصحيحين، فإذا رَفَعَه كان رَفْعُه زيادةً على قولِ مَن وقفه، والزيادةُ من الثقةِ مقبولةٌ، ومن وقفه لم يحفظْ ما حَفِظَ الرافع" (التحقيق 1/ 145).
هكذا جاءتْ العبارةُ في كتابه، والعلةُ ليست هي الوقف، وإنما الإرسال، وعلى كلٍّ فمراده واضح، وهو أن مَن وَصَلَه ثقةٌ، ومَن حَفِظَ حُجَّةٌ على من لم يحفظْ، لا سيما وفي روايةِ بعضِهم أن هُدْبةَ حدَّثَ به من كتابِهِ.
لكن الظاهر أن هُدْبةَ لم يحفظه؛ فإنه حدَّثَ به مرة أخرى مرسلًا، وهذا يدلُّ على عدمِ ضبطه لهذا الحديثِ.
ولذا قال ابنُ عبدِ الهادِي -بعد أن ذكرَ كلامَ ابنِ الجَوزيِّ-: "ورواية مَن أرسل هذا الحديث أشبه بالصوابِ، وقد صحح الدَّارَقُطنيُّ وغيرُه إرسالَه"(التنقيح 1/ 189).
وقال ابنُ حَجَرٍ: "وروي مرسلًا وهو أقوى"(الدراية 1/ 19).
ولذا عدَّه النَّوَويُّ من ضعيفِ هذا البابِ (خلاصة الأحكام 1/ 100).
* * *
1677 -
حَدِيثُ سَلَمَةَ بنِ قَيْسٍ:
◼ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ قَيْسٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا تَوَضَّأْتَ فَانْتَثِرْ، وَإِذَا اسْتَجْمَرْتَ فَأَوْتِرْ» .
[الحكم]:
صحيحٌ، وَصَحَّحَهُ: التِّرْمِذيُّ وابنُ حِبَّانَ وابنُ المُلَقِّنِ والعَيْنيُّ والسُّيوطيُّ والألبانيُّ. وهو ظاهرُ كلامِ ابن دقيقِ العيدِ وابن سيِّدِ الناسِ.
[التخريج]:
[ت 26 (واللفظُ له) / ن 43 (مختصرًا)، 92/ كن 52، 113/ جه 410/ حم 18817، 18818، 18987، 18988، 18991/ حب 1432/ عل 5905، 6328/ طب (7/ 37 - 38/ 6306، 6308، 6309، 6312 - 6315) / طي 1274/ ش 274/ مش 710/ حمد 856/ طهور 287/ مث 1303/ أثرم 23/ تخث (السفر الثالث 3671) / طح (1/ 121/ 737) / منذ 313، 314، 353/ حَرْمَلةَ (هقع 865) / صبغ 1444 - 1446/ قا (1/ 275) / صمند (صـ 692) / صحا 3402/ هقع 864/ سعدان 136/ قشيخ 308/ فقط (أطراف 2212) / موضح (2/ 72، 163) / خط (2/ 112) / خطل (2/ 784 - 787) / بنس 182/ آجر (فوائد ق 99/ أ) / قزاز 1093/ مقير 1321/ كر (41/ 350) / ضيا (مكي ق 136/ب) / أسد (2/ 527) / إمام (1/ 471) / كما (11/ 310) / مُغْلَطاي (1/ 356)].
[السند]:
رواه أبو داودَ الطَّيالِسيُّ في (مسنده 1370): عن شُعبةَ.
ورواه ابنُ أبي شَيْبةَ في (المصنَّف 274) و (المسند 710): عن أبي الأَحْوَصِ.
ورواه أحمدُ (18817): عن عبدِ الرحمنِ بنِ مهديٍّ، عن سفيانَ الثَّوْريِّ.
ورواه أحمدُ (18987): عن سفيانَ بنِ عُيَيْنةَ.
ورواه التِّرْمِذيُّ (26): عن قُتَيْبةَ بنِ سعيدٍ، عن حمادِ بنِ زيدٍ وجَريرٍ.
كلهم: عن منصورٍ، عن هلالِ بنِ يِسافٍ، عن سلمةَ بنِ قيسٍ، به.
ومداره عندَ الجميعِ على منصورِ بنِ المُعْتَمِرِ، به.
[التحقيق]:
هذا سندٌ صحيحٌ؛ رجاله ثقات رجال الشيخينِ، ما عدا صحابي الحديث، وهلال بن يِساف، وهو ثقةٌ من رجال مسلم، وروى له البُخاريُّ تعليقًا (التقريب 7352).
وقال التِّرْمِذيُّ عَقِبَه: "حديثُ سلمةَ بنِ قيسٍ حديثٌ حسنٌ صحيحٌ".
وقال ابنُ سيِّدِ الناسِ: "رجاله رجال الصحيحين إلى سلمةَ صحابِيِّه"(النفح الشذي 1/ 291).
وقال مُغْلَطايُ: "وذكره ابنُ حزمٍ محتجًّا به
(1)
، وألزمَ الدَّارَقُطنيُّ الشيخينِ إخراجَه
(2)
" (شرح ابن ماجَهْ 1/ 356).
وقال ابنُ المُلَقِّنِ: "قال الشيخُ تقيُّ الدينِ في (الإمام): رجالُ إسنادِهِ ثقاتٌ"
(3)
. قلتُ: "لا جَرَمَ أخرجه ابنُ حِبَّانَ في (صحيحه) "(البدر المنير 2/ 365).
(1)
انظر (المحلى 2/ 50).
(2)
انظر (الإلزامات صـ 99).
(3)
وهذا القول ساقط من النسخة المطبوعة، انظر (الإمام 1/ 471).
وَصَحَّحَهُ العَيْنيُّ في (نخب الأفكار 2/ 493)، والألبانيُّ في (الصحيحة 1305).
رِوَايَة: إِذَا اسْتَنْشَقْتَ:
• وَفِي رِوَايَةٍ، بِلَفْظ:((إِذَا اسْتَنْشَقْتَ فَانْثُرْ (فَانْتَثِرْ)
…
)).
[الحكم]:
شاذٌّ بهذا اللفظِ، والمحفوظُ بلفظ:((إِذَا تَوَضَّأْتَ))، كما تقدَّم.
[التخريج]:
[فه (1/ 334) (واللفظُ له) / تخث (السفر الثاني 892) / طب (7/ 37 - 38/ 6307، 6310، 6311) (والروايةُ له) / قا (1/ 276) / رفا 111/ تمهيد (18/ 224)].
[التحقيق]:
رُوِي الحديثُ بهذا اللفظِ من ثلاثةِ طرقٍ عن منصورٍ، عن هلالِ بنِ يِساف، عن سلمةَ بنِ قيسٍ:
الطريق الأول:
رواه يعقوبُ بنُ سفيانَ في (المعرفة والتاريخ).
وابنُ أبي خَيْثَمَةَ في (تاريخه) -ومن طريقِه ابنُ عبدِ البرِّ في (التمهيد) -.
والطَّبَرانيُّ في (الكبير 6307): عن عليِّ بنِ عبدِ العزيزِ.
وابنُ قانِعٍ في (الصحابة): عن بِشْرِ بنِ موسى.
كلهم: عن أبي نُعَيمٍ الفضلِ بنِ دُكَيْنٍ، عن سفيانَ الثَّوْريِّ، عن منصورٍ، عن هلالِ بنِ يِساف، عن سلمةَ بنِ قيسٍ، به.
وهذا إسنادٌ رجالُه ثقاتٌ، ظاهره الصحة، ولذا رمزَ لصحته السُّيوطيُّ في (الجامع الصغير 433). وقال المُناويُّ:"إسنادُهُ حسنٌ"(التيسير 1/ 71).
إلا أن الفضلَ بنَ دُكَيْن، قدِ انفردَ عن الثَّوْريِّ بلفظ:((إِذَا اسْتَنْشَقْتَ))، وقد خالفه كلُّ أصحابِ الثَّوْريِّ وهم:
1) عبدُ الرحمنِ بنُ مهديٍّ، عند أحمدَ (18817، 18988).
2) وعبدُ الرَّزَّاقِ، عند أحمدَ (18991).
3) ومحمدُ بنُ كثيرٍ العَبْديُّ، عندَ ابنِ حِبَّانَ (1432).
4) وعبدُ اللهِ بنُ الوليدِ العَدَنيُّ، عندَ ابنِ المُنْذِرِ في (الأوسط 314، 353).
5، 6) وأبو داودَ الحَفَريُّ، وأبو بكرٍ الحَنَفيُّ، عندَ ابنِ مَنْدَهْ في (الصحابة صـ 692).
كلهم عن الثَّوْريِّ به بلفظ: ((إِذَا تَوَضَّأْتَ فَانْتَثِرْ)).
وهذا هو المحفوظُ عن منصورٍ أيضًا؛ كذا رواه: شُعبةُ، وحمادُ بنُ زيدٍ، وجَريرُ بنُ عبدِ الحميدِ، وسفيانُ بنُ عُيَيْنةَ، وأبو الأَحْوَصِ، وزائدةُ، ومَعْمَرُ بنُ راشدٍ، وأبو عَوَانةَ -في الراجحِ عنه-، وغيرُهُم، كلُّهم عن منصورٍ، به بلفظ:((إِذَا تَوَضَّأْتَ فَانْتَثِرْ)).
وعليه؛ فروايةُ ((إِذَا اسْتَنْشَقْتَ)) شاذَّةٌ.
نعم أتت من طرقٍ أخرى عن منصورٍ، ولكنها شاذَّة أيضًا كما ستراه في
الطرقِ التاليةِ.
الطريق الثاني:
رواه الطَّبَرانيُّ في (الكبير 6311) قال: حدثنا أبو مسلمٍ الكَشِّيُّ، ثنا أبو عمرَ الضريرُ، ثنا أبو عَوَانةَ، عن منصورٍ، به.
وهذا إسنادٌ رجالُه ثقات، عدا أبي عمر الضريرِ وهو حفصُ بنُ عمرَ البصريُّ الأكبر، قال فيه الحافظ:"صدوقٌ عالمٌ"(التقريب 1421)، وانظر:(تهذيب التهذيب 2/ 412).
ولكنه قد خُولِفَ؛ فقد رواه البَغَويُّ في (معجم الصحابة 1444) عن شَيْبانَ.
ورواه الآجُرِّيُّ في (الفوائد ق 99/أ) من طريقِ عاصمِ بنِ عليٍّ.
ورواه الخطيبُ في (تاريخ بغداد 2/ 112)، و (المدرج 2/ 784)، و (الموضح 2/ 72) من طريقِ حسانَ بنِ حسانَ البصريِّ.
ثلاثتهم: عن أبي عَوَانةَ، عن منصورٍ، به. بلفظ:((إِذَا تَوَضَّأْتَ فَانْتَثِرْ)).
ولا ريبَ أن روايةَ الجماعةِ أصحُّ من روايةِ الواحدِ، لاسيما وهي الموافقةُ لروايةِ الجماعةِ عن منصورٍ، كما تقدَّم بيانُه آنفًا.
الطريق الثالث:
رواه الطَّبَرانيُّ في (الكبير 6310)، قال: حدثنا عُمرُ بنُ حفصٍ السَّدوسيُّ، ثنا أبو بلالٍ الأشعريُّ، ثنا قيسُ بنُ الربيعِ، عن منصورٍ، به.
وهذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ فيه عِلَّتان:
الأولى: أبو بلالٍ الأشعريُّ؛ ذكره ابنُ حِبَّانَ في (الثِّقات 9/ 199)،
وقال: "يغربُ ويتفردُ"، وَضَعَّفَهُ الدَّارَقُطنيُّ في (السنن عَقِبَ رقم 857)، وليَّنَهُ الحاكمُ. (لسان الميزان 8/ 26، 9/ 32). وقال البَيْهَقيُّ: "لا يحتجُّ به"(الخلافيات 3/ 412).
الثانية: قيسُ بنُ الربيعِ؛ مختلَفٌ فيه، وَثَّقَهُ شُعبةُ، وغيرُهُ، وَضَعَّفَهُ عامةُ النقادِ، منهم أحمدُ، وابنُ مَعِينٍ، وأبو حاتم، وأبو زُرْعةَ، بل قال النَّسائيُّ:"متروكٌ" انظر (تهذيب التهذيب 8/ 391 - 395).
وخلاصةُ ما تقدَّمَ: أن الحديثَ بلفظ ((إِذَا اسْتَنْشَقْتَ
…
)) شَاذٌّ أو منكَرٌ، وإنما المحفوظُ فيه بلفظ:((إِذَا تَوَضَّأْتَ فَانْتَثِرْ))، والله أعلم.
* * *
رِوَايَة: وَالأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ:
• وَفِي رِوَايَةٍ: «إِذَا تَوَضَّأْتَ فَانْثُرْ، وَإِذَا اسْتَجْمَرْتَ فَأَوْتِرْ، وَالأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ» .
[الحكم]:
صحيحٌ، إلا أن قولَهُ:«وَالأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ» مدرجٌ في المتنِ خطأٌ، كما قال الخطيبُ -وأقَرَّه مُغْلَطايُ-، وابنُ عساكر.
[التخريج]:
[خطل (2/ 782) (واللفظُ له) / كر (41/ 349 - 350)].
[السند]:
أخرجه الخطيبُ في (المدرج) قال: أخبرنا أبو بكرٍ محمدُ بنُ عليِّ بنِ محمدِ بنِ موسى السّلميُّ، بدمشقَ، أنا الحسينُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ محمدِ بنِ
إسحاقَ الأَطْرابُلُسيُّ (ح)
وأخبرنا أبو إسحاقَ إبراهيمُ بنُ عقيلٍ النحويُّ بدمشقَ أيضًا، أنا أبو الحسنِ عليُّ بنُ أحمدَ بنِ محمدٍ الشَّرابيُّ، قالا: نا خَيْثَمَةُ بنُ سُلَيمانَ الأَطْرابُلُسيُّ قال: حدثني -وفي حديثِ السلميِّ: نا- وزيرُ بنُ القاسمِ الجُبَيْليُّ، نا آدمُ بنُ أبي إياسٍ، نا شُعبةُ، عن منصورٍ، عن هلالِ بنِ يِساف، عن سلَمةَ بنِ قيسٍ الأَشْجَعيِّ، به.
وأخرجه ابنُ عساكر في (تاريخه) من طريقِ خَيْثَمَةَ بنِ سُلَيمانَ به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ رجالُهُ ثقاتٌ إلا وزير بن القاسم، ذكرَ له تمامُ حديثًا مسلسلًا بدخولِ الحمامِ وقال:"هذا خبرٌ منكرٌ لم نكتبْهُ إلا عن هذا الشيخِ"(لسان الميزان 6/ 218).
وقد وهِم في هذا الحديثِ فأدرجَ في حديثِ سلمةَ بنِ قيسٍ جملة: «وَالأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ» ، وإنما هي من حديثٍ آخرَ لابنِ عُمرَ مذكورٍ في كتابِ آدمَ بنِ أبي إياس عَقِبَ هذا الحديثِ.
قال الخطيبُ: "قوله في هذا الحديثِ: «وَالأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ» خطأٌ صريحٌ ووهَمٌ شنيعٌ؛ وذلك أن المتنَ المرفوعَ إلى قوله: ((فَأَوْتِرْ)) حسْبُ، لا زيادةَ عليه، والوهَمُ في هذا الحديثِ من وزيرِ بنِ القاسمِ، وهِمَه على آدمَ، أو من خَيْثَمَةَ وهمه على وزير، والحديثُ في كتابِ آدمَ عن شُعبةَ بإسنادٍ آخَرَ عن عبدِ اللهِ بنِ عُمرَ قال:«وَالأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ» فالتقطَ الراوي لحديثِ سلمةَ بنِ قيسٍ ما بعده بإسنادِ حديثِ ابنِ عُمرَ ووصل لفْظَه بمتنِ حديثِ سلمةَ. وقد روَى مَعْمَرُ بنُ راشدٍ، وسفيانُ الثَّوْريُّ، وموسى بنُ مُطَيْر، وقيسُ بنُ الربيعِ،
وأبو عَوَانةَ، وحمادُ بنُ زيدٍ، وسفيانُ بنُ عُيَيْنةَ، وجَريرُ بنُ عبدِ الحميدِ، عن منصورٍ، حديثَ سلمةَ بنِ قيسٍ، فلم يزيدوا على قولِه:«وَإِذَا اسْتَجْمَرْتَ فَأَوْتِرْ» ، وكذلك رواه أبو الوليدِ الطَّيالِسيُّ عن شُعبةَ عن منصورٍ. وروى إبراهيمُ بنُ الهيثمِ البلديُّ عن آدمَ بنِ أبي إياسٍ عن شُعبةَ حديثَ سلمةَ بنِ قيسٍ وأَتْبَعَه بحديثِ ابنِ عُمرَ، ومَيَّزَ كلَّ واحدٍ منهما عن صاحبِهِ" (الفصل للوصل المدرج 2/ 731، 732). وأقَرَّه مُغْلَطايُ في (شرح ابن ماجَهْ 1/ 452).
وقال ابنُ عساكر: "وقوله: «وَالأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ»، ليس من الحديثِ المرفوعِ، وإنما رَوَى آدمُ هذا الحديث عن شُعبةَ مِثْلَ ما رواه أبو الوليدِ الطَّيالِسيُّ، وآخره: «وَإِذَا اسْتَجْمَرْتَ فَأَوْتِرْ»، ثُمَّ روى بعده عن شُعبةَ: حدثني رجلٌ كان بواسِطَ مولًى لبني مَخْزُومٍ، قال سمِعتُ ابنَ عُمرَ يقول: «الأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ» "(تاريخ دمشق 41/ 350).
1678 -
حَدِيثُ طَارِقِ بنِ عَبْدِ اللهِ
◼ عَنْ طَارِقِ بنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا اسْتَجْمَرْتُمْ فَأَوْتِرُوا، وَإِذَا تَوَضَّأْتُمْ فَاسْتَنْثِرُوا» .
[الحكم]:
صحيحُ المتنِ بما سبقَ، وإسنادُهُ منكَرٌ.
[التخريج]:
[طب (8/ 314/ 8173)].
[السند]:
قال الطَّبَرانيُّ: حدثنا سعيدُ بنُ عبدِ الرحمنِ التُّسْتَريُّ، حدثنا سَعْدانُ بنُ يَزيدَ، حدثنا الهيثمُ بنُ جميلٍ، حدثنا شَرِيكٌ، عن منصورٍ، عن رِبْعِيِّ، عن طارقِ بنِ عبدِ اللهِ، به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ منكرٌ؛ فيه شَرِيكٌ، وهو ابنُ عبدِ اللهِ النَّخَعيُّ؛ وهو "صدوقٌ يخطئُ كثيرًا"(التقريب 2787).
وقد أخطأَ هنا؛ فإن الحديثَ رواه الثِّقاتُ عن منصورٍ عن هلالِ بنِ يِساف، عن سلَمةَ بنِ قيسٍ به كما سبقَ.
وبقيةُ رجالِهِ ثقات عدا سَعْدانَ بن يَزيدَ، وهو صدوقٌ (الجرح والتعديل 4/ 290).
وقال الهيثميُّ: "رواه الطَّبَرانيُّ في (الكبير)، ورجالُهُ مُوَثَّقون"(المجمع 1046).
* * *
1679 -
حَدِيثُ أَبِي ثَعْلَبَةَ الخُشَنِيِّ:
◼ عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الخُشَنِيِّ رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِذَا تَوَضَّأْتَ فَاسْتَنْثِرْ، وَإِذَا اسْتَجْمَرْتَ فَأَوْتِرْ» .
[الحكم]:
صحيحُ المتنِ من حديثِ أبي هريرةَ، وإسنادُهُ خطأ من حديثِ أبي ثعلبةَ، كما قال البَغَويُّ -وأقَرَّهُ أبو أحمدَ الحاكمُ-، والدَّارَقُطنيُّ، وابنُ عساكر، وابنُ المُلَقِّنِ.
[التخريج]:
[عط (حاكم 154) (واللفظُ له) / عط (حاجب 522) / كر (26/ 139) / مشب 851].
سَبَق تخريجُه وتحقيقُه في: (باب الوتر في الاستجمار)، حديث رقْم (؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ).
* * *
1680 -
حَدِيثُ أَبِي هريرةَ:
◼ عَنْ أَبِي هريرةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أُمِرْتُ بِالوُضُوءِ؛ فَوَضَّأَنِي جِبْرِيلُ فَرْضَ الوُضُوءِ، وَسَنَنْتُ أَنَا فِيهِ الِاسْتِنْجَاءَ، وَالمَضْمَضَةَ، وَالِاسْتِنْشَاقَ، وَغَسْلَ الأُذُنَيْنِ، وَتَخْلِيلَ اللِّحْيَةِ، وَمَسْحَ القَفَا، وَهُوَ أَسْبَغُ الوُضُوءِ» .
[الحكم]:
ضعيفٌ جدًّا، وَضَعَّفَهُ ابنُ طاهِر.
[التخريج]:
[عد (1/ 506)].
[السند]:
قال ابنُ عَدِيٍّ في (الكامل): حدثنا عبدُ اللهِ بنُ أبي سفيانَ المَوْصِليُّ، حدثنا أبو زيدٍ الجَرْجَرائيُّ، حدثنا إبراهيمُ بنُ أبي يحيى، عن أبي ذِئْبٍ، عن الزُّهْريِّ، عن أبي سَلَمةَ، عن أبي هريرةَ به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ آفته إبراهيمُ بنُ أبي يحيى الأَسْلَميُّ؛ وهو متروكُ الحديثِ كما في (التقريب 241).
قال ابنُ طاهِرٍ: "رواه إبراهيمُ بنُ أبي يحيى عنِ ابنِ أبي ذئبٍ، عن الزُّهْريِّ، عن أبي سَلَمةَ، عن أبي هريرةَ، وإبراهيمُ متروكُ الحديثِ"(ذخيرة الحفاظ 702).
1681 -
حَدِيثُ لَقِيطِ بنِ صَبِرَةَ
◼ عَنْ لَقِيطِ بنِ صَبِرَةَ رضي الله عنه، مَرْفُوعًا:((إِذَا تَوَضَّأْتَ فَمَضْمِضْ)).
[التخريج]:
[د 143/ هق 239].
[الحكم]:
إسنادُهُ ظاهره الصحة، وقد حَسَّنَهُ النَّوَويُّ، وَصَحَّحَهُ مُغْلَطايُ، وابنُ حَجَرٍ، والعَيْنيُّ، والمباركفوريُّ، والشَّوْكانيُّ، والألبانيُّ، والراجحُ أنه شاذٌّ بهذا اللفظِ.
[السند]:
رواه أبو داودَ -ومن طريقِه البَيْهَقيُّ-، قال: حدثنا محمدُ بنُ يحيى بنِ فارسٍ، حدثنا أبو عاصمٍ، حدثنا ابنُ جُرَيجٍ، حدثني إسماعيلُ بنُ كَثيرٍ، عن عاصمِ بنِ لَقِيط بنِ صَبِرةَ، عن أبيه، به.
[التحقيق]:
إسناده ظاهره الصحة، فرجاله كلهم ثقات؛ ابنُ فارس هو الإمامُ الذُّهْلي، وأبو عاصمٍ هو النبيلُ ثقةٌ متقنٌ من رجالِ الشيخينِ، وابنُ جُرَيجٍ إمامٌ مشهورٌ من رجالِ الشيخينِ، وإسماعيلُ بنُ كثيرٍ الحجازيُّ من رجالِ السننِ، وهو ثقةٌ (التقريب 474)، ومثله عاصمُ بنُ لَقِيط بنِ صَبِرة، (التقريب 3076).
ولذا حسَّنَ إسنادَهُ النَّوَويُّ في (الخلاصة 1/ 99)، وَجَزَمَ بصحته مُغْلَطايُ في (شرح ابن ماجَهْ 1/ 363)، وابنُ حَجَرٍ في (الفتح 1/ 262)، والعَيْنيُّ في (العمدة 3/ 8)، والمباركفوريُّ في (التحفة 1/ 98)، والشَّوْكانيُّ في (النيل 1/ 178) و (السيل 1/ 82)، والألبانيُّ في (صحيح أبي داودَ 1/ 245).
وهو ظاهر صنيع عبد الحق في (الأحكام الكبرى 1/ 455)، حيثُ ذكرَ عَقِبَه توثيق إسماعيل وعاصم.
قلنا: ولكن ذِكر المضمضة في هذا الحديثِ غير محفوظ؛
فقد رواه الدَّارِميُّ (723) عن أبي عاصمٍ، أنبأنا ابنُ جُرَيجٍ، به بلفظ:«إِذَا تَوَضَّأْتَ فَأَسْبِغْ وُضُوءَكَ، وَخَلِّلْ بَيْنَ أَصَابِعِكَ» .
والدَّارِميُّ إمامٌ حافظٌ جليلٌ، وقد تابعه إبراهيمُ بنُ مرزوق عندَ ابنِ المُنْذِرِ في (الأوسط 355)، والطَّحاويِّ في (المشكل 2520، 5362، 5426).
وهذا هو المحفوظُ عنِ ابنِ جُرَيجٍ، رواه عنه عبدُ الرَّزَّاقِ في (المصنَّف 80) -وعنه أحمدُ (16384) وغيره- بمثلِ روايةِ الدَّارِميِّ.
وكذا رواه أحمدُ (17846)، وأبو داودَ (143) وغيرهما من طريقِ يحيى بنِ سعيدٍ القَطَّانِ، ورواه الحاكمُ (530) وغيرُه من طريقِ حَجَّاجِ بنِ محمدٍ، كلاهما عنِ ابنِ جُرَيجٍ، بمثل روايةِ الدَّارِميِّ.
وكذا رواه الثَّوْريُّ ويحيى بنُ سُلَيمٍ الطَّائفيُّ وداودُ بنُ عبدِ الرحمنِ العطارُ وغيرُهُم، عن إسماعيلَ بنِ كثيرٍ، بمثلِ روايةِ الدَّارِميِّ ومَن تابعه، ولم يَرِدْ ذِكْرُ المضمضة فيه إلا من وجهٍ شاذٍّ عن الثَّوْريِّ كما بيَّنَّاه في:(باب الأمر بإسباغ الوُضوء وإحسانه).
1682 -
حَدِيثُ ابنِ عبَّاسٍ
◼ عنِ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «اسْتَنْثِرُوا (اسْتَنْشِقُوا) مَرَّتَيْنِ بَالِغَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا» .
[الحكم]:
إسنادُهُ حسنٌ، واحتَجَّ به أحمدُ، واستشهدَ به الحاكمُ، وَصَحَّحَهُ ابنُ القَطَّانِ -وتَبِعَه ابنُ دقيقٍ-، والسُّيوطيُّ، وأحمد شاكر، والألبانيُّ. وحَسَّنَهُ الحافظُ ابنُ حَجَرٍ.
[التخريج]:
[د 140 (واللفظُ له) / جه 412/ ك 533/ ش 278 (والروايةُ له) / ..... ].
وتَقَدَّمَ الحديثُ قريبًا مع بعضِ رواياتِهِ في: (باب المبالغة في المضمضة والاستنشاق والاستنثار).
رِوَايَة: فَلْيَتَمَضْمَضْ، وَالأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ:
• وَفِي رِوَايَةٍ، عنِ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَلْيَتَمَضْمَضْ وَلْيَسْتَنْشِقْ (وَلْيَسْتَنْثِرْ)، وَالأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ» .
[الحكم]:
إسنادُهُ ساقطٌ بهذا السياقِ، وَضَعَّفَهُ الدَّارَقُطنيُّ، وأقَرَّه البَيْهَقيُّ.
والأمرُ بالاستنشاقِ والاستنثارِ عند الوُضوءِ ثابتٌ صحيحٌ بما سبقَ.
[التخريج]:
[عد (1/ 430) / قط 341 (واللفظُ له)، 342 (والروايةُ له ولغيرِهِ) / هقخ 178/ تحقيق 143 (مقتصرًا على آخره)].
انظر الكلامَ عليه عَقِبَ الرواية التالية.
رِوَايَة: «المَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ مِنَ الوُضُوءِ الَّذِى لَا يَتِمُّ الوُضُوءُ إِلَّا بِهِمَا»
• وَفِي رِوَايَةٍ، بِلَفْظ:«المَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ مِنَ الوُضُوءِ الَّذِى لَا يَتِمُّ الوُضُوءُ إِلَّا بِهِمَا، وَالأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ» .
[الحكم]:
إسنادُهُ ساقطٌ بهذا السياقِ، وَضَعَّفَهُ الدَّارَقُطنيُّ، وأقَرَّه البَيْهَقيُّ، وابنُ عبدِ الهادِي، وابنُ حَجَرٍ.
[التخريج]:
[قط 343].
[السند]:
أخرجه الدَّارَقُطنيُّ في (السنن 341) -ومن طريقِه البَيْهَقيُّ في (الخلافيات)، وابنُ الجَوزيِّ في (التحقيق 143) - قال: حدثنا أبو محمدٍ يحيى بنُ محمدِ بنِ صاعِدٍ، ثنا أحمدُ بنُ بكرٍ أبو سعيدٍ ببالِسَ، نا محمدُ بنُ مصعبٍ القَرْقَسانيُّ، نا إسرائيلُ، عن جابرٍ، عن عطاءٍ، عنِ ابنِ عبَّاسٍ به.
وأخرجه ابنُ عَدِيٍّ: عنِ ابنِ صاعدٍ، به.
قال ابنُ عَدِيٍّ: "وهذا الحديثُ لا يُعرفَ إلا بأحمدَ بنِ بكرٍ"(الكامل 1/ 430).
قلنا: بل رواه غيرُهُ:
فأخرجه الدَّارَقُطنيُّ في (السنن 342) قال: حدثنا أحمدُ بنُ محمدِ بنِ سعيدٍ، حدثنا عليُّ بنُ عُمرَ بنِ الحسنِ التَّمِيميُّ، حدثنا حسنُ بنُ عليٍّ الصَّفَّارُ، حدثنا مصعبُ بنُ المِقْدامِ، عن حسنِ بنِ صالحٍ، عن جابرٍ، عن عطاءٍ، عنِ ابنِ عبَّاسٍ به.
ثُمَّ أخرجه الدَّارَقُطنيُّ في (السنن 343) من طريقِ عليِّ بنِ يونسَ، عن إبراهيمَ بنِ طَهْمانَ، عن جابرٍ، عن عطاءٍ، عنِ ابنِ عبَّاسٍ به.
فالروايتان مدارهما على جابرٍ -وهو الجُعْفِيُّ-، به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ساقطٌ؛ عِلَتُه: جابرٌ، وهو الجُعْفِيُّ؛ متروك متَّهَمٌ، كما تقدَّمَ بيانُه مفصلًا في:(باب ترك رد السلام عند قضاء الحاجة)، حديث عَلْقَمة بن الفغواء.
وبه أَعَلَّه الدَّارَقُطنيُّ، فقال:"جابرٌ ضعيفٌ، وقد اختُلِفَ، عنه فأرسلَه الحَكمُ بنُ عبدِ اللهِ أبو مُطيعٍ، عن إبراهيمَ بنِ طَهْمانَ، عن جابرٍ، عن عطاءٍ. وهو أشبهُ بالصوابِ"(السنن عَقِبَ رقم 343). وأقَرَّه البَيْهَقيُّ في (الخلافيات 1/ 376).
ومع ما قيلَ في تكذيبِ جابرٍ الجُعْفِيِّ وضعْفِه، تمسَّكَ ابنُ الجَوزيِّ بقولِ مَن وَثَّقَهُ، فقال -مُتَعقِّبًا مَن ضَعَّفَه بجابرٍ الجُعْفِيِّ-:"قلنا: قد وَثَّقَهُ سفيانُ الثَّوْريُّ وشُعبةُ، وكفَى بهما"!! (التحقيق 126).
وتَعقَّبَه ابنُ عبدِ الهادِي؛ فقال: "جابرٌ الجُعْفِيُّ: ضعَّفَه الجمهورُ، والمؤلفُ يحتجُّ به في موضع إذا كان الحديث حُجَّةً له، ويُضَعِّفُه في موضعٍ آخَرَ إذا كان الحديثُ حُجَّةً عليه! "(تنقيح التحقيق 1/ 187).
وقال ابنُ حَجَرٍ: "إسنادُهُ ضعيفٌ"(الدراية 1/ 47).
* * *
رِوَايَة: مَضْمِضُوا وَاسْتَنْشِقُوا:
• وَفِي رِوَايَةٍ: عنِ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما، مَرْفُوعًا:«مَضْمِضُوا، وَاسْتَنْشِقُوا، وَالأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ» .
[الحكم]:
منكرٌ بزيادةِ ((وَالأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ))، وإسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا. وَضَعَّفَهُ جدًّا: الدَّارَقُطنيُّ، والبَيْهَقيُّ، ومُغْلَطايُ، وابنُ حَجَرٍ. والأمرُ بالاستنشاقِ عند الوضوءِ ثابتٌ صحيحٌ بما سبقَ.
[التخريج]:
[عد (4/ 516) (واللفظُ له) / قط 333، 334/ هقخ 173، 174/ حل (8/ 281) / مخلدي (ق 285/ ب)].
[السند]:
أخرجه ابنُ عَدِيٍّ في (الكامل 4/ 516)، قال: حَدثنا حاجبُ بنُ أَرَّكِين، حَدثنا عبَّادُ بنُ الوليدِ، حَدثنا كثيرُ بنُ شَيْبانَ، عن الربيعِ بنِ بدرٍ، عنِ ابنِ جُرَيجٍ، عن عطاءٍ، عنِ ابنِ عبَّاسٍ، به.
ومَدارُه عندَهم على الربيعِ بنِ بدرٍ، به.
قال أبو نُعَيمٍ بإثره: "غريبٌ من حديثِ ابنِ جُرَيجٍ في المضمضةِ والاستنشاقِ، لا أعلمُ رواه عنه إلا الربيع"(الحلية 8/ 281).
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه عِلَّتان:
الأولى: الربيعُ بنُ بدرٍ؛ فإنه "متروكٌ" كما قال الحافظُ في (التقريب 1883).
وبهذا أَعَلَّه الدَّارَقُطنيُّ فقال عَقِبَه: "الربيعُ بنُ بدرٍ متروكُ الحديثِ"(السنن 334).
وتَبِعَه مُغْلَطايُ في (شرح ابن ماجَهْ 1/ 364).
العلة الثانية: المخالفة؛ فقد رواه الثِّقاتُ الأثباتُ عنِ ابنِ جُرَيجٍ عن سُلَيمانَ مرسلًا.
كذا رواه سفيانُ الثَّوْريُّ في (الجامع) -كما في (الخلافيات للبيهقي عَقِبَ 171) -.
وعبدُ الرَّزَّاقِ في (المصنَّف 23).
وابنُ أبي شَيْبةَ في (المصنَّف 156): عن وكيعٍ.
وأبو عُبيدٍ في (الطهور 360): عن حَجَّاجِ بنِ محمدٍ.
أربعتُهم -وغيرُهُم-: عنِ ابنِ جُرَيجٍ، قال: حدثني سُلَيمانُ بنُ موسى، به مرسلًا
(1)
.
قلنا: وقد رواه أبو كاملٍ، عن غُنْدَرٍ، عنِ ابنِ جُرَيجٍ، عن عطاءٍ، عنِ ابنِ عبَّاسٍ به مرفوعًا مقتصرًا على قولِه:((الأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ)). وقد وُهِّمَ فيه أبو كامل، كما سيأتي بيانُه في:(باب ما جاء في أن الأذنين من الرأس).
وقال الدَّارَقُطنيُّ: "تفرَّد به أبو كاملٍ، عن غُنْدَرٍ، ووَهِمَ عليه فيه، تابعه الربيعُ بنُ بدرٍ وهو متروكٌ، عنِ ابنِ جُرَيجٍ، والصوابُ عنِ ابنِ جُرَيجٍ، عن سُلَيمانَ بنِ موسى، عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم مرسلًا"(السنن 332).
(1)
وسيأتي تخريجه قريبًا.
وقال البَيْهَقيُّ: "هكذا رواه سفيانُ بنُ سعيدٍ الثَّوْريُّ في (الجامع)، وعبدُ الرَّزَّاقِ بنُ هَمَّامٍ، وعبدُ الوهابِ بنُ عطاءٍ الخَفَّافُ، وصِلَةُ بنُ سُلَيمانَ، عنِ ابنِ جُرَيجٍ مرسلًا"(الخلافيات 1/ 368، 367).
وهذا الإسنادُ رجالُهُ رجالُ مسلمٍ، إلا أنه مرسلٌ، وهو الصوابُ كما صرَّحَ بذلك الدَّارَقُطنيُّ في غيرِ موضعٍ كما سبقَ.
ولذا قال البَيْهَقيُّ: "هولاء الذين وصلوا هذا الإسناد، تارةً عنِ ابنِ جُرَيجٍ عن عطاءٍ عنِ ابنِ عبَّاسٍ، وتارةً عنِ ابنِ جُرَيجٍ عن سُلَيمانَ بنِ موسى عن الزُّهْريِّ عن عُرْوةَ عن عائشةَ، وغير ذلك مما سبقَ ذِكْرُه له، ليسوا من أهلِ الصدقِ والعدالةِ بحيثُ إذا انفردوا بشيءٍ يُقبل ذلك منهم أو جازَ الاحتجاجُ بخبرهم، فكيف إذا خالفوا الثِّقات، وباينوا الأثبات، وعمَدوا إلى المعضلاتِ فجوَّدوها، وقصدوا إلى المراسيلِ والموقوفاتِ فأسندوها، والزيادةُ إنما هي مقبولةٌ عن المعروفِ بالعدالةِ، والمشهورِ بالصدقِ والأمانةِ".
ثُمَّ أسندَهُ من روايةِ الثَّوْريِّ، عنِ ابنِ جُرَيجٍ، عن سُلَيمانَ بنِ موسى، مرسلًا، وقال:"وهذا هو الصوابُ، وبذلك لا تثبُتُ الحُجَّةُ عندنا"(الخلافيات 1/ 436، 437).
* * *
رِوَايَة: أَمَرَ بِالمَضْمَضَةِ:
• وَفِي رِوَايَةٍ، عنِ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ:((إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِالمَضْمَضَةِ وَالاِسْتِنْشَاقِ)).
[الحكم]:
منكرٌ، وأَعَلَّه البَيْهَقيُّ.
[التخريج]:
[فسوي 18].
[السند]:
أخرجه يعقوبُ بنُ سفيانَ الفَسَويُّ في (مشيخته)، قال: حدثنا إبراهيمُ بن سُلَيمانَ الخَلَّالُ، قال: حدثنا حمادُ بنُ سلمةَ، قال أخبرنا عمارُ بنُ أبي عمارٍ، عنِ ابنِ عبَّاسٍ، به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ منكَرٌ؛ فيه إبراهيمُ بنُ سُلَيمانَ الخَلَّالُ، ولم يوثِّقْهُ معتبَر، إنما ذكره ابنُ حِبَّانَ في (الثِّقات 8/ 72) على عادته.
وقد تقدَّم عند الكلامِ على حديثِ أبي هريرةَ: أن المحفوظَ عن حمادِ بنِ سلمةَ عن عمارِ بنِ أبي عمارٍ مرسلًا. كما قال الدَّارَقُطنيُّ في (العلل 1605)، و (السنن 416).
وأقَرَّه البَيْهَقيُّ على القولِ بإرسالِهِ، وزادَ هذا الوجه؛ فقال:"وخالَفَهما إبراهيمُ بنُ سُلَيمانَ الخَلَّالُ شيخٌ ليعقوبَ بنِ سفيانَ، فقال: عن حمادٍ عن عمارٍ عنِ ابنِ عبَّاسٍ، وكلاهما غير محفوظ"(السنن الكبرى 1/ 52).
* * *
1683 -
حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ:
◼ عنِ ابنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((مَنْ تَوَضَّأَ فَلْيُمَضْمِضْ وَلْيَسْتَنْشِقْ، وَالأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ)).
[الحكم]:
إسنادُهُ ضعيفٌ معلولٌ، والصوابُ عن سُلَيمانَ بنِ موسى -معضَلًا-، وأَعَلَّه الدَّارَقُطنيُّ وأقَرَّه الخطيبُ والذَّهَبيُّ.
والأمرُ بالاستنشاقِ عندَ الوضوءِ ثابتٌ صحيحٌ بما سبقَ.
[التخريج]:
[خط (8/ 420)].
[السند]:
أخرجه الخطيبُ في (تاريخ بغداد) قال: أخبرنا أبو بكرٍ البَرْقانيُّ، حدثنا إبراهيمُ بنُ محمدِ بنِ يحيى المُزَكّي، أخبرنا أبو العبَّاسِ محمدُ بنُ إسحاقَ السَّراجُ، حدثنا الحسنُ بنُ كُلَيبٍ، حدثنا مصعبُ بنُ المِقْدامِ، حدثنا سفيانُ، عنِ ابنِ جُرَيجٍ، عن سُلَيمانَ بنِ موسى، عن نافعٍ، عنِ ابنِ عُمرَ، به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ فيه الحسنُ بنُ كُلَيبٍ وهو ضعيفٌ؛ ضعَّفَه الدَّارَقُطنيُّ والخطيبُ (الميزان
1936)، وذكره ابنُ حِبَّانَ في (الثِّقات 8/ 180) وقال:"يُخطئُ ويغربُ".
قال الدَّارَقُطنيُّ: "رواه حسنُ
(1)
بنُ كُلَيبٍ، عن مصعبِ بنِ المِقْدامِ، عن
(1)
في المطبوع: "حسين"، والتصويبُ من كتبِ التراجمِ، وكذا جاءَ على الصوابِ في كلام الدَّارَقُطنيِّ عند الخطيب.
الثَّوْريِّ، عنِ ابنِ جُرَيجٍ، عن نافعٍ، عنِ ابنِ عمرَ، عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم.
ورواه ابنُ عُيَيْنةَ، وحَجَّاجٌ الأعورُ، وعبدُ الوهابِ، عنِ ابنِ جُرَيجٍ، عن سُلَيمانَ بنِ موسى، أنه بلغه عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم.
وكذلك قال عُبيدُ اللهِ بنُ موسى، عنِ ابنِ جُرَيجٍ، عن سُلَيمانَ بنِ موسى مرسلًا، عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم.
ورفعه الربيعُ بنُ بدرٍ، وغُنْدَرٌ، من روايةِ أبي كاملٍ: عن غُنْدَرٍ، عنِ ابنِ جُرَيجٍ، عن عطاءٍ، عنِ ابنِ عبَّاسٍ، عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم.
والمرسل أصح" (العلل 3194).
ونقل الخطيبُ عن البَرْقانيِّ عن الدَّارَقُطنيِّ أنه قال -أيضًا-: "هذا حديثٌ منكرٌ بهذا الإسنادِ متصلًا، تفرَّدَ به الحسنُ بنُ كُلَيبٍ، وهو ضعيفُ الحديثِ، والمحفوظُ عنِ ابنِ جُرَيجٍ عن سُلَيمانَ بنِ موسى عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم الله عليه وسلم مرسلًا"(تاريخ بغداد 8/ 420).
وعلَّقَ الذَّهَبيُّ على قولِ الدَّارَقُطنيِّ هذا بقوله: "يعني: معضَلًا"(ميزان الاعتدال 1/ 519).
قلنا: وذلك لأن سُلَيمانَ بنَ موسى لم يُدْرِكْ أحدًا من أصحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، كما قال الإمامُ البُخاريُّ في (العلل الكبير للترمذي صـ 102)؛ فحديثُهُ عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم معضَلٌ بلا ريب.
والمحفوظُ عنِ ابنِ عُمرَ في الأذنينِ من الرأسِ موقوفٌ غيرُ مرفوعٍ، صَحَّ ذلك عنه من وجوهٍ، وسيأتي تخريجُه في بابِهِ إن شاءَ اللهِ.
* * *
1684 -
حَدِيثُ عَائِشَةَ:
◼ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ تَوَضَّأَ فَلْيُمَضْمِضْ، وَلْيَسْتَنْشِقْ، وَالأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ» .
[الحكم]:
ضعيفٌ معلولٌ، والصحيحُ إرساله، وأَعَلَّه: العُقَيليُّ، والدَّارَقُطنيُّ، والبَيْهَقيُّ، والنَّوَويُّ، وابنُ حَجَرٍ، والعَيْنيُّ.
والأمر بالاستنشاق عندَ الوضوءِ ثابتٌ صحيحٌ بما سبقَ.
[التخريج]:
[عق (3/ 436) / قط 281، 340 (واللفظُ له) / هقخ 243/ تحقيق 142].
[السند]:
أخرجه العُقَيليُّ في (الضُّعفاء 3/ 436): عن الفضلِ بنِ عبدِ اللهِ الجُوزْجانيِّ، حدثنا محمدُ بنُ الأزهرِ الجوزجانيُّ، حدثنا الفضلُ بنُ موسى السِّينانيُّ، عنِ ابنِ جُرَيجٍ، عن سُلَيمانَ بنِ موسى، عن الزُّهْريِّ، عن عُرْوةَ، عن عائشةَ، به.
وأخرجه الدَّارَقُطنيُّ في (السنن 281، 340)، والبَيْهَقيُّ في (الخلافيات 243)، وابنُ الجَوزيِّ في (التحقيق 142)، من طريقِ محمدِ بنِ الأزهرِ، به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ معلولٌ؛ محمدُ بنُ الأزهرِ تَكَلَّمَ فيه أحمدُ ونَهَى عن الكتابةِ عنه، قال عبدُ اللهِ بنُ أحمدَ: سمعتُ أَبي يقولُ لرجلٍ من أهلِ
خُرَاسَانَ، وسأله عن محمدِ بنِ الأَزهَر الجُوزْجانيِّ؟ فقال:"لا تكتبوا عنه حتى يتوبَ؛ وذاك أنه بلغه أنه تكلَّمَ في أمرِ القرآنِ، فقال له: لا تكتبوا عنه حتى لا يُحدِّثُ عن الكذَّابين، وذكرَ تفسيرَ الكلبي وعبد المنعم يعني: أحاديثَ وَهْبِ بنِ مُنَبِّه، [وترك حديث الثِّقات: يحيى، وعبد الرحمن] "(العلل رواية عبد الله 5153)، وما بين المعقوفين من (الكامل 9/ 87). وقال ابنُ عَدِيٍّ:"ومحمدُ بنُ الأزهرِ هذا ليسَ بالمعروفِ، وإذا لم يكن معروفًا ويحدِّثُ عن الضُّعفاءِ فسبيلُهم سبيلٌ واحدٌ، لا يجبُ أن يُشتغل برواياتهم"(الكامل 9/ 87). وَضَعَّفَهُ الدَّارَقُطنيُّ، كما سيأتي.
بينما قال الحاكمُ -وحدَه-: "هو ثقةٌ مأمونٌ صاحبُ حديثٍ"! (اللسان 5/ 64).
قلنا: وقد وهِمَ فيه محمدُ بنُ الأزهرِ؛ فإن المحفوظَ عن سُلَيمانَ بنِ موسى عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم مرسلًا، كما تقدَّمَ بيانُهُ قريبًا، وسيأتي تخريجُه عَقِبَ هذا.
ولذا ذكرَ الحديثَ العُقَيليُّ في ترجمته، وأَعْقَبَه بالطريقِ المرسلِ، وقال:"هذا أَوْلى"(الضُّعفاء 3/ 436).
وقال الدَّارَقُطنيُّ عَقِبَه: "محمدُ بنُ الأزهرِ ضعيفٌ، وهذا خطأٌ، والذي قبله المرسل أصح، والله أعلم"(السنن 281).
وقال عَقِبَ (رقم 240): "كذا قال والمرسلُ أصح". وأقَرَّه البَيْهَقيُّ في (الخلافيات 1/ 436).
وقال ابنُ حَجَرٍ: "أخرجه الدَّارَقُطنيُّ وفيه محمدُ بنُ الأزهرِ، وقد كذَّبه أحمدُ"(التلخيص الحبير 1/ 286).
وتَبِعَه العَيْنيُّ في (البناية 1/ 216).
وذكر النَّوَويُّ في (خلاصة الأحكام 1/ 111) حَدِيثَ: ((الأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ)) في ضعيف باب مسح الأذنين، ولم يقيده بصَحابيٍّ معيَّن؛ ليَدُلَّ على أن الحديثَ ضعيفٌ من جميعِ طرقِهِ.
* * *
رِوَايَة: مِنَ الوُضُوءِ الَّذِي لَا بُدَّ مِنْهُ:
• وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهَا رضي الله عنها، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((المَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ مِنَ الوُضُوءِ الَّذِي لَا بُدَّ مِنْهُ (لَا يَتِمُّ الوُضُوءُ إِلَّا بِهِمَا)(لَا تَتِمُّ الصَّلَاةُ إِلَّا بِهِ)، [وَالأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ])).
[الحكم]:
ضعيفٌ معلولٌ، والصحيحُ إرساله. وأَعَلَّه: الدَّارَقُطنيُّ، والبَيْهَقيُّ، وابنُ الجَوزيِّ، والنَّوَويُّ، وابنُ حَجَرٍ.
[التخريج]:
[قط 275 (واللفظُ له)، 276 (والروايةُ الأُولى له) / فقط (الجزء الثاني 3) / علقط 3452/ هق 241/ هقخ 241 (والزيادةُ والروايةُ الثانيةُ له)، 242/ فر (ملتقطة 4/ ق 85) / علج 553/ تحقيق 125/ شافي (المغني لابن قُدَامة 1/ 168)].
[السند]:
أخرجه الدَّارَقُطنيُّ في (السنن 275)، وفي (الأفراد- الجزء الثاني 3) قال: حدثنا أبو بكرِ بنُ أبي داودَ، حدثنا الحسينُ بنُ عليِّ بنِ مِهرانَ، نا عصامُ بنُ يوسفَ، نا عبدُ اللهِ بنُ المباركِ، عنِ ابنِ جُرَيجٍ، عن سُلَيمانَ بنِ
موسى، عن الزُّهْريِّ، عن عُرْوةَ، عن عائشةَ، به.
وأخرجه الدَّارَقُطنيُّ (276)، والبَيْهَقيُّ في (السنن 241)، و (الخلافيات 241، 242)، والدَّيْلَميُّ في (مسند الفردوس)، وابنُ الجَوزيِّ في (العلل) و (التحقيق)، من طريقِ عصامِ بنِ يوسفَ به.
قال الدَّارَقُطنيُّ في (الأفراد - الجزء الثاني 3): "هذا حديثٌ غريبٌ من حديثِ الزُّهْريِّ، عن عُرْوةَ، عن عائشةَ، تفرَّدَ به سُلَيمانُ بنُ موسى الدمشقيُّ عنه، ولم يروه عنه غيرُ ابنِ جُرَيجٍ، وهو غريبٌ من حديثِ عبدِ اللهِ بنِ المباركِ، عنِ ابنِ جُرَيجٍ، تفرَّدَ به عصامُ بنُ يوسفَ عنه".
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ فيه ضعفٌ؛ عصامُ بنُ يوسفَ، قال فيه ابنُ عَدِيٍّ:"روى عصامٌ هذا عن الثَّوْريِّ وعن غيرِهِ أحاديثَ لا يُتابَعُ عليها"(الكامل 8/ 527)، وقال ابنُ سعدٍ:"كان عندهم ضعيفًا في الحديثِ"(اللسان 5210)
(1)
.
بينما ذكره ابنُ حِبَّانَ في (الثِّقات 8/ 521) وقال: "كان صاحبَ حديثٍ، ثبْتًا في الروايةِ، وربما أخطأَ". وقال الخليليُّ: "هو صدوقٌ
…
ولا يَروي حديثًا يُنكَر" (الإرشاد 3/ 937).
وأَعَلَّه به الدَّارَقُطنيُّ فقال: "تفرَّدَ به عصامٌ عنِ ابنِ المباركِ، ووهِم فيه، والصوابُ عنِ ابنِ جُرَيجٍ، عن سُلَيمانَ بنِ موسى مرسلًا، عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم:((مَنْ تَوَضَّأَ فَلْيَتَمَضْمَضْ وَلْيَسْتَنْشِقْ))، وأحسبُ عصامًا حدَّثَ به من حِفْظِهِ، فاختلطَ عليه واشتبه بإسنادِ حديثِ ابنِ جُرَيجٍ عن سُلَيمانَ بنِ موسى عن الزُّهْريِّ عن عُرْوةَ عن عائشةَ عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: ((أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ
(1)
وسقط هذا القول من النسخ المطبوعة من (الطبقات) لابنِ سعدٍ.
وَلِيِّهَا، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ))، والله أعلم" (السنن 276). وأقَرَّه مُغْلَطايُ في (شرح ابن ماجَهْ 1/ 364).
وقال البَيْهَقيُّ: "وهِمَ فيه عصامُ بنُ يوسفَ أو مَن دونه، والصوابُ مرسلٌ"(الخلافيات 1/ 435).
وقال ابنُ الجَوزيِّ: "في هذا الحديثِ مقالٌ؛ لأنه تفرَّدَ به سُلَيمانُ عن الزُّهْريِّ، وتفرَّدَ به عصامٌ عنِ ابنِ المباركِ
…
"، وذكر كلامًا في سُلَيمانَ، وكلامَ الدَّارَقُطنيِّ السابقَ، ثُمَّ قال: "ويمكنُ أن يقالَ: سُلَيمانُ ثقة، وما عَلِمْنا في عصامٍ طعنًا، والراوي قد يرفعُ وقد يرسلُ"!! (التحقيق 125).
قلنا: وهذا كلامٌ فيه نظرٌ بَيِّنٌ؛ فقد تَكلَّمَ في عصامٍ عددٌ من أهلِ العلمِ، وقد خالفَ جماعةً منَ الثِّقاتِ الأثباتِ، فلا وجهَ للقولِ بأن الراوي قد يرفعُ وقد يرسلُ حينئذٍ. والله أعلم.
وقد قال ابنُ الجَوزيِّ في (العلل المتناهية 553): "أما سُلَيمانُ، فقال البُخاريُّ: عنده مناكير. وقال عليُّ بنُ المَدِينيِّ: سُلَيمانُ مطعونٌ عليه، وأما عصامٌ فكالمجهولِ".
وقد ضعَّفَه النَّوَويُّ في (خلاصة الأحكام 154).
وقال ابنُ حَجَرٍ: "أخرجه الدَّارَقُطنيُّ، وصَحَّحَ إرسالَه"(الدراية 1/ 47).
* * *
1685 -
حَدِيثُ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى مُرْسَلًا
◼ عَنْ سُلَيْمَانَ بنِ مُوسَى، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ تَوَضَّأَ فَلْيُمَضْمِضْ، وَلْيَسْتَنْشِقْ، وَالأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ» .
[الحكم]:
ضعيفٌ؛ لإرسالِهِ.
[التخريج]:
[عب 23 (مقتصرًا على آخره) / ش 156 (واللفظُ له) / طهور 360/ ثور (هقخ عَقِبَ 171) / ص (كبير 9/ 42) / طبر (8/ 172) / عق (3/ 436) / قط 277 - 280 (مقتصرًا على المضمضة والاستنشاق)، 335 - 338 (مقتصرًا على الفقرة الأخيرة) / هق 242/ هقخ 171، 244/ خط (8/ 420 - 421) / جعفر 660].
[السند]:
رواه سفيانُ الثَّوْريُّ في (الجامع) -كما في (الخلافياتِ للبَيْهَقيِّ عَقِبَ 171) -.
وعبدُ الرَّزَّاقِ في (المصنَّفِ 23).
وابنُ أبي شَيْبةَ في (المصنَّف 156): عن وكيعٍ.
وأبو عبيدٍ في (الطهور 360): عن حَجَّاجِ بنِ محمدٍ.
والطَّبَريُّ في (التفسير 8/ 172) من طريقِ الوليدِ بنِ مسلمٍ.
والدَّارَقُطنيُّ في (السنن 280) من طريقِ الحُمَيديِّ، عنِ ابنِ عُيَيْنةَ.
والدَّارَقُطنيُّ في (السنن 338) من طريقِ عبدِ الوهابِ بنِ عطاءٍ الخَفَّافِ.
سبعتهم: عنِ ابنِ جُرَيجٍ، قال: حدثني سُلَيمانُ بنُ موسى، به مرسلًا.
ومَدارُه عندَهم على ابنِ جُرَيجٍ، به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ رجالُهُ ثقاتٌ رجالُ الصحيحِ غير أنه مرسلٌ، سُلَيمانُ بنُ موسى هو الأشدقُ، إمامٌ فقيهٌ من صغارِ التابعين، روَى له مسلمٌ في (مقدمة كتابه)، وروى له أصحابُ السننِ الأربعةِ، وفيه كلامٌ يسيرٌ لا يضره إن شاءَ اللهِ.
وهذا الوجهُ المرسلُ هو الذي رَجَّحَهُ الدَّارَقُطنيُّ والبَيْهَقيُّ وغيرُهُما، وهو من وُجوهِ الاختلافِ على ابنِ جُرَيجٍ كما سبقَ قريبًا.
وقد ذكرنا أن الأمرَ بالاستنشاقِ ثابتٌ صحيحٌ من غيرِ هذا الوجهِ، أمَّا قولُه:«الأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ» ، فرُوِيَ من طرقٍ عديدةٍ، كلُّها ضعيفةٌ معلولةٌ، لعلَّ أكثرَها يرجعُ إلى هذا المرسلِ.
[تنبيه]:
جاءَ في المطبوعِ من (مسائلِ حَرْبٍ الكرمانيِّ - كتاب الطهارة 191) عن سعيدِ بنِ منصورٍ، قال: حدثنا سفيانُ، عنِ ابنِ جُرَيجٍ، عن سُلَيمانَ بنِ موسى، [عن عطاءٍ]، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«الأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ» .
قال محقِّقه: "كذا في الأصلِ، والحديثُ مشهورٌ من روايةِ سُلَيمانَ بنِ موسى، عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم مرسلًا، دون ذكر عطاء -وسبقَ هذا في كلامِ حربٍ وموافقة أحمدَ عليه (صـ 129) -، وقد علَّقَ الدَّارَقُطنيُّ في العلل (13/ 321) روايةَ سفيانَ، فلم يذكرْ "عطاء" فيها، فلعلَّ الصوابُ حذْفُه من الإسنادِ".
قلنا: وهو كما قال، ونزيدُ الأمرَ تأكيدًا من وجهين:
الأول: أن السُّيوطيَّ عزاه في (جمع الجوامع 9/ 42) لسننِ سعيدِ بنِ منصورٍ عن سُلَيمانَ بنِ موسى مرسلًا. ولم يذكره عن (عطاء).
الثاني: أن روايةَ سفيانَ بنِ عُيَيْنةَ عند الدَّارَقُطنيِّ في (السنن 280) من طريقِ الحُمَيديِّ عنه عنِ ابنِ جُرَيجٍ عن سُلَيمانَ مرسلًا. ليس فيها (عطاء).
* * *
1686 -
حَدِيثُ عَطَاءٍ مُرْسَلًا:
◼ عن عَطاءٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ المَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ مِنْ وَظِيفَةِ الوُضُوءِ، لَا يَتِمُّ الوُضُوءُ إِلَّا بِهِمَا، وَالأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ» .
[الحكم]:
مرسلٌ إسنادُهُ ساقطٌ.
[التخريج]:
[قط 344 (واللفظُ له) / هقخ 179].
[السند]:
أخرجه الدَّارَقُطنيُّ (344) -ومن طريقِه البَيْهَقيُّ في (الخلافيات 179) - قال: حدثنا به محمدُ بنُ القاسمِ بنِ زكريا، حدثنا عَبَّادُ بنُ يعقوبَ، حدثنا أبو مُطيعٍ الخُراسانيُّ، عن إبراهيمَ بنِ طَهْمانَ، عن جابرٍ، عن عطاءٍ، به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ساقطٌ؛ فيه ثلاثُ عِلَلٍ:
الأولى: جابرُ بنُ يَزيدَ الجُعْفِيُّ؛ متروكٌ متَّهَمٌ، كما سبقَ.
الثانية: أبو مُطِيعٍ الخراسانيُّ، وهو الحَكَمُ بنُ عبدِ اللهِ البَلْخيُّ، صاحبُ أبي حنيفةَ: كذَّبه أبو حاتمٍ، وَضَعَّفَهُ ابنُ مَعِينٍ، والبُخاريُّ، والنَّسائيُّ، وقال أحمدُ:"لا ينبغي أنْ يُروَى عنه بِشيءٍ"، وقال أبو داودَ:"تركوا حديثَهُ، وكان جهميًّا"، وقال ابنُ عَدِيٍّ:"هو بيِّنُ الضعفِ، عامَّةُ ما يرويه لا يُتابعُ عليه"، وقال السَّاجيُّ:"تُرِك لرأيه واتُّهِمَ"، وقال الجُوزَقانيُّ:"كان من رؤساءِ المرجئةِ، ممن يضعُ الحديثَ ويُبغضُ السُّننَ". انظر: (لسان الميزان 2691).
الثالثة: الإرسالُ؛ فعطاءٌ -وهو ابنُ أبي رباحٍ- من الوُسطى من التابعين، لم يدركِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم.
وهذا الوجهُ المرسلُ سبقَ أن قال عنه الدَّارَقُطنيُّ: "وهو أشبهُ بالصوابِ".
قلنا: كذا قال، وكلاهما ساقطٌ تالفٌ.
* * *
رِوَايَة: قَرَأْتُ فِي كِتَابِ ابنِ حَزْمٍ:
• وَفِي رِوَايَةٍ، عن عَطاءِ بنِ أَبِي رَبَاحٍ، قَالَ: قَرَأْتُ فِي كِتَابِ ابنِ حَزْمٍ الَّذِي كَتَبَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ المَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ مِنَ الوُضُوءِ، لَا يَتِمُّ إِلَّا بِهِمَا» .
[الحكم]:
إسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا.
[التخريج]:
[فاصل (صـ 501)].
[السند]:
قال الرَّامَهُرْمُزيُّ في (المحَدِّث الفاصل صـ 501): حدثنا الحسينُ بنُ أحمدَ الجُشَميُّ، حدثنا كثيرُ بنُ أبي جابرٍ، حدثنا رَوَّادُ بنُ الجَرَّاحِ، عن إبراهيمَ بنِ طَهْمانَ، عن عطاءِ بنِ أبي رباحٍ، به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه رَوَّادُ بنُ الجَرَّاحِ؛ والجمهورُ على ضَعْفِهِ، بل قال الدَّارَقُطنيُّ:"متروكٌ"، انظر (تهذيب التهذيب 3/ 289).
والحسينُ بنُ أحمدَ الجُشَميُّ، وكثيرُ بنُ أبي جابرٍ؛ لم نقفْ لهما على ترجمةٍ.
* * *
1687 -
حَدِيثُ جَابِرٍ
◼ عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَلْيُمَضْمِضْ، وَلْيَسْتَنْشِقْ، وَالأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ» .
[الحكم]:
إسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا، وَضَعَّفَهُ البَيْهَقيُّ.
[التخريج]:
[ك (تاريخ- هقخ 203) / هقخ 202 (واللفظُ له)، 203].
[السند]:
قال البَيْهَقيُّ (202): أخبرني أبو جعفرٍ كاملُ بنُ أحمدَ بنِ محمدِ بنِ عبدِ الرحمنِ المُسْتَمليِّ بقراءتي عليه أخبرني أبو عمرٍو الخَفَّافُ -عودًا وبدءًا-، نا الحبانُ بنُ محمدٍ الحُبَابُ التُّسْتَري، ثنا عثمانُ بنُ حفصٍ، ثنا سَلَّامٌ، نا إسماعيلُ بنُ أُمَيَّةَ وإسماعيلُ المكِّيُّ، عن عطاءٍ، عن جابرٍ به.
ثُمَّ رواه (203) قال: أخبرناه أبو عبدِ اللهِ الحافظِ في كتابِ (التاريخ)، أنبأ أبو عَمرِو بنِ مطرٍ
…
فذكر مثله إلا أنه لم يذكرْ سَلَّامًا في إسنادِهِ.
[التحقيق]:
هذا الإسنادُ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه سَلَّامٌ وهو الطويلُ: "متروكٌ" كما في (التقريب 2702).
وقد سقطَ من سندِهِ من طريقِ الحاكمِ في (التاريخ)، كما نبَّه عليه البَيْهَقيُّ، ولعلَّه وهَمٌ من الحاكمِ.
والحديثُ معروفٌ بإسماعيلَ المكِّيِّ وحدَه، وهو ضعيفٌ.
قال البَيْهَقيُّ: "وهِم فيه الرواى عن إسماعيلَ أو مَن دُونه، وذِكرُ جابرٍ فيه
خطأٌ، وقد اختُلف فيه على إسماعيلَ المكيِّ كما سبقَ ذكري له، والأشبهُ بالصوابِ حديثُ عطاءٍ عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم كما تقدَّمَ ذِكري له. والله أعلم" (الخلافيات 1/ 394).
يشيرُ بذلك إلى ما سبقَ من الاختلافِ على إسماعيلَ المكِّيِّ، فمرَّةً يُسنده عن أبي هريرةَ، وأخرى يُسنِده عنِ ابنِ عبَّاسٍ، وهنا أسنده عن جابرٍ.
* * *
1688 -
حَدِيثُ أَنَسٍ
◼ عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَلْيُمَضْمِضْ ثَلَاثًا؛ فَإِنَّ الخَطَايَا تَخْرُجُ مِنْ وَجْهِهِ، وَيَغْسِلُ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ، وَيَمْسَحُ بِرَأْسِهِ ثَلَاثًا، ثُمَّ يُدْخِلُ يَدَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ، ثُمَّ يُفْرِغُ عَلَى رِجْلَيْهِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا» .
[الحكم]:
إسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا، وَضَعَّفَهُ الهيثميُّ.
[التخريج]:
[طس 7945].
[السند]:
أخرجه الطَّبَرانيُّ في (الأوسط) قال: حدثنا محمودُ بنُ عليٍّ، نا أحمدُ، ثنا إسحاقُ بنُ محمدٍ الفَرْويُّ، حدثنا يزيدُ بنُ عبدِ الملكِ، عن أبي موسى الخياطِ، عن محمدِ بنِ المُنْكَدِرِ، عن أنسِ بنِ مالكٍ، به.
قال الطَّبَرانيُّ: "لم يَروِ هذا الحديثَ عن محمدِ بنِ المُنْكَدِرِ إلا أبو موسى واسمه: عيسى بنُ أبي عيسى، تفرَّدَ به يزيدُ بنُ عبدِ الملكِ".
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه عِلَّتان:
الأولى: أبو موسى الخياطُ، وهو عيسى بنُ أبي عيسى الغِفاري؛ قال فيه الحافظ:"متروك"(التقريب 5317).
وقال الهيثميُّ: "رواه الطَّبَرانيُّ في (الأوسط)، وفيه أبو موسى الحناط
(1)
،
(1)
يقال فيه: الحناط، والخياط. كما في (التقريب 5317).
وهو متروكٌ" (المجمع 1181).
الثانية: يزيدُ بنُ عبدِ الملكِ؛ وهو ضعيفٌ كما في (التقريب 7751).
* * *