المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى وال - رد البهتان عن إعراب آيات من القرآن الكريم

[يوسف العيساوي]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌المبحثُ الأوّلالطَّاعنون في إعراب القرآن

- ‌الصّنف الأوّل: الزنادقة:

- ‌الصنف الثاني: المنصِّرون:

- ‌الصنف الثالث: المستشرقون:

- ‌الصنف الرابع: مضلِّلون في شبكة المعلومات الدولية:

- ‌الصّنف الخامس: مغرَّرون:

- ‌المبحث الثانيشُبَهُ الطَّاعنينَ في إعراب القرآن والجوابُ عنها

- ‌الشُّبْهة الأُولى: الأخبار الباطلة:

- ‌الشبهة الثانية: اختلاف القراءات:

- ‌الشُّبهة الثالثة: إغفال الحركات في الرَّسم:

- ‌الشُّبهة الرابعة: محاكمة وجوه القراءة على قواعد العربية المشهورة:

- ‌الشبهة الخامسة: الأخذ بالأقوال الضعيفة وجعلها حجّة:

- ‌المبحث الثالثآياث طُعِن في إعرابها، وردُّ ذلك

- ‌(لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْ

- ‌(وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ

- ‌(وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ)

- ‌(لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أُولَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ

- ‌(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (69))

- ‌(وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا أُمَمًا وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ)

- ‌(قَالُوا إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَنْ يُخْرِجَاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى (63))

- ‌(لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ (3))

- ‌(وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ (10))

- ‌الخاتمة

الفصل: ‌(ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى وال

‌المبحث الثالث

آياث طُعِن في إعرابها، وردُّ ذلك

1 -

قال تعالى: ‌

‌(لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْ

مَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (177)).

وجه الطعن:

لحنت الزنادقة قوله - تعالى -: (وَالصَّابِرِينَ)، والصواب عندهم الصابرون، "بغير اختلاف بين أهل الإعراب ".

وجاء في (تذييل مقالة في الإسلام): "وكان الوجه أن يقول: "الصابرون "؛ لأنه عطف على قوله: (وَالْمُوفُونَ). لكن المفسرين، قالوا: إنه نصب "الصابرين " على المدح ".

وقال آخر: "كيف نعرب كلمة "الصابرين " المنصوبة

ص: 59

- هنا - مع كونها معطوفة على جميع المرفوعات التي سبقتها، إلا إذا عاوننا المفسّرون؟ ".

ردُّ الطَّعن وبيان وجه الصواب:

سأناقش الطَّاعنين في أمرين: الأول إعراب "والصابرين "، والثاني: السر في نصب "وَالصَّابِرِينَ ".

أمّا الأول، فقد نصَّ العلماء على أنّ "وَالصَّابِرِينَ" نُصِب على التعظيم والمدح، وكُتُب النَّحو والإعراب والتفسير ناطقة بهذا، فقد أورد إمام النُحّاة سيبويه الشواهد في باب (ما ينتصب على التعظيم والمدح)، فقال:

"ونظير هذا النصب من الشعر، قول الخِرْنِق:

لا يَبْعَدْنَ قومي الذين هُمُ

سَمُّ العُداةِ وآفةُ الجُزرِ

النَّازِلينَ بكل مُعْتَرَكٍ

والطَّيّبون مَعَاقِدَ الأزْرِ

وزعم يونس أنّ مِنَ العرب مَنْ يقولُ: (النازلون بكلّ معترك والطَّيبون)، فهذا مثل "وَالصَّابِرِينَ "

كلُّ ذلك واسع ".

وقال الإمام الطبريّ: "وأمّا (الصَّابرين) فنصبٌ، وهو

ص: 60

من نعتِ (مَنْ) على وجهِ المدحِ؛ لأنَ مِنْ شأن العرب إذا تطاولت صفةُ الواحدِ الاعتراضَ بالمدح والذم بالتصب أحياناً، وبالرفع أحياناً".

ومن العلماء مَنْ ذكر توجيهاً آخر، قال مكيّ بن أبي طالب:" قوله: (وَالصَّابِرِينَ)، نصب على إضمار أعني، أو على العطف على (ذَوِي القُرْبَى)؛ فإذا عطفتهم على (ذَوِي القُرْبَى) لم يجز أن ترفع (وَالمُوفُونَ) إلَأ على العطف على المضمر في (آمَنَ)؛ ليكون داخلاً في صلة (مَنْ) ".

ولكنّ الوجه الأوّل بعيدٌ عن كلِّ إشكال، وأبلغ في الخطاب؛ لذا اختاره كثيرٌ من العلماء. قال أبو عليّ الفارسيّ: "والأحسن عندي في هذه الأوصاف التي تعطف، ويُذكرُ الموضعُ من موصوفها والمدح أو النقص منهم والذمُّ أن يخالف بإعرابها، ولا تجعل كلها جاريةً على موصوفها

وعلى هذا الحدِّ مذهبُ العرب في هذا النحو".

وأمّا السرُّ في هذا النصب، فمَنْ تأمّل السياق الذي رتّبت فيه الأوصاف في الآية الكريمة يجد أنها جاءت في أعلى البلاغة والإفادة.

ص: 61

فإذا كان الموضع من مواضع الإطناب في الوصف، خُولِف في إعراب الأوصاف، ليكون المقصود أكمل؛ فالكلام عند اختلاف الإعراب يصير كأنّه أنواع من الكلام وضروبٌ من البيان والخطاب. أمّا عند اتحاد إعرابه يكون وجها واحداً وجملة واحدة.

وأمّا مِنْ حيث الإفادة، فتغيّر الأسلوب والتفنّن في الخطاب له أثرٌ جليلٌ من الناحية النفسية؛ لأنّه يجذب الانتباه، ويُوقظ الشعور، وبحمل على التساؤل والبحث.

وبعد أن كشفنا باطل هؤلاء الذين جعلوا بلاغة القرآن مشكلاً، بل لحناً وتكلّفاً، نُجيب على تساؤل صاحب (تذييل مقالة في الإسلام) عندما قال:"لماذا استحقّ الصابرون هذا المدح؟ " بما أجاب به الدكتور أبو شهبة، وهو: "وإنّما غاير في الأسلوب، ولم يأت على نَسَق ما سبقه تبياناً لفضيلة الصبر،

وبيان منزلته من البرّ؛ فكأنَّ الله - سبحانه - يبيّن لنا أنه، وإن جاء في الذكر آخراً، فهو بمكان من الفضيلة والمَثوبة الحسنة".

وبهذا يظهر تهافت وبهتان الطَّاعنين الجاهلين في أساليب العربيّة الذين يريدون تشكيك أُمّة الإسلام بكتابها، ولكن

هيهات.

ص: 62