الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد اعتمد في التحقيق على نسخة مكونة من خمسة مجلدات، وقد فقد منها المجلد الثالث (1) ، وقد أكمل النقص من نسخة أخرى (2) .
ويُلاحظ على هذه الطبعة:
أولاً: لم يذكر المحقق - حفظه الله - مستنده في أن النسخة الخطية الأزهرية هي من رواية أبي ذر الهروي، خاصة وأن القسم الأول منها مفقود، وليس في صورة غلاف الجزء الخامس وكذا في الصفحة الأولى والثانية والأخيرة من الجزء أي إشارة إلى ذلك (3) .
كما أشار المحقق إلى وجود اختلافات بين النسختين، وهذه الاختلافات دليل آخر على أن هذا الجزء يُحتاج فيه إلى التثبت (4) .
كما يحتاج الأمر إلى مزيد من الأدلة العلمية حتى يمكن الوثوق بأن هذا الجزء هو من رواية أبي ذر حتى يمكن إضافته إلى الأجزاء الأخرى الثابت نسبتها إليه على بينة.
ثانياً: أن الحافظ ابن حجر يروي ((نسخة أبي ذر الهروي)) من طريق عبد الله بن محمد المكي، عن الطبري، عن أبي القاسم المكي، عن أبي الحسن الطرابلسي، عن أبي مكتوم عيسى ابن الحافظ أبي ذر عن أبيه (5) .
أما النسخة المطبوعة فهي برواية أبي علي الصدفي
، عن أبي
(1) . من مخطوطات مكتبة الحرم النبوي الشريف.
(2)
. من مخطوطات مكتبة الجامع الأزهر.
(3)
. انظر: المقدمة 1/43-46.
(4)
. انظر: مقدمة الفتح 1/23-25.
(5)
. انظر: الفتح 1/7.
الوليد الباجي، عن أبي ذر الهروي (1) .
والحافظ قد وقف على أكثر من رواية عن أبي ذر الهروي (2) ، وهاتان الروايتان وإن كانتا عن أبي ذر الهروي لكن يقع بينهما بعض الاختلاف، فكان الأولى بالمحقق - حفظه الله - أن يثبت نص المخطوطة في طباعته وهي راوية أبي علي الصدفي، وعدم الخلط بين الروايتين، بل إن المحقق ترك الروايتين واعتمد على ما ذكره الحافظ ابن حجر؟! وللحافظ مبرر سيأتي ذكره.
يقول المحقق: وقد يقع أن تتفق ((نسخة المسجد النبوي)) ، و ((نسخة الأزهر)) على لفظ من الألفاظ، التي لا تتصل بالرواية، وإنما في العناوين كلفظ ((كتاب)) ، أو ((باب)) ، أو تقديم البسملة على الكتاب، أو الباب، أو تأخيرهما عنهما، ويخالف الحافظ ابن حجر ما في النسختين كما وقع في أول ((التيمم)) حيث جاء في النسختين: بسم الله الرحمن الرحيم: كتاب التيمم، وقد قال الحافظ في الفتح: قوله: (باب التيمم) البسملة قبله لكريمة، وبعده لأبي ذر. ا. هـ.
يقول المحقق: وهذا يدل على أن الرواية التي اعتمدها الحافظ يعني ابن حجر في (التيمم) هنا ليست رواية الصدفي، ونظراً لاعتبارنا أن الحافظ يعتبر حكماً عند الاختلاف فقد اخترنا أن نكتب (باب التيمم) لا (كتاب التيمم) ، وإن كان متفقاً عليه في النسختين؟!
وهذا التصرف من المحقق لا يوافق المنهج العلمي الصحيح، إذ كان ينبغي له التقيد بنسخة المخطوطة رواية أبي علي الصدفي، وإثبات ما ورد فيها.
(1) . المقدمة 1/30، 31.
(2)
. الفتح 11/250.
ومما يؤيد أن رواية أبي ذر وقع فيها ((كتاب)) وليس ((باب)) تنصيص الحافظ القسطلاني أن رواية أبي ذر وقع فيها كذلك ويشاركه في ذلك من الرواة: أبو الوقت والأصيلي وابن عساكر (1) .
وبالرجوع إلى الطبعة السلطانية نجد أنه قد وُضعت بالهامش رموز الرواة المذكورين: (ص 5 س ط)(2) .
ثم إن المحقق لم ينبه القارئ إلى هذا التغيير في موضعه من الكتاب (3) .
كما أن المحقق ترك الاعتماد على (نسخة المسجد النبوي) برواية الصدفي (4) واعتمد على (النسخة الأزهرية) دون مبرر علمي سوى أن الحافظ ابن حجر اختار ذلك في الفتح حيث ورد في (نسخة المسجد النبوي) باب (الحياء من العلم) في سند الحديث: عن (زينب بنت أبي سلمة)، وفي الأخرى (زينب بنت أم سلمة) لأن الحافظ قال في الفتح: تقدم هذا الحديث في باب (الحياء في العلم) فنسبت هناك إلى أمها، وهنا إلى أبيها (5) .
أما قوله: أن الحافظ ابن حجر ((يعتبر حكماً عند الاختلاف)) فهذا لا يسوغ له خلط الروايات بعضها ببعض في طباعة نصوص الكتاب.
فإن الحافظ رحمه الله له منهج واضح، فهو شارح لكتاب
(1) . إرشاد الساري 1/365.
(2)
. انظر 1/73.
(3)
. الفتح 1/514.
(4)
. سيأتي الحديث عنها في المبحث التالي.
(5)
. مقدمة التحقيق 1/24، وانظر: الفتح 1/276.
الصحيح وليس هو ضابط لنص رواية معينة، وينبغي للشارح أن يذكر جميع الروايات الثابتة، كما أنه التزم التنبيه إلى الروايات الأخرى المخالفة، قال رحمه الله في المقدمة:
فليقع الشروع في الشرح والاقتصار على أتقن الروايات عندنا وهي رواية أبي ذر عن مشايخه. مع التنبيه إلى ما يحتاج إليه مما يخالفها (1) .
ومن الثابت أن هناك ((عبارات)) و ((كلمات)) سقطت من رواية أبي ذر الهروي هي ثابتة في روايات ونسخ أخرى من ((الصحيح)) وصفت بالصحة والإتقان كنسخة سعيد بن السكن وغيره (2) ، واعتمد عليها الحافظ ابن حجر في اختياره وترجيحه لبعض الروايات، وإن خالفت رواية أبي ذر الهروي، بل يبدو من منهج الحافظ فعلياً انه قارن بين النسخ الصحيحة المعتمدة واختار منها ما اتفقت عليه أصح النسخ معضداً ذلك بما ورد خارج الصحيح في السنن والمسانيد، ومن يتأمل الفتح يجد هذا واضحاً في منهجه، وهو خلاف ما رسم في المقدمة من اعتماده على رواية أبي ذر الهروي.
ومن الجدير بالذكر أن المحقق ذكر المثالين السابقين لمنهجه في ضبط النص ولم يذكر المواضع الأخرى من الكتاب والتي رجح فيها خلاف ما هو ثابت في النسخة المعتمدة.
كما أنه لم يشر إلى ذلك في هامش الكتاب حتى يقف القارئ على تلك المواضع.
ثالثاً: ادعى المحقق أن مخطوطة ((المسجد النبوي)) هي نسخة
(1) . الفتح 1/7.
(2)
. إفادة النصيح 23، 22.
أبي علي الصدفي، من روايته عن أبي الوليد الباجي، عن أبي ذر الهروي (1) .
ولم يذكر دليلاً على صحة ذلك.
ويدل لعدم صحة ما ذهب إليه أمور:
1 -
أن نسخة الحافظ أبي علي الصدفي سيأتي وصفها، وسيذكر هناك أنها تقع في مجلد واحد.
2 -
ورد في لوحة الغلاف العبارة الآتية:
كان على ظهر الأصل المنتسخ منه، الأصل المقابل به بخط شيخ الإسلام والحُفاظ أبي علي الصدفي ما نصه:
…
)) (2) .
وهذه العبارة يفهم منها أن هذه النسخة قد نقلت عن أصل، هذا الأصل قوبل على نسخة الحافظ الصدفي.
إذن فنسخة ((المسجد النبوي)) أحد فروع نسخة الحافظ الصدفي، وليست هي أصل نسخته رحمه الله.
أما العبارة الأخرى التي وردت في لوحة الغلاف وهي: ((وكتب حسين بن محمد الصدفي بخطه عقب شهر المحرم سنة ثلاث وتسعين وأربعمائة)) .
فإن من منهج نساخ مخطوطات الحديث أنهم ينقلون بأمانة علمية تامة جميع السماعات وكل ما هو مدون وثابت في الأصل المنقول منه إلى الفرع المنقول إليه، وهذه العبارة ثابتة في الأصل، لذا تم نقلها للفرع.
(1) . المقدمة 1/8.
(2)
. المقدمة 1/30.