الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال الحافظ: سقط حديث أبي سعيد من هذا الباب في رواية كريمة، وثبت للباقين (1) .
سادساً: اختلاف الروايات في بعض الألفاظ اللغوية:
إن الاختلاف في بعض الألفاظ اللغوية، بين روايات الجامع الصحيح ظاهرة بارزة تتكرر في العديد من المواضع، ومن فوائد هذه الظاهرة أنها توضح معنى في بعض الأحيان، أو يستنبط منها حكم شرعي جديد، كما أنها قد ترشد إلى لغة من اللغات، وغير ذلك من الفوائد الحديثية والفقهية، واللغوية التي تستفاد من ظاهرة اختلاف الألفاظ بين الروايات
…
قال القاضي عياض: الذي استمر عليه عمل أكثر الأشياخ نقل الرواية كما وصلت إليهم وسمعوها، ولا يغيرونها من كتبهم، حتى اطردوا ذلك في كلمات من القرآن استمرت الرواية في الكتب عليها بخلاف التلاوة المجمع عليها، ولم يجئ في الشاذ من ذلك في ((الموطأ)) ، و ((الصحيحين)) ، وغيرهما، حماية للباب، لكن أهل المعرفة منهم ينبهون على خطئها عند السماع والقراءة، وفي حواشي الكتب، ويقرءون ما في الأصول على ما بلغهم (2) .
ومن أمثلة اختلاف الروايات في بعض الألفاظ اللغوية في الصحيح:
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من اتبع جنازة مسلم إيماناً واحتساباً، وكان معه حتى يصلي عليها
…
)) .
قال الحافظ: قولة: ((من اتبع)) بالتشديد، وللأصيلي:
(1) . المصدر السابق 2/135.
(2)
. الإلماع 185-186.
((تبع)) بحذف الألف وكسر الموحدة، وقد تمسك بهذا اللفظ من زعم أن المشي خلفها أفضل، ولا حجة فيه لأنه يقال: تبعه إذا مشى خلفه، أو إذا مرَّ به فمشى معه، وكذلك أتبعه بالتشديد، وهو افتعل منه، فإذا هو بالاشتراك
…
قوله: ((وكان معه)) ، أي المسلم، وللكشميهني:((معها)) أي مع الجنازة (1) .
عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: يا رسول الله، نرى الجهاد أفضل العمل، أفلا نجاهد؟ قال:((لا، ولكن أفضل الجهاد حجٌّ مبرور)) .
قال الحافظ: قوله: لكن أفضل الجهاد اختلف في ضبط ((لكن)) ، فالأكثر بضم الكاف خطاب النسوة، قال القابسي: وهو الذي تميل إليه نفسي، وفي رواية الحموي:((لكن)) بكسر الكاف وزيادة ألف قبلها بلفظ الاستدراك، والأول أكثر فائدة، لأنه يشتمل على إثبات فضل الحج وعلى سؤالها عن الجهاد (2) .
حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: ((
…
فلقينا ملكٌ آخرٌ فقال لي: لم ترعْ)) (3) .
قال الحافظ ابن حجر: قوله: ((لم ترع)) : بضم أوله وفتح الراء بعدها مهملة ساكنة أي لم تخف، والمعنى لا خوف عليك بعد هذا، ووقع في رواية الكشميهني في التعبير ((لن تراع)) ، وهي رواية الجمهور بإثبات الألف، ووقع في رواية القابسي ((لن ترع)) بحذف الألف، قال
(1) . فتح الباري 1/109، 108.
(2)
. فتح الباري 3/381، 382.
(3)
. فتح الباري 3/6، برقم (1121) .