المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌القانون يوضع لحماية العقائد: - الإسلام وأوضاعنا القانونية

[عبد القادر عودة]

فهرس الكتاب

- ‌من نور كتاب الله:

- ‌دعاء

- ‌مَعْذِرَةً إِلَى القَانُونِ:

- ‌أَنَا قَاضٍ وَلَكِنِّي مُسْلِمٌ:

- ‌ذَلِكُمْ هُوَ حُكْمُ الإِسْلَامِ:

- ‌عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يُؤَدِّيَ وَاجِبَهُ:

- ‌وَظِيفَةُ القَانُونِ:

- ‌أُصُولُ القَانُونِ:

- ‌قَانُونُ كُلِّ أُمَّةٍ قِطْعَةٍ مِنْهَا:

- ‌قَوَانِينُنَا غَرِيبَةٌ عَنَّا:

- ‌القَانُونُ يُوضَعُ لِحِمَايَةِ العَقَائِدِ:

- ‌مَتَى يَكُونُ لِلْقَانُونِ سُلْطَاٌن

- ‌القَوَانِينُ الوَضْعِيَّةُ يُبْطِلُهَا الإِسْلَامُ:

- ‌القَوَانِينُ الوَضْعِيَّةُ بَاطِلَةٌ بِحُكْمِ نَفْسِهَا

- ‌مَاذَا فَعَلَتْ بِنَا القَوَانِينُ الوَضْعِيَّةُ

- ‌خَسِرْنَا مَعْرَكَةَ الاِسْتِقْلَالِ بِالاِنْحِرَافِ عَنْ الإِسْلَامِ:

- ‌القَوَانِينُ الوَضْعِيَّةُ تُهَدِّدُ نِظَامَنَا الاِجْتِمَاعِي:

- ‌لِمَاذَا يُحَالُ بَيْنَ المُسْلِمِينَ وَالإِسْلَامِ

- ‌1 - الاسْتِعْمَارُ:

- ‌2 - الحُكُومَاتُ الإِسْلَامِيَّةِ:

- ‌أَيُّهَا المُسْلِمُونَ آنَ أَنْ تَعْمَلُوا

الفصل: ‌القانون يوضع لحماية العقائد:

هذه البلاد، وجُعلت قوانين ملزمة في بلاد يسودها الإسلام ويحكمها منذ ثلاثة عشر قرنًا، وهي بلاد تتدين الغالبية الساحقة من سكانها بالإسلام، ويتعبدون بإقامة شعائره وأحكامه وعصيان ما خالفه من الأوامر والأحكام، وكان المعقول أن يفقه هذه المعاني ناقلو القوانين الأوروبية إلى البلاد الإسلامية، ولكنهم كانوا أناسًا لا فقه لهم ولا خير فيهم، فجاءت قوانينهم غريبة على البلاد الإسلامية لا تتصل بماضيها ولا بحاضرها ولا تمثل نشأتها ولا تطورها، ولا صلة لها بعادات أهل البلاد وتقاليدهم، ولا ينعكس عليها شيء من آدابهم وأخلاقهم، ولا مكان فيها لأديانهم وعقائدهم.

إن قوانيننا - معشر المسلمين - غريبة عنا، نقلت إلى تربة غير تربتها، وجو غير جوها، وأناس لا صلة لهم بها، يرتابون فيها ويتجهمون لها، بل ينكرونها ويتقربون إلى الله بهدمها، إنها قوانين تبعث على الكفر، وأوضاع تحرض على الإلحاد، وأنظمة تؤدي إلى الإباحية والتحلل، وإنها لا تنتسب للإسلام بنسب، ولا تمت للبلاد الإسلامية بسبب، إنها قوانين لا تقوم على أصولها، ولا يرجع إلينا نسبها، إنها كأبناء السِّفَاحِ يولدون لغير أب وعلى غير فراش.

‌القَانُونُ يُوضَعُ لِحِمَايَةِ العَقَائِدِ:

والأصل الثاني للقانون أنه يوضع لصالح الجماعة، وسد حاجاتها، ونشر السلام والطمأنينة بين أفرادها، ومن أهم

ص: 26

حاجات الجماعة حماية عقائدها ونظامها واحترام تقاليدها وآدابها، وفي البلاد الإسلامية تتعبد الجماعة بالإسلام، ويقوم نظامها الاجتماعي على الإسلام، وترجع عقائد الكثرة الساحقة إلى الإسلام، وتصطبغ أخلاقهم وآدابهم وتقاليدهم بصبغة الإسلام، فكان المعقول (لو عقل الحكام والمقننون) أن تجيء القوانين في البلاد الإسلامية متفقة مع تعاليم الإسلام، مسايرة لعقائد المسلمين، محافظة على مشاعرهم، ولكن هذه القوانين جاءت مخالفة للإسلام متحدية للمسلمين، تسخر من عقائدهم، وتمتهن مشاعرهم، وتعبث بمقدساتهم، وتسلبهم حقوقهم وتحول بينهم وبين واجباتهم، وبذلك خرجت هذه القوانين الممقوتة على وظيفتها، وفقدت أهليتها وشرعيتها ومبررات وجودها بما فقدت من مقوماتها وبقيامها على غير أصولها واستهدافها غير غايتها.

والعيب ليس عيب القانون المسكين، ولكنه عيب الناقلين الغافلين الذين غلبت عليهم الغفلة، ولم تسعفهم الفطنة، فنقلوا قوانين البلاد الأوروبية إلى البلاد الإسلامية دون أن يحسبوا حساب الفوارق الدينية والاجتماعية والتاريخية، ودون أن يدركوا أنهم بعملهم هذا قد حولوا القوانين عن طبيعتها، وصرفوها عن غايتها، وأنهم جعلوا من القوانين التي تُتخذ لإسعاد الجماعة ونشر الطمأنينة بين أفرادها قوانين تعمل على إيلام المشاعر، وإيغار الصدور، وتهدف إلى نشر الفوضى والاضطراب، وتجلب على الجماعة البؤس والشقاء.

ص: 27

القَانُونُ يُوضَعُ لِتَوْجِيهِ الشُّعُوبِ إِلَى الخَيْرِ:

ومن أصول القانون أنه يوضع لتوجيه الشعوب إلى الخير والكمال، ولكن القوانين الأوروبية التي نقلت للبلاد الإسلامية توجه الناس إلى الشر والعدوان، وتدفع الشعوب إلى الفساد والدمار، وليس أدل على ذلك وأصدق من الواقع، فلقد كنا قبل هذه القوانين أحرص الناس على الخير وأقربهم إلى البر وأسرعهم إلى التعاون والتراحم، حتى جاءتنا هذه القوانين فدعتنا إلى التحرر من عاداتنا الكريمة وتقاليدنا المجيدة، وأغرتنا بالانطلاق من حكم الأخلاق الرفيعة والفضائل الإنسانية العالية، وحسنت إلينا الأنانية الممقوتة، وبثت فينا النزعة المادية الطاغية، وأقامت مجتمعنا على المنفعة والمصلحة، ودفعت الكثيرين منا إلى التحلل والإباحية، وأحالتهم من أناس يعيشون في مُثُلِهِمْ الرفيعة وأخلاقهم القرآنية، إلى حيوانات تخضع لغرائزها ووحوش تبحث عن فرائسها.

القَانُونُ يَحْمِي الشُّعُوبَ مِنَ الاِسْتِغَلَالِ:

والأصل في القانون أنه يوضع لحماية الشعوب من الاستغلال ومن الاستعلاء ومن الإذلال، ولكن القوانين الوضعية القائمة في البلاد الإسلامية إنما وضعت لحماية المستعمرين، وتمكينهم من استغلال الشعوب الإسلامية، والاستعلاء على أبناء البلاد، وترويضهم على الذلة والمسكنة.

ولنأخذ مصر مثلاً، ويندر في بلاد الإسلام ما لا ينطبق عليه هذا المثال

ص: 28

أَرْصِدَةُ مِصْرَ الاِسْتِرْلِينِيَّةُ:

لقد خرجت إنجلترا من الحرب في سنة 1945م مدينة لمصر وحدها بحوالي خمسمائة مليون من الجنيهات، ذلك الدََّيْنُ الذي يسمى بالأرصدة الاسترلينية، أَفَتَرَى مصر كانت في غِنى عن هذا المبلغ الضخم حتى أقرضته إنجلترا؟ وهل استقرضت إنجلترا مصر فأقرضتها هذا المبلغ؟ لا هذا ولا ذاك والله! وإنما هو الاستغلال والغصب والسرقة على عين القانون وفي حمايته.

إن القانون المصري يبيح للانجليز أن يستغلوا المصريين، وأن يغصبوهم أموالهم ويسرقوا اللقمة من أفواههم وبمعاونة القانون استطاع الإنجليز الحصول على الأرصدة الاسترلينية، ويستطيعون إذا شاءوا أن يحصلوا على أكثر منها.

إن القانون المصري يبيح للبنك الأهلي (وهو في أصله مؤسسة انجليزية) إصدار النقود الورقية المصرية في مقابل رصيد من سندات الخزانة الانجليزية بدلا من الرصيد الذهبي، فليس على الإنجليز إذا ما أرادوا أن يسلبونا أموالنا إلا أن يستعينوا بقانوننا الذِي وُضِعَ لمصلحتهم فيعطوا البنك الأهلي سندات على الخزانة الانجليزية ليأخذوا ما شاءوا من الأموال المصرية، وما على القانون والقائمين عليه أن يجوع المصريون إذا شبع الإنجليز، وأن تفتقر مصر وتتأخر إذا ما أثرت إنجلترا وسادت.

ص: 29

وانتهت الحرب في سنة 1945م وبدأنا نطالب بسداد هذا الدين الضخم الذي لو كان في يد مصر لخلقها خلقًا جديدًا، ولكن إنجلترا أخذت تراوغنا، ويطلب بعض زعمائها أن نتنازل لها عما غصبته منا مقابل حمايتها لنا أيام الحرب، كأنما كنا طلبنا منها أن تحمينا، أو أن تبقى لحظة واحدة في بلادنا، أو كأنما كانت الحرب معلنة منا أو علينا.

وأهم ما في الموضوع أننا لم نتعلم بعد، فلا يزال القانون هو القانون، ولا يزال الإنجليز يأخذون أموالنا في مقابل سندات لا نستطيع أن نحملهم على دفع قيمتها، فأي قانون هذا وأي رجال يقومون عليه؟!

إن الإنجليز يسرقون ما نحن في أشد الحاجة إليه من طعامنا ولباسنا، وينهبون في كل صباح ما في أسواقنا من بقول وخضر وفواكه ولحوم، ولا يتركون لنا إلا القليل الذي ترفع الحاجة إليه سعره، فلا يناله إلا القادرون عليه، ويبقى الفقراء وأوساط الناس طاوين، يتحلب ريقهم على ما في أيدي الإنجليز والقادرين من المصريين، وإن الإنجليز ليستولون باستمرار على كل ما في أسواقنا من حديد وخشب وأسمنت وغير ذلك من المواد النافعة، ليقيموا بها منشآت لجنودهم، وبيوتًا فخمة لضباطهم، وكل هذا يأخذونه بلا ثمن يدفعونه من أموالهم، وبلا مقابل إلا سندات الخزانة الإنجليزية التي تتجمد كل يوم أرصدة يستحلون عدم

ص: 30

سدادها، ويمنون علينا أشد المَنَّ إذا وعدوا بسداد بعضها، وليس لذلك معنى إلا أن الإنجليز يسرقون أقواتنا، وينهبون منتجاتنا، ويفقرون بلادنا، محتمين بقانوننا، ومستغلين حكوماتنا.

القَوَانِينُ المَصْرِيَّةُ فِي خِدْمَةِ الاِسْتِعْمَارِ:

إن القوانين المصرية قامت على أساس خدمة الاستعمار ومحاباة الأجانب، وتمكين الجميع من امتصاص دماء الشعب المصري، وصرف المصريين عن طريق الخير، وإبقائهم إلى أطول وقت ممكن فريسة الجهل والضعف، وبالتالي فريسة للاستعمار والاستغلال.

فالقوانين الجمركية والمالية التي تحمل اسم مصر، تأخذ من جيوب المصريين الفقراء، لتضخم جيوب الإنجليز الأثرياء، وقد لا يخطئ الإنسان كثيرًا إذا قال أن الهدف الأول لهذه القوانين هو حماية التجارة الإنجليزية، ولقد أتى علينا زمن كانت السلع الرخيصة تمنع فيه من دخول البلاد المصرية إذا كانت تزاحم برخصها سلعة إنجليزية، وكلنا يذكر أن السيارات وآلات الراديو وغيرها من البضائع اليابانية لم تستطع التغلب على الحواجز الجمركية المصرية بالرغم من أن سعرها ربما قل عن خمس ثمن ما يماثلها من البضائع الانجليزية.

والقوانين المصرية تضع مصر أرضها وسمائها وجهود أبنائها وأموالهم في خدمة الاستعمار، فهذه القوانين تلزمنا

ص: 31

أن ننشئ الطرق ونعدها للإنجليز، وأن ننشئ السكك الحديدية وننفق عليها لصالح الإنجليز وأن ننشئ الموانئ ونوسعها لتأوي إليها مراكب الإنجليز، وأن نمد الخطوط التليفونية والتلغرافية لخدمة الإنجليز، وبالرغم من ذلك كله تدخل مصر إلى حاجات الجيوش الإنجليزية، وحاجات حلفائهم من عتاد حربي وطعام ولباس فلا تستفيد مصر منها مِلِّيمًا وَاحِدًا لأنها معفاة من الرسوم الجمركية، ويستعمل الإنجليز السكك الحديدية المصرية في نقل عتادهم وطعامهم وجنودهم استعمالاً يزيد عن طاقتها حتى تستهلك خطوطها وقاطراتها وعرباتها، ويستعملون كذلك خطوط التلغراف والتليفون حتى يدركها العطب، وبعد هذا كله يماطلون في دفع الأجر التافه الضئيل الذي يجود به الاستعمار الشحيح البخيل على هذا البلد الذليل، ويحبسونه عنا متعللين بأوهى الحجج وأسقم المعاذير.

والقوانين المصرية تسمح للأجانب المثقفين الأغنياء أن يعاملوا بالربا المصريين الجهلاء الفقراء، فَتُحَوَّلُ أملاك المصريين وجهودهم ثروات في يد الأجانب، ويبوء المصريون بالفقر وَالدَّيْنِ وَالذُلِّ، وما كان يمكن أن يكون غير هذا ما دام أحد الفريقين قَوِيًّا بماله وعلمه، وثانيهما ضعيفًا بفقره وجهله، ولقد ترتب على هذا أن صارت مصر كعبة لشذاذ الآفاق والمغامرين والمرابين من الأجانب، وأن أصبحت كل ثرواتها تقريبًا في أيديهم، وأصبح الأجانب ممسكين بخيوط الحياة الاقتصادية في هذا البلد، فالبنوك والشركات للأجانب،

ص: 32

ورؤوس الأموال كلها تقريبًا للأجانب، والتصدير والاستيراد في يد الأجانب.

ولقد كانت إباحة الرِّبَا نكبة ماحقة قضت على هذا البلد الإسلامي الذي يُحَرِّمُ دينه الرِّبَا، ذلك أن المسلم وإن اقترض مُضَطَرًّا قُرُوضًا ربوية يحرم على نفسه أن يقرض غيره أو يعامله على أساس الربا، فالمسلم المعسر يُسْرَقُ باستمرار ولا يستطيع أن يعوض ما سرق منه، وهو لهذا يظل في إعسار مستمر يقتضيه أن يقترض ويقترض حتى يستنفد الربا رأس ماله.

والقوانين المصرية تبيح الخمر في بلد إسلامي يُحَرِّمُ دينه الخمر، ويوم أباحت الحكومة المصرية المسلمة الخمر لم يكن في مصر واحد في كل مائة يعرف ما هي الخمر، ولم يكن في مصر كلها شخص واحد يطالب بإباحة الخمر أو يشكو من تحريمها، لأن الدين الإسلامي إذا حرم الخمر على المسلم فإنه لا يحرمها على غير المسلم، ولكن الحكام المصريين المسلمين خرجوا على الإسلام وعصوا أحكامه لا لشيء إلا التقرب للأجانب وإرضاء الاستعمار أو لينفوا عن أنفسهم أشرف تهمة وهي تهمة التمسك بالإسلام والتعصب لأحكام الإسلام.

وكذلك أباحت القوانين المصرية الزنا في بلد يُحَرِّمُ دينه الزنا، وتحرم أخلاق أهله الزنا، وتمنع تقاليدهم من إباحة الزنا، ولكن القانون خرج على الدين وعلى الأخلاق وعلى التقاليد وأباح الزنا وامتهان الدعارة ليقدم نساء المصريين

ص: 33

للأجانب وجنود الاحتلال كما قدم لهم الخمر، وهل تبخل الحكومات الإسلامية وقوانينها الفاسقة على الأجانب والمستعمرين بمتعة الخمر والنساء وقد قدمت لهم كل ما في البلد من أرض وماء وهواء وأموال وأقوات وكرامات؟!!

والقوانين التي تقيد حريتنا في الانتقال والاجتماع والكتابة إنما وضعت لحماية الاستعمار، فنحن لا نستطيع أن ننتقل من بلد إسلامي إلى بلد إسلامي آخر إلا بشق الأنفس، بل قد لا نستطيع أن ننتقل من بعض البلد إلى بعضه الآخر كما هو الحال في الانتقال من مصر إلى السودان أو من شمال السودان إلى جنوبه.

وقانون التجمهر وقانون المظاهرات والاجتماعات وقانون المطبوعات وقانون الجمعيات هل وضعت إلا لخدمة الاستعمار، وكبت الشعب ووضعه في الأقفاص، والحيلولة بينه وبين حقه في التحرر والمساواة؟.

وقانون الأسلحة الذي يحرم على الناس حمل السلاح من أي نوع كان حتى السكين ذات الحد الواحد، أليس قد وضع لغل يد الشعب وإضعافه عن مقاومة أعدائه، وحرمانه من حقه الطبيعي في الدفاع عن نفسه، والحيلولة بينه وبين ما يوجبه الدين وما توجبه الرجولة وما توجبه الكرامة من مجاهدة

ص: 34

المستعمرين جِهَادًا لا ينتهي إلا بطردهم من هذا البلد وإخراجهم منه مذمومين مدحورين؟

أُصُولٌ وَأُصُولٌ:

هذه هي الأصول الفاسدة التي تقوم عليها قوانيننا، وَتِلْكُمْ هِيَ الأصول الصحيحة التي يجب أن يقوم عليها القانون، والقانون باعتباره معنى مظلوم مظلوم، وأول ظالميه هم القوام عليه من المقننين، إنهم يضعون لنا قوانين لا يصح أن تشرع لنا، إنها لا تتفق مع ديننا وشريعتنا ولا تحفظ مصالحنا ولا تسد حاجتنا، ولا تعود إلا بالشر والفتنة علينا، إنها ترمي إلى إذلالنا وإفقارنا، وتمكين الغير من رقابنا، إنها قوانين الاستعمار لا قوانيننا، وسلاسله يطوق بها أعناقنا، ويا طول شقائنا من هذه القوانين التي تنتسب إلينا بلا نسب، وتحكمنا على غير هدى، وتقودنا إلى الكفر والفقر، وتقذف بنا إلى الفوضى والخراب.

ص: 35