المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌القوانين الوضعية باطلة بحكم نفسها - الإسلام وأوضاعنا القانونية

[عبد القادر عودة]

فهرس الكتاب

- ‌من نور كتاب الله:

- ‌دعاء

- ‌مَعْذِرَةً إِلَى القَانُونِ:

- ‌أَنَا قَاضٍ وَلَكِنِّي مُسْلِمٌ:

- ‌ذَلِكُمْ هُوَ حُكْمُ الإِسْلَامِ:

- ‌عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يُؤَدِّيَ وَاجِبَهُ:

- ‌وَظِيفَةُ القَانُونِ:

- ‌أُصُولُ القَانُونِ:

- ‌قَانُونُ كُلِّ أُمَّةٍ قِطْعَةٍ مِنْهَا:

- ‌قَوَانِينُنَا غَرِيبَةٌ عَنَّا:

- ‌القَانُونُ يُوضَعُ لِحِمَايَةِ العَقَائِدِ:

- ‌مَتَى يَكُونُ لِلْقَانُونِ سُلْطَاٌن

- ‌القَوَانِينُ الوَضْعِيَّةُ يُبْطِلُهَا الإِسْلَامُ:

- ‌القَوَانِينُ الوَضْعِيَّةُ بَاطِلَةٌ بِحُكْمِ نَفْسِهَا

- ‌مَاذَا فَعَلَتْ بِنَا القَوَانِينُ الوَضْعِيَّةُ

- ‌خَسِرْنَا مَعْرَكَةَ الاِسْتِقْلَالِ بِالاِنْحِرَافِ عَنْ الإِسْلَامِ:

- ‌القَوَانِينُ الوَضْعِيَّةُ تُهَدِّدُ نِظَامَنَا الاِجْتِمَاعِي:

- ‌لِمَاذَا يُحَالُ بَيْنَ المُسْلِمِينَ وَالإِسْلَامِ

- ‌1 - الاسْتِعْمَارُ:

- ‌2 - الحُكُومَاتُ الإِسْلَامِيَّةِ:

- ‌أَيُّهَا المُسْلِمُونَ آنَ أَنْ تَعْمَلُوا

الفصل: ‌القوانين الوضعية باطلة بحكم نفسها

‌القَوَانِينُ الوَضْعِيَّةُ بَاطِلَةٌ بِحُكْمِ نَفْسِهَا

وإذا كانت قوانيننا الوضعية باطلة طبقا لأحكام الشريعة الإسلامية، فإن هذه القوانين باطلة أيضًا بحكم نفسها وعلى أساس المبادئ العامة التي تقوم عليها هذه القوانين؛ وبيان ذلك فيما يأتي:

1 -

الدستور يبطل ما يخالف الإسلام:

ينص الدستور المصري وهو قانون وضعي على أن دين الدولة الرسمي هو الإسلام، ومعنى ذلك النص أن النظام الأساسي الذي تقوم عليه الدولة هو النظام الإسلامي، وأن الإسلام هو المصدر الذي تأخذ عنه، والمرجع الذي تنتهي إليه، والحاكم الذي تأتمر بأمره، وتنتهي بنهيه.

ووجود هذا النص في الدستور المصري - وهو القانون الأول في قوانيننا الوضعية - يقتضي أن نتقيد بنصوص الشريعة الإسلامية في قوانيننا وسياستنا، وتنظيمنا الداخلي والخارجي، وفي كل أوجه نشاطنا، فلا نحل إلا ما أحلته الشريعة، ولا نحرم إلا ما حرمته، ولا نخرج على مبادئ الشريعة وروحها في قوانيننا وأنظمتنا.

ص: 63

ومن المُسَلَّمِ به في دائرة القوانين الوضعية أن كل ما يخالف الدستور من القوانين يعتبر باطلاً لأن الدستور هو التشريع الأساسي في البلاد المحكومة بالقوانين الوضعية، فكل ما يصدر على خلافه من التشريعات لا يصح تطبيقه لخروجه على القواعد الأساسية التي بَيَّنَهَا الدستور.

وقد أخذ بهذا المبدأ في مصر، ومن القضايا التي طبق فيها القضية رقم 65 سنة 1 قضائية مجلس الدولة إذ قضت محكمة القضاء الإداري بأن إهدار إحدى السلطات لأي مبدأ من مبادئ الدستور فيه خروج عن نطاق سلطتها.

والتزامها حدودها خير ضمان لمبدأ الفصل بين السلطات ولتدعيم البنيان الدستوري، وأن للمحاكم حق تفسير القوانين وتطبيقها وأنها تملك الفصل عند تعارض القوانين في أيها الواجب التطبيق، وأن من واجب المحاكم إذا تعارض الدستور مع قانون عادي أن تطرح القانون العادي وتهمله وتغلب عليه الدستور وتطبقه بحسبانه القانون الأعلى الأجدر بِالاتِّبَاعِ.

وإذا طبقنا هذا المبدأ على قوانيننا الوضعية التي تتعارض مع ما ينص عليه الدستور من أن دين الدولة الرسمي هو الإسلام، وجب أن نطرح من هذه القوانين كل النصوص التي تخالف الإسلام أو تخرج على مبادئه العامة وروحه التشريعية، ووجب أن نهمل هذه النصوص ونعتبرها كأن لم تكن، لأنها تخالف الدستور وهو القانون الأعلى الأجدر بالاتباع.

ص: 64

2 -

مخالفة القوانين للشريعة تبطل القوانين:

من القواعد المسلم بها في دائرة القوانين الوضعية أنه عند تخالف النصوص يتغلب النص الأقوى ولو كان النص الأضعف أحدث منه، وتلكم هي نفس النظرية التي فضلت على أساسها نصوص الدستور على غيرها من نصوص القوانين. وإذا طبقنا هذه القاعدة الوضعية على نصوص الشريعة ونصوص القوانين الوضعية وجب أَنْ نُغَلِّبَ نصوص الشريعة على نصوص القوانين، لأن نصوص الشريعة قائمة لم تلغ ولا يمكن أن تلغى، وأولو الأمر الذين يستطيعون وضع القوانين وإلغاءها لا يستطيعون أن يلغوا الشريعة أو يَحُدُّوا من نصوصها أَوْ يُعَدِّلُوا فيها، والنصوص التي لا تقبل الإلغاء ولا التعديل أقوى من النصوص التي تقبل ذلك كله أو بعضه، وإذا نظرنا إلى المسألة من ناحية الشارع وصلنا إلى نفس النتيجة، فالشريعة مصدرها الله - جَلَّ شَأْنُهُ -، والقوانين مصدرها البشر ولا يمكن أن نقارن البشر بالله - جَلَّ شَأْنُهُ -، ومن ثم تكون نصوص الشريعة أقوى من نصوص القوانين الوضعية إذا نظرنا إليها من ناحية الشارع أو من حيث طبيعة النصوص، ويجب بحسب قواعد القانون الوضعي نفسه أَنْ نُغَلِّبَ نصوص الشريعة كلما تخالفت مع نصوص القوانين ونهمل من نصوص القوانين كل ما يخالف الشريعة ونعتبره كأن لم يكن.

ص: 65

خُرُوجُ القَوَانِينِ عَلَى وَظَائِفِهَا وَأُصُولِهَا مُبطِلٌ لَهَا:

ومن القواعد المسلم بها في القوانين الوضعية أن كل نص خرج على وظيفة القانون وأهدافه أو خرج على الأصول التي تقوم عليها القوانين يجب أن يفسر في حدود وظيفة القانون وأن يراعى في تطبيقه معالجة ما فيه من شذوذ وخروج على الأصول المعروفة. فالقوانين التي نقلت من بلاد غير مسلمة إلى بلاد إسلامية يجب أن يهمل في تطبيقها كل ما يخالف الإسلام إذا لم يستطع تفسيره تفسيرًا يتفق مع الإسلام ما دام المقطوع به أن الجماعة المسلمة التي نقل إليها القانون لم تخرج عن الإسلام.

وقد رأينا فيما سبق كيف خرجت قوانيننا الوضعية عن وظيفتها وعلى الأصول القانونية المتعارف عليها، فإذا طبقنا هذه القاعدة الوضعية عليها لوجب أن نهمل كل النصوص المخالفة للشريعة الإسلامية وأن نبطل عملها.

ص: 66