المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ الحقوق الاجتماعية: - الإسلام وحقوق الإنسان في ضوء المتغيرات العالمية

[كمال الدين جعيط]

الفصل: ‌ الحقوق الاجتماعية:

2 -

‌ الحقوق الاجتماعية:

أ- حقوق المرأة:

- حق المساواة:

وهو حق أصلي مقدَّسٌ، تنتفي معه كل الفوارق المصطنعة وأشكال الَمَيْزِ الوهميّ بين الجنسين، ومنطلق الإسلام في ذلك وحدة الأصل المعبِّرة عن وحدة الجوهر الإنساني، ولا يكون من معنًى حينئذ، لتنوع الجنس بين الذكر والأنثى إلّا لضرورة الطبيعية البشرية المقتضية لتواصل النوع؛ قال تعالى:{وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى، إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى} [الليل: 3، 4]، وقال سبحانه:{وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً} [النساء: 1].

إن تعليم البنت وإنارة عقلها وقلبها، أمرٌ لازمٌ حتى تنشأ على الوعي السليم الصحيح بوجودها ودورها، وما هي مؤهلة له طبيعيًّا واجتماعيًّا للقيام به داخل الأسرة والمجتمع، وبقدر ما يتنامى هذا الوعي وتتطور المهارات المكتسبة، تكبر المسئولية ويعظم الدور المنوط بعهدة المرأة؛ كشريكٍ فاعلٍ وعضوٍ في عملية التنمية الشاملة على كلِّ المستويات الاقتصادية والاجتماعية والحضارية، ولقد برزت المرأة في مراحل التعليم المختلفة بقدرات جد محترمة، وأثبتت جدارتها بأرقى الشهادات العلمية في مختلف الاختصاصات التي كانت إلى وقتٍ غير متأخر معدودة ضمن مشمولات الرجل وقصرًا عليه.

- حق العمل:

إن المرأة غير مستثناةٍ من هذه القاعدة الحقوقية الهامة لقوله تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل: 97]، وقال أيضًا:{وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} [التوبة: 105].

ولقد أثبتت المرأة، عندما فُسِّحَ لها باب العمل، واقتحمت مجاله بكل جرأة واقتدار، أنها لا تقل قيمةً ولا جدارةً ولا إمكانياتٍ، بل استطاعت بما أودعه

ص: 39

البارئ سبحانه فيها من سجايا الصبر وطول الأناة والموهبة العقلية، مستعينةً في ذلك بإحساسها الإنساني الفطري العميق، أن تنجح وتبرز، وتنافس وتتألق في مجالات عدة، جنبًا إلى جنبٍ مع شقيقها الرجل.

- حق المشاركة السياسية:

اعتبر الإسلام المسئولية في كل أبعادها سواء منها الاجتماعية أو السياسية، مشتركة بين الجنسين الرجل والمرأة، كلٌّ فيما هو موكول له ومؤهل إليه، لقوله تعالى:{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [التوبة: 71]، ولقوله صلى الله عليه وسلم: "الرجل راعٍ في أهله بيته، وهو مسئول عن رعيته، والمرأة راعيةٌ في بيت زوجها، وهي مسئولية عن رعيتها

ألا كلكم راعٍ، وكلكم مسئول عن رعيته" 1.

ب- حقوق الطفل:

- الحق في الرعاية الحسنة والتنشئة الصالحة:

إن الطفل، منذ لحظة تكوّنه جنينًا في بطن أمه، فولادته، إلى أن يشبَّ ويشتدَّ عوده، ويغدو قادرًا على القيام بنفسه، هو أمانةٌ بين يدي أبويه، أو من هو في كفالته، وفي كلِّ هذه المراحل وضع الإسلام من التشريعات والقواعد ما يحقق الرعاية الكاملة التامة بما يضمن التنشئة الروحية والجسدية المتوازنة التي تُعِدُّهُ ليكون رجلًا صالحًا لأمته ووطنه.

- الحق في التعليم:

إن التعليم يُعَدُّ من الحقوق الأساسية التي لا غنى عنها في كل عصر ومصر، والغرض منه تربية الإنسان منذ بواكير عمره، في ملكاته النفسية والذهنية، وتنمية مداركه العقلية، وتهذيب مواهبه الفطرية وميولاته الطبيعية، معاضدةً لدور الأسرة والمجتمع في إعداد أجيال المستقبل، وتأهيلهم نفسيًّا وعقليًّا للاضطلاع بالمسئوليات التي ستوكل إليهم.

1 رواه البخاري في كتاب النكاح.

ص: 40