المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفرع الثالثأثر سنة الترك في إبطال البدع والرد على المبتدعة - سنة الترك ودلالتها على الأحكام الشرعية

[محمد حسين الجيزاني]

فهرس الكتاب

- ‌[المقدمة]

- ‌ الدراسات السابقة

- ‌ خطة البحث

- ‌التمهيد

- ‌المسألة الأولىتعريف السُّنَّة لغة واصطلاحًا

- ‌1 - السُّنَّة في اللغة

- ‌2 - السُّنَّة في الاصطلاح

- ‌المسألة الثانيةأقسام السُّنَّة

- ‌أولا:

- ‌ثانيًا:

- ‌المسألة الثالثةحُجِّيَّة السُّنَّة

- ‌الفصل الأولحقيقة السُّنَّة التَّرْكِيَّة

- ‌المطلب الأولتعريف التَّرْكِ وأحكامه

- ‌المسألة الأولى: تعريف التَّرْكِ

- ‌المسألة الثانية: أحكام التَّرْكِ:

- ‌المطلب الثانيتعريف السُّنَّة التَّرْكِيَّة

- ‌القسم الأول:

- ‌القسم الثاني:

- ‌القسم الثالث:

- ‌القسم الرابع:

- ‌القسم الخامس:

- ‌المطلب الثالثأقسام السُّنَّة التَّرْكِيَّة

- ‌أولاً:

- ‌ثانيًا:

- ‌المطلب الرابععلاقة سُنَّةِ التَّرْكِ بالسُّنَّةِ التقريرية

- ‌المطلب الخامسعلاقة سُنَّة التَّرْك بالمصلحة المُرْسَلة

- ‌الفصل الثانيحُجِّيَّة السُّنَّة التَّرْكِيَّة

- ‌المطلب الأولدلالة السُّنَّة التَّرْكِيَّة

- ‌المطلب الثانيشروط الاحتجاج بالسُّنَّة التَّرْكِية

- ‌المطلب الثالثالأدلة على حُجِّيَّة السُّنَّة التَّركية

- ‌أولاً:

- ‌ثانيًا:

- ‌ثالثًا:

- ‌الفصل الثالثأثر الاحتجاج بالسُّنَّة التَّرْكِية

- ‌الفرع الأولأثر سُنَّة التَّرك في تخصيص العموم

- ‌الفرع الثانيأثر سُنَّة التَّرك في معرفة مقاصد الشريعة

- ‌الفرع الثالثأثر سُنَّة التَّرْك في إبطال البدع والرَّد على المُبتدعة

- ‌الفرع الرابعأثر سُنَّة التَّرك في المسائل المعاصرة

- ‌المثال الأول:

- ‌المثال الثاني:

- ‌المثال الثالث:

- ‌الخاتمة

- ‌أولا:

- ‌ثانيًا:

- ‌ثالثًا:

- ‌رابعًا:

- ‌خامسًا:

- ‌سادسًا:

- ‌سابعًا:

- ‌ثامنًا:

- ‌تاسعًا:

- ‌ثبت المصادر والمراجع

الفصل: ‌الفرع الثالثأثر سنة الترك في إبطال البدع والرد على المبتدعة

‌الفرع الثالث

أثر سُنَّة التَّرْك في إبطال البدع والرَّد على المُبتدعة

وهذا يشمل البدع العملية والعلمية.

فمن البدع العملية (1):

التلفظ بالنِّيَّة عند الدخول في الصلاة.

والأذان لغير الصلوات الخمس.

والصلاة عقب السعي بين الصفا والمروة.

قال ابن تيمية: "فأمَّا ما تَرَكَه أي النبي صلى الله عليه وسلم من جنس العبادات مع أنه لو كان مشروعاً لفعله أو أَذِنَ فيه، ولفعله الخلفاء بعده والصحابة؛ فيجب القطع بأن فعله بدعة، وضلالة ويمتنع القياس في مثله (2).

ومن البدع العلمية: كل ما لم يرد في الكتاب والسنة ولم يؤثر عن الصحابة رضي الله عنهم والتابعين من الاعتقادات (3).

(1) انظر: اقتضاء الصراط المستقيم (2/ 591 - 597) ومجموع الفتاوى (6/ 172) والاعتصام (1/ 361) والإبداع للشيخ علي محفوظ ص (34/ 45).

(2)

مجموع الفتاوى (26/ 172).

(3)

انظر أحكام الجنائز ص (242).

ص: 88

ومن الأمثلة على ذلك:

- علم الكلام (1):

قال الإمام مالك: "لو كان الكلام علمًا لتكلم فيه الصحابة والتابعون كما تكلموا في الأحكام والشرائع، ولكنه باطل يدل على باطل"(2).

وقال ابن أبي العز: "وصاروا يبتدعون من الدلائل والمسائل ما ليس بمشروع، ويُعرضون عن الأمر المشروع"(3).

أ - فمن المسائل المبتدعة: القول بأن أول واجب على المكلف هو النظر أو القصد إلى النظر (4).

ب - ومن الدلائل المبتدعة: الاستدلال بطريقة الأعراض وحدوثها على إثبات الصانع (5).

قال الخَطَّابي: "واعلم أن الأئمة الماضين وأولي العلم

(1) المراد بالكلام الذي ذمَّه أئمة السلف ونهوا عن الخوض فيه: الكلام في الدين على غير طريقة المرسلين.

ومن هنا أمكن تعريف علم الكلام بأنه إثبات أمور العقائد بالأدلة العقلية والطرق الجدلية مع الإعراض عما في القرآن والسنة من الأدلة العقلية الدالة على أصول الدين.

انظر: مجموع الفتاوى (11/ 335، 336)(12/ 460، 461)(19/ 163).

(2)

صون المنطق والكلام ص (57) والأمر بالاتباع ص (70).

(3)

شرح العقيدة الطحاوية ص (593).

(4)

انظر شرح العقيدة الطحاوية ص (74، 75).

(5)

انظر: درء التعارض ص (308 - 310) ومجموع الفتاوى (5/ 542 - 544).

ص: 89

من المتقدمين لم يتركوا هذا النمط من الكلام، وهذا النوع من النظر عجزًا عنه، ولا انقطاعًا دونه، وقد كانوا ذوي عقول وافرة، وأفهام ثاقبة، وقد كانت هذه الفتن قد وقعت في زمانهم وظهرت، وإنما تركوا هذه الطريقة وأضربوا عنها لمَّا تخوفوه من فتنتها وعلموه من سوء عاقبتها وسيء مغبتها.

وقد كانوا على بينة من أمورهم، وعلى بصيرة من دينهم؛ لما هداهم الله بنوره وشرح صدورهم بضياء معرفته فرأوا أن فيما عندهم من علم الكتاب وحكمته وتوقيف السنَّة وبيانها غناء ومندوحة مما سواها، وأن الحجة قد وقعت وتمت بهما وأن العلة والشبهة قد أزيحت بمكانهما.

فلما تأخر الزمان بأهله وفترت عزائمهم في طلب حقائق علوم الكتاب والسنة وقلت عنايتهم بها واعترضهم الملحدون بشبههم والطاعنون في الدين بجدلهم حسبوا أنهم إن لم يردوهم عن أنفسهم بهذا النمط من الكلام ودلائل العقل؛ لم يقووا عليهم ولم يظهروا في الحجاج عليهم.

فكان ذلك ضِلَّة من الرأي وخدعة من الشيطان.

فلو سلكوا سبيل القصد ووقفا عندما انتهى بهم التوقيف لوجدوا بردِّ اليقين ورَوْح القلوب، ولكثرت البركة وتضاعف النماء وانشرحت الصدور وأضاءت فيها مصابيح النور" (1).

(1) انظر: درء التعارض (7/ 282 - 283، 286 - 287) وصون المنطق والكلام ص (93، 94).

ص: 90

ومن الأمور المبتدعة: التعرض للألفاظ المجملة بالإثبات أو النفي بإطلاق؛ كلفظ الجهة والجسم والعرض.

قال ابن تيمية: "فلم ينطق أحد منهم - أي السلف - في حق الله بالجسم لا نفيًا ولا إثباتًا ولا بالجوهر والتحيز ونحو ذلك؛ لأنها عبارات مجملة لا تحق حقًا ولا تبطل باطلاً، بل هذا هو من الكلام المُبْتَدع الذي أنكره السَّلف والأئمة"(1).

أما طريق السلف: في التعامل مع الألفاظ المجملة فقد بينها ابن أبي العز بقوله: "والألفاظ التي ورد بها النص يعتصم بها في الإثبات والنفي: فنثبت ما أثبته الله ورسوله من الألفاظ والمعاني، وننفي ما نفته نصوصهما من الألفاظ والمعاني.

وأما الألفاظ التي لم يرد نفيها ولا إثباتها فلا تطلق حتى ينظر في مقصود قائلها: فإن كان معنى صحيحًا قُبل، لكن ينبغي التعبير عنه بألفاظ النصوص دون الألفاظ المجملة إلا عند الحاجة مع قرائن تبين المراد.

والحاجة مثل أن يكون الخطاب مع من لا يتم المقصود معه إن لم يُخاطَب بها ونحو ذلك" (2).

(1) مجموع الفتاوى (3/ 81).

(2)

شرح العقيدة الطحاوية ص (239) وانظر منه ص (109، 110).

ص: 91

وبهذا يعلم أن من" السُّنَّة اللازمة: السكوت عما لم يرد فيه نص عن الله ورسوله أو يتفق عليه المسلمون على إطلاقه، وترْك التعرض لها بنفي أو إثبات، فكما لا يثبت إلا بنص شرعي فكذلك لا ينفى إلا بدليل سمعي"(1).

وتظهر لقاعدة السُّنَّة التَّركية أهمية بالغة في إبطال البدع والرد على أهلها؛ حيث اعتمد أئمة السلف - كثيرًا - على هذه القاعدة في مُنَاظراتهم للمبتدعة والرد عليهم.

فمن ذلك: أن الإمام الشافعي قال لبشر المريسي: "أخبرني عما تدعو إليه؟ أكتاب ناطق وفرض مفترض وسنَّة قائمة ووجدت عن السلف البحث فيه والسؤال" فقال بشر: "لا إنه لا يسعنا خلافه" فقال الشافعي: "أقررت بنفسك على الخطأ

" (2).

وقال الإمام أحمد لابن أبي دؤاد يسأله: "خبرني عن هذا الأمر الذي تدعو الناس إليه: أشيء دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: «لا

» ، قال:"ليس يخلو أن تقول: علموه أو جهوله؛ فإن قلت علموه وسكتوا عنه وسعنا وإياك من السكوت ما وسع القوم، وإن قلت: جهلوه وعلمته أنت فيا لكع بن لكع يجهل النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدون رضي الله عنهم شيئًا وتعلمه أنت وأصحابك"(3).

(1) عقيدة الحافظ عبد الغني ص (113).

(2)

انظر صون المنطق والكلام ص (30).

(3)

انظر الشريعة ص (63).

ص: 92