الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَائِقٌ، كَثِيْرٌ فِي (الحَمَاسَةِ) .
وَقِيْلَ: إِنَّ أَبَا الفَرَجِ صَاحِبَ (الأَغَانِي) جَمَعَ شِعرَهُ، وَدَوَّنَهُ.
قُتِلَ: بِاليَمَامَةِ، فِي سَنَةِ سِتٍّ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ.
وَالطَّثْرُ: ضَرْبٌ مِنَ اللَّبَنِ.
17 - مَرْوَانُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ بنِ مَرْوَانَ الأُمَوِيُّ *
ابْنِ الحَكَمِ بنِ أَبِي العَاصِ بنِ أُمَيَّةَ، أَبُو عَبْدِ المَلِكِ، الخَلِيْفَةُ، الأُمَوِيُّ، يُعْرَفُ: بِمَرْوَانَ الحِمَارِ، وَبِمَرْوَانَ الجَعْدِيِّ؛ نِسبَةً إِلَى مُؤَدِّبِهِ: جَعْدِ بنِ دِرْهَمٍ.
وَيُقَالُ: أَصبرُ فِي الحَرْبِ مِنْ حِمَارٍ.
وَكَانَ مَرْوَانُ بَطَلاً، شُجَاعاً، دَاهِيَةً، رَزِيْناً، جَبَّاراً، يَصلُ السَّيْرَ بِالسُّرَى، وَلَا يَجِفُّ لَهُ لِبْدٌ، دَوَّخَ الخَوَارِجَ بِالجَزِيْرَةِ.
وَيُقَالُ: بَلِ العَرَبُ تُسمِّي كُلَّ مائَةِ عَامٍ حِمَاراً، فَلَمَّا قَاربَ مُلكُ آلِ أُمَيَّةَ مائَةَ سَنَةٍ، لَقَّبُوا مَرْوَانَ بِالحِمَارِ.
وذَلِكَ مَأخُوذٌ مِنْ مَوْتِ حِمَارِ العُزَيْرِ عليه السلام وَهُوَ مائَةُ عَامٍ، ثُمَّ بَعَثَهُمَا الله -تَعَالَى-.
مَولِدُ مَرْوَانَ: بِالجَزِيْرَةِ، فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِيْنَ، إِذْ أَبُوْهُ مُتَوَلِّيْهَا، وَأُمُّه أُمُّ وَلَدٍ.
وَقَدِ افْتَتَحَ فِي سَنَةِ خَمْسِيْنَ وَمائَةٍ قُوْنِيَةَ، وَوَلِيَ إِمْرَةَ الجَزِيْرَةِ، وَأَذْرَبِيْجَانَ لِهِشَامٍ، فِي سَنَةِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَمائَةٍ.
وَقَدْ غَزَا مرَّةً حَتَّى جَاوَزَ نَهْرَ الرُّوْمِ، فَأغَارَ وَسَبَى فِي الصَّقَالِبَةِ (1) .
وَكَانَ أَبْيَضَ، ضَخْمَ الهَامَةِ، شَدِيْدَ الشُّهلَةِ، كَثَّ اللِّحْيَةِ، أَبْيَضَهَا، رَبْعَةً،
(*) تاريخ خليفة 403 - 409، الطبري حوادث سنة 105 و114 و126 و127 و132، الكامل في التاريخ: في السنوات المتقدمة عند الطبري، كتاب المجروحين والضعفاء 3 / 14، تاريخ الإسلام: 5 / 222، 298، البداية 10 / 22، 42، 46.
(1)
الصقالبة: جيل من الناس كانت مساكنهم إلى الشمال من بلاد البلغار، وانتشروا الآن في كثير من بلاد شرق أوروبا، وهم المسمون الآن " بالسلاف ".
مَهِيْباً، شَدِيْدَ الوَطْأَةِ، أَدِيْباً، بَلِيغاً، لَهُ رَسَائِلُ تُؤثرُ.
وَمَعَ كَمَالِ أَدوَاتِهِ لَمْ يُرْزَقْ سَعَادَةً، بَلْ اضْطَرَبتِ الأُمُوْرُ، وَوَلَّتْ دَوْلَتُهُم.
بُوْيِعَ بِالإِمَامَةِ فِي نِصْفِ صَفَرٍ، سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ، وَلَمَّا سَمِعَ بِمَقْتَلِ الوَلِيْدِ فِي العَامِ المَاضِي، دَعَا إِلَى بَيْعَةِ مَنْ رَضِيَهُ المُسْلِمُوْنَ، فَبَايَعُوْهُ، فَلَمَّا بَلَغَهُ مَوْتُ يَزِيْدَ النَّاقِصِ، أَنفقَ الأَمْوَالَ، وَأَقْبَلَ فِي ثَلَاثِيْنَ أَلْفِ فَارِسٍ، فَلَمَّا وَصلَ إِلَى حَلَبَ، بَايَعُوْهُ.
ثُمَّ قَدِمَ حِمْصَ، فَدَعَاهم إِلَى بَيْعَةِ وَلِيَّيِ العَهْدِ: الحَكَمِ وَعُثْمَانَ، ابْنَيِ الوَلِيْدِ بنِ يَزِيْدَ، وَكَانَا فِي حَبسِ الخَلِيْفَةِ إِبْرَاهِيْمَ، فَأَقْبَلَ مَعَهُ جَيْشُ حِمْصَ، ثُمَّ الْتَقَى الجَمعَانِ بِمَرْجِ عَذْرَاءَ (1) ، وَانتصرَ مَرْوَانُ، فَبرزَ إِبْرَاهِيْمُ وَعَسْكَرَ بِمَيْدَانِ الحَصَا (2) ، فَتفلَّلَ جَمعُهُ، فَتوثَّبَ أَعْوَانُهُ، فَقَتلُوا وَلِيَّيِ العَهْدِ وَيُوْسُفَ بنَ عُمَرَ فِي السِّجْنِ، وَثَارَ شَبَابُ دِمَشْقَ بِعَبْدِ العَزِيْزِ بنِ الحَجَّاجِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ، فَقَتلُوْهُ؛ لِكَوْنِهِ أَمرَ بِقَتلِ الثَّلَاثَةِ، ثُمَّ أَخْرُجُوا مِنَ الحَبْسِ أَبَا مُحَمَّدٍ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ يَزِيْدَ بنِ مُعَاوِيَةَ السُّفْيَانِيَّ، وَوَضعُوْهُ عَلَى المِنْبَرِ فِي قُيُودِه لِيُبَايِعُوْهُ، وَبَيْنَ يَدَيْهِ رَأْسُ عَبْدِ العَزِيْزِ، فَخَطَبَ، وَحَضَّ عَلَى الجَمَاعَةِ، وَأَذعنَ بِالبَيْعَةِ لِمَرْوَانَ، فَسَمِعَ إِبْرَاهِيْمُ الخَلِيفَةُ، فَهَرَبَ، وَآمَنَ مَرْوَانُ النَّاسَ.
فَأوَّلُ مَنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ بِالخِلَافَةِ أَبُو مُحَمَّدٍ السُّفْيَانِيُّ، وَأَمرَ بِنَبشِ يَزِيْدَ النَّاقِصِ، وَصَلبِهِ.
وَأَمَّا إِبْرَاهِيْمُ: فَخَلعَ نَفْسَهُ، وَكَتَبَ بِالبَيْعَةِ إِلَى مَرْوَانَ الحِمَارِ، فَآمَنَهُ، فَسَكَنَ بِالرَّقَّةِ خَامِلاً.
قَالَ المَدَائِنِيُّ: كَانَ مَرْوَانُ عَظِيْمَ المُرُوْءةِ، مُحِبّاً لِلَّهْوِ، غَيْرَ أَنَّهُ شُغِلَ بِالحَرْبِ، وَكَانَ يُحِبُّ الحَرَكَةَ وَالسَّفَرَ.
(1) مرج عذراء: يقع في شمال شرقي دمشق.
يبعد عنها عشرين ميلا تقريبا.
وبها قبر الصحابي حجر بن عدي الكندي، وأصحابه الذين قتلهم معاوية.
وفيها الآن مصنع للسكر.
(2)
وهو المكان الذي يسمى اليوم " الميدان الفوقاني " جنوب دمشق.
قَالَ الوَزِيْرُ أَبُو عُبَيْدِ اللهِ: قَالَ لِي المَنْصُوْرُ: مَا كَانَ أَشْيَاخُكَ الشَّامِيُّوْنَ يَقُوْلُوْنَ؟
قُلْتُ: أَدْرَكتُهُم يَقُوْلُوْنَ: إِنَّ الخَلِيْفَةَ إِذَا اسْتُخلِفَ غُفِرَ لَهُ مَا مَضَى مِنْ ذُنُوْبِهِ.
فَقَالَ: إِيْ وَاللهِ، وَمَا تَأَخَّرَ (1) ، أَتَدْرِي مَا الخَلِيْفَةُ؟ بِهِ تُقَامُ الصَّلَاةُ، وَالحجُّ، وَالجِهَادُ، وَيُجَاهَدُ العَدُوُّ
…
قَالَ: فَعدَّدَ مِنْ مَنَاقِبِ الخَلِيْفَةِ مَا لَمْ أَسْمَعْ أَحَداً ذَكَرَ مِثْلَهُ، وَقَالَ:
وَاللهِ (2) لَوْ عَرَفْتُ مِنْ حَقِّ الخِلَافَةِ فِي دَهْرِ بَنِي أُمَيَّةَ مَا أَعْرِفُ اليَوْمَ، لأَتَيْتُ الرَّجُلَ مِنْهُم، فَبَايعتُهُ.
فَقَالَ ابْنُهُ: أَفَكَانَ الوَلِيْدُ مِنْهُم؟
فَقَالَ: قبَّحَ اللهُ الوَلِيْدَ، وَمَنْ أَقعدَهُ خَلِيْفَةً!
قَالَ: أَفَكَانَ مَرْوَانُ مِنْهُم؟
فَقَالَ: للهِ دَرُّهُ، مَا كَانَ أَحزمَهُ وَأَسوسَهُ، وَأَعفَّهُ عَنِ الفَيْءِ!
قَالَ: فَلِمَ قَتَلْتُمُوْهُ؟
قَالَ: لِلأَمرِ الَّذِي سَبقَ فِي عِلْمِ اللهِ -تَعَالَى-.
قَالَ خَلِيْفَةُ (3) : سَارَ مَرْوَانُ لِحربِ المُسَوِّدَةِ (4) فِي مائَةٍ وَخَمْسِيْنَ أَلْفاً، حَتَّى نَزَلَ بِقُربِ المَوْصِلِ، فَالْتَقَى هُوَ وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَلِيٍّ عَمُّ المَنْصُوْرِ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِيْنَ وَمائَةٍ، فَانْكَسَرَ جَمْعُ مَرْوَانَ، وَفَرَّ، فَاسْتَوْلَى عَبْدُ اللهِ عَلَى الجَزِيْرَةِ، ثُمَّ طَلبَ الشَّامَ، فَفرَّ مَرْوَانُ إِلَى فِلَسْطِيْنَ، فَلَمَّا سَمِعَ بِأَخذِ دِمَشْقَ، سَارَ إِلَى مِصْرَ، وَطَلبَ الصَّعِيْدَ، ثُمَّ أَدْرَكُوْهُ وَبَيَّتُوهُ بِبُوْصِيْرَ، فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ.
وَعَاشَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّيْنَ سَنَةً، قُتِلَ فِي ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ، وَانتَهَتْ خِلَافَةُ بَنِي أُمَيَّةَ، وَبُوْيِعَ السَّفَّاحُ قَبْلَ مَقْتَلِ مَرْوَانَ الحِمَارِ بِتِسْعَةِ أَشْهُرٍ.
وَمِنْ جَبَروتِ مَرْوَانَ: أَنَّ يَزِيْدَ بنَ خَالِدِ بنِ عَبْدِ اللهِ القَسْرِيَّ الأَمِيْرَ كَانَ قَدْ
(1) غفران ما سلف من الذنوب لا يكون بالاستخلاف، وإنما يكون بالتوبة والانابة، والعمل الصالح، ومتابعة هدي الرسول صلى الله عليه وسلم.
وأما غفران ما تأخر منها فهو خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم بمقتضى النص.
(2)
تاريخ الإسلام 5 / 299، والزيادة منه.
(3)
تاريخ خليفة 403 - 404.
(4)
هم العباسيون، وكان شعارهم السواد.