الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخَارِجَ عَلَى المَنْصُوْرِ (1) .
وَوَلِيَ أَيْضاً مَمْلَكَةَ فَارِسٍ، وَكَانَ جَوَاداً، مُمَدَّحاً.
قِيْلَ: إِنَّ الرَّشِيْدَ احْتَاطَ عَلَى تَرِكَتِهِ، فَكَانَتْ خَمْسِيْنَ أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ.
وَقَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ عَظِيْمَ قَوْمِهِ، وَيُقَالُ: إِنَّهُ قَالَ عِنْدَ المَوْتِ: يَا لَيْتَ أُمِّي لَمْ تَلِدْنِي، وَيَا لَيْتَنِي كُنْتُ حَمَّالاً.
وَكَانَ رَقِيْقَ القَلْبِ.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَةٍ.
53 - رَابِعَةُ العَدَوِيَّةُ أُمُّ عَمْرٍو بِنْتُ إِسْمَاعِيْلَ العَتَكِيَّةُ *
البَصْرِيَّةُ، الزَّاهِدَةُ، العَابِدَةُ، الخَاشعَةُ، أُمُّ عَمْرٍو رَابِعَةُ بِنْتُ إِسْمَاعِيْلَ، وَلَاؤُهَا لِلْعَتَكِيِّينَ.
وَلَهَا سِيْرَةٌ فِي (جُزْءٍ) لابْنِ الجَوْزِيِّ.
قَالَ خَالِدُ بنُ خِدَاشٍ: سَمِعَتْ رَابِعَةُ صَالِحاً المُرِّيَّ يَذْكُرُ الدُّنْيَا فِي قَصَصِهِ، فَنَادَتْهُ: يَا صَالِحُ، مَنْ أَحَبَّ شَيْئاً، أَكْثَرَ مِنْ ذِكْرِهِ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ البُرْجُلَانِيُّ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بنُ صَالِحٍ العَتَكِيُّ، قَالَ:
اسْتَأْذَنَ نَاسٌ عَلَى رَابِعَةَ وَمَعَهُم سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، فَتَذَاكَرُوا عِنْدَهَا
(1) انظر " الكامل في التاريخ " لابن الأثير: 5 / 565، و" تاريخ الطبري " 7 / 622، و" تاريخ الإسلام " للمؤلف 6 / 22، 27، و" دول الإسلام " للمؤلف 1 / 97.
(*) الاحياء للغزالي: 2 / 267، وفيات الأعيان: 3 / 215، عبر الذهبي: 1 / 278، الرسالة القشيرية: 86، 173، قوت القلوب للمكي: 1 / 103، 156، التعرف: للكلاباذي: 73، 121، نفحات الانس: 716، الطبقات الكبرى للشعراني: 56، الكواكب الدرية للمناوي:(96) ص: 108، شذرات الذهب: 1 / 193، تذكرة الأولياء للعطار: 1 / 59، الدر المنثور: 202، 203، النجوم الزاهرة: 1 / 330، الشريشي، شرح المقامات: 2 / 231.
سَاعَةً، وَذَكَرُوا شَيْئاً مِنَ الدُّنْيَا، فَلَمَّا قَامُوا، قَالَتْ لِخَادِمَتِهَا:
إِذَا جَاءَ هَذَا الشَّيْخُ وَأَصْحَابُهُ، فَلَا تَأْذَنِي لَهُم، فَإِنِّي رَأَيتُهُم يُحِبُّونَ الدُّنْيَا.
وَعَنْ أَبِي يَسَارٍ مِسْمَعٍ، قَالَ: أَتَيْتُ رَابِعَةَ، فَقَالَتْ:
جِئْتَنِي وَأَنَا أَطبُخُ أَرْزاً، فَآثَرتُ حَدِيْثَكَ عَلَى طَبِيْخِ الأَرْزِ، فَرَجَعتْ إِلَى القِدْرِ وَقَدْ طُبِخَتْ.
ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ، حَدَّثَنِي عُبَيْسُ بنُ مَيْمُوْنٍ العَطَّارُ، حَدَّثَتْنِي عَبْدَةُ بِنْتُ أَبِي شَوَّالٍ - وَكَانَتْ تَخْدُمُ رَابِعَةَ العَدَوِيَّةَ - قَالَتْ:
كَانَتْ رَابِعَةُ تُصَلِّي اللَّيْلَ كُلَّهُ، فَإِذَا طَلَعَ الفَجْرُ، هَجَعَتْ هَجْعَةً حَتَّى يُسْفِرَ الفَجْرُ، فَكُنْتُ أَسْمَعُهَا تَقُوْلُ:
يَا نَفْسُ كَمْ تَنَامِيْنَ، وَإِلَى كَمْ تَقُوْمِيْنَ، يُوْشِكُ أَنْ تَنَامِي نَوْمَةً لَا تَقُوْمِيْنَ مِنْهَا إِلَاّ لِيَوْمِ النُّشُورِ.
قَالَ جَعْفَرُ بنُ سُلَيْمَانَ: دَخَلْتُ مَعَ الثَّوْرِيِّ عَلَى رَابِعَةَ، فَقَالَ سُفْيَانُ: وَاحُزْنَاهُ!
فَقَالَتْ: لَا تَكْذِبْ، قُلْ: وَاقِلَّةَ حُزْنَاهُ!
وَعَنْ حَمَّادٍ، قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَسَلَاّمُ بنُ أَبِي مُطِيْعٍ عَلَى رَابِعَةَ، فَأَخَذَ سَلَاّمٌ فِي ذِكْرِ الدُّنْيَا، فَقَالَتْ:
إِنَّمَا يُذكَرُ شَيْءٌ هُوَ شَيْءٌ، أَمَّا شَيْءٌ لَيْسَ بِشَيْءٍ، فَلَا.
شَيْبَانُ بنُ فَرُّوْخٍ: حَدَّثَنَا رِيَاحٌ القَيْسِيُّ، قَالَ:
كُنْتُ اخْتَلَفتُ إِلَى شُمَيْطٍ أَنَا وَرَابِعَةُ، فَقَالَتْ مَرَّةً: تَعَالَ يَا غُلَامُ.
وَأَخَذَتْ بِيَدِي، وَدَعَتِ اللهَ، فَإِذَا جَرَّةٌ خَضْرَاءُ مَمْلُوْءةٌ عَسَلاً أَبْيَضَ، فَقَالَتْ: كُلْ، فَهَذَا -وَاللهِ- لَمْ تَحْوِهِ بُطُوْنُ النَّحْلِ.
فَفَزِعتُ مِنْ ذَلِكَ، وَقُمنَا، وَتَرَكْنَاهُ.
قَالَ أَبُو سَعِيْدٍ بنُ الأَعْرَابِيِّ: أَمَّا رَابِعَةُ، فَقَدْ حَمَلَ النَّاسُ عَنْهَا حِكْمَةً كَثِيْرَةً، وَحَكَى عَنْهَا: سُفْيَانُ، وَشُعْبَةُ، وَغَيْرُهُمَا مَا يَدُلُّ عَلَى بُطْلَانِ مَا قِيْلَ عَنْهَا، وَقَدْ تَمَثَّلَتْهُ بِهَذَا:
وَلَقَدْ جَعَلْتُكَ فِي الفُؤَادِ مُحَدِّثِي
…
وَأَبَحْتُ جِسْمِيَ مَنْ أَرَادَ جُلُوْسِي
فَنَسَبَهَا بَعْضُهُم إِلَى الحُلُوْلِ بِنِصْفِ البَيْتِ، وَإِلَى الإِبَاحَةِ بِتَمَامِهِ.
قُلْتُ: فَهَذَا غُلُوٌّ وَجَهْلٌ، وَلَعَلَّ مَنْ نَسَبَهَا إِلَى ذَلِكَ مُبَاحِيٌّ حُلُوْلِيٌّ، لِيَحْتَجَّ بِهَا عَلَى كُفْرِهِ، كَاحْتِجَاجِهِم بِخَبَرِ:(كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ (1)) .
قِيْلَ: عَاشَتْ ثَمَانِيْنَ سَنَةً.
تُوُفِّيَتْ: سَنَةَ ثَمَانِيْنَ وَمائَةٍ (2) .
54 -
أَمَّا
: رَابِعَةُ الشَّامِيَّةُ *
العَابِدَةُ، فَأُخْرَى مَشْهُوْرَةٌ، أَصْغَرُ مِنَ العَدَوِيَّةِ، وَقَدْ تَدْخُلُ حِكَايَاتُ هَذِهِ فِي حِكَايَاتِ هَذِهِ، وَالثَّانِيَةُ هِيَ القَائِلَةُ مَا رَوَى أَحْمَدُ بنُ أَبِي الحَوَارِيِّ، عَنْ
(1) قطعة من حديث أخرجه البخاري 11 / 292 - 297 في الرقاق: باب التواضع، من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله تعالى قال: من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، وما زال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لاعطينه، ولئن استعاذني لاعيذنه، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته ".
قال الخطابي: هذه أمثال، والمعنى: توفيق الله لعبده في الاعمال التي يباشرها بهذه الاعضاء وتيسير المحبة له فيها، بأن يحفظ جوارحه عليه، ويعصمه من الله مواقعة ما يكره الله من الاصغاء إلى اللهو بسمعه، ومن النظر إلى ما نهى عنه ببصره، ومن البطش فيما لا يحل له بيده، ومن السعي إلى الباطل برجله.
وقال الطوفي: اتفق العلماء ومن يعتد بقوله أن هذا مجاز، وكناية عن نصرة العبد وتأييده وإعانته
حتى كأنه سبحانه ينزل نفسه من عبده منزلة الآلات التي يستعين بها، ولهذا وقع في رواية:" فبي يسمع، وبي يبصر، وبي يبطش، وبي يمشي ".
(2)
في ابن خلطان نقلا عن ابن الجوزي أن وفاتها سنة 135، وقال غيره: 185، وأوردها في " النجوم الزاهرة " فيمن توفي في سنة 135، و180.
(*) صفوة الصفوة لابن الجوزي: 4 / 300، طبقات الأولياء: 35، شذرات الذهب: 2 / 110.