الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تُوُفِّيَ النَّاصِرُ: فِي رَمَضَانَ، سَنَةَ خَمْسِيْنَ وَثَلَاثِ مائَةٍ.
وَسَتُعَادُ تَرْجَمَتُهُ مُخْتَصَرَةً بِزِيَادَاتٍ مُهِمَّةٍ، وَأَنَّهُ افْتَتَحَ سَبْعِيْنَ حِصْناً رحمه الله.
63 - الحَكَمُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مُحَمَّدٍ المُسْتَنْصِرُ بِاللهِ *
أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ بِالأَنْدَلُسِ، أَبُو العَاصِ، المُسْتَنْصِرُ بِاللهِ بنُ النَّاصِرِ الأُمَوِيُّ، المَرْوَانِيُّ.
بُوْيِع: بَعْدَ أَبِيْهِ، فِي رَمَضَانَ، سَنَةَ خَمْسِيْنَ وَثَلَاثِ مائَةٍ.
وَكَانَ حَسَنَ السِّيْرَةِ، جَامِعاً لِلْعِلْمِ، مُكْرِماً لِلأَفَاضِلِ، كَبِيْرَ القَدْرِ، ذَا نَهْمَةٍ مُفْرِطَةٍ فِي العِلْمِ وَالفَضَائِلِ، عَاكِفاً عَلَى المُطَالَعَةِ.
جَمَعَ مِنَ الكُتُبِ مَا لَمْ يَجْمَعْه أَحَدٌ مِنَ المُلُوْكِ، لَا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ، وَتَطَلَّبَهَا، وَبَذَلَ فِي أَثْمَانِهَا الأَمْوَالَ، وَاشْتُرِيَتْ لَهُ مِنَ البِلَادِ البَعِيْدَةِ بِأَغْلَى الأَثْمَانِ، مَعَ صَفَاءِ السَّرِيْرَةِ وَالعَقلِ وَالكَرَمِ، وَتَقَرِيْبِ العُلَمَاءِ.
أَكْثَرَ عَنْ: زَكَرِيَّا بنِ الخَطَّابِ، وَأَجَازَ لَهُ: قَاسِمُ بنُ ثَابِتٍ (1) كِتَابَ (الدَّلَائِلِ فِي غَرِيْبِ الحَدِيْثِ) .
وَكَتَبَ عَنْ خَلْقٍ كَثِيْرٍ، مِنْهُم: قَاسِمُ بنُ أَصْبَغَ، وَمُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ السَّلَامِ الخُشَنِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ دُحَيْمٍ.
وَلَقَدْ ضَاقَتْ خَزَائِنُهُ بِالكُتُبِ إِلَى أَنْ صَارَتْ إِلَيْهِ، وَآثَرَهَا عَلَى لَذَّاتِ
(*) جمهرة الأنساب: 92، جذوة المقتبس: 13، الكامل لابن الأثير: 8 / 224، ابن خلدون: 4 / 144، نفح الطيب 1 / 382 - 396، أزهار الرياض: 2 / 286 - 294.
(1)
هو قاسم بن ثابت السرقسطي الأندلسي الامام الجليل الفقيه المحدث الورع الناسك، وكتابه " الدلائل " في شرح ما أغفله أبو عبيد وابن قتيبة من غريب الحديث كتاب نفيس في بابه، ولكنه لم يكمله، فأتمه بعده أبوه ثابت، فقد بقي حيا بعد وفاة ابنه أحد عشر عاما، وكان كابنه فقيها محدثا لغويا.
قال الحميدي: ذكره أبو محمد علي بن أحمد، وأثنى عليه، وقال: ما شآه أبو عبيد إلا بتقدم العصر.
" الديباج المذهب " 2 / 147، 148.
المُلُوْكِ، فَغَزُرَ عِلمُهُ، وَدَقَّ نَظَرُهُ، وَكَانَ لَهُ يَدٌ بَيْضَاءُ فِي مَعْرِفَةِ الرِّجَالِ، وَالأَنْسَابِ، وَالأَخْبَارِ، وَقَلَّمَا تَجِدُ لَهُ كِتَاباً إِلَاّ وَلَهُ فِيْهِ قِرَاءةٌ أَوْ نَظَرٌ، مِنْ أَيِّ فَنٍّ كَانَ، وَيَكتُبُ فِيْهِ نَسَبَ المُؤلِّفِ، وَمَوْلِدَه وَوَفَاتَه، وَيَأْتِي مِنْ ذَلِكَ بِغَرَائِبَ لَا تَكَادُ تُوجَدُ.
وَمِن مَحَاسِنِه: أَنَّهُ شَدَّدَ فِي مَمْلَكَتِهِ فِي إِبْطَالِ الخُمُوْرِ تَشْدِيْداً عَظِيْماً.
وَكَانَ أَخُوْهُ الأَمِيْرُ عَبْدُ اللهِ المَعْرُوْفُ بِالوَلَدِ، عَلَى أَنْمُوْذَجِهِ فِي مَحَبَّةِ العِلْمِ، فَقُتِلَ فِي أَيَّامِ أَبِيْهِ.
وَكَانَ المُسْتَنْصِرُ مُوَثَّقاً فِيْمَا يَنْقُلُهُ.
ذَكَرَهُ: ابْنُ الأَبَّارِ فِي (تَارِيْخِهِ)، وَقَالَ: عَجَباً لابْنِ الفَرَضِيِّ، وَابْنِ بَشْكُوَالٍ، كَيْفَ لَمْ يَذْكُرَاهُ؟!
مَوْلِدُهُ: فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِ مائَةٍ.
قَالَ اليَسَعُ بنُ حَزْمٍ: كَانَ الحَكَمُ عَالِماً، رَاوِيَةً لِلْحَدِيْثِ، فَطِناً، وَرِعاً.
وَفَدَ عَلَيْهِ: أَبُو عَلِيٍّ القَالِي، وَأَبُو عَلِيٍّ الزُّبَيْدِيُّ، وَغَيْرُهُمَا.
وَلَمَّا تُوُفِّيَ القَاضِي مُنْذِرُ بنُ سَعِيْدٍ، اسْتَعْمَلَ عَلَى القَضَاءِ الفَقِيْهَ ابْنَ بَشِيْرٍ، فَشَرَطَ عَلَيْهِ نُفُوذَ الحَقِّ وَالعَدْلِ؛ فَرَفَعَ إِلَيْهِ تَاجِرٌ: أَنَّهُ ضَاعتْ لَهُ جَارِيَةٌ صَغِيْرَةٌ، وَأَنَّهَا فِي القَصْرِ، فَانْتَهَى الأَمْرُ إِلَى الحَكَمِ.
فَقَالَ الحَكَمُ: نُرْضِي هَذَا التَّاجِرَ بِكُلِّ مَا عَسَى أَنْ يَرْضَى بِهِ.
فَقَالَ ابْنُ بَشِيْرٍ: لَا يَكمُلُ عَدْلُكَ حَتَّى تُنْصِفَ مِنْ نَفْسِك، وَهَذَا قَدِ ادَّعَى أَمراً، فَلَا بُدَّ مِنْ إِحْضَارِهَا، وَشَهَادَةِ الشُّهُودِ عَلَى عَيْنِهَا.
فَأَحضَرَهَا الحَكَمُ، وَأَنْصَفَ التَّاجِرَ.
وَفِي دَوْلَةِ الحَكَمِ هَمَّتِ الرُّوْمُ بِأَخْذِ مَوَاضِعَ مِنَ الثُّغُورِ، فَقَوَّاهَا بِالمَالِ وَالجُيُوْشِ، وَغَزَا بِنَفْسِهِ، وَزَادَ فِي القَطِيْعَةِ عَلَى الرُّوْمِ، وَأَذلَّهُم.