الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
10 -
أزهار الأنهار
لأسامة بن منقذ
فراغ
1 -
(1)
حدثني القاضي أبو نمر ابن المعتري رحمه الله بحصن شيزر قال: سافرت إلى اليمن فاتصلت ببعض سلاطين اليمن، فأتاه الخبر بعصيان أهل بلد من بلاده، فركب وسار إليه وأنا صحبته، وهو في خلق كثير من الركاب، وأقسم ليستبيحنَّ دماءهم وأموالهم، فسرنا حتى نزلنا على المدينة وأمر بالتأهّب لقتالهم، وهجم المدينة، فرأينا امرأة قد خرجت من المدينة وجاءت تتخطَّى الناس حتى وصلت إلى السلطان وأنا عنده، فسلَّمت عليه فرحَّب بها وأكرمها وأجلسها ثم قال لها: ما حاجتك؟ قالت: جئتك أسألك أن تهب لي هذه المدينة وأهلها فقال: هؤلاء قد أظهروا العصيان والشقاق، وقد أقسمتُ أن أستبيح دماءهم وأموالهم، فقالت: بل ترحعُ عن هذا إلى المعتاد من صفحك وكرم عفوك وتهبُ لي ذنبهم ودماءهم وأموالهم فقال: ما أفعل ولا أفسد مملكتي وأستدعي عصيانَ رعيتي بصفحي عن هؤلاء المنافقين، فغضبت وقالت: نسيتَ حقّي وحُرْمَتي واطرحتني حتى إني أسألك في المدينة من مدائنك لتقضي بها حقي ولا توجب سؤالي، ثم ولت، فأطرق ثم قالَ: ردُّها، فلما عادت اعتذر إليها وتلطفها وقال: قد وهبت لك البلدَ وأموالَ أهله ودماءهم، وها أنا راحل، ثم أمر الناس بالرحيل، ونفذ من رتب أمر البلد وسار، فسالتُ عن تلك المرأة فقيل لي إن هذه امرأة كانت ترضعه، وكان أبوه مالكَ
(1) بغية الطلب 9: 207.
هذه البلاد، فقام عليه أخوه فقتله وملك البلاد وهذا إذ ذاك طفل، فتطلبه عمه ليقتله فخبّته هذه المرأة بينها وبين ثيابها وأخفته، وخرجت به من البلد فربته في خمول، واختفى حتى كبر وجار عمه على الرعية وأساء إليهم فوثبوا عليه قتلوه ونفذوا أحضروا هذا وملكوه عليهم كما ترى، فهي تذكّرهُ بما فعلته في حقه وهو يرعى لها ذلك الصنع.