الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لا التي لنفي الجنس
عمل إن اجعل للا في نكره
…
مفردة جاءتك أو مكرره (1)
هذا هو القسم الثالث من الحروف الناسخة للابتداء وهي لا التي لنفي الجنس والمراد بها لا التي قصد بها التنصيص على استغراق النفي للجنس كله.
وإنما قلت التنصيص احترازا عن التي يقع الاسم بعدها مرفوعا نحو لا رجل قائما فإنها ليست نصا في نفي الجنس إذ يحتمل نفي الواحد ونفي لجنس فبتقدير إرادة نفي الجنس لا يجوز لا رجل قائما بل رجلان وبتقدير إرادة نفي الواحد يجوز لا رجل قائما بل رجلان وأما لا هذه فهي لنفي الجنس ليس إلا فلا يجوز لا رجل قائم بل رجلان.
وهي تعمل عمل إن فتنصب المبتدأ اسما لها وترفع الخبر خبرا لها ولا فرق في هذا العمل بين المفردة وهي التي لم تتكرر نحو: لا غلام رجل قائم وبين المكررة نحو: لا حول ولا قوة إلا بالله. (2)
(1)" عمل " مفعول أول مقدم على عامله وهو قوله " اجعل " الآتي، وعمل مضاف و" إن " قصد لفظه: مضاف إليه " اجعل " فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت " للا " جار ومجرور متعلق باجعل، وهو المفعول الثاني لاجعل " في نكره " جار ومجرور متعلق باجعل " مفردة " حال من الضمير المستتر في " جاءتك " الآتي " جاءتك " جاء: فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي يعود على " لا " والتاء للتأنيث، والكاف مفعول به لجاء " أو " عاطفة " مكررة " معطوف على مفردة.
(2)
ومع أنها تعمل مفردة ومكررة فعملها بعد استيفاء شروطها وهي مفردة واجب، وعملها مكررة جائز.
ولا يكون اسمها وخبرها إلا نكرة (1) فلا تعمل في المعرفة وما ورد من ذلك مؤول بنكرة كقولهم قضية ولا أبا حسن لها فالتقدير ولا مسمى بهذا الاسم لها (2) ويدل على أنه معامل معاملة النكرة وصفه بالنكرة كقولك لا أبا حسن حلالا لها ولا يفصل بينها وبين اسمها فإن فصل بينهما ألغيت كقوله تعالى: {لا فِيهَا غَوْلٌ} .
فانصب بها مضافا أو مضارعه
…
وبعد ذاك الخبر اذكر رافعه (3)
(1) الشروط التي يجب توافرها لاعمال " لا " عمل إن ستة، وهي: أن تكون نافية، وأن يكون المنفي بها الجنس، وأن يكون النفي نصا في ذلك، وألا يدخل عليها جار كما دخل عليها في نحو قولهم: جئت بلا زاد، وقولهم: غضبت من لا شئ، وأن يكون
اسمها وخبرها نكرتين، وألا يفصل بينها وبين اسمها فاصل أي فاصل ولا خبرها، وقد صرح الشارح هنا بشرطين وهما الخامس والسادس، وأشار في صدر كلامه إلى الثلاثة الاولى، وترك واحدا، وهو ألا يدخل عليها جار.
(2)
هكذا أوله الشارح، وليس تأويله بصحيح، لان المسمى بأبي حسن موجود وكثيرون، فالنفي غير صادق.
وقد أوله العلماء بتأويلين آخرين، أحدهما أن الكلام على حذف مضاف، والتقدير: ولا مثل أبي حسن لها، ومثل كلمة متوغلة في الابهام لا تتعرف بالاضافة، ونفي المثل كناية عن نفي وجود أبي الحسن نفسه، والثاني: أن يجعل " أبا حسن " عبارة عن اسم جنس وكأنه قد قيل: ولا فيصل لها، وهذا مثل تأويلهم في باب الاستعارة نحو " حاتم " بالمتناهي في الجود، ونحو " مادر " بالمتناهي في البخل، ونحو " يوسف " بالمتناهي في الحسن، وضابطه: أن يؤول الاسم العلم بما اشتهر به من الوصف.
(3)
" فانصب " فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت " بها " جار ومجرور متعلق بانصب " مضافا " مفعول به لانصب " أو " عاطفة " مضارعه " مضارع بمعنى: مشابه: معطوف على قوله " مضافا " ومضارع مضاف والهاء العائدة إلى قوله " مضافا " مضاف إليه " وبعد " ظرف متعلق بقوله " اذكر " الآتي، وبعد مضاف، =
وركب المفرد فاتحا كلا
…
حول ولا قوة والثاني اجعلا (1)
مرفوعا أو منصوبا أو مركبا
…
وإن رفعت أولا لا تنصبا (2)
= و" ذا " من " ذاك " اسم إشارة: مضاف إليه، والكاف حرف خطاب " الخبر " مفعول به لاذكر الآتي " اذكر " فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره
أنت " رافعة " رافع: حال من الضمير المستتر في " اذكر " ورافع مضاف والهاء مضاف إليه، من إضافة الصفة لمعمولها، وهي لا تفيد تعريفا ولا تخصيصا، ولذلك وقع هذا المضاف حالا.
(1)
" وركب " الواو عاطفة، ركب: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت " المفرد " مفعول به لركب " فاتحا " حال من الضمير المستتر في " ركب " ومتعلقه محذوف، والتقدير: فاتحا له " كلا " الكاف جارة لقول محذوف على ما سبق غيره مرة، ولا: نافية للجنس " حول " اسم لا، مبني على الفتح في محل نصب، وخبرها محذوف، والتقدير: لا حول موجود " ولا " الواو عاطفة، ولا: نافية للجنس أيضا " قوة " اسمها، وخبرها محذوف، وهذه الجملة معطوفة بالواو على الجملة السابقة " والثاني " مفعول أول قدم على عامله، وهو قوله اجعلا الآتي " اجعلا " اجعل: فعل أمر، مبني على السكون لا محل له من الاعراب، وحرك بالفتح لاجل مناسبة الالف، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت، والالف للاطلاق، أو هو فعل أمر مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة المنقلبة ألفا لاجل الوقف لامحل له من الاعراب، ونون التوكيد المنقلبة ألفا حرف لا محل له من الاعراب.
(2)
" مرفوعا " مفعول ثان لاجعل في البيت السابق " أو منصوبا " أو: حرف عطف، منصوبا: معطوف على مرفوع " أو مركبا " معطوف على قوله " مرفوعا " السابق " وإن " الواو عاطفة، إن: شرطية " رفعت " رفع: فعل ماض فعل الشرط مبني على الفتح المقدر في محل جزم، وتاء المخاطب فاعل " أولا " مفعول به لرفعت " لا " ناهية " تنصبا ": فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة =
لا يخلو اسم لا هذه من ثلاثة أحوال: الحال الأول: أن يكون مضافا نحو لا غلام رجل حاضر الحال الثاني: أن يكون مضارعا للمضاف أي مشابها له والمراد به كل اسم له تعلق بما بعده إما بعمل نحو لا طالعا جبلا ظاهر ولا خيرا من زيد راكب وإما بعطف نحو لا ثلاثة وثلاثين عندنا ويسمى المشبه بالمضاف مطولا وممطولا أي ممدودا وحكم المضاف والمشبه به النصب لفظا كما مثل والحال الثالث: أن يكون مفردا والمراد به هنا ما ليس بمضاف ولا مشبه بالمضاف فيدخل فيه المثنى والمجموع وحكمه البناء على ما كان ينصب به لتركبه مع لا وصيرورته معها كالشيء الواحد فهو معها كخمسة عشر ولكن محله النصب بلا لأنه اسم لها فالمفرد الذي لبس بمثنى ولا مجموع يبنى على الفتح لأن نصبه بالفتحة نحو لا حول ولا قوة إلا بالله والمثنى وجمع المذكر السالم يبنيان على ما كانا ينصبان به وهو الياء نحو لا مسلمين لك ولا مسلمين فمسلمين ومسلمين مبنيان لتركبهما مع لا كما بنى رجل لتركبه معها.
وذهب الكوفيون والزجاج إلى أن رجل في قولك لا رجل معرب وأن فتحته فتحة إعراب لا فتحة بناء وذهب المبرد إلى أن مسلمين ومسلمين معربان. (1)
= المنقلبة ألفا لاجل الوقف في محل جزم بلا الناهية، والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت، والجملة في محل جزم جواب الشرط، وحذف منها الفاء ضرورة، وكان حقه أن يقول: وإن رفعت أولا فلا تنصبا.
(1)
ذهب أبو العباس المبرد إلى أن اسم " لا " إذا كان مثنى أو مجموعا جمع مذكر سالما فهو معرب منصوب بالياء، وليس مبنيا كما ذهب إليه جمهور النحاة، واحتج لما ذهب إليه بأن التثنية والجمع من خصائص الاسماء، وقد علمنا أن من شرط بناء الاسم لشبهه =
وأما جمع المؤنث السالم فقال قوم مبني على ما كان ينصب به وهو الكسر فتقول لا مسلمات لك بكسر التاء ومنه قوله:
إن الشباب الذي مجد عواقبه
…
فيه نلذ ولا لذات للشيب
= بالحرف في وجه من وجوه الشبه التي تقدم بيانها: ألا يعارض هذا الشبه شئ من خصوصيات الاسماء، والجواب على هذه الشبهة من وجهين: أولهما وهو وجه عقلي أن ما كان من خصائص الاسماء إنما يقدح في بناء الاسم ويعارضه إذا طرأ على الاسم بعد كونه مبنيا، فأما إذا كان ما هو من خصائص الاسماء موجودا في الاسم ثم عرض لهذا الاسم ما يقتضي شبهه بالحرف من بعد ذلك فإنه لهذا لا يعارض سبب البناء ولا يمنع منه، ونحن ندعي أن الاسم كان مثنى أو مجموعا، ثم دخلت عليه لا فتركب معها تركب خمسة عشر، فوجد سبب البناء طارئا على ما هو من خصائص الاسم، الثاني - وهو نقض لمذهبه بعدم الاطراد - أن المبرد نفسه قد اتفق مع الجمهور على بناء اسم لا المجموع جمع تكسير، ولم يعبأ معه بما هو من خصائص الاسم وهو الجمع، كما اتفق مع الجمهور على بناء المنادى المثنى أو المجموع جمع المذكر السالم على ما يرفع به، ولم يعبأ بما هو من خصائص الاسماء.
109 -
البيت لسلامة بن جندل السعدي، من قصيدة له مستجادة، وأولها قوله أودى الشباب حميدا ذو التعاجيب أودى، وذلك شأو غير مطلوب ولى حثيثا، وذاك الشيب يتبعه لو كان يدركه ركض اليعاقيب اللغة:" أودى " ذهب وفنى، وكرر هذه الكلمة تأكيدا لمضمونها، لانه إنما أراد إنشاء التحسر والتحزن على ذهاب شبابه " حميدا " محمودا " التعاجيب " العجب، وهو جمع لا واحد له من لفظه، ويروى في مكانه " الاعاجيب " وهو جمع أعجوبة، وهي الامر الذي يتعجب منه " شأو " هو الشوط " حثيثا " سريعا " اليعاقيب " جمع
يعقوب، وهو ذكر الحجل " مجد عواقبه " المراد أن نهايته محمودة " الشيب " بكسر الشين جمع أشيب وهو الذي ابيض شعره، وروى صدر البيت المستشهد به هكذا: أودى الشباب الذي مجد.
إلخ =
وأجاز بعضهم الفتح نحو لا مسلمات لك. (1)
= الاعراب: " إن " حرف توكيد ونصب " الشباب " اسم إن " الذي " اسم موصول: نعت للشباب " مجد " يجوز أن يكون خبرا لمبتدأ محذوف، والتقدير: هو مجد، وعواقبه على هذا نائب فاعل مجد، لانه مصدر بمعنى اسم المفعول كما فسرناه ويجوز أن يكون " مجد " خبرا مقدما، و" عواقبه " مبتدأ مؤخرا، وجاز الاخبار بالمفرد وهو مجد عن الجمع وهو عواقب لان الخبر مصدر، والمصدر يخبر به عن المفرد والمثنى والجمع بلفظ واحد، لانه لا يثنى ولا يجمع، وعلى كل حال فجملة " مجد عواقبه " سواء أقدرت مبتدأ أم لم تقدر لا محل لها من الاعراب صلة الموصول " فيه " جار ومجرور متعلق بقوله نلذ الآتي " نلذ " فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن " ولا " نافية للجنس " لذات " اسم لا، مبني على الكسرة نيابة عن الفتحة لانه جمع مؤنث سالم في محل نصب " للشيب " جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر " لا " الشاهد فيه: قوله " ولا لذات للشيب " حيث جاء اسم لا - وهو لذات - جمع مؤنث سالما، ووردت الرواية ببنائه على الكسرة نيابة عن الفتحة، كما كان ينصب بها لو أنه معرب.
(1)
اعلم أن للعلماء في اسم " لا " إذا كان جمع مؤنث سالما أربعة مذاهب: الاول: أن يبنى على الكسرة نيابة عن الفتحة من غير تنوين، وهذا مذهب جمهرة النحاة.
الثاني: أن يبنى على الكسرة نيابة عن الفتحة لكن يبقى له تنوينه، وهذا مذهب
صححه ابن مالك صاحب الالفية، وجزم به في بعض كتبه، ونقله عن قوم، وحجتهم في عدم حذف التنوين أنه قد تقرر أن تنوين جمع المؤنث السالم هو تنوين المقابلة، وهو لا ينافي البناء، فلا يحذف.
الثالث: أنه مبني على الفتح، وهذا مذهب المازني والفارسي، ورجحه ابن هشام في المغنى والمحقق الرضي في شرح الكافية وابن مالك في بعض كتبه.
الرابع: أن يجوز فيه البناء على الكسرة نيابة عن الفتحة، والبناء على الفتح.
وزعم كل شراح الالفية أن بيت سلامة بن جندل (الشاهد رقم 109) يروى بالوجهين جميعا، فإذا صح ذلك لم يكن لايجاب أحد الامرين بعينه وجه وجيه، ويؤخذ =
وقول المصنف وبعد ذاك الخبر اذكر رافعه معناه أنه يذكر الخبر بعد اسم لا مرفوعا والرافع له لا عند المصنف وجماعة وعند سيبويه الرافع له إن كان اسمها مضافا أو مشبها بالمضاف وإن كان الاسم مفردا فاختلف في رافع الخبر فذهب سيبويه إلى أنه ليس مرفوعا بلا وإنما هو مرفوع على أنه خبر المبتدأ لأن مذهبه أن لا واسمها المفرد في موضع رفع بالابتداء والاسم المرفوع بعدهما خبر عن ذلك المبتدأ ولم تعمل لا عنده في هذه الصورة إلا في الاسم وذهب الأخفش إلى أن الخبر مرفوع بلا فتكون لا عاملة في الجزأين كما علمت فيهما مع المضاف والمشبه به.
وأشار بقوله والثاني اجعلا إلى أنه إذا أتى بعد لا والاسم الواقع بعدها بعاطف ونكرة مفردة وتكررت لا نحو لا حول ولا قوة إلا بالله يجوز فيهما خمسة أوجه وذلك لأن المعطوف عليه إما أن يبنى مع لا على الفتح أو ينصب أو يرفع.
فإن بني معها على الفتح جاز في الثاني ثلاثة أوجه:
الأول: البناء على الفتح لتركبه مع لا الثانية وتكون لا الثانية عاملة عمل إن نحو: لا حول ولا قوة إلا بالله (1)
= من كلام ابن الانباري أن بيت سلامة يروى بالفتح دون الكسر، فيكون تأييدا لمذهب المازني ومن معه، ولكنا لا نستطيع أن نرد رواية الكسر بمجرد كون ابن الانباري لم يحفظها.
(1)
وعلى تركيب الثانية مع اسمها كتركيب الاولى مع اسمها قرأ أبو عمرو وابن كثير في قوله سبحانه: (لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة) بفتح بيع وخلة وشفاعة، و" لا " في المواضع الثلاثة نافية للجنس عاملة عمل إن، والاسم المفتوح بعدها اسمها مبني على الفتح في محل نصب، وخبرها - فيما عدا الاول - محذوف لدلالة ما قبله عليه.
ومن شواهد ذلك قول الراجز (وقد أنشدناه في شرح الشاهد رقم 27 السابق) : نحن بنو خويلد صراحا لا كذب اليوم ولا مزاحا
الثاني: النصب عطفا على محل اسم لا وتكون لا الثانية زائدة بين العاطف والمعطوف نحو لا حول ولا قوة إلا بالله ومنه قوله:
110 -
لا نسب اليوم ولا خلة
…
اتسع الخرق على الراقع
110 - البيت لانس بن العباس بن مرداس، وقيل: بل هو لابي عامر جد العباس ابن مرداس، ويروى عجز البيت كما رواه الشارح العلامة من كلمة عينية، وبعده: كالثوب إذ أنهج فيه البلى أعيا على ذي الحيلة الصانع وروى أبو علي القالي صدر هذا البيت مع عجز آخر، وهو: اتسع الخرق على الراتق من كلمة قافية، وقبله: لا صلح بيني فاعلموه ولا بينكم، ما حملت عاتقي
سيفي، وما كنا بنجد، وما قرقر قمر الواد بالشاهق اللغة:" خلة " بضم الخاء وتشديد اللام هي الصداقة، وقد تطلق الخلة على الصديق نفسه، كما في قول رجل من بني عبد القيس، وهو أحد شعراء الحماسة.
ألا أبلغا خلتي راشدا وصنوي قديما إذا ما تصل " الراقع " ومثله " الراتق " الذي يصلح موضع الفساد من الثوب " أنهج " أخذ في البلى " أعيا " صعب، وشق، واشتد " العاتق " موضع الرداء من المنكب " قرقر قمر " قرقر: صوت، وصاح، و" قمر " يجوز أن يكون جمع أقمر، فوزانه وزان أحمر وحمر وأصفر وصفر، ويجوز أن يكون جمع قمري، كروم في جمع رومي " الشاهق " الجبل المرتفع.
الاعراب: " لا " نافية للجنس " نسب " اسمها، مبني على الفتح في محل نصب " اليوم " ظرف متعلق بمحذوف خبر لا " ولا " الواو عاطفة، ولا: زائدة لتأكيد النفي " خلة " معطوف على نسب، بالنظر إلى محل اسم " لا " الذي هو النصب " اتسع " فعل ماض " الخرق " فاعل لاتسع " على الراقع " جار ومجرور متعلق بقوله " اتسع ".
=
الثالث: الرفع وفيه ثلاثة أوجه:
الأول: أن يكون معطوفا على محل لا واسمها لأنهما في موضع رفع بالابتداء عند سيبويه وحينئذ تكون لا زائدة الثاني: أن تكون لا الثانية: عملت عمل ليس الثالث: أن يكون مرفوعا بالابتداء وليس للا عمل فيه وذلك نحو لا حول ولا قوة إلا بالله ومنه قوله:
111 -
هذا لعمركم الصغار بعينه
…
لا أم لي إن كان ذاك ولا
= الشاهد فيه: قوله " ولا خلة " حيث نصب على تقدير أن تكون " لا " زائدة للتأكيد، ويكون " خلة " معطوفا بالواو على محل اسم " لا " وهو قوله " نسب " عطف مفرد على مفرد، وهذا هو الذي حمله الشارح تبعا لجمهور النحاة عليه.
وقال يونس بن حبيب: إن " خلة " مبني على الفتح في محل نصب، ولكنه نونه للضرورة، وبناؤه على الفتح عنده على أن " لا " الثانية عاملة عمل " إن " مثل الاولى، وخبرها محذوف يرشد إليه خبر الاولى، والتقدير " ولا خلة اليوم " والواو قد عطفت جملة " لا " الثانية مع اسمها وخبرها على جملة لا الاولى، وهو كلام لا متمسك له، بل يجب ألا يحمل عليه الكلام، لان الحمل على وجه يستتبع الضرورة لا يجوز متى أمكن الحمل على وجه سائغ لا ضرورة معه.
وقال الزمخشري في مفصله: إن " خلة " منصوب بفعل مضمر، وليس معطوفا على لفظ اسم لا، ولا على محله، والتقدير عنده: لانسب اليوم ولا تذكر خلة، وهو تكلف لا مقتضى له، ويلزم عليه عطف الجملة الفعلية على الجملة الاسمية، والافضل في العطف توافق الجملة المعطوفة مع الجملة المعطوف عليها في الفعلية والاسمية ونحوهما.
111 -
اختلف العلماء في نسبة هذا البيت، فقيل: هو لرجل من مذحج، وكذلك نسبوه في كتاب سيبويه، وقال أبو رياش: هو لهمام بن مرة أخي جساس بن مرة قاتل كليب، وقال ابن الاعرابي: هو لرجل من بني عبد مناف، وقال الحاتمي: هو لابن أحمر، وقال الاصفهاني: هو لضمرة بن ضمرة، وقال بعضهم: إنه من الشعر القديم جدا، ولا يعرف له قائل.
= (26 - شرح ابن عقيل 1)
أب
= اللغة: " هذا لعمركم " العمر بفتح فسكون الحياة، وقد فصل بين المبتدأ الذي هو اسم الاشارة وخبره، بجملة القسم وهي قوله " لعمركم " مع خبره المحذوف ويروى " هذا وجدكم " والجد: الحظ والبخت، وهو أيضا أبو الاب " الصغار "
بزنة سحاب الذل، والمهانة، والحقارة " بعينه " يزعم بعض العلماء أن الباء زائدة، وكأنه قد قال: هذا الصغار عينه، ولا داعي لذلك.
الاعراب: " هذا " اسم اشارة مبتدأ " لعمركم " اللام لام الابتداء، وعمر: مبتدأ، وخبره محذوف وجوبا، والتقدير: لعمركم قسمي، وعمر مضاف والضمير مضاف إليه، والجملة معترضة بين المبتدأ وخبره لا محل لها من الاعراب " الصغار " خبر المبتدأ الذي هو اسم الاشارة " بعينه " جار ومجرور متعلق بمحذوف حال، وقيل: الباء زائدة، وعليه يكون قوله عين تأكيدا للصغار، وعين مضاف والهاء مضاف إليه " لا " نافية للجنس " أم " اسم لا مبني على الفتح في محل نصب " لي " جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر لا " إن " شرطية " كان " فعل ماض ناقص فعل الشرط، مبني على الفتح في محل جزم " ذاك " ذا: اسم كان، وخبرها محذوف، والتقدير: إن كان ذاك محمودا، أو نحوه " ولا " الواو عاطفة، لا زائدة لتأكيد النفي " أب " بالرفع - معطوف على محل لا واسمها، فإنهما في موضع رفع بالابتداء عند سيبويه، وفيه إعرابان آخران ستعرفهما في بيان الاستشهاد بالبيت.
الشاهد فيه: قوله " ولا أب " حيث جاء مرفوعا على واحد من ثلاثة أوجه: إما على أن يكون معطوفا على محل " لا " مع اسمها كما ذكرناه، أو على أن " لا " الثانية عاملة عمل ليس، و" أب " اسمها، وخبرها محذوف، أو على أن تكون " لا " غير عاملة أصلا، بل هي زائدة، ويكون " أب " مبتدأ خبره محذوف، وقد ذكر ذلك الشارح العلامة.
ومثله قول جرير بن عطية: بأي بلاء يا نمير بن عامر وأنتم ذنابى، لا يدين ولا صدر؟ وقد ورد على غرار ذلك قول المتنبي: لا خيل عندك تهديها ولا مال فليسعد النطق إن لم يسعد الحال
وإن نصب المعطوف عليه جاز في المعطوف الأوجه الثلاثة المذكورة أعني البناء والرفع والنصب نحو لا غلام رجل ولا امرأة ولا امرأة ولا امرأة.
وإن رفع المعطوف عليه جاز في الثاني وجهان الأول: البناء على الفتح نحو لا رجل ولا امرأة ولا غلام رجل ولا امرأة ومنه قوله:
112 -
فلا لغو ولا تأثيم فيها
…
وما فاهوا به أبدا مقيم
112 - البيت لامية بن أبي الصلت، ولكن الشارح - كغيره من النحاة - قد لفق صدر بيت من أبيات كلمة أمية على عجز بيت آخر منها، وصواب إنشاد البيتين هكذا: ولا لغو ولا تأثيم فيها ولا حين ولا فيها مليم وفيها لحم ساهرة وبحر وما فاهوا به أبدا مقيم اللغة: " لغو " أي.
قول باطل، وما لا يعتد به من الكلام " تأثيم " هو مصدر أثمته - بتشديد الثاء - بمعنى نسبته إلى الاثم بأن قلت له: يا آثم، يريد أن بعضهم لا ينسب بعضا إلى الاثم، لانهم لا يفعلون ما يصحح نسبتهم إليه " حين " هلاك وفناء " مليم " بضم الميم وهو الذي يفعل ما يلام عليه " ساهرة " هي وجه الارض، يريد أن في الجنة لحم حيوان البر.
الاعراب: " فلا " نافية ملغاة " لغو " مبتدأ، مرفوع بالضمة الظاهرة " ولا " الواو عاطفة، لا: نافية للجنس تعمل عمل إن " تأثيم " اسم لا مبني على الفتح في محل نصب " فيها " جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر " لا " وخبر المبتدأ محذوف يدل عليه خبر لا هذا، ويجوز عكس ذلك على ضعف فيه فيكون الجار والمجرور متعلقا بمحذوف خبر المبتدأ، ويكون خبر لا هو المحذوف، وعلى أية حال فإن الواو قد عطفت جملة لا مع اسمها وخبرها على جملة المبتدأ والخبر " وما " اسم موصول مبتدأ " فاهوا " فعل وفاعل، والجملة من فاه وفاعله لا محل لها صلة الموصول " به "
جار ومجرور متعلق بفاهوا " أبدا " منصوب على الظرفية ناصبه فاهوا أو مقيم " مقيم " خبر المبتدأ، ويجوز أن تكون لا الاولى نافية عاملة عمل ليس، ولغو: اسمها، وخبرها محذوف يدل عليه خبر لا الثانية العاملة عمل إن أو خبر لا الاولى هو =
والثاني: الرفع نحو لا رجل ولا امرأة ولا غلام رجل ولا امرأة (1) ولا يجوز النصب للثاني لأنه إنما جاز فيما تقدم للعطف على محل اسم لا ولا هنا ليست بناصبة فيسقط النصب ولهذا قال المصنف:
وإن رفعت أولا لا تنصبا.
ومفردا نعتا لمبني يلي
…
فافتح أو انصبن أو ارفع تعدل (2)
= المذكور بعد، وخبر الثانية محذوف يدل عليه خبر الاولى، وتكون الواو قد عطفت جملة لا الثانية العاملة عمل إن على جملة لا الاولى العاملة عمل ليس، ولكن الوجه الثاني من وجهي الخبر ضعيف، لما يلزم عليه من العطف قبل استكمال المعطوف عليه.
الشاهد فيه: قوله " فلا لغو ولا تأثيم " حيث ألغى لا الاولى، أو أعملها عمل ليس، فرفع الاسم بعدها، وأعمل " لا " الثانية عمل " إن " على ما بيناه في إعراب البيت.
ومثل هذا الشاهد قول عامر بن جوين الطائي، وهو الشاهد رقم 146 الآتي في باب الفاعل: فلا مزنة ودقت ودقها ولا أرض أبقل إبقالها الرواية فيه برفع " مزنة " بالضمة الظاهرة وبفتح " أرض " والقول فيهما كالقول في " لا لغو ولا تأثيم ".
(1)
من شواهد هذا الوجه قول الله تعالى: (لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة)
يرفع الثلاثة في قراءة غير أبي عمرو وابن كثير، وقول عبيد بن حصين الراعي: وما هجرتك حتى قلت معلنة: لا ناقة لي في هذا ولا جمل وقد نسج عليه أبو الطيب المتنبي في قوله: بم التعلل لا أهل ولا وطن ولا نديم ولا كأس ولا سكن؟ (2)" ومفردا نعتا " يجوز أن يكون مفردا مفعولا مقدما تنازعه العوامل الثلاثة =
إذا كان اسم لا مبنيا ونعت بمفرد يليه أي لم يفصل بينه وبينه بفاصل جاز في النعت ثلاثة أوجه:
الأول: البناء على الفتح لتركبه مع اسم لا نحو لا رجل ظريف.
الثاني: النصب مراعاة لمحل اسم لا نحو لا رجل ظريفا.
الثالث: الرفع مراعاة لمحل لا واسمها لأنهما في موضع رفع عند سيبويه كما تقدم نحو لا رجل ظريف.
وغير ما يلي وغير المفرد
…
لا تبن وانصبه أو الرفع اقصد (1)
= الآتية ويكون نعتا بدلا منه، ويجوز أن يكون مفردا حالا من نعتا، وجاز مجئ الحال من النكرة لتقدمه عليها ولتخصصه بالمتعلق أو بالوصف، ويكون نعتا مفعولا تنازعه العوامل الثلاثة " لمبني " جار ومجرور متعلق بقوله نعتا، أو بمحذوف صفة له " يلي " فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى نعت، والجملة في محل نصب صفة لقوله نعتا " فافتح " فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت، " أو " عاطفة " انصبن " فعل أمر مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت، ونون التوكيد حرف لا محل له من
الاعراب " أو " حرف عطف " ارفع " فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت " تعدل " فعل مضارع مجزوم في جواب الامر، وعلامة جزمه السكون، وحرك بالكسر لاجل الروى.
(1)
" وغير " مفعول مقدم على عامله، وهو قوله " لا تبن " الآتي، وغير مضاف و" ما " اسم موصول: مضاف إليه " يلي " فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما، والجملة لا محل لها صلة ما " وغير " الواو عاطفة، غير: معطوف على غير السابقة، وغير مضاف، و" المفرد " مضاف إليه " لا " =
تقدم في البيت الذي قبل هذا أنه إذا كان النعت مفردا والمنعوت مفردا ووليه النعت جاز في النعت ثلاثة أوجه وذكر في هذا البيت أنه إن لم يل النعت المفرد المنعوت المفرد بل فصل بينهما بفاصل لم يجز بناء النعت فلا تقول لا رجل فيها ظريف ببناء ظريف بل يتعين رفعه نحو لا رجل فيها ظريف أو نصبه نحو لا رجل فيها ظريفا وإنما سقط البناء على الفتح لأنه إنما جاز عند عدم الفصل لتركب النعت مع الاسم ومع الفصل لا يمكن التركيب كما لا يمكن التركيب إذا كان المنعوت غير مفرد نحو لا طالعا جبلا ظريفا ولا فرق في امتناع البناء على الفتح في النعت عند الفصل بين أن يكون المنعوت مفردا كما مثل أو غير مفرد. وأشار بقوله وغير المفرد إلى أنه إن كان النعت غير مفرد كالمضاف والمشبه بالمضاف تعين رفعه أو نصبه فلا يجوز بناؤه على الفتح ولا فرق في ذلك بين أن يكون المنعوت مفردا أو غير مفرد ولا بين أن يفصل بينه وبين النعت أو لا يفصل وذلك نحو لا رجل صاحب بر فيها ولا غلام رجل فيها صاحب بر. وحاصل ما في البيتين أنه إن كان النعت مفردا والمنعوت مفردا ولم يفصل بينهما جاز في النعت ثلاثة أوجه نحو لا رجل ظريف وظريفا وظريف وإن لم يكن كذلك تعين الرفع أو النصب ولا يجوز البناء.
= ناهية " تبن " فعل مضارع مجزوم بلا الناهية، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت " وانصبه " الواو عاطفة، انصب: فعل أمر مبني على السكون لا محل له من الاعراب، والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت، والهاء مفعول به لا نصب " أو " عاطفة " الرفع " مفعول به مقدم لا قصد " اقصد " فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت.
والعطف إن لم تتكرر لا احكما
…
له بما للنعت ذي الفصل انتمى (1)
تقدم أنه إذا عطف على اسم لا نكرة مفردة وتكررت لا يجوز في المعطوف ثلاثة أوجه الرفع والنصب والبناء على الفتح نحو لا رجل ولا امرأة ولا امرأة ولا امرأة وذكر في هذا البيت أنه إذا لم تتكرر لا يجوز في المعطوف ما جاز في النعت المفصول وقد تقدم في البيت الذي قبله أنه يجوز فيه الرفع والنصب (2) ولا يجوز فيه البناء على الفتح
(1)" والعطف " مبتدأ " إن " شرطية " لم " حرف نفي وجزم وقلب " تتكرر " فعل مضارع فعل الشرط " لا " قصد لفظه: فاعل تتكرر " احكما " فعل أمر مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة المنقلبة ألفا لاجل الوقف، ونون التوكيد المنقلبة ألفا حرف لا محل له من الاعراب، وفاعل احكم ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت، والجملة في محل جزم جواب الشرط، وحذفت منه الفاء ضرورة،
وجملة الشرط وجوابه في محل رفع خبر المبتدأ " له، بما " جاران ومجروران يتعلقان باحكم، وما: اسم موصول " للنعت " جار ومجرور متعلق بقوله انتمى الآتي " ذي " نعت للنعت، وذي مضاف، و" الفصل " مضاف إليه " انتمى " فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على " ما " الموصولة، والجملة من انتمى وفاعله لا محل لها من الاعراب صلة الموصول.
وحاصل البيت: والعطف إن لم تتكرر لا فاحكم له بالحكم الذي انتمى للنعت صاحب الفصل من منعوته، وذلك الحكم هو امتناع البناء وجواز ما عداه من الرفع والنصب.
(2)
من شواهد هذه المسألة قول رجل من بني مناة بن كنانة يمدح مروان بن الحكم وابنه عبد الملك: فلا أب وابنا مثل مروان وابنه إذا هو بالمجد ارتدى وتأزرا فأنت تراه قد عطف " ابنا " على اسم لا الذي هو " أب " وأتى بالمعطوف =
فتقول: لا رجل وامرأة وامرأة ولا يجوز البناء على الفتح وحكى الأخفش لا رجل وامرأة بالبناء على الفتح على تقدير تكرر لا فكأنه قال لا رجل ولا امرأة ثم حذفت لا.
وكذلك إذا كان المعطوف غير مفرد لا يجوز فيه إلا الرفع والنصب سواء تكررت لا نحو لا رجل ولا غلام امرأة أو لم تتكرر نحو لا رجل وغلام امرأة (1) .
هذا كله إذا كان المعطوف نكرة فإن كان معرفة لا يجوز فيه إلا الرفع على كل حال نحو لا رجل ولا زيد فيها أو لا رجل وزيد فيها.
وأعط لا مع همزة استفهام
…
ما تستحق دون الاستفهام (2)
= منصوبا، وقد كان يجوز له أن يأتي به مرفوعا بالعطف على محل " لا " مع اسمها، فإن محلهما رفع بالابتداء عند سيبويه، كما تقدم ذكره مرارا.
(1)
ذكر الناظم والشارح حكم العطف على اسم لا، وحكم نعته، ولم يذكر واحد منهما حكم البدل منه.
وحاصله أن البدل إما أن يكون نكرة كاسم لا، وإما أن يكون معرفة، فإذا كان البدل نكرة جاز فيه الرفع والنصب، فتقول: لا أحد رجلا وامرأة فيها، وتقول: لا أحد رجل وامرأة فيها، وإن كان البدل معرفة لم يجز فيه إلا الرفع، فتقول: لا أحد زيد وعمرو فيها.
وأما التوكيد فلا يأتي منه المعنوي، لان ألفاظه معارف، واسم " لا " نكرة، ولا تؤكد النكرة توكيدا معنويا على ما ستعرف في باب التوكيد إن شاء الله.
(2)
" وأعط " فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت " لا " قصد لفظه: مفعول أول لاعط " مع " ظرف متعلق بمحذوف حال من " لا " ومع مضاف، و" همزة " مضاف إليه، وهمزة مضاف، و" استفهام " مضاف إليه " ما " =
إذا دخلت همزة الاستفهام على لا النافية للجنس بقيت على ما كان لها من العمل وسائر الأحكام التي سبق ذكرها فتقول ألا رجل قائم وألا غلام رجل قائم وألا طالعا جبلا ظاهر وحكم المعطوف والصفة بعد دخول همزة الاستفهام كحكمها قبل دخولها.
هكذا أطلق المصنف رحمه الله تعالى هنا وفي كل ذلك تفصيل.
وهو: أنه إذا قصد بالاستفهام التوبيخ أو الاستفهام عن النفي فالحكم كما ذكر من أنه يبقى عملها وجميع ما تقدم ذكره من أحكام العطف والصفة وجواز الإلغاء.
فمثال التوبيخ قولك: ألا رجوع وقد شبت ومنه قوله:
113 -
ألا ارعواء لمن ولت شبيبته
…
وآذنت بمشيب بعده هرم
= اسم موصول: مفعول ثان لاعط " تستحق " فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي يعود على " لا " ومفعوله ضمير محذوف يعود على " ما " الموصولة، والجملة لا محل لها صلة الموصول " دون " ظرف متعلق بمحذوف حال من " لا " ودون مضاف و" الاستفهام " مضاف إليه.
وحاصل البيت: وأعط " لا " النافية حال كونها مصاحبة الهمزة الدالة على الاستفهام نفس الحكم الذي كانت " لا " هذه تستحقه حال كونها غير مصحوبة بأداة الاستفهام.
113 -
هذا البيت لم ينسبه أحد ممن استشهد - به فيما بين أيدينا من المراجع - إلى قائل معين.
اللغة: " ارعواء " أي: انتهاء، وانكفاف، وانزجار، وهو مصدر ارعوى يرعوي: أي كف عن الامر وتركه " آذنت " أعلمت " ولت " أدبرت " مشيب " شيخوخة وكبر " هرم " فناء للقوة وذهاب للفتاء ودواعي الصبوة.
=
ومثال الاستفهام عن النفي قولك ألا رجل قائم ومنه قوله:
114 -
ألا اصطبار لسلمى أم لها جلد؟
…
إذا ألاقي الذي لاقاه أمثالي
= المعنى: أفما يكف عن المقابح ويدع دواعي النزق والطيش هذا الذي فارقه الشباب وأعلمته الايام أن جسمه قد أخذ في الاعتلال، وسارعت إليه أسباب الفناء والزوال؟ !
الاعراب: " ألا " الهمزة للاستفهام، ولا: نافية للجنس، وقصد بالحرفين جميعا التوبيخ والانكار " ارعواء " اسم لا " لمن " جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر " لا " ومن: اسم موصول " ولت " ولى: فعل ماض، والتاء تاء التأنيث " شبيبته " شبيبة: فاعل ولت، وشبيبة مضاف والضمير مضاف إليه، والجملة من ولت وفاعله لا محل لها صلة الموصول " وآذنت " الواو عاطفة، آذن: فعل ماض، والتاء تاء التأنيث، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي يعود إلى شبيبة " بمشيب " جار ومجرور متعلق بآذنت " بعده " بعد: ظرف زمان متعلق بمحذوف خبر مقدم، وبعد مضاف والهاء ضمير المشيب مضاف إليه " هرم " مبتدأ مؤخر، والجملة من المبتدأ وخبره في محل جر صفة لمشيب.
الشاهد فيه: قوله " ألا ارعواه " حيث أبقى للا النافية عملها الذي تستحقه مع دخول همزة الاستفهام عليها، لانه قصد بالحرفين جميعا التوبيخ والانكار.
114 -
نسب هذا البيت لمجنون بني عامر قيس بن الملوح، ويروى في صدره اسمها هكذا: ألا اصطبار لليلى أم لها جلد اللغة: " اصطبار " تصبر، وتجلد، وسلوان، واحتمال " لاقاه أمثالي " كناية عن الموت.
المعنى: ليت شعري إذا أنا لاقيت ما لاقاه أمثالي من الموت أيمتنع الصبر على سلمى أم يبقى لها تجلدها وصبرها؟.
الاعراب: " ألا " الهمزة للاستفهام، ولا: نافية للجنس " اصطبار " اسم " لا " مبني على الفتح في محل نصب " لسلمى " جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر " لا " =
وإذا قصد بألا التمني فمذهب المازني أنها تبقى على جميع ما كان لها من الأحكام وعليه يتمشى إطلاق المصنف ومذهب سيبويه أنه يبقى لها عملها في الاسم ولا يجوز إلغاؤها ولا الوصف أو العطف بالرفع مراعاة للابتداء.
ومن استعمالها للتمني قولهم ألا ماء ماء باردا وقول الشاعر:
ألا عمر ولى مستطاع رجوعه
…
فيرأب ما أثأت يد الغفلات
= " أم " عاطفة " لها " جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم " جلد " مبتدأ مؤخر.
والجملة معطوفة على جملة " لا " واسمها وخبرها " إذا " ظرفية " ألاقي " فعل مضارع وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا، والجملة في محل جر بإضافة " إذا " إليها " الذي " اسم موصول: مفعول به لالاقي " لاقاه " لاقى: فعل ماض، والهاء مفعول به للاقى تقدم على فاعله " أمثالي " أمثال: فاعل لاقى، وأمثال مضاف وياء المتكلم مضاف إليه، والجملة من الفعل والفاعل والمفعول لا محل لها صلة الموصول.
الشاهد فيه: قوله " ألا اصطبار " حيث عامل " لا " بعدد دخول همزة الاستفهام مثل ما كان يعاملها به قبل دخولها، والمراد من الهمزة هنا الاستفهام، ومن " لا " النفي، فيكون معنى الحرفين معا الاستفهام عن النفي، وبهذا البيت يندفع ما ذهب إليه الشلوبين من أن الاستفهام عن النفي لا يقع، وكون الحرفين (معا) ؟ دالين على الاستفهام عن النفي في هذا البيت مما لا يرتاب فيه أحد، لان مراد الشاعر أن يسأل: أينتفي عن محبوبته الصبر إذا مات، فتجزع عليه، أم يكون لها جلد وتصبر؟ 115 - احتج بهذا البيت جماعة من النحاة ولم ينسبه أحد منهم - فيما نعلم - إلى قائل معين.
اللغة: " ولى " أدبر، وذهب " فيرأب "(يجبر) ؟ ويصلح " أثأت " فتقت، وصدعت =
وشاع في ذا الباب إسقاط الخبر
…
إذا المراد مع سقوطه ظهر (1)
= وشعبت، وأفسدت، تقول: رأب فلان الصدع، ورأب فلان الاناء، إذا أصلح ما فسد منهما، وقال الشاعر: يرأب الصدع والثأي برصين من سجايا آرائه ويغير (يغير - بفتح باء المضارعة - بمعنى يمير: أي يمون الناس) .
الاعراب: " ألا " كلمة واحدة للتمني، ويقال: الهمزة للاستفهام، وأريد بها التمني ولا: نافية للجنس، وليس لها خبر لا لفظا ولا تقديرا " عمر " اسمها " ولى " فعل ماض وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى عمر، والجملة في محل نصب صفة لعمر " مستطاع " خبر مقدم " رجوعه " رجوع: مبتدأ مؤخر، ورجوع مضاف والضمير العائد إلى العمر مضاف إليه، والجملة من المبتدأ والخبر في محل نصب صفة ثانية لعمر " فيرأب " الفاء للسببية، يرأب: فعل مضارع منصوب بأن المضمرة بعد فاء السببية في جواب التمني، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى عمر " ما " اسم موصول: مفعول به ليرأب " أثأت " أثأى: فعل ماض، والتاء تاء التأنيث " يد " فاعل أثأت، ويد مضاف و" الغفلات " مضاف إليه، والجملة من الفعل والفاعل لا محل لها صلة الموصول، والعائد ضمير منصوب محذوف تقديره " أثأته ".
الشاهد فيه: قوله " ألا عمر " حيث أريد بالاستفهام مع " لا " مجرد التمني، وهذا كثير في كلام العرب، ومما يدل على كون " ألا " للتمني في هذا البيت نصب المضارع بعد فاء السببية في جوابه.
(1)
" وشاع " فعل ماض " في " حرف جر " ذا " اسم إشارة مبني على السكون في محل جر بفي، والجار والمجرور متعلق بشاع " الباب " بدل أو عطف بيان من اسم الاشارة " إسقاط " فاعل شاع، وإسقاط مضاف و" الخبر " مضاف إليه " إذا "
ظرف للمستقبل من الزمان تضمن معنى الشرط " المراد " فاعل لفعل محذوف يفسره المذكور بعده، وتقديره: إذا ظهر المراد " مع " ظرف متعلق بقوله " ظهر " الآتي، ومع مضاف وسقوط من " سقوطه " مضاف إليه، وسقوط مضاف والهاء مضاف إليه " ظهر " فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى المراد، والجملة من ظهر لا محل لها من الاعراب مفسرة.
إذا دل دليل على خبر لا النافية للجنس وجب حذفه عند التميميين والطائيين وكثر حذفه عند الحجازيين ومثاله أن يقال هل من رجل قائم فتقول لا رجل وتحذف الخبر وهو قائم وجوبا عند التميميين والطائيين وجوازا عند الحجازيين ولا فرق في ذلك بين أن يكون الخبر غير ظرف ولا جار ومجرور كما مثل أو ظرفا أو جارا ومجرورا نحو أن يقال هل عندك رجل أو هل في الدار رجل فتقول لا رجل.
فإن لم يدل على الخبر دليل لم يجز حذفه عند الجميع نحو قوله صلى الله عليه وسلم لا أحد أغير من الله وقول الشاعر:
116 -
ولا كريم من الولدان مصبوح
116 - نسب الزمخشري في المفصل (1 / 89 بتحقيقنا) هذا الشاهد لحاتم الطائي، ونسبه الجرمي - مع صدره - لابي ذؤيب الهذلي، والصواب أنه كما قال - الاعلم لرجل جاهلي من بني النبيت بن قاسط (وصوابه ابن مالك) - وهو حي من اليمن - وكان قد اجتمع هو وحاتم والنابغة الذبياني عند امرأة يقال لها ماوية بنت عفزر يخطبونها، فآثرت حاتما عليهما، وصدر هذا الشاهد: إذا اللقاح غدت ملقى أصرتها وبعض النحاة - كسيبويه، والاعلم، وتبعهم الاشموني - يجعل صدر هذا
الشاهد قوله: ورد جازرهم حرفا مصرمة وهذا من تركيب صدر بيت على عجز بيت آخر، وهاك ثلاثة أبيات منها البيت الشاهد لتعلم صحة الانشاد.
هلا سألت النبيتيين ما حسبي عند الشتاء إذا ما هبت الريح ورد جازرهم حرفا مصرمة في الرأس منها وفي الاصلاء تمليح =
وإلى هذا أشار المصنف بقوله إذا المراد مع سقوطه ظهر واحترز بهذا مما لا يظهر المراد مع سقوطه فإنه لا يجوز حينئذ الحذف كما تقدم.
= إذا اللقاح غدت ملقى أصرتها ولا كريم من الولدان مصبوح اللغة: " اللقاح " جمع لقوح، وهي الناقة الحلوب " أصرتها " جمع صرار، وهو خيط يشد به رأس الضرع لئلا يرضعها ولدها، وإنما تلقى الاصرة حين لا يكون در، وذلك في سني القحط " مصبوح " اسم مفعول من صبحته - بتخفيف الباء - إذا سقيته الصبوح، وهو - بفتح الصاد وضم الباء الموحدة - الشرب بالغداة، والغداة: الوقت ما بين صلاة الفجر وطلوع الشمس.
الاعراب: " إذا " ظرف للزمان المستقبل تضمن معنى الشرط " اللقاح " اسم لغدا محذوفا يدل عليه المذكور بعده، وخبره محذوف يدل عليه ما بعده أيضا، والتقدير: إذا غدت اللقاح ملقى أصرتها " غدت " غدا: فعل ماض ناقص بمعنى صار، والتاء للتأنيث، واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي يعود على اللقاح " ملقى " خبر غدا، وهو اسم مفعول " أصرتها " أصرة: نائب فاعل لملقى، وأصرة مضاف والضمير العائد إلى اللقاح مضاف إليه " ولا " نافية للجنس " كريم " اسمها " من الولدان "
جار ومجرور متعلق بمحذوف نعت لكريم " مصبوح " خبر لا.
الشاهد فيه: قوله " ولا كريم من الولدان مصبوح " حيث ذكر خبر لا، وهو قوله " مصبوح " لكونه ليس يعلم إذا حذف، ولو أنه حذفه فقال " ولا كريم من الولدان " لفهم منه أن المراد ولا كريم من الولدان موجود، لان الذي يحذف عند عدم قيام قرينة هو الكون العام، ولا شك أن هذا المعنى غير المقصود له.
هذا تخريج البيت على ما يريد الشارح والناظم تبعا لسيبويه شيخ النحاة.
وقد أجاز الاعلم الشنتمري وأبو علي الفارسي وجار الله الزمخشري أن يكون الخبر محذوفا، وعليه يكون قوله " مصبوح " نعتا لاسم لا، باعتبار أصله، وهو المعبر عنه بأنه تابع على محل لا واسمها معا، لانهما في التقدير مبتدأ عند سيبويه، كما تقدم بيانه.
=
_________
قال الاعلم: " ويجوز أن يكون نعتا لاسمها محمولا على الموضع، ويكون الخبر محذوفا لعلم السامع، وتقديره موجود ونحوه " اهـ.
وقال الزمخشري: " وقول حاتم ولا كريم إلخ يحتمل أمرين: أحدهما أن يترك فيه طائيته إلى اللغة الحجازية، والثاني ألا يجعل مصبوح خبرا، ولكن صفة محمولة على محل لا مع المنفي " اهـ.
ويريد بترك طائيته أنه ذكر خبر لا، لانك قد علمت أن لغة الطائيين حذف خبر لا مطلقا، أعني سواء أكان ظرفا أو جارا ومجرورا أم كان غيرهما، متى فهم ودلت عليه قرينة، أو كان كونا مطلقا، ويكون حاتم قد تكلم في هذا البيت على لغة أهل الحجاز الذين يذكرون خبر لا، عند عدم قيام القرينة على حذفه، أو عند تعلق الغرض بذكره لداعية من الدواعي، لكن الذي يقرره العلماء أن العربي لا يستطيع أن يتكلم بغير لغته التي درب عليها لسانه، فإذا نحن راعينا ذلك وجب أن نصير إلى الوجه الآخر
وهو أن نقدر قوله " مصبوح " نعتا لقوله " لا كريم " أي نعتا على محل لا مع اسمها وهو الرفع حتى يكون كلامه جاريا على لغة قومه، فاعرف هذا، والله يرشدك ويبصرك.