الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الاستثناء
ما استثنت إلا مع تمام ينتصب
…
وبعد نفي أو كنفي انتخب (1)
إتباع ما اتصل وانصب ما انقطع
…
وعن تميم فيه إبدال وقع (2)
حكم المستثنى بـ "إلا" النصب إن وقع بعد تمام الكلام الموجب سواء
(1)" ما " اسم موصول مبتدأ " استثنت " استثنى: فعل ماض، والتاء للتأنيث " إلا " قصد لفظه: فاعل استثنت، والجملة من استثنت وفاعله لا محل لها صلة، والعائد إلى الموصول محذوف، والتقدير: ما استثنته إلا " مع " ظرف متعلق باستثنت، ومع مضاف و" تمام " مضاف إليه " ينتصب " فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما الموصولة الواقعة مبتدأ، والجملة من ينتصب وفاعله في محل رفع خبر المبتدأ " وبعد " ظرف متعلق بقوله " انتخب " الآتي، وبعد مضاف، و" نفي " مضاف إليه " أو " حرف عطف " كنفي " الكاف اسم بمعنى مثل معطوف على نفي، والكاف مضاف ونفي مضاف إليه " انتخب " فعل ماض مبني للمجهول.
(2)
" إتباع " نائب فاعل لانتخب في آخر البيت السابق، وإتباع مضاف، و" ما " اسم موصول: مضاف إليه، وجملة " اتصل " وفاعله المستتر العائد إلى ما
لا محل لها صلة " وانصب " فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت " ما " اسم موصول: مفعول به لانصب، وجملة " انقطع " وفاعله المستتر فيه العائد إلى ما لا محل لها صلة " وعن تميم " جار ومجرور متعلق بقوله " وقع " الآتي " فيه " جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم " إبدال " مبتدأ مؤخر، وجملة " وقع " من الفعل الماضي وفاعله المستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى إبدال في محل رفع نعت لابدال، والتقدير: إبدال كائن في المنقطع وقع عن تميم، ويجوز أن تجعل جملة " وقع " وفاعله المستتر فيه العائد إلى إبدال خبرا عن المبتدأ، وعلى هذا يكون قوله " عن تميم " وقوله " فيه " جارين ومجرورين يتعلق كل منهما بوقع، والتقدير: وإبدال واقع في المنقطع عن تميم.
كان متصلا أو منقطعا نحو قام القوم إلا زيدا وضربت القوم إلا زيدا ومررت بالقوم إلا زيدا وقام القوم إلا حمارا وضربت القوم إلا
حمارا،
ومررت بالقوم إلا حمارا ف زيدا في هذه المثل منصوب على الاستثناء وكذلك حمارا.
والصحيح من مذاهب النحويين أن الناصب له ما قبله بواسطة إلا واختار المصنف في غير هذا الكتاب أن الناصب له إلا وزعم أنه مذهب سيبويه (1) وهذا معنى قوله ما استثنت إلا مع تمام ينتصب أي أنه ينتصب الذي استثنته إلا مع تمام الكلام إذا كان موجبا.
(1) للنحاة في ناصب الاسم الواقع بعد " إلا " خلاف طويل، غير أن أشهر مذاهبهم في ذلك تتلخص في أربعة أقوال: الاول: أن الناصب له هو الفعل الواقع في الكلام السابق على " إلا " بواسطتها، فيكون عمل " إلا " هو تعدية ما قبلها إلى ما بعدها، كحرف الجر الذي يعدى الفعل إلى الاسم، غير أن هذه التعدية بالنظر إلى المعنى، وهذا مذهب السيرافي، ونسبه قوم منهم ابن عصفور وغيره إلى سيبويه، وقال الشلوبين: إنه مذهب المحققين.
الثاني: أن الناصب له هو نفس " إلا " وهو مذهب ابن مالك الذي صرح به في غير هذا الكتاب، وعبارته في الالفية تشير إليه، أفلا ترى أنه يقول في مطلع الباب " ما استثنت إلا " ثم يقول بعد أبيات " وألغ إلا " وهي عبارة يدل ظاهرها على أن المراد إلغاؤها عن العمل.
الثالث: أن الناصب له هو الفعل الواقع قبل " إلا " باستقلاله، لا بواسطتها كالمذهب الاول.
الرابع: أن الناصب له فعل محذوف تدل عليه " إلا " والتقدير: أستثنى زيدا مثلا ويرد على المذهبين الاول والثالث أنه قد لا يكون في الكلام المتقدم على " إلا " ما يصلح لعمل النصب من فعل أو نحوه، تقول: إن القوم إخوتك إلا زيدا، فكيف تقول: إن العامل الذي قبل " إلا " هو الناصب لما بعدها؟ سواء أقلنا: إنه ناصبه على الاستقلال أم قلنا: إنه ناصبه بواسطة " إلا ".
ويمكن أن يجاب على ذلك بأننا في هذا المثال وما أشبهه نلتزم تأويل ما قبل " إلا " بما يصلح لعمل النصب، وهذا الجواب مع إمكانه ضعيف، للتكلف الذي يلزمه.
فإن وقع بعد تمام الكلام الذي ليس بموجب وهو المشتمل على النفي أو شبهه والمراد بشبه النفي النهي والاستفهام فإما أن يكون الاستثناء متصلا أو منقطعا والمراد بالمتصل أن يكون المستثنى بعضا مما قبله وبالمنقطع ألا يكون بعضا مما قبله.
فإن كان متصلا جاز نصبه على الاستثناء وجاز إتباعه لما قبله في الإعراب وهو المختار (1) والمشهور أنه بدل من متبوعه وذلك نحو: ما
قام أحد إلا زيد
(1) أطلق الشارح رحمه الله! - اختيار إتباع المستثنى منه إذا كان الكلام تاما منفيا، وليس هذا الاطلاق بسديد، بل قد يختار النصب على الاستثناء، ولذلك ثلاثة مواضع: الاول، وسيأتي في كلامه: أن يتقدم المستثنى على المستثنى منه، نحو قولك: ما زارني إلا زيدا أحد، فالنصب على الاستثناء هنا أرجح من الرفع على البدلية، لئلا يلزم تقدم التابع على المتبوع، أو تغير الحال، فيصير التابع متبوعا، والمتبوع تابعا.
الثاني: أن يفصل بين المستثنى والمستثنى منه بفاصل طويل، نحو أن تقول: لم يزرني أحد أثناء مرضي مع انقضاء زمن طويل إلا زيدا، واختيار النصب على الاستثناء في هذا الموضع لان الاتباع إنما يختار للتشاكل بين التابع والمتبوع، وهذا التشاكل لا يظهر مع طول الفصل بينهما، ونازع في هذا أبو حيان.
الثالث: أن يكون الكلام جوابا لمن أتى بكلام آخر يجب فيه نصب المستثنى، وذلك كأن يقول لك قائل: نجح التلاميذ إلا عليا، فتقول له " ما نجحوا إلا عليا " وإنما اختير النصب على الاستثناء ههنا ليتم به التشاكل بين الكلام الاول وما يراد الجواب به عنه.
وإلا زيدا ولا يقم أحد إلا زيد وإلا زيدا وهل قام أحد إلا زيد؟ وإلا زيدا وما ضربت أحدا إلا زيدا ولا تضرب أحدا إلا زيدا وهل ضربت أحدا إلا زيدا؟ فيجوز في زيدا أن يكون منصوبا على الاستثناء وأن يكون منصوبا على البدلية من أحد وهذا هو المختار. وتقول ما مررت بأحد
إلا زيد وإلا زيدا ولا تمرر بأحد إلا زيد وإلا زيدا وهل مررت بأحد إلا زيد؟ وإلا زيدا.
وهذا معنى قوله" وبعد نفي أو كنفي انتخب إتباع ما اتصل أي اختير إتباع الاستثناء المتصل إن وقع بعد نفي أو شبه نفي.
وإن كان الاستثناء منقطعا تعين النصب عند جمهور العرب فتقول ما قام القوم إلا حمارا ولا يجوز الإتباع وأجازه بنو تميم فتقول ما قام القوم إلا حمار وما ضربت القوم إلا حمارا وما مررت بالقوم إلا حمار.
وهذا هو المراد بقوله وانصب ما انقطع أي انصب الاستثناء المنقطع إذا وقع بعد نفي أو شبهه عند غير بني تميم وأما بنو تميم فيجيزون إتباعه.
فمعنى البيتين أن الذي استثني ب إلا ينتصب إن كان الكلام موجبا ووقع بعد تمامه وقد نبه على هذا التقييد بذكره حكم النفي بعد ذلك وإطلاق كلامه يدل على أنه ينتصب سواء كان متصلا أو منقطعا.
وإن كان غير موجب وهو الذي فيه نفي أو شبه نفي انتخب أي اختير إتباع ما اتصل ووجب نصب ما انقطع عند غير بني تميم وأما بنو تميم فيجيزون إتباع المنقطع.
وغير نصب سابق في النفي قد
…
يأتي ولكن نصبه اختر إن ورد (1)
(1)" وغير " مبتدأ، وغير مضاف و" نصب " مضاف إليه، ونصب مضاف و" سابق " مضاف إليه " في النفي " جار ومجرور متعلق بقوله " يأتي " الآتي " قد " حرف دال على التقليل، وجملة " يأتي " وفاعله المستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى " غير نصب " في محل رفع خبر المبتدأ " ولكن " حرف استدراك " نصبه " نصب: مفعول مقدم لاختر، ونصب مضاف والهاء مضاف إليه " اختر " فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت " إن " شرطية " ورد " فعل ماض في محل جزم فعل الشرط، وجواب الشرط محذوف يدل عليه سابق الكلام، وتقديره: إن ورد فاختر نصبه.
إذا تقدم المستثنى على المستثنى منه فإما أن يكون الكلام موجبا أو غير موجب.
فإن كان موجبا وجب نصب المستثنى نحو قام إلا زيدا القوم وإن كان غير موجب فالمختار نصبه فتقول ما قام إلا زيدا القوم ومنه قوله:
167 -
فمالي إلا آل أحمد شيعة
…
ومالي إلا مذهب الحق مذهب
وقد روي رفعه فتقول ما قام إلا زيد القوم قال سيبويه: حدثني
167 - البيت للكميت بن زيد الاسدي، من قصيدة هاشمية، يمدح فيها آل النبي صلى الله عليه وسلم، وأولها قوله: طربت، وما شوقا إلى البيض أطرب ولا لعبا مني، وذو الشيب يلعب؟ اللغة:" طربت " الطرب: استخفاف القلب من حزن أو فرح أو لهو " البيض " جمع بيضاء، وهي المرأة النقية " وذو الشيب يلعب " جعله بعض النحاة ومنهم ابن هشام في المغنى على تقدير همزة الاستفهام، وكأنه قد قال: أو ذو الشيب يلعب؟ ودليل صحته أنه يروى في مكانه " أذو الشيب يلعب "" شيعة " أشياع وأنصار " مذهب الحق " يروى في مكانه " مشعب الحق " والمراد: أنه لا قصد له إلا طريق الحق.
الاعراب: " وما " نافية " لي " جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم " إلا " أداة استثناء " آل " مستثنى، وآل مضاف، و" أحمد " مضاف إليه " شيعة " مبتدأ مؤخر، وهو المستثنى منه، " وما لي إلا مذهب الحق مذهب " مثل الشطر الاول في الاعراب تماما.
الشاهد فيه: قوله " إلا آل أحمد " وقوله " إلا مذهب الحق " حيث نصب المستثنى بإلا في الموضعين، لانه متقدم على المستثنى منه، والكلام منفي، وهذا هو المختار.
يونس أن قوما يوثق بعربيتهم يقولون مالي إلا أخوك ناصر وأعربوا الثاني بدلا من الأول على القلب لهذا السبب ومنه قوله:
168 -
فإنهم يرجون منه شفاعة
…
إذا لم يكن إلا النبيون شافع
فمعنى البيت إنه قد ورد في المستثنى السابق غير النصب وهو الرفع.
168 - البيت لحسان بن ثابت شاعر النبي صلى الله عليه وسلم، من قصيدة يقولها في يوم بدر، وأولها قوله: ألا يا لقومي هل لما حم دافع؟ وهل ما مضى من صالح العيش راجع؟ اللغة: " حم " تقول: حم الامر - بالبناء للمجهول - ومعناه قدر، وتقول: قد حمه الله، وأحمه، تريد قدره وهيأ أسبابه " يرجون " يترقبون ويأملون، والمراد بالشفاعة شفاعته صلى الله عليه وسلم، وهي المقام المحمود الذي ذكره الله تعالى في قوله:(عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا) .
الاعراب: " فإنهم " إن: حرف توكيد ونصب، هم: اسمه " يرجون " فعل وفاعل، والجملة في محل رفع خبر إن " منك " جار ومجرور متعلق بيرجون " شفاعة " مفعول به ليرجون " إذا " ظرفية " لم " نافية جازمة " يكن " فعل مضارع تام مجزوم بلم " إلا " أداة استثناء " النبيون " مستثنى، وستعرف ما فيه " شافع " فاعل يكن، وهو المستثنى منه.
الشاهد فيه: قوله " إلا النبيون " حيث رفع المستثنى مع تقدمه على المستثنى منه، والكلام منفي، والرفع في مثل ذلك غير المختار، وإنما المختار نصبه، هذا هو الظاهر.
وقد خرجه بعض النحاة على غير ظاهره، ليطابق المختار عندهم، فذهبوا إلى أن قوله " النبيون " معمول لما قبل إلا، أي أنه فاعل يكن، فيكون الكلام استثناء مفرغا: أي لم يذكر فيه المستثنى منه، وقوله " شافع " بدل كل مما قبله، ويكون الامر على عكس الاصل، فالذي كان بدلا صار مبدلا منه، والذي كان مبدلا منه قد صار بدلا، وتغير نوع البدل فصار بدل كل بعد أن كان بدل بعض.
وذلك إذا كان الكلام غير موجب نحو ما قام إلا زيد القوم ولكن المختار نصبه.
وعلم من تخصيصه ورود غير النصب بالنفي أن الموجب يتعين فيه النصب نحو قام إلا زيدا القوم.
وإن يفرغ سابق إلا لما
…
بعد يكن كما لو إلا عدما (1)
إذا تفرغ سابق إلا لما بعدها أي لم يشتغل بما يطلبه كان الاسم الواقع بعد إلا معربا بإعراب ما يقتضيه ما قبل إلا قبل دخولها وذلك نحو ما قام إلا زيد وما ضربت إلا زيدا وما مررت إلا بزيد ف زيد فاعل مرفوع بقام وزيدا منصوب بضربت وبزيد متعلق بمررت كما لو لم تذكر "إلا".
(1)" وإن " شرطية " يفرغ " فعل مضارع مبني للمجهول فعل الشرط " سابق " نائب فاعل ليفرغ، وهو اسم فاعل يعمل عمل الفعل، وفاعله ضمير مستتر فيه " إلا " قصد لفظه: جعله الشيخ خالد مضافا إليه، وليس هذا الاعراب بشئ، بل هو مفعول به لسابق، لانه اسم فاعل منون وترك تنوينه يخل بوزن البيت " لما " جار ومجرور متعلق بيفرغ " بعد " ظرف مبني على الضم لانقطاعه عن الاضافة لفظا في محل نصب، وهو متعلق بمحذوف صلة " ما " المجرورة محلا باللام " يكن " فعل مضارع ناقص مجزوم لانه جواب الشرط، واسمه ضمير مستتر فيه جوازا " كما " الكاف جارة، ما زائدة " لو " مصدرية " الا " قصد لفظه: نائب فاعل لفعل محذوف يفسره ما بعده " عدما " فعل ماض مبني للمجهول، والالف للاطلاق، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على إلا، و" لو " ومدخولها في تأويل مصدر مجرور
بالكاف، والجار والمجرور متعلق بمحذوف خبر " يكن "، وتقدير الكلام: يكن هو كائنا كعدم إلا في الكلام.
وهذا هو الاستثناء المفرغ (1) ولا يقع في كلام موجب (2) فلا: تقول ضربت إلا زيدا.
وألغ إلا ذات توكيد كلا
…
تمرر بهم إلا الفتى إلا العلا (3)
إذا كررت إلا لقصد التوكيد لم تؤثر فيما دخلت عليه شيئا ولم تفد
(1) يجوز تفريغ العامل المتقدم على إلا بالنظر إلى جميع المعمولات كالفاعل ونائبه والمفعول به، ويستثنى من ذلك: المفعول معه، والمصدر المؤكد لعامله، والحال المؤكدة، فلا يجوز أن تقول: ما سرت إلا والنيل، ولا أن تقول: ما ضربت إلا ضربا، ولا أن تقول: لا تعث إلا مفسدا، وذلك لان الكلام مع هذه المثل ونحوها يتناقض صدره مع عجزه.
(2)
أطلق الشارح القول بعدم وقوع الاستثناء المفرغ في الكلام الموجب، ولم يفرق بين أن يكون ما بعد إلا فضلة وأن يكون عمدة، وللنحاة في هذا الموضوع مذهبان: أحدهما: أنه لا يقع بعد الايجاب مطلقا كما يقتضيه إطلاق الشارح، وهو مذهب الجمهور، واختاره الناظم، والسر في ذلك أنك لو كنت تقول " ضربت إلا زيدا " لكان المعنى أنك ضربت جميع الناس إلا زيدا، وهذا مستحيل، وقيام قرينة تدل على أنك تريد بالناس جماعة مخصوصة، أو أنك قصدت إلى المبالغة - بجعل الفعل الواقع على بعض الناس واقعا على كلهم، تنزيلا لهذا البعض منزلة الكل، لعدم الاعتداد بما عدا هذا البعض - أمر نادر، فلا يجعل له حكم.
والمذهب الثاني لابن الحاجب، وخلاصته أنه يجوز وقوع الاستثناء بعد الايجاب بشرطين، الاول: أن يكون ما بعد إلا فضلة، والثاني: أن تحصل فائدة، وذلك
كقولك: قرأت إلا يوم الجمعة، فإن كان عمدة أو لم تحصل فائدة لم يجز.
(3)
" وألغ " فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت " إلا " قصد لفظه: مفعول به لالغ " ذات " حال من " إلا "، وذات مضاف، و" توكيد " مضاف إليه " كلا " الكاف جارة لقول محذوف، لا: ناهية " تمرر " فعل مضارع مجزوم بلا، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت " بهم " جار ومجرور متعلق بتمرر " إلا " حرف استثناء " الفتى " مستثنى، والمستثنى منه الضمير المجرور محلا بالباء " إلا " توكيد لالا السابقة " العلا " بدل من " الفتى "، بدل كل من كل.
غير توكيد الأولى وهذا معنى إلغائها وذلك في البدل والعطف نحو ما مررت بأحد إلا زيد إلا أخيك ف أخيك بدل من زيد ولم تؤثر فيه إلا شيئا أي لم تفد فيه استثناء مستقلا وكأنك قلت ما مررت بأحد إلا زيد أخيك ومثله لا تمرر بهم إلا الفتى إلا العلا والأصل لا تمرر بهم إلا الفتى العلا فالعلا بدل من الفتى وكررت إلا توكيدا ومثال العطف قام القوم إلا زيدا وإلا عمرا والأصل إلا زيدا وعمرا ثم كررت إلا توكيدا ومنه قوله:
169 -
هل الدهر إلا ليلة ونهارها
…
وإلا طلوع الشمس ثم غيارها
والأصل وطلوع الشمس وكررت "إلا" توكيدا.
169 - البيت لابي ذؤيب الهذلي، واسمه خويلد بن خالد، والبيت مطلع قصيدة له، وبعده قوله: أبي القلب إلا أم عمرو، وأصبحت تحرق ناري بالشكاة ونارها وعيرها الواشون أني أحبها وتلك شكاة ظاهر عنك عارها اللغة:" غيارها " بزنة قيام - هو مصدر بمعنى الغياب " تحرق " بالبناء للمجهول -
توقد، وتذكى، وتشعل " بالشكاة " بفتح الشين أراد ما يكون من كلام الواشين من النمائم " عيرها الواشون " نسبوها إلى العار، وهو كل ما يوجب الذم.
الاعراب: " هل " حرف استفهام بمعنى النفي " الدهر " مبتدأ " إلا " أداة استثناء ملغاة " ليلة " خبر المبتدأ " ونهار ها " الواو عاطفة، نهار: معطوف على ليلة، ونهار مضاف والضمير مضاف إليه " وإلا " الواو عاطفة، وإلا زائدة للتوكيد " طلوع " معطوف على ما قبله، وطلوع مضاف و" الشمس " مضاف إليه " ثم " عاطفة " غيارها " غيار: معطوف على طلوع، وغيار مضاف وها مضاف إليه.
الشاهد فيه: قوله " وإلا طلوع الشمس " حيث تكررت " إلا " ولم تفد غير مجرد التوكيد، فألغيت، وعطف ما بعدها على ما قبلها، ونظير زيادة " إلا " في هذا =
وقد اجتمع تكرارها في البدل والعطف في قوله:
170 -
مالك من شيخك إلا عمله
…
إلا رسيمه وإلا رمله
= الموضع زيادة " لا " في نحو قولك: مررت برجل لا كريم ولا شجاع، فالواو عاطفة لما بعد " لا " الثانية على ما بعد " لا " الاولى، وليست " لا " الثانية إلا زائدة لمجرد تأكيد أن ما بعدها معطوف على مدخول الاولى.
170 -
البيت لراجز لم يسمه أحد ممن اطلعنا على أقوالهم، وهو من شواهد سيبويه (1 / 374) .
اللغة: " شيخك " هكذا يقرأه الناس قديما وحديثا بالياء المثناة بعدها خاء معجمة، ويشتهر على ألسنة الجميع أنه الجمل، ولكنا لم نقف على هذا المعنى لهذا اللفظ في كتب اللغة الموثوق بها، والمنصوص عليه أن الشيخ هو الرجل المسن، وعلى هذا يفسر الرسيم كما قال الاعلم بالسعي بين الصفا والمروة، ويفسر الرمل بالسعي في الطواف، وكأنه قال: لا منفعة في ولا عمل عندي أفوق فيه غيري إلا هذان، وزعم بعض الناس أن الصواب
في رواية هذه الكلمة " شنجك " بالنون والجيم الموحدتين، وهو الجمل، وأصل نونه متحركة فسكنها لاقامة الوزن، وكأن الذي دعاه إلى ادعاء التصحيف ثم إلى هذا التفسير ذكر الرسيم والرمل، ولكن الذي عليه الرواة الاثبات من المتقدمين أولى بالاتباع، إذ كانت اللغة لا تثبت إلا بالنقل، و" رسيمه ورمله " على هذه الرواية الاخيرة ضربان من السير.
المعنى: المراد على الوجه الاخير: لا منفعة لك من جملك إلا في نوعين من سيره، وهما الرسيم والرمل وقد بينا لك المعنى على الرواية الاصيلة التي اخترناها وصوبناها.
الاعراب: " ما " نافية " لك " جار ومجرور، ومثله " من شيخك " ويتعلقان بمحذوف خبر مقدم، وشيخ مضاف وضمير المخاطب مضاف إليه " إلا " أداة استثناء " عمله " عمل: مبتدأ مؤخر، وعمل مضاف والضمير مضاف إليه " إلا " زائدة للتوكيد " رسيمه " رسيم: بدل من عمل، بدل بعض من كل، ورسيم مضاف والضمير مضاف إليه " وإلا " الواو عاطفة، إلا: زائدة للتوكيد " رمله " رمل: معطوف على رسيمه، ورمل مضاف وضمير الغائب العائد إلى شيخك مضاف إليه.
الشاهد فيه: قوله " إلا رسيمه وإلا رمله " حيث تكررت " إلا " في البدل والعطف، ولم تفد غير مجرد التوكيد، وقد ألغيت.
والأصل: إلا عمله رسيمه ورمله ف رسيمة بدل من عمله ورمله معطوف على رسيمه وكررت إلا فيهما توكيدا.
وإن تكرر لا لتوكيد فمع
…
تفريغ التأثير بالعامل دع (1)
في واحد مما بإلا استثني
…
وليس عن نصب سواه مغنى (2)
إذا كررت إلا لغير التوكيد وهي التي يقصد بها ما يقصد بما قبلها من الاستثناء ولو أسقطت لما فهم ذلك فلا يخلو إما أن يكون الاستثناء مفرغا أو غير مفرغ.
(1)" وإن " شرطية " تكرر " فعل مضارع مبني للمجهول، فعل الشرط، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي يعود على إلا " لا " عاطفة " لتوكيد " معطوف على جار ومجرور محذوف، والتقدير: وإن تكرر إلا لتأسيس لا لتوكيد " فمع " الفاء لربط الجواب بالشرط، مع: ظرف متعلق بدع الآتي، ومع مضاف، و" تفريغ " مضاف إليه " التأثير " مفعول به لدع مقدم عليه " بالعامل " جار ومجرور متعلق بالتأثير " دع " فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت.
(2)
" في واحد " جار ومجرور متعلق بدع في البيت السابق " مما " جار ومجرور متعلق بمحذوف نعت لواحد " بإلا " جار ومجرور متعلق باستثني الآتي " استثني " فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على ما الموصولة المجرورة محلا بمن، والجملة من استثني ونائب فاعله لا محل لها صلة الموصول " وليس " فعل ماض ناقص، واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى واحد " عن نصب " جار ومجرور متعلق بمغني الآتي، ونصب مضاف وسوى من " سواه " مضاف إليه، وسوى مضاف وضمير الغائب مضاف إليه " مغني " خبر ليس، ووقف عليه كلغة ربيعة، ويجوز أن يكون مغني اسم ليس، وخبرها محذوف، أي وليس مغن عن نصب سواه موجودا.
فإن كان مفرغا شغلت العامل بواحد ونصبت الباقي فتقول ما قام إلا زيد إلا عمرا إلا بكرا ولا يتعين واحد منها لشغل العامل بل أيها شئت شغلت العامل به ونصبت الباقي وهذا معنى قوله فمع تفريغ إلى آخره أي مع الاستثناء المفرغ اجعل تأثير العامل في واحد مما استثنيته بإلا وانصب الباقي.
وإن كان الاستثناء غير مفرغ وهذا هو المراد بقوله:
ودون تفريغ مع التقدم
…
نصب الجميع احكم به والتزم (1)
وانصب لتأخير وجيء بواحد
…
منها كما لو كان دون زائد (2)
كلم يفوا إلا امرؤ إلا علي
…
وحكمها في القصد حكم الأول (3)
(1)" ودون " ظرف متعلق باحكم، ودون مضاف و" تفريغ " مضاف إليه " مع التقدم " مثله " نصب " مفعول به لفعل محذوف يفسره ما بعده، ونصب مضاف و" الجميع " مضاف إليه " احكم " فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت " به " جار ومجرور متعلق باحكم " والتزم " الواو عاطفة، التزم: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت، ومفعوله محذوف: أي التزم ذلك الحكم.
(2)
" وانصب " فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت " لتأخير " جار ومجرور متعلق بانصب " وجئ " الواو عاطفة، جئ: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت " بواحد " جار ومجرور متعلق بجئ " منها " جار ومجرور متعلق بمحذوف صفة لواحد " كما " الكاف جارة، وما: زائدة " لو " مصدرية " كان " فعل ماض تام، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى واحد " دون " ظرف متعلق بمحذوف حال من فاعل " كان " و" لو " ومدخولها في تأويل مصدر مجرور بالكاف، والجار والمجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ، والجملة من المبتدأ والخبر في محل جر صفة ثانية لواحد، أو في محل نصب حال منه، لانه تخصص بالوصف.
(3)
" كلم " الكاف جارة لقول محذوف، لم: نافية جازمة " يفوا " فعل مضارع مجزوم بلم، وواو الجماعة فاعله " إلا " أداة استثناء " امرؤ " بدل من واو الجماعة =
فلا يخلو إما أن تتقدم المستثنيات على المستثنى منه أو تتأخر.
فإن تقدمت المستثنيات وجب نصب الجميع سواء كان الكلام موجبا أو غير موجب نحو قام إلا زيدا إلا عمرا إلا بكرا القوم وما قام إلا زيدا إلا عمرا إلا بكرا القوم وهذا معنى قوله ودون تفريغ البيت.
وإن تأخرت فلا يخلو إما أن يكون الكلام موجبا أو غير موجب فإن كان موجبا وجب نصب الجميع فتقول قام القوم إلا زيدا إلا عمرا إلا بكرا وإن كان غير موجب عومل واحد منها بما كان يعامل به لو لم يتكرر الاستثناء فيبدل مما قبله وهو المختار أو ينصب وهو قليل كما تقدم وأما با قيها فيجب نصبه وذلك نحو ما قام أحد إلا زيد إلا عمرا إلا بكرا ف زيد بدل من أحد وإن شئت أبدلت غيره من الباقين ومثله قول المصنف لم يفوا إلا امرؤ إلا علي فامرؤ بدل من الواو في يفوا وهذا معنى قوله وانصب لتأخير إلى آخره أي وانصب المستثنيات كلها إذا تأخرت عن المستثنى منه إن كان الكلام موجبا وإن كان غير موجب فجيء بواحد منها معربا بما كان يعرب به لو لم يتكرر المستثنى وانصب الباقي.
ومعنى قوله: وحكمها في القصد حكم الأول أن ما يتكرر من المستثنيات حكمه في المعنى حكم المستثنى الأول فيثبت له ما يثبت للأول من الدخول والخروج ففي قولك قام القوم إلا زيدا إلا عمرا إلا بكرا الجميع
= بدل بعض من كل " إلا " حرف دال على الاستثناء " علي " مستثنى منصوب، ووقف عليه بالسكون كلغة ربيعة " وحكمها " الواو عاطفة أو للاستئناف، حكم: مبتدأ، وحكم مضاف والضمير مضاف إليه " في القصد " جار ومجرور متعلق بحكم " حكم " خبر المبتدأ، وحكم مضاف، و" الاول " مضاف إليه.
(39 - شرح ابن عقيل 1)
مخرجون وفي قولك ما قام القوم إلا زيدا إلا عمرا إلا بكرا الجميع داخلون وكذا في قولك ما قام أحد إلا زيد إلا عمرا إلا بكرا الجميع داخلون.
واستثن مجرورا بغير معربا
…
بما لمستثنى بإلا نسبا (1)
استعمل بمعنى إلا في الدلالة على الاستثناء ألفاظ منها ما هو اسم وهو غير وسوى وسوى وسواء ومنها ما هو فعل وهو ليس ولا يكون ومنها ما يكون فعلا وحرفا وهو عدا وخلا وحاشا وقد ذكرها المصنف كلها. فأما غير وسوى وسوى وسواء فحكم المستثنى بها الجر لإضافتها إليه وتعرب غير بما كان يعرب به المستثنى مع إلا فتقول قام القوم غير زيد بنصب غير كما تقول قام القوم إلا زيدا بنصب زيد وتقول ما قام أحد غير زيد وغير زيد بالإتباع والنصب والمختار الإتباع كما تقول ما قام أحد إلا زيد ولا زيدا وتقول ما قام غير زيد فترفع غير وجوبا كما تقول ما قام إلا زيد برفعه
(1)" استثن " فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت " مجرورا " مفعول به لاستثن " بغير " جار ومجرور متعلق باستثن " معربا " حال من غير " بما " جار ومجرور متعلق بمعرب " لمستثنى " جار ومجرور متعلق بنسب الآتي " بإلا " جار ومجرور متعلق بمستثنى " نسبا " نسب: فعل ماض مبني للمجهول، والالف للاطلاق، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما الموصولة، والجملة لا محل لها صلة " ما " المجرورة محلا بالباء، وتقدير البيت: استثن بلفظ غير اسما مجرورا بإضافة غير إليه حال كون لفظ غير معربا بالاعراب الذي نسب للمستثنى بإلا.
وجوبا وتقول:
ما قام أحد غير حمار بنصب غير عند غير بني تميم والإتباع عند بني تميم كما تفعل في قولك ما قام أحد إلا حمار وإلا حمارا.
وأما سوى فالمشهور فيها كسر السين والقصر ومن العرب من يفتح سينها ويمد ومنهم من يضم سينها ويقصر ومنهم من يكسر سينها ويمد وهذه اللغة لم يذكرها المصنف وقل من ذكرها وممن ذكرها الفارسي في شرحه للشاطبية.
ومذهب سيبويه والفراء وغيرهما أنها لا تكون إلا ظرفا فإذا قلت قام القوم سوى زيد فسوى عندهم منصوبة على الظرفية وهي مشعرة بالاستثناء ولا تخرج عندهم عن الظرفية إلا في ضرورة الشعر.
واختار المصنف أنها كغير فتعامل بما تعامل به غير: من الرفع والنصب والجر وإلى هذا أشار بقوله:
ولسوى سوى سواء اجعلا
…
على الأصح ما لغير جعلا (1)
فمن استعمالها مجرورة قوله صلى الله عليه وسلم: "دعوت ربي ألا يسلط على أمتي عدوا من سوى أنفسها" وقوله صلى الله عليه وسلم: "ما أنتم في سواكم من الأمم إلا كالشعرة البيضاء في الثور الأسود أو كالشعرة السوداء في الثور الأبيض" وقول الشاعر:
(1)" لسوى " جار ومجرور متعلق باجعل على أنه مفعول ثان له " سوى، سواء " معطوفان على سوى بعاطف مقدر في كل منهما " اجعلا " اجعل: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت، والالف منقلبة عن نون التوكيد الخفيفة " على الاصح " جار ومجرور متعلق بجعل " ما " اسم موصول: مفعول أول لاجعل " لغير " جار ومجرور متعلق بجعل الآتي على أنه المفعول الثاني " جعلا " جعل: فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه، وهو المفعول الاول، والجملة لا محل لها
من الاعراب صلة، والالف للاطلاق.
171 -
ولا ينطق الفحشاء من كان منهم
…
إذا جلسوا منا ولا من سوائنا
171 - البيت للمرار بن سلامة العقيلي، وهو من شواهد سيبويه، وقد أنشده في كتابه مرتين: إحداهما في (1 / 3) ونسبه للمرار بن سلامة، والثانية في (1 / 302) ونسبه لرجل من الانصار، ولم يعينه.
اللغة: " الفحشاء " الشئ القبيح، وتقول: أفحش الرجل في كلامه، وفحش تفحيشا، وتفحش، إذا أردت أنه يتكلم بقبيح الكلام.
الاعراب: " لا " نافية " ينطق " فعل مضارع " الفحشاء " منصوب على نزع الخافض " من " اسم موصول فاعل ينطق " كان " فعل ماض ناقص، واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى من الموصولة " منهم " جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر كان، والجملة من كان ومعموليها لا محل لها من الاعراب صلة " إذا " ظرفية " جلسوا " فعل وفاعل، والجملة في محل جر بإضافة إذا إليها " منا " جار ومجرور متعلق بجلسوا، ومن الجارة هنا بمعنى مع " ولا " الواو عاطفة، لا: نافية " من سوائنا " الجار والمجرور معطوف على الجار والمجرور السابق، وسواء مضاف والضمير مضاف إليه، وقيل: منا ومن سوائنا يتعلقان بقوله ينطق، وجواب إذا محذوف يدل عليه سابق الكلام، والتقدير: إذا جلسوا فلا ينطق الفحشاء إلخ.
الشاهد فيه: قوله " من سوائنا " حيث خرجت فيه سواء عن الظرفية، واستعملت مجرورة بمن، متأثرة به، وهو عند سيبويه وأتباعه من ضرورات الشعر.
قال الاعلم في شرح شواهد سيبويه عند الكلام على هذا البيت: " أراد غيرنا، فوضع سواء موضع غير ضرورة، وكان ينبغي ألا يدخل من عليها، لانها لا تستعمل في
الكلام إلا ظرفا، ولكنه جعلها بمنزلة غير في دخول من عليها، لان معناها كمعناها " اهـ.
ومثل هذا البيت في استعمال سوى مجرورة للضرورة قول الاعشى ميمون ابن قيس: تجانف عن جو اليمامة ناقتي وما عدلت عن أهلها لسوائكا وقول عثمان بن صمصامة الجعدي: على نعمنا، لانعم قوم سوائنا، هي الهم والاحلام لو يقع الحلم
ومن استعمالها مرفوعة قوله:
172 -
وإذ تباع كريمة أو تشترى
…
فسواك بائعها وأنت المشتري
وقوله:
173 -
ولم يبق سوى العدوا
…
ن دناهم كما دانوا
172 - البيت لمحمد بن عبد الله المدني، يخاطب يزيد بن حاتم بن قبيصة بن المهلب، وقد روى أبو تمام في الحماسة عدة أبيات من هذه الكلمة، أولها بيت الشاهد (انظر شرح التبريزي 4 / 274 بتحقيقنا) وبعده قوله: وإذا توعرت المسالك لم يكن منها السبيل إلى نداك بأوعر اللغة: " تباع " أراد بالبيع ههنا الزهد في الشئ، والانصراف عنه، وذهاب الرغبة في تحصيله، كما أراد بالشراء الحرص على الشئ، والكلف به، وشدة الرغبة في الحصول عليه، و" أو " ههنا بمعنى الواو " كريمة " أي خصلة كريمة، أي نفيسة حسنة يتسابق الكرام إليها.
المعنى: إذا رغب قوم في تحصيل المكارم وتأثيل المجد وانصرف آخرون عن ذلك، فأنت الراغب في المجد المحصل للمكارم، وغيرك المنصرف عنه الزاهد فيه.
الاعراب: " إذا " ظرف تضمن معنى الشرط " تباع " فعل مضارع مبني للمجهول
" كريمة " نائب فاعل تباع، والجملة من تباع ونائب فاعله في محل جر بإضافة إذا إليها " أو " عاطفة " تشترى " فعل مضارع مبني للمجهول معطوف على تباع، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي يعود إلى كريمة " فسواك " الفاء لربط الجواب بالشرط، سوى: مبتدأ، وسوى مضاف والكاف مضاف إليه " بائعها " بائع: خبر المبتدأ، وبائع مضاف، وها: مضاف إليه، وجملة المبتدأ وخبره لا محل لها من الاعراب جواب إذا " وأنت " مبتدأ " المشتري " خبر المبتدأ، والجملة معطوفة على الجملة السابقة.
الشاهد فيه: قوله " فسواك " فإن " سوى " قد خرجت عن الظرفية، ووقعت مبتدأ متأثرا بالعامل، وهذا العامل معنوي، وهو الابتداء، وهو يرد على ما ذهب إليه سيبويه والجمهور من أن " سوى " لا تخرج عن النصب على الظرفية.
173 -
البيت للفند الزماني من كلمة يقولها في حرب البسوس، واسم الفند شهل ابن شيبان بن ربيعة، وقد روى أبو تمام في مطلع ديوان الحماسة أبياتا من هذه الكلمة =
فسواك مرفوع بالابتداء وسوى العدوان مرفوع بالفاعلية ومن استعمالها منصوبة على غير الظرفيه قوله:
174 -
لديك كفيل بالمنى لمؤمل
…
وإن سواك من يؤمله يشقى
= يقع بيت الشاهد رابعها، وقبله وقوله: صفحنا عن بني ذهل وقلنا: القوم إخوان عسى الايام أن يرجعن قوما كالذي كانوا فلما صرح الشر وأمسى وهو عريان اللغة: " صفحنا " عفونا، والصفح: العفو، وأصله من قولهم: أعرضت صفحا عن هذا الامر، إذا تركته ووليته جانبك " بني ذهل " يروى في مكانه " بني هند " وهي
هند بنت مر ابن أخت تميم، وهي أم بكر وتغلب ابني وائل " العدوان " الظلم الصريح " دناهم " جازيناهم وفعلنا بهم مثل الذي فعلوا بنا من الاساءة، وجملة " دناهم " هذه جواب " لما " في قوله " فلما صرح الشر ".
الاعراب: " ولم " نافية جازمة " يبق " فعل مضارع مجزوم بحذف الالف " سوى " فاعل يبق، وسوى مضاف، و" العدوان " مضاف إليه " دناهم " فعل ومفعول به " كما " الكاف جارة، وما: يجوز أن تكون موصولا اسميا، وأن تكون حرفا مصدريا " دانوا " فعل وفاعل، فإذا كانت " ما " موصولا اسميا فالجملة لا محل لها من الاعراب صلة، والعائد محذوف، والتقدير: دناهم كالدين الذي دانوه، وإذا كانت ما مصدرية فهي ومدخولها في تأويل مصدر مجرور بالكاف، وعلى كل حال فإن الكاف ومجرورها متعلقان بمحذوف صفة لمصدر محذوف يدل عليه قوله دناهم، والتقدير: دناهم دينا كائنا كالدين الذي دانوه، أو دناهم دينا مثل دينهم إيانا.
الشاهد فيه: قوله " سوى العدوان " حيث وقعت " سوى " فاعلا، وخرجت عن الظرفية.
174 -
البيت من الشواهد التي لم ينسبوها لقائل معين، ولم أقف له على سابق أو لاحق.
=
فـ"سواك" اسم إن هذا تقرير كلام المصنف.
ومذهب سيبويه والجمهور أنها لا تخرج عن الظرفية إلا في ضرورة الشعر وما استشهد به على خلاف ذلك يحتمل التأويل.
= اللغة: [" كفيل "] ؟ ضامن " المنى " الرغبات والآمال، واحدها منية بوزان مدية وغرفة " لمؤمل " اسم فاعل من أمل فلان فلانا تأميلا، إذا رجاه " يشقى " مضارع
من الشقاء وهو العناء والشدة.
المعنى: إن عندك من مكارم الاخلاق وشريف السجايا ما يضمن لمن يرجو نداك أن يبلغ قصده وينال عندك ما يؤمل، فأما غيرك ممن يظن بهم الناس الخير فإن آمال الراجين فيهم تنقلب خيبة وشقاء.
الاعراب: " لديك " لدى: ظرف متعلق بمحذوف خبر مقدم، ولدى مضاف والكاف مضاف إليه " كفيل " مبتدأ مؤخر " بالمنى، لمؤمل " جاران ومجروران يتعلقان بكفيل " إن " حرف توكيد ونصب " سواك " سوى: اسم إن، وسوى مضاف والكاف مضاف إليه " من " اسم موصول مبتدأ " يؤمله " يؤمل: فعل مضارع مرفوع بالضمة الظاهرة، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى من الموصولة، والهاء مفعول به، والجملة لا محل لها صلة الموصول " يشقى " فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى من الموصولة، والجملة في محل رفع خبر المبتدأ الذي هو من الموصولة، وجملة المبتدأ وخبره في محل رفع خبر إن.
الشاهد فيه: قوله " وإن سواك " حيث فارقت " سوى " الظرفية ووقعت اسما لان فتأثرت بالعامل الذي هو إن المؤكدة.
ومثل هذا البيت - في وقوع سوى منصوبة بالعامل - الشاهد رقم 175 الآتي (ص 618) وقول عمر بن أبي ربيعة المخزومي (البيت 17 من الكلمة 114) :
وصرمت حبلك إذ صرمت
…
لانني أخبرت أنك قد هويت سوانا
وكل هذه الشواهد دالة على أن هذه الكلمة ليست ملازمة للنصب على الظرفية كما ذهب إليه سيبويه، والخليل، وجمهور البصريين، وادعاؤهم أن ذلك خاص بضرورة الشعر مع =
واستثن ناصبا بليس وخلا
…
وبعدا وبيكون بعد لا (1)
أي: استثن بليس وما بعدها ناصبا المستثنى فتقول قام القوم ليس زيدا وخلا زيدا وعدا زيدا ولا يكون زيدا ف زيدا في قولك ليس زيدا ولا يكون زيدا منصوب على أنه خبر ليس ولا يكون واسمهما ضمير مستتر والمشهور أنه عائد على البعض المفهوم من القوم (2)
= كثرة ما ورد منه - مما لا يجوز أن يلتفت إليه أو يؤخذ به، وتأويل هذه الشواهد الكثيرة مما لا تدعو إليه ضرورة، ولا يمكن ارتكابه إلا مع التمحل والتكلف، ولئن ذهبنا إلى ارتكابه لم يبق تأصيل قواعد النحو ممكنا.
(1)
" واستئن " فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت " ناصبا " حال من الفاعل المستتر في استثن " بليس " جار ومجرور متعلق باستثن " وخلا " معطوف على ليس " وبعدا، وبيكون " جاران ومجروران معطوفان على بليس " بعد " ظرف متعلق بمحذوف حال من يكون، وبعد مضاف، و" لا " قصد لفظه: مضاف إليه.
(2)
للنحاة في مرجع الضمير المستكن في يكون من قولك " قام القوم لا يكون زيدا " والمستكن في ليس من قولك " قام القوم ليس زيدا " ثلاثة أقوال معروفة: (الاول) أن مرجعه هو البعض المفهوم من الكل السابق الذي هو المستثنى منه، فتقدير الكلام: قام القوم لا يكون هو (أي بعض القوم) زيدا، فهو مثل قوله تعالى:(يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الانثيين فإن كن نساء) وهذا أشهر المذاهب في هذه المسألة.
(الثاني) أن مرجعه اسم فاعل مأخوذ من الفعل العامل في المستثنى منه، فتقدير الكلام: قام القوم لا يكون هو (أي القائم) زيدا.
(الثالث) أن مرجعه هو مصدر الفعل السابق العامل في المستثنى منه، والمستثنى نفسه على تقدير مضاف، وتقدير الكلام على هذا: قام القوم لا يكون هو (أي القيام)
قيام زيد.
=
والتقدير:
ليس بعضهم زيدا ولا يكون بعضهم زيدا وهو مستتر وجوبا وفي قولك خلا زيدا وعدا زيدا منصوب على المفعولية وخلا وعدا فعلان فاعلهما في المشهور ضمير عائد على البعض المفهوم من القوم كما تقدم وهو مستتر وجوبا والتقدير خلا بعضهم زيدا وعدا بعضهم زيدا.
ونبه بقوله وبيكون بعد لا وهو قيد في يكون فقط على أنه لا يستعمل في الاستثناء من لفظ الكون غير يكون وأنها لا تستعمل فيه إلا بعد لا فلا تستعمل فيه بعد غيرها من أدوات النفي نحو لم وإن ولن ولما وما.
واجرر بسابقي يكون إن ترد
…
وبعد ما انصب وانجرار قد يرد (1)
= ويضعف الوجهين - الثاني والثالث - أن الكلام قد لا يكون مشتملا على فعل، نحو قولك: القوم إخوتك لا يكون زيدا.
(1)
" واجرر " فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت " بسابقي " جار ومجرور متعلق باجرر، وسابقي مضاف، و" يكون " قصد لفظه: مضاف إليه " إن " شرطية " ترد " فعل مضارع فعل الشرط، مجزوم بإن، وعلامة جزمه السكون، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت، وجواب الشرط محذوف يدل عليه سابق الكلام، والتقدير: إن ترد فاجرر إلخ " وبعد " الواو عاطفة، بعد: ظرف متعلق بانصب الآتي، وبعد مضاف، و" ما " قصد لفظه: مضاف إليه " انصب "
فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت " وانجرار " مبتدأ " قد " حرف تقليل " يرد " فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى انجرار، والجملة من يرد وفاعله في محل رفع خبر المبتدأ.
أي: إذا لم تتقدم ما على خلا وعدا فاجرر بهما إن شئت فتقول قام القوم خلا زيد وعدا زيد فخلا وعدا حرفا جر ولم يحفظ سيبويه الجر بهما وإنما حكاه الأخفش فمن الجر بخلا قوله:
175 -
خلا الله لا أرجو سواك وإنما
…
أعد عيالي شعبة من عيالكا
175 - البيت من الشواهد التي لم يعينوا قائلها، ولم أقف له على سابق أو لاحق.
اللغة: " أرجو " مضارع من الرجاء، وهو ضد اليأس من الشئ الذي هو قطع الطماعية في الوصول إليه، وتقول: رجا الانسان الشئ يرجوه رجاء، إذا أمله وتوقع حصوله " سواك " غيرك، وهو دليل على أن هذه الكلمة تستعمل غير ظرف، لوقوعها مفعولا به، وتقدمت هذه المسألة مشروحة مستدلا لها (ص 611 وما بعدها) " أعد " أي أحسب " عيالي " العيال: هم أهل بيت الانسان ومن يمونهم " شعبة " طائفة.
المعنى: إنني لا أؤمل أن يصلني الخير من أحد إلا منك، وأنا واثق كل الثقة من أنك لا تدخر وسعا في التفضل علي والاحسان إلي، لان أهلي ومن تلزمني مؤنهم في اعتباري فريق من أهلك ومن تلزمك مؤنهم.
- في اعتباري - فريق من وأهلك ومن تلزمك مؤنهم الاعراب: " خلا " حرف جر " الله " مجرور بخلا، والجار والمجرور متعلق بأرجو الآتي " لا " نافية " أرجو " فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا " سواك " سوى: مفعول به لارجو، وسوى مضاف والكاف ضمير المخاطب
مضاف إليه " إنما " أداة حصر " أعد " فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا " عيالي " عيال: مفعول أو لاعد، وعيال مضاف وياء المتكلم مضاف إليه مبني على السكون في محل جر " شعبة " مفعول ثان لاعد " من عيالكا " من عيال: جار ومجرور متعلق بمحذوف صفة لشعبة، وعيال مضاف والكاف مضاف إليه.
الشاهد فيه: قوله " خلا الله " وفي هذه الكلمة وحدها شاهدان للنحاة: أما الاول فحيث استعمل الشاعر " خلا " حرف جر، فجر به لفظ الجلالة، وذكر الشارح =
ومن الجر بعدا قوله:
176 -
تركنا في الحضيض بنات عوج
…
عواكف قد خضعن إلى النسور
أبحنا حيهم قتلا وأسرا
…
عدا الشمطاء والطفل الصغير
= أن هذا مما نقله الاخفش، وأن سيبويه لم يحفظ من العرب الجر بخلا، وهذا نقل غير صحيح، بل نقله سيبويه في كتابه صريحا (1 / 377) حيث يقول " أما حاش فليس باسم، ولكنه حرف يجر ما بعده كما تجر حتى ما بعدها، وفيه معنى الاستثناء، وبعض العرب يقول: ما أنا من القوم خلا عبد الله (بالجر) فجعلوا خلا بمنزلة حاشا، فإذا قلت: ما خلا فليس فيه إلا النصب، لان ما اسم، ولا تكون صلتها إلا للفعل هنا " اه، وأما الشاهد الثاني فحيث قدم الاستثناء فجعله أول الكلام قبل المستثنى منه وقبل العامل فيه، وذلك جائز عند الكوفيين، نص عليه الكسائي، وإليه ذهب أبو إسحاق الزجاج، وذهب البصريون إلى أن ذلك لا يجوز، وأجاز الفريقان جميعا تقديم المستثنى على المستثنى منه، بشرط أن يتقدم العامل في المستثنى منه أو بعض جملة المستثنى منه.
وفي قوله " لا أرجو سواك " شاهد ثالث، وحاصله أن " سوى " قد تفارق
النصب على الظرفية فتتأثر بالعوامل، وقد وقعت هنا مفعولا به، وهذا هو الذي نبهناك إليه في ص 611.
176 -
وهذان البيتان من الابيات التي لم نقف على نسبتها إلى قائل معين.
اللغة: " الحضيض " قرار الارض عند منقطع الجبل " بنات عوج " أراد بها الخيل التي ينسبونها إلى فرس مشهور يسمونه " أعوج " ويقال: خيل أعوجيات " عواكف " جمع عاكفة، والعكوف: ملازمة الشئ والمواظبة عليه " خضعن " ذللن وخشعن " أبحنا حيهم " أراد أهلكنا واستأصلنا، والحي: القبيلة " أسرا " الاسر: أن يأخذ الرجل الرجل في الحرب ملقيا بيديه معترفا بالعجز عن الدفاع عن نفسه " الشمطاء " هي العجوز التي يخالط سواد شعرها بياض.
الاعراب: " تركنا " فعل وفاعل " في الحضيض " جار ومجرور متعلق بتركنا " بنات " مفعول به لتركنا، وبنات مضاف، و" عوج " مضاف إليه " عواكف " حال من بنات عوج " قد " حرف تحقيق " خضعن " فعل وفاعل، والجملة في محل =
فإن تقدمت عليهما ما وجب النصب بهما فتقول قام القوم ماخلا زيدا وما عدا زيدا ف ما مصدرية وخلا وعدا صلتها وفاعلهما ضمير مستتر يعود على البعض كما تقدم تقريره وزيدا مفعول وهذا معنى قوله وبعد ما انصب هذا هو المشهور.
وأجاز الكسائي الجر بهما بعد ما على جعل ما زائدة وجعل خلا وعدا حرفي جر فتقول قام القوم ما خلا زيد وما عدا زيد وهذا معنى قوله وانجرار قد يرد وقد حكى الجرمي في الشرح الجر بعد ما عن بعض العرب.
وحيث جرا فهما حرفان
…
كما هما إن نصبا فعلان (1)
= نصب صفة لعواكف " إلى النسور " جار ومجرور متعلق بخضعن " أبحنا " فعل وفاعل " حيهم " حي: مفعول به لاباح، وحي مضاف والضمير مضاف إليه " قتلا " تمييز " وأسرا " معطوف على قوله قتلا " عدا " حرف جر " الشمطاء " مجرور بعدا " والطفل " معطوف على الشمطاء " الصغير " صفة للطفل.
الشاهد فيه: قوله " عدا الشمطاء " حيث استعمل " عدا " حرف جر، فجر الشمطاء به، ولم يحفظ سيبويه الجر بعدا، ولا ذكره أبو العباس المبرد، أما الجر بخلا فقد عرفت أن الصحيح في النقل عن سيبويه أنه قد رواه عن بعض العرب (انظر شرح الشاهد رقم 175 السابق) فقد نقلنا لك فيه نص عبارة سيبويه، ودللناك على موضعه من كتابه.
(1)
" وحيث " اسم شرط عند الفراء الذي لا يشترط في المجازاة به اقترانه بما، وعند غيره هو ظرف يتعلق بقوله " حرفان " الآتي، لانه في قوة المشتق " جرا " فعل ماض، وهو فعل الشرط على القول الاول، وألف الاثنين فاعل " فهما حرفان " =
أي: إن جررت ب خلا وعدا فهما حرفا جر وإن نصبت بهما فهما فعلان وهذا مما لا خلاف فيه.
وكخلا حاشا ولا تصحب ما
…
وقيل حاش وحشا فاحفظهما (1)
المشهور أن حاشا لا تكون إلا حرف جر فتقول قام القوم حاشا زيد بجر زيد وذهب الأخفش والجرمي والمازني والمبرد وجماعة منهم المصنف إلى أنها مثل خلا تستعمل فعلا فتنصب ما بعدها وحرفا فتجر
ما بعدها فتقول قام القوم حاشا زيدا وحاشا زيد وحكى جماعة منهم الفراء وأبو زيد الأنصاري الشيباني النصب بها ومنه اللهم اغفر لي ولمن يسمع حاشا الشيطان وأبا الإصبع وقوله:
177 -
= الفاء لربط الجواب بالشرط، وهي زائدة على القول الثاني، وما بعدها جملة من مبتدأ وخبر في محل جزم جواب الشرط " كما " جار ومجرور متعلق بقوله " فعلان " الآتي، لانه في قوة المشتق " هما " ضمير منفصل مبتدأ " إن " شرطية " نصبا " فعل ماض، فعل الشرط، وألف الاثنين فاعل، وجواب الشرط محذوف، وجملة الشرط وجوابه لا محل لها معترضة بين المبتدأ وخبره " فعلان " خبر المبتدأ.
(1)
" كخلا " جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم " حاشا " قصد لفظه: مبتدأ مؤخر " ولا " نافية " تصحب " فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي يعود إلى حاشا " ما " قصد لفظه: مفعول به لتصحب " وقيل " فعل ماض مبني للمجهول " حاش " قصد لفظه: نائب فاعل قيل " وحشا " معطوف عليه " فاحفظهما " احفظ: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت، وهما: مفعول به لاحفظ.
حاشا قريشا فإن الله فضلهم
…
على البرية بالإسلام والدين
وقول المصنف: ولا تصحب ما معناه أن حاشا مثل خلا في أنها تنصب ما بعدها أو تجره ولكن لا تتقدم عليها ما كما تتقدم على خلا فلا تقول قام القوم ما حاشا زيدا وهذا الذي ذكره هو الكثير وقد صحبتها ما قليلا ففي مسند أبي أمية الطر سوسي عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أسامه أحب الناس إلي ما حاشا فاطمة". (1)
177 - هذا البيت من كلام الفرزدق همام بن غالب.
الاعراب: " حاشا " فعل ماض دال على الاستثناء، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره هو يعود على البعض المفهوم من الكل السابق " قريشا " مفعول به لحاشا " فإن " الفاء للتعليل، إن: حرف توكيد ونصب " الله " اسم إن " فضلهم " فضل: فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على الله، هم: مفعول به لفضل، والجملة من فضل وفاعله ومفعوله في محل رفع خبر " إن "" على البرية، بالاسلام " جاران ومجروران متعلقان بفضل " والدين " عطف على الاسلام.
الشاهد فيه: قوله " حاشا قريشا " فإنه استعمل " حاشا " فعلا، ونصب به ما بعده.
(1)
توهم النحاة أن قوله " ما حاشا فاطمة " من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، فجعلوا " حاشا " استثنائية، واستدلوا به على أن حاشا الاستثنائية يجوز أن تدخل عليها ما، وذلك غير متعين، بل يجوز أن يكون هذا الكلام من كلام الراوي يعقب به على قول الرسول صلى الله عليه وسلم " أسامة أحب الناس إلي " يريد الراوي بذلك أن يبين أنه عليه الصلاة والسلام لم يستثن أحدا من أهل بيته لا فاطمة ولا غيرها، فما: نافية، وحاشى: فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى النبي، وفاطمة: مفعول به، وليست حاشا هذه هي الاستثنائية، بل هي فعل متصرف تام تكتب ألفه ياء لكونها رابعة، ومضارعه هو الذي ورد في قول النابغة الذبياني: =
وقوله:
178 -
رأيت الناس ما حاشا قريشا
…
فإنا نحن أفضلهم فعالا
ويقال في حاشا حاش وحشا.
= ولا أرى فاعلا في الناس يشبهه وما أحاشي من الاقوام من أحد والفرق بين حاشا الاستثنائية وهذا الفعل من ستة أوجه، الاول: أن الاستثنائية تكون حرفا وتكون فعلا، وهذه لا تكون إلا فعلا، والثاني أن الاستثنائية إن كانت فعلا غير متصرفة، وهذه متصرفة، الثالث أن فاعل الاستثنائية مستتر وجوبا، وهذه كغيرها من الافعال ماضيها فاعله مستتر جوازا، والرابع أن ألف الاستثنائية تكتب ألفا، وهذه تكتب ألفها ياء، والخامس: أن الاستثنائية يتعين فيها أن تكون من كلام صاحب الكلام الاول السابق عليها، وهذه ليست كذلك، بل لو تكلم بها صاحب الكلام الاول لقال: ما أحاشي، أو قال: ما حاشيت، كما قال النابغة الذبياني " وما أحاشي " السادس: أن " ما " التي تسبق الاستثنائية مصدرية أو زائدة، وأما التي تسبق هذه فهي نافية، فاعرف ذلك وكن حريصا عليه، والله ينفعك به.
178 -
نسب العيني هذا البيت للاخطل غوث بن غياث، وقد راجعت ديوان شعره فوجدت له قطعة على هذا الوزن والروى يهجو فيها جرير بن عطية، وليس فيها بيت الشاهد.
اللغة: " رأيت " زعم العيني أن " رأى " ههنا من الرأى، مثل التي في قولهم: رأى أبو حنيفة حرمة كذا، وعلى هذا تكون متعدية إلى مفعول واحد، وليس الذي زعمه بسديد، بل هي بمعنى العلم، وتتعدى إلى مفعولين، وقد ذكر الشاعر مفعولها الاول وحذف الثاني، وتقديره: رأيت الناس دوننا أو أقل منا في المنزلة، ونحو ذلك ويجوز أن تكون جملة " فإنا نحن أكثرهم فعالا " في محل نصب مفعولا ثانيا لرأى، وزيدت الفاء فيها كما زيدت في خبر المبتدأ في نحو قولهم: الذي يزورني فله جائزة =
_________
= سنية " فعالا " هو بفتح الفاء - الكرم، ويجوز أن تكون الفاء مكسورة على
أنه جمع فعل.
الاعراب: " رأيت " فعل وفاعل " الناس " مفعول أول، والمفعول الثاني محذوف لدلالة الكلام عليه، وتقدير الكلام: رأيت الناس أقل منا، أو دوننا، مثلا " ما حاشا " ما: مصدرية، حاشا: فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره هو يعود على البعض المفهوم من الكل السابق " قريشا " مفعول به لحاشا " فإنا " الفاء للتعليل، إن: حرف توكيد ونصب، نا: اسمه " نحن " توكيد للضمير المتصل الواقع اسما لان " أفضلهم " أفضل: خبر إن، وأفضل مضاف وهم مضاف إليه " فعالا " تمييز، ويجوز أن تكون الفاء زائدة، وتكون جملة " إن " واسمها وخبرها في محل نصب مفعولا ثانيا لرأى، ولا عجب أن تزاد الفاء في المفعول الثاني، فإن أصله خبر، والفاء تزاد في خبر المبتدأ كثيرا.
الشاهد فيه: قوله " ما حاشا قريشا " حيث دخلت " ما " المصدرية على " حاشا " وذلك قليل، والاكثر أن تتجرد منها.
وخرج بقوله فضلة الوصف الواقع عمدة نحو زيد قائم وبقوله للدلالة على الهيئة التمييز المشتق نحو لله دره فارسا فإنه تمييز لا حال على الصحيح إذ لم يقصد به الدلالة على الهيئة بل التعجب من فروسيته فهو لبيان المتعجب منه لا لبيان هيئته.
وكذلك رأيت رجلا راكبا فإن راكبا لم يسق للدلالة على الهيئة بل لتخصيص الرجل.
وقول المصنف مفهم في حال هو معنى قولنا: للدلالة على الهيئة.