المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الحال الحال وصف فضلة منتصب … مفهم في حال كفردا أذهب - شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك - جـ ٢

[ابن عقيل]

الفصل: ‌ ‌الحال الحال وصف فضلة منتصب … مفهم في حال كفردا أذهب

‌الحال

الحال وصف فضلة منتصب

مفهم في حال كفردا أذهب (1)

عرف الحال (2) بأنه: الوصف الفضلة المنتصب للدلالة على هيئة نحو: فردا أذهب ف فردا حال لوجود القيود المذكورة فيه.

(1)" الحال " مبتدأ " وصف " خبره " فضلة، منتصب، مفهم " نعوت لوصف " في حال " جار ومجرور متعلق بمفهم " كفردا " الكاف جارة لقول محذوف كما سبق غير مرة، فردا: حال من فاعل أذهب الآتي " أذهب " فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا.

(2)

الحال في اللغة: ما عليه الانسان من خير أو شر، وهو في اصطلاح علماء العربية ما ذكره الشارح العلامة، ويقال: حال، وحالة، فيذكر لفظه ويؤنث، ومن شواهد تأنيث لفظه قول الشاعر: على حالة لو أن في القوم حاتما على جوده ضنت به نفس حاتم ومن شواهد تذكير لفظه قول الشاعر: إذا أعجبتك الدهر حال من امرئ فدعه، وواكل أمره واللياليا

ص: 243

وكونه منتقلا مشتقا

يغلب لكن ليس مستحقا (1)

ألأكثر في الحال أن تكون منتقلة مشتقة.

ومعنى الانتقال: ألا تكون ملازمة للمتصف بها نحو جاء زيد راكبا فراكبا وصف منتقل لجواز انفكاكه عن زيد بأن يجيء ماشيا.

وقد تجيء الحال غير منتقلة (2) أي وصفا لازما نحو دعوت الله سميعا وخلق الله الزرافة يديها أطول من رجليها وقوله:

179 -

فجاءت به سبط العظام كأنما

عمامته بين الرجال لواء

فـ"سميعا" وأطول وسبط أحوال وهي أوصاف لازمة.

(1)" وكونه " الواو للاستئناف، وكون: مبتدأ، وكون مضاف والهاء مضاف إليه، من إضافة المصدر الناقص إلى اسمه " منتقلا " خبر المصدر الناقص " مشتقا " خبر ثان " يغلب " فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى كونه منتقلا، والجملة من يغلب وفاعله في محل رفع خبر المبتدأ " لكن " حرف استدراك " ليس " فعل ماض ناقص، واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى كونه منتقلا إلخ " مستحقا " خبر ليس.

(2)

تجئ الحال غير منتقلة في ثلاث مسائل: الاولى: أن يكون العامل فيها مشعرا بتجدد صاحبها، نحو قوله تعالى:(وخلق الانسان ضعيفا) ونحو قولهم: خلق الله الزرافة يديها أطول من رجليها، ونحو قول الشاعر فجاءت به سبط العظام البيت الذي أنشده الشارح رحمه الله (رقم 179) .

الثانية: أن تكون الحال مؤكدة: إما لعاملها نحو قوله تعالى: (فتبسم ضاحكا) وقوله سبحانه: (ويوم أبعث حيا) وإما مؤكدة لصاحبها، نحو قوله سبحانه:(لآمن من في الارض كلهم جميعا) وإما مؤكدة لمضمون جملة قبلها، نحو قولهم: زيد أبوك عطوفا.

الثالثة: في أمثلة مسموعة لا ضابط لها، كقولهم: دعوت الله سميعا، وقوله تعالى:(أنزل إليكم الكتاب مفصلا) وكقوله جل ذكره: (قائما بالقسط) .

179 -

البيت لرجل من بني جناب لم أقف على اسمه.

=

ص: 244

وقد تأتي الحال جامدة ويكثر ذلك في مواضع ذكر المصنف بعضها بقوله:

ويكثر الجمود في سعر وفي

مبدي تأول بلا تكلف (1)

كبعه مدا بكذا يدا بيد

وكر زيد أسدا أي كأسد (2)

= اللغة: " سبط العظام " أراد أنه سوى الخلق حسن القامة " لواء " هو ما دون العلم، وأراد أنه تام الخلق طويل، فكنى بهذه العبارة عن هذا المعنى.

الاعراب: " فجاءت " جاء: فعل ماض، والتاء للتأنيث، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي " به " جار ومجرور متعلق بجاءت " سبط " حال من الضمير المجرور محلا بالباء، وسبط مضاف و" العظام " مضاف إليه " كأنما " كأن: حرف تشبيه ونصب، وما: كافة " عمامته " عمامة: مبتدأ، وعمامة مضاف والضمير مضاف إليه " بين " منصوب على الظرفية، وبين مضاف، و" الرجال " مضاف إليه " لواء " خبر المبتدأ.

الشاهد فيه: قوله " سبط العظام " حيث ورد الحال وصفا ملازما، على خلاف الغالب فيه من كونه وصفا منتقلا، وإضافة سبط لا تفيده تعريفا ولا تخصيصا، لانه صفة مشبهة، وإضافة الصفة المشبهة إلى معمولها لا تفيد التعريف ولا التخصيص، وإنما تفيد رفع القبح على ما سيأتي بيانه في باب الاضافة إن شاء الله تعالى.

(1)

" يكثر " فعل مضارع " الجمود " فاعل يكثر " في سعر " جار ومجرور متعلق بيكثر " وفي مبدي " جار ومجرور معطوف بالواو على الجار والمجرور الاول، ومبدي مضاف و" تأول " مضاف إليه " بلا تكلف " جار ومجرور متعلق بتأول، ولا اسم بمعنى غير مضاف وتكلف: مضاف إليه.

(2)

" كبعه " الكاف جارة لقول محذوف، بع: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت، والهاء مفعول به " مدا " حال من المفعول " بكذا " جار ومجرور متعلق بمحذوف صفة لمد، وقال سيبويه: هو بيان لمد " وكر زيد " فعل وفاعل " أسدا " حال من الفاعل " أي " حرف تفسير " كأسد " الكاف اسم بمعنى مثل عطف بيان على قوله " أسدا " الواقع حالا، والكاف الاسمية مضاف وأسد مضاف إليه.

ص: 245

يكثر مجيء الحال جامدة إن دلت على سعر نحو بعد مدا بدرهم (1) فمدا حال جامدة وهي في معنى المشتق إذ المعنى بعه مسعرا كل مد بدرهم ويكثر جمودها أيضا فيما دل على تفاعل نحو بعته يدا بيد (2) أي مناجزة أو على تشبيه نحو كر زيد أسدا أي مشبها الأسد فيد وأسد جامدان وصح وقوعهما حالا لظهور تأولهما بمشتق كما تقدم وإلى هذا أشار بقوله وفي مبدي تأول أي يكثر مجيء الحال جامدة حيث ظهر تأولها بمشتق.

وعلم بهذا وما قبله أن قول النحويين إن الحال يجب أن تكون منتقلة مشتقة معناه أن ذلك هو الغالب لا أنه لازم وهذا معنى قوله فيما تقدم: لكن ليس مستحقا. (3)

(1) يجوز في هذا المثال وجهان: أحدهما رفع مد، وثانيهما نصبه، فأما رفع مد فعلى أن يكون مبتدأ، والجار والمجرور بعده متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ، وجاز الابتداء بالنكرة لان لها وصفا محذوفا، وتقدير الكلام: بع البر (مثلا) مد منه بدرهم، وجملة المبتدأ وخبره في محل نصب حال، والرابط هو الضمير المجرور محلا بمن، ولا يكون المثال - على هذا الوجه - مما نحن بصدده، لان الحال جملة لا مفرد جامد، أما نصب مد فعلى أن يكون حالا، والجار والمجرور بعده متعلق بمحذوف صفة له، ويكون المثال حينئذ مما نحن بصدده، والمشتق المؤول به ذلك الحال يكون مأخوذا من الحال وصفته جميعا، وتقديره: مسعرا.

ويجوز أن يكون هذا الحال حالا من فاعل بعه، فيكون لفظ " مسعرا " الذي تؤوله به بكسر العين مشددة اسم فاعل، ويجوز أن يكون حالا من المفعول، فيكون قولك " مسعرا " بفتح العين مشددة اسم مفعول.

(2)

هذا المثال كالذي قبله، يجوز فيه رفع " يد " ونصبه، وإعراب الوجهين هنا كإعرابهما في المثال السابق، والتقدير على الرفع: يد منه على يد مني، والتقدير على النصب: يدا كائنة مع يد.

(3)

ذكر الشارح ثلاثة مواضع تجئ فيها الحال جامدة وهي في تأويل المشتق، =

ص: 246

_________

= وهي: أن تدل الحال على سعر، أو على تفاعل ومنه دلالتها على مناجزة أو على تشبيه، وقد بقيت خمسة مواضع أخرى: الاول: أن تدل الحال على ترتيب، كقولك: ادخلوا الدار رجلا رجلا، وقولك: سار الجند رجلين رجلين، تريد مرتبين، وضابط هذا النوع: أن يذكر المجموع أولا ثم يفصل هذا المجموع بذكر بعضه مكررا، فالمجموع في المثال الاول هو الذي تدل الواو عليه، وفي المثال الثاني هو الجند، والحال عند التحقيق هو مجموع اللفظين، ولكنه لما تعذر أن يكون المجموع حالا جعل كل واحد منهما حالا، كما في الخبر المتعدد بغير عاطف في نحو قولك: الرمان حلو حامض، وذهب ابن جنى إلى أن الحال هو الاول، والثاني معطوف عليه بعاطف مقدر.

الموضع الثاني: أن تكون الحال موصوفة، نحو قوله تعالى:(قرآنا عربيا) وقوله: (فتمثل لها بشرا سويا) وتسمى هذه الحال: " الحال الموطئة ".

الموضع الثالث: أن تكون الحال دالة على عدد، نحو قوله تعالى (فتم ميقات ربه أربعين ليلة) .

الموضع الرابع: أن تدل الحال على طور فيه تفصيل، نحو قولهم: هذا بسرا أطيب منه رطبا.

الموضع الخامس: أن تكون الحال نوعا من صاحبها، كقولك: هذا مالك ذهبا، أو تكون الحال فرعا لصاحبها، كقولك: هذا حديدك خاتما، وكقوله تعالى:

(وتنحتون الجبال بيوتا) أو تكون الحال أصلا لصاحبها، كقولك: هذا خاتمك حديدا، وكقوله تعالى:(أأسجد لمن خلقت طينا) .

وقد أجمع النحاة على أن المواضع الاربعة الاولى - وهي الثلاثة التي ذكرها الشارح والموضع الاول مما ذكرناه يجب تأويلها بمشتق، ليسر ذلك، وعدم التكلف فيه، ثم اختلفوا في المواضع الاربعة الباقية، فذهب قوم منهم ابن الناظم إلى وجوب تأويلها أيضا، ليكون الحال على ما هو الاصل فيها، وذهب قوم إلى أنه لا يجب تأويلها بمشتق لان في تأويلها بالمشتق تكلفا، وفي ذلك من التحكم ما ليس يخفى.

ص: 247

والحال إن عرف لفظا فاعتقد

تنكيره معنى كوحدك اجتهد (1)

مذهب جمهور النحويين أن الحال لا تكون إلا نكرة وأن ما ورد منها معرفا لفظا فهو منكر معنى كقولهم جاءوا الجماء الغفير.

180 -

وأرسلها العراك.................

(1)" الحال " مبتدأ " إن " شرطية " عرف " فعل ماض مبني للمجهول فعل الشرط " لفظا " تمييز محول عن نائب الفاعل " فاعتقد " الفاء لربط الجواب بالشرط، اعتقد: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت " تنكيره " تنكير: مفعول به لاعتقد، وتنكير مضاف والهاء مضاف إليه " معنى " تمييز " كوحدك " الكاف جارة لقول محذوف، وحد: حال من الضمير المستتر في " اجتهد " الآتي، ووحد مضاف والكاف مضاف إليه " اجتهد " فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت، والجملة في محل نصب مقول لقول محذوف، والتقدير: وذلك كائن كقولك اجتهد وحدك، والحال في تأويل " منفردا ".

180 -

هذه قطعة من بيت للبيد بن ربيعة العامري يصف حمارا وحشيا أورد أتنه الماء لتشرب، وهو بنمامه:

فأرسلها العراك، ولم يذدها، ولم يشفق على نغص الدخال اللغة:" العراك " ازدحام الابل أو غيرها حين ورود الماء " يذدها " يطردها " يشفق " يرحم " نغص " مصدر نغص الرجل - بكسر الغين - إذا لم يتم مراده، ونغص البعير إذا لم يتم شربه " الدخال " أن يداخل بعيره الذي شرب مرة مع الابل التي لم تشرب حتى يشرب معها ثانية، وذلك إذا كان البعير كريما، أو شديد العطش، أو ضعيفا.

الاعراب: " فأرسلها " أرسل: فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الحمار الوحشي المذكور في أبيات سابقة، والضمير البارز المتصل الذي يرجع إلى الابن مفعول به لارسل " العراك " حال " ولم يذدها " الواو عاطفة، لم: نافية جازمة، يذد: فعل مضارع مجزوم بلم، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى فاعل أرسل، وها: مفعول به، والجملة معطوفة على جملة فأرسلها، =

ص: 248

واجتهد وحدك وكلمته فاه إلى في فالجماء والعراك ووحدك وفاه أحوال وهي معرفة لكنها مؤولة بنكرة والتقدير جاءوا جميعا وأرسلها معتركة واجتهد منفردا وكلمته مشافهة.

= ومثلها جملة " ولم يشفق " وقوله " على نغص " جار ومجرور متعلق بيشفق، ونغص مضاف، و" الدخال " مضاف إليه.

الشاهد فيه: قوله " العراك " حيث وقع حالا مع كونه معرفة والحال لا يكون إلا نكرة وإنما ساغ ذلك لانه مؤول بالنكرة، أي: أرسلها معتركة، يعني مزدحمة.

ص: 249

وزعم البغداديون ويونس أنه يجوز تعريف الحال مطلقا بلا تأويل فأجازوا جاء زيد الراكب.

وفصل الكوفيون فقالوا إن تضمنت الحال معنى الشرط صح تعريفها وإلا فلا فمثال ما تضمن معنى الشرط زيد الراكب أحسن منه الماشي،

ص: 250

فـ"الراكب والماشي" حالان وصح تعريفهما لتأولهما بالشرط إذ التقدير زيد إذا ركب أحسن منه إذا مشى فإن لم تتقدر بالشرط لم يصح تعريفها فلا تقول: جاء زيد الراكب إذ لا يصح جاء زيد إن ركب:

ص: 251

ومصدر منكر حالا يقع

بكثرة كبغتة زيد طلع (1)

حق الحال أن يكون وصفا وهو ما دل على معنى وصاحبه كقائم وحسن ومضروب فوقوعها مصدرا على خلاف الأصل إذ لا دلالة فيه على صاحب المعنى.

(1)" مصدر " مبتدأ " منكر " نعت " حالا " منصوب على الحال، وصاحبه الضمير المستتر في " يقع " الآتي " يقع " فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى مصدر منكر، والجملة في محل رفع خبر المبتدأ " بكثرة " جار ومجرور متعلق بيقع " كبغتة " الكاف جارة لقول محذوف، بغتة: حال من الضمير المستتر في " طلع " الآتي " زيد " مبتدأ " طلع " فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى زيد، والجملة في محل رفع خبر المبتدأ.

ص: 252

وقد كثر مجيء الحال مصدرا نكرة ولكنه ليس بمقيس لمجيئه على خلاف الأصل ومنه زيد طلع بغتة فبغتة مصدر نكرة وهو منصوب على الحال والتقدير زيد طلع باغتا هذا مذهب سيبويه والجمهور.

ص: 253

وذهب الأخفش والمبرد إلى أنه منصوب على المصدرية والعامل فيه محذوف والتقدير

طلع زيد يبغت بغتة فيبغت عندهما هو الحال لا بغتة.

وذهب الكوفيون إلى أنه منصوب على المصدرية كما ذهبا إليه ولكن الناصب له عندهم الفعل المذكور وهو طلع لتأويله بفعل من لفظ المصدر

والتقدير

ص: 254

في قولك زيد طلع بغتة زيد بغت بغتة فيؤولون طلع ببغت وينصبون به بغتة.

ولم ينكر غالبا ذو الحال إن

لم يتأخر أو يخصص أو يبن (1)

(1)" ولم " نافية جازمة " ينكر " فعل مضارع مبني للمجهول، مجزوم بلم " غالبا " حال من نائب الفاعل " ذو " نائب فاعل ينكر، وذو مضاف، و" الحال " مضاف إليه " إن " شرطية " لم " نافية جازمة " يتأخر " فعل مضارع مجزوم بلم فعل الشرط، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ذو الحال، وجواب الشرط محذوف، والتقدير: إن لم يتأخر ذو الحال إلخ فلا ينكر " أو يخصص، أو يبن " معطوفان على يتأخر.

ص: 255

من بعد نفي أو مضاهيه كلا

يبغ امرؤ على امرئ مستسهلا (1)

حتى صاحب الحال أن يكون معرفة ولا ينكر في الغالب إلا عند وجود مسوغ وهو أحد أمور: (2)

(1)" من بعد " جار ومجرور متعلق بيبن في البيت السابق، وبعد مضاف، و" نفي " مضاف إليه " أو " عاطفة " مضاهيه " مضاهي: معطوف على نفي، ومضاهي مضاف وضمير الغائب العائد إلى نفي مضاف إليه " كلا " الكاف جارة لقول محذوف، لا: ناهية " يبغ " فعل مضارع مجزوم بلا الناهية " امرؤ " فاعل يبغ " على امرئ " جار ومجرور متعلق بيبغ " مستسهلا " حال من قوله " امرؤ " الفاعل.

(2)

ذكر الشارح - تبعا للناظم - من مسوغات مجئ الحال من النكرة ثلاثة مسوغات: أولها تقدم الحال، وثانيها تخصص صاحبها بوصف أو بإضافة، وثالثها وقوع النكرة بعد النفي أو شبهه، وبقي من المسوغات ثلاثة أخرى لم يصرح بها.

الاول: أن تكون الحال جملة مقترنة بالواو، كما في قولك: زارنا رجل والشمس طالعة، والسر في ذلك أن وجود الواو في صدر الجملة يرفع توهم أن هذه الجملة نعت للنكرة، إذ النعت لا يفصل بينه وبين المنعوت بالواو، ففي قوله تعالى:(وما أهلكنا من قرية إلا ولها كتاب معلوم) مسوغان، بل ثلاثة، وهي تقدم النفي، ووقوع الواو في صدر جملة الحال، والثالث اقتران الجملة بإلا، لان الاستثناء المفرغ لا يقع في النعوت (انظر ص 604 السابقة و638 الآتية) وأما قوله تعالى:(أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها) فالمسوغ وقوع الواو في صدر جملة الحال.

الثاني: أن تكون الحال جامدة، نحو قولك: هذا خاتم حديدا، والسر في ذلك أن الوصف بالجامد على خلاف الاصل، فلا يذهب إليه ذاهب، وقد ساغ في مثل هذا أن تكون الحال جامدة كما علمت (انظر ص 628 وما بعدها) .

الثالث: أن تكون النكرة مشتركة مع معرفة أو مع نكرة يصح أن تجئ الحال منها، كقولك: زارني خالد ورجل راكبين، أو قولك: زارني رجل صالح وامرأة مبكرين.

ص: 256

منها: أن يتقدم الحال على النكرة نحو فيها قائما رجل وكقول الشاعر وأنشده سيبويه:

181 -

وبالجسم مني بينا لو علمته

شحوب وإن تستشهدي العين تشهد

وكقوله:

182 -

وما لام نفسي مثلها لي لائم

ولا سد فقري مثل ما ملكت يدي

181 - البيت من الشواهد التي لا يعلم قائلها.

اللغة: " شحوب " هو مصدر شحب جسمه يشحب شحوبا - بوزن قعد يقعد قعودا - وقد جاء على لغة أخرى، شحب يشحب شحوبة - مثل سهل الامر يسهل سهولة - إذا تغير لونه " بينا " ظاهرا، وهو فيعل من بان يبين، إذ ظهر ووضح.

المعنى: إن بجسمي من آثار حبك لشحوبا ظاهرا، لو أنك علمته لاخذتك الشفقة علي، وإذا أحببت أن ترى الشاهد فانظري إلى عيني فإنهما تحدثانك حديثه.

الاعراب: " وبالجسم " جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم " مني " جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من الجسم " بينا " حال من شحوب الآتي على رأي سيبويه الذي يجيز مجئ الحال من المبتدأ، وهو عند الجمهور حال من الضمير المستكن في الجار والمجرور الواقع خبرا " لو " شرطية غير جازمة " علمته " فعل وفاعل ومفعول به، والجملة من الفعل وفاعله ومفعوله شرط لو، وجواب الشرط محذوف، والتقدير: لو علمته لاشفقت علي، والجملة من الشرط وجوابه لامحل لها معترضة بين الخبر المقدم والمبتدأ المؤخر " شحوب " مبتدأ مؤخر " وإن " شرطية " تستشهدي " فعل مضارع فعل الشرط، وياء المخاطبة فاعل " العين " مفعول به " تشهد " جواب الشرط.

الشاهد فيه: قوله " بينا " حيث وقعت الحال من النكرة، التي هي قوله " شحوب " على ما هو مذهب سيبويه، كما قررناه في الاعراب، والمسوغ لذلك تقدم الحال على صاحبها، فإذا جريت على ما ذهب الجمهور إليه خلا البيت من الشاهد.

182 -

وهذا البيت - أيضا من الشواهد التي لا يعلم قائلها، =

ص: 257

فـ"قائما": حال من رجل وبينا حال من شحوب ومثلها حال من لائم.

ومنها: أن تخصص النكرة بوصف أو بإضافة فمثال ما تخصص بوصف قوله تعالى: {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ أَمْراً مِنْ عِنْدِنَا} . (1)

= اللغة: " لام " عذل، وتقول: لام فلان فلانا لوما وملاما وملامة، إذا عاتبه ووبخه " سد فقري " أراد أغناني عن الحاجة إلى الناس وسؤالهم، شبه الفقر بباب مفتوح يأتيه من ناحيته مالا يجب، فهو في حاجة لايصاده.

المعنى: إن اللوم الذي يكون له الاثر الناجع في رجوع الانسان عما استوجب اللوم عليه هو لوم الانسان نفسه، لان ذلك يدل على شعوره بالخطأ، وإن ما في يد الانسان من المال لاقرب منالا له مما في أيدي الناس.

الاعراب: " وما " نافية " لام " فعل ماض " نفسي " نفس: مفعول به تقدم على الفاعل، ونفس مضاف وياء المتكلم مضاف إليه " مثلها " مثل: حال من " لائم " الآتي، ومثل مضاف وها مضاف إليه، و" مثل " من الالفاظ التي لا تستفيد بالاضافة تعريفا " لي " جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من لائم الآتي " لائم " فاعل لام " ولا " الواو عاطفة، لا زائدة لتأكيد النفي " سد " فعل ماض، " فقري " فقر: مفعول به لسد تقدم على الفاعل، وفقر مضاف وياء المتكلم مضاف إليه " مثل " فاعل لسد، ومثل مضاف، و" ما " اسم موصول مضاف إليه " ملكت " ملك: فعل ماض، والتاء للتأنيث " يدي " يد: فاعل ملكت، ويد مضاف وياء المتكلم مضاف إليه، والجملة من ملك وفاعله لا محل لها صلة الموصول، والعائد محذوف، والتقدير: مثل الذي ملكته يدي.

الشاهد فيه: قوله " مثلها لي لائم " حيث جاءت الحال - وهي قوله " مثلها "، و" لي " - من النكرة - وهي قوله " لائم " - والذي سوغ ذلك تأخر النكرة عن الحال.

(1)

الامر الاول الوارد في هذه الآية واحد الامور، والامر الثاني واحد الاوامر

وقد أعرب الناظم وابنه " أمرا " على أنه حال من أمر الاول، وسوغ مجئ الحال منه تخصيصه بحكيم بمعنى محكم، أي حال كونه مأمورا به من عندنا.

واعترض قوم على هذا الاعراب بأن الحال لا يجئ من المضاف إليه إلا إذا وجد =

ص: 258

وكقول الشاعر:

183 -

نجيت يا رب نوحا واستجبت له

في فلك ماخر في اليم مشحونا

وعاش يدعو بآيات مبينة

في قومه ألف عام غير خمسينا

= واحد من الامور الثلاثة التي يأتي بيانها في هذا الباب، وليس واحد منها بموجود هنا.

وأجيب بأنا لا نسلم أن الامور الثلاثة غير موجودة في هذا المثال، بل المضاف الذي هو لفظ " كل " كالجزء من المضاف إليه الذي هو لفظ " أمر " في صحة الاستغناء به عنه، وذلك لان لفظ كل بمعنى الامر، إذ المعلوم أن لفظ كل بحسب ما يضاف إليه.

ومن العلماء من جعل أمرا الثاني حالا من كل، وتصلح الآية للاستدلال بها لما نحن بصدده، لان " كل أمر " نكرة، إذ المضاف إليه نكرة، ومنهم من جعل أمرا حالا من الضمير المستتر في حكيم، ومنهم من جعله حالا من الضمير الواقع مفعولا، أي مأمورا به.

183 -

البيتان من الشواهد التي لم يذكروها منسوبة إلى قائل معين.

اللغة: " الفلك " أصله بضم فسكون - السفينة، ولفظه للواحد والجمع سواء، وقد تتبع حركة عينه التي هي اللام حركة الفاء كما في بيت الشاهد " ماخر " اسم فاعل من مخرت السفينة - من بابي قطع ودخل - إذا جرت تشق الماء مع صوت " اليم "

البحر، أو الماء " مشحونا " اسم مفعول من شحن السفينة: أي ملاها " آيات مبية " ظاهرة واضحة، أو أنها تبين حاله وتدل على صدق دعواه.

الاعراب: " نجيت " فعل وفاعل " يا رب " يا: حرف نداء، رب: منادى، وجملة النداء لا محل لها معترضة بين الفعل مع فاعله ومفعوله " نوحا " مفعول به لنجيت " واستجبت " الواو عاطفة، وما بعدها فعل وفاعل " له " جار ومجرور متعلق باستجبت " في فلك " جار ومجرور متعلق بنجيت " ما خر " صفة لفلك " في اليم " جار ومجرور متعلق بما خر " مشحونا " حال من فلك " وعاش " الواو =

ص: 259

ومثال ما تخصص بالإضافة قوله تعالى في أربعة أيام سواء للسائلين.

ومنها: أن تقع النكرة بعد نفي أو شبهه وشبه النفي هو الاستفهام والنهي وهو المراد بقوله أو يبن من بعد نفي أو مضاهيه فمثال ما وقع بعد النفي قوله:

184-

ما حم من موت حمى واقيا

ولا ترى من أحد باقيا

= عاطفة، عاش: فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى نوح " يدعو " فعل مضارع، وفيه ضمير مستتر جوازا تقديره هو يعود إلى نوح فاعل، والجملة في محل نصب حال " بآيات " جار ومجرور متعلق بيدعو " مبينة " صفة لآيات " في قومه " الجار والمجرور متعلق بعاش، وقوم مضاف والضمير العائد إلى نوح مضاف إليه " ألف " مفعول فيه ناصبه عاش، وألف مضاف و" عام " مضاف إليه " غير " منصوب على الاستثناء أو على الحال، وغير مضاف و" خمسينا مضاف إليه، مجرور بالياء لانه ملحق بجمع المذكر السالم، والالف في آخره للاطلاق.

الشاهد فيه: قوله " مشحونا " حيث وقع حالا من النكرة، وهي قوله " فلك " والذي سوغ مجئ الحال من النكرة أنها وصفت بقوله " ماخر " فقربت من المعرفة.

184 -

البيت لراجز لم يعينه أحد ممن استشهد به.

اللغة: " حم " بالبناء للمجهول أي قدر، وهيئ، وتقول: أحم الله تعالى هذا الامر وحمه، إذا قدر وقوعه، وهيأ له أسبابه (انظر ص 602 و638)" واقيا " اسم فاعل من " وقى يقي " بمعنى حفظ يحفظ.

المعنى: إن الله تعالى لم يقدر شيئا يحمي من الموت، كما أنه سبحانه لم يجعل لاحد من خلقه الخلود، فاستعد للموت دائما.

الاعراب: " ما " نافية " حم " فعل ماض مبني للمجهول " من موت " جار ومجرور متعلق بقوله " واقيا " الآتي " حمى " نائب فاعل لحم " واقيا " حل من حمى " ولا " الواو عاطفة، ولا: زائدة لتأكيد النفي " ترى " فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت " من " زائدة " أحد " مفعول به لترى " باقيا " حال من أحد، وهذا مبني على أن " ترى " بصرية، فإذا جريت على أن ترى علمية كان قوله " باقيا " مفعولا ثانيا لترى.

=

ص: 260

ومنه: قوله تعالى (1) : {وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَاّ وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ} فـ "لها كتاب" جملة في موضع الحال من قرية وصح مجيء الحال من النكرة لتقدم النفي عليها ولا يصح كون الجملة صفة لقرية خلافا للزمخشري لأن الواو لا تفصل بين الصفة والموصوف وأيضا وجود إلا مانع من ذلك إذ لا يعترض بإلا بين الصفة والموصوف وممن صرح بمنع ذلك: أبو الحسن الأخفش في المسائل وأبو علي الفارسي في التذكرة.

ومثال ما وقع بعد الاستفهام قوله:

185-

يا صاح هل حم عيش باقيا فترى

لنفسك العذر في إبعادها الأملا

= الشاهد فيه: قوله " واقيا " و" باقيا " حيث وقع كل منهما حالا من النكرة، وهي " حمى " بالنسبة ل " واقيا " و" أحد " بالنسبة ل " باقيا " والذي سوغ ذلك أن النكرة مسبوقة بالنفي في الموضعين.

وإنما يكون الاستشهاد بقوله باقيا إذا جعلنا " ترى " بصرية، لانها تحتاج حينئذ إلى مفعول واحد، وقد استوفته، فالمنصوب الآخر يكون حالا، أما إذا جعلت " ترى " علمية فإن قوله " باقيا " يكون مفعولا ثانيا، كما بيناه في الاعراب.

(1)

انظر ما كتبناه عن هذه الآية في ص 633.

185 -

أكثر ما قيل في نسبة هذا البيت إنه لرجل من طيئ، ولم يعينه أحد ممن استشهد بالبيت أو تكلم عليه.

اللغة: " صاح " أصله صاحبي، فرخم بحذف آخره ترخيما غير قياسي، إذ هو في غير علم، وقياس الترخيم أن يكون في الاعلام، وهو أيضا مركب إضافي " هل حم عيش "(انظر ص 602 و637) والاستفهام ههنا إنكاري بمعنى النفي، فكأنه قال: ما قدر الله عيشا باقيا " العذر " هو كل ما تذكره لتقطع عنك ألسنة العتاب واللوم.

الاعراب: " يا " حرف نداء " صاح " منادى مرخم " هل " حرف استفهام =

ص: 261

ومثال ما وقع بعد النهي قول المصنف لا يبغ امرؤ على امرئ مستسهلا وقول قطري بن الفجاءة:

186-

لا يركنن أحد إلى الإحجام

يوم الوغى متخوفا لحمام

= " حم " فعل ماض مبني للمجهول " عيش " نائب فاعل حم " باقيا " حال من عيش " فترى " الفاء فاء السببية، ترى: فعل مضارع منصوب تقديرا بأن مضمرة بعد الفاء، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت " لنفسك " الجار والمجرور متعلق

بترى وهو المفعول الثاني قدم على المفعول الاول، ونفس مضاف وضمير المخاطب مضاف إليه " العذر " مفعول أول لترى " في إبعادها " الجار والمجرور متعلق بالعذر، وإبعاد مضاف، وها: مضاف إليه، وهي من إضافة المصدر إلى فاعله " الاملا " مفعول به للمصدر.

الشاهد فيه: قوله " باقيا " حيث وقع حالا من النكرة وهي قوله " عيش " والذي سوغ مجئ الحال منها وقوعها بعد الاستفهام الانكاري الذي يؤدي معنى النفي.

186 -

البيت كما قال الشارح العلامة لابي نعامة قطرى بن الفجاءة، التميمي، الخارجي، وقد نسبه ابن الناظم إلى الطرماح بن حكيم، ولهذا صرح الشارح بنسبته إلى قطرى، قصدا إلى الرد عليه، وقطري: بفتح القاف والطاء جميعا، والفجاءة: بضم الفاء.

اللغة: " الاحجام " التأخر والنكول عن لقاء العدو، والركون إليه: الميل إليه، والاعتماد عليه " الوغى " الحرب " الحمام " بكسر الحاء الموت.

المعنى: لا ينبغي لاحد أن يميل إلى الاعراض عن اقتحام الحرب، ويركن إلى التواني خوفا من الموت.

الاعراب: " لا " ناهية " يركنن " يركن: فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة في محل جزم بلا الناهية " أحد " فاعل يركن " إلى الاحجام " جار ومجرور متعلق بيركن " يوم " ظرف زمان متعلق بيركن أيضا، ويوم مضاف، و" الوغى " مضاف إليه " متخوفا " حال من أحد " لحمام " جار ومجرور متعلق بمتخوف.

الشاهد فيه: قوله " متخوفا " حيث وقع حالا من النكرة التي هي قوله " أحد "، والذي سوغ مجئ الحال من النكرة هنا هو وقوعها في حيز النهي بلا، ألا ترى أن قوله " أحد " فاعل يركن المجزوم بلا الناهية؟

ص: 262

واحترز بقوله غالبا مما قل مجيء الحال فيه من النكرة بلا مسوغ من المسوغات المذكورة ومنه قولهم مررت بماء قعدة رجل (1) وقولهم عليه مائة بيضا (2) وأجاز سيبويه فيها رجل قائما وفي الحديث صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعدا وصلى وراءه رجال قياما (3) .

وسبق حال ما بحرف جر قد

أبوا ولا أمنعه فقد ورد (4)

(1) قعدة رجل - بكسر القاف وسكون العين المهملة - أي مقدار قعدته.

(2)

بيضا - بكسر الباء الموحدة - جمع بيضاء، وهو حال من مائة، ولا يجوز أن يكون تمييزا، إذ لو كان تمييزا لوجب أن يكون مفردا لا جمعا، وأن يكون مجرورا لا منصوبا، لان تمييز المائة يكون كذلك.

(3)

اختلف النحاة في مجئ الحال من النكرة إذا لم يكن للنكرة مسوغ من المسوغات التي سبق بيانها في كلام الشارح وفي زياداتنا عليه، فذهب سيبويه رحمه الله إلى أن ذلك مقيس لا يوقف فيه على ما ورد به السماع، وذهب الخليل بن أحمد ويونس ابن حبيب - وهما شيخا سيبويه - إلى أن ذلك مما لا يجوز أن يقاس عليه، وإنما يحفظ ما ورد منه.

ووجه ما ذهب إليه سيبويه أن الحال إنما يؤتى بها لتقييد العامل، فلا معنى لاشتراط المسوغ في صاحبها.

(4)

" وسبق " مفعول به مقدم على عامله، وهو أبوا الآتي، وسبق مضاف، و" حال " مضاف إليه من إضافة المصدر لفاعله " ما " اسم موصول: مفعول به للمصدر " بحرف " جار ومجرور متعلق بقوله جر الآتي " جر " فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما الموصولة، والجملة من جر ونائب فاعله لا محل لها صلة الموصول " قد " حرف تحقيق " أبوا "

فعل وفاعل " ولا " الواو عاطفة، لا: نافية " أمنعه " أمنع: فعل مضارع، وفاعله =

ص: 263

مذهب جمهور النحويين أنه لا يجوز تقديم الحال على صاحبها المجرور بحرف (1) فلا تقول في مررت بهند جالسة مررت جالسة بهند.

وذهب الفارسي وابن كيسان وابن برهان إلى جواز ذلك وتابعهم المصنف لورود السماع بذلك ومنه قوله:

187 -

لئن كان برد الماء هيمان صاديا

إلي حبيبا إنها لحبيب

= ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا، والهاء مفعول به " فقد " الفاء للتعليل، وقد: حرف تحقيق " ورد " فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى سبق حال، وتقدير البيت: وقد أبى النحاة أن يسبق الحال صاحبه الذي جر بالحرف، ولا أمنع ذلك، لانه وارد في كلام العرب.

(1)

اعلم أن صاحب الحال قد يكون مجرورا بحرف جر غير زائد، كقولك: مررت بهند جالسة، وقد يكون مجرورا بحرف جر زائد، كقولك: ما جاء من أحد راكبا، فراكبا: حال من أحد المجرور لفظا بمن الزائدة.

ولا خلاف بين أحد من النحاة في أن صاحب الحال إذا كان مجرورا بحرف جر زائد جاز تقديم الحال عليه وتأخيره عنه، فيصح أن تقول: ما جاء من أحد راكبا، وأن تقول: ما جاء راكبا من أحد.

والخلاف بينهم منحصر في تقديم الحال على صاحبها المجرور بحرف جر أصلي.

187 -

البيت لعروة بن حزام العذري، وقبله: حلفت برب الراكعين لربهم خشوعا، وفوق الراكعين رقيب وبعده بيت الشاهد، وبعده قوله:

وقلت لعراف اليمامة: داوني فإنك - إن أبرأتني - لطبيب اللغة: " هيمان " مأخوذ من الهيام بضم الهاء وهو في الاصل: أشد العطش " صاديا " اسم فاعل فعله " صدى " من باب تعب إذا عطش.

الاعراب: " لئن " اللام موطئة للقسم، إن: شرطية " كان " فعل ماض ناقص، فعل الشرط " برد " اسم كان، وبرد مضاف، و" الماء " مضاف إليه " هيمان، صاديا " = (41 - شرح ابن عقيل 1)

ص: 264

فـ"هيمان وصاديا": حالان من الضمير المجرور بإلى وهو الياء وقوله:

188 -

فإن تك أذواد أصبن ونسوة

فلن يذهبوا فرغا بقتل حبال

فـ"فرغا" حال من قتل.

= حالان من ياء التكلم المجرورة محلا بإلى " إلى " جار ومجرور متعلق بقوله حبيبا الآتي " حبيبا " خبر كان " إنها " إن: حرف توكيد ونصب، وها: اسمه " لحبيب " اللام لام الابتداء، حبيب: خبر إن، والجملة من إن واسمها وخبرها جواب القسم، وجواب الشرط محذوف يدل عليه جواب القسم.

الشاهد فيه: قوله " هيمان صاديا " حيث وقعا حالين من الياء المجرورة محلا بإلى، وتقدما عليها كما أوضحناه في الاعراب.

188 -

البيت لطليحة بن خويلد الاسدي المتنبي، وبعد البيت المستشهد به قوله: وما ظنكم بالقوم إذ تقتلونهم أليسوا وإن لم يسلموا برجال؟ عشية غادرت ابن أرقم ثاويا وعكاشة الغنمي عنه بحال اللغة: " أذواد " جمع ذود، وهو من الابل ما بين الثلاث إلى العشر " فرغا " أي هدرا لم يطلب به " حبال " بزنة كتاب وهو ابن الشاعر، وقيل: ابن أخيه، وكان المسلمون قد قتلوه في حرب الردة، فقتل به منهم عكاشة بن محصن وثابت بن أرقم،

كما ذكر هو في البيت الثاني من البيتين اللذين أنشدناهما.

المعنى: يقول: لئن كنتم قد ذهبتم ببعض إبل أصبتموها وبجماعة من النساء سبيتموهن فلم أقابل صنيعكم هذا بمثله في ذلك، فالامر فيه هين والخطب يسير، والذي يعنيني أنكم لم تذهبوا بقتل حبال كما ذهبتم بالابل والنساء، ولكني شفيت نفسي ونلت ثأري منكم، فلم يضع دمه هدرا.

الاعراب: " فإن " شرطية " تك " فعل مضارع ناقص فعل الشرط، مجزوم بسكون النون المحذوفة للتخفيف " أذواد " اسم تك " أصبن " فعل ماض مبني للمجهول، ونون النسوة نائب فاعل، والجملة من أصيب ونائب فاعله في محل نصب خبر تك " ونسوة " معطوف على أذواد " فلن " الفاء واقعة في جواب الشرط، لن: نافية =

ص: 265

وأما تقديم الحال على صاحبها المرفوع والمنصوب فجائز نحو جاء ضاحكا زيد وضربت مجردة هندا.

ولا تجز حالا من المضاف له

إلا إذا اقتضى المضاف عمله (1)

أو كان جزء ما له أضيفا

أو مثل جزئه فلا تحيفا (2)

ناصبة " يذهبوا " فعل مضارع منصوب بلن، وعلامة نصبه حذف النون، وواو الجماعة فاعل " فرغا " حال من " قتل " الآتي " بقتل " جار ومجرور متعلق بيذهب، وقتل مضاف، و" حبال " مضاف إليه.

الشاهد فيه: قوله " فرغا " حيث وقع حالا من " قتل " المجرور بالباء وتقدم عليه.

(1)

" ولا " ناهية " تجز " فعل مضارع مجزوم بلا الناهية، والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت " حالا " مفعول به لتجز " من المضاف " جار ومجرور متعلق بمحذوف صفة لقوله " حالا " وقوله " له " جار ومجرور متعلق بالمضاف " إلا " أداة

استثناء " إذا " ظرف للمستقبل من الزمان تضمن معنى الشرط " اقتضى " فعل ماض " المضاف " فاعل اقتضى " عمله " عمل: مفعول به لاقتضى، وعمل مضاف، والهاء مضاف إليه، والجملة من الفعل والفاعل والمفعول في محل جر بإضافة " إذا " إليها، والجواب محذوف يدل عليه سابق الكلام.

(2)

" أو " عاطفة " كان " فعل ماض ناقص، واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى المضاف له " جزء " خبر كان، وجزء مضاف و" ما " اسم موصول مضاف إليه " له " جار ومجرور متعلق بأضيف الآتي " أضيف " فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما الموصولة، والجملة من أضيف ونائب فاعله لا محل لها صلة الموصول " أو " عاطفة " مثل " معطوف على جزء السابق، ومثل مضاف، وجزء من " جزئه " مضاف إليه، وجزء مضاف والهاء مضاف إليه " فلا " ناهية " تحيفا " فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة المنقلبة ألفا لاجل الوقف في محل جزم، والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت.

ص: 266

لا يجوز مجيء الحال من المضاف إليه (1) إلا إذا كان المضاف مما يصح عمله في الحال كاسم الفاعل والمصدر ونحوهما مما تضمن معنى الفعل فتقول هذا ضارب هند مجردة وأعجبني قيام زيد مسرعا ومنه قوله تعالى: {إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً} ومنه قول الشاعر:

تقول ابنتى: إن انطلاقك واحدا

إلى الروع يوما تاركي لا أباليا

(1) اختلف النحاة في مجئ الحال من المضاف إليه، فذهب سيبويه رحمه الله! - إلى أنه يجوز أن يجئ الحال من المضاف إليه مطلقا: أي سواء أتوفر له واحد من الامور الثلاثة المذكورة أم لم يتوفر، وذهب غيره من النحاة إلى أنه إذا توفر له واحد

من الامور الثلاثة جاز، وإلا لم يجز، والسر في هذا الخلاف أنهم اختلفوا في: هل يجب أن يكون العامل في الحال هو نفس العامل في صاحب الحال، أم لا يجب ذلك؟ فذهب سيبويه إلى أنه لا يجب أن يكون العامل في الحال هو العامل في صاحبها، بل يجوز أن يكون العامل فيهما واحدا وأن يكون مختلفا، وعلى ذلك أجاز أن يجئ الحال من المضاف إليه مطلقا، وذهب غيره إلى أنه لا بد من أن يكون العامل في الحال هو نفس العامل في صاحبها، وترتب على ذلك ألا يجوزوا مجئ الحال من المضاف إليه إلا إذا توفر له واحد من الامور الثلاثة التي ذكرها الناظم والشارح، وذلك لان المضاف إن كان عاملا في المضاف إليه بسبب شبهه للفعل لكونه مصدرا أو اسم فاعل كان كذلك عاملا في الحال فيتحد العامل في الحال والعامل في صاحبه الذي هو المضاف إليه، وإن كان المضاف جزء المضاف إليه أو مثل جزئه كان المضاف والمضاف إليه جميعا كالشئ الواحد، فيصير في هاتين الحالتين كأن صاحب الحال هو نفس المضاف، فالعامل فيه هو العامل في الحال، فاحفظ هذا التحقيق النفيس، واحرص عليه.

189 -

البيت لمالك بن الريب، أحد بني مازن بن مالك، من قصيدة له، وأولها قوله: ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة بجنب الغضى أزجي القلاص النواجيا فليت الغضى لم يقطع الركب عرضه وليت الغضى ماشى الركاب لياليا =

ص: 267

وكذلك يجوز مجيء الحال من المضاف إليه إذا كان المضاف جزءا من المضاف إليه أو مثل جزئه في صحة الاستغناء بالمضاف إليه عنه فمثال ما هو جزء من المضاف إليه قوله تعالى: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَاناً} ف إخوانا حال من الضمير المضاف إليه صدور والصدور جزء من المضاف إليه ومثال ما هو مثل جزء المضاف إليه في صحة الاستغناء بالمضاف إليه عنه قوله تعالى: {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيم َحَنِيفاً}

فـ"حنيفا" حال من

= اللغة: " الروع " الفزع، والمخافة، وأراد به ههنا الحرب، لان الخوف يتسبب عنها، فهو من باب إطلاق اسم المسبب وإرادة السبب " تاركي " اسم فاعل من ترك بمعنى صير.

المعنى: إن ابنتي تقول لي: إن ذهابك إلى القتال منفردا يصيرني لا محالة بلا أب، لانك تقتحم لظاها فتموت.

الاعراب: " تقول " فعل مضارع " ابنتي " ابنة: فاعل تقول، وابنة مضاف وياء المتكلم مضاف إليه " إن " حرف توكيد ونصب " انطلاقك " انطلاق: اسم إن، وانطلاق مضاف والكاف مضاف إليه من إضافة المصدر إلى فاعله " واحدا " حال من الكاف التي هي ضمير المخاطب " إلى الحرب " جار ومجرور متعلق بانطلاق " تاركي " تارك: خبر إن، وتارك مضاف وياء المتكلم مضاف إليه من إضافة اسم الفاعل إلى أحد مفعوليه، وفيه ضمير مستتر فاعل " لا " نافية للجنس " أبا " اسمها " ليا " جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر لا، والجملة من لا ومعموليها في محل نصب مفعول ثان لتارك، ويجوز أن يكون " أبا " اسم لا منصوبا بفتحة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم، واللام في " ليا " زائدة، وياء المتكلم مضاف إليه، وخبر لا محذوف، وكأنه قال: لا أبي موجود.

الشاهد فيه: قوله " واحدا " حيث وقع حالا من المضاف إليه - وهو الكاف في قوله " انطلاقك " - والذي سوغ هذا أن المضاف إلى الكاف مصدر يعمل عمل الفعل، فهو يتطلب فاعلا كما يتطلبه فعله الذي هو انطلق، وهذه الكاف هي الفاعل، فكان المضاف عاملا في المضاف إليه، ويصح أن يعمل في الحال لانه مصدر على ما علمت.

ص: 268

إبراهيم والملة كالجزء من المضاف إليه إذ يصح الاستغناء بالمضاف إليه عنها فلو قيل في غير القرآن أن اتبع إبراهيم حنيفا لصح.

فإن لم يكن المضاف مما يصح أن يعمل في الحال ولا هو جزء من المضاف إليه ولا مثل جزئه لم يجز أن يجيء الحال منه فلا تقول جاء غلام هند ضاحكة خلافا للفارسي وقول ابن المصنف رحمه الله تعالى إن هذه الصورة ممنوعة بلا خلاف ليس بجيد فإن مذهب الفارسي جوازها كما تقدم وممن نقله عنه الشريف أبو السعادات ابن الشجري في أماليه.

والحال إن ينصب بفعل صرفا

أو صفة أشبهت المصرفا (1)

فجائز تقديمه ك مسرعا

ذا راحل ومخلصا زيد دعا (2)

(1)" الحال " مبتدأ " إن " شرطية " ينصب " فعل مضارع مبني للمجهول فعل الشرط، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الحال " بفعل " جار ومجرور متعلق بينصب " صرفا " صرف: فعل ماض مبني للمجهول، وفيه ضمير مستتر جوازا تقديره هو يعود إلى فعل نائب فاعل، والجملة من صرف ونائب فاعله في محل جر نعت لفعل " أو " عاطفة " صفة " معطوف على فعل " أشبهت " أشبه: فعل ماض، والتاء للتأنيث، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي يعود إلى صفة " المصرفا " مفعول به لاشبه، والجملة من أشبهت وفاعله ومفعوله في محل جر صفة لقوله " صفة ".

(2)

" فجائز " الفاء لربط الجواب بالشرط، جائز: خبر مقدم " تقديمه " تقديم: مبتدأ مؤخر، وتقديم مضاف والهاء مضاف إليه من إضافة المصدر إلى مفعوله، والجملة =

ص: 269

يجوز تقديم الحال على ناصبها إن كان فعلا متصرفا أو صفة تشبه الفعل المتصرف والمراد بها ما تضمن معنى الفعل وحروفه وقبل التأنيث والتثنية والجمع كاسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبهة (1) فمثال تقديمها على الفعل المتصرف مخلصا زيد دعا فدعا فعل متصرف وتقدمت عليه الحال ومثال تقديمها على الصفة المشبهة له مسرعا ذا راحل.

فإن كان الناصب لها فعلا غير متصرف لم يجز تقديمها عليه فتقول ما أحسن زيدا ضاحكا ولا تقول ضاحكا ما أحسن زيدا لأن فعل التعجب غير متصرف في نفسه فلا يتصرف في معموله وكذلك إن كان

= في محل جزم جواب الشرط، وجملة الشرط وجوابه في محل رفع خبر المبتدأ الذي هو " الحال " في أول البيت السابق " كمسرعا " الكاف جارة لقول محذوف، مسرعا: حال مقدم على عامله وهو " راحل " الآتي " ذا " مبتدأ " راحل " خبر المبتدأ، وفيه ضمير مستتر جوازا تقديره هو فاعل، وهو صاحب الحال " ومخلصا " حال مقدم على عامله، وهو " دعا " الآتي " زيد " مبتدأ، وجملة " دعا " وفاعله المستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى زيد في محل رفع خبر.

(1)

أطلق الشارح كالناظم القول إطلاقا في أنه يجوز تقديم الحال على عاملها إذا كان هذا العامل فعلا متصرفا أو صفة تشبه الفعل المتصرف، وليس هذا الاطلاق بسديد بل قد يعرض أمر يوجب تأخير الحال على عاملها ولو كان فعلا متصرفا أو صفة تشبه الفعل المتصرف، وذلك في أربعة مواضع: الاول: أن يكون العامل مقترنا بلام الابتداء، كقولك: إني لازورك مبتهجا.

الثاني: أن يقترن العامل بلام القسم، كقولك: لاصومن معتكفا، وقولهم: لاصبرن محتسبا.

الثالث: أن يكون العامل صلة لحرف مصدري، كقولك: إن لك أن تسافر راجلا، وإن عليك أن تنصح مخلصا.

الرابع: أن يكون العامل صلة لال الموصولة، كقولك: أنت المصلى فذا، وعلى المذاكر متفهما.

ص: 270

الناصب لها

صفة لا تشبه الفعل المتصرف كأفعل التفضيل لم يجز تقديمها عليه وذلك لأنه لا يثنى ولا يجمع ولا يؤنث فلم يتصرف في نفسه فلا يتصرف في معموله فلا تقول زيد ضاحكا أحسن من عمرو بل يجب تأخير الحال فتقول زيد أحسن من عمرو ضاحكا (1) .

وعامل ضمن معنى الفعل لا

حروفه مؤخرا لن يعملا (2)

كـ "تلك ليت وكأن" وندر

نحو سعيد مستقرا في هجر (3)

لا يجوز تقديم الحال على عاملها المعنوي وهو ما تضمن معنى الفعل دون حروفه كأسماء الإشارة وحروف التمني والتشبيه والظرف والجار

(1) سيأتي للمصنف في هذا الباب والشارح الاستثناء من عدم عمل أفعل التفضيل في حال متقدمة، وذلك المستثنى نحو قوله " زيد مفردا أنفع من عمرو معانا " وسيذكر هناك (ص 650) ضابط هذا المثال.

(2)

" وعامل " مبتدأ " ضمن " فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه، والجملة من ضمن ونائب فاعله في محل رفع صفة لعامل " معنى " مفعول ثان لضمن، ومعنى مضاف، و" الفعل " مضاف إليه " لا " عاطفة " حروفه " حروف: معطوف على " معنى الفعل " وحروف مضاف وضمير الغائب مضاف إليه " مؤخرا " حال من الضمير المستتر في " يعمل " الآتي " لن " نافية ناصبة " يعملا " يعمل: فعل مضارع منصوب بلن، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى عامل الواقع مبتدأ، والالف للاطلاق، والجملة في محل رفع خبر المبتدأ.

(3)

" كتلك " الجار والمجرور متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف، أي: وذلك كائن كتلك " ليت، وكأن " معطوفان على تلك " وندر " فعل ماض " نحو " فاعل ندر " سعيد " مبتدأ " مستقرا " حال من الضمير المستكن في الجار والمجرور الآتي " في هجر " جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ.

ص: 271

والمجرور (1) نحو تلك هند مجردة وليت زيدا أميرا أخوك وكأن زيدا راكبا أسد وزيد في الدار أو عندك قائما فلا يجوز تقديم الحال على عاملها المعنوي في هذه المثل ونحوها فلا تقول مجردة تلك هند ولا أميرا ليت زيدا أخوك ولا راكبا كأن زيدا أسد.

وقد ندر تقديمها على عاملها الظرف نحو: زيد قائما عندك والجار

والمجرور

(1) اعلم أن ههنا أمرين لا بد من بيانهما حتى تكون على ثبت من الامر: الاول: أن العامل المعنوي قد يطلق ويراد به ما يقابل اللفظي، وهو شيئان: الابتداء العامل في المبتدأ، والتجرد من الناصب والجازم العامل في الفعل المضارع، وليس هذا المعنى مرادا في هذا الموضع، لان العامل المعنوي بهذا المعنى لا يعمل غير الرفع، فالابتداء يعمل في المبتدأ الرفع، والتجرد يعمل في الفعل المضارع الرفع أيضا، وحينئذ فالمراد بالعامل المعنوي ههنا: اللفظ الذي يعمل بسبب ما يتضمنه من معنى الفعل أفلا ترى أن " تلك " وغيرها من ألفاظ الاشارة إنما عملت في الحال لانها متضمنة معنى أشير؟ وهكذا.

الثاني: العوامل المعنوية بالمعنى المراد هنا كثيرة، وقد ذكر الشارح منها خمسة، وهي: أسماء الاشارة، وحروف التمني، وأدوات التشبيه، والظروف، والجار والمجرور، وقد بقي خمسة أخرى، أولها: حرف الترجي كلعل، نحو قولك: لعل زيدا أميرا قادم، وثانيها: حروف التنبيه مثل " ها " في قولك: ها أنت زيد راكبا،

فراكبا: حال من زيد، والعامل في الحال هو " ها "، وثالثها: أدوات الاستفهام الذي يقصد به التعجب كقول الاعشى: يا جارتا ما أنت جاره، عند من جعل " جاره " الاخرى حالا لا تمييزا، رابعها: أدوات النداء نحو " يا " في قولك: يأيها الرجل قائما، وخامسها:" أما " نحو قولهم: أما علما فعالم، عند من جعل تقدير الكلام: مهما يذكر أحد في حال علم فالمذكور عالم، فعلما على هذا التقدير حال من المرفوع بفعل الشرط الذي نابت عنه أما.

ص: 272

نحو: سعيد مستقرا في هجر ومنه قوله تعالى: {وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ (1) } في قراءة من كسر التاء وأجازه الأخفش قياسا.

ونحو: زيد مفردا أنفع من

عمرو معانا مستجاز لن يهن (2)

تقدم أن أفعل التفضيل لا يعمل في الحال متقدمة واستثنى من ذلك هذه المسألة وهي: ما إذا فضل شيء في حال على نفسه أو غيره في حال أخرى فإنه يعمل في حالين إحداهما متقدمة عليه والأخرى متأخرة عنه وذلك نحو زيد قائما أحسن منه قاعدا وزيد مفردا أنفع من عمرو معانا ف قائما ومفردا منصوبان بأحسن وأنفع وهما حالان وكذا قاعدا ومعانا وهذا مذهب الجمهور.

(1) القراءة المشهورة برفع السموات على الابتداء ورفع " مطويات " على أنه خبر المبتدأ، والجار والمجرور - وهو " بيمينه " - متعلق بمطويات، والقراءة التي يستدل بها الشارح برفع السموات على أنه مبتدأ، ونصب مطويات بالكسرة نيابة عن الفتحة على أنه حال صاحبه الضمير المستكن في الجار والمجرور، والجار والمجرور - وهو قوله (بيمينه) متعلق بمحذوف خبر المبتدأ.

(2)

" ونحو " مبتدأ " زيد " مبتدأ " مفردا " حال من الضمير المستتر في " أنفع " الآتي " أنفع " خبر المبتدأ الذي هو زيد " من عمرو " جار ومجرور متعلق بأنفع " معانا " حال من عمرو، وجملة المبتدأ والخبر في محل جر بإضافة نحو إليها " مستجاز " خبر المبتدأ الذي هو " نحو " في أول البيت " لن " نافية ناصبة " يهن " بمعنى يضعف: فعل مضارع منصوب بلن، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة، وسكن لاجل الوقف، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى " نحو " وجملة يهن وفاعله في محل رفع خبر ثان، أو صفحة للخبر السابق.

ص: 273

وزعم السيرافي أنهما خبران منصوبان بكان المحذوفة والتقدير زيد إذا كان قائما أحسن منه إذا كان قاعدا وزيد إذا كان مفردا أنفع من عمرو إذا كان معانا.

ولا يجوز تقديم هذين الحالين على أفعل التفضيل ولا تأخيرهما عنه فلا تقول زيد قائما قاعدا أحسن منه ولا تقول زيد أحسن منه قائما قاعدا.

والحال قد يجيء ذا تعدد

لمفرد فاعلم وغير مفرد (1)

يجوز تعدد الحال وصاحبها مفرد (2) أو متعدد.

فمثال الأول: جاء زيد راكبا ضاحكا ف راكبا وضاحكا حالان من زيد والعامل فيهما جاء.

ومثال الثاني: لقيت هندا مصعدا منحدرة ف مصعدا حال من التاء ومنحدرة حال من هند والعامل فيهما لقيت ومنه قوله:

190 -

لقي ابني أخويه خائفا

منجديه فأصابوا مغنما

(1)" الحال " مبتدأ، وجملة " يجئ " وفاعله المستتر فيه في محل رفع خبر

" ذا " حال من الضمير المستتر في يجئ، وذا مضاف و" تعدد " مضاف إليه " لمفرد " جار ومجرور متعلق يتعدد أو بمحذوف نعت لتعدد " فاعلم " فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت، والجملة لا محل لها اعتراضية بين المعطوف والمعطوف عليه، " وغير " الواو عاطفة، غير: معطوف على مفرد، وغير مضاف، و" مفرد " مضاف إليه.

(2)

ترك الشارح بيان المواضع التي يجب فيها تعدد الحال، ولوجوب ذلك موضعان، أولهما أن يقع بعد " إما " نحو قوله تعالى:(إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا) وثانيهما: أن يقع بعد " لا " النافية كقولك: رأيت بكرا لا مستبشرا ولا جذلان.

190 -

البيت من الشواهد التي لا يعلم قائلها =

ص: 274

فـ"خائفا" حال من "ابني" و"منجديه" حال من أخويه والعامل فيهما لقي.

فعند ظهور المعنى ترد كل حال إلى ما تليق به وعند عدم ظهوره يجعل أول الحالين لثاني الاسمين وثانيهما لأول الاسمين ففي قولك لقيت زيدا مصعدا منحدرا يكون مصعدا حالا من زيد ومنحدرا حالا من التاء.

وعامل الحال بها قد أكدا

في نحو: لا تعث في الأرض مفسدا (1)

= اللغة: " منجديه " مغيثيه، وهو مثنى منجد، ومنجد: اسم فاعل ماضيه أنجد، وتقول: أنجد فلان فلانا، إذا أغاثه وعاونه ودفع عنه المكروه " أصابوا " نالوا وأدركوا " مغنما " غنيمة.

الاعراب: " لقي " فعل ماض " ابني " ابن: فاعل لقي، وابن مضاف وياء المتكلم

مضاف إليه " أخويه " مفعول به للقي، والهاء مضاف إليه " خائفا " حال من ابني " منجديه " حال من أخويه " فأصابوا " الفاء عاطفة، أصابوا: فعل وفاعل " مغنما " مفعول به لاصابوا، والجملة من أصاب وفاعله ومفعوله معطوفة بالفاء على جملة لقي ومعمولاته.

الشاهد فيه: قوله " خائفا منجديه " فإن الحال متعددة لمتعدد، والنظرة الاولى تدل على صاحب كل حال فترده إليه، فإن واحدا من الحالين مفرد والآخر مثنى، وكذلك صاحباهما، فلا لبس عليك في أن تجعل المفرد للمفرد والمثنى للمثنى.

(1)

" وعامل " مبتدأ، وعامل مضاف، و" الحال " مضاف إليه " بها " جار ومجرور متعلق بأكد الآتي " قد " حرف تحقيق " أكدا " أكد: فعل ماض مبني للمجهول ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى عامل الحال، والالف للاطلاق، والجملة في محل رفع خبر المبتدأ " في نحو " جار ومجرور متعلق بأكد " لا " ناهية " تعث " فعل مضارع مجزوم بلا الناهية، والفاعل ضمير مستتر فيه =

ص: 275

تنقسم الحال إلى مؤكده وغير مؤكدة فالمؤكدة على قسمين وغير المؤكدة ما سوى القسمين.

فالقسم الأول: من المؤكدة ما أكدت عاملها وهي المراد بهذا البيت وهي كل وصف دل على معنى عامله وخالفه لفظا وهو الأكثر أو وافقه لفظا وهو دون الأول في الكثرة فمثال الأول لا تعث في الأرض مفسدا ومنه قوله تعالى: {ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ} وقوله تعالى: {وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ} ومن الثاني قوله تعالى: {وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً} وقوله تعالى: {وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ} .

وإن تؤكد جملة فمضمر

عاملها ولفظها يؤخر (1)

هذا هو القسم الثاني: من الحال المؤكدة وهي ما أكدت مضمون الجملة

= وجوبا تقديره أنت " في الارض " جار ومجرور متعلق بتعث " مفسدا " حال من الضمير المستتر في " تعث " وهو حال مؤكدة للعامل وهو " تعث " وجملة " تعث في الارض مفسدا " في محل جر بإضافة نحو إليها.

(1)

" وإن " شرطية " تؤكد " فعل مضارع، فعل الشرط، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي يعود إلى الحال " جملة " مفعول به لتؤكد " فمضمر " الفاء لربط الجواب بالشرط، مضمر: خبر مقدم " عاملها " عامل: مبتدأ مؤخر، وعامل مضاف وها: مضاف إليه، والجملة في محل جزم جواب الشرط " ولفظها " الواو عاطفة، لفظ: مبتدأ، ولفظ مضاف وها: مضاف إليه، وجملة " يؤخر " من الفعل المضارع المبني للمجهول ونائب الفاعل المستتر فيه في محل رفع خبر المبتدأ، وجملة المبتدأ وخبره في محل جزم معطوفة بالواو على جملة جواب الشرط.

ص: 276

وشرط الجملة: أن تكون اسمية وجزآها معرفتان جامدان نحو زيد أخوك عطوفا وأنا زيد معروفا ومنه قوله:

أنا ابن دارة معروفا بها نسبي

وهل بدارة با للناس من عار؟

فـ "عطوفا ومعروفا" حالان وهما منصوبان بفعل محذوف وجوبا والتقدير في الأول أحقه عطوفا وفي الثاني أحق معروفا.

ولا يجوز تقديم هذه الحال على هذه الجملة فلا تقول عطوفا زيد أخوك ولا معروفا أنا زيد ولا توسطها بين المبتدأ والخبر فلا تقول زيد عطوفا أخوك.

191 - البيت لسالم بن دارة، من قصيدة طويلة يهجو فيها فزارة، وقد أوردها التبريزي في شرحه على الحماسة، وذكر لهذه القصيدة قصة، فارجع إليها هناك.

اللغة: " دارة " الاكثرون على أنه اسم أمه، وقال أبو رياش: هو لقب جده، واسمه يربوع، ويجاب - هلى هذا القول - عن تأنيث الضمير الراجع إلى دارة في قوله " معروفا بها نسبي " بأنه عنى به القبيلة.

المعنى: أنا ابن هذه المرأة، ونسبي معروف بها، وليس فيها من المعرة ما يوجب القدح في النسب، أو الطعن في الشرف.

الاعراب: " أنا " ضمير منفصل مبتدأ " ابن " خبر المبتدأ، وابن مضاف، " ودارة " مضاف إليه " معروفا " حال " بها " جار ومجرور متعلق بمعروف " نسبي " نائب فاعل لمعروف لانه اسم مفعول " وهل " حرف دال على الاستفهام الانكاري " بدارة " جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم " من " زائدة " عار " مبتدأ مؤخر، مرفوع بضمة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد، وقوله " يا للناس " اعتراض بين المبتدأ والخبر، وياء: للنداء، واللام للاستغاثة.

الشاهد فيه: قوله " معروفا " فإنه حال أكدت مضمون الجملة التي قبلها.

ص: 277

وموضع الحال تجيء جمله

كـ "جاء زيد وهو ناو رحله (1) "

الأصل في الحال والخبر والصفة الإفراد وتقع الجملة موقع الحال كما تقع موقع الخبر والصفة ولا بد فيها من رابط وهو في الحالية إما ضمير نحو جاء زيد يده على رأسه أو واو وتسمى واو الحال وواو الابتداء وعلامتها صحة وقوع (2) إذ موقعها نحو جاء زيد وعمرو قائم التقدير إذ عمرو قائم أو الضمير والواو معا نحو جاء زيد وهو ناو رحلة.

(1)" موضع " ظرف مكان متعلق بتجئ، وموضع مضاف و" الحال " مضاف إليه " تجئ " فعل مضارع " جملة " فاعل تجئ " كجاء زيد " الكاف جارة لقول محذوف، كما سبق مرارا، وما بعدها فعل وفاعل " وهو " الواو واو الحال، وهو: ضمير منفصل مبتدأ " ناو " خبر المبتدأ، وفيه ضمير مستتر فاعل " رحله " مفعول به لناو، والجملة من المبتدأ والخبر في محل نصب حال.

(2)

يشترط في الجملة التي تقع حالا أربعة شروط، وقد ذكر الشارح تبعا للناظم من هذه الشروط واحدا، وهو: أن تكون الجملة مشتملة على رابط يربطها بالحال إما الواو، وإما الضمير، وإما هما معا والشرط الثاني: أن تكون الجملة خبرية، فلا يجوز أن تكون الحال جملة إنشائية، والشرط الثالث: ألا تكون جملة الحال تعجبية، والشرط الرابع: ألا تكون مصدرة بعلم استقبال، وذلك نحو " سوف " و" لن " وأدوات الشرط، فلا يصح أن تقول: جاء محمد إن يسأل يعط، فإن أردت تصحيح ذلك فقل: جاء زيد وهو إن يسأل يعط، فتكون الحال جملة اسمية خبرية.

ومن هذا الكلام - مع ما سبق في مبحث مجئ خبر المبتدأ جملة - تعرف أن الخبر والحال جميعا اشتركا في ضرورة وجود رابط يربط كلا منهما بصاحبه واختلفا في الشروط الثلاثة الباقية، فجملة الخبر تقع إنشائية وتعجبية على الاصح عند النحاة، وتصدر بعلم الاستقبال، وقد رأيت أن تصحيح المثال يكون بجعل جملة الشرط وجوابه خبرا، فتنبه لذلك كله، والله يوفقك ويرشدك.

ص: 278

وذات بدء بمضارع ثبت

حوت ضميرا ومن الواو خلت (1)

وذات واو بعدها انو مبتدا

له المضارع اجعلن مسندا (2)

الجملة الواقعة حالا: إن صدرت بمضارع مثبت لم يجز أن تقترن بالواو بل لا تربط إلا بالضمير نحو جاء زيد يضحك وجاء عمرو تقاد الجنائب بين يديه ولا يجوز دخول الواو فلا تقول جاء زيد ويضحك.

فإن جاء من لسان العرب ما ظاهره ذلك أول على إضمار مبتدأ بعد الواو ويكون المضارع خبرا عن ذلك المبتدأ وذلك نحو قولهم قمت وأصك عينه وقوله:

192 -

فلما خشيت أظافيرهم

نجوت وأرهنهم مالكا

(1)" وذات " مبتدأ، وذات مضاف، و" بدء " مضاف إليه " بمضارع " جار ومجرور متعلق ببدء " ثبت " فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى مضارع، والجملة في محل جر صفة لمضارع " حوت " حوى: فعل ماض، والتاء للتأنيث وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي يعود إلى ذات بدء، والجملة في محل رفع خبر المبتدأ " ضميرا " مفعول به لحوت " ومن الواو " الواو عاطفة، وما بعدها جار ومجرور متعلق بخلت " خلت " خلا: فعل ماض، والتاء لتأنيث، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي يعود إلى ذات بدء بمضارع، والجملة معطوفة على جملة الخبر.

(2)

" وذات " مبتدأ، وذات مضاف و" واو " مضاف إليه " بعدها " بعد: ظرف متعلق بانو الآتي، وبعد مضاف، وها: مضاف إليه " انو " فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت " مبتدا " مفعول به لانو " له " جار ومجرور متعلق باجعل الآتي " المضارع " مفعول أول لاجعل تقدم عليه، منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة " اجعلن " اجعل: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه

وجوبا تقديره أنت، والنون نون التوكيد الثقيلة " مسندا " مفعول ثان لاجعل.

192 -

البيت لعبد الله بن همام السلولي.

=

ص: 279

فـ"أصك، وأرهنهم" خبران لمبتدأ محذوف والتقدير وأنا أصك وأنا أرهنهم.

وجملة الحال سوى ما قدما

بواو أو بمضمر أو بهما (1)

= اللغة: " أظافيرهم " جمع أظفور بزنة عصفور والمراد هنا منه الاسلحة " نجوت " أراد تخلصت منهم.

الاعراب: " فلما " الفاء للعطف على ما قبله، لما: ظرف بمعنى حين متعلق بنجوت الآتي، وهو متضمن معنى الشرط " خشيت " فعل وفاعل " أظافيرهم " أظافير: مفعول به لخشيت، وأظافير مضاف وهم: مضاف إليه، والجملة من الفعل وفاعله ومفعوله في محل جر بإضافة " لما " الظرفية إليها " نجوت " فعل وفاعل، والجملة جواب " لما " الظرفية بما تضمنته من معنى الشرط " وأرهنهم " الواو واو الحال، أرهن: فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا، هم: مفعول أول لارهن، والجملة في محل رفع خبر لمبتدأ محذوف، والتقدير: وأنا أرهنهم، والجملة من المبتدأ وخبره في محل نصب حال " مالكا " مفعول ثان لارهن.

الشاهد فيه: قوله " وأرهنهم " حيث إن ظاهره ينبئ عن أن المضارع المثبت تقع جملته حالا، وتسبق بالواو، وذلك الظاهر غير صحيح، ولهذا قدرت جملة المضارع خبرا لمبتدأ محذوف كما فصلناه في الاعراب.

(1)

" وجملة " مبتدأ، وجملة مضاف، و" الحال " مضاف إليه " سوى " منصوب على الاستثناء أو على الظرفية، وسوى مضاف و" ما " اسم موصول مضاف

إليه " قدما " قدم: فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما الموصولة، والالف للاطلاق، والجملة من قدم ونائب فاعله لامحل لها صلة الموصول " بواو " جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ وهو قوله " جملة الحال " في أول البيت، وقوله " أو بمضمر، أو بهما " معطوفان على قوله بواو.

ص: 280

الجملة الحالية: إما أن تكون اسمية أو فعلية والفعل إما مضارع أو ماض وكل واحدة من الاسمية والفعلية إما مثبتة أو منفية وقد تقدم أنه إذا صدرت الجملة بمضارع مثبت لا تصحبها الواو بل لا تربط إلا بالضمير فقط (1) وذكر في هذا البيت أن ما عدا ذلك يجوز فيه أن يربط بالواو

(1) قد ذكر الشارح أن الجملة الحالية إذا كانت فعلية فعلها مضارع مثبت وجب أن تخلو هذه الجملة من الواو، وأن يكون رابطها الضمير، وقد بقي عليه بعض شروط يجب تحققها في هذه الجملة: منها ألا يتقدم بعض معمولات المضارع عليه، فلو تقدم معموله عليه اقترنت الجملة بالواو، ولهذا جوز القاضي البيضاوي في قوله تعالى (إياك نعبد وإياك نستعين) أن تكون جملة (وإياك نستعين) حالا من الضمير المستتر وجوبا في (نعبد) ومن الشروط أيضا: ألا تكون جملة المضارع المذكور مقترنة بقد، فإن اقترنت بها وجب أن تقترن بالواو، نحو قوله تعالى (لم تؤذونني وقد تعلمون أني رسول الله إليكم)، فجملة ما يشترط لخلو هذه الجملة من الواو أربعة شروط: أن تكون مضارعية، وأن تكون مثبتة، وأن يتقدم المضارع على كل ما يذكر معه من معمولاته، وألا يقترن بقد.

وقد ذكر الشارح بعد قليل أن الجملة المضارعية المنفية بلا تمتنع معها الواو، كما في قوله تعالى:(مالي لا أرى الهدهد) وبقي بعد ذلك خمس جمل يجب ألا تقترن بالواو، فيصير مجموع ما لا يجوز اقترانه بالواو من الحال الواقعة جملة سبعا ذكرنا لك

اثنتين منها.

(والثالثة) أن تكون مضارعية منفية بما، كقول الشاعر: عهدتك ما تصبو، وفيك شبيبة فمالك بعد الشيب صبا متيما؟ (الرابعة) الجملة المعطوفة على حال قبلها، نحو قوله تعالى:(فجاءها بأسنا بياتا أو هم قائلون) فجملة " هم قائلون " معطوفة على " بياتا ".

(الخامسة) الجملة المؤكدة لمضمون جملة قبلها، نحو قولك: هو الحق لا شك فيه، وقوله تعالى:(ذلك الكتاب لا ريب فيه) فجملة " لا ريب فيه " حال مؤكدة لمضمون جملة " ذلك الكتاب " في بعض أعاريب يحتملها هذا الكلام.

=

ص: 281

وحدها أو بالضمير وحده أو بهما فيدخل في ذلك الجملة الاسمية مثبتة أو منفية والمضارع المنفي والماضي المثبت والمنفي.

فتقول جاء زيد وعمرو قائم وجاء زيد يده على رأسه وجاء زيد ويده على رأسه وكذلك المنفي وتقول جاء زيد لم يضحك أو ولم يضحك أو ولم يقم عمرو وجاء زيد وقد قام عمرو وجاء زيد قد قام أبوه وجاء زيد وقد قام أبوه وكذلك المنفي ونحو جاء زيد وما قام عمرو وجاء زيد ما قام أبوه أو وما قام أبوه.

ويدخل تحت هذا أيضا المضارع المنفي بلا فعلى هذا تقول جاء زيد ولا يضرب عمرا بالواو.

وقد ذكر المصنف في غير هذا الكتاب أنه لا يجوز اقترانه بالواو كالمضارع المثبت وأن ما ورد مما ظاهره ذلك يؤول على إضمار مبتدأ كقراءة

= (السادسة) الجملة التي تقع بعد " إلا " سواء أكانت الجملة اسمية نحو قولك: ما صاحبت أحدا إلا زيد خير منه، أم كانت فعلية فعلها ماض نحو قولك: ما أرى رأيا

إلا رأيت صوابا، ونحو قوله تعالى:(يا حسرة على العباد ما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزئون) وقد ورد في الشعر اقتران الفعلية التي فعلها ماض والواقعة بعد " إلا " بالواو كما في قوله.

نعم امرأ هرم لم تعر نائبة إلا وكان لمرتاع لها وزرا فقيل: هو شاذ والقياس أن تخلو من الواو، وقيل: هو قليل لا شاذ.

(السابعة) الجملة الفعلية التي فعلها ماض مسبوق بأو العاطفة، نحو قولك: لاضربنه حضر أو غاب، وقول الشاعر: كن للخليل نصيرا جار أو عدلا ولا تشح عليه جاد أو بخلا

ص: 282

ابن ذكوان:

فاستقيما ولا تتبعان بتخفيف النون والتقدير وأنتما لا تتبعان ف لا تتبعان خبر لمبتدأ محذوف.

والحال قد يحذف ما فيها عمل

وبعض ما يحذف ذكره حظل (1)

يحذف عامل الحال جوازا أو وجوبا.

فمثال ما حذف جوازا أن يقال كيف جئت فتقول راكبا تقديره جئت راكبا وكقولك بلى مسرعا لمن قال لك لم تسر والتقدير بلى سرت مسرعا ومنه قوله تعالى: {أَيَحْسَبُ الإِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ} التقدير والله أعلم بلى نجمعها قادرين.

ومثال ما حذف وجوبا قولك زيد أخوك عطوفا ونحوه من الحال المؤكدة لمضمون الجملة وقد تقدم ذلك وكالحال النائبة مناب الخبر

(1)" والحال " مبتدأ " قد " حرف تحقيق " يحذف " فعل مضارع مبني

للمجهول " ما " اسم موصول نائب فاعل ليحذف، والجملة من الفعل ونائب الفاعل في محل رفع خبر المبتدأ " فيها " جار ومجرور متعلق بعمل الآتي " عمل " فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما الموصولة، والجملة لا محل لها صلة الموصول " وبعض " مبتدأ أول، وبعض مضاف و" ما " اسم موصول مضاف إليه " يحذف " فعل مضارع مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا، والجملة لامحل لها صلة الموصول " ذكره " ذكر: مبتدأ ثان، وذكر مضاف والهاء مضاف إليه " حظل " فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا، والجملة من حظل ونائب الفاعل في محل رفع خبر المبتدأ الثاني، وجملة المبتدأ الثاني وخبره في محل رفع خبر المبتدأ الاول.

ص: 283

نحو:

ضربي زيدا قائما التقدير إذا كان قائما وقد سبق تقرير ذلك في باب المبتدأ والخبر.

(1)

ومما حذف فيه عامل الحال وجوبا قولهم اشتريته بدرهم فصاعدا وتصدقت بدينار ف سافلا ف صاعدا وسافلا حالان عاملهما محذوف

(1) هنا أمران نحب أن ننبهك إليهما: الاول: أن عامل الحال على ثلاثة أنواع: نوع يجب ذكره ولا يجوز حذفه، ونوع يجب حذفه ولا يجوز ذكره، ونوع يجوز لك ذكره ويجوز لك حذفه.

فأما النوع الذي يجب ذكره ولا يجوز حذفه فهو العامل المعنوي كالظرف واسم الاشارة، فلا يحذف شئ من هذه العوامل، سواء أعلمت أم لم تعلم، لان العامل المعنوي ضعيف، فلا يقوى على أن يعمل وهو محذوف.

وأما النوع الذي يجب حذفه فقد بين الشارح ثلاثة مواضع من مواضعه وهي الحال المؤكدة لمضمون جملة، والحال النائبة مناب الخبر، والحال الدالة على

زيادة أو نقص بتدريج وبقي موضعان آخران، أولهما: أن ينوب عنه الحال كقولك لمن شرب: هنيئا، ومن ذلك قول كثير: هنيئا مريئا غير داء مخامر لعزة من أعراضنا ما استحلت وثانيهما: أن تدل الحال على توبيخ، كقولك: أقاعدا وقد جد الناس؟.

وأما النوع الذي يجوز ذكره وحذفه فهو ما عدا هذين النوعين.

الامر الثاني: أن الاصل في الحال نفسه - بسبب كونه فضلة - أنه يجوز حذفه، وقد يجب ذكره، وذلك في خمسة مواضع، أولها: أن يكون الحال مقصورا عليه، نحو قولك: ما سافرت إلا راكبا، وما ضربت عليا إلا مذنبا، وثانيها: أن يكون الحال نائبا عن عامله كقولك: هنيئا مريئا، تريد كل ذلك هنيئا مريئا، وثالثها: أن تتوقف عليه صحة الكلام كقوله سبحانه وتعالى: (وما خلقنا السموات والارض وما بينهما لاعبين) أو يتوقف عليه مراد المتكلم، نحو قوله تعالى:(وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى) ورابعها: أن يكون الحال جوابا، كقولك: بلى مسرعا، جوابا لمن قال لك: لم تسر، وخامسها: أن يكون الحال نائبا عن الخبر، نحو قولك: ضربي زيدا مسيئا.

ص: 284

وجوبا والتقدير فذهب الثمن صاعدا وذهب المتصدق به سافلا هذا معنى قوله وبعض ما يحذف ذكره حظل أي بعض ما يحذف من عامل الحال منع ذكره. (1)

(1) قد بقي الكلام على صاحب الحال من ناحية الذكر والحذف - بعد أن أتينا على ما يتعلق بالحال، وبالعامل فيها من هذه الناحية - فنقول: الاصل في صاحب الحال أن يكون مذكورا، وقد يحذف جوازا، وقد يحذف وجوبا

بحيث لا يجوز ذكره.

فيحذف جوازا إذا حذف عامله، نحو قولك: راشدا، أي تسافر راشدا، ويجوز أن تقول تسافر راشدا.

ويحذف وجوبا مع الحال التي تفهم ازديادا أو نقصا بتدريج، نحو قولهم: اشتريت بدينار فصاعدا، أي: فذهب الثمن صاعدا، ففي هذا حذف صاحب الحال وعامله.

ص: 285