الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المفعول المطلق
المصدر اسم ما سوى الزمان من
…
مدلولي الفعل كأمن من أمن (1)
الفعل يدل على شيئين الحدث والزمان ف قام يدل على قيام في زمن ماض ويقوم يدل على قيام في الحال أو الاستقبال وقم يدل على قيام في الاستقبال والقيام هو الحدث وهو أحد مدلولي الفعل وهو المصدر وهذا معنى قوله ما سوى الزمان من مدلولي الفعل فكأنه قال المصدر اسم الحدث كأمن فإنه أحد مدلولي أمن.
والمفعول المطلق: هو المصدر المنتصب توكيدا لعامله أو بيانا لنوعه أو عدده نحو ضربت ضربا وسرت سير زيد وضربت ضربتين.
وسمى مفعولا مطلقا لصدق المفعول عليه غير مقيد بحرف جر ونحوه بخلاف غيره من المفعولات فإنه لا يقع عليه اسم المفعول إلا مقيدا كالمفعول به والمفعول فيه والمفعول معه والمفعول له.
بمثله أو فعل أو وصف نصب
…
وكونه أصلا لهذين انتخب (2)
(1)" المصدر " مبتدأ " اسم " خبر المبتدأ، واسم مضاف، و" ما " اسم موصول مضاف إليه " سوى " ظرف متعلق بمحذوف صلة الموصول، وسوى مضاف، و" الزمان " مضاف إليه " من مدلولي " جار ومجرور متعلق بما تعلق به سوى، ومدلولي مضاف، و" الفعل " مضاف إليه " كأمن " جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مبتدأ محذوف، أي: وذلك كأمن " من أمن " جار ومجرور متعلق بمحذوف نعت لامن المصدر.
(2)
" بمثله " الجار والمجرور متعلق بنصب الآتي، ومثل مضاف والضمير مضاف إليه " أو فعل، أو وصف " معطوفان على مثل " نصب " فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل =
ينتصب المصدر بمثله أي بالمصدر نحو عجبت من ضربك زيدا ضربا شديدا أو بالفعل (1) نحو ضربت زيدا ضربا أو بالوصف (2) نحو أنا ضارب زيدا ضربا.
= ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى المصدر " وكونه " الواو عاطفة، كون: مبتدأ، وكون مضاف والضمير مضاف إليه من إضافة مصدر الفعل الناقص إلى اسمه " أصلا " خبر الكون من جهة النقصان " لهذين " جار ومجرور متعلق بقوله أصلا أو بمحذوف صفة له " انتخب " فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى كونه أصلا، والجملة في محل رفع خبر المبتدأ الذي هو كونه أصلا، وهذا خبره من جهة الابتداء.
(1)
يشترط في الفعل الذي ينصب المفعول المطلق ثلاثة شروط، الاول: أن يكون متصرفا، والثاني: أن يكون تاما، والثالث: ألا يكون ملغى عن العمل، فإن كان الفعل جامدا كعسى وليس وفعل التعجب ونعم وبئس، أو كان ناقصا ككان وأخواتها أو كان ملغى كظن وأخواتها إن توسطت بين المفعولين أو تأخرت عنهما - فإنه لا ينصب المفعول المطلق.
(2)
يشترط في الوصف الذي ينصب المفعول المطلق شرطان، أحدهما: أن يكون متصرفا وثانيهما أن يكون إما اسم فاعل وإما اسم مفعول وإما صيغة مبالغة، فإن كان اسم تفصيل لم ينصب المفعول المطلق بغير خلاف فيما نعلم، وأما قول الشاعر: أما الملوك فأنت اليوم الامهم لؤما، وأبيضهم سر بال طباخ فإن قوله " لؤما " مفعول مطلق، لكن ناصبه ليس هو قوله " الامهم " الذي هو أفعل تفضيل، ولكن ناصبه محذوف يدل عليه " الامهم " وتقدير الكلام - على هذا -: فأنت اليوم الامهم تلؤم لؤما، واختلفوا في الصفة المشبهة، فحملها قوم على أفعل التفضيل ومنعوا من نصبها المفعول المطلق، وذهب ابن هشام إلى جواز نصبها إياه
مستدلا بقول النابغة الذبياني: وأراني طربا في إثرهم طرب الواله أو كالمختبل فإن قوله " طرب الواله " مفعول مطلق، وزعم أن ناصبه قوله " طربا " الذي =
ومذهب البصريين أن المصدر أصل والفعل والوصف مشتقان منه وهذا معنى قوله وكونه أصلا لهذين انتخب أي المختار أن المصدر أصل لهذين أي الفعل والوصف.
ومذهب الكوفيين أن الفعل أصل والمصدر مشتق منه.
وذهب قوم إلى أن المصدر أصل والفعل مشتق منه والوصف مشتق من الفعل.
وذهب ابن طلحة إلى أن كلا من المصدر والفعل أصل برأسه وليس أحدهما مشتقا من الآخر.
والصحيح المذهب الأول لأن كل فرع يتضمن الأصل وزيادة والفعل والوصف بالنسبة إلى المصدر كذلك لأن كلا منهما يدل على المصدر وزيادة فالفعل يدل على المصدر والزمان والوصف يدل على المصدر والفاعل.
توكيدا أو نوعا يبين أو عدد
…
كسرت سيرتين سير ذي رشد (1)
= هو صفة مشبهة، وغيره يجعل هذه الصفة المشبهة دليلا على العامل، وليست هي العامل، والتقدير: أراني طربا في إثرهم أطرب طرب الواله إلخ، على نحو ما قالوه في أفعل التفصيل.
(1)
" توكيدا " مفعول به مقدم ليبين " أو نوعا " معطوف عليه " يبين " فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى المصدر " أو عدد " معطوف
على قوله " نوعا " السابق، ووقف عليه بالسكون على لغة ربيعة " كسرت " الكاف جارة لقول محذوف كما سبق مرارا، سرت: فعل وفاعل " سيرتين " مفعول مطلق يبين العدد " سير " مفعول مطلق يبين النوع، وسير مضاف، و" ذي " بمعنى صاحب مضاف إليه، وذي مضاف، و" رشد " مضاف إليه، مجرور بالكسرة الظاهرة، وسكنه للوقف.
المفعول المطلق يقع على ثلاثة أحوال كما تقدم:
أحدها: أن يكون مؤكدا نحو ضربت ضربا.
الثاني: أن يكون مبينا للنوع (1) نحو سرت سير ذي رشد وسرت سيرا حسنا.
الثالث: أن يكون مبينا للعدد نحو ضربت ضربة وضربتين وضربات.
وقد ينوب عنه ما عليه دل
…
كجد كل الجد وافرح الجذل (2)
(1) المفعول المطلق الذي يبين نوع عامله هو: ما يكون على واحد من ثلاثة أحوال الاول: أن يكون مضافا، نحو قولك: اعمل عمل الصالحين، وجد جد الحريص على بلوغ الغاية، وهذا النوع من باب النيابة عن مصدر الفعل نفسه، لاستحالة أن يفعل إنسان فعل غيره، وإنما يفعل فعلا (مماثلا) ؟ لفعل غيره، فالحقيقة في هذين المثالين أن تقول: اعمل عملا مشابها لعمل الصالحين، وجد جدا مماثلا لجد الحريص.
الثاني: أن يكون موصوفا، نحو قولك: اعمل عملا صالحا، وسرت سيرا وئيدا، وليس هذا من باب النيابة قطعا.
الثالث: أن يكون مقرونا بأل العهدية، نحو قولك: اجتهدت الاجتهاد، وجددت
الجد، وهذا يحتمل الامرين جميعا، فإذا كان المعهود بين المتكلم والمخاطب فعل شخص آخر كان من باب النيابة، وكأن المتكلم يقول: اجتهدت اجتهادا مثل ذلك الاجتهاد الذي تعلم أن فلانا قد اجتهده، وإن كان المعهود بينهما هو اجتهاد المتكلم نفسه، وأنه قصد بدخول أل عليه استحضار صورته لم يكن من باب النيابة، لانه فعله.
(2)
" وقد " هنا حرف تحقيق " ينوب " فعل مضارع " عنه " جار ومجرور متعلق بينوب " ما " اسم موصول: فاعل ينوب " عليه " جار ومجرور متعلق بدل الآتي " دل " فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما، =
قد ينوب عن المصدر ما يدل عليه ككل وبعض مضافين إلى المصدر نحو جد كل الجد (1) وكقوله تعالى: {فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ} وضربته بعض الضرب.
وكالمصدر المرادف لمصدر الفعل المذكور (2) نحو قعدت جلوسا وافرح الجذل فالجلوس نائب مناب القعود لمرادفته له والجذل نائب مناب الفرح لمرادفته له.
= والجملة لا محل لها صلة ما " كجد " الكاف جارة لقول محذوف، جد: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت " كل " مفعول مطلق، نائب عن المصدر، منصوب بالفتحة الظاهرة، وكل مضاف و" الجد " مضاف إليه " وافرح " الواو حرف عطف، افرح: فعل أمر، والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت " الجذل " مفعول مطلق.
(1)
ومنه قول مجنون بني عامر قيس بن الملوح: وقد يجمع الله الشتيتين بعدما يظنان كل الظن أن لا تلاقيا
(2)
اعلم أنه إذا وقع المصدر المنصوب بعد فعل من معناه لا من لفظه فلك في إعرابه ثلاثة أوجه:
الاول: أن تجعله مفعولا مطلقا، والنحاة في هذا الوجه من الاعراب على مذهبين فذهب المازني والسيرافي والمبرد إلى أن العامل فيه هو نفس الفعل السابق عليه، واختار ابن مالك هذا القول، وذهب سيبويه والجمهور إلى أن العامل فيه فعل آخر من لفظ المصدر، وهذا الفعل المذكور دليل على المحذوف.
الثاني: أن تجعل المصدر مفعولا لاجله إن كان مستكملا لشروط المفعول لاجله، الثالث: أن تجعل المصدر حالا بتأويل المشتق، فإذا قلت " فرحت جذلا " فجذلا: عند المازني ومن معه مفعول مطلق منصوب بفرحت، وعند سيبويه مفعول مطلق منصوب بفعل محذوف، وتقدير الكلام على هذا: فرحت وجذلت جذلا، وعلى الوجه الثاني هو مفعول لاجله بتقدير فرحت لاجل الجذل، وعلى الوجه الثالث حال بتقدير: فرحت حال كوني جذلان.
وكذلك ينوب مناب المصدر اسم الإشارة نحو ضربته ذلك الضرب وزعم بعضهم أنه إذا ناب اسم الإشارة مناب المصدر فلا بد من وصفه بالمصدر كما مثلنا وفيه نظر فمن أمثلة سيبويه ظننت ذاك أي ظننت ذاك الظن فذاك إشارة إلى الظن ولم يوصف به.
وينوب عن المصدر أيضا نحو ضربته زيدا أي ضربت الضرب ومنه قوله تعالى: {لا أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِنَ الْعَالَمِينَ} أي لا أعذب العذاب وعدده نحو ضربته عشرين ضربة ومنه قوله تعالى: {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} .
والآلة نحو ضربته سوطا والأصل ضربته ضرب سوط فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه والله تعالى أعلم.
وما لتوكيد فوحد أبدا
…
وثن واجمع غيره وأفردا (1)
لا يجوز تثنية المصدر المؤكد لعامله ولا جمعه بل تجب إفراده فتقول ضربت ضربا وذلك لأنه بمثابة تكرر الفعل والفعل لا يثنى ولا يجمع.
(1)" وما " اسم موصول مفعول مقدم على عامله وهو وحد الآتي " لتوكيد " جار ومجرور متعلق بمحذوف صلة ما " فوحد " الفاء زائدة، ووحد: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت " أبدا " منصوب على الظرفية " وثن " فعل أمر، وفيه ضمير مستتر وجوبا هو فاعله " واجمع " معطوف على ثن " غيره " تنازعه كل من ثن واجمع " وأفردا " الواو حرف عطف، وأفرد: فعل أمر مؤكد بالنون الخفيفة، وقلبت نون التوكيد ألفا للوقف، وفيه ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت هو فاعله.
وأما غير المؤكد وهو المبين للعدد والنوع فذكر المصنف أنه يجوز تثنيته وجمعه.
فأما المبين للعدد فلا خلاف في جواز تثنيته وجمعه نحو ضربت ضربتين وضربات وأما المبين للنوع فالمشهور أنه يجوز تثنيته وجمعه إذا اختلفت أنواعه نحو سرت سيرى زيد الحسن والقبيح.
وظاهر كلام سيبويه أنه لا يجوز تثنيته ولا جمعه قياسا بل يقتصر فيه على السماع وهذا اختيار الشلوبين.
وحذف عامل المؤكد امتنع
…
وفي سواه لدليل متسع (1)
المصدر المؤكد لا يجوز حذف عامله لأنه مسوق لتقرير عامله وتقويته والحذف مناف لذلك وأما غير المؤكد فيحذف عامله للدلالة عليه جوازا ووجوبا.
فالمحذوف جوازا كقولك سير زيد لمن قال أي سير سرت وضربتين لمن قال كم ضربت زيدا؟ والتقدير سرت سير زيد وضربته ضربتين.
وقول ابن المصنف: إن قوله وحذف عامل المؤكد امتنع سهو منه لأن
حذف
(1)" وحذف " مبتدأ، وحذف مضاف، و" عامل " مضاف إليه، وعامل مضاف، و" المؤكد " مضاف إليه " امتنع " فعل ماض، وفعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى حذف، والجملة من امتنع وفاعله في محل رفع خبر المبتدأ " وفي سواه " الواو حرف عطف، وما بعدها جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم، وسوى مضاف والضمير مضاف إليه " لدليل " جار ومجرور متعلق بمتسع " متسع " مبتدأ مؤخر.
قولك ضربا زيدا مصدر مؤكد وعامله محذوف وجوبا كما سيأتي ليس بصحيح (1) وما استدل به على دعواه من وجوب حذف عامل المؤكد بما سيأتي ليس منه وذلك لأن ضربا زيدا ليس من التأكيد في شيء بل هو أمر خال من التأكيد بمثابة اضرب زيدا لأنه واقع موقعه فكما أن اضرب زيدا لا تأكيد فيه كذلك ضربا زيدا وكذلك جميع الأمثلة التي ذكرها ليست من باب التأكيد في شيء لأن المصدر فيها نائب مناب العامل دال على ما يدل عليه وهو عوض منه ويدل على ذلك عدم جواز الجمع بينهما ولا شيء من المؤكدات يمتنع الجمع بينها وبين المؤكد.
ومما يدل أيضا على أن ضربا زيدا ونحوه ليس من المصدر المؤكد لعامله أن المصدر المؤكد لا خلاف في أنه لا يعملا واختلفوا في المصدر الواقع موقع الفعل هل يعمل أولا؟ والصحيح أنه يعمل ف زيدا في قولك ضربا زيدا منصوب ب ضربا على الأصح وقيل إنه منصوب بالفعل المحذوف وهو اضرب فعلى القول الأول ناب ضربا عن اضرب في الدلالة على معناه وفي العمل وعلى القول الثاني ناب عنه في الدلالة على المعنى دون العمل.
والحذف حتم مع آت بدلا
…
من فعله كندلا اللذ كاندلا (2)
(1) جملة " ليس بصحيح " خبر المبتدأ الذي هو قوله " وقول ابن المصنف ".
(2)
" والحذف حتم " مبتدأ وخبر " مع " ظرف منصوب على الطرفية، وهو متعلق بالخبر، ومع مضاف، و" آت " مضاف إليه " بدلا " حال من الضمير المستتر في آت " من فعله " الجار والمجرور متعلق بقوله بدلا، وفعل مضاف والضمير مضاف =
يحذف عامل المصدر وجوبا في مواضع:
منها: إذا وقع المصدر بدلا من فعله وهو مقيس في الأمر والنهي نحو قياما لا قعودا أي قم قياما ولا تقعد قعودا والدعاء نحو سقيا لك أي سقاك الله.
وكذلك: يحذف عامل المصدر وجوبا إذا وقع المصدر بعد الاستفهام المقصود به التوبيخ نحو أتوانيا وقد علاك المشيب؟ أي أتتوانى وقد علاك (1) .
ويقل حذف عامل المصدر وإقامة المصدر مقامه في الفعل المقصود به الخبر نحو أفعل وكرامة أي وأكرمك.
فالمصدر في هذه الأمثلة ونحوها منصوب بفعل محذوف وجوبا والمصدر نائب منابه في الدلالة على معناه
= إليه " كندلا " جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف، أو حال من الضمير المستتر في آت " اللذ " اسم موصول صفة لندلا " كاندلا " جار ومجرور متعلق بمحذوف صلة الموصول، والكاف في " كندلا " وفي " كاندلا " داخلة على مقصود فلظه، فكل منهما مجرور بكسرة مقدرة على آخره منع من ظهورها الحكاية.
(1)
اعلم أن المصدر الآتي بدلا من فعل على ضربين، أحدهما: المراد به طلب، وثانيهما: المراد به خبر، فأما المراد به طلب فأربعة أنواع، الاول: ما كان المراد به الامر كبيت الشاهد الآتي (رقم 162)، والثاني ما كان المراد به النهي كقولك: قياما لا قعودا، والثالث: ما كان المراد به الدعاء نحو: سقيا لك.
والرابع ما كان المراد به التوبيخ كقولهم " أتوانيا وقد جد الجد ".
وأما المراد به خبر فعلى ضربين: سماعي، ومقيس، فأما السماعي فنحو قولهم: لا أفعل ولا كرامة، وأما المقيس فهو أنواع كثيرة: منها ما ذكر تفصيلا لعاقبة جملة قبله.
ومنها ما كان مكررا.
أو محصورا، ومنها ما جاء مؤكدا لنفسه، أو لغيره، وقد تكفل الشارح ببيان ذلك النوع بيانا وافيا.
وأشار بقوله كندلا إلى ما أنشده سيبويه وهو قول الشاعر:
162 -
يمرون بالدهنا خفافا عيابهم
…
ويرجعن من دارين بجر الحقائب
على حين ألهى الناس جل أمورهم
…
فندلا زريق المال ندل الثعالب
162 - البيتان لاعشى همدان.
من كلمة يهجو فيها لصوصا.
اللغة: " الدهنا " يقصر ويمد - موضع معروف لبني تميم " عيابهم " العياب: جمع عيبة، وهي وعاء الثياب " دارين " قرية بالبحرين مشهورة بالمسك.
وفيه سوق " بجر " بضم فسكون - جمع بجراء، وهي الممتلئة، والحقائب: جمع حقيبة، وهي - هنا - العيبة أيضا " ألهى الناس " شغلهم وأورثهم الغفلة " جل أمورهم " بضم الجيم وتشديد اللام - معظمها وأكثرها " ندلا " خطفا في خفة وسرعة.
المعنى: هؤلاء اللصوص يمرون بالدهناء في حين ذهابهم إلى دارين، وقد صفرت عيابهم من المتاع فلا شئ فيها.
ولكنهم عندما يعودون من دارين يكونون قد ملاوا هذه العياب حتى انتفخت وعظمت.
وذلك ناشئ من أنهم يختلسون غفلة الناس بمهامهم وبمعظم أمورهم فيسطون على ما غفلوا عنه من المتاع وينادي بعضهم بعضا: اخطف خطفا سريعا، وكن خفيف اليد سريع الروغان.
الاعراب: " يمرون " فعل وفاعل " بالدهنا " جار ومجرور متعلق بيمر " خفافا " حال من الفاعل " عيابهم " عياب فاعل لخفاف.
وعياب مضاف وضمير الغائبين مضاف إليه " ويرجعن " فعل وفاعل، والتعبير بنون الاناث لتأويلهم بالجماعات.
أو لقصد تحقيرهم " من دارين " جار ومجرور متعلق بيرجع " بجر " حال من الفاعل، وبجر مضاف و" الحقائب " مضاف إليه " على " حرف جر " حين " ظرف زمان مبني على الفتح في محل جر، أو مجرور بالكسرة الظاهرة " ألهى " فعل ماض " الناس " مفعول به لالهى تقدم على فاعله " جل " فاعل ألهى، وجل مضاف.
وأمور من " أمورهم " مضاف إليه، وأمور مضاف وضمير الغائبين مضاف إليه " فندلا " مفعول مطلق منصوب بفعل محذوف " زريق " منادى بحرف نداء محذوف " المال " مفعول به =
فـ" ندلا "نائب مناب فعل الأمر وهو اندل والندل خطف الشيء بسرعة وزريق منادى والتقدير ندلا يا زريق المال وزريق اسم رجل وأجاز المصنف أن يكون مرفوعا بندلا وفيه نظر (1) لأنه إن جعل ندلا نائبا مناب فعل الأمر للمخاطب والتقدير أندل لم يصح أن يكون مرفوعا به لأن فعل الأمر إذا كان للمخاطب لا يرفع ظاهرا فكذلك ما ناب منابه وإن جعل نائبا مناب فعل الأمر للغائب والتقدير ليندل صح أن يكون مرفوعا به لكن المنقول أن المصدر لا ينوب مناب فعل الأمر للغائب وإنما ينوب مناب فعل الأمر للمخاطب نحو ضربا زيدا أي اضرب زيدا والله أعلم.
وما لتفصيل كإما منا
…
عامله يحذف حيث عنا (2)
= لقوله ندلا السابق " ندل " مفعول مطلق، مبين للنوع، وندل مضاف، و" الثعالب " مضاف إليه.
الشاهد فيه: قوله " فندلا " حيث ناب مناب فعله، وهو مصدر، وعامله محذوف وجوبا، على ما تبين لك في الاعراب.
(1)
ولو كان " زريق " فاعلا لجاء به منونا، لانه اسم رجل كما علمت، فلما جاء به غير منون علمنا أنه منادى بحرف نداء محذوف، ومن هنا تعلم أنه لا داعي لمناقشة الشارح التي رد بها على المصنف زعمه أن " زريق " فاعل.
(2)
" ما " اسم موصول: مبتدأ أول " لتفصيل " جار ومجرور متعلق بمحذوف صلة " كإما " جار ومجرور متعلق بمحذوف نعت لتفصيل " منا " مفعول مطلق حذف عامله وجوبا " عامله " عامل: مبتدأ ثان، وعامل مضاف والضمير مضاف إليه " يحذف " فعل مضارع مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى =
يحذف أيضا عامل المصدر وجوبا إذا وقع تفصيلا لعاقبة ما تقدمه (1) كقوله تعالى: {حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ} فإما منا بعد وإما فداء فمنا وفداء مصدران منصوبان بفعل محذوف وجوبا والتقدير والله أعلم فإما تمنون منا وإما تفدون فداء وهذا معنى قوله وما لتفصيل إلى آخره أي يحذف عامل المصدر المسوق للتفصيل حيث عن أي عرض.
كذا مكرر وذو حصر ورد
…
نائب فعل لاسم عين استند (2)
= عامل، والجملة من يحذف ونائب فاعله في محل رفع خبر المبتدأ الثاني، وجملة المبتدأ الثاني وخبره في محل رفع خبر المبتدأ الاول " حيث " ظرف متعلق بيحذف مبني على الضم في محل نصب " عنا " فعل ماض، والالف للاطلاق، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى عامل، والجملة من عن وفاعله في محل جر بإضافة حيث إليها (1) يشترط لوجوب حذف العامل من هذا النوع ثلاثة شروط، الاول: أن يكون المقصود به تفصيل عاقبة، أي بيان الفائدة المترتبة على ما قبله والحاصلة بعده، والشرط الثاني: أن يكون ما يراد تفصيل عاقبته جملة، سواء أكانت طلبية كالآية الكريمة التي تلاها الشارح، أم كانت الجملة خبرية كقول الشاعر: لاجهدن: فإما رد واقعة تخشى، وإما بلوغ السؤل والامل فإن كان ما يراد بيان الفائدة المترتبة عليه مفردا - نحو أن تقول: لزيد سفر فإما صحة وإما اغتنام - مال لم يجب حذف العامل، بل يجوز حذفه ويجوز ذكره، والشرط الثالث: أن تكون الجملة المراد بيان عاقبتها متقدمة عليه، فإن تأخرت مثل أن تقول: إما إهلاكا وإما تأديبا فاضرب زيدا لم يجب حذف العامل أيضا.
(2)
" كذا " جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم " مكرر " مبتدأ مؤخر
" وذو " معطوف على " مكرر " وذو مضاف، و" حصر " مضاف إليه، وجملة =
أي: كذلك يحذف عامل المصدر وجوبا إذا ناب المصدر عن فعل استند لاسم عين أي أخبر به عنه وكان المصدر مكررا أو محصورا (1) فمثال المكرر زيد سيرا سيرا والتقدير زيد يسير سيرا فحذف يسير وجوبا لقيام التكرير مقامه ومثال المحصور ما زيد إلا سيرا وإنما زيد سيرا والتقدير إلا يسير سيرا فحذف يسير وجوبا لما في الحصر من التأكيد القائم مقام التكرير.
فإن لم يكرر ولم يحصر لم يجب الحذف نحو زيد سيرا التقدير زيد يسير سيرا فإن شئت حذفت يسير وإن شئت صرحت به والله أعلم.
ومنه ما يدعونه مؤكدا
…
لنفسه أو غيره فالمبتدا (2)
= " ورد " وفاعله المستتر فيه في محل رفع نعت للمبتدأ وما عطف عليه " نائب " حال من الضمير المستتر في ورد، ونائب مضاف.
و" فعل " مضاف إليه " لاسم " جار ومجرور متعلق باستند الآتي، واسم مضاف، و" عين " مضاف إليه " استند " فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى فعل، والجملة من استند وفاعله في محل جر نعت لفعل.
(1)
يشترط لوجوب حذف العامل من هذا النوع أربعة شروط، الاول: أن يكون العامل فيه خبرا لمبتدأ أو لما أصله المبتدأ، والثاني: أن يكون المخبر عنه اسم عين، والثالث: أن يكون الفعل متصلا إلى وقت التكلم، لا منقطعا، ولا مستقبلا، والرابع أحد أمرين: أولهما أن يكون المصدر مكررا أو محصورا، كما مثل الشارح، أو معطوفا عليه، نحو: أنت أكلا وشربا، وثانيهما: أن يكون المخبر عنه مقترنا بهمزة
الاستفهام نحو: أأنت سيرا؟.
(2)
" ومنه " جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم " ما " اسم وصول: مبتدأ مؤخر " يدعونه " فعل وفاعل ومفعول أول " مؤكدا " مفعول ثان =
نحو له علي ألف عرفا
…
والثاني ك ابني أنت حقا صرفا (1)
أي من المصدر المحذوف عامله وجوبا ما يسمى المؤكد لنفسه والمؤكد لغيره.
فالمؤكد لنفسه: الواقع بعد جملة لا تحتمل غيره نحو له علي ألف عرفا أي اعترافا فاعترافا مصدر منصوب بفعل محذوف وجوبا والتقدير أعترف اعترافا ويسمى مؤكدا لنفسه لأنه مؤكد للجملة قبله وهي نفس المصدر بمعنى أنها لا تحتمل سواه وهذا هو المراد بقوله فالمبتدا أي فالأول من القسمين المذكورين في البيت الأول.
والمؤكد لغيره: هو الواقع بعد جملة تحتمله وتحتمل غيره فتصير بذكره نصا فيه نحو أنت ابني حقا فحقا مصدر منصوب بفعل محذوف وجوبا والتقدير أحقه حقا وسمي مؤكدا لغيره لأن الجملة قبله تصلح له ولغيره لأن قولك أنت ابني يحتمل أن يكون حقيقة وأن يكون مجازا
= والجملة من يدعو وفاعله ومفعوليه لا محل لها من الاعراب صلة الموصول " لنفسه " الجار والمجرور متعلق بيدعو، ونفس مضاف والهاء ضمير الغائب مضاف إليه " أو غيره " أو: حرف عطف، غير: معطوف على نفسه، وغير مضاف وضمير الغائب مضاف إليه " فالمبتدأ " مبتدأ.
(1)
" نحو " خبر للمبتدأ في آخر البيت السابق " له " جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم " على " جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من الضمير المستكن
في الجار والمجرور السابق " ألف " مبتدأ مؤخر " عرفا " مفعول مطلق، وجملة المبتدأ وخبره في محل جر بإضافة نحو إليها " والثان " مبتدأ " كابني " الكاف جارة لقول محذوف، والجار والمجرور متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف " ابني " ابن خبر مقدم، وابن مضاف، وياء المتكلم مضاف إليه " أنت " مبتدأ مؤخر، وجملة المبتدأ وخبره في محل نصب مقول لذلك القول المحذوف " حقا " مفعول مطلق " صرفا " نعت لقوله حقا.
على معنى: أنت عندي في الحنو بمنزلة ابني فلما قال حقا صارت الجملة نصا في أن المراد البنوة حقيقة فتأثرت الجملة بالمصدر لأنها صارت به نصا فكان مؤكدا لغيره لوجوب مغايرة المؤثر للمؤثر فيه.
كذاك ذو التشبيه بعد جملة
…
كـ "لي بكا بكاء ذات عضله (1) "
أي كذلك يجب حذف عامل المصدر إذا قصد به التشبيه بعد جملة مشتملة على فاعل المصدر في المعنى (2) نحو: لزيد صوت صوت حمار
(1)" كذاك " كذا جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم، والكاف حرف خطاب " ذو " اسم بمعنى صاحب: مبتدأ مؤخر، وذو مضاف و" التشبيه " مضاف إليه " بعد " ظرف متعلق بمحذوف حال، وبعد مضاف، و" جملة " مضاف إليه " كلي " الكاف جارة لقول محذوف.
لي: جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم " بكا " قصر للضرورة مبتدأ مؤخر " بكاء " مفعول مطلق، وبكاء مضاف و" ذات " مضاف إليه، وذات مضاف و" عضلة " مضاف إليه.
(2)
الشروط التي تشترط في هذا الموضوع سبعة شروط ثلاثة منها تشترط في المفعول المطلق نفسه، والاربعة الباقية في الكلام الذي يسبقه: فأما الثلاثة التي يجب أن تتحقق في المفعول المطلق فهي: أن يكون مصدرا، وأن
يكون مشعرا بالحدوث، وأن يكون المراد به التشبيه.
وأما الاربعة التي يجب أن تتحقق فيما يتقدمه فهي: أن يكون السابق عليه جملة، وأن تكون هذه الجملة مشتملة على فاعل المصدر، وأن تكون أيضا مشتملة على معنى المصدر، وأن يكون في هذه الجملة ما يصلح للعمل في المصدر.
فإن لم يكن المصدر مشعرا بالحدوث نحو قولك: لفلان ذكاء ذكاء الحكماء، أو لم تتقدمه جملة، بل تقدمه مفرد، كقولك: صوت فلان صوت حمار، أو تقدمته جملة ولكنها لم تشتمل على فاعل المصدر، كقولك: دخلت الدار فإذا فيها نوح نوح الحمام - ففي كل هذا المثل وما أشبهها لا يكون المصدر مفعولا مطلقا والعامل فيه محذوف وجوبا، بل هو فيما ذكرنا - مما تقدمته جملة - من الامثلة بدل مما قبله.
وله بكاء بكاء الثكلى فـ"صوت" حمار مصدر تشبيهي وهو منصوب بفعل محذوف وجوبا والتقدير يصوت صوت حمار وقبله جملة وهي لزيد صوت وهي مشتملة على الفاعل في المعنى وهو زيد وكذلك بكاء الثكلى منصوب بفعل محذوف وجوبا والتقدير يبكي بكاء الثكلى.
فلو لم يكن قبل هذا المصدر جملة وجب الرفع نحو: صوته صوت حمار وبكاؤه بكاء الثكلى وكذا لو كان قبله جملة وليست مشتملة على الفاعل في المعنى نحو هذا بكاء بكاء الثكلى وهذا صوت صوت حمار ولم يتعرض المصنف لهذا الشرط ولكنه مفهوم من تمثيله.