المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌المفعول معه ينصب تالي الواو مفعولا معه … في نحو سيري - شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك - جـ ٢

[ابن عقيل]

الفصل: ‌ ‌المفعول معه ينصب تالي الواو مفعولا معه … في نحو سيري

‌المفعول معه

ينصب تالي الواو مفعولا معه

في نحو سيري والطريق مسرعه (1)

بما من الفعل وشبهه سبق

ذا النصب لا بالواو في القول الأحق (2)

المفعول معه: هو الاسم المنتصب بعد واو بمعنى مع والناصب له ما تقدمه من الفعل أو شبهه.

فمثال الفعل سيري والطريق مسرعة أي سيري مع الطريق فالطريق منصوب بسيري ومثال شبه الفعل زيد سائر والطريق وأعجبني سيرك والطريق فالطريق منصوب بسائر وسيرك.

وزعم قوم أن الناصب للمفعول معه الواو وهو غير صحيح لأن كل

حرف اختص

(1)" ينصب " فعل مضارع مبني للمجهول " تالي " نائب فاعل ينصب، وتالي مضاف و" الواو " مضاف إليه " مفعولا " حال من نائب الفاعل " معه " مع: ظرف متعلق بقوله " مفعولا " ومع مضاف والضمير مضاف إليه " في نحو " جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف، والتقدير: وذلك كائن في نحو " سيري " فعل أمر، وياء المخاطبة فاعل، والجملة في محل جر بإضافة نحو إليها " والطريق " مفعول معه " مسرعة " حال من ياء المخاطبة في قوله سيري.

(2)

" بما " جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم " من الفعل " جار ومجرور متعلق بقوله سبق الآتي " وشبهه " الواو عاطفة، وشبه: معطوف على الفعل، وشبه مضاف والضمير مضاف إليه " سبق " فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما الموصولة، والجملة لا محل لها صلة " ما " المجرورة محلا بالباء " ذا " اسم إشارة مبتدأ مؤخر " النصب " بدل أو عطف بيان أو نعت لاسم الاشارة " لا " حرف عطف " بالواو " جار ومجرور معطوف على بما " في القول " جار ومجرور متعلق بقوله النصب السابق " الاحق " نعت للقول.

ص: 202

بالاسم ولم يكن كالجزء منه لم يعمل إلا الجر كحروف الجر وإنما قيل ولم يكن كالجزء منه احترازا من الألف واللام فإنها اختصت بالاسم ولم تعمل فيه شيئا لكونها كالجزء منه بدليل تخطي العامل لها نحو مررت بالغلام.

ويستفاد من قول المصنف في نحير سيري والطريق مسرعة أن المفعول معه مقيس فيما كان مثل ذلك وهو كل اسم وقع بعد واو بمعنى مع وتقدمه فعل أو شبهه وهذا هو الصحيح من قول النحويين (1) .

وكذلك يفهم من قوله بما من الفعل وشبهه سبق أن عامله لا بد أن يتقدم عليه فلا تقول والنيل سرت وهذا باتفاق أما تقدمه على مصاحبه نحو سار والنيل زيد ففيه خلاف والصحيح منعه. (2)

(1) يريد الشارح بالممائلة في قوله " مقيس فيما كان مثل ذلك إلخ " المشابهة فيما ذكر، وفي كون الاسم الذي بعد الواو مما لا يصح عطفه على ما قبل الواو.

وقد اختلف النحاة في هذه المسألة، فذهب الجمهور إلى أن كل اسم وقع بعد واو المعية وسبقته جملة ذات فعل أو شبهه، ولم يصح عطفه على ما قبله، فإنه يكون مفعولا معه، وذهب ابن جنى إلى أنه لا يجوز أن يكون مفعولا معه إلا إذا كان بحيث يصح عطفه على ما قبله من جهة المعنى، والصحيح ما ذهب إليه الجمهور، لانه قد ورد عنهم ما لا يحصى من الشواهد نثرا ونظما، وقولهم: سرت والطريق، واستوى الماء والخشبة - بمعنى ارتفع الماء حتى صار الماء مع الخشبة في مستوى واحد - من غير ضرورة ولا ملجئ ما، يقطع بذلك.

(2)

اختلف النحاة في تقديم المفعول معه على مصاحبه: أيجوز أم لا يجوز؟ فذهب ابن جنى إلى أن ذلك جائز، والذي يؤخذ من كلامه في كتابه " الخصائص " وغيره أنه استدل على جوازه بأمرين، أولهما أن المفعول معه يشبه المعطوف بالواو، والمعطوف بالواو يجوز تقديمه على المعطوف عليه، فتقول: جاء وزيد عمرو، كما قال الشاعر: ألا يا نخلة من ذات عرق عليك - ورحمة الله - السلام =

ص: 203

وبعد ما استفهام أو كيف نصب

بفعل كون مضمر بعض العرب (1)

حق المفعول معه أن يسبقه فعل أو شبهه كما تقدم تمثيله وسمع من كلام العرب نصبه بعد ما وكيف الاستفهاميتين من غير أن يلفظ بفعل

= والشئ إذا أشبه الشئ أخذ حكمه، وثاني الاستدلالين أنه ورد عن العرب المحتج بكلامهم تقديم المفعول معه على مصاحبه كما في قول يزيد بن الحكم الثقفي من قصيدة يعاتب فيها ابن عمه: جمعت وفحشا غيبة ونميمة ثلاث خصال لست عنها بمرعوي فزعم أن الواو في قوله " وفحشا " واو المعية، والاسم بعده منصوب على أنه مفعول معه، ومن ذلك أيضا قول بعض الفزاريين، وهو من شعراء الحماسة: أكنيه حين أناديه لاكرمه ولا ألقبه والسوءة اللقبا فزعم أن الواو في قوله " والسوءة " واو المعية، والاسم بعدها منصوب على أنه مفعول معه تقدم على مصاحبه وهو قوله " اللقبا " وأصل الكلام عنده: ولا ألقبه اللقبا والسوءة.

وليس ما ذهب إليه ابن جنى بسديد، ولا ما استدل به صحيح، أما تشبيه المفعول معه بالمعطوف فلئن سلمنا له شبهه به لم نسلم أن المعطوف يجوز أن يتقدم على المعطوف عليه، بل كونه تابعا ينادى بأن ذلك ممتنع، فأما البيت الذي أنشده شاهدا على تقديم المعطوف فضرورة أو مؤول، وأما البيتان اللذان أنشدهما على جواز تقديم المفعول معه على مصاحبه فبعد تسليم صحة الرواية يجوز أن تكون الواو فيهما للعطف وقدم المعطوف ضرورة.

(1)

" وبعد " ظرف متعلق بقوله " نصب " الآتي، وبعد مضاف، و" ما " قصد لفظه: مضاف إليه، وما مضاف و" استفهام " مضاف إليه من إضافة الدال إلى المدلول " أو " عاطفة " كيف " معطوف على " ما " السابق " نصب " فعل ماض " بفعل " جار ومجرور متعلق بنصب، وفعل مضاف، و" كون " مضاف إليه

" مضمر " نعت لفعل " بعض " فاعل نصب، وبعض مضاف، و" العرب " مضاف إليه.

ص: 204

نحو: ما أنت وزيدا (1) وكيف أنت وقصعة من ثريد فخرجه النحويون على أنه منصوب بفعل مضمر مشتق من الكون والتقدير ما تكون وزيدا وكيف تكون وقصعة من ثريد فزيدا وقصعة منصوبان ب تكون المضمرة.

والعطف إن يمكن بلا ضعف أحق

والنصب مختار لدى ضعف النسق (2)

(1) ومن ذلك قول أسامة بن الحارث بن حبيب الهذلي: ما أنت والسير في متلف يبرح بالذكر الضابط الشاهد في قوله " ما أنت والسير " حيث نصب " السير " على أنه مفعول معه من غير أن يتقدمه فعل، ومن ذلك قول الآخر، وهو من شواهد سيبويه: أتوعدني بقومك يابن حجل أشابات يخالون العبادا بما جمعت من حضن وعمرو وما حضن وعمرو والجيادا؟ الشاهد في قوله " وما حضن والجيادا " حيث نصب " الجياد " على أنه مفعول معه من غير أن يتقدم عليه فعل أو شبهه.

ومع ورود ذلك في كلام العرب المحتج به فإنه قليل، والكثير في مثل ذلك رفع ما بعد الواو على أنه معطوف على ما قبله، كما قال زياد الاعجم: تكلفني سويق التمر جرم وما جرم وما ذاك السويق؟ وكما قال أوس بن حجر: عددت رجالا من قعين تفجسا فما ابن لبينى والتفجس والفخر؟ وكما قال المخبل يهجو الزبرقان بن بدر:

يا زبرقان أخا بني خلف ما أنت - ويب - أبيك والفخر؟

(2)

" والعطف " مبتدأ " إن " شرطية " يمكن " فعل مضارع فعل الشرط، = (38 - شرح اين عقيل 1)

ص: 205

والنصب إن لم يجز العطف يجب

أو اعتقد إضمار عامل تصب (1)

الاسم الواقع بعد هذه الواو إما أن يمكن عطفه على ما قبله أولا.

فإن أمكن عطفه فإما أن يكون بضعف أو بلا ضعف.

فإن أمكن عطفه بلا ضعف فهو أحق من النصب نحو كنت أنا وزيد كالأخوين فرفع زيد عطفا على المضمر المتصل أولى من نصبه مفعولا معه لأن العطف ممكن للفصل والتشريك أولى من عدم التشريك ومثله سار زيد وعمرو فرفع عمرو أولى من نصبه.

وإن أمكن العطف بضعف فالنصب على المعية أولى من التشريك، (2)

= وجواب الشرط محذوف " بلا ضعف " الباء حرف جر، ولا: اسم بمعنى غير مجرور بالباء، وقد ظهر إعرابه على ما بعده بطريق العارية، ولا مضاف وضعف: مضاف إليه مجرور بكسرة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة العارية، والجار والمجرور متعلق بيمكن " أحق " خبر المبتدأ، وجملة الشرط وجوابه معترضة بين المبتدأ وخبره " والنصب مختار " مبتدأ وخبره " لدى " ظرف متعلق بمختار، ولدى مضاف و" ضعف " مضاف إليه، وضعف مضاف، و" النسق " مضاف إليه.

(1)

" النصب " مبتدأ " إن " شرطية " لم " نافية جازمة " يجز " فعل مضارع فعل الشرط " العطف " فاعل يجز، وجواب الشرط محذوف " يجب " فعل مضارع وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى النصب، والجملة في محل رفع خبر المبتدأ " أو اعتقد " أو: عاطفة، اعتقد: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا

تقديره أنت " إضمار " مفعول به لاعتقد، وإضمار مضاف و" عامل " مضاف إليه " تصب " فعل مضارع مجزوم في جواب الامر الذي هو اعتقد، ويجوز أن يكون يجب جواب الشرط، وتكون جملة الشرط وجوابه - على هذا - في محل رفع خبر المبتدأ.

(2)

الضعف الذي لا يتأتى معه العطف إما أن يكون لفظيا: أي عائدا إلى اللفظ بحسب ما تقتضيه صناعة الاعراب، وإما أن يكون معنويا.

وقد مثل الشارح للضعف اللفظي، ولم يمثل للضعف المعنوي: أي الذي يرجع إلى ما يريد المتكلم من المعنى، ومن أمثلته قولهم " لو تركت الناقة وفصيلها لرضعها " وبيانه أنك لو عطفت الفصيل =

ص: 206

لسلامته من الضعف نحو سرت وزيدا فنصب زيد أولى من رفعه لضعف العطف على المضمر المرفوع المتصل بلا فاصل وإن لم يمكن عطفه تعين النصب على المعية أو على إضمار فعل يليق به كقوله:

166 -

علفتها تبنا وماء باردا

= على الناقة لصار المعنى أن رضاع الفصيل للناقة متسبب عن مجرد تركك إياهما، وليس كذلك، فيلزمك أن تجعل التقدير على العطف: لو تركت الناقة وتركت فصيلها يرضعها تعني يتمكن من رضاعها لرضعها، فأما نصب هذا على أنه مفعول معه فيصير به المعنى: لو تركت الناقة مع فصيلها لرضعها، وهذا صحيح مؤد إلى المقصود، لان المعية يراد بها المعية حسا ومعنى، فالتكلف الذي استوجبه العطف لتصحيح المعنى هو الذي جعله ضعيفا، ومثله قول الشاعر: إذا أعجبتك الدهر حال من امرئ فدعه وواكل أمره واللياليا إذ لو عطفت " الليالي " على " أمره " لكنت محتاجا إلى تقدير: واكل أمره لليالي وواكل الليالي لامره، فأما جعل الواو بمعنى مع ونصب الاسم على أنه مفعول

معه فلا يحوج إلى شئ.

166 -

هذا البيت من الشواهد التي لم يذكر العلماء نسبتها إلى قائل معين، وقد اختلفوا في تتمته، فيذكر بعضهم أن الشاهد صدر بيت، وأن تمامه: حتى شتت همالة عيناها ويرويه العلامة الشيرازي عجز بيت، ويروي له صدرا هكذا: لما حططت الرحل عنها واردا اللغة: " شتت " يروى في مكانه " بدت " وهما بمعنى واحد " همالة " اسم مبالغة من هملت العين، إذا انهمرت بالدموع.

الاعراب: " علفتها " فعل وفاعل ومفعول أول " تبنا " مفعول ثان " وماء " ظاهره أنه معطوف على ما قبله، وستعرف ما فيه " باردا " صفة للمعطوف.

=

ص: 207

فماء منصوب على المعية أو على إضمار فعل يليق به والتقدير وسقيتها ماء باردا وكقوله تعالى: {فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ} فقوله وشركاءكم لا يجوز عطفه على أمركم لأن العطف على نية تكرار العامل إذ لا يصح أن يقال أجمعت شركائي وإنما يقال أجمعت أمري وجمعت شركائي فشركائي منصوب على المعية والتقدير والله أعلم فأجمعوا أمركم مع شركائكم أو منصوب بفعل يليق به والتقدير: فأجمعوا أمركم واجمعوا شركاءكم.

= الشاهد فيه قوله " وماء " فإنه لا يمكن عطفه على ما قبله، لكون العامل في المعطوف عليه لا يتسلط على المعطوف، إذ لا يقال " علفتها ماء " ومن أجل ذلك كان نصبه على أحد ثلاثة أوجه: إما بالنصب على المعية، وإما على تقدير فعل يعطف على

" علفتها " والتقدير: علفتها تبنا وسقيتها ماء، وإما على أن تضمن " علفتها " معنى " أنلتها " أو " قدمت لها " ونحو ذلك ليستقيم الكلام، وقد ذكر الشارح في البيت والآية الكريمة وجهين من هذه الثلاثة.

وسيأتي لهذا نظائر نذكرها مع شرح الشاهد (رقم 299) في مباحث عطف النسق، إن شاء الله تعالى.

ص: 208