المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب مخفوضات الأسماء - شرح الأجرومية للأسمري

[صالح الأسمري]

الفصل: ‌باب مخفوضات الأسماء

قال الْمُصَنِّف - يرحمه الله -: (وأما خبر كان وأخواتها

الخ)

حاصله: الإشارة إلى أن بقية الأسماء المنصوبة قد سبق الكلام عنها سواء أكانت من النواسخ كـ (كان وأخواتها) ، و (إنَّ وأخواتها) ، و (ظَنَّ وأخواتها) ، أم كانت من التوابع كالنعت والعطف وما إلى ذلك.

‌باب مخفوضات الأسماء

قوله (باب مخفوضات الأسماء)

يتعلق به شيئان:

أولهما:

تعريفها لغة؛ إذ هي مأخوذة من الخفض وهو ضد الارتفاع، تقول: هذا مكان منخفض أي غير مرتفع وفيه سُفْل.

والثاني:

في قول الْمُصَنِّف: (مخفوضات الأسماء) دلالة على أن الخفض خاص بالأسماء وسبق.

قوله: (المخفوضات ثلاثة أقسام: مخفوض بالحذف ومخفوض بالإضافة وتابعٌ للمخفوض)

يتعلق به شيئان:

أولهما:

تعيينه المخفوضات بأنها ثلاثة. ودليله الاستقراء كما قاله ابن هشام وغيره، إلا أن بعضهم زاد قسماً رابعاً، وهو المخفوض بالمجاورة، ويمثلون له بقول القائل:(هذا جحرُ ضبٍّ خَرِبٍ) . فكلمة (خَرِب) مجرورة بالكسرة الظاهرة على آخرها لمجاورتها لما خفض بالإضافة وهو المضاف إليه.

إلا أن الجمهور من النحاة على أن كلمة (خرب) صفة فهي داخلة في التوابع.

والثاني:

ذكره للأقسام الثلاثة:

أولها:

المخفوض بالحرف أي بحروف الجر وسبقت. وتأتي.

وثانيها:

المخفوض بالإضافة، أي عِلَّة خفضه الإضافة.

ومثاله:

كلمة (ضب) في قولك: (هذا جُحرُ ضبٍّ) ، لأن كلمة (جحر) مضاف و (ضب) مضاف إليه.

وليُعْلم أن الإضافة لا تجتمع مع شيئين:

أولهما: (ال) لان الإضافة تعريف كما سبق، و (ال) تعريف كما سبق، ولا يجتمع في الكلمة تعريفان.

والثاني: التنوين وسبق، لأن وجود التنوين في الكلمة يدل على كمالها في الاسمية، والإضافة تدل على نُقْصان الكلمة، فلا يجتمع في الكلمة نُقْصان وتمام.

وثالثها:

ص: 109

المخفوض بالتبعية، وسبقت التوابع الخمسة من النعت والعطف والبدل وغيرها ولذا لم يذكرها الْمُصَنِّف بعد ذلك تفصيلاً واقتصر على تفصيل الكلام فيما يتعلق بالقسمين الأولين.

قوله: (فأما المخفوض بالحرف فهو ما يُخفض بمن وإلى

الخ)

فيه ذكر للقسم الأول وهو المخفوض بحرف الجر وسبقت حروف الجر ذكراً وأعادها الْمُصَنِّف هنا للمناسبة.

أولها:حرف (مِنْ) الدال على معنى الابتداء.

كقولك: ذهبتُ من البيت إلى المدرسة، أي كان ابتداء ذهابك البيت.

ثانيها: حرف (إلى) الدال على الغاية.

كقولك: ذهبتُ من البيت إلى المدرسة، أي كان غاية ذهابك المدرسة.

وثالثها: حرف (عَنْ) الدال على معنى المجاوزة.

تقول: ذهبت عن المكان بعيداً. إذا جاوزته ذاهباً.

ورابعها: حرف (على) الدال على الاستعلاء.

تقول: كنت على الفرس واقفاً، أي عالياً فوقه.

وخامسها: حرف (في) الدال على الظرفية.

كقولك: في المسجد مصاحفُ عِدَّة. فدلَّ على أنَّ المسجد ظرف مكان للمصاحف.

وسادسها: حرف (رُبَّ) الدال على التقليل.

كقولك: رُبَّ مجتهد أخفق. تُقلِّل إخفاقه.

وسابعها: حرف الباء الدال على الالتصاق وغيره.

كقولك: أخذت بالكتاب واضعاً إياه أمامي، إذا حصل التصاق يدك به.

وثامنها: حرف الكاف الدال على التشبيه.

كقولك: عَمْرٌو كزَيْدٍ قوةً، إذا شبهته به.

وتاسعها: حرف اللام الدال على الاختصاص أو الْمِلكية.

مثال الاختصاص: كقولك: هذا المفتاح لهذا الباب. أي يخصه.

ومثال الْمِلكية: قولك: الكتاب لِزَيْدٍ، أي مُلكاً ومِلكيّة.

وعاشرها: حروف القسم وهي الواو والباء والتاء.

كقولك:تاللهِ لأجتهدنَّ في العلم حتى أبلغ ذراه.

وقولك: باللهِ يا زَيْدُ أعطني الدواة لأكتب العلم.

وكقولك: واللهِ ليَريَن الله مني خيراً في ميدان العلم.

حادي عشر: حرف الواو المتعلقة برُبَّ.

ص: 110

كقول امرئ القيس: (وليلٍ كموجِ البحرِ أرخى سُدُولَه) أي ورُبَّ ليلٍ، فالواو تدل على رُبَّ وهي مُقَدَّرة بعدها. ولذلك قيل واو رُبَّ.

ثاني عشر: حرف (مُذْ ومُنْذُ) وهي تدخل على ظرف الزمان كيوم وشهر وسنة وساعة.

مثاله:

مُذْ يومٍ لم أطعم لحماً، وكقولك: منذ سنةٍ لم أقرأ كتاباً.

قوله: (وأما ما يُخفض بالإضافة فنحو: ......الخ)

يتعلق به شيئان:

أولهما:

ذكر القسم الثاني وهو المخفوض بالإضافة وذكر الْمُصَنِّف عليه مثالاً وهو (غلام زَيْدٍ) .

إعرابه:

غلام: مضاف مرفوع بالضمة الظاهرة على آخره.

وزَيْدٍ: مضاف إليه مخفوض بالكسرة الظاهرة على آخره. وجملة (غلام زَيْدٍ) في مَحَلّ رَفْع خبر لمبتدأ تقديره (هذا) .

وأما الثاني:

فهو ذكر قسمين للمخفوض بالإضافة:

أولهما:

ما يُقَدَّر باللام ويدل على أحد معنيين: الاختصاص أو المِلكية وسبقا. وتقديره في جملة (غلام زَيْدٍ) أي غلام لِزَيْدٍ اختصاصاً أو ملكيةً.

وأما الثاني:

فما يُقَدَّر بـ (مِنْ) وهي بمعنى التبعيض هنا، وضابطه هو أن يكون المضاف جزءاً من المضاف إليه.

مثاله:

(هذا ثوبُ خَزٍّ)، إِذْ التقدير:(هذا ثوبٌ من خزٍّ)، والخز نوع من أنواع الثياب وكذلك قوله:(خاتم حديد) ، إذ الخاتم نوع من أنواع الحديد هنا.

وإلى ما سبق أشار الْمُصَنِّفُ بقوله: (فالذي يُقَدَّر باللام

الخ) .

وينضاف إلى القسمين السابقين قسماً ثالثاً تُقَدَّر فيه (في) المتعلقة بالمتعلقة بالظرفية وسبق التمثيل عليها. وذهب جماعة من النحاة إلى الاقتصار على القسمين السابقين لصلاحية الاستغناء بهما عن (في) .

وبهذا نكون قد انتهينا من شرح متن الآجرومية، نسأله سبحانه التوفيق والسداد، وصل اللهم وسلَّم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

ص: 111