المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب المبتدأ والخبر - شرح الأجرومية للأسمري

[صالح الأسمري]

الفصل: ‌باب المبتدأ والخبر

زَيْدٌ: اسم مرفوع بالضمة الظاهرة على آخره لأنه نائب فاعل أو مفعول لم يُسَمَّ فاعله.

وجملة (ضُرِبْتُ) :

ضُرِبَ: فعل ماضٍ مبني للمجهول بناءه على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك.

والتاء: ضمير متصل مبني على الضم في مَحَلّ رَفْع على أنه نائب فاعل أو مفعول لم يُسمَّ فاعله.

‌باب المبتدأ والخبر

يقول الْمُصَنِّف - يرحمه الله -: (باب المبتدأ والخبر)

يتعلق بهذه الجملة شيئان:

أولهما:

قوله: (باب المبتدأ والخبر) ؛ حَيْثُ جعله بعد الفاعل ونائبه، وجمهور النحاة يُقدِّمون (باب المبتدأ والخبر) على جميع المرفوعات لعلتين:

الأولى: كونه مرفوعاً أصالة دون سَبْق عامل لفظي خلافاً لغيره؛ إذ الفاعل سُبِق بعامل لفظي وهو الفعل.

والثانية: أصالة المبتدأ في باب الرفع؛ إذ هو الأصل في المرفوعات - قاله سيبويه في [الكتاب] .

وأما الثاني:

فيتعلق بتعريف لغوي لكلمتي (المبتدأ والخبر) .

فأما كلمة (المبتدأ) فمشتق من الابتداء، تقول: ابتدأتُ الشيء، أي دون معالجة سابقة - معالجة بمعنى مفاعلة - للشيء، قاله الأزهري في [التهذيب] .

وأما كلمة (الخبر) فمشتقة من الإخبار - كذا قال بعضهم - وجمهور أئمة اللسان على أنه مشتق من مادة (خَبَرَ) وله معانٍ، ومنها: الإنباء، تقول: أخبرتُ فلاناً بما في نفسي إذا أنبأتَهُ به.

قوله: (المبتدأ هو الاسم المرفوع العاري عن العوامل اللفظية)

هذه الجملة يتعلق بها شيئان:

أحدهما:

أنه تعريف اصطلاحي للمبتدأ، وللنحاة فيه عبارات منها: قول ابن هشام: المبتدأ هو الاسم المرفوع المجرَّد عن العوامل اللفظية للإسناد.

وأما الثاني:

فهو أنَّ تعريف الْمُصَنِّف - يرحمه الله - السابق يشمل قيوداً:

أولها: قوله (الاسم) ليخرج: الفعل والحرف.

وثانيها: قوله (المرفوع) ليخرج: الاسم المخفوض والمنصوب.

ص: 57

ثالثها: قوله (العاري عن العوامل اللفظية) العاري أَيْ الخالي، وهو بمعنى المجرَّد عن العوامل اللفظية.

وحقيقة (العوامل اللفظية) : تَقَدُّم لفظٍ على آخر يعمل فيه من جهة الإعراب.

مثاله:

(زيدٌ) في جملة (ضرب زيدٌ عَمْراً) . فهي اسم مرفوع لكن أثر فيه عامل اللفظ - وهو الفعل - فكان فاعلاً لا مبتدأً.

مثال ثان:

كلمة (محمدٌ) في جملة (كان محمدٌ مجتهداً) . حَيْثُ إِنها اسمٌ مرفوع لعامل لفظي وهو (كان) فليست مبتدأ.

قوله: (والخبر هو الاسم المرفوع المسند إِلَيْهِ)

يتعلق به شيئان:

أما الأول:

فهو أن هذه الجملة تعريفٌ اصطلاحي للخبر، وللنحاة فيه عبارات.

وأما الثاني:

فهو أنه يشتمل على قيود:

أولها: قوله (الاسم) ليخرج: الفعل والحرف.

وثانيها: قوله (المرفوع) ليخرج: المخفوض والمنصوب من الأسماء.

وثالثها: قوله (المسند إِلَيْهِ) أَيْ إِلى المبتدأ، والمعنى أنك تُخْبِرُ بالخبر عن معنى يتعلق بالمبتدأ.

مثاله:

الجملة الفعلية في قولك: (زَيْدٌ قَامَ) أَيْ: هو، فأسندتَ إِلى زيد فعل القيام، وحصل بذلك الإخبار عنه به.

تنبيه:

عند إعراب الجمل الخبرية ينبغي مراعاة قَيْد (الإسناد) ؛ إِذْ هو أهم علامة للخبر يُكشَف بها، ويُعْرَف.

فمثلاً:

جملة (الأخيار الأبرار جاءوا) . الخبر كلمة (جاءوا) ، وأما كلمة (الأبرار) فليست خبر للكلمة التي سبقتها، وإنما أُخِذَ ذلك بدلالة الإسناد؛ إِذ (المسند) هو المجيء، فكان خبراً عن مبتدأ.

قوله: (نحو قولك: زَيْدٌ قَائِمٌ والزيدان قائمان والزيدون قائمون)

يتعلق بها شيئان:

أما الأول:

فهو أن هذه الجملة توضيحية لما سبقها، وهو توضيح بالمثال.

وأما الثاني:

ففيها ثلاثة أمثلة:

أولها:قوله: (زَيْدٌ قَائِمٌ) .

إعرابه:

كلمة (زيد) : مبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة على آخره للابتداء.

كلمة (قائم) : خبر مرفوع بالضمة الظاهرة على آخره.

ص: 58

ثانيها قوله: (الزيدان قائمان) .

إعرابه:

كلمة (الزيدان) : مبتدأ مرفوع بالألف لأنه مثنى، ورافعه الابتداء، و (النون) نيابة عن التنوين في الاسم المفرد.

وكلمة قائمان: خبر مرفوع بالألف لأنه مثنى، و (النون) نيابة عن التنوين في الاسم المفرد.

وثالثها قوله: (الزيدون قائمون) .

إعرابه:

كلمة (الزيدون) : مبتدأ مرفوع بالواو لأنه جمع سلامة مذكر و (النون) فيه عوض عن التنوين في الاسم المفرد.

وكلمة (قائمون) : خبر المبتدأ مرفوع بالواو لأنه جمع سلامة مذكر و (النون) فيه عوض عن التنوين في الاسم المفرد.

تنبيه:

يجب أن يوافق الخبر المبتدأ في تذكيره وتأنيثه وفي جمعه وإفراده وتثنيته، وإلى هذا أشار الْمُصَنِّف - يرحمه الله - بالأمثلة الثلاثة السابقة.

قوله: (والمبتدأ قسمان: ظاهر ومضمر)

يتعلق به شيئان:

أما الأول:

فهو ذكر قسمة المبتدأ وأنَّه يرجع إِلى قسم ظاهر، وقسم مضمر.

ودليل القسمة شيئان:

الأول: الإجماع؛ حَيْثُ أجمع النحاة واللُّغَويين على تقسيم المبتدأ إِلى ذينك القسمين، وقد حكى الإجماع السيوطي في [همع الهوامع] وكذا غيره.

والثاني: الاستقراء؛ حَيْثُ استقرأ أئمة اللُّغَة والنحو كلام العرب في هذا الباب فوجدوه لا يخرج عن ذينك القسمين.

وأما الثاني:

فيتعلق بتوضيح كلمة (ظاهر ومضمر) وقد سبق.

قوله: (فالظاهر ما تقدم ذكره)

يعني من الأمثلة الثلاثة السابقة.

قوله: (والمضمر اثنا عشر وهي: أنا ونحن

الخ)

فيه ذِكرٌ للمضمرات وهي ترجع إِلى ثلاثة أشياء:

أولها:

ضمير الخطاب والتكَلُّم كـ (أنا، ونحن) .

ومثاله:

قولك: (أنا زيد) .

حَيْثُ إِنَّ كلمة (أنا) ضمير مبني على السكون في مَحَلّ رفع مبتدأ.

(زيد) : خبره مرفوع بالضمة الظاهرة على آخره.

وأما (نحن) فقولك: (نحن أهل خير) .

فكلمة (نحن) : مبنية على الضم في مَحَلّ رفع مبتدأ.

وجملة (أهل خير) خبر المبتدأ.

وثانيها:

ص: 59

ضمير المخاطبة كـ (أنتَ) ، و (أنتِ) ، و (أنتما) ، و (أنتم) ، و (أنتنَّ) .

ومثاله:

(أنتَ زيدٌ) .

فـ (أنت) : ضمير مبني على الفتح في مَحَلّ رفع مبتدأ.

(زيد) : خبره مرفوع بالضمة الظاهرة على آخره.

وثالثها:

ضمير الغيبة كـ (هو) ، و (هي) ، و (هما) ، و (هم) ، و (هنَّ) .

مثاله:

قولك: هو زيدٌ.

فكلمة (هو) : ضمير مبني على الفتح في مَحَلّ رفع مبتدأ.

وزيد: خبر المبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة على آخره.

قوله: (نحو قولك: أنا قائم ونحن قائمون وما أشبه ذلك)

فيه إيضاحٌ بالمثال للقسم الثاني وهو المضمر، وسبق.

قوله: (والخبر قسمان: مفرد وغير مفرد)

يتعلق به شيئان:

أما الأول:

فتقسيمه الخبر إِلى ذينك القسمين، ودليله: الاستقراء.

وأما الثاني:

فيتعلق بمعنى كلٍ، فكلمة (مفرد) يُقْصَدُ بها: ما لم يكن جملة كـ (زيد) في جملة (هو زيد) .

وأما قوله (غير مفرد)

فيشمل نوعين:

أما الأول:

فالجملة، وهي نوعان:

أحدهما:

جملة اسمية، مَثَّلَ لَهَا الْمُصَنِّف بقوله:(زيد جاريته ذاهبة) .

فكلمة (زيد) : مبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة على آخره.

والجملة الاسمية (جاريته ذاهبة) : خبرٌ لـ (زيد)

وثانيها:

الجملة الفعلية، ومَثَّلَ لَهَا الْمُصَنِّف بقوله:(زَيْدٌ قَامَ أبوه) .

إِذْ كلمة (زيد) : مبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة على آخره.

والجملة الفعلية (قام أبوه) : خبرٌ لـ (زيد) .

وأما الثاني:

فشبه الجملة، وهو نوعان:

أما الأول:

فالجار والمجرور ومَثَّلَ لَهُ الْمُصَنِّف بقوله: (زَيْدٌ في الدَّارِ) .

فكلمة (زيد) : مبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة على آخره.

وشبه الجملة المكون من الجار والمجرور (في الدار) : خبرٌ لـ (زيد) .

وثانيها:

الظرف وهو نوعان:

ظرف زمان.

وظرف مكان.

ومَثَّلَ لَهُ الْمُصَنِّف - يرحمه الله - بقوله: (زيد عندك) .

فكلمة (زيد) : مبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة على آخره.

ص: 60

وشبه الجملة المكون من ظرف المكان: خبرٌ لـ (زيد) .

ثم هاهنا فوائد تتعلق بما سبق:

الأولى:

أن الخبر إذا كان جملة ولَيْسَ في معنى المبتدأ فلابد من رابط بينه وبين المبتدأ يربطه بالمبتدأ.

مثاله: الضمير في قولك: (زَيْدٌ قَامَ أبوه) .

حَيْثُ إِن كلمة (زَيْدٌ) : مبتدأ خبره الجملة الفعلية وهي: (قام أبوه) والرابط بينها وبين المبتدأ الضمير في كلمة (أبوه) لأنه يعود على المبتدأ - أي (أبو زَيْدٍ) .

ومن الروابط: الإشارة كما في قوله تعالى {ولباس التقوى ذلك خيرٌ} .

فـ (لباس) : مبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة على آخره وهو مضاف.

و (التقوى) : مضاف إليه مخفوضة بالكسرة الْمُقَدَّرَة على آخره منع من ظهورها التعذر.

وجملة (ذلك خيرٌ) : مُكَوَّنَة من مبتدأ ثانٍ، وخبر له في مَحَلّ رَفْع خبر للمبتدأ الأول وهو (لباس) ، والرابط بين هذه الجملة والمبتدأ موجودة في كلمة (ذلك) وهو ما يُسَمَّى عند النحاة برابط الإشارة؛ لأن كلمة (ذلك) اسم إشارة فيها إشارة إلى شيء وهو (لباس) فحصل الربط.

ومن الروابط: إعادة المبتدأ بلفظه، مثاله:{الحاقةُ ما الحاقةُ} .

فكلمة (الحاقة) الأولى: مبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة على آخره.

(ما الحاقة) : جملة اسمية مُكَوَّنَة من مبتدأ ثانٍ وهو (ما) وخبرٌ وهو (الحاقة) وهذه الجملة الاسمية في مَحَلّ رَفْع خبر للمبتدأ الأول، والرابط بينها وبين المبتدأ الأول هو إعادة المبتدأ بلفظه.

تنبيه:

إنما يكون الرابط متيقناً وجوده بشرطين سبق الإشارة إليهما:

أولهما:

أن يكون الخبر جملة اسمية أو فعلية، فإذا لم يكن جملة فلا رابط حينئذٍ.

والثاني:

أن لا يكون الخبر في معنى المبتدأ؛ إذ لو كان في معنى المبتدأ فلا رابط بينهما؛ لأن الجميع بمعنىً، مثاله: قول الله عز وجل {قل هو الله أحد} .

كلمة (هو) : مبتدأ.

ص: 61