المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ المعرفة والنكرة - شرح الأجرومية للأسمري

[صالح الأسمري]

الفصل: ‌ المعرفة والنكرة

وأما الثالث فـ: مررت بزَيْدٍٍ العاقلِ، وهو مثال على حالة الخفض؛ إذ كلمة (العاقل) نعت لـ (زَيْدٍ) وهو مخفوض بحرف الجر فتبعته.

وأما النعت السببَي فيمثل له في حالة الرفع بـ (جاء زَيْدٌ العاقلُ أبوه) ، وفي حالة النصْب بـ (رأيت زيداً العاقلَ أبوه) ، وفي حالة الخفض بـ (مررت بزَيْدٍ العاقلِ أبوه) .

يقول الْمُصَنِّف - يرحمه الله - (والمعرفة خمسة أشياء: الاسم المضمر

الخ)

هذه الجملة ذكر فيها الْمُصَنِّف - يرحمه الله -‌

‌ المعرفة والنكرة

، وقدَّم المعرفة على النكرة ذكراً، لعلو منزلتها مع أن كثيراً من النحويين يقدمون النكرة؛ لأنها الأصل؛ ولأن المعارف مستخرجة منها.

فلتقديم الْمُصَنِّف المعرفة على النكرة وجهان:

أما الأول:

فسبق وهو علو مرتبة المعرفة على النكرة.

وأما الثاني:

فلأن معرفة الشيء المحدَّد ذا العدد أسهل من معرفة ما هو أوسع منه دائرة وبدون حد وعدد، وهو ما يُسَمِّيه العارفون بمراعاة التدرج في التعليم.

وإنما ذكر الْمُصَنِّف - يرحمه الله - المعرفة والنكرة هنا تحت باب النعت؛ لتعلقها بباب النعت حَيْثُ سبق أن النعت يتبع منعوته في تعريفه - أي كونه معرفة -، وتنكيره - أي كونه نكرة -.

فقد يقول قائل: ما هي المعرفة وما هي النكرة؟

فكان الجواب: (المعرفة خمسة أشياء: الاسم المضمر

) إلى أخر كلام الْمُصَنِّف.

قوله: (المعرفة)

يتعلق به شيئان:

أولهما:

تعريفه من حَيْثُ اللُّغَة؛ إذ أنه يرجع إلى مادة العين والراء والفاء، ومنها قولهم: عرفت الشيء معرفة إذا عقلته وعلمت به وأدركته.

وأما الثاني:

فهو تعريفها من حَيْثُ الاصطلاح، وتُعَرَّف بأنها: ما دَلَّتْ عَلَى مُعَيَّنٍ بعيدٍ لفظي أو معنوي.

مثال القَيْد اللفظي:

دخول (ال) التعريفية على النكرات ككلمة (الرجل) .

ومثال المعنوي:

اسم الإشارة؛ لأنه يدل على مُعَيَّنٍ بواسطة الإشارة، والإشارة شيء معنوي.

قوله (خمسة أشياء)

ص: 72

يتعلق به شيئان:

أولهما:

حَصْره المعارف كُلَّها في أشياء خمسة. ودليل ذلك شيئان:

الأول:

الاستقراء التام؛ حَيْثُ استقرأ أئمة اللُّغَة والنحو الكلمات العربية فوجدوا المعارف لا تخرج عن تلك الأشياء الخمسة.

والثاني:

الإجماع؛ وقد حكاه عن أئمة اللُّغَة غير واحد ومنهم: الصبَّان في [حاشيته على التصريح] وكذا غيره.

وأما الثاني:

فهو أن المشهور عند النحويين عَدّ المعارف بستٍّ، والاختلاف بينهم وبين الْمُصَنِّف لفظي؛ إِذْ إِنَّ الجمهور يذكرون اسم الإشارة والاسم الموصول كُلاًّ على حِدة خلافاً للمصنف فقد ذكرهما باسم واحد، وهو قوله (الاسم الْمُبْهَم) .

قوله (الاسم المضمر نحو: أنا وأنت)

يتعلق به ثلاثة أشياء:

أولها:

أن المضمر والضمير بمعنىً واحد، وهو ما دَلَّ على مُعَيَّنٍ بقَيْد التكَلُّم أو الخطاب أو الغَيْبَة.

فمثال قَيْد التكَلُّم: (أنا) .

ومثال قَيْد الخطاب: (أنت) .

ومثال قَيْد الغيبة: (هو) .

وثانيها:

هو أن الضمائر ثلاثة أنواع:

أولاً:

ضمائر التكَلُّم. وهي ضميران:

أولهما:

(أنا) ، وهو يدل على الْمُتَكَلِّم المفرد.

والثاني:

(نحن)، وهو يدل على أحد شيئين:

الأول: الجماعة الْمُتَكَلِّمة.

الثاني: المفرد الْمُعَظِّم لنفسه.

ثانياً:

ضمائر الخطاب، أو المخاطبة وهي خمسة:

الأول:

(أنتَ) ، للمفرد المخاطب.

الثاني:

(أنتِ) ، بكسر التاء للمفردة المخاطبة.

الثالث:

(أنتما) ، للمثنى أو الاثنين سواء أكانا ذكرين أم أنثيين أم ذكراً وأنثى.

الرابع:

(أنتم) ، للمخاطبين الذكور.

الخامس:

(أنتن) ، للمخاطبات من الإناث.

ثالثاً:

ضمائر الغيبة، وهي خمسة:

الأول:

(هو) ، للغائب المفرد الذكر.

الثاني:

(هي) ، للغائبة المفردة.

الثالث:

(هما) ، للاثنين أو المثنى سواء أكانا ذكرين أو أنثيين أو ذكراً وأنثى.

الرابع:

(هم) ، للغائبين الذكور.

الخامس:

(هن) ، للغائبات الإناث.

ص: 73

وثالثها:

قوله (نحو أنا وأنت) فيه تمثيل على الضمائر بنوعين: وهما ضمائر التكَلُّم بـ (أنا) وضمائر الخطاب أو المخاطبة بـ (أنت) . وذِكْرُ بعض الشيء للدلالة على كلِّ الشيء من الاصطلاحات المتبعة عند اللُّغَويين وغيرهم.

قوله (والاسم العَلَم نحو: زَيْدٌ ومكة)

يتعلق به أشياء ثلاثة:

أولها:

العَلَم بمعنى: العلامة لغة، وفي الاصطلاح: ما دَلَّ على مُعَيَّنٍ بلا قَيْد تكَلُّم ولا خطاب ولا غيبة.

ومثاله:

كلمة: (إبراهيم) عَلَم على نبي رسول؛ حَيْثُ دَلَّ على ذلك العَلَم دون قرينة تكَلُّم ولا غيرها.

ثانيها:

أنَّ العَلَم قسمان:

أولهما:

عَلَم مذكر وهو نوعان:

الأول:

ما كان تذكيره لفظياً كـ (إبراهيم) .

والثاني:

ما كان تذكيره معنوياً كـ (طلحة) .

وثانيهما:

عَلَم مؤنث وهو نوعان:

الأول:

ما كان تأنيثه لفظياً كـ (مكة) .

والثاني:

ما كان تأنيثه معنوياً كـ (زينب) .

وقد يجتمع التذكير اللفظي والمعنوي كما في (محمد) ، وكذلك يجتمعان في المؤنث كما في (فاطمة) .

ثالثها:

قوله (نحو زَيْدٌ ومكة) وهو تمثيل على العَلَم ببعض مفرداته فَمَثَّلَ على المذكر بـ (زيد) ، وعلى المؤنث لفظاً بـ (مكة) إشارة إلى قسمي العَلَم السابقين.

قوله: (والاسم الْمُبْهَم نحو: هذا وهذه وهؤلاء)

يتعلق به أشياء ثلاثة:

أولها:

الْمُبْهَم: اسم مفعول من الإبهام، وهو يرجع إلى مادة (أَبْهَمَ) ومنها قولك: أبهمت الأمر ضد إيضاحه. والاسم الْمُبْهَم هنا يُقْصَدُ به شيئان:

أحدهما:

اسم الإشارة. وهو ما دَلَّ على مُعَيَّنٍ بواسطة الإشارة، وله مفردات:

أولاً: (هذه) ، وهي تدل على المشار المفرد المؤنث.

ثانياً: (هذا) ، وهي تدل على المشار المفرد المذكر.

ثالثاً: (هذان وهذين) ، وهما يدلان على مشار مثنى أو اثنين من الذكور.

رابعاً: (هاتان وهاتين) ، وهما يدلان على مشار مثنى أو اثنتين من الإناث.

ص: 74

خامساً: (هؤلاء) ، وهو يدل على مشار جمع ذكوراً أو إناثاً.

وأما الثاني:

فالاسم الموصول. وهو ما دَلَّ على مُعَيَّنٍ بواسطة الصلة وله مفردات:

أولاً: (الذي) ، وهو يدل على مفرد من الذكور.

ثانياً: (التي) ، وهي تدل على مفردة.

ثالثاً: (اللذان واللذين) ، وهما يدلان على مثنى أو اثنين من الذكور.

رابعاً: (اللتان واللتين) ، وهما يدلان على مثنى من الإناث.

خامساً: (الذين) ، يدل على جمع من الذكور.

سادساً: (اللائي واللاتي) ، يدلان على جمع من الإناث.

ثانيها:

إنما أُدْخِل الاسم الموصول واسم الإشارة تحت الاسم الْمُبْهَم، لأن فيهما إبهاماً لمطلق معنى الإشارة ومطلق معنى الصلة، لكن بمعرفة المشار أو الاسم الصلة - ذهناً أو ذكراً أو حضوراً بإشارة حسية إليه - يندفع معنى الإبهام.

ثالثها:

قوله: (نحو هذا وهذه وهؤلاء) فيه تمثيل على الاسم الْمُبْهَم ببعض مفردات أحد نوعيه وهو اسم الإشارة.

وقد ذهب بعض الشراح إِلى أنَّ الْمُصَنِّف أغفل الاسم الموصول، ولم يذكره سهواً؛ لأن الاسم المفرد أبان عنه بالتمثيل، وكان التمثيل قاصراً على اسم الإشارة.

ولكنه اعتراض مرفوض بقاعدةٍ سبقت وهي: أن كل الشيء يُذْكَرُ ببعض مفرداته.

قوله: (والاسم الذي فيه الألف واللام...... الخ)

يتعلق به أشياء ثلاثة:

أولها:

عنى الْمُصَنِّف الاسم المعَرَّف بـ (ال) وسبق أن التعبير عن الألف واللام بـ (ال) أولى مع وجود وجه لنطقها بـ (الألف واللام) .

ثانيها:

المعَرَّف بـ (ال) نوعان:

أولهما:

ما أفادت فيه (ال) العهدية.

ومنها العهد الذكري: كما في قوله تعالى {فعصى فرعونُ الرسولَ} حَيْثُ سبق ذكر الرسول وهو موسى.

ومنها العهد الذهني: كما في قوله تعالى {إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا} الغار معروف في العهد الذهني.

والثاني:

ص: 75

(ال) المفيدة للجنس والاستغراق. كقولك (إن الإنسان لظلوم جهول) فـ (ال) هنا تدل على استغراق جميع مفردات الإنسان وجنسه.

ثالثها:

قوله (نحو الرجل والغلام) فيه تمثيل على (ال) المعرِّفة بمثلين، وهما يدلان على (ال) الاستغراق والجنس في الأصل.

قوله (وما أضيف إلى واحد من هذه الأربعة)

يعني الأربعة السابقة وهي الاسم المضمر والاسم العَلَم والاسم الْمُبْهَم والاسم المعَرَّف بـ (ال) . فإذا أضيف اسم إلى أحد تلك الأربعة اكتسب التعريف بإضافته إليه.

مثاله:

قولك: (غلام زَيْدٍ) فـ (زَيْدٍ) معرفة لأنه اسم عَلَم أضيف إليه اسم (غلام) فاكتسب المعرفة بإضافته إليه. مع أن أصله نكرة.

فائدة:

المعارف في القوة والضعف من حَيْثُ المعرِفِيَّة على مراتب:

أعلاها: الاسم المضمر، وأعلى المضمرات ضمير التكَلُّم ثُمَّ يليه ضمير الخطاب ثُمَّ يليه ضمير الغيبة.

وثانيها: الاسم العَلَم.

وثالثها: اسم الإشارة.

ورابعها: الاسم الموصول.

وخامسها: الاسم المعَرَّف بـ (ال) .

وأما الاسم المضاف إلى واحد من تلك الأشياء فبحسب المضاف إليه، فإذا أضيف إلى ضمير كان في مرتبة الضمير، وإن أضيف إلى عَلَم كان في مرتبة العَلَم، وإن أضيف إلى اسم إشارة كان في مرتبة اسم الإشارة وهكذا.

ومثاله في باب الإضافة هنا: غلامك، وغلام الذي جاء، وغلام الرجل، ونحوها.

قوله: (والنكرة كل اسم شائع في جنسه)

يتعلق به أشياء ثلاثة:

أولها:

النكرة: مأخوذة من تنكير الشيء، ضد المعرفة وتعريفه، وقد حدَّه الْمُصَنِّف - يرحمه الله - بقوله (كل اسم شائع في جنسه لا يختص به واحد دون آخر) .

فقوله (كل اسم) يخرج: الفعل والحرف. وقوله (شائع) يعني عام، تقول (أشعت الأمر) إذا عمَّمْتَه. وقوله (في جنسه) هو ما يُسَمَّى بالأجناس أو الجنس.

ومثاله:

ص: 76