الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ مُقَلِّدٌ تَبِعَ مَنْ قَلَّدَهُ وَانْحَرَفَ بِانْحِرَافِهِ.
الثَّانِيَةُ: لَوْ أُخْبِرَ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ بِالْخَطَأِ يَقِينًا: لَزِمَ قَبُولُهُ، وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ، وَقَالَ جَمَاعَةٌ: إلَّا إنْ كَانَ الثَّانِي يَلْزَمُهُ تَقْلِيدُهُ، فَيَكُونُ كَمَنْ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ وَقَدَّمَهُ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ وَغَيْرِهِ.
الثَّالِثَةُ: لَوْ صَلَّى مَنْ فَرْضُهُ الِاجْتِهَادُ بِغَيْرِ اجْتِهَادٍ، ثُمَّ بَانَ مُصِيبًا: لَزِمَهُ الْإِعَادَةُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَقِيلَ: لَا يَلْزَمُهُ.
[بَابُ النِّيَّةِ]
ِ قَوْلُهُ (وَهِيَ الشَّرْطُ السَّادِسُ) الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ: أَنَّ النِّيَّةَ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ، وَعَنْهُ فَرْضٌ. وَهُوَ قَوْلٌ فِي الْفُرُوعِ، وَوَجْهٌ فِي الْمَذْهَبِ وَغَيْرِهِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ. قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: وَقَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِنَا: شَرَائِطُهَا خَمْسَةٌ، فَنَقَصُوا مِنْهَا النِّيَّةَ وَعَدُّوهَا رُكْنًا. وَقَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الْقَادِرِ وَهِيَ قَبْلَ الصَّلَاةِ شَرْطٌ، وَفِيهَا رُكْنٌ قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: فَيَلْزَمُهُمْ مِثْلُهُ فِي بَقِيَّةِ الشُّرُوطِ، ذَكَرَهُ فِي أَرْكَانِ الصَّلَاةِ.
قَوْلُهُ (وَيَجِبُ أَنْ يَنْوِيَ الصَّلَاةَ بِعَيْنِهَا، وَإِنْ كَانَتْ مُعَيَّنَةً، وَإِلَّا أَجْزَأَتْهُ نِيَّةُ الصَّلَاةِ) الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهُ يَجِبُ تَعْيِينُ النِّيَّةِ لِصَلَاةِ الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ الْمُعَيَّنِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَالْمَعْمُولُ بِهِ عِنْدَ الْأَصْحَابِ، وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هَذَا مَنْصُوصُ أَحْمَدَ وَعَامَّةِ الْأَصْحَابِ فِي صَلَاةِ الْفَرْضِ، وَعَنْهُ لَا يَجِبُ التَّعْيِينُ لَهُمَا، وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْخِرَقِيِّ، وَأَبْطَلَهُ الْمَجْدُ بِمَا لَوْ كَانَتْ عَلَيْهِ صَلَوَاتٌ فَصَلَّى أَرْبَعًا يَنْوِيهَا مِمَّا عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ إجْمَاعًا فَلَوْلَا اشْتِرَاطُ التَّعْيِينِ أَجْزَأَهُمْ كَمَا فِي الزَّكَاةِ فَإِنَّهُ
لَوْ كَانَ عَلَيْهِ شِيَاهٌ عَنْ إبِلٍ أَوْ غَنَمٍ، أَوْ آصُعَ طَعَامٍ مِنْ عُشْرٍ وَزَكَاةِ فِطْرٍ، فَأَخْرَجَ شَاةً أَوْ صَاعًا يَنْوِيهِ مِمَّا عَلَيْهِ أَجْزَأَهُ، لَمَّا لَمْ يَكُنْ التَّعْيِينُ شَرْطًا. انْتَهَى.
قَالَ فِي الْفُرُوعِ: كَذَا قَالَ. قَالَ: وَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ لَا فَرْقَ، وَهُوَ مُتَوَجِّهٌ إنْ لَمْ تَصِحَّ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ. انْتَهَى. وَقَالَ فِي التَّرْغِيبِ: يَجِبُ التَّعْيِينُ لِلْفَرْضِ فَلَا يَجِبُ فِي نَفْلٍ مُعَيَّنٍ. انْتَهَى. وَقِيلَ: مَتَى نَوَى فَرْضَ الْوَقْتِ، أَوْ كَانَ عَلَيْهِ صَلَاةٌ لَا يَعْلَمُ هَلْ هِيَ ظُهْرٌ أَوْ عَصْرٌ؟ فَصَلَّى أَرْبَعًا يَنْوِي الْوَاجِبَةَ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ أَجْزَأَهُ. وَقَدْ أَوْمَأَ إلَيْهِ ذَكَرَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْخِرَقِيِّ أَيْضًا، قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي قَوْلُهُ (وَإِلَّا أَجْزَأَتْهُ الصَّلَاةُ) يَعْنِي وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الصَّلَاةُ مُعَيَّنَةً، مِثْلُ النَّفْلِ الْمُطْلَقِ فَإِنَّهُ يُجْزِئُ نِيَّةُ الصَّلَاةِ، وَلَا يَجِبُ تَعْيِينُهَا، وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ.
قَوْلُهُ (وَهَلْ يُشْتَرَطُ نِيَّةُ الْقَضَاءِ فِي الْفَائِتَةِ، وَنِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ فِي الْفَرْضِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ) عِنْدَ الْأَكْثَرِ، وَهُمَا رِوَايَتَانِ فِي الْفُرُوعِ، وَقَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَجْهَانِ، وَقِيلَ: رِوَايَتَانِ أَمَّا اشْتِرَاطُ نِيَّةِ الْقَضَاءِ فِي الْفَائِتَةِ: فَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فِيهِ وَجْهَيْنِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْهَادِي، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ، وَشَرْحِ الْمَجْدِ، وَالنَّظْمِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَالشَّرْحِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى، وَالزَّرْكَشِيُّ، وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ. أَحَدُهُمَا: يُشْتَرَطُ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ، قَالَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَتَجِبُ نِيَّةُ الْقَضَاءِ فِي الْفَائِتَةِ عَلَى الْأَصَحِّ وَجَزَمَ بِهِ فِي مَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْإِفَادَاتِ قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ: مَا قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ خِلَافُ الْمَذْهَبِ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثَةِ، وَإِنَّمَا الْمَذْهَبُ عَدَمُ الْوُجُوبِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُشْتَرَطُ صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَالْفَائِقِ وَابْنُ تَمِيمٍ وَاخْتَارَهُ فِي الْكَافِي، وَالشَّرْحِ، وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ [وَالْمُنَوِّرِ] وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ، وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ فَعَلَى الْمَذْهَبِ: لَوْ كَانَ عَلَيْهِ ظُهْرَانِ حَاضِرَةٌ وَفَائِتَةٌ فَصَلَّاهُمَا، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ تَرَكَ شَرْطًا فِي إحْدَاهُمَا لَا يَعْلَمُ عَيْنَهَا: لَزِمَهُ ظُهْرَانِ، حَاضِرَةٌ وَمَقْضِيَّةٌ كَمَا كَانَ عَلَيْهِ ابْتِدَاءً. وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي: يُجْزِئُهُ ظُهْرٌ وَاحِدَةٌ، يَنْوِي بِهَا مَا عَلَيْهِ.
فَوَائِدُ. الْأُولَى: لَوْ نَوَى مَنْ عَلَيْهِ ظُهْرَانِ فَائِتَتَانِ ظُهْرًا مِنْهَا لَمْ يُجْزِهِ عَنْ إحْدَاهُمَا حَتَّى يُعَيِّنَ السَّابِقَةَ لِأَجْلِ التَّرْتِيبِ، وَقِيلَ: لَا يُجْزِيهِ كَصَلَاةِ نَذْرٍ؛ لِأَنَّهُ مُخَيَّرٌ هُنَا فِي التَّرْتِيبِ كَإِخْرَاجِ نِصْفِ دِينَارٍ عَنْ أَحَدِ نِصَابَيْنِ، أَوْ كَفَّارَةٍ عَنْ إحْدَى أَيْمَانٍ حَنِثَ فِيهَا قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَتَوَجَّهُ تَخْرِيجٌ وَاحْتِمَالٌ يُعَيِّنُ السَّابِقَةَ.
الثَّانِيَةُ: لَوْ ظَنَّ أَنَّ عَلَيْهِ ظُهْرًا فَائِتَةً فَقَضَاهَا فِي وَقْتِ ظُهْرِ الْيَوْمِ، ثُمَّ بَانَ أَنَّهُ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ، لَمْ يُجْزِهِ عَنْ الْحَاضِرَةِ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ صَحَّحَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ، وَقِيلَ: يُجْزِئُهُ، قَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الشَّرْحِ.
الثَّالِثَةُ: لَوْ نَوَى ظُهْرَ الْيَوْمِ فِي وَقْتِهِ، وَعَلَيْهِ فَائِتَةٌ لَمْ يُجْزِهِ عَنْهَا عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَابْنُ رَزِينٍ وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَخَرَّجَ الْمُصَنِّفُ وَمَنْ تَبِعَهُ فِيهَا كَاَلَّتِي قَبْلَهَا. وَجَعَلَهَا ابْنُ تَمِيمٍ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا. وَتَقَدَّمَ فِي آخِرِ شُرُوطِ الصَّلَاةِ: إذَا نَسِيَ صَلَاةً مِنْ يَوْمٍ، وَجَهِلَ عَيْنَهَا، أَوْ نَسِيَ ظُهْرًا وَعَصْرًا مِنْ يَوْمَيْنِ.
الرَّابِعَةُ: يَصِحُّ الْقَضَاءُ بِنِيَّةِ الْأَدَاءِ وَعَكْسُهُ إذَا كَانَ خِلَافَ ظَنِّهِ، قَالَهُ الْأَصْحَابُ
قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ: لَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ فِي ذَلِكَ، وَقَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: فَلَا إعَادَةَ، وَجْهًا وَاحِدًا، قَالَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ، وَذَكَرَ ابْنُ مُوسَى: أَنَّ الْقَضَاءَ لَا يَصِحُّ بِنِيَّةِ الْأَدَاءِ، وَلَا بِالْعَكْسِ. انْتَهَى.
وَقَالَ الْأَصْحَابُ: لَا يَصِحُّ الْقَضَاءُ بِنِيَّةِ الْأَدَاءِ وَعَكْسُهُ مَعَ الْعِلْمِ، وَأَمَّا اشْتِرَاطُ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ فِي الْفَرْضِ: فَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فِيهِ الْوَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ، وَالنَّظْمِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَالشَّرْحِ وَالزَّرْكَشِيُّ إحْدَاهُمَا: يُشْتَرَطُ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَتَجِبُ نِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ لِلْفَرْضِ عَلَى الْأَصَحِّ قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: وَيَنْوِي الصَّلَاةَ الْحَاضِرَةَ فَرْضًا، وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُشْتَرَطُ، وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ. قَالَ فِي الْكَافِي: وَقَالَ غَيْرُ ابْنِ حَامِدٍ لَا يَلْزَمُهُ قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَصَاحِبُ الْحَاوِي الْكَبِيرِ: وَأَمَّا نِيَّةُ الْفَرْضِ لِلْمَكْتُوبَةِ فَلَا يُشْتَرَطُ أَدَاءٌ إلَّا بِنِيَّةِ التَّعْيِينِ عِنْدَ أَكْثَرِ أَصْحَابِنَا، وَقَالَا: هُوَ أَوْلَى وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَالْفَائِقِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَغَيْرُهُمْ وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ [وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ] وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ، وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ، وَابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ وَغَيْرُهُمْ. قُلْت: الْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ
فَائِدَتَانِ. إحْدَاهُمَا: اشْتِرَاطُ نِيَّةِ الْأَدَاءِ لِلْحَاضِرَةِ كَاشْتِرَاطِ نِيَّةِ الْأَدَاءِ لِقَضَاءِ الْفَائِتَةِ وَنِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ لِلْفَرْضِ خِلَافًا وَمَذْهَبًا.
الثَّانِيَةُ: لَا يُشْتَرَطُ فِي النِّيَّةِ إضَافَةُ الْفِعْلِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي الْعِبَادَاتِ كُلِّهَا، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَلَمْ يَشْتَرِطْ أَصْحَابُنَا فِي النِّيَّةِ إضَافَةَ الْفِعْلِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي سَائِرِ الْعِبَادَاتِ، وَقَالَ أَبُو الْفَرَجِ ابْنُ أَبِي الْفَهْمِ: الْأَشْبَهُ اشْتِرَاطُهُ.
قُلْت: وَجَزَمَ بِهِ فِي الْفَائِقِ، وَقِيلَ: يُشْتَرَطُ فِي الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَنَحْوِهِمَا، دُونَ الطَّهَارَةِ وَالتَّيَمُّمِ قَوْلُهُ (فَإِنْ تَقَدَّمَتْ قَبْلَ ذَلِكَ بِالزَّمَنِ الْيَسِيرِ جَازَ) هَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ، وَحَمَلَ الْقَاضِي كَلَامَ الْخِرَقِيِّ عَلَيْهِ، وَقَالَ فِي التَّبْصِرَةِ: يَجُوزُ، مَا لَمْ يَتَكَلَّمْ، وَقِيلَ: يَجُوزُ بِزَمَنٍ طَوِيلٍ أَيْضًا، مَا لَمْ يَفْسَخْهَا.
نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ وَغَيْرُهُ " إذَا خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ يُرِيدُ الصَّلَاةَ فَهُوَ نِيَّةٌ. أَتُرَاهُ كَبَّرَ وَهُوَ لَا يَنْوِي الصَّلَاةَ؟ " وَهَذَا مُقْتَضَى كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَاخْتَارَهُ الْآمِدِيُّ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ، وَقَالَ الْآجُرِّيُّ: لَا يَجُوزُ تَقْدِيمُهَا مُطْلَقًا قُلْت: وَفِيهِ حَرَجٌ وَمَشَقَّةٌ فَعَلَى الْقَوْلِ بِالتَّقْدِيمِ: لَوْ تَكَلَّمَ بَعْدَهَا وَقَبْلَ التَّكْبِيرِ لَمْ تَبْطُلْ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ وَقِيلَ: تَبْطُلُ كَمَا لَوْ كَفَرَ.
تَنْبِيهٌ: اشْتَرَطَ الْخِرَقِيُّ فِي التَّقْدِيمِ: أَنْ يَكُونَ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ. وَعَلَيْهِ شَرْحُ ابْنِ الزَّاغُونِيِّ وَغَيْرِهِ، وَقَالَهُ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى وَوَلَدُهُ أَبُو الْحَسَنِ، وَصَاحِبُ الْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَغَيْرُهُمْ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَأَكْثَرُ الْأَصْحَابِ لَا يَشْتَرِطُونَ ذَلِكَ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَغَيْرِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: إمَّا لِإِهْمَالِهِمْ لَهُ، أَوْ اعْتِمَادًا عَلَى الْغَالِبِ، وَظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ لَا يَشْتَرِطُ ذَلِكَ، قَالَهُ فِي الْفَائِقِ بَعْدَ حِكَايَةِ الْخِلَافِ قَالَ الْقَاضِي: وَقَبْلَ الْوَقْتِ لَا يَجُوزُ. انْتَهَى. قُلْت: الْمَسْأَلَةُ تَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ اخْتِيَارُ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ عَدَمَ الْجَوَازِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِمْ الْجَوَازُ، لَكِنْ لَمْ أَرَ بِالْجَوَازِ تَصْرِيحًا.
فَائِدَتَانِ. إحْدَاهُمَا: يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ تَقَدُّمِهَا عَدَمُ فَسْخِهَا وَبَقَاءُ إسْلَامِهِ قَالَ الْقَاضِي
فِي التَّعْلِيقِ، وَالْوَسِيلَةِ، وَالْمَجْدُ، وَصَاحِبُ الْحَاوِي، وَغَيْرُهُمْ: أَوْ يَشْتَغِلُ بِعَمَلٍ كَثِيرٍ مِثْلِ عَمَلِ مَنْ سَلَّمَ عَنْ نَقْصٍ، أَوْ نَسِيَ سُجُودَ السَّهْوِ، عَلَى مَا يَأْتِي، قَالَهُ الْقَاضِي فِي الرِّعَايَةِ، أَوْ أَعْرَضَ عَنْهَا بِمَا يُلْهِيهِ، وَقَطْعِ جَمَاعَةٍ، أَوْ بِتَعَمُّدِ حَدَثٍ، وَتَقَدَّمَ كَلَامُ صَاحِبِ التَّبْصِرَةِ. الثَّانِيَةُ: تَصِحُّ نِيَّةُ الْفَرْضِ مِنْ الْقَاعِدِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ.
وَقَالَ فِي التَّلْخِيصِ: لَوْ نَوَى فَرْضًا وَهُوَ قَاعِدٌ، مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ لَمْ يَنْعَقِدْ فَرْضًا وَلَا نَفْلًا، وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: قُلْت: وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَصِيرَ نَفْلًا قَوْلُهُ (فَإِنْ قَطَعَهَا فِي أَثْنَائِهَا بَطَلَتْ الصَّلَاةُ) وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ، وَقِيلَ: إنْ نَوَى قَرِيبًا لَمْ تَبْطُلْ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَهُوَ بَعِيدٌ. قَوْلُهُ (وَإِنْ تَرَدَّدَ فِي قَطْعِهَا فَعَلَى وَجْهَيْنِ) وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي، وَالْهَادِي، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالنَّظْمِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَالشَّرْحِ، وَالْفَائِقِ، وَالزَّرْكَشِيُّ، وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ، وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ، وَالْفُرُوعِ، وَشَرْحِ الْعُمْدَةِ لِلشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ وَغَيْرِهِمْ. أَحَدُهُمَا: تَبْطُلُ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَنَصَرَهُ الشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرٍ، وَالْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِي الْفُرُوعِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْإِفَادَاتِ، وَالْمُنْتَخَبِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا تَبْطُلُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَاخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ.
فَائِدَةٌ: لَوْ عَزَمَ عَلَى فَسْخِهَا فَهُوَ كَمَا لَوْ تَرَدَّدَ فِي قَطْعِهَا، خِلَافًا وَمَذْهَبًا، عَلَى الصَّحِيحِ، وَقِيلَ: تَبْطُلُ بِالْعَزْمِ وَإِنْ لَمْ تَبْطُلْ بِالتَّرَدُّدِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى،
وَالْحَاوِي، وَقَالَ فِي الْكُبْرَى: إنْ عَزَمَ عَلَى قَطْعِهَا أَوْ تَرَدَّدَ فَأَوْجُهٌ الثَّالِثُ: تَبْطُلُ مَعَ الْعَزْمِ دُونَ التَّرَدُّدِ، وَقَالَ فِي بَابِ صِفَةِ الصَّلَاةِ: وَإِنْ قَطَعَهَا أَوْ عَزَمَ عَلَى قَطْعِهَا عَاجِلًا بَطَلَتْ، وَإِنْ تَرَدَّدَ فِيهِ، أَوْ تَوَقَّفَ، أَوْ نَوَى أَنَّهُ سَيَقْطَعُهَا، أَوْ عَلَّقَ قَطْعَهَا عَلَى شَرْطٍ: فَوَجْهَانِ،
وَالْوَجْهَانِ أَيْضًا: إذَا شَكَّ هَلْ نَوَى فَعَمِلَ مَعَهُمْ أَيْ مَعَ الشَّكِّ عَمَلًا ثُمَّ ذَكَرَ. فَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: يَبْنِي؛ لِأَنَّ الشَّكَّ لَا يُزِيلُ حُكْمَ النِّيَّةِ. فَجَازَ لَهُ الْبِنَاءُ كَمَا لَوْ لَمْ يُحْدِثْ عَمَلًا، وَقَالَ الْقَاضِي: تَبْطُلُ، لِخُلُوِّهِ عَنْ نِيَّةٍ مُعْتَبَرَةٍ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ قَالَ الْمَجْدُ أَيْضًا: إنْ كَانَ الْعَمَلُ قَوْلًا لَمْ تَبْطُلْ لِتَعَمُّدِ زِيَادَتِهِ، وَلَا يُعْتَدُّ بِهِ. وَإِنْ كَانَ فِعْلًا بَطَلَتْ، لِعَدَمِ جَوَازِهِ كَتَعَمُّدِهِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ، وَقَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: إنَّمَا قَالَ الْأَصْحَابُ عَمَلًا وَالْقِرَاءَةُ لَيْسَتْ عَمَلًا عَلَى أَصْلِنَا.
وَلِهَذَا لَوْ نَوَى قَطْعَ الْقِرَاءَةِ، وَلَمْ يَقْطَعْهَا، لَمْ تَبْطُلْ قَوْلًا وَاحِدًا قَالَ الْآمِدِيُّ: وَإِنْ قَطَعَهَا بَطَلَتْ بِقَطْعِهِ لَا نِيَّتِهِ؛ لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ لَا تَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ.
قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: وَلَوْ كَانَ عَمَلًا لَاحْتَاجَتْ إلَى نِيَّةٍ كَسَائِرِ أَعْمَالِ الْعِبَادَاتِ قَالَ صَاحِبُ الْفُرُوعِ: وَمَا ذَكَرَهُ النَّاظِمُ فِي خِلَافِ كَلَامِ الْأَصْحَابِ، وَالْقِرَاءَةُ عِبَادَةٌ تُعْتَبَرُ لَهَا النِّيَّةُ قَالَ الْأَصْحَابُ: وَكَذَا شَكُّهُ هَلْ أَحْرَمَ بِظُهْرٍ أَوْ عَصْرٍ، وَذَكَرَ فِيهَا، يَعْنِي هَلْ تَبْطُلُ أَوْ لَا؟ وَقِيلَ: يُتِمُّهَا نَفْلًا كَمَا لَوْ أَحْرَمَ بِفَرْضٍ فَبَانَ قَبْلَ وَقْتِهِ، وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ. كَشَكِّهِ هَلْ أَحْرَمَ بِفَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ؟ فَإِنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ سُئِلَ عَنْ إمَامٍ صَلَّى بِقَوْمٍ الْعَصْرَ فَظَنَّهَا الظُّهْرَ فَطَوَّلَ الْقِرَاءَةَ، ثُمَّ ذَكَرَ، فَقَالَ: يُعِيدُ، وَإِعَادَتُهُمْ عَلَى اقْتِدَاءِ مُفْتَرِضٍ بِمُتَنَفِّلٍ قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالْمَجْدُ، وَالشَّارِحُ: وَإِنْ شَكَّ هَلْ نَوَى فَرْضًا أَوْ نَفْلًا؟ أَتَمَّهَا
نَفْلًا، إلَّا أَنْ يَذْكُرَ أَنَّهُ نَوَى الْفَرْضَ قَبْلَ أَنْ يُحْدِثَ عَمَلًا فَيُتِمُّهَا فَرْضًا، وَإِنْ ذَكَرَهُ بَعْدَ أَنْ أَحْدَثَ عَمَلًا خُرِّجَ فِيهِ الْوَجْهَانِ. انْتَهَى. قَالَ الْمَجْدُ: وَالصَّحِيحُ بُطْلَانُ فَرْضِهِ.
قَالَ فِي الْفُرُوعِ: إنْ أَحْرَمَ بِفَرْضِ رُبَاعِيَّةٍ، ثُمَّ سَلَّمَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ يَظُنُّهَا جُمُعَةً أَوْ فَجْرًا أَوْ التَّرَاوِيحَ، ثُمَّ ذَكَرَ: بَطَلَ فَرْضُهُ وَلَمْ يَبْنِ نَصَّ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ كَانَ عَالِمًا قَالَ: وَيُتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ وَتَخْرِيجٌ يَبْنِي كَظَنِّهِ تَمَامَ مَا أَحْرَمَ بِهِ، وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: يَحْرُمُ خُرُوجُهُ بِشَكِّهِ فِي النِّيَّةِ، لِلْعِلْمِ بِأَنَّهُ مَا دَخَلَ إلَّا بِالنِّيَّةِ، وَكَشَكِّهِ هَلْ أَحْدَثَ أَمْ لَا؟ .
قَوْلُهُ (فَإِنْ أَحْرَمَ بِفَرْضٍ، فَبَانَ قَبْلَ وَقْتِهِ: انْقَلَبَ نَفْلًا) هَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، لِبَقَاءِ أَصْلِ النِّيَّةِ، وَعَنْهُ لَا تَنْعَقِدُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْوِهِ [قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَخَرَّجَ الْآمِدِيُّ رِوَايَةً: أَنَّهَا لَا تَنْعَقِدُ أَصْلًا وَاخْتَارَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا] كَمَا لَوْ أَحْرَمَ بِهِ قَبْلَ وَقْتِهِ عَالِمًا بِذَلِكَ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْوَجْهَيْنِ، فَائِدَةٌ: مِثْلُ هَذَا لَوْ أَحْرَمَ بِفَائِتَةٍ فَلَمْ تَكُنْ عَلَيْهِ [أَوْ أَحْرَمَ قَبْلَ وَقْتِهِ مَعَ عِلْمِهِ فَالْأَشْبَهُ أَنَّهَا لَا تَنْعَقِدُ، قَالَهُ ابْنُ تَمِيمٍ] .
قَوْلُهُ (وَإِنْ أَحْرَمَ بِهِ فِي وَقْتِهِ، ثُمَّ قَلَبَهُ نَفْلًا جَازَ) إذَا أَحْرَمَ بِفَرْضٍ فِي وَقْتِهِ ثُمَّ قَلَبَهُ نَفْلًا فَتَارَةً يَكُونُ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ، وَتَارَةً يَكُونُ لِغَيْرِ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ لِغَيْرِ غَرَضٍ صَحِيحٍ، فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهُ يَصِحُّ مَعَ الْكَرَاهَةِ.
جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالشَّرْحِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ، وَالْحَاوِيَيْنِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَجُوزَ وَلَا يَصِحُّ، وَهُوَ رِوَايَةٌ ذَكَرَهَا فِي الْفُرُوعِ قَالَ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ: لَا تَصِحُّ رِوَايَةً وَاحِدَةً، وَقَالَ فِي الْجَامِعِ: يُخَرَّجُ عَلَى رِوَايَتَيْنِ، وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ، وَالْفُرُوعِ
وَأَمَّا إذَا قَلَبَهُ نَفْلًا لِغَرَضٍ صَحِيحٍ، مِثْلُ أَنْ يُحْرِمَ مُنْفَرِدًا ثُمَّ يُرِيدُ الصَّلَاةَ فِي جَمَاعَةٍ: فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَجُوزُ وَتَصِحُّ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، وَأَكْثَرُهُمْ جَزَمَ بِهِ، وَلَوْ صَلَّى ثَلَاثَةً مِنْ أَرْبَعَةٍ، أَوْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ الْمَغْرِبِ، وَعَنْهُ لَا تَصِحُّ، ذَكَرَهَا الْقَاضِي وَمَنْ بَعْدَهُ، لَكِنْ قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْمُذْهَبِ: إنْ كَانَتْ فَجْرًا أَتَمَّهَا فَرِيضَةً؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ نَهْيٍ عَنْ النَّفْلِ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ: هَلْ فِعْلُهُ أَفْضَلُ أَمْ تَرْكُهُ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، قُلْت: الصَّوَابُ أَنَّ الْأَفْضَلَ فِعْلُهُ، وَلَوْ قِيلَ بِوُجُوبِهِ إذَا قُلْنَا بِوُجُوبِ الْجَمَاعَةِ لَكَانَ أَوْلَى، وَقَدَّمَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى الْجَوَازَ مِنْ غَيْرِ فَضِيلَةٍ.
تَنْبِيهَانِ. أَحَدُهُمَا: فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ (وَإِنْ انْتَقَلَ مِنْ فَرْضٍ إلَى فَرْضٍ بَطَلَتْ الصَّلَاتَانِ) تَسَاهُلٌ. إذْ الثَّانِيَةُ لَمْ يَدْخُلْ فِيهَا حَتَّى تَبْطُلَ، بَلْ لَمْ تَنْعَقِدْ بِالْكُلِّيَّةِ.
الثَّانِي: قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَإِنْ انْتَقَلَ مِنْ فَرْضٍ إلَى فَرْضٍ بَطَلَ فَرْضُهُ، وَالْمُرَادُ وَلَمْ يَنْوِ الثَّانِيَ مِنْ أَوَّلِهِ بِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَالْأَصَحُّ الثَّانِي.
فَائِدَةٌ: إذَا بَطَلَ الْفَرْضُ الَّذِي انْتَقَلَ مِنْهُ، فَفِي صِحَّةِ نَفْلِهِ الْخِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ فِيمَنْ أَحْرَمَ بِهِ فِي وَقْتِهِ ثُمَّ قَلَبَهُ نَفْلًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَكَذَا حُكْمُ مَا يُفْسِدُ الْفَرْضَ فَقَطْ. إذَا وُجِدَ فِيهِ، كَتَرْكِ الْقِيَامِ، وَالصَّلَاةِ فِي الْكَعْبَةِ، وَالِائْتِمَامِ بِمُتَنَفِّلٍ، إذَا قُلْنَا: لَا يَصِحُّ الْفَرْضُ، وَالِائْتِمَامِ بِصَبِيٍّ إنْ اُعْتُقِدَ جَوَازَهُ، صَحَّ نَفْلًا فِي الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَإِلَّا فَالْخِلَافُ، وَهِيَ فَائِدَةٌ حَسَنَةٌ.
قَوْلُهُ (وَمِنْ شَرْطِ الْجَمَاعَةِ: أَنْ يَنْوِيَ الْإِمَامُ وَالْمَأْمُومُ حَالَهُمَا) أَمَّا الْمَأْمُومُ: فَيُشْتَرَطُ أَنْ يَنْوِيَ بِلَا نِزَاعٍ، وَكَذَا الْإِمَامُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ مُطْلَقًا، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ، وَهُوَ مِنْ
الْمُفْرَدَاتِ.
وَعَنْهُ لَا يُشْتَرَطُ نِيَّةُ الْإِمَامَةِ فِي الْإِمَامِ فِي سِوَى الْجُمُعَةِ، وَعَنْهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَنْوِيَ الْإِمَامُ فِي الْفَرْضِ دُونَ النَّفْلِ، وَقِيلَ: إنْ كَانَ الْمَأْمُومُ امْرَأَةً لَمْ يَصِحَّ ائْتِمَامُهَا بِهِ حَتَّى يَنْوِيَهُ؛ لِأَنَّ صَلَاتَهُ تَفْسُدُ إذَا وَقَفَتْ بِجَنْبِهِ، وَنَحْنُ نَمْنَعُهُ، وَلَوْ سُلِّمَ فَالْمَأْمُومُ مِثْلُهُ، وَلَا يَنْوِي كَوْنَهَا مَعَهُ فِي الْجَمَاعَةِ فَلَا عِبْرَةَ بِالْفَرْقِ.
وَعَلَى هَذَا لَوْ نَوَى الْإِمَامَةَ بِرَجُلٍ صَحَّ ائْتِمَامُ الْمَرْأَةِ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِهَا كَالْعَكْسِ وَعَلَى رِوَايَةِ عَدَمِ اشْتِرَاطِ نِيَّةِ الْإِمَامَةِ: لَوْ صَلَّى مُنْفَرِدًا وَصَلَّى خَلْفَهُ، وَنَوَى مِنْ صَلَّى خَلْفَهُ الِائْتِمَامَ: صَحَّ وَحَصَلَتْ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ فَيُعَايَى بِهَا فَيُقَالُ: مُقْتَدٍ وَمُقْتَدًى بِهِ حَصَلَتْ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ لِلْمُقْتَدِي دُونَ الْمُقْتَدَى بِهِ؛ لِأَنَّ الْمُقْتَدَى بِهِ نَوَى مُنْفَرِدًا وَلَمْ يَنْوِ الْإِمَامَةَ، وَالْمُقْتَدِي نَوَى الِاقْتِدَاءَ، وَقَدْ صَحَّحْنَاهُ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ، وَعِنْدَ أَبِي الْفَرَجِ: يَنْوِي الْمُنْفَرِدُ.
فَائِدَتَانِ. إحْدَاهُمَا: لَوْ اعْتَقَدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ إمَامُ الْآخَرِ، أَوْ مَأْمُومُهُ: لَمْ تَصِحَّ مُطْلَقًا عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ نَصَّ عَلَيْهِمَا، وَقِيلَ: تَصِحُّ فُرَادَى فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ، وَهُوَ مِنْ الْمُفْرَدَاتِ، وَقِيلَ: تَصِحُّ فُرَادَى إذَا نَوَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ مَأْمُومُ الْآخَرِ فَقَطْ. جَزَمَ بِهِ فِي الْفُصُولِ، وَقَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَفِيهِ وَجْهٌ إذَا اعْتَقَدَ كُلُّ وَاحِدٍ أَنَّهُ إمَامُ الْآخَرِ فَصَلَاتُهُمَا صَحِيحَةٌ، وَإِنْ لَمْ تُعْتَبَرْ نِيَّةُ الْإِمَامِ، صَحَّتْ الصَّلَاةُ فُرَادَى فِيمَا إذَا نَوَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ إمَامُ الْآخَرِ. وَكَذَا إذَا نَوَى إمَامَةَ مَنْ لَا يَصِحُّ أَنْ يَؤُمَّهُ، كَامْرَأَةٍ تَؤُمُّ رَجُلًا، لَا تَصِحُّ صَلَاةُ الْإِمَامِ فِي الْأَشْهُرِ، وَهُوَ مِنْ الْمُفْرَدَاتِ، وَقِيلَ: تَصِحُّ، وَكَذَا الْحُكْمُ إنْ أَمَّ أُمِّيٌّ قَارِئًا.
الثَّانِيَةُ: لَوْ شَكَّ فِي كَوْنِهِ إمَامًا أَوْ مَأْمُومًا لَمْ تَصِحَّ، لِعَدَمِ الْجَزْمِ بِالنِّيَّةِ، وَقَالَ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ: لَا تَصِحُّ أَيْضًا، وَلَوْ كَانَ الشَّكُّ بَعْدَ الْفَرَاغِ.
قَوْلُهُ (فَإِنْ أَحْرَمَ مُنْفَرِدًا ثُمَّ نَوَى الِائْتِمَامَ لَمْ يَصِحَّ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ) وَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَابْنُ تَمِيمٍ وَغَيْرُهُمْ وَصَحَّحَهُ الشَّارِحُ وَغَيْرُهُ وَالثَّانِيَةُ: تَصِحُّ وَيُكْرَهُ عَلَى الصَّحِيحِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْكَافِي، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَقَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَعَنْهُ يَصِحُّ. وَفِي الْكَرَاهَةِ رِوَايَتَانِ فَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ مَتَى فَرَغَ قَبْلَ إمَامِهِ فَارَقَهُ وَسَلَّمَ نَصَّ عَلَيْهِ، وَإِنْ انْتَظَرَهُ لِيُسَلِّمَ مَعَهُ جَازَ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ نَوَى الْإِمَامَةَ صَحَّ فِي النَّفْلِ) يَعْنِي: إذَا أَحْرَمَ مُنْفَرِدًا، ثُمَّ نَوَى الْإِمَامَةَ، فَإِنَّهُ يَصِحُّ فِي النَّفْلِ. وَهَذَا إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ نَصَّ عَلَيْهِ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَالْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الشَّرْحِ، وَالْوَجِيزِ، وَالْإِفَادَاتِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَهُوَ الْمَنْصُوصُ، وَعَنْهُ لَا يَصِحُّ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ. قَالَ الْمَجْدُ: اخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَأَكْثَرُ أَصْحَابِنَا وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَالْهِدَايَةِ، وَالْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَهُوَ مِنْ الْمُفْرَدَاتِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَابْنُ تَمِيمٍ قَوْلُهُ (وَلَمْ تَصِحَّ فِي الْفَرْضِ) وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ، وَالْمَجْدُ: اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ
وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالشَّرْحِ، وَالْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَغَيْرُهُمْ. وَهُوَ مِنْ الْمُفْرَدَاتِ.
قَالَ الْمُصَنِّفُ (وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَصِحَّ، وَهُوَ أَصَحُّ عِنْدِي) ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالْكَافِي، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي مَوْضِعٍ: يَصِحُّ فِي حَقِّ مَنْ لَهُ عَادَةٌ بِالْإِمَامَةِ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَإِنْ نَوَى الْمُنْفَرِدُ الْمُفْتَرِضُ إمَامَةَ مَنْ لَحِقَهُ قَبْلَ رُكُوعِهِ، فَوَجْهَانِ فِي الصِّحَّةِ.
وَقِيلَ: رِوَايَتَانِ، وَعَنْهُ يَصِحُّ فِي النَّفْلِ فَقَطْ نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَنْهُ إنْ رَضِيَ الْمُفْتَرِضُ مَجِيءَ مَنْ يُصَلِّي مَعَهُ أَوَّلَ رَكْعَةٍ، فَجَاءَ وَرَكَعَ مَعَهُ صَحَّ نَصَّ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ، وَقِيلَ: إنْ صَلَّى وَحْدَهُ رَكْعَةً لَمْ يَصِحَّ، وَإِنْ أَدْرَكَهُ أَحَدٌ قَبْلَ رُكُوعِهِ فَرِوَايَتَانِ، وَقِيلَ: إنْ لَمْ يَرْكَعْ مَعَهُ أَحَدٌ، وَإِلَّا صَلَّى وَحْدَهُ، وَقِيلَ: يَصِحُّ ذَلِكَ مِمَّنْ عَادَتُهُ الْإِمَامَةُ. انْتَهَى.
فَوَائِدُ. الْأُولَى: لَوْ نَوَى الْإِمَامَةَ ظَانًّا حُضُورَ مَأْمُومٍ: صَحَّ، وَإِنْ شَكَّ لَمْ يَصِحَّ فَلَوْ ظَنَّ حُضُورَهُ فَلَمْ يَحْضُرْ، أَوْ أَحْرَمَ بِحَاضِرٍ فَانْصَرَفَ قَبْلَ إحْرَامِهِ، أَوْ عَيَّنَ إمَامًا أَوْ مَأْمُومًا، وَقِيلَ: إنْ ظَنَّهُمَا وَقُلْنَا: لَا يَجِبُ تَعْيِينُهُمَا فِي الْأَصَحِّ فَأَخْطَأَ فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهُ لَا يَصِحُّ، وَقِيلَ: يَصِحُّ مُنْفَرِدًا كَانْصِرَافِ الْحَاضِرِ بَعْدَ دُخُولِهِ مَعَهُ قَالَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ: وَإِنْ عَيَّنَ جِنَازَةً فَأَخْطَأَ فَوَجْهَانِ قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: إنْ عَيَّنَ وَقَصْدُهُ خَلْفَ مَنْ حَضَرَ، وَعَلَى مَنْ حَضَرَ: صَحَّ، وَإِلَّا فَلَا.
الثَّانِيَةُ: إذَا بَطَلَتْ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ أَتَمَّهَا إمَامُهُ مُنْفَرِدًا؛ لِأَنَّهَا لَا هِيَ مِنْهَا وَلَا مُتَعَلِّقَةٌ بِهَا، بِدَلِيلِ السَّهْوِ، وَعِلْمِهِ بِحَدَثِهِ، وَعَنْهُ تَبْطُلُ، وَذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ فِي الْمُغْنِي قِيَاسَ الْمَذْهَبِ الثَّالِثَةُ: تَبْطُلُ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ بِبُطْلَانِ صَلَاةِ إمَامِهِ لِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ عَلَى الصَّحِيحِ
مِنْ الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ قَالَ فِي الْفُرُوعِ، وَالْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ: اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، وَعَنْهُ لَا تَبْطُلُ صَحَّحَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، فَعَلَيْهَا يُتِمُّونَهَا فُرَادَى وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَقَالَ وَالْأَشْهَرُ أَوْ جَمَاعَةً، وَكَذَا جَمَاعَتَيْنِ، وَقَالَ الْقَاضِي: تَبْطُلُ بِتَرْكِ فَرْضٍ مِنْ الْإِمَامِ، وَفِي مُنْهًى عَنْهُ، كَحَدَثٍ: عَنْهُ رِوَايَتَانِ، وَقَالَ الْمُصَنِّفُ: تَبْطُلُ بِتَرْكِ شَرْطٍ مِنْ الْإِمَامِ أَوْ رُكْنٍ، أَوْ تَعَمُّدِ مُفْسِدٍ، وَإِلَّا فَلَا، عَلَى أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ
قَوْلُهُ (فَإِنْ أَحْرَمَ مَأْمُومًا ثُمَّ نَوَى الِانْفِرَادَ لِعُذْرٍ جَازَ) بِلَا نِزَاعٍ، لَكِنْ اسْتَثْنَى ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ مَسْأَلَةً، وَصُورَتُهَا: مَا إذَا كَانَ الْإِمَامُ يُعَجِّلُ فِي الصَّلَاةِ، وَلَا يَتَمَيَّزُ انْفِرَادُهُ عَنْهُ بِنَوْعِ تَعْجِيلٍ. فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ انْفِرَادُ الْمَأْمُومِ، وَالْحَالَةُ هَذِهِ، وَإِنَّمَا يَمْلِكُ الِانْفِرَادَ إذْ اسْتَفَادَ بِهِ تَعْجِيلَ لُحُوقِهِ لِحَاجَتِهِ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَلَمْ أَجِدْ خِلَافَهُ، فَيُعَايَى بِهَا. قُلْت: الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ لَيْسَتْ دَاخِلَةً فِي كَلَامِهِمْ، لِأَنَّهُمْ قَالُوا " لِعُذْرٍ " وَهُنَا لَيْسَ هَذَا بِعُذْرٍ فَلَا يَجُوزُ الِانْفِرَادُ.
فَائِدَةٌ: الْعُذْرُ مِثْلُ تَطْوِيلِ إمَامِهِ، أَوْ مَرَضٍ أَوْ خَوْفِ نُعَاسٍ، أَوْ شَيْءٍ، يُفْسِدُ صَلَاتَهُ، أَوْ عَلَى مَالٍ، أَوْ أَهْلٍ، أَوْ فَوَاتِ رُفْقَةٍ وَنَحْوِهِ قَالَ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرُهُ مِنْ الْأَصْحَابِ: الْعُذْرُ مَا يُبِيحُ تَرْكَ الْجَمَاعَةِ. قَوْلُهُ (وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِ عُذْرٍ لَمْ يَجُزْ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ) وَهُوَ الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَابْنُ تَمِيمٍ: لَمْ يَجُزْ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالْكَافِي، وَالْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَنَصَرَهُ، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يَجُوزُ، وَإِلَيْهَا مَيْلُ الشَّارِحِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالنَّظْمِ، وَابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ
فَوَائِدُ. مِنْهَا: مَتَى زَالَ الْعُذْرُ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ فَلَهُ الدُّخُولُ مَعَ الْإِمَامِ، وَمِنْهَا: لَوْ كَانَ فَارَقَهُ فِي الْقِيَامِ أَتَى بِبَقِيَّةِ الْقِرَاءَةِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ قَرَأَ الْفَاتِحَةَ فَلَهُ أَنْ يَرْكَعَ فِي الْحَالِ، وَإِنْ ظَنَّ فِي صَلَاةِ السِّرِّ أَنَّ الْإِمَامَ قَرَأَ: لَمْ يَقْرَأْ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ.
وَعَنْهُ يَقْرَأُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ مَعَهُ الرُّكُوعَ، وَمِنْهَا: لَوْ فَارَقَهُ الْعُذْرُ، وَقَدْ صَلَّى مَعَهُ رَكْعَةً فِي الْجُمُعَةِ: أَتَمَّهَا جُمُعَةً بِرَكْعَةٍ أُخْرَى كَمَسْبُوقٍ، وَإِنْ فَارَقَهُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى، فَقَالَ فِي الْفُرُوعِ، وَالْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ: فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمَزْحُومِ فِي الْجُمُعَةِ حَتَّى تَفُوتَهُ الرَّكْعَتَانِ، عَلَى مَا يَأْتِي فِي بَابِهَا، وَإِنْ قُلْنَا: لَا يَصِحُّ الظُّهْرُ قَبْلَ الْجُمُعَةِ أَتَمَّ نَفْلًا فَقَطْ. قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَإِنْ فَارَقَهُ فِي الْأُولَى فَوَجْهَانِ أَحَدُهُمَا: يُتِمُّهَا جُمُعَةً، وَالثَّانِي: يُصَلِّيهَا ظُهْرًا، وَهَلْ يَسْتَأْنِفُ أَوْ يَبْنِي؟ عَلَى وَجْهَيْنِ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ: لَا يَصِحُّ الظُّهْرُ قَبْلَ الْجُمُعَةِ فِيهِمَا فَيُتِمُّهَا نَفْلًا، سَوَاءٌ فَارَقَهُ فِي الْأُولَى أَوْ بَعْدَهَا. انْتَهَى. وَقَدَّمَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ: أَنَّهُ إذَا فَارَقَهُ فِي الْأُولَى لِعُذْرٍ يُتِمُّهَا جُمُعَةً.
قَوْلُهُ (وَإِنْ نَوَى الْإِمَامَةَ لِاسْتِخْلَافِ الْإِمَامِ لَهُ إذَا سَبَقَهُ الْحَدَثُ صَحَّ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ) اعْلَمْ أَنَّ الْإِمَامَ إذَا سَبَقَهُ الْحَدَثُ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ كَتَعَمُّدِهِ، وَعَنْهُ تَبْطُلُ إذَا سَبَقَهُ الْحَدَثُ مِنْ السَّبِيلَيْنِ، وَيَبْنِي إذَا سَبَقَهُ الْحَدَثُ مِنْ غَيْرِهِمَا، وَعَنْهُ لَا تَبْطُلُ مُطْلَقًا فَيَبْنِي إذَا تَطَهَّرَ اخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ، وَذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ وَغَيْرُهُ رِوَايَةَ أَنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ الْبِنَاءِ وَالِاسْتِئْنَافِ
وَأَمَّا الْمَأْمُومُ: فَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَنْهُ لَا تَبْطُلُ اخْتَارَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ فَحَيْثُ قُلْنَا بِالصِّحَّةِ: فَلَهُ أَنْ يَسْتَخْلِفَ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَعَنْهُ لَا يَصِحُّ الِاسْتِخْلَافُ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْحَاوِي، وَحَيْثُ قُلْنَا بِالْبُطْلَانِ وَصِحَّةِ صَلَاةِ الْمَأْمُومِ: فَحُكْمُهُ فِي الِاسْتِخْلَافِ حُكْمُ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَعَلَى صِحَّتِهَا وَالْأَشْهَرِ، وَبُطْلَانٍ نَقَلَهُ صَالِحٌ، وَابْنُ مَنْصُورٍ، وَابْنُ هَانِئٍ، وَقَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَذَكَرَهُ فِي الْكَافِي، وَالْمُذْهَبِ وَاخْتَارَ الْمَجْدُ: لَهُ أَنْ يَسْتَخْلِفَ عَلَى الْأَصَحِّ قَالَ فِي مُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ: هَذَا الْأَشْهَرُ قُلْت: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا، وَقِيلَ: لَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَخْلِفَ هُنَا، وَإِنْ جَازَ الِاسْتِخْلَافُ فِي الَّتِي قَبْلَهَا، وَهِيَ مَا إذَا قُلْنَا لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَاخْتَارَهُ الْآمِدِيُّ وَغَيْرُهُ، وَحَيْثُ قُلْنَا: يَسْتَخْلِفُ، فَاسْتَخْلَفَ ثُمَّ تَوَضَّأَ وَحَضَرَ، ثُمَّ صَارَ إمَامًا: فَعَنْهُ يَصِحُّ، وَعَنْهُ لَا يَصِحُّ، وَعَنْهُ يَسْتَأْنِفُ، وَأَطْلَقَهُنَّ فِي الْفُرُوعِ فِي بَابِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ.
قُلْت: الصَّوَابُ الصِّحَّةُ قِيَاسًا عَلَى مَا إذَا أَحْرَمَ لِغَيْبَةِ إمَامِ الْحَيِّ ثُمَّ حَضَرَ، عَلَى مَا يَأْتِي قَرِيبًا. قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَإِنْ تَطَهَّرَ يَعْنِي الْإِمَامُ قَرِيبًا، ثُمَّ عَادَ فَائْتَمَّ بِهِمْ جَازَ، وَلَمْ يَحْكِ خِلَافًا قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: صَحَّ فِي الْمَذْهَبِ.
فَوَائِدُ. الْأُولَى: الْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ: أَنَّ لَهُ أَنْ يَسْتَخْلِفَ مَسْبُوقًا، وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ هُنَا، وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ اسْتِخْلَافُ الْمَسْبُوقِ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ، فَعَلَى الْمَذْهَبِ: الْأَوْلَى لَهُ أَنْ يَسْتَخْلِفَ مِنْ يُسَلِّمُ بِهِمْ، ثُمَّ يَقُومُ، فَيَأْتِي بِمَا عَلَيْهِ فَتَكُونُ هَذِهِ الصَّلَاةُ بِثَلَاثَةِ أَئِمَّةٍ
قَالَ الْمَجْدُ، وَابْنُ تَمِيمٍ وَغَيْرُهُمَا: فَإِنْ لَمْ يَسْتَخْلِفْ وَسَلَّمُوا مُنْفَرِدِينَ أَوْ انْتَظَرُوهُ حَتَّى سَلَّمَ بِهِمْ جَازَ نَصَّ عَلَيْهِ كُلِّهِ، وَقَالَ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ مِنْ الْمُجَرَّدِ: يُسْتَحَبُّ انْتِظَارُهُ حَتَّى يُسَلِّمَ بِهِمْ، وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ سَلَامُهُمْ قَبْلَهُ وَالْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ أَيْضًا عَنْ أَحْمَدَ: أَنَّ لَهُ أَنْ يَسْتَخْلِفَ مَنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ مَعَهُ أَيْضًا، سَوَاءٌ كَانَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى أَوْ غَيْرِهَا.
قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَظَاهِرُ الِانْتِصَارِ وَغَيْرِهِ: يَسْتَخْلِفُ أُمِّيًّا فِي تَشَهُّدٍ أَخِيرٍ، وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَخْلِفَ هُنَا. إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَعَلَى الْمَنْصُوصِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ: يَبْنِي عَلَى مَا مَضَى مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ مُرَتَّبًا، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ فَإِنْ أَدْرَكَهُ فِي الثَّانِيَةِ وَاسْتَخْلَفَهُ فِيهَا جَلَسَ عَقِيبَهَا قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَةِ، وَالْفَائِقِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَعَنْهُ: يُخَيَّرُ بَيْنَ تَرْتِيبِ إمَامِهِ وَبَيْنَ أَنْ يَبْنِيَ عَلَى تَرْتِيبِ نَفْسِهِ، فَيَجْلِسَ عَقِيبَ رَكْعَتَيْنِ مِنْ صَلَاتِهِ، وَهِيَ ثَالِثَةٌ لِلْمَأْمُومَيْنِ وَيَتْبَعُونَهُ فِي ذَلِكَ. وَأَطْلَقَهُمَا الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ.
وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ فِي الثَّانِيَةِ، وَهِيَ اسْتِخْلَافُ مَنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ مَعَهُ. قُلْت: فَيُعَايَى بِهَا، وَأَطْلَقَهُمَا الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ فِي الْمَسْبُوقِ الَّذِي دَخَلَ مَعَهُ، وَقَالَ فِي الَّذِي لَمْ يَدْخُلْ مَعَهُ: الْأَظْهَرُ فِيهِ التَّخْيِيرُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ الْمُتَابَعَةَ ابْتِدَاءً. الثَّانِيَةُ: يَبْنِي الْخَلِيفَةُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى عَلَى صَلَاةِ الْإِمَامِ قَبْلَهُ مِنْ حَيْثُ بَلَغَ، وَأَمَّا الْخَلِيفَةُ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ إذَا قُلْنَا يَبْنِي عَلَى تَرْتِيبِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ فِي الْقِرَاءَةِ مِنْ حَيْثُ بَلَغَ الْأَوَّلُ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ نَصَّ عَلَيْهِ وَقَدَّمَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَابْنُ حَمْدَانَ فِي رِعَايَتِهِ، وَقَالَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ: لَا بُدَّ مِنْ قِرَاءَةِ مَا فَاتَهُ مِنْ الْفَاتِحَةِ سِرًّا وَجَزَمَ بِهِ فِي الْفُرُوعِ، وَهِيَ عَجِيبٌ مِنْهُ
قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ: وَالصَّحِيحُ عِنْدِي أَنَّهُ يَقْرَأُ سِرًّا مَا فَاتَهُ مِنْ فَرْضِ الْقِرَاءَةِ، لِئَلَّا تَفُوتَهُ الرَّكْعَةُ، ثُمَّ يَبْنِي عَلَى قِرَاءَةِ الْأَوَّلِ جَهْرًا إنْ كَانَتْ صَلَاةَ جَهْرٍ. وَقَالَ عَنْ الْمَنْصُوصِ: لَا وَجْهَ لَهُ عِنْدِي، إلَّا أَنْ يَقُولَ مَعَهُ بِأَنَّ هَذِهِ الرَّكْعَةَ لَا يُعْتَدُّ لَهُ بِهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ فِيهَا بِفَرْضِ الْقِرَاءَةِ، وَلَمْ يُوجَدْ مَا يُسْقِطُهُ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَصِرْ مَأْمُومًا بِحَالٍ، أَوْ يَقُولُ: إنَّ الْفَاتِحَةَ لَا تَتَعَيَّنُ فَيَسْقُطُ فَرْضُ الْقِرَاءَةِ بِمَا يَقْرَؤُهُ. انْتَهَى. وَقَالَ الشَّارِحُ: وَيَنْبَغِي أَنْ تَجِبَ عَلَيْهِ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ، وَلَا يَبْنِي عَلَى قِرَاءَةِ الْإِمَامِ لِأَنَّ الْإِمَامَ لَمْ يَتَحَمَّلْ الْقِرَاءَةَ هُنَا.
الثَّالِثَةُ: مَنْ اسْتَخْلَفَ فِيمَا لَا يُعْتَدُّ لَهُ بِهِ: اعْتَدَّ بِهِ لِلْمَأْمُومِ، ذَكَرَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ، وَقَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: لَوْ اسْتَخْلَفَ مَسْبُوقًا فِي الرُّكُوعِ لَغَتْ تِلْكَ الرَّكْعَةُ، وَقَالَهُ جَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ أَيْضًا. وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: إنْ اسْتَخْلَفَهُ فِي الرُّكُوعِ أَوْ بَعْدَهُ، قَرَأَ لِنَفْسِهِ وَانْتَظَرَهُ الْمَأْمُومُ ثُمَّ رَكَعَ وَلَحِقَ الْمَأْمُومَ.
الرَّابِعَةُ: لَوْ أَدَّى الْإِمَامُ جُزْءًا مِنْ صَلَاتِهِ بَعْدَ حَدَثِهِ، مِثْلُ أَنْ يُحْدِثَ رَاكِعًا فَرَفَعَ رَأْسَهُ وَقَالَ " سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ " أَوْ حَدَثَ سَاجِدًا فَرَفَعَ وَقَالَ " اللَّهُ أَكْبَرُ " لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ، إنْ قُلْنَا يَبْنِي ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يَبْطُلُ، وَلَوْ لَمْ يُرِدْ أَدَاءَ رُكْنٍ، قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَاشْتَبَهَتْ الْمَسْأَلَةُ عَلَى بَعْضِهِمْ فَزَادَ وَنَقَصَ.
الْخَامِسَةُ: لَوْ لَمْ يَسْتَخْلِفْ الْإِمَامُ وَصَلُّوا وُحْدَانًا: صَحَّ، وَاحْتَجَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بِأَنَّ مُعَاوِيَةَ لَمَّا طُعِنَ صَلَّى النَّاسُ وُحْدَانًا، وَإِنْ اسْتَخْلَفُوا لِأَنْفُسِهِمْ صَحَّ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ وَنَصَّ عَلَيْهِ، وَعَنْهُ لَا يَصِحُّ، وَإِنْ اسْتَخْلَفَ كُلُّ طَائِفَةٍ رَجُلًا، أَوْ اسْتَخْلَفَ بَعْضُهُمْ وَصَلَّى الْبَاقُونَ فُرَادَى فَلَا بَأْسَ.
السَّادِسَةُ: حُكْمُ مَنْ حَصَلَ لَهُ مَرَضٌ أَوْ خَوْفٌ، أَوْ حَصْرٌ عَنْ الْقِرَاءَةِ الْوَاجِبَةِ أَوْ قَصْرٌ وَنَحْوُهُ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَظَاهِرُهُ، وَجُنُونٌ وَإِغْمَاءٌ، وَصَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ فِي الْإِغْمَاءِ وَالْمَوْتِ، وَالْمُتَيَمِّمِ إذَا رَأَى الْمَاءَ، وَقَالَ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ: أَوْ بِلَا عُذْرٍ حُكْمُ مَنْ سَبَقَهُ الْحَدَثُ فِي الِاسْتِخْلَافِ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ سُبِقَ اثْنَانِ بِبَعْضِ الصَّلَاةِ فَائْتَمَّ أَحَدُهُمَا بِصَاحِبِهِ فِي قَضَاءِ مَا فَاتَهُمَا، فَعَلَى وَجْهَيْنِ) وَحَكَى بَعْضُهُمْ الْخِلَافَ رِوَايَتَيْنِ مِنْهُمْ ابْنُ تَمِيمٍ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْكَافِي، وَالْمُحَرَّرِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْفَائِقِ، وَابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ. أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ ذَلِكَ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ، وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ وَغَيْرُهُمْ، لَمَّا حَكَوْا الْخِلَافَ هُنَا: بِنَاءً عَلَى الِاسْتِخْلَافِ، وَتَقَدَّمَ جَوَازُ الِاسْتِخْلَافِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَجَزَمَ بِالْجَوَازِ هُنَا فِي الْوَجِيزِ، وَالْإِفَادَاتِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَالنَّظْمِ، وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَالرِّعَايَةِ، وَابْنُ تَمِيمٍ قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ: هَذَا ظَاهِرُ رِوَايَةِ مُهَنَّا، وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَجُوزُ قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ: هَذَا مَنْصُوصُ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ، وَعَنْهُ لَا يَجُوزُ هُنَا. وَإِنْ جَوَّزْنَا الِاسْتِخْلَافَ اخْتَارَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَفَرَّقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الِاسْتِخْلَافِ مِنْ وَجْهَيْنِ.
فَائِدَةٌ: وَكَذَا الْحُكْمُ وَالْخِلَافُ وَالْمَذْهَبُ: لَوْ أَمَّ مُقِيمٌ مِثْلَهُ إذَا سَلَّمَ مُسَافِرٌ، ذَكَرَهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. تَنْبِيهٌ: يُسْتَثْنَى مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ مِمَّنْ أَطْلَقَ: الْمَسْبُوقَ فِي الْجُمُعَةِ. فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ ائْتِمَامُ مَسْبُوقٍ بِمَسْبُوقٍ فِيهَا قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ؛ لِأَنَّهَا إذَا أُقِيمَتْ بِمَسْجِدٍ مَرَّةً لَمْ تُقَمْ فِيهِ ثَانِيَةً، وَذَكَرَ ابْنُ الْبَنَّا فِي شَرْحِ الْمُجَرَّدِ: أَنَّ الْخِلَافَ جَارٍ فِي الْجُمُعَةِ أَيْضًا، وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِ عُذْرٍ لَمْ يَصِحَّ) قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَبِلَا عُذْرِ السَّبْقِ كَاسْتِخْلَافِ الْإِمَامِ بِلَا عُذْرٍ قَالَ فِي النُّكَتِ: صَرَّحَ فِي الْمُغْنِي بِأَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ تُخَرَّجُ عَلَى مَسْأَلَةِ الِاسْتِحْلَافِ قَالَ: وَعَلَى هَذَا يَكُونُ كَلَامُهُ فِي الْمُقْنِعِ عَقِيبَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِ عُذْرٍ، لَمْ يَصِحَّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَمَسْأَلَةِ الِاسْتِخْلَافِ؛ لِأَنَّ الْمَسْأَلَتَيْنِ فِي الْمُغْنِي وَاحِدَةٌ. ذَكَرَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ فِي الِاسْتِخْلَافِ لِغَيْرِ عُذْرٍ رِوَايَتَيْنِ. انْتَهَى. وَقَالَ الشَّارِحُ: وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِ عُذْرٍ، لَمْ يَصِحَّ إذَا انْتَقَلَ عَنْ إمَامِهِ إلَى إمَامٍ آخَرَ فَائْتَمَّ بِهِ أَوْ صَارَ الْمَأْمُومُ إمَامًا لِغَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ أَحْرَمَ إمَامًا لِغَيْبَةِ إمَامِ الْحَيِّ، ثُمَّ حَضَرَ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ فَأَحْرَمَ بِهِمْ، وَبَنَى عَلَى صَلَاةِ خَلِيفَتِهِ، فَصَارَ الْإِمَامُ مَأْمُومًا فَهَلْ يَصِحُّ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ) وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ، وَالْكَافِي، وَالشَّرْحِ، وَشَرْحِ الْمَجْدِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى، وَالْفَائِقِ. أَحَدُهُمَا: يَصِحُّ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْحَارِثِ جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْإِفَادَاتِ، وَالْمُنَوِّرِ وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وَقَدَّمَهُ فِي الْفَائِقِ قَالَ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ: وَهُوَ أَظْهَرُ وَالثَّانِي: لَا يَصِحُّ قَالَ فِي الْفُصُولِ: هُوَ الْأَصَحُّ عِنْدَ شَيْخِنَا أَبِي يَعْلَى، قَالَ الْمَجْدُ: وَهُوَ مَذْهَبُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ، وَعَنْهُ يَصِحُّ مِنْ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ دُونَ غَيْرِهِ، وَأَطْلَقَهُنَّ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْفُرُوعِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالنَّظْمِ.
تَنْبِيهٌ: حَكَى الْمُصَنِّفُ الْخِلَافَ هُنَا أَوْجُهًا، وَكَذَا حَكَاهُ فِي الشَّرْحِ، وَالْكَافِي، وَشَرْحِ الْمَجْدِ، وَابْنُ مُنَجَّى، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى.