المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب صلاة الكسوف] - الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف - ت الفقي - جـ ٢

[المرداوي]

الفصل: ‌[باب صلاة الكسوف]

قَوْلُهُ (وَصِفَةُ التَّكْبِيرِ شَفْعًا: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ. لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ) ، وَهَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ، وَاسْتَحَبَّ ابْنُ هُبَيْرَةَ تَثْلِيثَ التَّكْبِيرِ أَوَّلًا وَآخِرًا.

فَائِدَتَانِ إحْدَاهُمَا: لَا بَأْسَ بِقَوْلِهِ لِغَيْرِهِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْخُطْبَةِ " تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنَّا وَمِنْك " نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ كَالْجَوَابِ، وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ أَيْضًا " لَا أَبْدَأُ بِهِ " وَعَنْهُ الْكُلُّ حَسَنٌ، وَعَنْهُ يُكْرَهُ قِيلَ لَهُ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ: تَرَى أَنْ تَبْدَأَ بِهِ؟ قَالَ: لَا، وَنَقَلَ عَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ، مَا أَحْسَنَهُ، إلَّا أَنْ يَخَافَ الشُّهْرَةَ، وَقَالَ فِي النَّصِيحَةِ: هُوَ فِعْلُ الصَّحَابَةِ وَقَوْلِ الْعُلَمَاءِ.

الثَّانِيَةُ: لَا بَأْسَ بِالتَّعْرِيفِ بِالْأَمْصَارِ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ نَصَّ عَلَيْهِ، وَقَالَ: إنَّمَا هُوَ دُعَاءٌ وَذِكْرٌ، وَقِيلَ لَهُ: تَفْعَلُهُ أَنْتَ؟ قَالَ: لَا، وَعَنْهُ يُسْتَحَبُّ، ذَكَرَهَا الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَهِيَ مِنْ الْمُفْرَدَاتِ، وَلَمْ يَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ التَّعْرِيفَ بِغَيْرِ عَرَفَةَ، وَأَنَّهُ لَا نِزَاعَ فِيهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ، وَأَنَّهُ مُنْكَرٌ، وَفَاعِلُهُ ضَالٌّ.

[بَابُ صَلَاةِ الْكُسُوفِ]

ِ فَائِدَةُ: " الْكُسُوفُ " وَ " الْخُسُوفُ " بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَهُوَ ذَهَابُ ضَوْءِ شَيْءٍ، كَالْوَجْهِ وَاللَّوْنِ، وَالْقَمَرِ وَالشَّمْسِ، وَقِيلَ. الْخُسُوفُ الْغَيْبُوبَةُ، وَمِنْهُ {فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْضَ} [القصص: 81] وَقِيلَ " الْكُسُوفُ " ذَهَابُ بَعْضِهَا، وَ " الْخُسُوفُ " ذَهَابُ كُلِّهَا، وَقِيلَ: الْكُسُوفُ لِلشَّمْسِ، وَالْخُسُوفُ لِلْقَمَرِ. يُقَالُ: كَسَفَتْ

ص: 441

بِفَتْحِ الْكَافِ وَضَمِّهَا وَمِثْلُهُ خَسَفَتْ. وَقِيلَ: الْكُسُوفُ: تَغَيُّرُهُمَا، وَالْخُسُوفُ: تَغَيُّبُهُمَا فِي السَّوَادِ قَوْلُهُ (وَإِذَا كَسَفَتْ الشَّمْسُ أَوْ الْقَمَرُ: فَزِعَ النَّاسُ إلَى الصَّلَاةِ جَمَاعَةً وَفُرَادَى) تَجُوزُ صَلَاةُ الْكُسُوفِ مَعَ الْجَمَاعَةِ، وَتَجُوزُ صَلَاتُهَا مُنْفَرِدًا فِي الْجَامِعِ وَغَيْرِهِ، لَكِنَّ فِعْلَهَا مَعَ الْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ، وَفِي الْجَامِعِ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، وَعَنْهُ تُفْعَلُ فِي الْمُصَلَّى.

قَوْلُهُ (بِإِذْنِ الْإِمَامِ وَغَيْرِ إذْنِهِ) لَا يُشْتَرَطُ إذْنُ الْإِمَامِ فِي فِعْلِهَا، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَعَنْهُ يُشْتَرَطُ، ذَكَرَهَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفَائِقِ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَفِي اعْتِبَارِ إذْنِ الْإِمَامِ فِيهَا لِلْجَمَاعَةِ رِوَايَتَانِ، وَقِيلَ: النَّصُّ عَدَمُهُ. انْتَهَى.

قَوْلُهُ (وَيُنَادَى لَهَا: الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ) الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهُ يُنَادَى لَهَا. وَيُجْزِئُ قَوْلُهُ " الصَّلَاةُ " فَقَطْ، وَعَنْهُ لَا يُنَادَى لَهَا، وَهُوَ قَوْلٌ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ آخِرَ الْأَذَانِ.

فَائِدَةٌ: النِّدَاءُ لَهَا سُنَّةٌ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَقَالَ الْقَاضِي، وَابْنُ الزَّاغُونِيِّ: هُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ كَالْأَذَانِ.

فَائِدَةٌ: قَوْلُهُ (ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ. يَقْرَأُ فِي الْأُولَى بَعْدَ الْفَاتِحَةِ سُورَةً طَوِيلَةً) قَالَ الْأَصْحَابُ: الْبَقَرَةَ أَوْ قَدْرَهَا، قُلْت: الَّذِي يَظْهَرُ: أَنَّ مُرَادَهُمْ إذَا امْتَدَّ الْكُسُوفُ أَمَّا إذَا كَانَ الْكُسُوفُ يَسِيرًا: فَإِنَّهُ يَقْرَأُ عَلَى قَدْرِهِ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ " فَإِنْ تَجَلَّى الْكُسُوفُ أَتَمَّهَا خَفِيفَةً "

ص: 442

فَائِدَةٌ: الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّ صَلَاةَ الْكُسُوفِ سُنَّةٌ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ فِي الشَّافِي: هِيَ وَاجِبَةٌ عَلَى الْإِمَامِ وَالنَّاسِ، وَأَنَّهَا لَيْسَتْ بِفَرْضٍ. قَالَ ابْنُ رَجَبٍ: وَلَعَلَّهُ أَرَادَ أَنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ قَوْلُهُ (وَيَجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ) ، هَذَا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَالْجَهْرُ فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ مِنْ الْمُفْرَدَاتِ، وَعَنْهُ لَا يَجْهَرُ فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ اخْتَارَهُ الْجُوزَجَانِيُّ، وَعَنْهُ لَا بَأْسَ بِالْجَهْرِ، قَوْلُهُ (ثُمَّ يَرْكَعُ رُكُوعًا طَوِيلًا) هَكَذَا قَالَ كَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ، وَأَطْلَقُوا وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالْفَائِقِ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَالزَّرْكَشِيُّ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَطَعَ بِهِ الْخِرَقِيُّ، وَإِدْرَاكُ الْغَايَةِ، وَتَذْكِرَةُ ابْنِ عَبْدُوسٍ، وَالْمُنْتَخَبُ وَغَيْرُهُمْ، وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ: يَكُونُ رُكُوعُهُ قَدْرَ قِرَاءَةِ مِائَةِ آيَةٍ مِنْهُمْ الْقَاضِي، وَأَبُو الْخَطَّابِ، وَتَبِعَهُمْ صَاحِبُ الْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُغْنِي، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ، وَالشَّرْحِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَالْإِفَادَاتِ، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالنَّظْمِ، وَالْوَجِيزِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، قُلْت: وَالْأُولَى أَوْلَى، وَأَنَّ الطُّولَ وَالْقِصَرَ يَرْجِعُ إلَى طُولِ الْكُسُوفِ وَقِصَرِهِ. كَمَا قُلْنَا فِي الْقِرَاءَةِ، وَقِيلَ: يَكُونُ رُكُوعُهُ قَدْرَ مُعْظَمِ الْقِرَاءَةِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى، وَالْمَجْدُ، وَقِيلَ: يَكُونُ قَدْرَ نِصْفِ الْقِرَاءَةِ، وَقَالَ فِي الْمُبْهِجِ: يُسَبِّحُ فِي الرُّكُوعِ بِقَدْرِ مَا قَرَأَ. فَائِدَةٌ: ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْفُرُوعِ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَالْفَائِقِ، وَالزَّرْكَشِيُّ: أَنَّ الْأَقْوَالَ الَّتِي حَكَوْهَا فِي قَدْرِ الرُّكُوعِ مُتَنَافِيَةٌ.

لِقَوْلِهِمْ " ثُمَّ يَرْكَعُ فَيُطِيلُ " وَقَالَ فُلَانٌ: بِقَدْرِ كَذَا بِالْوَاوِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ: قَوْلُ مَنْ قَالَ " يَرْكَعُ رُكُوعًا طَوِيلًا " لَا يُنَافِي مَا حَكَى مِنْ الْأَقْوَالِ، بَلْ اخْتِلَافُهُمْ فِي تَفْسِيرِ الطَّوِيلِ، وَلِذَلِكَ قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ:

ص: 443

ثُمَّ يَرْكَعُ فَيُطِيلُ " قَالَ الْقَاضِي " بِقَدْرِ مِائَةِ آيَةٍ " وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى " بِقَدْرِ مُعْظَمِ الْقِرَاءَةِ " فَفَسَّرَ قَدْرَ الْإِطَالَةِ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ " ثُمَّ يَرْكَعُ وَيُسَبِّحُ قَدْرَ مِائَةِ آيَةٍ " وَقِيلَ " بَلْ قَدْرَ مُعْظَمِ الْقِرَاءَةِ " وَقِيلَ: قَدْرَ نِصْفِهَا فَلَمْ يَحْكِ خِلَافًا فِي الْإِطَالَةِ، وَإِنَّمَا حَكَى الْخِلَافَ فِي قَدْرِهَا.

قَوْلُهُ (ثُمَّ يَرْفَعُ فَيُسَمِّعُ وَيَحْمَدُ ثُمَّ يَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ، وَسُورَةً، وَيُطِيلُ، وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ) قَالَ فِي الْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالرِّعَايَةِ، وَغَيْرِهِمْ: يَقْرَأُ آلَ عِمْرَانَ، أَوْ قَدْرَهَا قَالَ ابْنُ رَجَبٍ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ وَقَالَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ: تَكُونُ كَمُعْظَمِ الْقِرَاءَةِ الْأُولَى، وَقِيلَ: تَكُونُ قِرَاءَةُ الثَّانِيَةِ قَدْرَ ثُلُثَيْ قِرَاءَةِ الْأُولَى، وَقِرَاءَةُ الثَّالِثَةِ نِصْفُ قِرَاءَةِ الْأُولَى، وَقِرَاءَةُ الرَّابِعَةِ بِقَدْرِ ثُلُثَيْ قِرَاءَةِ الثَّالِثَةِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى، ذَكَرَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ.

قَوْلُهُ (ثُمَّ يَرْكَعُ فَيُطِيلُ، وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ) فَتَكُونُ نِسْبَتُهُ إلَى الْقِرَاءَةِ كَنِسْبَةِ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ مِنْ الْقِرَاءَةِ الْأُولَى كَمَا تَقَدَّمَ ثُمَّ يَرْكَعُ بِقَدْرِ ثُلُثَيْ رُكُوعِهِ الْأَوَّلِ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ وَقِيلَ: يَكُونُ كُلُّ رُكُوعٍ بِقَدْرِ ثُلُثَيْ الْقِرَاءَةِ الَّتِي قَبْلَهُ.

قَوْلُهُ (ثُمَّ يَرْفَعُ، ثُمَّ يَسْجُدُ) لَكِنْ لَا يُطِيلُ الْقِيَامَ مِنْ رَفْعِهِ الَّذِي يَسْجُدُ بَعْدَهُ. جَزَمَ بِهِ فِي الْفُرُوعِ قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ، وَالزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ أَصْحَابِنَا، وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ عَقِيلٍ، قُلْت: وَحَكَاهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ إجْمَاعًا قَوْلُهُ (سَجْدَتَيْنِ طَوِيلَتَيْنِ) هَذَا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ، وَالْمُذْهَبُ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحُ، وَالْوَجِيزُ، وَإِدْرَاكُ الْغَايَةِ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيُطِيلُهُمَا فِي الْأَصَحِّ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى

ص: 444

وَقِيلَ: يُطِيلُهُمَا كَإِطَالَةِ الرُّكُوعِ. جَزَمَ بِهِ فِي التَّذْكِرَةِ لِابْنِ عَقِيلٍ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَقِيلَ: لَا يُطِيلُهُمَا، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ حَامِدٍ، ابْنِ أَبِي مُوسَى، وَأَبِي الْخَطَّابِ فِي الْهِدَايَةِ، تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَكَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ: أَنَّهُ لَا يُطِيلُ الْجِلْسَةَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، لِعَدَمِ ذِكْرِهِ، وَهُوَ صَحِيحٌ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ قَالَ الْمَجْدُ: هُوَ أَصَحُّ وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ، وَقِيلَ: يُطِيلُهُ. اخْتَارَهُ الْآمِدِيُّ قَالَ فِي التَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ: وَيُطِيلُ الْجُلُوسَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ كَالرُّكُوعِ وَجَزَمَ بِهِ فِيهِمَا أَيْضًا فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِيَيْنِ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفَائِقِ. قَوْلُهُ (ثُمَّ يَقُومُ إلَى الثَّانِيَةِ، فَيَفْعَلُ مِثْلَ ذَلِكَ) يَعْنِي فِي الرُّكُوعَيْنِ وَغَيْرِهِمَا، لَكِنْ يَكُونُ دُونَ الْأُولَى قِيَامًا وَقِرَاءَةً، وَرُكُوعًا وَسُجُودًا، وَتَسْبِيحًا وَاسْتِغْفَارًا قَالَ الْقَاضِي، وَابْنُ عَقِيلٍ، وَالْمَجْدُ، وَغَيْرُهُمْ: الْقِرَاءَةُ فِي كُلِّ قِيَامٍ أَقْصَرُ مِمَّا قَبْلَهُ، وَكَذَلِكَ التَّسْبِيحُ قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: يَقْرَأُ فِي الثَّانِيَةِ فِي الْقِيَامِ الْأَوَّلِ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ سُورَةَ النِّسَاءِ أَوْ قَدْرَهَا، وَفِي الثَّانِي بَعْدَ الْفَاتِحَةِ سُورَةَ الْمَائِدَةِ أَوْ قَدْرَهَا، وَذَكَرَ أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ الْقِيَامَ الثَّالِثَ أَطْوَلَ مِنْ الثَّانِي، وَقِيلَ: بِقَدْرِ النِّصْفِ مِمَّا قَرَأَ أَوْ سَبَّحَ فِي رُكُوعِ الْأُولَى وَقِيَامِهَا. قَوْلُهُ (فَإِنْ تَجَلَّى الْكُسُوفُ فِيهَا أَتَمَّهَا خَفِيفَةً) يَعْنِي عَلَى صِفَتِهَا، وَهُوَ الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا، وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ، وَقِيلَ: يُتِمُّهَا كَالنَّافِلَةِ إنْ تَجَلَّى قَبْلَ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ أَوْ فِيهِ، وَإِلَّا أَتَمَّهَا عَلَى صِفَتِهَا، لِتَأَكُّدِهَا بِخَصَائِصِهَا، وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي: مَنْ جَوَّزَ الزِّيَادَةَ عِنْدَ حُدُوثِ

ص: 445

الِامْتِدَادِ عَلَى الْقَدْرِ الْمَنْقُولِ جَوَّزَ النُّقْصَانَ عِنْدَ التَّجَلِّي، وَمَنْ مَنَعَ مَنَعَ النَّقْصَ، لِأَنَّهُ الْتَزَمَ رُكْنًا بِالشُّرُوعِ فَتَبْطُلُ بِتَرْكِهِ، وَقِيلَ: لَا تُشْرَعُ الزِّيَادَةُ لِحَاجَةٍ زَالَتْ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: كَذَا قَالَ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ تَجَلَّى قَبْلَهَا، أَوْ غَابَتْ الشَّمْسُ كَاسِفَةً، أَوْ طَلَعَتْ وَالْقَمَرُ خَاسِفٌ: لَمْ يُصَلِّ) بِلَا خِلَافٍ أَعْلَمُهُ لَكِنْ إذَا غَابَ الْقَمَرُ خَاسِفًا لَيْلًا، فَالْأَشْهَرُ فِي الْمَذْهَبِ: أَنَّهُ يُصَلَّى لَهُ، قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ، قَالَ فِي النُّكَتِ: هَذَا الْمَشْهُورُ قَالَ: وَقَطَعَ بِهِ جَمَاعَةٌ، كَالْقَاضِي وَأَبِي الْمَعَالِي، وَقِيلَ: لَا يُصَلَّى لَهُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالْوَجِيزِ، وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ، وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ، وَالْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفَائِقِ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ، وَابْنُ تَمِيمٍ.

فَوَائِدُ. إحْدَاهَا: إذَا طَلَعَ الْفَجْرُ وَالْقَمَرُ خَاسِفٌ لَمْ يَمْنَعْ مِنْ الصَّلَاةِ، إذَا قُلْنَا: إنَّهَا تُفْعَلُ فِي وَقْتِ نَهْيٍ اخْتَارَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: لَمْ يَمْنَعْ فِي أَظْهَرِ الْوَجْهَيْنِ قَالَ: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي الْخَطَّابِ، وَقِيلَ: يَمْنَعُ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ، قَالَهُ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ قَالَ الشَّارِحُ: فِيهِ احْتِمَالَانِ ذَكَرَهُمَا الْقَاضِي الثَّانِيَةُ: لَا تَقْضِي صَلَاةَ الْكُسُوفِ، كَصَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ، وَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ، وَسُجُودِ الشُّكْرِ. الثَّالِثَةُ: لَا تُعَادُ إذَا فَرَغَ مِنْهَا وَلَمْ يَنْقَضِ الْكُسُوفُ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ: وَجَزَمَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ

ص: 446

وَقِيلَ: تُعَادُ رَكْعَتَيْنِ، وَأَطْلَقَ أَبُو الْمَعَالِي فِي جَوَازِهِ وَجْهَيْنِ فَعَلَى الْمَذْهَبِ وَحَيْثُ قُلْنَا: لَا تُصَلَّى فَإِنَّهُ يَذْكُرُ اللَّهَ تَعَالَى وَيَدْعُوهُ، وَيَسْتَغْفِرُهُ حَتَّى تَنْجَلِيَ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ أَتَى فِي كُلِّ رَكْعَةٍ بِثَلَاثِ رُكُوعَاتٍ، أَوْ أَرْبَعٍ، فَلَا بَأْسَ) .

يَعْنِي أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ مِنْ غَيْرِ فَضِيلَةٍ، بَلْ الْأَفْضَلُ: رُكُوعَانِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالْفَائِقِ، وَعَنْهُ أَرْبَعُ رُكُوعَاتٍ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ أَفْضَلُ.

تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ قَوْلِهِ " فَلَا بَأْسَ " أَنَّهُ لَا يُزَادُ عَلَى أَرْبَعِ رُكُوعَاتٍ، وَلَا يَجُوزُ، وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَقَدَّمَهُ فِي الْفَائِقِ، وَالْعُذْرُ لِمَنْ قَالَ ذَلِكَ: أَنَّهُ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى الْوَارِدِ فِيهِ قَالَ الْمُصَنِّفُ لَا يُجَاوِزُ أَرْبَعَ رُكُوعَاتٍ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِنَا عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَسَلَّمَ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ. انْتَهَى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَجُوزُ فِعْلُهَا بِكُلِّ صِفَةٍ وَرَدَتْ فَمِنْهُ حَدِيثُ كَعْبٍ «خَمْسُ رُكُوعَاتٍ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَهَذَا الْمَذْهَبُ قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَابْنُ تَمِيمٍ وَاخْتَارَهُ الشَّارِحُ وَجَزَمَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ، وَتَجْرِيدُ الْعِنَايَةِ. وَمِنْهُ: أَنَّهُ يَأْتِي بِهَا كَالنَّافِلَةِ، وَقَدْ وَرَدَ ذَلِكَ فِي السُّنَنِ، وَهَذَا الْمَذْهَبُ أَيْضًا، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ سُنَّةٌ وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، لَكِنَّ الْأَفْضَلَ رُكُوعَانِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، كَمَا تَقَدَّمَ.

وَظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ: أَنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَى رُكُوعَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ. فَإِنَّهُمَا بَعْدَمَا ذَكَرَا رُكُوعَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ قَالَا: أَرْبَعُ رُكُوعَاتٍ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَقِيلَ: أَوْ ثَلَاثٌ

ص: 447

قَالَ فِي الْكُبْرَى: وَعَنْهُ تَكُونُ كُلُّ رَكْعَةٍ بِمَا شَاءَ مِنْ رُكُوعٍ، أَوْ اثْنَيْنِ، أَوْ ثَلَاثٍ أَوْ أَرْبَعٍ، أَوْ خَمْسٍ.

فَائِدَةٌ: الرُّكُوعُ الثَّانِي وَمَا بَعْدَهُ سُنَّةٌ، بِلَا نِزَاعٍ، وَتُدْرَكُ بِهِ الرَّكْعَةُ فِي أَحَدِ الْوُجُوهِ قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالْوَجْهِ الثَّانِي: لَا تُدْرَكُ بِهِ الرَّكْعَةُ مُطْلَقًا اخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِفَادَاتِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَالْحَوَاشِي، وَهُمَا احْتِمَالَانِ مُطْلَقَانِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: تُدْرَكُ بِهِ الرَّكْعَةُ إنْ صَلَّاهَا بِثَلَاثِ رُكُوعَاتٍ أَوْ أَرْبَعٍ، لِإِدْرَاكِهِ مُعْظَمَ الرَّكْعَةِ اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَقَدَّمَهُ فِي الشَّرْحِ، تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ: أَنَّهُ لَا يَخْطُبَ لَهَا، وَهُوَ صَحِيحٌ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، قَالَ أَصْحَابُنَا: لَا خُطْبَةَ لِصَلَاةِ الْكُسُوفِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ قَالَ ابْنُ رَجَبٍ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ: هَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ انْتَهَى، وَعَنْهُ يُشْرَعُ بَعْدَ صَلَاتِهَا خُطْبَتَانِ. سَوَاءٌ تَجَلَّى الْكُسُوفُ أَوْ لَا. اخْتَارَهَا ابْنُ حَامِدٍ، وَالْقَاضِي فِي شَرْحِ الْمَذْهَبِ، وَحَكَاهُ عَنْ الْأَصْحَابِ وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَجَبٍ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ، وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ، وَقَالَ فِي النَّصِيحَةِ: أُحِبُّ أَنْ يَخْطُبَ بَعْدَهَا، وَقِيلَ: يَخْطُبُ خُطْبَةً وَاحِدَةً مِنْ غَيْرِ جُلُوسٍ، وَأَطْلَقَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ فِي اسْتِحْبَابِ الْخُطْبَةِ رِوَايَتَيْنِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ نَصًّا عَنْ أَحْمَدَ: أَنَّهُ لَا يَخْطُبُ. إنَّمَا أَخَذُوهُ مِنْ نَصِّهِ " لَا خُطْبَةَ فِي الِاسْتِسْقَاءِ " وَقَالَ أَيْضًا: لَمْ يَذْكُرْ لَهَا أَحْمَدُ خُطْبَةً.

ص: 448

قَوْلُهُ (وَلَا يُصَلِّي لِشَيْءٍ مِنْ سَائِرِ الْآيَاتِ) هَذَا الْمَذْهَبُ، إلَّا مَا اسْتَثْنَى، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، بَلْ جَمَاهِيرُهُمْ، وَعَنْهُ يُصَلِّي لِكُلِّ آيَةٍ، وَذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَنَّ هَذَا قَوْلُ مُحَقِّقِي أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ، كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ السُّنَنُ وَالْآثَارُ، وَلَوْلَا أَنَّ ذَلِكَ قَدْ يَكُونُ سَبَبًا لِشَرٍّ وَعَذَابٍ لَمْ يَصِحَّ التَّخْوِيفُ بِهِ.

قُلْت: وَاخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى، وَالْآمِدِيُّ قَالَ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ: وَهُوَ أَظْهَرُ، وَحَكَى مَا وَقَعَ لَهُ فِي ذَلِكَ، وَقَالَ فِي النَّصِيحَةِ: يُصَلُّونَ لِكُلِّ آيَةٍ مَا أَحَبُّوا، رَكْعَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ، كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ، وَيَخْطُبُ.

وَأَطْلَقَهُمَا فِي التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ، وَقِيلَ: يَجُوزُ وَلَا يُكْرَهُ، ذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَقَالَهُ ابْنُ عَقِيلٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَلَمْ أَرَهُ فِيهَا، وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ وَقِيلَ: يُصَلِّي لِلرَّجْفَةِ، وَفِي الصَّاعِقَةِ وَالرِّيحِ الشَّدِيدَةِ، وَانْتِشَارِ النُّجُومِ، وَرَمْيِ الْكَوَاكِبِ، وَظُلْمَةِ النَّهَارِ، وُضُوءِ اللَّيْلِ: وَجْهَانِ. انْتَهَى.

قَوْلُهُ (إلَّا الزَّلْزَلَةَ الدَّائِمَةَ) الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهُ يُصَلَّى لَهَا عَلَى صِفَةِ صَلَاةِ الْكُسُوفِ نَصَّ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَغَيْرُهُمَا: قَالَ الْأَصْحَابُ: يُصَلَّى لَهَا، وَقِيلَ: لَا يُصَلَّى لَهَا، ذَكَرَهُ فِي التَّبْصِرَةِ، وَذَكَرَ أَبُو الْحُسَيْنِ: أَنَّهُ يُصَلَّى لِلزَّلْزَلَةِ، وَالرِّيحِ الْعَاصِفِ، وَكَثْرَةِ الْمَطَرِ: ثَمَانِ رُكُوعَاتٍ، وَأَرْبَعِ سَجَدَاتٍ، وَذَكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الزَّلْزَلَةِ.

فَوَائِدُ. لَوْ اجْتَمَعَ جِنَازَةٌ وَكُسُوفٌ، قُدِّمَتْ الْجِنَازَةُ، وَلَوْ اجْتَمَعَ مَعَ الْكُسُوفِ جُمُعَةٌ، قُدِّمَ الْكُسُوفُ إنْ أُمِنَ فَوْتُهَا، أَوْ لَمْ يُشْرَعْ فِي خُطْبَتِهَا، وَلَوْ اجْتَمَعَ مَعَ الْكُسُوفِ عِيدٌ، أَوْ مَكْتُوبَةٌ، قُدِّمَ عَلَيْهَا إنْ أُمِنَ الْفَوْتُ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ

ص: 449

الْمَذْهَبِ، وَقِيلَ: يُقَدَّمَانِ عَلَيْهِ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ، وَهُوَ مِنْ الْمُفْرَدَاتِ، وَلَوْ اجْتَمَعَ كُسُوفٌ وَوِتْرٌ، وَضَاقَ وَقْتُهُ، قُدِّمَ الْكُسُوفُ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَقَالَ الْمَجْدُ: هَذَا أَصَحُّ قَالَ فِي الْمَذْهَبِ: بَدَأَ بِالْكُسُوفِ، فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ، وَالْهِدَايَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ، وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَالْمُنْتَخَبِ لِلْأَدَمِيِّ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُقَدِّمُ الْوِتْرَ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَالْفَائِقِ وَلَوْ اجْتَمَعَ كُسُوفٌ، وَتَرَاوِيحُ، وَتَعَذَّرَ فِعْلُهُمَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، قُدِّمَتْ التَّرَاوِيحُ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ قَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُقَدَّمُ الْكُسُوفُ، قَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ، قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّهُ آكَدُ مِنْهَا.

وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْفُرُوعِ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَالْفَائِقِ، وَقِيلَ: إنْ صُلِّيَتْ التَّرَاوِيحُ جَمَاعَةً، قُدِّمَتْ لِمَشَقَّةِ الِانْتِظَارِ، وَلَوْ اجْتَمَعَ جِنَازَةٌ، وَعِيدٌ أَوْ جُمُعَةٌ: قُدِّمَتْ الْجِنَازَةُ إنْ أُمِنَ فَوْتُهَا قَالَ فِي الْفُرُوعِ فِي الْجَنَائِزِ: تَقَدَّمَ أَنَّ الْجِنَازَةَ تُقَدَّمُ عَلَى الْكُسُوفِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا تُقَدَّمُ عَلَى مَا يُقَدَّمُ الْكُسُوفُ عَلَيْهِ، وَصَرَّحُوا مِنْهُ بِالْعِيدِ، وَالْجُمُعَةِ، وَصَرَّحَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ أَيْضًا بِالْمَكْتُوبَاتِ، وَنَقَلَ الْجَمَاعَةُ: تَقْدِيمَ الْجِنَازَةِ عَلَى فَجْرٍ وَعَصْرٍ فَقَطْ وَجَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ، مِنْهُمْ ابْنُ عَقِيلٍ، وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ: يُقَدَّمُ الْمَغْرِبُ عَلَيْهَا، لَا الْفَجْرُ، وَلَوْ حَصَلَ كُسُوفٌ بِعَرَفَةَ صَلَّى لَهُ ثُمَّ دَفَعَ.

تَنْبِيهٌ: قَوْلُنَا " وَلَوْ اجْتَمَعَ مَعَ الْكُسُوفِ صَلَاةُ عِيدٍ " هُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ

ص: 450