المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب صلاة الاستسقاء] - الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف - ت الفقي - جـ ٢

[المرداوي]

الفصل: ‌[باب صلاة الاستسقاء]

مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ: أَنَّهُمَا قَدْ يَجْتَمِعَانِ، سَوَاءٌ كَانَ أَضْحَى أَوْ فِطْرًا، وَلَا عِبْرَةَ بِقَوْلِ الْمُنَجِّمِينَ فِي ذَلِكَ، وَقِيلَ: إنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ كُسُوفُ الشَّمْسِ إلَّا فِي الثَّامِنِ وَالْعِشْرِينَ وَالتَّاسِعِ وَالْعِشْرِينَ، وَلَا خُسُوفُ الْقَمَرِ إلَّا فِي إبْدَارِهِ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ قَالَ الْعُلَمَاءُ: وَرُدَّ هَذَا الْقَوْلُ بِوُقُوعِهِ فِي غَيْرِ الْوَقْتِ الَّذِي قَالُوهُ. فَذَكَرَ أَبُو شَامَةَ فِي تَارِيخِهِ: أَنَّ الْقَمَرَ خُسِفَ لَيْلَةَ السَّادِسِ عَشَرَ مِنْ جُمَادَى الْآخِرَةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَكَسَفَتْ الشَّمْسُ فِي غَدِهِ، وَاَللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. انْتَهَى. وَكَسَفَتْ الشَّمْسُ يَوْمَ مَاتَ إبْرَاهِيمُ، وَهُوَ يَوْمُ عَاشِرٍ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَالْآمِدِيُّ، وَالْفَخْرُ فِي تَلْخِيصِهِ اتِّفَاقًا عَنْ أَهْلِ السِّيَرِ.

قَالَ فِي الْفُصُولِ: لَا يَخْتَلِفُ النَّقْلُ فِي ذَلِكَ، نَقَلَهُ الْوَاقِدِيُّ، وَالزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ، وَأَنَّ الْفُقَهَاءَ فَرَّعُوا وَبَنَوْا عَلَى ذَلِكَ: لَوْ اتَّفَقَ عِيدٌ وَكُسُوفٌ، وَقَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَغَيْرِهِ: لَا سِيَّمَا إذَا اقْتَرَبَتْ السَّاعَةُ.

فَائِدَةٌ: يُسْتَحَبُّ الْعِتْقُ فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ نَصَّ عَلَيْهِ لِأَمْرِهِ عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ بِذَلِكَ فِي الصَّحِيحَيْنِ. قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ: يُسْتَحَبُّ لِقَادِرٍ.

[بَابُ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ]

ِ تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ قَوْلِهِ (إذَا أَجْدَبَتْ الْأَرْضُ فَزِعَ النَّاسُ إلَى الصَّلَاةِ) أَنَّهُ إذَا خِيفَ مِنْ جَدْبِهَا لَا يُصَلَّى، وَهُوَ صَحِيحٌ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَقِيلَ: يُصَلَّى. قَوْلُهُ (وَقُحِطَ الْمَطَرُ) أَيْ اُحْتُبِسَ الْقَطْرُ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا اُحْتُبِسَ عَنْ قَوْمٍ صَلَّوْا بِلَا نِزَاعٍ، وَإِنْ اُحْتُبِسَ عَنْ آخَرِينَ، فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهُ يُصَلِّي لَهُمْ غَيْرُ مَنْ لَمْ يُحْبَسْ عَنْهُمْ قَطَعَ بِهِ ابْنُ عَقِيلٍ، وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ، وَالنَّظْمُ، وَمَجْمَعُ الْبَحْرَيْنِ، وَالْإِفَادَاتُ، وَالْفَائِقُ وَغَيْرُهُمْ قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: لَا يَخْتَصُّ بِأَهْلِ الْجَدْبِ قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ: إنْ اسْتَسْقَى مُخْصَبٌ

ص: 451

لِمُجْدِبٍ جَازَ، وَقِيلَ: يُسْتَحَبُّ قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ: يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ، وَقِيلَ: لَا يُصَلِّي لَهُمْ غَيْرُهُمْ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ.

فَائِدَةٌ: لَوْ غَارَ مَاءُ الْعُيُونِ أَوْ الْأَنْهَارِ، وَضَرَّ ذَلِكَ: اُسْتُحِبَّ أَنْ يُصَلُّوا صَلَاةَ الِاسْتِسْقَاءِ جَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَالْإِفَادَاتِ، وَالنَّظْمِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ: اسْتَسْقُوا عَلَى الْأَقْيَسِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَابْنُ عَقِيلٍ، وَعَنْهُ لَا يُصَلُّونَ قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ قَالَ أَصْحَابُنَا: لَا يُصَلُّونَ وَقَدَّمَهُ فِي الْفَائِقِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَهُمَا وَجْهَانِ فِي شَرْحِ الْمَجْدِ.

قَوْلُهُ (وَصِفَتُهَا فِي مَوْضِعِهَا وَأَحْكَامِهَا: صِفَةُ صَلَاةِ الْعِيدِ) هَذَا الْمَذْهَبُ وَالصَّحِيحُ مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَعَنْهُ يُصَلِّي بِلَا تَكْبِيرَاتٍ زَوَائِدَ، وَلَا جَهْرٍ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الْبَرْمَكِيُّ: يُحْتَمَلُ أَنَّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ قَوْلٌ قَدِيمٌ رَجَعَ عَنْهُ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْكَافِي، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ، وَقَالَ فِي النَّصِيحَةِ: يَقْرَأُ فِي الْأُولَى {إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا} [نوح: 1] وَفِي الثَّانِيَةِ مَا أَحَبَّ وَجَزَمَ بِهِ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ، وَقَالَ ابْنُ رَجَبٍ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ: وَإِنْ قَرَأَ بِذَلِكَ كَانَ حَسَنًا وَاخْتَارَ أَبُو بَكْرٍ: أَنْ يَقْرَأَ بِالشَّمْسِ وَضُحَاهَا، وَاللَّيْلِ إذَا يَغْشَى. انْتَهَى. وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنْ يَقْرَأَ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ بِمَا يَقْرَأُ بِهِ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ

فَائِدَتَانِ. إحْدَاهُمَا: لَا تُصَلَّى الِاسْتِسْقَاءُ وَقْتَ نَهْيٍ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالْمَجْدُ، وَصَاحِبُ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَغَيْرُهُمْ: بِلَا خِلَافٍ.

قَالَ ابْنُ رَزِينٍ: إجْمَاعًا، وَأَطْلَقَ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَغَيْرِهِمْ: رِوَايَتَيْنِ، وَصَحَّحُوا جَوَازَ الْفِعْلِ

ص: 452

قُلْت: وَهُوَ بَعِيدٌ، وَالْعَجَبُ مِنْ صَاحِبِ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ كَوْنُهُ قَطْعَ هُنَا بِأَنَّهَا لَا تُصَلَّى، وَقَالَ: بِلَا خِلَافٍ، وَذَكَرَ فِي أَوْقَاتِ النَّهْيِ رِوَايَتَيْنِ، وَصَحَّحَ أَنَّهَا تُصَلَّى، وَهُوَ ذُهُولٌ مِنْهُ، وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي أَوْقَاتِ النَّهْيِ.

الثَّانِيَةُ: وَقْتُ صَلَاتِهَا وَقْتُ صَلَاةِ الْعِيدِ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَقِيلَ: بَعْدَ الزَّوَالِ.

قَوْلُهُ (وَأَمَرَهُمْ بِالتَّوْبَةِ مِنْ الْمَعَاصِي وَالْخُرُوجِ مِنْ الْمَظَالِمِ، وَالصِّيَامِ وَالصَّدَقَةِ) وَالتَّوْبَةُ فِي كُلِّ وَقْتٍ مَطْلُوبَةٌ شَرْعًا، وَكَذَا الْخُرُوجُ مِنْ الْمَظَالِمِ، لَكِنْ هُنَا يَتَأَكَّدُ ذَلِكَ، وَأَمَّا الصِّيَامُ وَالصَّدَقَةُ: فَيَأْمُرُهُمْ بِهِمَا الْإِمَامُ مِنْ غَيْرِ عَدَدٍ فِي الصَّوْمِ، كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا، وَقَالَهُ جَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْكَافِي، وَالْمُغْنِي، وَالْخُلَاصَةِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالْإِفَادَاتِ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ، وَالتَّسْهِيلِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: وَيُسْتَحَبُّ الْخُرُوجُ صَائِمًا، وَتَبِعَهُ جَمَاعَةٌ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ: يَكُونُ الصَّوْمُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْهُمْ صَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ، وَالرِّعَايَة الْكُبْرَى، وَالْفَائِق، وَلَمْ يَذْكُرْ جَمَاعَةٌ الصَّوْمَ وَالصَّدَقَةَ، مِنْهُمْ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمُ، وَإِدْرَاكُ الْغَايَةِ، وَتَذْكِرَةُ ابْنِ عَبْدُوسٍ، وَغَيْرُهُمْ، وَذَكَرَ ابْنُ تَمِيمٍ: الصَّدَقَةَ، وَلَمْ يَذْكُرْ الصَّوْمَ، وَذَكَرَ ابْنُ الْبَنَّا فِي الْعُقُودِ: الصَّوْمَ، وَلَمْ يَذْكُرْ الصَّدَقَةَ.

فَائِدَةٌ: هَلْ يَلْزَمُ الصَّوْمُ بِأَمْرِ الْإِمَامِ؟ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ لَا يَلْزَمُ، وَقَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ: تَجِبُ طَاعَتُهُ فِي غَيْرِ الْمَعْصِيَةِ، وَذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ

ص: 453

إجْمَاعًا ثُمَّ قَالَ صَاحِبُ الْفُرُوعِ: وَلَعَلَّ الْمُرَادَ فِي السِّيَاسَةِ وَالتَّدْبِيرِ وَالْأُمُورِ الْمُجْتَهَدِ فِيهَا، لَا مُطْلَقًا، وَلِهَذَا جَزَمَ بَعْضُهُمْ تَجِبُ الطَّاعَةُ فِي الْوَاجِبِ، وَتُسَنُّ فِي الْمَسْنُونِ، وَتُكْرَهُ فِي الْمَكْرُوهِ، وَقَالَ فِي الْفَائِقِ: قُلْت: وَيَأْمُرُهُمْ بِصِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَيَجِبُ، وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ، وَأَبُو الْمَعَالِي: لَوْ نَذَرَ الْإِمَامُ الِاسْتِسْقَاءَ مِنْ الْجَدْبِ وَحْدَهُ، أَوْ هُوَ وَالنَّاسُ، لَزِمَهُ فِي نَفْسِهِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُلْزِمَ غَيْرَهُ بِالْخُرُوجِ مَعَهُ، وَإِنْ نَذَرَ غَيْرُ الْإِمَامِ انْعَقَدَ أَيْضًا.

قَوْلُهُ (وَيَتَنَظَّفُ لَهَا) هَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ، وَقِيلَ: لَا يَتَنَظَّفُ، كَمَا أَنَّهُ لَا يَتَطَيَّبُ قَوْلُهُ (وَيَجُوزُ خُرُوجُ الصِّبْيَانِ) يَعْنِي لِأَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ، فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُمَيِّزٍ جَازَ خُرُوجُهُ بِلَا خِلَافٍ، وَكَذَلِكَ الطِّفْلُ مِنْ غَيْرِ اسْتِحْبَابٍ، بِلَا خِلَافٍ فِيهِمَا، وَإِنْ كَانَ مُمَيِّزًا: فَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ جَوَازَ خُرُوجِهِ مِنْ غَيْرِ اسْتِحْبَابٍ، وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: يُسْتَحَبُّ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْكَافِي، وَالْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَالْآمِدِيُّ، وَالْقَاضِي وَغَيْرُهُمْ قَالَ الْقَاضِي، وَابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ: نَحْنُ لِخُرُوجِ الصِّبْيَانِ وَالشُّيُوخِ أَشَدُّ اسْتِحْبَابًا قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: هَذَا أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ، وَالْفَائِقِ، وَابْنُ تَمِيمٍ.

فَوَائِدُ. مِنْهَا: يَجُوزُ خُرُوجُ الْعَجَائِزِ مِنْ غَيْرِ اسْتِحْبَابٍ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ

ص: 454

قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ، وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ، وَجَعَلَهُ ابْنُ عَقِيلٍ ظَاهِرَ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَقِيلَ: يُسْتَحَبُّ خُرُوجُهُنَّ اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ، قَالَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَاخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ، وَالْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَمِنْهَا: لَا تَخْرُجُ امْرَأَةٌ ذَاتُ هَيْئَةٍ، وَلَا شَابَّةٍ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ إجَابَةُ الدُّعَاءِ وَضَرَرُهَا أَكْثَرُ. قَالَ الْمَجْدُ: يُكْرَهُ، وَمِنْهَا: يَجُوزُ إخْرَاجُ الْبَهَائِمِ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ وَقِيلَ: يُكْرَهُ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ: لَا يُسْتَحَبُّ إخْرَاجُهَا وَنَصَرَاهُ، وَمِنْهَا: مَا قَالَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَالْآمِدِيُّ: إنَّهُ يُؤْمَرُ سَادَةُ الْعَبِيدِ بِإِخْرَاجِ عَبِيدِهِمْ وَإِمَائِهِمْ، وَلَا يَجِبُ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَمُرَادُهُ مَعَ أَمْنِ الْفِتْنَةِ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ خَرَجَ أَهْلُ الذِّمَّةِ لَمْ يُمْنَعُوا، وَلَمْ يَخْتَلِطُوا بِالْمُسْلِمِينَ) وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ: أَنَّهُمْ لَا يُفْرِدُونَ بِيَوْمٍ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَنَصَرَهُ الْمَجْدُ، وَصَاحِبُ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ قَالَ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ: لَا يُفْرَدُ أَهْلُ الذِّمَّةِ بِيَوْمٍ فِي الْأَظْهَرِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالنَّظْمِ وَالْإِفَادَاتِ وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ، وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالْفَائِقِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَالْحَوَاشِي، وَالزَّرْكَشِيُّ قَالَ فِي الْبُلْغَةِ: فَإِنْ خَرَجَ أَهْلُ الذِّمَّةِ فَلْيَنْفَرِدُوا قَالَ فِي الْوَجِيزِ: وَيَنْفَرِدُ أَهْلُ الذِّمَّةِ إنَّ خَرَجُوا قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: فَإِنْ خَرَجُوا لَمْ يُمْنَعُوا، وَأُمِرُوا بِالِانْفِرَادِ عَنْ الْمُسْلِمِينَ.

قَالَ الْخِرَقِيُّ: لَمْ يُمْنَعُوا، وَأُمِرُوا أَنْ يَكُونُوا مُنْفَرِدِينَ عَنْ الْمُسْلِمِينَ، فَكَلَامُ هَؤُلَاءِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُمْ بِالِانْفِرَادِ: عَدَمَ الِاخْتِلَاطِ، وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُمْ بِالِانْفِرَادِ: الِانْفِرَادَ بِيَوْمٍ، وَقِيلَ: الْأَوْلَى خُرُوجُهُمْ مُنْفَرِدِينَ بِيَوْمٍ اخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّلْخِيصِ فَقَالَ: وَخُرُوجُهُمْ فِي يَوْمٍ آخَرَ أَوْلَى، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى

ص: 455

وَقَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: لَوْ قَالَ قَائِلٌ: إنَّهُ لَا يَجُوزُ خُرُوجُهُمْ فِي وَقْتٍ مُفْرَدٍ لَمْ يُبْعِدْ؛ لِأَنَّهُمْ قَدْ يَسْقُونَ فَتُخْشَى الْفِتْنَةُ عَلَى ضَعَفَةِ الْمُسْلِمِينَ.

فَوَائِدُ. مِنْهَا: يُكْرَهُ إخْرَاجُ أَهْلِ الذِّمَّةِ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَغَيْرُهُمْ مِنْ الْعُلَمَاءِ وَظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي بَكْرٍ فِي التَّنْبِيهِ: أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ، وَهُوَ قَوْلٌ فِي الْفُرُوعِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ، وَنَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ: يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ فَأَمَّا خُرُوجُهُمْ مِنْ تِلْقَاءِ أَنْفُسِهِمْ فَلَا يُكْرَهُ قَوْلًا وَاحِدًا، وَمِنْهَا: حُكْمُ نِسَائِهِمْ وَرَقِيقِهِمْ وَصِبْيَانِهِمْ: حُكْمُهُمْ، ذَكَرَهُ الْآمِدِيُّ، وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَفِي خُرُوجِ عَجَائِزِهِمْ الْخِلَافُ، وَقَالَ: وَلَا تَخْرُجُ شَابَّةٌ مِنْهُمْ بِلَا خِلَافٍ فِي الْمَذْهَبِ ذَكَرَهُ فِي الْفُصُولِ، وَجَعَلَ كَأَهْلِ الذِّمَّةِ كُلَّ مَنْ خَالَفَ دَيْنَ الْإِسْلَامِ فِي الْجُمْلَةِ.

وَمِنْهَا: يَجُوزُ التَّوَسُّلُ بِالرَّجُلِ الصَّالِحِ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَقِيلَ: يُسْتَحَبُّ. قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: الْمَرُّوذِيُّ يَتَوَسَّلُ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي دُعَائِهِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ، وَجَعَلَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ كَمَسْأَلَةِ الْيَمِينِ بِهِ قَالَ: وَالتَّوَسُّلُ بِالْإِيمَانِ بِهِ وَطَاعَتِهِ وَمَحَبَّتِهِ وَالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَيْهِ، وَبِدُعَائِهِ وَشَفَاعَتِهِ، وَنَحْوِهِ مِمَّا هُوَ مِنْ فِعْلِهِ أَوْ أَفْعَالِ الْعِبَادِ الْمَأْمُورِ بِهَا فِي حَقِّهِ: مَشْرُوعٌ إجْمَاعًا، وَهُوَ مِنْ الْوَسِيلَةِ الْمَأْمُورِ بِهَا فِي قَوْله تَعَالَى {اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ} [المائدة: 35] وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ مِنْ الْعُلَمَاءِ: فِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ «أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ» الِاسْتِعَاذَةُ لَا تَكُونُ بِمَخْلُوقٍ.

ص: 456

قَوْلُهُ (ثُمَّ يَخْطُبُ خُطْبَةً وَاحِدَةً) هَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَنُصَّ عَلَيْهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ، وَعَنْهُ يَخْطُبُ خُطْبَتَيْنِ قَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ فِي الْإِفْصَاحِ: اخْتَارَهَا الْخِرَقِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَابْنُ حَامِدٍ، قُلْت: الْخِرَقِيُّ قَالَ: ثُمَّ يَخْطُبُ. فَكَلَامُهُ مُحْتَمَلٌ فَائِدَةٌ: الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهُ إذَا صَعِدَ الْمِنْبَرَ وَاسْتَقْبَلَ النَّاسَ يَجْلِسُ جِلْسَةَ الِاسْتِرَاحَةِ جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِيَيْنِ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: يَجْلِسُ فِي الْأَصَحِّ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ ثُمَّ يَقُومُ يَخْطُبُ. انْتَهَى. وَقِيلَ: لَا يَجْلِسُ، وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ، تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ قَوْلِهِ " فَيُصَلِّي بِهِمْ، ثُمَّ يَخْطُبُ " أَنَّ الْخُطْبَةَ تَكُونُ بَعْدَ الصَّلَاةِ، وَهُوَ صَحِيحٌ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ مِنْهُمْ الْقَاضِي فِي رِوَايَتَيْهِ وَالْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هَذَا الْمَشْهُورُ وَعَنْهُ يُخَيَّرُ اخْتَارَهَا جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ أَبُو بَكْرٍ، وَابْنُ أَبِي مُوسَى، وَالْمَجْدُ، وَأَطْلَقَهُنَّ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، تَنْبِيهٌ: أَفَادَنَا الْمُصَنِّفُ رحمه الله بِقَوْلِهِ " ثُمَّ يَخْطُبُ " أَنَّهُ يَخْطُبُ لِلِاسْتِسْقَاءِ وَهُوَ صَحِيحٌ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ أَكْثَر الْأَصْحَاب مِنْهُمْ أَبُو بَكْرٍ، وَالْقَاضِي، فِي الرِّوَايَتَيْنِ، وَالْمَجْدُ وَغَيْرُهُمْ قَالَ الْمُصَنِّفُ: هَذَا الْمَشْهُورُ، وَقَالَهُ الْخِرَقِيُّ وَغَيْرُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَقَالَ الْقَاضِي: فَحَمَلَ الرِّوَايَةَ الْأُولَى وَقَوْلَ الْخِرَقِيِّ عَلَى الدُّعَاءِ وَعَنْهُ يَدْعُو مِنْ غَيْرِ خُطْبَةٍ نَصَرَهُ الْقَاضِي فِي الْخِلَافِ وَغَيْرِهِ: قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ مَذْهَبِهِ، وَذَكَرَ أَيْضًا: أَنَّهُ أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ قَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ، وَصَاحِبُ الْوَسِيلَةِ: هِيَ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهَا.

قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هِيَ الْأَشْهَرُ عَنْ أَحْمَدَ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَالْكَافِي.

ص: 457

قَوْلُهُ (يَفْتَتِحُهَا بِالتَّكْبِيرِ) هَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ مُعْظَمُ الْأَصْحَابِ، وَهُوَ مِنْ الْمُفْرَدَاتِ، وَقِيلَ: يَفْتَتِحُهَا بِالِاسْتِغْفَارِ، وَقَالَهُ أَبُو بَكْرٍ فِي الشَّافِي، وَعَنْهُ يَفْتَتِحُهَا بِالْحَمْدِ، قَالَهُ الْقَاضِي فِي الْخِصَالِ، وَاخْتَارَهُ فِي الْفَائِقِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، كَمَا تَقَدَّمَ عَنْهُ فِي خُطْبَةِ الْعِيدِ قَالَ ابْنُ رَجَبٍ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ: وَهُوَ الْأَظْهَرُ.

فَائِدَةٌ: قَوْلُهُ (وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ فَيَدْعُو) ، وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ، لَكِنْ يَكُونُ ظُهُورُ يَدَيْهِ نَحْوَ السَّمَاءِ؛ لِأَنَّهُ دُعَاءُ رَهْبَةٍ، ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَجَمَاعَةٌ: دُعَاءُ الرَّهْبَةِ بِظُهُورِ الْأَكُفِّ، وَذَكَرَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ وَجْهًا: أَنَّ دُعَاءَ الِاسْتِسْقَاءِ كَغَيْرِهِ فِي كَوْنِهِ يَجْعَلُ بُطُونَ أَصَابِعِهِ نَحْوَ السَّمَاءِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ.

قُلْت: قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَزَادَ: وَيُقِيمُ إبْهَامَهُمَا فَيَدْعُو بِهِمَا، وَقَدَّمَهُ فِي الْحَوَاشِي وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَقَالَ: صَارَ كَفُّهَا نَحْوَ السَّمَاءِ لِشِدَّةِ الرَّفْعِ، لَا قَصْدًا لَهُ، وَإِنَّمَا كَانَ يُوَجِّهُ بُطُونَهُمَا مَعَ الْقَصْدِ، وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ قَصْدُهُ فَغَيْرُهُ أَوْلَى وَأَشْهَرُ قَالَ: وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِمَّنْ يَرَى رَفْعَهُمَا فِي الْقُنُوتِ: إنَّهُ يَرْفَعُ ظُهُورَهُمَا، بَلْ بُطُونَهُمَا.

قَوْلُهُ (وَيَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ فِي أَثْنَاءِ الْخُطْبَةِ) هَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْكَافِي، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَالْوَجِيزِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَالشَّرْحِ، وَغَيْرِهِمْ، وَقِيلَ: لَا يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ إلَّا بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الْخُطْبَةِ قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْفَائِقِ،

ص: 458

وَغَيْرِهِمَا: وَيَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ فِي أَثْنَاءِ دُعَائِهِ، وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ فِي أَثْنَاءِ كَلَامِهِ، قِيلَ: بَعْدَ خُطْبَتِهِ وَقِيلَ فِيهَا فَائِدَةٌ: قَوْلُهُ (وَيُحَوِّلُ رِدَاءَهُ) مَحَلُّ التَّحْوِيلِ: بَعْدَ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ سُقُوا قَبْلَ خُرُوجِهِمْ شَكَرُوا اللَّهَ تَعَالَى)، وَتَحْرِيرُ الْمَذْهَبِ فِي ذَلِكَ: أَنَّهُمْ إنْ كَانُوا لَمْ يَتَأَهَّبُوا لِلْخُرُوجِ لَمْ يُصَلُّوا، وَإِنْ كَانُوا تَأَهَّبُوا لِلْخُرُوجِ خَرَجُوا وَصَلَّوْا شُكْرًا لِلَّهِ. وَسَأَلُوهُ الْمَزِيدَ مِنْ فَضْلِهِ، وَهَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُمَا وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَغَيْرِهِمَا وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَقِيلَ: يَخْرُجُونَ وَيَدْعُونَ وَلَا يُصَلُّونَ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْآمِدِيِّ وَقِيلَ: يُصَلُّونَ وَلَا يَخْرُجُونَ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا فِي الْمُذْهَبِ، وَالْمُحَرَّرِ، فَإِنَّهُمَا قَالَا: يُصَلُّونَ، وَلَمْ يَتَعَرَّضَا لِلْخُرُوجِ. وَقِيلَ: لَا يَخْرُجُونَ وَلَا يُصَلُّونَ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: فَإِنْ سُقُوا قَبْلَ خُرُوجِهِمْ صَلَّوْا فِي الْأَصَحِّ، وَشَكَرُوا اللَّهَ، وَسَأَلُوهُ الْمَزِيدَ مِنْ فَضْلِهِ، وَقِيلَ: فِي خُرُوجِهِمْ إلَى الصَّلَاةِ وَالدُّعَاءِ، أَوْ الدُّعَاءِ وَحْدَهُ: وَجْهَانِ، وَقِيلَ: شُكْرُهُمْ لَهُ بِإِدْمَانِ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ وَالصَّدَقَةِ. انْتَهَى. وَإِنْ كَانُوا تَأَهَّبُوا لِلْخُرُوجِ وَخَرَجُوا وَسُقُوا بَعْدَ خُرُوجِهِمْ وَقَبْلَ صَلَاتِهِمْ صَلَّوْا بِلَا خِلَافٍ أَعْلَمُهُ.

قَوْلُهُ (وَيُنَادَى لَهَا: الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ) وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَقِيلَ: لَا يُنَادَى لَهَا، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ، فَإِنَّهُ قَالَ وَقِيلَ: يُنَادَى لَهَا " الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ " وَلَا نَصَّ فِيهِ. انْتَهَى.

ص: 459

قَوْلُهُ (وَهَلْ مِنْ شَرْطِهَا إذْنُ الْإِمَامِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَعُقُودِ ابْنِ الْبَنَّا، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَةِ، وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ. إحْدَاهُمَا: لَا يُشْتَرَطُ، وَهِيَ الْمَذْهَبُ قَالَ فِي الْفَائِقِ: وَلَا يُشْتَرَطُ إذْنُ الْإِمَامِ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يُشْتَرَطُ جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَعَنْهُ يُشْتَرَطُ إذْنُهُ فِي الصَّلَاةِ وَالْخُطْبَةِ، دُونَ الْخُرُوجِ لَهَا وَالدُّعَاءِ، نَقَلَهَا الْبُزْرَاطِيُّ، وَقِيلَ: وَإِنْ خَرَجُوا بِلَا إذْنِهِ صَلَّوْا وَدَعَوْا بِلَا خُطْبَةٍ اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ.

تَنْبِيهٌ: مَحَلُّ الْخِلَافِ فِي اشْتِرَاطِ إذْنِ الْإِمَامِ: إذَا صَلَّوْا جَمَاعَةً فَأَمَّا إنْ صَلَّوْا فُرَادَى فَلَا يُشْتَرَطُ إذْنُهُ بِلَا نِزَاعٍ.

فَائِدَتَانِ. إحْدَاهُمَا: قَالَ الْقَاضِي وَتَبِعَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالِاسْتِسْقَاءُ ثَلَاثَةٌ أَضْرُبٍ أَحَدُهَا: الْخَرُوجُ وَالصَّلَاةُ، كَمَا وَصَفْنَا. الثَّانِي: اسْتِسْقَاءُ الْإِمَامِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَى الْمِنْبَرِ. الثَّالِثُ: أَنْ يَدْعُوَ اللَّهَ عَقِيبَ صَلَوَاتِهِمْ، وَفِي خَلَوَاتِهِمْ قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ: الِاسْتِسْقَاءُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ. أَكْمَلُهَا الِاسْتِسْقَاءُ عَلَى مَا وَصَفْنَا. الثَّانِي بَلْ الْأَوْلَى فِي الِاسْتِحْبَابِ، وَهُوَ أَنْ يَسْتَسْقُوا عَقِيبَ صَلَوَاتِهِمْ وَفِي خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ فَإِذَا فَرَغَ صَلَّى الْجُمُعَةَ. الثَّالِثُ: وَهُوَ أَقْرَبُهَا أَنْ يَخْرُجَ وَيَدْعُوَ بِغَيْرِ صَلَاةٍ.

الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ (وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقِفَ فِي أَوَّلِ الْمَطَرِ وَيُخْرِجُ رَحْلَهُ وَثِيَابَهُ لِيُصِيبَهَا) قَالَ الْأَصْحَابُ: وَيَتَوَضَّأُ مِنْهُ وَيَغْتَسِلُ، وَذَكَرَ الشَّارِحُ وَغَيْرُهُ الْوُضُوءَ فَقَطْ.

ص: 460