الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمَذْهَبِ، فَلَوْ صَلَّى الْأُولَى وَحْدَهُ، ثُمَّ صَلَّى الثَّانِيَةَ إمَامًا أَوْ مَأْمُومًا، أَوْ تَعَدَّدَ الْإِمَامُ بِأَنْ صَلَّى بِهِمْ الْأُولَى، وَصَلَّى الثَّانِيَةَ إمَامٌ آخَرُ أَوْ تَعَدَّدَ الْمَأْمُومُ فِي الْجَمْعِ، بِأَنْ صَلَّى مَعَهُ مَأْمُومٌ فِي الْأُولَى. وَصَلَّى فِي الْأُخْرَى مَأْمُومٌ آخَرُ. أَوْ نَوَى الْجَمْعَ الْمَعْذُورَ مِنْ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ. كَمَنْ نَوَى الْجَمْعَ خَلَفَ مَنْ لَا يَجْمَعُ أَوْ بِمَنْ لَا يَجْمَعُ: صَحَّ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، قَالَ فِي الْفُرُوعِ: صَحَّ فِي الْأَشْهَرِ. قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: إذَا صَلَّى إحْدَى صَلَاتَيْ الْجَمْعِ فِي بَيْتِهِ، وَالْأُخْرَى مَعَ الْإِمَامِ فَلَا بَأْسَ (وَصَحَّحَهُ ابْنُ تَمِيمٍ. وَقَدَّمَ فِي الرِّعَايَةِ عَدَمَ اتِّخَاذِهِ الْإِمَامَ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: يُعْتَبَرُ اتِّخَاذُهُ الْمَأْمُومَ) قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: يُعْتَبَرُ فِي الْأَصَحِّ، وَقِيلَ: يُعْتَبَرُ اتِّخَاذُ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ أَيْضًا. ذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ.
[فَصْلٌ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ]
قَوْلُهُ (فَصْلٌ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم صَلَاةُ الْخَوْفِ مِنْ خَمْسَةِ أَوْجُهٍ، أَوْ سِتَّةٍ. كُلُّ ذَلِكَ جَائِزٌ لِمَنْ فَعَلَهُ) . وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ " مِنْ سِتَّةِ أَوْجُهٍ أَوْ سَبْعَةٍ " قَالَ الزَّرْكَشِيُّ. وَقِيلَ: أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ. (فَمِنْ ذَلِكَ: إذَا كَانَ الْعَدُوُّ فِي جِهَةِ الْقِبْلَةِ) ، (صَفَّ الْإِمَامُ الْمُسْلِمِينَ خَلَفَهُ صَفَّيْنِ) . يَعْنِي فَأَكْثَرَ. فَهَذِهِ صِفَةُ مَا صَلَّى عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ فِي عُسْفَانَ. (فَيُصَلِّي بِهِمْ جَمِيعًا إلَى أَنْ يَسْجُدَ، فَيَسْجُدُ مَعَهُ الصَّفُّ الَّذِي يَلِيهِ وَيَحْرُسُ الْآخَرُ حَتَّى يَقُومَ الْإِمَامُ إلَى الثَّانِيَةِ، فَيَسْجُدُ وَيَلْحَقُهُ) . الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّ الْأَوْلَى أَنَّ الصَّفَّ الْمُؤَخَّرَ هُوَ الَّذِي يَحْرُسُ أَوَّلًا كَمَا قَالَ الْمُصَنِّف. قَالَ فِي النُّكَتِ: هُوَ الصَّوَابُ. وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ.
وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا، وَالْوَجِيزِ، وَالنَّظْمِ، وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ، وَالتَّسْهِيلِ، وَحَوَاشِي ابْنِ مُفْلِحٍ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ. وَقَالَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ: يَحْرُسُ الصَّفُّ الْأَوَّلُ أَوَّلًا. لِأَنَّهُ أَحْوَطُ. قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: ذَكَرَهُ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْإِفَادَاتِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ، وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ. قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ. وَابْنُ حَمْدَانَ، وَغَيْرُهُمَا: وَإِنْ صَفَّ فِي نَوْبَةِ غَيْرِهِ فَلَا بَأْسَ.
فَوَائِدُ. إحْدَاهَا: قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: يَكُونُ كُلُّ صَفٍّ ثَلَاثَةً أَوْ أَكْثَرَ. وَقِيلَ: أَوْ أَقَلَّ. وَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ.
الثَّانِيَةُ: لَوْ تَأَخَّرَ الصَّفُّ الْمُقَدَّمُ، وَتَقَدَّمَ الصَّفُّ الْمُؤَخَّرُ كَانَ أَوْلَى، لِلتَّسْوِيَةِ فِي فَضِيلَةِ الْمَوْقِفِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْوَجِيزِ، وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ، وَابْنُ تَمِيمٍ. وَقِيلَ: يَجُوزُ مِنْ غَيْرِ أَفْضَلِيَّةٍ. جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ.
الثَّالِثَةُ: لَوْ حَرَسَ بَعْضُ الصَّفِّ، أَوْ جَعَلَهُمْ الْإِمَامُ صَفًّا وَاحِدًا جَازَ.
الرَّابِعَةُ: لَا يَجُوزُ أَنْ يَحْرُسَ صَفٌّ وَاحِدٌ فِي الرَّكْعَتَيْنِ.
الْخَامِسَةُ: يُشْتَرَطُ فِي صَلَاةِ هَذِهِ الصِّفَةِ: أَنْ لَا يَخَافُوا كَمِينًا، وَأَنْ يَكُونَ قِتَالُهُمْ مُبَاحًا، سَوَاءٌ كَانَ حَضَرَا أَوْ سَفَرًا، وَأَنْ يَكُونَ الْمُسْلِمُونَ يَرَوْنَ الْكُفَّارَ لِخَوْفِ هُجُومِهِمْ
قَوْلُهُ (الْوَجْهُ الثَّانِي: إذَا كَانَ الْعَدُوُّ فِي غَيْرِ جِهَةِ الْقِبْلَةِ) : (جَعَلَ طَائِفَةً حِذَاءَ الْعَدُوِّ) .
بِلَا نِزَاعٍ، لَكِنْ يُشْتَرَطُ فِي الطَّائِفَةِ: أَنْ تَكْفِيَ الْعَدُوَّ. زَادَ أَبُو الْمَعَالِي: بِحَيْثُ يَحْرُمُ فِرَارُهَا، فَلَا يُشْتَرَطُ فِي الطَّائِفَةِ عَدَدٌ عَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ. وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْخِرَقِيُّ، وَالْمُبْهِجِ، وَالْإِيضَاحِ، وَالْعُقُودِ لِابْنِ الْبَنَّا، وَالْمُحَرَّرِ وَالْإِفَادَاتِ، وَالْوَجِيزِ، وَالنَّظْمِ، وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَغَيْرِهِمْ. لِإِطْلَاقِهِمْ الطَّائِفَةَ. قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: هَذَا الْقِيَاسُ. وَصَحَّحَهُ فِي الْفَائِقِ، وَابْنُ تَمِيمٍ. قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يُشْتَرَطَ عَدَدٌ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَقِيلَ: يُشْتَرَطُ كَوْنُ كُلِّ طَائِفَةٍ ثَلَاثَةً فَأَكْثَرَ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَهُوَ أَشْهَرُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ. وَقَدَّمَهُ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ. وَقِيلَ: يُكْرَهُ أَنْ تَكُونَ الطَّائِفَةُ أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةٍ. اخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَالْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ. وَيَأْتِي فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الْحُدُودِ مِقْدَارُ الطَّائِفَةِ.
فَائِدَةٌ: لَوْ فَرَّطَ الْإِمَامُ فِي ذَلِكَ أَوْ فِيمَا فِيهِ حَظٌّ لِلْمُسْلِمِينَ: أَثِمَ، وَيَكُونُ قَدْ أَتَى صَغِيرَةً. هَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ [تَبَعًا لِصَاحِبِ الْفُصُولِ، وَلَا يَقْدَحُ فِي الصَّلَاةِ إنْ قَارَنَهَا عَلَى الْأَشْبَهِ، قَالَ فِي الْفُصُولِ وَتَبِعَهُ فِي الْفُرُوعِ] . وَقِيلَ: يَفْسُقُ بِذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَتَكَرَّرْ مِنْهُ. كَالْمُودَعِ وَالْوَصِيِّ وَالْأَمِينِ إذَا فَرَّطَ فِي الْأَمَانَةِ. ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ، وَقَالَ: وَتَكُونُ الصَّلَاةُ مَعَهُ مَبْنِيَّةً عَلَى إمَامَةِ الْفَاسِقِ. وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ. قُلْت: إنْ تَعَمَّدَ ذَلِكَ فَسَقَ قَطْعًا، وَإِلَّا فَلَا. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيُتَوَجَّهُ فِي الْمُودَعِ وَالْوَصِيِّ وَالْأَمِينِ إذَا فَرَّطَ: هَذَا الْخِلَافُ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ.
قَوْلُهُ (فَإِذَا قَامُوا إلَى الثَّانِيَةِ ثَبَتَ قَائِمًا، وَأَتَمَّتْ لِأَنْفُسِهَا أُخْرَى، وَسَلَّمَتْ وَمَضَتْ إلَى الْعَدُوِّ) . الرَّكْعَةُ الثَّانِيَةُ الَّتِي تُتِمُّهَا لِنَفْسِهَا: تَقْرَأُ فِيهَا بِالْحَمْدِ وَسُورَةٍ. وَتَنْوِي الْمُفَارَقَةَ؛ لِأَنَّ مَنْ تَرَكَ الْمُتَابَعَةَ وَلَمْ يَنْوِ الْمُفَارَقَةَ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ. وَيَلْزَمُهَا أَيْضًا أَنْ تَسْجُدَ لِسَهْوِ إمَامِهَا الَّذِي وَقَعَ مِنْهُ قَبْلَ الْمُفَارَقَةِ عِنْدَ فَرَاغِهَا. قُلْت: فَيُعَايَى بِهَا. وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهَا بَعْدَ الْمُفَارَقَةِ مُنْفَرِدَةٌ. قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَابْنُ تَمِيمٍ. وَقِيلَ ابْنُ حَامِدٍ: هِيَ مَنْوِيَّةٌ. وَأَمَّا الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ: فَهِيَ مَنْوِيَّةٌ فِي كُلِّ صَلَاتِهِ فَيَسْجُدُونَ لِسَهْوِهِ فِيمَا أَدْرَكُوهُ وَفِيمَا فَاتَهُمْ كَالْمَسْبُوقِ. وَلَا يَسْجُدُونَ لِسَهْوِهِمْ، وَمَنَعَ أَبُو الْمَعَالِي انْفِرَادَهُ. فَإِنَّ مَنْ فَارَقَ إمَامَهُ فَأَدْرَكَهُ مَأْمُومٌ بَقِيَ عَلَى حُكْمِ إمَامَتِهِ.
تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ " ثَبَتَ قَائِمًا " يَعْنِي يُطِيلُ الْقِرَاءَةَ حَتَّى تَحْضُرُ الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى. قَوْلُهُ (وَجَاءَتْ الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى، فَصَلَّتْ مَعَهُ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ) . فَيَقْرَأُ الْإِمَامُ إذَا جَاءُوا الْفَاتِحَةَ وَسُورَةً، إنْ لَمْ يَكُنْ قَرَأَ، وَإِنْ كَانَ قَرَأَ قَرَأَ بِقَدْرِ الْفَاتِحَةِ وَسُورَةٍ. وَلَا يُؤَخِّرُ الْقِرَاءَةَ إلَى مَجِيئِهَا. قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ السُّكُوتُ، وَلَا التَّسْبِيحُ، وَلَا الدُّعَاءُ، وَلَا الْقِرَاءَةُ بِغَيْرِ الْفَاتِحَةِ. لَمْ يَبْقَ إلَّا الْقِرَاءَةُ بِالْفَاتِحَةِ وَسُورَةٍ طَوِيلَةٍ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: كَذَا قَالَ " لَا يَجُوزُ " أَيْ يُكْرَهُ.
فَائِدَةٌ: يَكْفِي إدْرَاكُهَا لِرُكُوعِهَا. وَيَكُونُ تَرْكُ الْإِمَامِ الْمُسْتَحَبَّ، وَفِي الْفُصُولِ: فَعَلَ مَكْرُوهًا.
قَوْلُهُ (فَإِذَا جَلَسَ لِلتَّشَهُّدِ أَتَمَّتْ لِأَنْفُسِهَا أُخْرَى، وَتَشَهَّدَتْ وَسَلَّمَ بِهِمْ) . هَذَا الْمَذْهَبُ أَعْنِي أَنَّهَا تُتِمُّ صَلَاتَهَا إذَا جَلَسَ الْإِمَامُ لِلتَّشَهُّدِ، يَنْتَظِرُهُمْ حَتَّى
يُسَلِّمَ بِهِمْ، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ، وَالْمُحَرَّرُ، وَالْوَجِيزُ، وَغَيْرُهُمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَةِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَغَيْرِهِمْ. وَقِيلَ: لَهُ أَنْ يُسَلِّمَ قَبْلَهُمْ. وَجَزَمَ بِهِ النَّاظِمُ. قَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: لَوْ أَتَمَّتْ بَعْدَ سَلَامِهِ جَازَ. وَقِيلَ: تَقْضِي الطَّائِفَةُ بَعْدَ سَلَامِهِ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي بَكْرٍ فِي التَّنْبِيهِ.
فَوَائِدُ. الْأُولَى: تَسْجُدُ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ مَعَهُ لِسَهْوِهِ، وَلَا تُعِيدُهُ؛ لِأَنَّهَا تَنْفَرِدُ عَنْهُ، وَهَذَا الْمَذْهَبُ، وَجَعَلَهَا الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ كَمَسْبُوقٍ. وَقِيلَ: إنْ سَهَا فِي حَالِ انْتِظَارِهَا، أَوْ سَهَتْ بَعْدَ مُفَارَقَتِهِ. فَهَلْ يَثْبُتُ حُكْمُ الْقُدْوَةِ؟ وَإِذَا لَحِقُوهُ فِي التَّشَهُّدِ هَلْ يُعْتَبَرُ تَجْدِيدُ نِيَّةِ الِاقْتِدَاءِ؟ فِيهِ خِلَافٌ مَأْخُوذٌ مِمَّنْ زُحِمَ عَنْ سُجُودٍ إذَا سَهَا فِيمَا يَأْتِي بِهِ، أَوْ سَهَا إمَامُهُ قَبْلَ لُحُوقِهِ، أَوْ سَهَا الْمُنْفَرِدُ، ثُمَّ دَخَلَ فِي جَمَاعَةٍ. وَفِيهِ وَجْهَانِ، قَالَهُ أَبُو الْمَعَالِي. وَأَوْجَبَ أَبُو الْخَطَّابِ سُجُودَ السَّهْوِ عَلَى الْمَزْحُومِ؛ لِانْفِرَادِهِ بِفِعْلِهِ وَقِيَاسُ قَوْلِهِ فِي الْبَاقِي كَذَلِكَ.
قَالَ الْمَجْدُ: وَانْفِرَادُ أَبُو الْخَطَّابِ عَنْ أَكْثَرِ أَصْحَابِنَا وَعَامَّةِ الْعُلَمَاءِ: أَنَّ انْفِرَادَ الْمَأْمُومِ بِمَا لَا يَقْطَعُ قُدْوَتَهُ، مَتَى سَهَا فِيهِ، أَوْ بِهِ حَمَلَهُ عَنْهُ الْإِمَامُ. وَنَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي مَوَاضِعَ، لِبَقَاءِ حُكْمِ الْقُدْوَةِ.
وَأَمَّا الطَّائِفَةُ الْأُولَى: فَهِيَ فِي حُكْمِ الِائْتِمَامِ قَبْلَ مُفَارَقَتِهِ. إنْ سَهَا لَزِمَهُمْ حُكْمُ سَهْوِهِ، وَسَجَدُوا لَهُ، وَإِنْ سَهَوْا لَمْ يَلْحَقْهُمْ حُكْمُ سَهْوِهِمْ. وَإِذَا فَارَقُوهُ صَارُوا مُنْفَرِدِينَ لَا يَلْحَقُهُمْ سَهْوُهُ. وَإِنْ سَهَوْا سَجَدُوا، قَالَهُ فِي الْكَافِي. وَهُوَ مُشْكِلٌ بِمَا تَقَدَّمَ فِي آخِرِ بَابِ السَّهْوِ: أَنَّ الْمَسْبُوقَ لَوْ سَهَا مَعَ الْإِمَامِ أَنَّهُ يَسْجُدُ.
الثَّانِيَةُ: هَذِهِ الصَّلَاةُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ اخْتَارَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَأَصْحَابُهُ، حَتَّى قَطَعَ بِهَا كَثِيرٌ مِنْهُمْ. وَقَدَّمُوهَا عَلَى الْوَجْهِ الثَّالِثِ الْآتِي بَعْدُ. وَفَضَّلُوهَا عَلَيْهِ. وَفَعَلَهَا عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ بِذَاتِ الرِّقَاعِ.
الثَّالِثَةُ: هَذِهِ الصِّفَةُ تُفْعَلُ وَإِنْ كَانَ الْعَدُوُّ فِي جِهَةِ الْقِبْلَةِ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، نَصَّ عَلَيْهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالْفَائِقِ، وَابْنُ تَمِيمٍ. وَقَالَ الْقَاضِي وَأَبُو الْخَطَّابِ وَجَمَاعَةٌ: مِنْ شُرُوطِ هَذِهِ الصَّلَاةِ بِهَذِهِ الصِّفَةِ: كَوْنُ الْعَدُوِّ فِي غَيْرِ جِهَةِ الْقِبْلَةِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ. قَالَ الْمَجْدُ: نَصُّ أَحْمَدَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ تَكُنْ صَلَاةَ عُسْفَانَ. لِاسْتِئْثَارِ الْعَدُوِّ، وَقَوْلُ الْقَاضِي مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ صَلَاةَ عُسْفَانَ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ كَانَتْ الصَّلَاةُ مَغْرِبًا صَلَّى بِالْأُولَى رَكْعَتَيْنِ وَبِالثَّانِيَةِ رَكْعَةً) . بِلَا نِزَاعٍ. وَنَصَّ عَلَيْهِ، وَلَوْ صَلَّى بِالْأُولَى رَكْعَةً وَبِالثَّانِيَةِ رَكْعَتَيْنِ عَكْسُ الصِّفَةِ الْأُولَى صَحَّتْ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَنَصَّ عَلَيْهِ، وَفِي الْفُرُوعِ تَخْرِيجٌ بِفَسَادِهَا مِنْ بُطْلَانِهَا إذَا فَرَّقَهُمْ أَرْبَعَ فِرَقٍ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ كَانَتْ رُبَاعِيَّةً غَيْرَ مَقْصُورَةٍ صَلَّى بِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ) بِلَا نِزَاعٍ. وَلَوْ صَلَّى بِطَائِفَةٍ رَكْعَةً، وَبِالْأُخْرَى ثَلَاثًا. صَحَّ وَلَمْ يُخَرِّجْ فِيهَا فِي الْفُرُوعِ. وَخَرَّجَ ابْنُ تَمِيمٍ الْبُطْلَانَ. وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الرِّعَايَةِ. قَوْلُهُ (وَهَلْ تُفَارِقُهُ الْأُولَى فِي التَّشَهُّدِ، أَوْ فِي الثَّالِثَةِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ) وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالْفَائِقِ، وَالزَّرْكَشِيُّ، وَالشَّرْحِ، أَحَدُهُمَا: تُفَارِقُهُ عِنْدَ فَرَاغِ التَّشَهُّدِ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْإِفَادَاتِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَالْمُنْتَخَبِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالْخُلَاصَةِ وَابْنُ تَمِيمٍ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَغَيْرِهِمْ. وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: تُفَارِقُهُ فِي الثَّالِثَةِ. قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: هَذَا أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ: يَنْتَظِرُ الْإِمَامُ الطَّائِفَةَ الثَّانِيَةَ جَالِسًا، يُكَرِّرُ التَّشَهُّدَ. فَإِذَا أَتَتْ. قَامَ زَادَ أَبُو الْمَعَالِي: تُحْرِمُ مَعَهُ ثُمَّ يَنْهَضُ بِهِمْ. وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي: يَكُونُ الِانْتِظَارُ فِي الثَّالِثَةِ، فَيَقْرَأُ سُورَةً مَعَ الْفَاتِحَةِ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، قُلْت: فَيُعَايَى بِهَا. وَفِيهَا احْتِمَالٌ لِابْنِ عَقِيلٍ فِي الْفُنُونِ: يُكَرِّرُ الْفَاتِحَةَ.
فَائِدَةٌ: لَا تَتَشَهَّدُ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ بَعْدَ ثَالِثَةِ الْمَغْرِبِ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَحَلُّ تَشَهُّدِهَا. وَقِيلَ: تَتَشَهَّدُ مَعَهُ، إنْ قُلْنَا تَقْضِي رَكْعَتَيْنِ مُتَوَالِيَتَيْنِ، لِئَلَّا تُصَلِّيَ الْمَغْرِبَ بِتَشَهُّدٍ وَاحِدٍ. قُلْت: فَعَلَى الْأَوَّلِ إنْ قُلْنَا: تَقْضِي رَكْعَتَيْنِ مُتَوَالِيَتَيْنِ يُعَايَى بِهَا، لَكِنْ يَظْهَرُ بَعْدَ هَذَا أَنْ يُقَالَ: لَا تَتَشَهَّدُ بَعْدَ الثَّالِثَةِ، وَإِذَا قَضَتْ تَقْضِي رَكْعَتَيْنِ مُتَوَالِيَتَيْنِ. وَيُتَصَوَّرُ فِي الْمَغْرِبِ أَيْضًا سِتُّ تَشَهُّدَاتٍ بِأَنْ يُدْرِكَ الْمَأْمُومُ الْإِمَامَ فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ، فَيَتَشَهَّدَ مَعَهُ. وَيَكُونُ عَلَى الْإِمَامِ سُجُودُ سَهْوٍ مَحَلُّهُ بَعْدَ السَّلَامِ. فَيَتَشَهَّدُ مَعَهُ ثَلَاثُ تَشَهُّدَاتٍ. ثُمَّ يَقْضِي فَيَتَشَهَّدُ عَقِيبَ رَكْعَةٍ، وَفِي آخِرِ صَلَاتِهِ. وَلِسَهْوٍ لِمَا يَجِبُ سُجُودُهُ بَعْدَ السَّلَامِ، بِأَنْ يُسَلِّمَ قَبْلَ إتْمَامِ صَلَاتِهِ، فَيُعَايَى بِهَا.
قَوْلُهُ (وَإِنْ فَرَّقَهُمْ أَرْبَعَ فِرَقٍ، فَصَلَّى بِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَةً، صَحَّتْ صَلَاةُ الْأُولَيَيْنِ) . لِمُفَارَقَتِهِمَا قَبْلَ الِانْتِظَارِ الثَّالِثِ، وَهُوَ الْمُبْطِلُ. ذَكَرَ هَذَا التَّعْلِيلَ ابْنُ حَامِدٍ وَغَيْرُهُ. قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ: سَوَاءٌ احْتَاجَ إلَى هَذَا التَّفْرِيقِ أَوْ لَا. قَوْلُهُ (وَبَطَلَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ، وَالْأُخْرَيَيْنِ إنْ عَلِمَتَا بُطْلَانَ صَلَاتِهِ) وَهَذَا الْمَذْهَبُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَقَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ: وَالصَّحِيحُ عِنْدِي عَلَى أَصْلِنَا إنْ كَانَ هَذَا الْفِعْلُ لِحَاجَةٍ صَحَّتْ صَلَاةُ الْكُلِّ كَحَاجَتِهِمْ
إلَى ثَلَاثِمِائَةٍ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ، وَالْجَيْشُ أَرْبَعُمِائَةٍ. لِجَوَازِ الِانْفِرَادِ لِعُذْرٍ. وَالِانْتِظَارُ إنَّمَا هُوَ تَطْوِيلُ قِيَامٍ وَقِرَاءَةٍ وَذِكْرٍ. وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِ حَاجَةٍ صَحَّتْ صَلَاةُ الْأُولَى، لِجَوَازِ مُفَارَقَتِهَا. بِدَلِيلِ جَوَازِ صَلَاتِهِ بِالثَّانِيَةِ الرَّكَعَاتِ الثَّلَاثَ. وَبَطَلَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ وَالثَّانِيَةُ لِانْفِرَادِهَا بِلَا عُذْرٍ. وَهُوَ مُبْطِلٌ عَلَى الْأَشْهَرِ، وَبَطَلَتْ صَلَاةُ الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ، لِدُخُولِهِمَا فِي صَلَاةٍ بَاطِلَةٍ. قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَهُوَ أَحْسَنُ، وَقِيلَ: تَبْطُلُ صَلَاةُ الْكُلِّ بِنِيَّةِ صَلَاةٍ مُحَرَّمٍ ابْتِدَاؤُهَا. وَقِيلَ: تَصِحُّ صَلَاةُ الْإِمَامِ فَقَطْ. وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي فِي الْخِلَافِ، وَوَجَّهَ فِي الْفُرُوعِ بُطْلَانَ صَلَاةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ، لِانْصِرَافِهِمَا فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ.
تَنْبِيهٌ: مَفْهُومُ قَوْلِهِ " وَبَطَلَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ وَالْأُخْرَيَيْنِ. إنْ عَلِمَتَا بُطْلَانَ صَلَاتِهِ " أَنَّهُمَا إذَا جَهِلَتَا بُطْلَانَ صَلَاتِهِ تَصِحُّ صَلَاتُهُمَا. وَهُوَ صَحِيحٌ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ بِشَرْطِ أَنْ يَجْهَلَ الْإِمَامُ أَيْضًا بُطْلَانَ صَلَاتِهِ. اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ وَغَيْرُهُ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُعْتَبَرَ جَهْلُ الْإِمَامِ أَيْضًا. وَقِيلَ: لَا تَبْطُلُ، وَلَوْ لَمْ يَجْهَلْ الْإِمَامُ بُطْلَانَ صَلَاتِهِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَفِيهِ نَظَرٌ. وَلِهَذَا قِيلَ: لَا تَصِحُّ كَحَدَثِهِ. وَقِيلَ: لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُمْ وَلَوْ جَهِلُوا، لِلْعِلْمِ بِالْمُفْسِدِ. قَالَ الْمَجْدُ: وَهُوَ أَقْيَسُ عَلَى أَصْلِنَا. وَالْجَهْلُ بِالْحُكْمِ لَا تَأْثِيرَ لَهُ كَالْحَدَثِ. قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: قُلْت: وَلَوْ قَالَ قَائِلٌ بِبُطْلَانِ صَلَاةِ الْجَمْعِ إذَا لَمْ يَكُنْ التَّفْرِيقُ لِحَاجَةٍ، وَلَمْ يَعْذُرْ الْمَأْمُومِينَ لِجَهْلِهِمْ، لَمْ يَبْعُدْ.
قَوْلُهُ (الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنْ يُصَلِّيَ بِطَائِفَةٍ رَكْعَةً، ثُمَّ تَمْضِيَ إلَى الْعَدُوِّ، وَتَأْتِيَ الْأُخْرَى، فَيُصَلِّيَ بِهَا رَكْعَةً، وَيُسَلِّمَ وَحْدَهُ. وَتَمْضِيَ هِيَ، ثُمَّ تَأْتِيَ الْأُولَى فَتُتِمَّ صَلَاتَهَا، ثُمَّ تَأْتِيَ الْأُخْرَى فَتُتِمَّ صَلَاتَهَا) وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ. لَكِنْ إذَا أَتَمَّتْهَا الطَّائِفَةُ الْأُولَى تَلْزَمُهَا الْقِرَاءَةُ فِيمَا تَقْضِيهِ
عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَابْنُ تَمِيمٍ. وَقَالَ الْقَاضِي فِي جَامِعِهِ الصَّغِيرِ: لَا قِرَاءَةَ عَلَيْهَا، بَلْ إنْ شَاءَتْ قَرَأَتْ وَإِنْ شَاءَتْ لَمْ تَقْرَأْ. لِأَنَّهَا مُؤْتَمَّةٌ بِالْإِمَامِ حُكْمًا. انْتَهَى. وَلَوْ زَحَمَ الْمَأْمُومُ أَوْ نَامَ حَتَّى سَلَّمَ إمَامُهُ قَرَأَ فِيمَا يَقْضِيهِ. نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَلَى قَوْلِ الْقَاضِي: لَا يَحْتَاجُ إلَى قِرَاءَةٍ، قَالَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ. قُلْت: فَيُعَايَى بِهَا عَلَى قَوْلٍ فِيهِمَا. وَأَمَّا الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى: فَتَلْزَمُهَا الْقِرَاءَةُ فِيمَا تَقْضِيهِ وَجْهًا وَاحِدًا.
فَائِدَتَانِ. إحْدَاهُمَا: هَذِهِ الصَّلَاةُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ: وَرَدَتْ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ، وَالْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُمْ، وَلَيْسَتْ مُخْتَارَةً عِنْدَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَالْأَصْحَابِ، بَلْ الْمُخْتَارُ عِنْدَهُمْ: الْوَجْهُ الثَّانِي، كَمَا تَقَدَّمَ.
الثَّانِيَةُ: لَوْ قَضَتْ الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى رَكْعَتَهَا حِينَ تُفَارِقُ الْإِمَامَ وَسَلَّمَتْ، ثُمَّ مَضَتْ، وَأَتَتْ الْأُولَى فَأَتَمَّتْ كَخَبَرِ ابْنِ مَسْعُودٍ صَحَّ. وَهَذِهِ الصِّفَةُ أَوْلَى عِنْدَ بَعْضِ الْأَصْحَابِ، قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ. قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَهُوَ أَحْسَنُ.
قَوْلُهُ (الْوَجْهُ الرَّابِعُ: أَنْ يُصَلِّيَ بِكُلِّ طَائِفَةٍ صَلَاةً وَيُسَلِّمَ بِهَا) تَصِحُّ الصَّلَاةُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَإِنْ مَنَعْنَا اقْتِدَاءَ الْمُفْتَرِضِ بِالْمُتَنَفِّلِ. نَصَّ عَلَيْهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَةِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَالْفَائِقِ وَقَالَ: هُوَ أَصَحُّ وَغَيْرِهِمْ. وَبَنَاهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ عَلَى اقْتِدَاءِ الْمُفْتَرِضِ بِالْمُتَنَفِّلِ. وَهَذِهِ الصِّفَةُ فَعَلَهَا عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ. رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ.
قَوْلُهُ (الْوَجْهُ الْخَامِسُ: أَنْ يُصَلِّيَ الرُّبَاعِيَّةَ الْمَقْصُورَةَ تَامَّةً. وَتُصَلِّيَ
مَعَهُ كُلُّ طَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ. وَلَا يَقْضِيَ شَيْئًا. فَتَكُونُ لَهُ تَامَّةً، وَلَهُمْ مَقْصُورَةً) الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّ الصَّلَاةَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ صَحِيحَةٌ. نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. وَقَالَ الْمَجْدُ: لَا تَصِحُّ، لِاحْتِمَالِ سَلَامِهِ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ. فَتَكُونُ الصِّفَةُ الَّتِي قَبْلَهَا. قَالَ: وَتَبِعَهُ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، فَلَا يَجُوزُ إثْبَاتُ هَذِهِ الصِّفَةِ مَعَ الشَّكِّ وَالِاحْتِمَالِ. وَنَصَرَاهُ. وَهَذِهِ الصِّفَةُ فَعَلَهَا عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ فِي ذَاتِ الرِّقَاعِ. رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَالْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ. قُلْت: فَعَلَى الْمَذْهَبِ يُعَايَى بِهَا.
فَائِدَتَانِ. إحْدَاهُمَا: لَوْ قَصَرَ الصَّلَاةَ الْجَائِزَ قَصْرُهَا، وَصَلَّى بِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَةً بِلَا قَضَاءٍ صَحَّ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِ. قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَةِ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَالْفَائِقِ. وَقَالَ: وَهُوَ الْمُخْتَارُ، وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ. وَهُوَ مِنْ الْمُفْرَدَاتِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَمَنَعَ الْأَكْثَرُ صِحَّةَ هَذِهِ الصِّفَةِ. قَالَ الشَّارِحُ: وَهَذَا قَوْلُ أَصْحَابِنَا، وَمَالَ إلَيْهِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هَذَا الْمَشْهُورُ، قَالَ الْقَاضِي: الْخَوْفُ لَا يُؤَثِّرُ فِي نَقْصِ الرَّكَعَاتِ. قَالَ فِي الْكَافِي: كَلَامُ أَحْمَدَ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ مِنْ الْوُجُوهِ الْجَائِزَةِ إلَّا أَنَّ أَصْحَابَهُ قَالُوا: لَا تَأْثِيرَ لِلْخَوْفِ فِي عَدَدِ الرَّكَعَاتِ. وَحَمَلُوا هَذِهِ الصِّفَةَ عَلَى شِدَّةِ الْخَوْفِ. انْتَهَى.
وَهَذَا: هُوَ الْوَجْهُ السَّادِسُ. قَالَ الشَّارِحُ: وَذَكَرَ شَيْخُنَا: (الْوَجْهُ السَّادِسُ: أَنْ يُصَلِّيَ بِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَةً وَلَا يَقْضِيَ شَيْئًا) وَكَذَا قَالَ ابْنُ مُنَجَّا فِي شَرْحِهِ، وَكَانَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا يَقُولُ: الْوَجْهُ السَّادِسُ:
إذَا اشْتَدَّ الْخَوْفُ. وَهَذِهِ الصِّفَةُ صَلَّاهَا عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ بِذِي قِرْدٍ. رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَالْأَثْرَمُ، مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَحُذَيْفَةَ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَغَيْرِهِمْ.
الثَّانِيَةُ: تَصِحُّ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ فِي الْخَوْفِ. فَيُصَلِّي بِطَائِفَةٍ رَكْعَةً بَعْدَ حُضُورِهَا الْخُطْبَةَ فَيُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهَا: حُضُورُ الطَّائِفَةِ الْأُولَى لَهَا. وَقِيلَ: أَوْ الثَّانِيَةِ، قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَةِ. وَإِنْ أَحْرَمَ بِاَلَّتِي لَمْ تَحْضُرْهَا، لَمْ تَصِحَّ حَتَّى يَخْطُبَ لَهَا. وَيُعْتَبَرُ أَنْ تَكُونَ كُلُّ طَائِفَةٍ أَرْبَعِينَ، بِنَاءً عَلَى اشْتِرَاطِهِ فِي الْجُمُعَةِ، وَتَقْضِي كُلُّ طَائِفَةٍ رَكْعَةً بِلَا جَهْرٍ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَتَوَجَّهُ أَنْ تَبْطُلَ إنْ بَقِيَ مُنْفَرِدًا بَعْدَ ذَهَابِ الطَّائِفَةِ، كَمَا لَوْ نَقَصَ الْعَدَدُ. وَقِيلَ: يَجُوزُ هُنَا لِلْعُذْرِ. لِأَنَّهُ مُتَرَقِّبٌ لِلطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ. قَالَ أَبُو الْمَعَالِي: وَإِنْ صَلَّاهَا كَخَبَرِ ابْنِ عُمَرَ جَازَ. وَأَمَّا صَلَاةُ الِاسْتِسْقَاءِ: فَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْفُرُوعِ: تُصَلَّى ضَرُورَةً كَالْمَكْتُوبَةِ. وَكَذَا الْكُسُوفُ وَالْعِيدُ. إلَّا أَنَّهُ آكَدُ مِنْ الِاسْتِسْقَاءِ.
قَوْلُهُ (وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَحْمِلَ مَعَهُ فِي الصَّلَاةِ مِنْ السِّلَاحِ مَا يَدْفَعُ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ، وَلَا يُثْقِلُهُ، كَالسَّيْفِ وَالسِّكِّينِ) . وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَجِبَ. وَهُوَ وَجْهٌ اخْتَارَهُ صَاحِبُ الْفَائِقِ. وَنَصَرَهُ الْمُصَنِّفُ. وَحَكَاهُ أَبُو حَكِيمٍ النَّهْرَوَانِيُّ عَنْ أَبِي الْخَطَّابِ. قَالَ الشَّارِحُ: هَذَا الْقَوْلُ أَظْهَرُ. وَقَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، قُلْت: أَمَّا عَلَى بَعْضِ الْوُجُوهِ فِيمَا إذَا حَرَسَتْ إحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ، وَهِيَ فِي حُكْمِ الصَّلَاةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ قَوْلًا وَاحِدًا؛ لِوُجُوبِ الدَّفْعِ عَنْ الْمُسْلِمِينَ. وَأَمَّا فِي غَيْرِ ذَلِكَ، فَإِنْ قُلْنَا: يَجِبُ الدَّفْعُ عَنْ النَّفْسِ، فَكَذَلِكَ. وَإِلَّا كَانَ مُسْتَحَبًّا. انْتَهَى. وَقَالَ فِي الْمُنْتَخَبِ: هَلْ يُسْتَحَبُّ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ، نَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ: لَا بَأْسَ. وَقِيلَ: يَجِبُ مَعَ عَدَمِ أَذَى مَطَرٍ أَوْ مَرَضٍ. وَلَوْ كَانَ السِّلَاحُ مُذَهَّبًا. وَلَا يُشْتَرَطُ حَمْلُهُ قَوْلًا وَاحِدًا. وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيُتَوَجَّهُ فِيهِ تَخْرِيجٌ وَاحْتِمَالٌ.
تَنْبِيهَانِ. أَحَدُهُمَا: مَفْهُومُ قَوْلِهِ " وَلَا يُثْقِلُهُ " أَنَّهُ إذَا أَثْقَلَهُ لَا يُسْتَحَبُّ حَمْلُهُ فِي الصَّلَاةِ كَالْجَوْشَنِ وَهُوَ صَحِيحٌ، بَلْ يُكْرَهُ، قَالَهُ الْأَصْحَابُ. الثَّانِي: يُسْتَثْنَى مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَا لَا يُثْقِلُهُ، وَلَكِنْ يَمْنَعُهُ مِنْ إكْمَالِ الصَّلَاةِ كَالْمِغْفَرِ، أَوْ يُؤْذِي غَيْرَهُ كَالرُّمْحِ إذَا كَانَ مُتَوَسِّطًا. فَإِنْ حَمَلَ ذَلِكَ لَا يُسْتَحَبُّ، بَلْ يُكْرَهُ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، إلَّا مِنْ حَاجَةٍ. وَقَدْ جَزَمَ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا بِأَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ: يُكْرَهُ مَا يَمْنَعُهُ مِنْ اسْتِيفَاءِ الْأَرْكَانِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ وَمُرَادُهُ: اسْتِيفَاؤُهَا عَلَى الْكَمَالِ. وَقَالَ فِي الْفُصُولِ، فِي مَكَان آخَرَ: إلَّا فِي حَرْبٍ مُبَاحٍ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: كَذَا قَالَ. وَلَمْ يَسْتَثْنِ فِي مَكَان آخَرَ.
فَائِدَتَانِ. إحْدَاهُمَا: يَجُوزُ حَمْلُ النَّجَسِ فِي هَذِهِ الْحَالِ لِلْحَاجَةِ. جَزَمَ بِهِ فِي الْفُرُوعِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ: وَلَا يَجُوزُ حَمْلُ نَجَسٍ إلَّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ كَمَنْ يَخَافُ وُقُوعَ الْحِجَارَةِ وَالسِّهَامِ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَيُسَنُّ حَمْلُ كَذَا. وَقِيلَ: يَجِبُ مَعَ عَدَمِ أَذًى، وَإِنْ كَانَ لِلسِّلَاحِ مَذْهَبًا. وَقِيلَ: أَوْ نَجَسًا، مِنْ عَظْمٍ أَوْ جِلْدٍ أَوْ عَصَبٍ، وَرِيشٍ، وَشَهْمٍ. وَنَحْوُ ذَلِكَ. وَقَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَحْمِلَ فِي الصَّلَاةِ سِلَاحًا فِيهِ نَجَاسَةٌ. فَلَعَلَّهُ أَرَادَ: مَعَ عَدَمِ الْحَاجَةِ، جَمْعًا بَيْنَ الْأَقْوَالِ، لَكِنَّ ظَاهِرَ الرِّعَايَةِ: أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافًا وَحَيْثُ حَمَلَ ذَلِكَ وَصَلَّى، فَفِي الْإِعَادَةِ رِوَايَتَانِ. ذَكَرَهُمَا فِي الْفُرُوعِ، وَأَطْلَقَهُمَا. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ: مِنْ عِنْدِهِ يَحْتَمِلُ الْإِعَادَةَ وَعَدَمَهَا وَجْهَيْنِ. قُلْت: يُعْطَى لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ حُكْمُ نَظَائِرِهَا، مِثْلُ مَا لَوْ تَيَمَّمَ خَوْفًا مِنْ الْبَرْدِ. وَصَلَّى، عَلَى مَا تَقَدَّمَ.
الثَّانِيَةُ: قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: حَمْلُ السِّلَاحِ فِي غَيْرِ الْخَوْفِ فِي الصَّلَاةِ مَحْظُورٌ. وَقَالَهُ الْقَاضِي. وَقَالَ الْقَاضِي أَيْضًا: مِنْ رَفْعِ الْجُنَاحِ عَنْهُمْ رَفْعُ الْكَرَاهَةِ عَنْهُمْ، لِأَنَّهُ مَكْرُوهٌ فِي غَيْرِ الْعُذْرِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ: وَلَا يُكْرَهُ فِي غَيْرِ الْعُذْرِ، وَهُوَ أَظْهَرُ. انْتَهَى.
قَوْلُهُ (وَإِذَا اشْتَدَّ الْخَوْفُ صَلُّوا رِجَالًا وَرُكْبَانًا، إلَى الْقِبْلَةِ وَغَيْرِهَا يُومِئُونَ إيمَاءً عَلَى الطَّاقَةِ) فَأَفَادَنَا الْمُصَنِّفُ رحمه الله: أَنَّ الصَّلَاةَ لَا تُؤَخَّرُ فِي شِدَّةِ الْخَوْفِ. وَهُوَ صَحِيحٌ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، وَعَنْهُ لَهُ التَّأْخِيرُ إذَا احْتَاجَ إلَى عَمَلٍ كَثِيرٍ. قَالَ فِي الْفَائِقِ: وَفِي جَوَازِ تَأْخِيرِ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا لِقِتَالٍ رِوَايَتَانِ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: رَجَعَ أَحْمَدُ عَنْ جَوَازِ تَأْخِيرِهَا حَالَ الْحَرْبِ. قَالَ فِي التَّلْخِيصِ: وَالصَّحِيحُ الرُّجُوعُ. قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، فَعَلَى الْمَذْهَبِ: فَالْحُكْمُ فِي صَلَاةٍ تُجْمَعُ مَعَ مَا بَعْدَهَا، فَإِنْ كَانَتْ أَوْلَى الْمَجْمُوعَتَيْنِ، فَالْأَوْلَى تَأْخِيرُهَا. وَالْخَوْفُ يُبِيحُ الْجَمْعَ فِي ظَاهِرِ كَلَامِ أَحْمَدَ، كَالْمَرَضِ وَنَحْوِهِ.
قَوْلُهُ (فَإِنْ أَمْكَنَهُمْ افْتِتَاحُ الصَّلَاةِ إلَى الْقِبْلَةِ، فَهَلْ يَلْزَمُهُمْ ذَلِكَ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) . وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْفَائِقِ، وَابْنُ تَمِيمٍ. إحْدَاهُمَا: لَا يَلْزَمُهُمْ. وَهِيَ الْمَذْهَبُ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ. قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: أَصَحُّهُمَا لَا يَجِبُ. قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ، وَالْبُلْغَةِ: وَلَا يَجِبُ عَلَى الْأَصَحِّ، قَالَ فِي التَّلْخِيصِ، وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ: وَلَا يَلْزَمُ عَلَى الْأَظْهَرِ، قَالَ ابْنُ مُنَجَّا فِي شَرْحِهِ: وَالصَّحِيحُ لَا يَجِبُ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَغَيْرِهِمْ. وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ.
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يَلْزَمُهُمْ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هَذَا الْمَشْهُورُ، وَجَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ، وَفِي الْوَجِيزِ.
تَنْبِيهَانِ. أَحَدُهُمَا: مَفْهُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ: أَنَّهُ إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ افْتِتَاحُ الصَّلَاةِ مُتَوَجِّهًا إلَيْهَا: أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ. وَهُوَ صَحِيحٌ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ، رِوَايَةً وَاحِدَةً عَنْ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ. وَحَكَى أَبُو بَكْرٍ فِي الشَّافِي وَابْنُ عَقِيلٍ رِوَايَةً بِاللُّزُومِ، وَالْحَالَةُ هَذِهِ. وَهُوَ بَعِيدٌ. وَكَيْفَ يَلْزَمُ شَيْءٌ لَا يُمْكِنُ فِعْلُهُ؟ وَقَدَّمَ هَذِهِ الطَّرِيقَةَ فِي الرِّعَايَةِ. وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْخِرَقِيِّ. قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَفِي وُجُوبِ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ إلَى الْقِبْلَةِ رِوَايَتَانِ، قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: ذَلِكَ مَعَ الْقُدْرَةِ. وَلَا يَجِبُ ذَلِكَ مَعَ الْعَجْزِ رِوَايَةً وَاحِدَةً. وَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ فِي الشَّافِي: يَجِبُ ذَلِكَ مَعَ الْقُدْرَةِ. وَمَعَ عَدَمِ الْإِمْكَانِ رِوَايَتَانِ، وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ ذَلِكَ. انْتَهَى. الثَّانِي: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ: أَنَّ صَلَاةَ الْجَمَاعَةِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ تَنْعَقِدُ. وَهُوَ صَحِيحٌ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهَادِي. وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ حَرْبٍ. قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ: قَالَهُ الْأَصْحَابُ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: تَنْعَقِدُ. نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمَنْصُوصِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا تَجِبُ. وَهُوَ ظَاهِرُ مَا احْتَجُّوا بِهِ. انْتَهَى.
وَاخْتَارَ ابْنُ حَامِدٍ، وَالْمُصَنِّفُ أَنَّهَا لَا تَنْعَقِدُ. وَقِيلَ: تَنْعَقِدُ وَلَا تَجِبُ. قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: وَلَيْسَ بِبَعِيدٍ. قَالَ: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ مِنْ قَوْلِهِمْ " وَيَجُوزُ أَنْ يُصَلُّوا جَمَاعَةً " فَعَلَى الْمَذْهَبِ: يُعْفَى عَنْ تَقَدُّمِ الْإِمَامِ وَعَنْ الْعَمَلِ الْكَثِيرِ، بِشَرْطِ إمْكَانِ الْمُتَابَعَةِ. وَيَكُونُ سُجُودُهُ أَخْفَضَ مِنْ رُكُوعِهِ، وَلَا يَجِبُ سُجُودُهُ عَلَى دَابَّتِهِ. وَلَهُ الْكَرُّ، وَالْفَرُّ، وَالضَّرْبُ وَالطَّعْنُ، وَنَحْوُ ذَلِكَ
لِلْمَصْلَحَةِ
، وَلَا يَزُولُ الْخَوْفُ إلَّا بِانْهِزَامِ الْكُلِّ.
قَوْلُهُ (وَمَنْ هَرَبَ مِنْ عَدُوٍّ هَرَبًا مُبَاحًا، أَوْ مِنْ سَيْلٍ، أَوْ مِنْ سَبُعٍ كَالنَّارِ. فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ كَذَلِكَ) وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ. وَقِيلَ: إنْ كَثُرَ دَفْعُ الْعَدُوِّ مِنْ سَيْلٍ وَسَبُعٍ، وَسُقُوطِ جِدَارٍ وَنَحْوِهِ أَبْطَلَ الصَّلَاةَ.
فَائِدَةٌ: مِثْلُ السَّيْلِ وَالسَّبُعِ: خَوْفُهُ عَلَى نَفْسِهِ، أَوْ أَهْلِهِ، أَوْ مَالِهِ، أَوْ ذَبُّهُ عَنْهُ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، أَوْ خَوْفُهُ عَلَى غَيْرِهِ. وَعَنْهُ لَا يُصَلِّي كَذَلِكَ لِخَوْفِهِ عَلَى غَيْرِهِ. وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهُ لَا يُصَلِّي كَذَلِكَ لِخَوْفِهِ عَلَى مَالِ غَيْرِهِ، وَعَنْهُ بَلَى.
قَوْلُهُ (وَهَلْ لِطَالِبِ الْعَدُوِّ الْخَائِفِ فَوْتَهُ الصَّلَاةُ كَذَلِكَ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) . وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ، وَالشَّرْحِ، وَابْنِ تَمِيمٍ، وَالْحَاوِيَيْنِ. إحْدَاهُمَا: تَجُوزُ لَهُ الصَّلَاةُ كَذَلِكَ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ. قَالَ فِي النَّظْمِ يَجُوزُ فِي الْأُولَى. وَنَصَرَهُ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ. قَالَ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ: يَجُوزُ عَلَى الْأَظْهَرِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ، وَالْمُنَوِّرِ، وَالْمُنْتَخَبِ. وَقَدَّمَهُ الْخِرَقِيُّ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْفَائِقِ، وَغَيْرِهِمْ. وَهُوَ مِنْ الْمُفْرَدَاتِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يَجُوزُ. اخْتَارَهُ الْقَاضِي. وَصَحَّحَهَا ابْنُ عَقِيلٍ. قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: وَلَا يُصَلِّيهَا إلَّا إذَا كَانَ طَالِبًا لِلْعَدُوِّ عَلَى الْأَصَحِّ، وَقِيلَ: إنْ خَافَ عَوْدَهُ عَلَيْهِ صَلَّى كَخَائِفٍ، وَإِلَّا فَكَآمِنٍ، قَالَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى. وَجَزَمَ بِهِ الشَّارِحُ وَنَقَلَ أَبُو دَاوُد فِي الْقَوْمِ يَخَافُونَ فَوْتَ الْغَارَةِ، فَيُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، أَوْ يُصَلُّونَ عَلَى دَوَابِّهِمْ؟ قَالَ: كُلٌّ أَرْجُو.
فَوَائِدُ. إحْدَاهَا: مَنْ خَافَ كَمِينًا، أَوْ مَكِيدَةً، أَوْ مَكْرُوهًا، إنْ تَرَكَهَا: صَلَّى صَلَاةَ خَوْفٍ. قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ حَمْدَانَ وَغَيْرُهُمَا: رِوَايَةً وَاحِدَةً. وَلَا يُعِيدُ، عَلَى الصَّحِيحِ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ، وَابْنُ تَمِيمٍ. وَعَنْهُ تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ.
الثَّانِيَةُ: يَجُوزُ التَّيَمُّمُ مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ لِلْخَائِفِ فَوْتَ عَدُوِّهِ كَالصَّلَاةِ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ هُنَا، فَيُعَايَى بِهَا. وَعَنْهُ: لَا يَجُوزُ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ. وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ فِي بَابِ التَّيَمُّمِ: وَفِي فَوْتِ مَطْلُوبِهِ رِوَايَتَانِ.
الثَّالِثَةُ: يَجُوزُ لِلْخَائِفِ فَوْتَ وَقْتِ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ صَلَاةُ الْخَوْفِ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ. وَهُوَ الصَّوَابُ. وَهُوَ احْتِمَالُ وَجْهٍ فِي الرِّعَايَةِ. قَالَ ابْنُ أَبِي الْمَجْدِ فِي مُصَنَّفِهِ: صَلَّى مَاشِيًا فِي الْأَصَحِّ.
الرَّابِعَةُ: لَوْ رَأَى سَوَادًا، فَظَنَّهُ عَدُوًّا أَوْ سَبُعًا، فَتَيَمَّمَ وَصَلَّى، ثُمَّ بَانَ بِخِلَافِهِ، فِي الْإِعَادَةِ وَجْهَانِ، ذَكَرَهُمَا الْمَجْدُ وَغَيْرُهُ. وَصَحَّحَ عَدَمَ الْإِعَادَةِ لِكَثْرَةِ الْبَلْوَى بِذَلِكَ فِي الْأَسْفَارِ، بِخِلَافِ صَلَاةِ الْخَوْفِ. فَإِنَّهَا نَادِرَةٌ فِي نَفْسِهَا. وَقِيلَ: يُقَدِّمُ الصَّلَاةَ. وَلَا يُصَلِّي صَلَاةَ خَائِفٍ، وَهُوَ احْتِمَالُ وَجْهٍ فِي الرِّعَايَةِ أَيْضًا. وَقِيلَ: يُؤَخِّرُ الصَّلَاةَ إلَى أَمْنِهِ، وَهُوَ احْتِمَالٌ أَيْضًا فِي مُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ. وَأَطْلَقَهُنَّ فِي الْفُرُوعِ، وَابْنُ تَمِيمٍ. وَهُنَّ أَوْجَهُ فِي الْفُرُوعِ.
قَوْلُهُ (وَمَنْ صَلَّى صَلَاةَ الْخَوْفِ لِسَوَادٍ ظَنَّهُ عَدُوًّا. فَبَانَ أَنَّهُ لَيْسَ بِعَدُوِّ. فَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ) . هَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَقِيلَ: لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ.
وَذَكَرَهُ ابْنُ هُبَيْرَةَ رِوَايَةً. وَقَالَ فِي التَّبْصِرَةِ: إذَا ظَنُّوا سَوَادًا عَدُوًّا لَمْ يَجُزْ أَنْ يُصَلُّوا صَلَاةَ الْخَوْفِ.
فَائِدَةٌ: لَوْ ظَهَرَ أَنَّهُ عَدُوٌّ، وَلَكِنَّهُ يَقْصِدُ غَيْرَهُ، فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهُ لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ، لِوُجُودِ سَبَبِ الْخَوْفِ بِوُجُودِ عَدُوٍّ يَخَافُ هُجُومَهُ كَمَا لَا يُعِيدُ مَنْ خَافَ عَدُوًّا فِي تَخَلُّفِهِ عَنْ رَفِيقِهِ فَصَلَّاهَا، ثُمَّ بَانَ أَمْنُ الطَّرِيقِ. وَقِيلَ: عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ. قَوْلُهُ (أَوْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ مَا يَمْنَعُهُ. فَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ) وَهُوَ الْمَذْهَبُ أَيْضًا. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَقِيلَ: لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ. وَقِيلَ: لَا إعَادَةَ إنْ خَفِيَ الْمَانِعُ، وَإِلَّا أَعَادَ.
فَائِدَتَانِ. إحْدَاهُمَا: لَوْ خَافَ هَدْمَ سُورٍ، أَوْ طَمَّ خَنْدَقٍ إنْ صَلَّى آمِنًا، صَلَّى صَلَاةَ خَائِفٍ مَا لَمْ يُعْلَمْ خِلَافُهُ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: يُصَلِّي آمِنًا مَا لَمْ يَظُنَّ ذَلِكَ. الثَّانِيَةُ: صَلَاةُ النَّفْلِ مُنْفَرِدًا يَجُوزُ فِعْلُهَا. كَالْفَرْضِ. وَتَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ بَابِ سُجُودِ السَّهْوِ " هَلْ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ فِي اشْتِدَادِ الْخَوْفِ؟ "