المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الْقَصْرُ. قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَةِ. وَقِيلَ: لَهُ ذَلِكَ. جَزَمَ بِهِ - الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف - ت الفقي - جـ ٢

[المرداوي]

الفصل: الْقَصْرُ. قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَةِ. وَقِيلَ: لَهُ ذَلِكَ. جَزَمَ بِهِ

الْقَصْرُ. قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَةِ. وَقِيلَ: لَهُ ذَلِكَ. جَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ. قَالَ فِي الْحَوَاشِي: وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ.

[فَوَائِد]

ُ. إحْدَاهَا: لَوْ نَوَى إقَامَةً بِشَرْطٍ، مِثْلُ أَنْ يَقُولَ: إنْ لَقِيتُ فُلَانًا فِي هَذَا الْبَلَدِ أَقَمْتُ فِيهِ، وَإِلَّا فَلَا: لَمْ يَصِرْ مُقِيمًا بِذَلِكَ. ثُمَّ إنْ لَمْ يَلْقَهُ فَلَا كَلَامَ. وَإِنْ لَقِيَهُ صَارَ مُقِيمًا إذَا لَمْ يَفْسَخْ نِيَّتَهُ الْأُولَى. فَإِنْ فَسَخَهَا قَبْلَ لِقَائِهِ، أَوْ حَالَ لِقَائِهِ: فَهُوَ مُسَافِرٌ. فَيَقْصُرُ بِلَا نِزَاعٍ. وَإِنْ فَسَخَهَا بَعْدَ لِقَائِهِ، فَهُوَ كَمَنْ نَوَى الْإِقَامَةَ الْمَانِعَةَ مِنْ الْقَصْرِ، ثُمَّ نَوَى السَّفَرَ قَبْلَ تَمَامِ الْإِقَامَةِ، هَلْ لَهُ الْقَصْرُ قَبْلَ شُرُوعِهِ فِي السَّفَرِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ.، قَالَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَالرِّعَايَةُ. وَقَدَّمَهُ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ. وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْقَصْرُ حَتَّى يَشْرَعَ فِي السَّفَرِ. وَيَكُونُ كَالْمُبْتَدِئِ لَهُ كَمَا لَوْ تَمَّتْ مُدَّةُ الْإِقَامَةِ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، قَالَهُ الْمَجْدُ، وَمَجْمَعُ الْبَحْرَيْنِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَاخْتَارَ الْأَكْثَرُ: يَقْصُرُ إذَا سَافَرَ، كَمَا لَوْ تَمَّتْ مُدَّةُ الْإِقَامَةِ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَنَقَلَهُ صَالِحٌ: أَنَّهُ يَقْصُرُ مِنْ حِينِ نَوَى السَّفَرَ. فَأَبْطَلَ النِّيَّةَ الْأُولَى بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ؛ لِأَنَّهَا تَثْبُتُ بِهَا. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ.

الثَّانِيَةُ: لَوْ مَرَّ بِوَطَنِهِ أَتَمَّ مُطْلَقًا. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَنَصَّ عَلَيْهِ، وَعَنْهُ يَقْصُرُ، إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ حَاجَةٌ سِوَى الْمُرُورِ. وَلَوْ مَرَّ بِبَلَدٍ لَهُ فِيهِ امْرَأَةٌ، أَوْ تَزَوَّجَ فِيهِ، أَتَمَّ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَنْهُ يُتِمُّ أَيْضًا إذَا مَرَّ بِبَلَدٍ لَهُ فِيهِ أَهْلٌ أَوْ مَاشِيَةٌ. وَهِيَ مِنْ الْمُفْرَدَاتِ. وَقِيلَ: أَوْ مَالٌ وَقَالَ فِي عُمَدِ الْأَدِلَّةِ: لَا مَالَ مَنْقُولٌ. وَقِيلَ: إنْ كَانَ لَهُ بِهِ وَلَدٌ أَوْ وَالِدٌ أَوْ دَارٌ: قَصَرَ، وَفِي أَهْلِ غَيْرِهِمَا، أَوْ مَالٌ: وَجْهَانِ.

ص: 331

الثَّالِثَةُ: لَوْ فَارَقَ وَطَنَهُ بِنِيَّةِ رُجُوعِهِ بِقُرْبٍ لِحَاجَةٍ: لَمْ يَتَرَخَّصْ حَتَّى يَرْجِعَ وَيُفَارِقَهُ. نَصَّ عَلَيْهِ، وَكَذَا إنْ رَجَعَ عَلَيْهِ لِغَرَضِ الِاجْتِيَازِ بِهِ فَقَطْ، لِكَوْنِهِ فِي طَرِيقِ مَقْصِدِهِ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. قَالَ الْمَجْدُ، وَمَجْمَعُ الْبَحْرَيْنِ: هَذَا ظَاهِرُ مَذْهَبِنَا، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِنَا " يَقْصُرُ الْمُجْتَازُ عَلَى وَطَنِهِ " فَيَقْصُرُ هُنَا فِي خُرُوجِهِ مِنْهُ أَوَّلًا، وَعَوْدِهِ إلَيْهِ وَاجْتِيَازِهِ بِهِ. قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، قُلْت: وَهُوَ ظَاهِرُ عِبَارَةِ الْكَافِي. انْتَهَى. وَإِذَا فَارَقَ أَوَّلًا وَطَنَهُ بِنِيَّةِ الْمُضِيِّ بِلَا عَوْدٍ، ثُمَّ بَدَا لَهُ الْعَوْدُ لِحَاجَةٍ فَتَرَخُّصُهُ قَبْلَ نِيَّةِ عَوْدِهِ جَائِزٌ. وَبَعْدَهَا غَيْرُ جَائِزٍ، لَا فِي عَوْدِهِ وَلَا فِي بَلَدِهِ حَتَّى يُفَارِقَهُ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، قَدَّمَهُ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ. وَقَالَ: ذَكَرَهُ الْقَاضِي. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَعَنْهُ يَتَرَخَّصُ فِي عَوْدِهِ إلَيْهِ لَا فِيهِ، كَنِيَّةٍ طَارِئَةٍ لِلْإِقَامَةِ بِقَرْيَةٍ قَرِيبَةٍ مِنْهُ. قَالَ الْمَجْدُ: وَيَقْوَى عِنْدِي أَنَّهُ لَا يَقْصُرُ إذَا دَخَلَ وَطَنَهُ، وَلَكِنْ يَقْصُرُ فِي عَوْدِهِ إلَيْهِ.

الرَّابِعَةُ: لَا يَنْتَهِي حُكْمُ السَّفَرِ بِبُلُوغِ الْبَلَدِ الَّذِي يَقْصِدُهُ إلَّا إذَا لَمْ يَنْوِ الْإِقَامَةَ هَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، نَصَّ عَلَيْهِ، قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: اخْتَارَهُ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هُوَ الْمَنْصُوصُ وَالْمُخْتَارُ لِلْأَكْثَرِ. وَقِيلَ: بَلَى.

الْخَامِسَةُ: لَوْ سَافَرَ مَنْ لَيْسَ بِمُكَلَّفٍ مِنْ كَافِرٍ وَحَائِضٍ سَفَرًا طَوِيلًا، ثُمَّ كُلِّفَ بِالصَّلَاةِ فِي أَثْنَائِهِ، فَلَهُ الْقَصْرُ مُطْلَقًا فِيمَا بَقِيَ. وَقِيلَ: يَقْصُرُ إنْ بَقِيَ مَسَافَةُ الْقَصْرِ، وَإِلَّا فَلَا. وَاخْتَارَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ.

السَّادِسَةُ: لَوْ رَجَعَ إلَى بَلَدٍ أَقَامَ بِهِ إقَامَةً مَانِعَةً: تَرَخَّصَ مُطْلَقًا حَتَّى فِيهِ. نَصَّ عَلَيْهِ، لِزَوَالِ نِيَّةِ إقَامَتِهِ. كَعَوْدِهِ مُخْتَارًا. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَقِيلَ: كَوَطَنِهِ.

ص: 332

فَائِدَةٌ: كُلُّ مَنْ جَازَ لَهُ الْقَصْرُ جَازَ لَهُ الْفِطْرُ، وَلَا عَكْسَ. لِأَنَّ الْمَرِيضَ وَنَحْوَهُ لَا مَشَقَّةَ عَلَيْهِ فِي الصَّلَاةِ، بِخِلَافِ الصَّوْمِ، وَقَدْ يَنْوِي الْمُسَافِرُ مَسِيرَةَ يَوْمَيْنِ وَيَقْطَعُهُمَا مِنْ الْفَجْرِ إلَى الزَّوَالِ مَثَلًا فَيُفْطِرُ، وَإِنْ لَمْ يَقْصُرْ. أَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ عَقِيلٍ، لَكِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ الْفِطْرَ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: فَقَدْ يُعَايَى بِهَا. وَقَالَ أَيْضًا: وَلَعَلَّ ظَاهِرَ مَا سَبَقَ: أَنَّ مَنْ قَصَرَ جَمَعَ. لِكَوْنِهِ فِي حُكْمِ الْمُسَافِرِ. قَالَ: وَظَاهِرُ مَا ذَكَرُوهُ فِي بَابِ الْجَمْعِ لَا يَجْمَعُ. وَقَالَ الْقَاضِي فِي الْخِلَافِ فِي بَحْثِ الْمَسْأَلَةِ إذَا نَوَى إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ: لَهُ الْجَمْعُ، لَا مَا زَادَ. وَقِيلَ لِلْقَاضِي: إذَا لَمْ يَجْمَعْ إقَامَةً لَا يَقْصُرُ، لِأَنَّهُ لَا يَجْمَعُ؟ فَقَالَ: لَا يُسَلَّمُ هَذَا، بَلْ لَهُ الْجَمْعُ. انْتَهَى. وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَهَلْ يَمْسَحُ مَسْحَ مُسَافِرٍ مَنْ قَصَرَ؟ قَالَ الْأَصْحَابُ كَالْقَاضِي وَغَيْرِهِ هُوَ مُسَافِرٌ مَا لَمْ يَفْسَخْ، أَوْ يَنْوِي الْإِقَامَةَ، أَوْ يَتَزَوَّجُ، أَوْ يَقْدِرُ عَلَى أَهْلٍ. وَقَالَ الْأَصْحَابُ مِنْهُمْ ابْنُ عَقِيلٍ الْأَحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالسَّفَرِ الطَّوِيلِ أَرْبَعَةٌ: الْقَصْرُ، وَالْجَمْعُ، وَالْمَسْحُ، ثَلَاثًا، وَالْفِطْرُ. قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: فَإِنْ نَوَى إقَامَةً تَزِيدُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ صَارَ مُقِيمًا. وَخَرَجَ عَنْ رُخْصَةِ السَّفَرِ، وَيَسْتَبِيحُ الرُّخْصَ وَلَا يَخْرُجُ عَنْ حُكْمِ السَّفَرِ إذَا نَوَى مَا دُونَهَا.

تَنْبِيهٌ: مَفْهُومُ قَوْلِهِ (وَالْمَلَّاحُ الَّذِي مَعَهُ أَهْلُهُ، وَلَيْسَ لَهُ نِيَّةُ الْإِقَامَةِ بِبَلَدٍ لَيْسَ لَهُ التَّرَخُّصُ) أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ أَهْلُهُ: لَهُ التَّرَخُّصُ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَهُوَ صَحِيحٌ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ. وَلَمْ يَعْتَبِرْ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ مِنْ كَلَامِهِ فِي الْمَلَّاحِ وَمَنْ فِي حِكْمَةِ كَوْنُ أَهْلِهِ مَعَهُ، فَلَا يَتَرَخَّصُ وَحْدَهُ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَهُوَ خِلَافُ نُصُوصِهِ. فَعَلَى قَوْلِ الْقَاضِي، وَعَلَى الْمَذْهَبِ أَيْضًا فِيمَا إذَا كَانَ مَعَهُ أَهْلُهُ مَعَ عَدَمِ التَّرَخُّصِ مِنْ الْمُفْرَدَاتِ. قَالَ الْأَصْحَابُ: لِتَفْوِيتِ رَمَضَانَ بِلَا فَائِدَةٍ، لِأَنَّهُ يَقْضِيهِ فِي السَّفَرِ، وَكَمَا تَقْعُدُ امْرَأَتُهُ مَكَانَهَا كَمُقِيمٍ.

ص: 333

فَائِدَةٌ: قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَمِثْلُ الْمَلَّاحِ مَنْ لَا أَهْلَ لَهُ، وَلَا وَطَنَ، وَلَا مَنْزِلَ يَقْصِدُهُ، وَلَا يُقِيمُ بِمَكَانٍ، وَلَا يَأْوِي إلَيْهِ. انْتَهَى. وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْهَائِمَ وَالسَّائِحَ وَالتَّائِهَ لَا يَتَرَخَّصُونَ.

فَائِدَتَانِ. إحْدَاهُمَا: الْمُكَارِي وَالرَّاعِي وَالْفَيْجُ وَالْبَرِيدُ وَنَحْوُهُمْ: كَالْمَلَّاحِ لَا يَتَرَخَّصُونَ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَنَصَّ عَلَيْهِ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَهُوَ مِنْ الْمُفْرَدَاتِ. وَقِيلَ: عَنْهُ يَتَرَخَّصُونَ، وَإِنْ لَمْ يَتَرَخَّصْ الْمَلَّاحُ. اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ. وَقَالَ: سَوَاءٌ كَانَ مَعَهُ أَهْلُهُ أَوْ لَا. لِأَنَّهُ مُسَافِرٌ مَشْقُوقٌ عَلَيْهِ. بِخِلَافِ الْمَلَّاحِ، وَاخْتَارَهُ أَيْضًا الشَّارِحُ، وَأَبُو الْمَعَالِي، وَابْنُ مُنَجَّا. وَإِلَيْهِ مَيْلُ صَاحِبِ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، الثَّانِيَةُ: الْفَيْجُ بِالْفَاءِ الْمَفْتُوحَةِ وَالْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ تَحْتٍ السَّاكِنَةِ، وَالْجِيمِ رَسُولُ السُّلْطَانِ مُطْلَقًا. وَقِيلَ: رَسُولُ السُّلْطَانِ إذَا كَانَ رَاجِلًا. وَقِيلَ: هُوَ السَّاعِي.، قَالَهُ أَبُو الْمَعَالِي. وَقِيلَ: هُوَ الْبَرِيدُ.

قَوْلُهُ (فَصْلٌ فِي الْجَمْعِ. وَيَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، وَالْعِشَاءَيْنِ فِي وَقْتِ إحْدَاهُمَا. لِثَلَاثَةِ أُمُورٍ: السَّفَرِ الطَّوِيلِ) . الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِجَوَازِ الْجَمْعِ فِي السَّفَرِ: أَنْ تَكُونَ مُدَّتُهُ مِثْلَ مُدَّةِ الْقَصْرِ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقِيلَ: وَيَجُوزُ أَيْضًا الْجَمْعُ فِي السَّفَرِ الْقَصِيرِ. ذَكَرَهُ فِي الْمُبْهِجِ. وَأَطْلَقَهُمَا.

تَنْبِيهٌ: يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ " وَيَجُوزُ الْجَمْعُ " أَنَّهُ لَيْسَ بِمُسْتَحَبٍّ. وَهُوَ كَذَلِكَ، بَلْ تَرْكُهُ أَفْضَلُ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. قَالَهُ الْمَجْدُ، وَصَاحِبُ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ. وَنَصَّ عَلَيْهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَغَيْرِهِ. وَعَنْهُ الْجَمْعُ أَفْضَلُ. اخْتَارَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ وَغَيْرُهُ، كَجَمْعَيْ عَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ. وَعَنْهُ التَّوَقُّفُ.

ص: 334

قَوْلُهُ (فِي وَقْتِ إحْدَاهُمَا) . الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: جَوَازُ الْجَمْعِ فِي وَقْتِ الْأُولَى كَالثَّانِيَةِ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هُوَ الْمَشْهُورُ الْمَعْمُولُ بِهِ فِي الْمَذْهَبِ. قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: هَذَا الْمَشْهُورُ عَنْ أَحْمَدَ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ لِلْمُسَافِرِ إلَّا فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ، إذَا كَانَ سَائِرًا فِي وَقْتِ الْأُولَى. اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ. وَحَكَاهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ رِوَايَةً. وَحَمَلَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ، قَالَهُ فِي الْحَوَاشِي. وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ إلَّا لِسَائِرٍ مُطْلَقًا. وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: الْأَظْهَرُ مِنْ مَذْهَبِهِ: أَنَّ صِفَةَ الْجَمْعِ: فِعْلُ الْأُولَى آخَرَ وَقْتِهَا وَفِعْلُ الثَّانِيَةِ أَوَّلَ وَقْتِهَا. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: الْجَمْعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي السَّفَرِ يَخْتَصُّ بِمَحَلِّ الْحَاجَةِ، لَا أَنَّهُ مَنْ رُخَصِ السَّفَرِ الْمُطْلَقَةِ كَالْقَصْرِ. وَقَالَ أَيْضًا: فِي جَوَازِ الْجَمْعِ لِلْمَطَرِ فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ وَجْهَانِ. لِأَنَّا لَا نَثِقُ بِدَوَامِ الْمَطَرِ إلَى وَقْتِهَا. وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ جَمْعُ الْمُسْتَحَاضَةِ إلَّا فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ فَقَطْ. قَالَهُ فِي الرِّعَايَةِ.

تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ قَوْلِهِ " السَّفَرِ الطَّوِيلِ " أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ لِلْمَكِّيِّ وَمَنْ قَارَبَهُ بِعَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ وَمِنًى. وَهُوَ صَحِيحٌ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ [أَكْثَرُ] الْأَصْحَابِ، وَنَصَّ عَلَيْهِ، وَاخْتَارَ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الْعِبَادَاتِ الْخَمْسِ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: جَوَازَ الْجَمْعِ لَهُمْ. وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ قَرِيبًا أَوَّلَ الْبَابِ فِي الْقَصْرِ.

قَوْلُهُ (وَالْمَرَضُ الَّذِي يَلْحَقُهُ بِتَرْكِ الْجَمْعِ فِيهِ مَشَقَّةٌ وَضَعْفٌ) . الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهُ يَجُوزُ الْجَمْعُ لِلْمَرَضِ بِشَرْطِهِ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَعَنْهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْجَمْعُ. ذَكَرَهَا أَبُو الْحُسَيْن فِي تَمَامِهِ، وَابْنُ عَقِيلٍ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنْ جَازَ لَهُ تَرْكُ الْقِيَامِ جَازَ لَهُ الْجَمْعُ، وَإِلَّا فَلَا.

ص: 335

فَوَائِدُ. مِنْهَا: يَجُوزُ الْجَمْعُ لِلْمَرَضِ لِلْمَشَقَّةِ بِكَثْرَةِ النَّجَاسَةِ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ نَصَّ عَلَيْهِ. وَذَكَرَ فِي الْوَسِيلَةِ رِوَايَةً: لَا يَجُوزُ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ. وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي: هُوَ كَمَرِيضٍ.

وَمِنْهَا: يَجُوزُ الْجَمْعُ أَيْضًا لِعَاجِزٍ عَنْ الطَّهَارَةِ وَالتَّيَمُّمِ لِكُلِّ صَلَاةٍ. جَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ. وَالْفُرُوعِ.

وَمِنْهَا: يَجُوزُ الْجَمْعُ لِلْمُسْتَحَاضَةِ وَمَنْ فِي مَعْنَاهَا. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ. وَعَنْهُ إنْ اغْتَسَلَتْ لِذَلِكَ جَازَ وَإِلَّا فَلَا. وَتَقَدَّمَ وَجْهٌ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهَا الْجَمْعُ إلَّا فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ.

وَمِنْهَا: يَجُوزُ الْجَمْعُ أَيْضًا لِلْعَاجِزِ عَنْ مَعْرِفَةِ الْوَقْتِ، كَالْأَعْمَى وَنَحْوِهِ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: أَوْمَأَ إلَيْهِ.

وَمِنْهَا: مَا، قَالَهُ فِي الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا: يَجُوزُ الْجَمْعُ لِمَنْ لَهُ شَغْلٌ أَوْ عُذْرٌ يُبِيحُ تَرْكَ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ، كَخَوْفِهِ عَلَى نَفْسِهِ، أَوْ حَرَمِهِ، أَوْ مَالِهِ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ. انْتَهَى. وَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ مُشَيْشٍ: الْجَمْعُ فِي الْحَضَرِ إذَا كَانَ عَنْ ضَرُورَةٍ مِثْلُ مَرَضٍ أَوْ شُغْلٍ. قَالَ الْقَاضِي: أَرَادَ بِالشُّغْلِ مَا يَجُوزُ مَعَهُ تَرْكُ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ مِنْ الْخَوْفِ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ. قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَتَبِعَهُ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: وَهَذَا مِنْ الْقَاضِي يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَعْذَارَ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ كُلَّهَا تُبِيحُ الْجَمْعَ. وَقَالَا أَيْضًا: الْخَوْفُ يُبِيحُ الْجَمْعَ فِي ظَاهِرِ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، كَالْمَرَضِ وَنَحْوِهِ. وَأَوْلَى، لِلْخَوْفِ عَلَى ذَهَابِ النَّفْسِ وَالْمَالِ مِنْ الْعَدُوِّ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ وَشَرْحِهِ، [وَيُتَوَجَّهُ أَنَّ] مُرَادَ الْقَاضِي غَيْرُ غَلَبَةِ النُّعَاسِ. قُلْت: صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْوَجِيزِ. فَقَالَ: وَيَجُوزُ الْجَمْعُ لِمَنْ لَهُ شُغْلٌ أَوْ عُذْرٌ يُبِيحُ تَرْكَ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ، عَدَا نُعَاسٍ وَنَحْوِهِ.

ص: 336

وَقَالَ فِي الْفَائِقِ بَعْدَ كَلَامِ الْقَاضِي قُلْت: إلَّا النُّعَاسَ. وَجَزَمَ فِي التَّسْهِيلِ بِالْجَوَازِ فِي كُلِّ مَا يُبِيحُ تَرْكَ الْجُمُعَةِ. وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيَّ الدِّينِ جَوَازَ الْجَمْعِ لِلطَّبَّاخِ، وَالْخَبَّازِ وَنَحْوِهِمَا، مِمَّنْ يُخْشَى فَسَادُ مَالِهِ وَمَالِ غَيْرِهِ بِتَرْكِ الْجَمْعِ.

قَوْلُهُ (وَالْمَطَرُ الَّذِي يَبُلُّ الثِّيَابَ) . وَمِثْلُهُ: الثَّلْجُ وَالْبَرَدُ وَالْجَلِيدُ. وَاعْلَمْ أَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ الْمَذْهَبِ: جَوَازُ الْجَمْعِ لِذَلِكَ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ بِشَرْطِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ. وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ.

تَنْبِيهٌ: مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ " الَّذِي يَبُلُّ الثِّيَابَ " أَنْ يُوجَدَ مَعَهُ مَشَقَّةٌ، قَالَهُ الْأَصْحَابُ.

وَمَفْهُومُ كَلَامِهِ: أَنَّهُ إذَا لَمْ يَبُلَّ الثِّيَابَ لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ. وَهُوَ صَحِيحٌ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ. وَقِيلَ: يَجُوزُ الْجَمْعُ لِلطَّلِّ. قُلْت: وَهُوَ بَعِيدٌ. وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ. قَوْلُهُ (إلَّا أَنَّ جَمْعَ الْمَطَرِ يَخْتَصُّ الْعِشَاءَيْنِ، فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ) . وَهُمَا رِوَايَتَانِ، وَهَذَا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ. نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، مِنْهُمْ أَبُو الْخَطَّابِ فِي رُءُوسِ الْمَسَائِلِ. فَإِنَّهُ جَزَمَ بِهِ فِيهَا. وَالْوَجْهُ الْآخَرُ: يَجُوزُ الْجَمْعُ كَالْعِشَاءَيْنِ. اخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينُ وَغَيْرُهُمْ. وَلَمْ يَذْكُرْ ابْنُ هُبَيْرَةَ عَنْ أَحْمَدَ غَيْرَهُ. وَجَزَمَ بِهِ فِي نِهَايَةِ ابْنِ رَزِينٍ، وَنَظْمِهَا، وَالتَّسْهِيلِ. وَصَحَّحَهُ فِي الْمُذْهَبِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ، وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي مَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ، وَخِصَالِ ابْنِ الْبَنَّا، وَالطُّوفِيِّ فِي شَرْحِ الْخِرَقِيِّ، وَالْحَاوِيَيْنِ. فَعَلَى الثَّانِي: لَا يَجْمَعُ الْجُمُعَةَ مَعَ الْعَصْرِ [فِي مَحَلٍّ يُبِيحُ الْجَمْعَ] قَالَ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ وَغَيْرُهُ: ذَكَرُوهُ فِي الْجُمُعَةِ، وَيَأْتِي هُنَاكَ.

ص: 337

قَوْلُهُ (وَهَلْ يَجُوزُ لِأَجْلِ الْوَحْلِ؟) . عَلَى وَجْهَيْنِ عِنْدَ الْأَكْثَرِ. وَهُمَا رِوَايَتَانِ عِنْدَ الْحَلْوَانِيِّ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْبُلْغَةِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالْفَائِقِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالشَّرْحِ، أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ، قَالَ الْقَاضِي قَالَ أَصْحَابُنَا: الْوَحْلُ عُذْرٌ يُبِيحُ الْجَمْعَ. قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: هَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، قَالَ ابْنُ رَزِينٍ: هَذَا أَظْهَرُ وَأَقْيَسُ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُصَنِّفِ فِي الْمُغْنِي، وَصَاحِبِ التَّلْخِيصِ، وَشَرْحِ الْمَجْدِ، وَالنَّظْمِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَالتَّصْحِيحِ وَغَيْرِهِمْ. وَجَزَمَ بِهِ الشَّرِيفُ، وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي رُءُوسِ مَسَائِلِهِمَا. وَالْمُبْهِجُ، وَتَذْكِرَةُ ابْنِ عَبْدُوسٍ، وَالْإِفَادَاتُ، وَالتَّسْهِيلُ وَغَيْرُهُمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالْكَافِي، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَجُوزُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْعُمْدَةِ. فَإِنَّهُ قَالَ: وَيَجُوزُ الْجَمْعُ فِي الْمَطَرِ بَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ خَاصَّةً. وَقِيلَ: يَجُوزُ إذَا كَانَ مَعَهُ ظُلْمَةٌ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ أَبِي مُوسَى. فَائِدَتَانِ. إحْدَاهُمَا: لَمْ يُقَيِّدْ الْجُمْهُورُ الْوَحْلَ بِالْبَلَلِ. وَذَكَرَ الشَّرِيفُ، وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي رُءُوسِ مَسَائِلِهِمَا وَغَيْرُهَا: أَنَّ الْجَوَازَ مُخْتَصٌّ بِالْبَلَلِ.

الثَّانِيَةُ: إذَا قُلْنَا يَجُوزُ لِلْوَحِلِ، فَمَحَلُّهُ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ. فَلَا يَجُوزُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، إنْ جَوَّزْنَاهُ لِلْمَطَرِ، عَلَى الصَّحِيحِ، قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَأَطْلَقَ بَعْضُهُمْ الْجَوَازَ.

قَوْلُهُ (وَهَلْ يَجُوزُ لِأَجْلِ الرِّيحِ الشَّدِيدَةِ الْبَارِدَةِ؟) عَلَى وَجْهَيْنِ عِنْدَ الْأَكْثَرِ. وَهُمَا رِوَايَتَانِ عِنْدَ الْحَلْوَانِيِّ.

ص: 338

وَاعْلَمْ أَنَّ الْحُكْمَ هُنَا كَالْحُكْمِ فِي الْوَحْلِ خِلَافًا وَمَذْهَبًا. فَلَا حَاجَةَ إلَى إعَادَتِهِ.

فَائِدَةٌ: الصَّحِيحُ أَنَّ ذَلِكَ مُخْتَصٌّ بِالْعِشَاءَيْنِ. ذَكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ. زَادَ فِي الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْكَافِي: مَعَ ظُلْمَةٍ. وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ كَالْمُصَنِّفِ فِي التَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ.

قَوْلُهُ (وَهَلْ يَجُوزُ لِمَنْ يُصَلِّي فِي بَيْتِهِ، أَوْ فِي مَسْجِدِ طَرِيقِهِ تَحْتَ سَابَاطٍ) ؟ (عَلَى وَجْهَيْنِ) . وَكَذَا لَوْ نَالَهُ شَيْءٌ يَسِيرٌ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْكَافِي، وَالْمُغْنِي، وَالْخُلَاصَةِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا، فَالْمُحَرَّرِ، وَالشَّرْحِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالْفَائِقِ، وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ، أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ، قَالَ الْقَاضِي: هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ. وَنَصَرَهُ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرِينَ. قَالَ فِي الْمُنَوِّرِ: وَيَجُوزُ لِمَطَرٍ يَبُلُّ الثِّيَابَ لَيْلًا. وَجَزَمَ بِهِ فِي النَّظْمِ، وَنِهَايَةِ ابْنِ رَزِينٍ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالنَّظْمِ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَجُوزُ. اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ. وَصَحَّحَهُ فِي الْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْعُمْدَةِ، كَمَا تَقَدَّمَ. وَقِيلَ: يَجُوزُ الْجَمْعُ هُنَا لِمَنْ خَافَ فَوْتَ مَسْجِدٍ أَوْ جَمَاعَةٍ جَمَعَ. قَالَ الْمَجْدُ: هَذَا أَصَحُّ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِفَادَاتِ، وَالْحَاوِيَيْنِ. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، مَعَ أَنَّهُمْ أَطْلَقُوا الْخِلَافَ فِي غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ كَمَا تَقَدَّمَ. وَقَدَّمَ أَبُو الْمَعَالِي يَجْمَعُ الْإِمَامُ. وَاحْتَجَّ بِفِعْلِهِ عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ.

فَائِدَةٌ: لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ لِعُذْرٍ مِنْ الْأَعْذَارِ سِوَى مَا تَقَدَّمَ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: جَوَازَ الْجَمْعِ لِتَحْصِيلِ الْجَمَاعَةِ، وَلِلصَّلَاةِ فِي حَمَّامٍ مَعَ جَوَازِهَا فِيهِ خَوْفَ فَوْتِ الْوَقْتِ، وَلِخَوْفٍ يَخْرُجُ فِي تَرْكِهِ أَيُّ مَشَقَّةٍ.

ص: 339

قَوْلُهُ (وَيَفْعَلُ الْأَرْفَقَ بِهِ: مِنْ تَأْخِيرِ الْأُولَى إلَى وَقْتِ الثَّانِيَةِ، أَوْ تَقَدُّمُ الثَّانِيَةِ إلَيْهَا) . هَذَا أَحَدُ الْأَقْوَالِ مُطْلَقًا. اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَقَالَ: هُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ الْمَنْصُوصِ عَنْ أَحْمَدَ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا وَقِيلَ: يَفْعَلُ الْمَرِيضُ الْأَرْفَقَ بِهِ، مِنْ التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ، وَهُوَ أَفْضَلُ، ذَكَرَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَصَاحِبُ الْفَائِقِ، وَالْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُمْ. زَادَ الْمُصَنِّفُ: فَإِنْ اسْتَوَيَا عِنْدَهُ، فَالْأَفْضَلُ التَّأْخِيرُ. وَقَالَ ابْنُ رَزِينٍ: وَيَفْعَلُ الْأَرْفَقَ إلَّا فِي جَمْعِ الْمَطَرِ. فَإِنَّ التَّقْدِيمَ أَفْضَلُ. وَعَنْهُ جَمْعُ التَّأْخِيرِ أَفْضَلُ. جَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْإِفَادَاتِ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَالنَّظْمِ، وَالْحَوَاشِي. وَقَالَ: ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ. قَالَ الشَّارِحُ: لِأَنَّهُ أَحْوَطُ. وَفِيهِ خُرُوجٌ مِنْ الْخِلَافِ، وَعَمَلًا بِالْأَحَادِيثِ كُلِّهَا. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: الْمَنْصُوصُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ أَنَّ جَمْعَ التَّأْخِيرِ أَفْضَلُ. ذَكَرَهُ فِي جَمْعِ السَّفَرِ. وَقَالَ فِي رَوْضَةِ الْفِقْهِ: الْأَفْضَلُ فِي جَمْعِ الْمَطَرِ: التَّأْخِيرُ. وَقِيلَ: جَمْعُ التَّأْخِيرِ أَفْضَلُ فِي السَّفَرِ دُونَ الْحَضَرِ. جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْخُلَاصَةِ. وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ فِي حَقِّ الْمُسَافِرِ. وَقَالَ: نَصَّ عَلَيْهِ، وَقَالَ الْآمِدِيُّ: إنْ كَانَ سَائِرًا فَالْأَفْضَلُ التَّأْخِيرُ، وَإِنْ كَانَ فِي الْمَنْزِلِ فَالْأَفْضَلُ التَّقْدِيمُ. وَقَالَ فِي الْمُذْهَبِ: الْأَفْضَلُ فِي حَقِّ مَنْ يُرِيدُ الِارْتِحَالَ فِي وَقْتِ الْأُولَى، وَلَا يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ النُّزُولُ فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ: أَنْ يُقَدِّمَ الثَّانِيَةَ. وَفِي غَيْرِ هَذِهِ الْحَالَةِ الْأَفْضَلُ تَأْخِيرُ الْأُولَى إلَى دُخُولِ وَقْتِ الثَّانِيَةِ. انْتَهَى. وَقِيلَ: جَمْعُ التَّقْدِيمِ أَفْضَلُ مُطْلَقًا. وَقِيلَ: جَمْعُ التَّقْدِيمِ أَفْضَلُ فِي جَمْعِ الْمَطَرِ، نَقَلَهُ الْأَثْرَمُ، وَجَمْعُ التَّأْخِيرِ أَفْضَلُ فِي غَيْرِهِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي، وَالْحَاوِيَيْنِ. وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَالرِّعَايَتَيْنِ.

ص: 340

وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: فِي جَوَازِ الْجَمْعِ لِلْمَطَرِ فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ وَجْهَانِ، لِأَنَّا لَا نَثِقُ بِدَوَامِهِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْهُ. قُلْت: ذَكَرَ فِي الْمُبْهِجِ وَجْهًا بِأَنَّهُ لَا يَجْمَعُ مُؤَخَّرًا بِعُذْرٍ الْمَطَرِ. نَقَلَهُ ابْنُ تَمِيمٍ. وَقَالَ: هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ. وَظَاهِرُ الْفُرُوعِ: إطْلَاقُ هَذِهِ الْأَقْوَالِ. فَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يَفْعَلُ الْأَرْفَقَ بِهِ عِنْدَهُ: فَلَوْ اسْتَوَيَا، فَقَالَ فِي الْكَافِي، وَابْنُ مُنَجَّا فِي شَرْحِهِ: الْأَفْضَلُ التَّأْخِيرُ فِي الْمَرَضِ، وَفِي الْمَطَرِ التَّقْدِيمُ، وَتَقَدَّمَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي الْمَرَضِ.

قَوْلُهُ (وَلِلْجَمْعِ فِي وَقْتِ الْأُولَى ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ: نِيَّةُ الْجَمْعِ) يَعْنِي أَحَدَهَا: نِيَّةُ الْجَمْعِ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَقِيلَ: لَا تُشْتَرَطُ النِّيَّةُ لِلْجَمْعِ. اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ. وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ. وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ، وَالْمُسْتَوْعِبُ. وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ. قَوْلُهُ (عِنْدَ إحْرَامِهَا) الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَأْتِيَ بِالنِّيَّةِ عِنْدَ إحْرَامِ الصَّلَاةِ الْأُولَى، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. (وَيُحْتَمَلُ أَنْ تُجْزِئَهُ النِّيَّةُ قَبْلَ سَلَامِهَا) وَهُوَ وَجْهٌ، اخْتَارَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ. قَالَ فِي الْمُذْهَبِ: وَفِي وَقْتِ نِيَّةِ الْجَمْعِ هَذِهِ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: أَنَّهُ يَنْوِي الْجَمْعَ فِي أَيِّ جَزْءٍ مِنْ الصَّلَاةِ الْأُولَى، مِنْ حِينِ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ إلَى أَنْ يُسَلِّمَ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ. وَقِيلَ: تُجْزِئُهُ النِّيَّةُ بَعْدَ السَّلَامِ مِنْهَا، وَقَبْلَ إحْرَامِ الثَّانِيَةِ. ذَكَرَهُ ابْنُ تَمِيمٍ عَنْ أَبِي الْحُسَيْنِ. وَقِيلَ: تُجْزِئُهُ النِّيَّةُ عِنْدَ إحْرَامِ الثَّانِيَةِ. اخْتَارَهُ فِي الْفَائِقِ. وَقِيلَ: مَحَلُّ النِّيَّةِ إحْرَامُ الثَّانِيَةِ، لَا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ. ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ. وَجَزَمَ فِي التَّرْغِيبِ بِاشْتِرَاطِ النِّيَّةِ عِنْدَ إحْرَامِ الْأُولَى وَإِحْرَامِ الثَّانِيَةِ أَيْضًا. قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَمَتَى قُلْنَا:

ص: 341

مَحَلُّ النِّيَّةِ الْأُولَى، فَهَلْ تَجِبُ فِي الثَّانِيَةِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، وَقَالَ فِي الْحَوَاشِي: وَمَتَى قُلْنَا مَحَلُّ النِّيَّةِ الْأُولَى: لَمْ تَجِبْ فِي الثَّانِيَةِ. وَقِيلَ: تَجِبُ.

قَوْلُهُ (وَأَنْ لَا يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا إلَّا بِقَدْرِ الْإِقَامَةِ وَالْوُضُوءِ) اعْلَمْ أَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ أَنَّهُ تُشْتَرَطُ الْمُوَالَاةُ فِي الْجَمْعِ فِي وَقْتِ الْأُولَى. وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ عَدَمَ اشْتِرَاطِ الْمُوَالَاةِ. وَأَخَذَهُ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ، وَالْمَرُّوذِيِّ " لِلْمُسَافِرِ أَنْ يُصَلِّيَ الْعِشَاءَ قَبْلَ مَغِيبِ الشَّفَقِ " وَعَلَّلَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الْجَمْعُ. وَأَخَذَهُ أَيْضًا: مِنْ نَصِّهِ فِي جَمْعِ الْمَطَرِ إذَا صَلَّى إحْدَاهُمَا فِي بَيْتِهِ، وَالصَّلَاةُ الْأُخْرَى فِي الْمَسْجِدِ، فَلَا بَأْسَ.

تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ " وَأَنْ لَا يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا إلَّا بِقَدْرِ الْإِقَامَةِ وَالْوُضُوءِ " هَكَذَا قَالَ كَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ، مِنْهُمْ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالْفَائِقِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. زَادَ جَمَاعَةٌ فَقَالُوا: لَا يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا إلَّا بِقَدْرِ الْإِقَامَةِ وَالْوُضُوءِ إذَا أَحْدَثَ. وَالتَّكْبِيرِ فِي أَيَّامِ الْعِيدِ، أَوْ ذِكْرٍ يَسِيرٍ، مِنْهُمْ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ فِيهَا. وَهُوَ قَوْلٌ فِي الرِّعَايَةِ.

وَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ: الْمَرْجِعُ فِي الْيَسِيرِ وَالْكَثِيرِ إلَى الْعُرْفِ. لَا حَدَّ لَهُ سِوَى ذَلِكَ. قَالَ: وَقَدَّرَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا بِقَدْرِ الْإِقَامَةِ وَالْوُضُوءِ. وَالصَّحِيحُ: أَنَّهُ لَا حَدَّ لَهُ، وَقَدَّمَ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُغْنِي، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَحَوَاشِي ابْنِ مُفْلِحٍ. قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَتَبِعَهُ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: وَالْمَرْجِعُ فِي طُولِهِ إلَى الْعُرْفِ وَإِنَّمَا قَرُبَ تَحْدِيدُهُ بِالْإِقَامَةِ وَالْوُضُوءِ. لِأَنَّ هَذَا هُوَ مَحَلُّ الْإِقَامَةِ، وَقَدْ يَحْتَاجُ إلَى الْوُضُوءِ فِيهِ. وَهُمَا مِنْ مَصَالِحِ الصَّلَاةِ. وَلَا تَدْعُو الْحَاجَةُ غَالِبًا إلَى غَيْرِ ذَلِكَ،

ص: 342

وَلَا إلَى أَكْثَرِ مِنْ زَمَنِهِ. انْتَهَيَا. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ. قَالَ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ: وَهُوَ أَقْيَسُ، وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَإِنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا عُرْفًا، أَوْ أَزْيَدَ مِنْ قَدْرِ وُضُوءٍ مُعْتَادٍ، أَوْ إقَامَةِ صَلَاةٍ: بَطَلَ. وَاعْتَبَرَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ الْمُوَالَاةُ. وَقَالَ: مَعْنَاهَا أَنْ لَا يَفْصِلَ بَيْنَهُمَا بِصَلَاةٍ وَلَا كَلَامٍ، لِئَلَّا يَزُولَ مَعْنَى الِاسْمِ. وَهُوَ الْجَمْعُ. وَقَالَ أَيْضًا: إنْ سَبَقَهُ الْحَدَثُ فِي الثَّانِيَةِ وَقُلْنَا: تَبْطُلُ بِهِ فَتَوَضَّأَ أَوْ اغْتَسَلَ وَلَمْ يُطِلْ، فَفِي بُطْلَانِ جُمْعِهِ احْتِمَالَانِ، وَحَكَى الْقَاضِي فِي شَرْحِهِ الصَّغِيرِ وَجْهًا: أَنَّ الْجَمْعَ يُبْطِلُهُ التَّفْرِيقُ الْيَسِيرُ. فَعَلَى الْأَوَّلِ، قَالَ فِي النُّكَتِ: هَذَا إذَا كَانَ الْوُضُوءُ خَفِيفًا. فَأَمَّا مَنْ طَالَ وُضُوءُهُ، بِأَنْ يَكُونُ الْمَاءُ مِنْهُ عَلَى بُعْدٍ، بِحَيْثُ يَطُولُ الزَّمَانُ. فَإِنَّهُ يَبْطُلُ جَمْعُهُ. انْتَهَى. وَفِي كَلَامِ الرِّعَايَةِ الْمُتَقَدِّمِ إيمَاءٌ إلَيْهِ. وَقَطَعَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ.

قَوْلُهُ (فَإِنْ صَلَّى السُّنَّةَ بَيْنَهُمَا)(بَطَلَ الْجَمْعُ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ) وَهِيَ الْمَذْهَبُ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالنَّظْمِ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَالْفَائِقِ، وَالزَّرْكَشِيُّ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْإِفَادَاتِ، وَالْمُنَوِّرِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالْمُغْنِي، وَالْمُحَرَّرِ، وَالشَّرْحِ، وَحَوَاشِي ابْنِ مُفْلِحٍ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا تَبْطُلُ كَمَا لَوْ تَيَمَّمَ. قَالَ الطُّوفِيُّ فِي شَرْحِ الْخِرَقِيِّ: أَظْهَرُ الْقَوْلِ دَلِيلًا عَلَى عَدَمِ الْبُطْلَانِ إلْحَاقًا لِلسُّنَّةِ الرَّاتِبَةِ بِجُزْءٍ مِنْ الصَّلَاةِ لِتَأَكُّدِهَا. وَأَمَّا صَلَاةُ غَيْرِ الرَّاتِبَةِ: فَيَبْطُلُ الْجَمْعُ عِنْدَ الْأَكْثَرِ. وَقَطَعُوا بِهِ، وَقَالَ فِي الِانْتِصَارِ: يَجُوزُ التَّنَفُّلُ أَيْضًا بَيْنَهُمَا. وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: لَا بَأْسَ أَنْ يَتَطَوَّعَ بَيْنَهُمَا قَالَ الْقَاضِي فِي الْخِلَافِ: رِوَايَةُ أَبِي طَالِبٍ تَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ الْجَمْعِ، وَإِنْ لَمْ تَحْصُلْ الْمُوَالَاةُ. وَتَقَدَّمَ أَنَّ الشَّيْخَ تَقِيَّ الدِّينِ لَا يَشْتَرِطُ الْمُوَالَاةَ فِي الْجَمْعِ.

ص: 343

وَأَطْلَقَ الرِّوَايَتَيْنِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْكَافِي، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ، وَابْنِ تَمِيمٍ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ.

تَنْبِيهٌ: مَحَلُّ الْخِلَافِ: إذَا لَمْ يُطِلْ الصَّلَاةَ. فَإِنْ أَطَالَهَا بَطَلَ الْجَمْعُ، رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ، قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ، وَتَقَدَّمَ نَظِيرُهُ فِي الْوُضُوءِ.

فَائِدَةٌ: يُصَلِّي سُنَّةَ الظُّهْرِ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ.، قَالَهُ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ. وَقِيلَ: إنْ جَمَعَ فِي وَقْتِ الْعَصْرِ لَمْ يَجُزْ، وَإِلَّا جَازَ، لِبَقَاءِ الْوَقْتِ إذَنْ [وَيُصَلِّي فِي جَمْعٍ، وَلِتَقْدِيمِ سُنَّةِ الْعِشَاءِ بَعْدَ سُنَّةِ الْمَغْرِبِ، عَلَى الصَّحِيحِ، وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: الْأَشْبَهُ عِنْدِي: أَنْ يُؤَخِّرَهَا إلَى دُخُولِ وَقْتِ الْعِشَاءِ. وَذَكَرَ الْأَوَّلَ احْتِمَالًا] .

قَوْلُهُ (وَأَنْ يَكُونَ الْعُذْرُ مَوْجُودًا عِنْدَ افْتِتَاحِ الصَّلَاتَيْنِ، وَسَلَامِ الْأُولَى) . هَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْكَافِي، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالْإِفَادَاتِ، وَالْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ، وَالْفَائِقِ، وَالشَّرْحِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَشَرْحِ الْمَجْدِ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَحَوَاشِي ابْنِ مُفْلِحٍ، وَغَيْرِهِمْ. قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَسَوَاءٌ قُلْنَا بِاعْتِبَارِ نِيَّةِ الْجَمْعِ أَمْ لَا. وَقِيلَ: لَا يُشْتَرَطُ وُجُودُ الْعُذْرِ عِنْدَ سَلَامِ الْأُولَى. قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: لَا أَثَرَ لِانْقِطَاعِهِ عِنْدَ سَلَامِ الْأُولَى إذَا عَادَ قَبْلَ طُولِ الْفَصْلِ. وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ. وَقِيلَ: يُشْتَرَطُ وُجُودُ الْعُذْرِ فِي جَمِيعِ الصَّلَاةِ الْأُولَى. اخْتَارَهُ صَاحِبُ التَّبْصِرَةِ.

فَوَائِدُ. مِنْهَا: لَوْ أَحْرَمَ بِالْأُولَى مَعَ قِيَامِ الْمَطَرِ، ثُمَّ انْقَطَعَ، وَلَمْ يَعُدْ. فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ وَحَلَّ بَطَلَ الْجَمْعُ، وَإِلَّا إنْ حَصَلَ مِنْهُ وَحَلَّ وَقُلْنَا: يَجُوزُ الْجَمْعُ لِأَجْلِهِ لَمْ

ص: 344

تَبْطُلُ. جَزَمَ بِهِ ابْنُ تَمِيمٍ، وَابْنُ مُفْلِحٍ فِي حَوَاشِيهِ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَإِنْ حَصَلَ بِهِ وَحَلَّ، فَوَجْهَانِ، انْتَهَى. وَلَوْ شَرَعَ فِي الْجَمْعِ مُسَافِرٌ لِأَجْلِ السَّفَرِ. فَزَالَ سَفَرُهُ وَوُجِدَ وَحْلٌ أَوْ مَرَضٌ أَوْ مَطَرٌ، بَطَلَ الْجَمْعُ.

وَمِنْهَا: يُعْتَبَرُ بَقَاءُ السَّفَرِ وَالْمَرَضِ، حَتَّى يَفْرُغُ مِنْ الثَّانِيَةِ. فَلَوْ قَدِمَ فِي أَثْنَائِهَا أَوْ صَحَّ، أَوْ أَقَامَ. بَطَلَ الْجَمْعُ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. كَالْقَصْرِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْعُمْدَةِ. فَقَالَ: وَاسْتِمْرَارُ الْعُذْرِ حَتَّى يَشْرَعَ فِي الثَّانِيَةِ فَيُتِمُّهَا نَفْلًا، وَقِيلَ: تَبْطُلُ. وَقِيلَ: لَا يَبْطُلُ الْجَمْعُ. كَانْقِطَاعِ الْمَطَرِ فِي الْأَشْهَرِ. وَالْفَرْقُ: أَنَّ نَتِيجَةَ الْمَطَرِ وَحْلٌ فَتَبِعَهُ. وَهُمَا فِي الْمَعْنَى سَوَاءٌ، قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَقَالَ فِي الْحَوَاشِي: وَالْفَرْقُ أَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ انْقِطَاعُ الْمَطَرِ لِاحْتِمَالِ عَوْدِهِ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ. وَقَدْ يَخْلُفُهُ عُذْرٌ مُبِيحٌ. وَهُوَ الْوَحْلُ. بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا. انْتَهَى.

وَمِنْهَا: ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ ثَلَاثَ شُرُوطٍ، وَبَقِيَ شَرْطٌ رَابِعٌ. وَهُوَ التَّرْتِيبُ، لَكِنْ تَرَكَهُ لِوُضُوحِهِ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ جَمَعَ فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ كَفَاهُ نِيَّةُ الْجَمْعِ فِي وَقْتِ الْأُولَى مَا لَمْ يَضِقْ عَنْ فِعْلِهَا) . هَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ، قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ. قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: هَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، قَالَ الشَّارِحُ: مَتَى جَمَعَ فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ الْجَمْعِ فِي وَقْتِ الْأُولَى. وَمَوْضِعُهَا فِي وَقْتِ الْأُولَى: مِنْ أَوَّلِهِ إلَى أَنْ يَبْقَى مِنْهُ قَدْرُ مَا يُصَلِّيهَا. هَكَذَا ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا. انْتَهَى. وَقَالَ الْمَجْدُ: وَإِنْ جَمَعَ فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ: اُشْتُرِطَتْ نِيَّةُ الْجَمْعِ قَبْلَ أَنْ يَبْقَى مِنْ وَقْتِ الْأُولَى بِقَدْرِهَا، لِفَوَاتِ فَائِدَةِ الْجَمْعِ. وَهُوَ التَّخْفِيفُ بِالْمُقَارَنَةِ بَيْنَهُمَا. وَقَالَهُ غَيْرُهُ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَابْنُ تَمِيمٍ. وَقِيلَ: يَصِحُّ وَلَوْ بَقِيَ قَدْرُ تَكْبِيرَةٍ مِنْ وَقْتِهَا أَوْ رَكْعَةٍ. قَالَ ابْنُ الْبَنَّا فِي

ص: 345

الْعُقُودِ: وَقْتُ النِّيَّةِ إذَا أَخَّرَ مِنْ زَوَالِ الشَّمْسِ أَوْ غُرُوبِهَا إلَى أَنْ يَبْقَى مِنْ وَقْتِ الْأُولَى قَدْرُ مَا يَنْوِيهَا فِيهِ. لِأَنَّهُ بِهِ يَكُونُ مُدْرِكًا لَهَا أَدَاءً.

قَوْلُهُ (وَاسْتِمْرَارُ الْعُذْرِ إلَى دُخُولِ وَقْتِ الثَّانِيَةِ مِنْهُمَا) . لَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا. قَوْلُهُ (وَلَا يُشْتَرَطُ غَيْرُ ذَلِكَ) . مُرَادُهُ غَيْرُ التَّرْتِيبِ. فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ بَيْنَهُمَا مُطْلَقًا، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَجَعَلَهُ فِي الْكَافِي، وَالْمُغْنِي، وَنِهَايَةِ أَبِي الْمَعَالِي: أَصْلًا لِمَنْ قَالَ بِعَدَمِ سُقُوطِ التَّرْتِيبِ بِالنِّسْيَانِ فِي قَضَاءِ الْفَوَائِتِ. قَالَ فِي النُّكَتِ: فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمَذْهَبَ لَا يَسْقُطُ بِالنِّسْيَانِ. وَقِيلَ: يَسْقُطُ التَّرْتِيبُ بِالنِّسْيَانِ. لِأَنَّ إحْدَاهُمَا هُنَا تَبَعٌ لِاسْتِقْرَارِهِمَا. كَالْفَوَائِتِ. وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَالْفَائِقُ. قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَتَبِعَهُ الزَّرْكَشِيُّ: التَّرْتِيبُ مُعْتَبَرٌ هُنَا، لَكِنْ بِشَرْطِ الذِّكْرِ، كَتَرْتِيبِ الْفَوَائِتِ. وَوَجَّهَ فِي الْفُرُوعِ مِنْهَا تَخْرِيجًا بِالسُّقُوطِ مُطْلَقًا. وَقِيلَ: وَيَسْقُطُ التَّرْتِيبُ أَيْضًا بِضِيقِ وَقْتِ الثَّانِيَةِ، كَفَائِتَةٍ مَعَ مُؤَدَّاةٍ، وَإِنْ كَانَ الْوَقْتُ لَهَا أَدَاءً، قَالَهُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ.

تَنْبِيهٌ: أَخْرَجَ بِقَوْلِهِ (وَلَا يُشْتَرَطُ غَيْرُ ذَلِكَ) الْمُوَالَاةُ. فَلَا تُشْتَرَطُ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَقِيلَ: تُشْتَرَطُ. فَيَأْثَمُ بِالتَّأْخِيرِ عَمْدًا، وَتَكُونُ الْأُولَى قَضَاءً. وَلَا يَقْصُرُهَا الْمُسَافِرُ. وَقَدَّمَ أَبُو الْمَعَالِي: أَنَّهُ لَا يَأْثَمُ بِهِ، وَأَمَّا الصَّلَاةُ: فَصَحِيحَةٌ بِكُلِّ حَالٍ. كَمَا لَوْ صَلَّى الْأُولَى فِي وَقْتِهَا مَعَ نِيَّةِ الْجَمْعِ، ثُمَّ تَرَكَهُ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ: لَا بَأْسَ بِالتَّطَوُّعِ بَيْنَهُمَا. نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَنْهُ مَنْعُهُ.

فَائِدَةٌ: لَا يُشْتَرَطُ اتِّخَاذُ الْإِمَامِ وَلَا الْمَأْمُومِ فِي صِحَّةِ الْجَمْعِ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ

ص: 346