المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب سجود السهو] - الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف - ت الفقي - جـ ٢

[المرداوي]

الفصل: ‌[باب سجود السهو]

قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: فَكُلُّ صُورَةٍ، أَوْ صِفَةٍ لِفِعْلٍ أَوْ قَوْلٍ: فَهِيَ هَيْئَةٌ قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: وَالْهَيْئَاتُ هِيَ صُوَرُ الْأَفْعَالِ وَحَالَاتُهَا فَمُرَادُهُمْ بِذَلِكَ سُنَنُ الْأَفْعَالِ. [وَقَدْ عَدَّهَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَالْمُذْهَبِ، وَغَيْرِهِمْ، وَهِيَ تَشْمَلُ سُنَنَ الْأَفْعَالِ وَغَيْرِهَا، وَقَدْ تَكُونُ رُكْنًا كَالطُّمَأْنِينَةِ، ذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ، وَعَدَّ فِيهَا: أَنَّ مِنْ الْهَيْئَاتِ الْجَهْرَ وَالْإِخْفَاتَ، وَعَدَّهُمَا الْمُصَنِّفُ فِي سُنَنِ الْأَقْوَالِ. كَمَا تَقَدَّمَ] .

[بَابُ سُجُودِ السَّهْوِ]

ِ قَوْلُهُ (وَلَا يُشْرَعُ فِي الْعَمْدِ) هَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَبَنَى الْحَلْوَانِيُّ سُجُودَهُ لِتَرْكِ سُنَّةٍ عَلَى كَفَّارَةِ قَتْلِ الْعَمْدِ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَقِيلَ يَسْجُدُ لِعَمْدٍ، مَعَ صِحَّةِ صَلَاتِهِ.

تَنْبِيهَاتٌ أَحَدُهَا: يُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ (وَيُشْرَعُ لِلسَّهْوِ فِي زِيَادَةٍ وَنَقْصٍ وَشَكٍّ لِلنَّافِلَةِ، وَالْفَرْضِ) سِوَى صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَسُجُودِ التِّلَاوَةِ فَلَا يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ فِيهِمَا، قَالَهُ الْأَصْحَابُ.

زَادَ ابْنُ تَمِيمٍ، وَابْنُ حَمْدَانَ، وَغَيْرُهُمَا: وَسُجُودِ الشُّكْرِ، وَكَذَا لَا يَسْجُدُ إذَا سَهَا فِي سَجْدَتَيْ السَّهْوِ نَصَّ عَلَيْهِ، وَكَذَا إذَا سَهَا بَعْدَهُمَا، وَقِيلَ: سَلَامُهُ فِي السُّجُودِ بَعْدَ السَّلَامِ، لِأَنَّهُ فِي الْجَائِزِ فَأَمَّا سَهْوُهُ فِي سُجُودِ السَّهْوِ قَبْلَ السَّلَامِ: فَلَا يَسْجُدُ لَهُ أَيْضًا فِي أَقْوَى الْوَجْهَيْنِ، قَالَهُ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَالنُّكَتِ قَالَ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ: وَلَوْ سَهَا بَعْدَ سُجُودِ السَّهْوِ لَمْ يَسْجُدْ لِذَلِكَ، وَقَطَعَا بِهِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَسْجُدُ لَهُ، وَأَطْلَقَهُمَا الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَالْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ،

ص: 123

وَكَذَا لَا يَسْجُدُ لِحَدِيثِ النَّفْسِ، وَلَا لِلنَّظَرِ إلَى شَيْءٍ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَنْهُ أَنَّهُ يَسْجُدُ، وَقَالَ: لَخَّصْت ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ.

الثَّانِي: ظَاهِرُ قَوْلِهِ (فَأَمَّا الزِّيَادَةُ: فَمَتَى زَادَ فِعْلًا مِنْ جِنْسِ الصَّلَاةِ قِيَامًا أَوْ قُعُودًا، أَوْ رُكُوعًا أَوْ سُجُودًا، عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ كَانَ سَهْوًا سَجَدَ لَهُ) أَنَّهُ لَوْ جَلَسَ سَهْوًا فِي مَحَلِّ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ بِمِقْدَارِهَا: أَنَّهُ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ، وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ وَالصَّحِيحُ مِنْهُمَا صَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّارِحُ فِي مَوْضِعٍ، وَفِي آخَرَ: ظَاهِرُهُ إطْلَاقُ الْخِلَافِ وَصَحَّحَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَقَالَ: هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي الْخَطَّابِ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَلْزَمُهُ السُّجُودُ، وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْمُغْنِي قَالَ فِي الْحَاوِيَيْنِ: وَهُوَ أَصَحُّ عِنْدِي قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: إنْ كَانَ جُلُوسُهُ يَسِيرًا فَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ قَالَ فِي التَّلْخِيصِ: هَذَا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ، وَلَا وَجْهَ لِمَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي، إلَّا إذَا قُلْنَا تُجْبَرُ الْهَيْئَاتُ بِالسُّجُودِ. انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ، وَابْنُ تَمِيمٍ.

الثَّالِثُ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ: أَنَّهُ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ وَغَيْرِهَا فِي شِدَّةِ الْخَوْفِ وَغَيْرِهَا، وَقَالَ فِي الْفَائِقِ: وَلَا سُجُودَ لِسَهْوٍ فِي الْخَوْفِ، قَالَهُ بَعْضُهُمْ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ. قُلْت: فَيُعَايَى بِهَا لَكِنْ لَمْ أَرَ أَحَدًا مِنْ الْأَصْحَابِ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي شِدَّةِ الْخَوْفِ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِقَوَاعِدِ الْمَذْهَبِ، وَيَأْتِي أَحْكَامُ سُجُودِ السَّهْوِ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ إذَا لَمْ يَشْتَدَّ فِي الْوَجْهِ الثَّانِي، وَتَقَدَّمَ سُجُودُ السَّهْوِ لِلنَّفْلِ إذَا صَلَّى عَلَى الرَّاحِلَةِ فِي اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ.

ص: 124

الرَّابِعُ: قَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى وَمَنْ تَبِعَهُ: مَنْ كَثُرَ مِنْهُ السَّهْوُ، حَتَّى صَارَ كَالْوَسْوَاسِ فَإِنَّهُ يَلْهُو عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ يَخْرُجُ بِهِ إلَى نَوْعِ مُكَابَرَةٍ فَيَقْضِي إلَى الزِّيَادَةِ فِي الصَّلَاةِ مَعَ تَيَقُّنِ إتْمَامِهَا وَنَحْوِهِ فَوَجَبَ اطِّرَاحُهُ، وَكَذَا فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ وَإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ نَحْوُهُ] قَوْلُهُ (وَإِنْ سَبَّحَ بِهِ اثْنَانِ لَزِمَهُ الرُّجُوعُ) يَعْنِي إذَا كَانَا ثِقَتَيْنِ، هَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، سَوَاءٌ قُلْنَا: يَعْمَلُ بِغَلَبَةِ ظَنِّهِ أَوْ لَا، وَعَنْهُ يُسْتَحَبُّ الرُّجُوعُ فَيَعْمَلُ بِيَقِينِهِ أَوْ بِالتَّحَرِّي، وَذَكَرَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ فِي الْفَاسِقِ احْتِمَالًا يَرْجِعُ إلَى قَوْلِهِ، إنْ قُلْنَا يَصِحُّ أَذَانُهُ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَفِيهِ نَظَرٌ، وَقِيلَ: إنْ قُلْنَا يَبْنِي عَلَى غَلَبَةِ ظَنِّهِ رَجَعَ، وَإِلَّا فَلَا اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ، ذَكَرَهُ فِي الْقَاعِدَةِ الَّتِي قَبْلَ الْأَخِيرَةِ.

تَنْبِيهَاتٌ. الْأَوَّلُ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَصْحَابِ: أَنَّهُ رَجَعَ إلَى ثِقَتَيْنِ، وَلَوْ ظَنَّ خَطَأَهُمَا، وَهُوَ صَحِيحٌ جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَالْفَائِقِ، وَقَالَ: نَصَّ عَلَيْهِ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ قَالَ: وَيُتَوَجَّهُ تَخْرِيجٌ وَاحْتِمَالٌ مِنْ الْحُكْمِ مَعَ الرِّيبَةِ، يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الرُّجُوعُ إذَا ظَنَّ خَطَأَهُمَا. الثَّانِي: مَفْهُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ: أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الرُّجُوعُ إذَا سَبَّحَ بِهِ وَاحِدٌ، وَهُوَ صَحِيحٌ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَأَطْلَقَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ، وَقِيلَ: يَرْجِعُ إلَى ثِقَةٍ فِي زِيَادَةٍ فَقَطْ وَاخْتَارَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ: يَجُوزُ رُجُوعُهُ إلَى وَاحِدٍ يَظُنُّ صِدْقَهُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْفَائِقِ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَلَعَلَّ الْمُرَادَ مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ يَعْنِي بِهِ الْمُصَنِّفَ إنْ ظَنَّ صِدْقَهُ عَمِلَ بِظَنِّهِ لَا بِتَسْبِيحِهِ.

الثَّالِثُ: مَحَلُّ قَبُولِ الثِّقَتَيْنِ وَالْوَاحِدِ إذَا قُلْنَا يَقْبَلُ إذَا لَمْ يَتَيَقَّنْ صَوَابَ نَفْسِهِ

ص: 125

فَإِنْ تَيَقَّنَ صَوَابَ نَفْسِهِ لَمْ يَرْجِعْ إلَى قَوْلِهِمْ، وَلَوْ كَثُرُوا. هَذَا جَادَّةُ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: يَرْجِعُ إلَى قَوْلِهِمْ، وَلَوْ تَيَقَّنَ صَوَابَ نَفْسِهِ قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ قَالَ فِي الْفَائِقِ: وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَذَكَرَهُ الْحَلْوَانِيُّ رِوَايَةً كَحُكْمِهِ بِشَاهِدَيْنِ وَتَرْكِهِ يَقِينَ نَفْسِهِ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَهَذَا سَهْوٌ، وَهُوَ خِلَافُ مَا جَزَمَ بِهِ الْأَصْحَابُ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مَا قَالَهُ الْقَاضِي بِتَرْكِ الْإِمَامِ الْيَقِينَ، وَمُرَادُهُ الْأَصْلُ قَالَ: كَالْحَاكِمِ يَرْجِعُ إلَى الشُّهُودِ وَيَتْرُكُ الْأَصْلَ وَالْيَقِينَ، وَهُوَ بَرَاءَةُ الذِّمَمِ، وَكَذَا شَهَادَتُهُمَا بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ يَرْجِعُ إلَيْهِمَا وَيَتْرُكُ الْيَقِينَ وَالْأَصْلَ، وَهُوَ بَقَاءُ الشَّهْرِ.

الرَّابِعُ: قَدْ يُقَالُ: شَمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ الْمُصَلِّيَ وَحْدَهُ، وَأَنَّهُ كَالْإِمَامِ فِي تَنْبِيهِهِ، وَهُوَ صَحِيحٌ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ فَحَيْثُ قُلْنَا: يَرْجِعُ الْإِمَامُ إلَى الْمُنَبِّهِ: يَرْجِعُ الْمُنْفَرِدُ إذَا نُبِّهَ قَالَ الْقَاضِي: هُوَ الْأَشْبَهُ بِكَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَقِيلَ: لَا يَرْجِعُ الْمُنْفَرِدُ، وَإِنْ رَجَعَ الْإِمَامُ؛ لِأَنَّ مَنْ فِي الصَّلَاةِ أَشَدَّ تَحَفُّظًا، وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ، الْخَامِسُ: قَالَ فِي الْفُرُوعِ: ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ: أَنَّ الْمَرْأَةَ كَالرَّجُلِ فِي هَذَا، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ فِي تَنْبِيهِهَا فَائِدَةٌ، وَلَمَا كُرِهَ تَنْبِيهًا بِالتَّسْبِيحِ وَنَحْوِهِ، وَقَدْ ذَكَرَهُ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ احْتِمَالًا لَهُ وَقَوَّاهُ وَنَصَرَهُ، وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيُتَوَجَّهُ فِي الْمُمَيِّزِ خِلَافُهُ وَكَلَامُهُمْ ظَاهِرٌ فِيهِ.

السَّادِسُ: لَوْ اخْتَلَفَ عَلَيْهِ مِنْ يُنَبِّهُهُ سَقَطَ قَوْلُهُمْ، وَلَمْ يَرْجِعْ إلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَنَقَلَهُ الْمَرُّوذِيُّ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَاخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالْفَائِقِ،

ص: 126

وَقِيلَ: يَعْمَلُ بِقَوْلِ مُوَافِقِهِ قَالَ فِي الْوَسِيلَةِ: هُوَ أَشْبَهُ بِالْمَذْهَبِ وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي جَعْفَرٍ، وَقِيلَ: يَعْمَلُ بِقَوْلِ مُخَالِفِهِ اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ، قَالَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، [السَّابِعُ: يَلْزَمُ الْمَأْمُومِينَ تَنْبِيهُ الْإِمَامِ إذَا سَهَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ فَلَوْ تَرَكُوهُ فَالْقِيَاسُ فَسَادُ صَلَاتِهِمْ] قَوْلُهُ (فَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَصَلَاةُ مَنْ اتَّبَعَهُ عَالِمًا) عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّ صَلَاةَ مَنْ اتَّبَعَهُ عَالِمًا تَبْطُلُ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، وَعَنْهُ لَا تَبْطُلُ، وَعَنْهُ تَجِبُ مُتَابَعَتُهُ فِي الرَّكْعَةِ، لِاحْتِمَالِ تَرْكِ رُكْنٍ قَبْلَ ذَلِكَ فَلَا يُتْرَكُ بِتَعَيُّنِ الْمُتَابَعَةِ بِالشَّكِّ، وَعَنْهُ يُخَيَّرُ فِي مُتَابَعَتِهِ، وَعَنْهُ يُسْتَحَبُّ مُتَابَعَتُهُ، وَقِيلَ: لَا تَبْطُلُ إلَّا إذَا قُلْنَا: يَبْنِي عَلَى الْيَقِينِ فَأَمَّا إنْ قُلْنَا يَبْنِي عَلَى غَلَبَةِ ظَنِّهِ لَمْ تَبْطُلْ، ذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ قَوْلُهُ (وَإِنْ فَارَقَهُ، أَوْ كَانَ جَاهِلًا لَمْ تَبْطُلْ) يَعْنِي صَلَاتَهُ، وَكَذَا إنْ نَسِيَ، وَهَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، وَعَنْهُ تَبْطُلُ، وَأَطْلَقَ فِي الْفَائِقِ فِيمَا إذَا جَهِلُوا وُجُوبَ الْمُفَارَقَةِ الرِّوَايَتَيْنِ.

فَوَائِدُ. الْأُولَى: تَجِبُ الْمُفَارَقَةُ عَلَى الْمَأْمُومِ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَعَنْهُ يَجِبُ انْتِظَارُهُ، نَقَلَهَا الْمَرُّوذِيُّ وَاخْتَارَهَا ابْنُ حَامِدٍ، وَعَنْهُ يُسْتَحَبُّ انْتِظَارُهُ، وَعَنْهُ يُخَيَّرُ فِي انْتِظَارِهِ كَمَا تَقَدَّمَ التَّخْيِيرُ فِي مُتَابَعَتِهِ.

الثَّانِيَةُ: تَنْعَقِدُ صَلَاةُ الْمَسْبُوقِ مَعَهُ فِيهَا، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْفُرُوعِ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَإِنْ أَدْرَكَ الْمَأْمُومُ رَكْعَةً مِنْ رُبَاعِيَّةٍ، وَقَامَ الْإِمَامُ إلَى خَامِسَةٍ سَهْوًا، فَتَبِعَهُ يَظُنُّهَا رَابِعَةً: انْعَقَدَتْ صَلَاتُهُ فِي الْأَصَحِّ. انْتَهَى.

ص: 127

وَقِيلَ: لَا تَنْعَقِدُ فَعَلَى الْمَذْهَبِ لَا يَعْتَدُّ بِهَذِهِ الرَّكْعَةِ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ نَصَّ عَلَيْهِ جَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِ، وَقَالَ الْقَاضِي وَالْمُصَنِّفُ: يَعْتَدُّ بِهَا، وَتَوَقَّفَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْحَارِثِ وَقَالَ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ وَغَيْرِهِ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَعْتَدَّ بِهَا الْمَسْبُوقُ إنْ صَحَّ اقْتِدَاءُ الْمُفْتَرِضِ بِالْمُتَنَفِّلِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي أَيْضًا وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، الثَّالِثَةُ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ: أَنَّ الْإِمَامَ لَا يَرْجِعُ إلَى فِعْلِ الْمَأْمُومِ، مِنْ قِيَامٍ وَقُعُودٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ، لِلْأَمْرِ بِالتَّنْبِيهِ، وَصَرَّحَ بِهِ بَعْضُهُمْ قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: قَالَهُ شَيْخُنَا، وَتَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيُتَوَجَّهُ تَخْرِيجٌ وَاحْتِمَالٌ، وَفِيهِ نَظَرٌ.

قُلْت: فِعْلُ ذَلِكَ بَعْضِهِمْ مِمَّا يُسْتَأْنَسُ، بِهِ وَيُقَوِّي ظَنَّهُ، وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: إذَا صَلَّى بِقَوْمٍ تَحَرَّى، وَنَظَرَ إلَى مَنْ خَلْفَهُ فَإِنْ قَامُوا تَحَرَّى وَقَامَ، وَإِنْ سَبَّحُوا بِهِ تَحَرَّى وَفَعَلَ مَا يَفْعَلُونَ قَالَ الْقَاضِي فِي الْخِلَافِ: وَيَجِبُ حَمْلُ هَذَا عَلَى أَنَّ لِلْإِمَامِ رَأْيًا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ رَأْيٌ بَنَى عَلَى الْيَقِينِ.

الرَّابِعَةُ: لَوْ نَوَى صَلَاةَ رَكْعَتَيْنِ نَفْلًا وَقَامَ إلَى ثَالِثَةٍ فَالْأَفْضَلُ لَهُ أَنْ يُتِمَّهَا أَرْبَعًا، وَلَا يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ، لِإِبَاحَةِ ذَلِكَ، وَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ وَيَسْجُدَ لِلسَّهْوِ، هَذَا إذَا كَانَ نَهَارًا، وَإِنْ كَانَ لَيْلًا فَرُجُوعُهُ أَفْضَلُ، فَيَرْجِعُ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ نَصَّ عَلَيْهِ فَلَوْ لَمْ يَرْجِعْ فَفِي بُطْلَانِهَا وَجْهَانِ، وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ، وَالْفَائِقِ وَالْمَنْصُوصُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ: أَنَّ حُكْمَ قِيَامِهِ إلَى ثَالِثَةٍ لَيْلًا كَقِيَامِهِ إلَى ثَالِثَةٍ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَقَدَّمَهُ ابْنُ مُفْلِحٍ فِي حَوَاشِيهِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَيَأْتِي مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ عِنْدَ قَوْلِهِ " وَإِنْ تَطَوَّعَ فِي النَّهَارِ بِأَرْبَعٍ فَلَا بَأْسَ " فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ.

ص: 128

قَوْلُهُ (وَالْعَمَلُ الْمُسْتَكْثَرُ فِي الْعَادَةِ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الصَّلَاةِ يُبْطِلُهَا عَمْدُهُ وَسَهْوُهُ) اعْلَمْ أَنَّ الصَّلَاةَ تَبْطُلُ بِالْعَمَلِ الْكَثِيرِ عَمْدًا، بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ، وَتَبْطُلُ بِهِ أَيْضًا سَهْوًا، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، كَمَا جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ، وَحَكَاهُ الشَّارِحُ وَغَيْرُهُ إجْمَاعًا، وَحَكَى بَعْضُ الْأَصْحَابِ فِي سَهْوِهِ رِوَايَتَيْنِ وَاخْتَارَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ: لَا تَبْطُلُ بِالْعَمَلِ الْكَثِيرِ سَهْوًا لِقِصَّةِ ذِي الْيَدَيْنِ فَإِنَّهُ مَشَى وَتَكَلَّمَ، وَدَخَلَ مَنْزِلَهُ، وَبَنَى عَلَى صَلَاتِهِ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ.

تَنْبِيهٌ: مُرَادُهُ بِبُطْلَانِ الصَّلَاةِ بِالْعَمَلِ الْمُسْتَكْثَرِ: إذَا لَمْ تَكُنْ حَاجَةٌ إلَى ذَلِكَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْبَابِ قَبْلَهُ عِنْدَ قَوْلِهِ (فَإِنْ طَالَ الْفِعْلُ فِي الصَّلَاةِ أَبْطَلَهَا) وَتَقَدَّمَ هُنَاكَ حَدُّ الْكَثِيرِ وَالْيَسِيرِ، وَالْخِلَافُ فِيهِ فَلْيُعَاوَدْ، وَتَقَدَّمَ حُكْمُ عَمَلِ الْجَاهِلِ فِي الصَّلَاةِ هُنَاكَ أَيْضًا. قَوْلُهُ (وَلَا تَبْطُلُ بِالْيَسِيرِ، لَا يُشْرَعُ لَهُ سُجُودٌ) هَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ مِنْهُمْ صَاحِبُ الْوَجِيزِ وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ، وَقِيلَ: يُشْرَعُ لَهُ السُّجُودُ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ وَقِيلَ: يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ فَائِدَةٌ: لَا بَأْسَ بِالْعَمَلِ الْيَسِيرِ لِحَاجَةٍ، وَيُكْرَهُ لِغَيْرِهَا.

قَوْلُهُ (وَإِنْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، قَلَّ أَوْ كَثُرَ) إذَا أَكَلَ عَمْدًا: فَتَارَةً يَكُونُ فِي نَفْلٍ، وَتَارَةً يَكُونُ فِي فَرْضٍ فَإِنْ كَانَ

ص: 129

فِي فَرْضٍ بَطَلَتْ الصَّلَاةُ بِقَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعُوا بِهِ، وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ إجْمَاعًا، وَحَكَى فِي الرِّعَايَةِ قَوْلًا بِأَنَّهَا لَا تَبْطُلُ بِشُرْبٍ يَسِيرٍ، وَإِنْ كَانَ فِي نَفْلٍ: فَتَارَةً يَكُونُ كَثِيرًا، وَتَارَةً يَكُونُ يَسِيرًا فَإِنْ كَانَ كَثِيرًا بَطَلَتْ الصَّلَاةُ، وَإِنْ كَانَ يَسِيرًا، فَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ: أَنَّهَا تَبْطُلُ أَيْضًا، وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَاتِ قَالَ فِي الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ: هَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ قَالَ فِي الْكَافِي بَعْدَ أَنْ قَدَّمَهُ هَذَا أَوْلَى قَالَ ابْنُ رَزِينٍ: وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ قَالَ فِي الْحَوَاشِي: قَدَّمَهُ جَمَاعَةٌ، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا تَبْطُلُ قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَنَصَرَهُ فَهُوَ إذَنْ الْمَذْهَبُ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْهَادِي، وَالتَّلْخِيصِ وَشَرْحِ الْمَجْدِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْفَائِقِ، وَالرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ: تَبْطُلُ بِالْأَكْلِ فَقَطْ قَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ: هِيَ الْمَشْهُورَةُ عَنْهُ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: هِيَ الْأَشْهَرُ عَنْهُ قَوْلُهُ (وَإِنْ كَانَ سَهْوًا لَمْ تَبْطُلْ إذَا كَانَ يَسِيرًا) ، وَهَذَا الْمَذْهَبُ، فَرْضًا كَانَ أَوْ نَفْلًا، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَعَنْهُ تَبْطُلُ قَدَّمَهُ فِي الْكَافِي، وَقِيلَ: تَبْطُلُ بِالْأَكْلِ فَقَطْ.

تَنْبِيهٌ: مَفْهُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ: أَنَّ الْأَكْلَ وَالشُّرْبَ سَهْوًا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ إذَا كَانَ كَثِيرًا، وَهُوَ صَحِيحٌ، فَرْضًا كَانَ أَوْ نَفْلًا، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ، وَعَنْهُ لَا تَبْطُلُ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُسْتَوْعِبِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ، وَقِيلَ: يَبْطُلُ الْفَرْضُ فَقَطْ.

فَوَائِدُ. مِنْهَا: الْجَهْلُ بِذَلِكَ كَالسَّهْوِ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ،

ص: 130

وَقَالَ: وَلَمْ يَذْكُرْ جَمَاعَةٌ الْجَهْلَ فِي الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ. مِنْهُمْ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ، وَمِنْهَا: لَوْ كَانَ فِي فَمِهِ سُكَّرٌ أَوْ نَحْوُهُ مُذَابٌ وَبَلَعَهُ، فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهُ كَالْأَكْلِ قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَةِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَقِيلَ: لَا تَبْطُلُ، وَهُمَا وَجْهَانِ فِي التَّلْخِيصِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَأَطْلَقَهُمَا، وَذَكَرَ فِي الْمُذْهَبِ فِي النَّفْلِ رِوَايَتَيْنِ قَالَ: وَكَذَا لَوْ فَتَحَ فَاهُ فَنَزَلَ فِيهِ مَاءُ الْمَطَرِ فَابْتَلَعَهُ، وَذَكَرَ فِي الرِّعَايَةِ: إنْ بَلَعَ مَاءً وَقَعَ عَلَيْهِ مِنْ مَاءِ مَطَرٍ لَمْ تَبْطُلْ، وَمِنْهَا: لَوْ بَلَعَ مَا بَيْنَ أَسْنَانِهِ مِمَّا يَجْرِي فِيهِ الرِّيقُ مِنْ غَيْرِ مَضْغٍ، لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ نَصَّ عَلَيْهِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَالرِّعَايَةِ، وَغَيْرُهُمْ، وَقِيلَ: تَبْطُلُ، وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ: مَا يُمْكِنُ إزَالَتُهُ مِنْ ذَلِكَ يُفْسِدُ ابْتِلَاعُهُ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ أَتَى بِقَوْلٍ مَشْرُوعٍ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ كَالْقِرَاءَةِ فِي السُّجُودِ وَالْقُعُودِ، وَالتَّشَهُّدِ فِي الْقِيَامِ، وَقِرَاءَةِ السُّورَةِ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ لَمْ تَبْطُلْ الصَّلَاةُ بِهِ) هَذَا الْمَذْهَبُ، سَوَاءٌ كَانَ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَنَصَّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: تَبْطُلُ بِقِرَاءَتِهِ رَاكِعًا وَسَاجِدًا عَمْدًا اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ، وَأَبُو الْفَرَجِ، وَقِيلَ: تَبْطُلُ بِهِ عَمْدًا مُطْلَقًا، ذُكِرَ هَذَا الْوَجْهُ فِي الْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ فَعَلَى الْقَوْلِ بِالْبُطْلَانِ بِالْعَمْدِيَّةِ: يَجِبُ السُّجُودُ لِسَهْوِهِ.

تَنْبِيهٌ: مُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِذَلِكَ: غَيْرُ السَّلَامِ، عَلَى مَا يَأْتِي بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ التَّفْصِيلِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا إذَا سَلَّمَ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا قَوْلُهُ (وَلَا يَجِبُ السُّجُودُ لِسَهْوِهِ) يَعْنِي إذَا قُلْنَا: لَا يَبْطُلُ بِالْعَمْدِيَّةِ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ

ص: 131

قَوْلُهُ (وَهَلْ يُشْرَعُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ، وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ، وَالشَّرْحِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالْكَافِي، إحْدَاهُمَا: يُشْرَعُ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ قَالَ فِي الْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَةِ: وَيُسْتَحَبُّ لِسَهْوِهِ، عَلَى الْأَصَحِّ قَالَ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ: يُشْرَعُ فِي الْأَصَحِّ قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ: هَذِهِ أَقْوَى وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ أَبُو الْحُسَيْنِ فِي فُرُوعِهِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَنَصَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ، وَابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي التَّحْقِيقِ، وَهُوَ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ. الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يُشْرَعُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: الْأَوْلَى تَرْكُهُ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ سَلَّمَ قَبْلَ إتْمَامِ صَلَاتِهِ عَمْدًا أَبْطَلَهَا) بِلَا نِزَاعٍ فَإِنْ كَانَ سَهْوًا ثُمَّ ذَكَرَ قَرِيبًا: أَتَمَّهَا وَسَجَدَ، بِلَا خِلَافٍ أَعْلَمُهُ وَلَوْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ. نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ، وَهَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ شَرَعَ فِي صَلَاةٍ أُخْرَى، أَوْ تَكَلَّمَ، عَلَى مَا يَأْتِي ذَلِكَ مُفَصَّلًا، وَشَرَطَ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُغْنِي، وَالْكَافِي، وَالشَّارِحُ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَغَيْرُهُمْ أَيْضًا: عَدَمَ الْحَدَثِ فَإِنْ أَحْدَثَ بَطَلَتْ، وَلَوْ كَانَ الْفَصْلُ يَسِيرًا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَاَلَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ حُكْمُ الْحَدَثِ هُنَا حُكْمَ الْحَدَثِ فِي الصَّلَاةِ. هَلْ يَبْنِي مَعَهُ أَوْ يَسْتَأْنِفُ، أَوْ يُفَرِّقُ بَيْنَ حَدَثِ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ وَغَيْرِهِمَا؟ عَلَى الْخِلَافِ.

تَنْبِيهٌ: كَلَامُهُ كَالصَّرِيحِ أَنَّهَا لَا تَبْطُلُ، وَهُوَ صَحِيحٌ إنْ كَانَ سَلَامُهُ ظَنًّا أَنَّ صَلَاتَهُ قَدْ انْقَضَتْ أَمَّا لَوْ كَانَ السَّلَامُ مِنْ الْعِشَاءِ يَظُنُّهَا التَّرَاوِيحَ، أَوْ مِنْ الظُّهْرِ يَظُنُّهَا الْجُمُعَةَ، أَوْ الْفَجْرَ فَإِنَّهَا تَبْطُلُ، وَلَا تَنَاقُضَ عَلَيْهِ؛ لِاشْتِرَاطِ دَوَامِ النِّيَّةِ ذِكْرًا أَوْ حُكْمًا، وَقَدْ زَالَتْ بِاعْتِقَادِ صَلَاةٍ أُخْرَى، قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ

ص: 132

قُلْت: يُتَوَجَّهُ عَدَمُ الْبُطْلَانِ. قَوْلُهُ (فَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ بَطَلَتْ) هَذَا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَالزَّرْكَشِيُّ، وَغَيْرُهُمْ فَائِدَةٌ: لَوْ لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ، وَلَكِنْ شَرَعَ فِي صَلَاةٍ أُخْرَى، فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهُ يَعُودُ إلَى الْأُولَى بَعْدَ قَطْعِ مَا شَرَعَ فِيهَا، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا، وَالْخِرَقِيِّ وَغَيْرِهِمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هَذَا الْمَشْهُورُ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَالشَّرْحِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَالزَّرْكَشِيُّ، وَغَيْرُهُمْ، وَقَالَ فِي الْمُبْهِجِ: يَجْعَلُ مَا يَشْرَعُ فِيهِ مِنْ الصَّلَاةِ الثَّانِيَةِ تَمَامًا لِلصَّلَاةِ الْأُولَى فَيَبْنِي إحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى، وَيَصِيرُ وُجُودُ السَّلَامِ كَعَدَمِهِ؛ لِأَنَّهُ سَهْوٌ مَعْذُورٌ فِيهِ، وَسَوَاءٌ كَانَ مَا شَرَعَ فِيهِ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا، وَرَدَّهُ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَغَيْرُهُمَا، وَعَنْهُ تَبْطُلُ الْأُولَى، إنْ كَانَ مَا شَرَعَ فِيهِ نَفْلًا وَإِلَّا فَلَا، وَعَنْهُ تَبْطُلُ الْأُولَى مُطْلَقًا. نَقَلَهُ أَبُو الْحَارِثِ وَمُهَنَّا، وَهُوَ الَّذِي فِي الْكَافِي، وَيَأْتِي ذَلِكَ فِيمَا إذَا تَرَكَ رُكْنًا وَلَمْ يَذْكُرْهُ إلَّا بَعْدَ سَلَامِهِ.

قَوْلُهُ (أَوْ تَكَلَّمَ لِغَيْرِ مَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ بَطَلَتْ) يَعْنِي إذَا ظَنَّ أَنَّ صَلَاتَهُ قَدْ تَمَّتْ وَتَكَلَّمَ عَمْدًا لِغَيْرِ مَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ، كَقَوْلِهِ: يَا غُلَامُ، اسْقِنِي مَاءً وَنَحْوَهُ فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: بُطْلَانُ الصَّلَاةِ نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، وَعَنْهُ لَا تَبْطُلُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ، وَأَطْلَقَهُمَا جَمَاعَةٌ. قَوْلُهُ (وَإِنْ تَكَلَّمَ لِمَصْلَحَتِهَا، فَفِيهِ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ. إحْدَاهُنَّ لَا تَبْطُلُ) نَصَّ عَلَيْهَا فِي رِوَايَةِ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ وَاخْتَارَهَا الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ لِقِصَّةِ ذِي الْيَدَيْنِ، وَهِيَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِفَادَاتِ وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ مُفْلِحٍ فِي حَوَاشِيهِ،

ص: 133

وَأَجَابَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ عَنْ الْقِصَّةِ: بِأَنَّهَا كَانَتْ حَالَةَ إبَاحَةِ الْكَلَامِ، وَضَعَّفَهُ الْمَجْدُ وَغَيْرُهُ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ حُرِّمَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ عِنْدَ ابْنِ حِبَّانَ وَغَيْرِهِ، أَوْ بَعْدَهَا بِيَسِيرٍ عِنْدَ الْخَطَّابِيِّ وَغَيْرِهِ فَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ: لَوْ أَمْكَنَهُ إصْلَاحُ الصَّلَاةِ بِإِشَارَةٍ وَنَحْوِهَا فَتَكَلَّمَ فَقَالَ فِي الْمُذْهَبِ وَغَيْرِهِ: تَبْطُلُ.

(وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ تَبْطُلُ) وَهِيَ الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، قَالَهُ الْمَجْدُ وَغَيْرُهُ مِنْهُمْ أَبُو بَكْرٍ الْخَلَّالُ، وَأَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ، وَالْقَاضِي، وَأَبُو الْحُسَيْنِ قَالَ الْمَجْدُ: هِيَ أَظْهَرُ الرِّوَايَاتِ وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِيضَاحِ وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالْفَائِقِ، (وَالثَّالِثَةُ: تَبْطُلُ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ، دُونَ الْإِمَامِ اخْتَارَهَا الْخِرَقِيُّ) فَعَلَى هَذِهِ: الْمُنْفَرِدُ كَالْمَأْمُومِ، قَالَهُ فِي الرِّعَايَةِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وَعَنْهُ رِوَايَةٌ رَابِعَةٌ: لَا تَبْطُلُ إذَا تَكَلَّمَ لِمَصْلَحَتِهَا سَهْوًا اخْتَارَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَفِي الْمُحَرَّرِ، وَصَاحِبُ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالْفَائِقِ وَنَصَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ تَكَلَّمَ فِي صُلْبِ الصَّلَاةِ بَطَلَتْ) إنْ كَانَ عَالِمًا عَمْدًا بَطَلَتْ الصَّلَاةُ، وَإِنْ كَانَ سَاهِيًا بِغَيْرِ السَّلَامِ، فَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ: أَنَّ صَلَاتَهُ تَبْطُلُ أَيْضًا، وَهُوَ الْمَذْهَبُ قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالْقَاضِي أَبُو الْحُسَيْنِ، وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: إذَا تَكَلَّمَ سَهْوًا فَرِوَايَاتٌ أَشْهَرُهَا وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ أَبِي مُوسَى وَالْقَاضِي، وَغَيْرِهِمَا الْبُطْلَانُ وَنَصَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي التَّحْقِيقِ، وَعَنْهُ لَا تَبْطُلُ إذَا كَانَ سَاهِيًا اخْتَارَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ، وَصَاحِبُ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالنَّظْمِ، وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، [وَيَحْتَمِلُ كَلَامُهُ فِي الْفُرُوعِ إطْلَاقَ الْخِلَافِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ

ص: 134

وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْكَافِي، وَشَرْحِ الْمَجْدِ وَالشَّرْحِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى، وَالتَّلْخِيصِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَتَقَدَّمَ قَرِيبًا رِوَايَةٌ ثَالِثَةٌ: لَا تَبْطُلُ إذَا تَكَلَّمَ سَهْوًا لِمَصْلَحَتِهَا، وَمَنْ اخْتَارَهَا، وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا بِتَحْرِيمِ الْكَلَامِ، أَوْ الْإِبْطَالِ بِهِ: فَهَلْ هُوَ كَالنَّاسِي، أَمْ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ؟ فَإِنْ بَطَلَتْ صَلَاةُ النَّاسِي، فِيهِ رِوَايَتَانِ فَالْمُصَنِّفُ جَعَلَ الْجَاهِلَ كَالنَّاسِي وَقَدَّمَ أَنَّهُ كَكَلَامِ الْعَامِدِ.

إحْدَاهُمَا: أَنَّهُ كَالنَّاسِي: فِيهِ مِنْ الْخِلَافِ وَغَيْرِهِ مَا فِي النَّاسِي، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ ابْنُ مُفْلِحٍ فِي حَوَاشِي الْمُقْنِعِ قَالَ فِي الْكَافِي وَالرِّعَايَتَيْنِ: وَفِي كَلَامِ النَّاسِي وَالْجَاهِلِ رِوَايَتَانِ قَالَ فِي الْمُغْنِي: وَالْأَوْلَى أَنْ يُخَرَّجَ فِيهِ رِوَايَةُ النَّاسِي. انْتَهَى. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّ كَلَامَ الْجَاهِلِ لَا يُبْطِلُ، وَإِنْ أَبْطَلَ كَلَامُ النَّاسِي وَجَزَمَ ابْنُ شِهَابٍ بِعَدَمِ الْبُطْلَانِ فِي الْجَاهِلِ قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: وَلَا يُبْطِلُهَا كَلَامُ الْجَاهِلِ فِي أَقْوَى الْوَجْهَيْنِ، وَإِنْ قُلْنَا يُبْطِلُهَا كَلَامُ النَّاسِي اخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَالْمَجْدُ، وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ، وَحَكَى الْمَجْدُ، وَابْنُ تَمِيمٍ فِي الْخِلَافِ وَجْهَيْنِ، وَحَكَاهُمَا فِي الْفُرُوعِ رِوَايَتَيْنِ، وَقَالَ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ: لَا أَعْرِفُ عَنْ أَحْمَدَ نَصًّا فِي ذَلِكَ.

فَوَائِدُ. إحْدَاهُمَا: قَسَّمَ الْمُصَنِّفُ رحمه الله الْمُتَكَلِّمَ إلَى قِسْمَيْنِ: أَحَدُهُمَا: مَنْ يَظُنُّ تَمَامَ صَلَاتِهِ فَيُسَلِّمَ، ثُمَّ يَتَكَلَّمَ إمَّا لِمَصْلَحَتِهَا أَوْ لِغَيْرِهَا. الثَّانِي: مَنْ يَتَكَلَّمُ فِي صُلْبِ الصَّلَاةِ فَحَكَى فِي الْأَوَّلِ إذَا تَكَلَّمَ لِمَصْلَحَتِهَا ثَلَاثَ رِوَايَاتٍ، وَحَكَى فِي الثَّانِي رِوَايَتَيْنِ

ص: 135

وَهَذِهِ إحْدَى الطَّرِيقَتَيْنِ لِلْأَصْحَابِ، وَاخْتِيَارُ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِفَادَاتِ وَقَدَّمَهُ فِي النَّظْمِ، وَالطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ: الْخِلَافُ جَارٍ فِي الْجَمِيعِ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَى الْكَلَامِ هُنَا قَدْ تَكُونُ أَشَدَّ كَإِمَامٍ نَسِيَ الْقِرَاءَةَ وَنَحْوَهَا فَإِنَّهُ يَحْتَاجُ أَنْ يَأْتِيَ بِرَكْعَةٍ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ إعْلَامِ الْمَأْمُومِينَ، وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ هِيَ الصَّحِيحَةُ فِي الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْفَائِقِ، وَقَدَّمَهَا فِي الْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَةِ وَاخْتَارَهَا الْقَاضِي، وَالْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَصَاحِبُ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، الثَّانِيَةُ: اخْتَارَ الْمُصَنِّفُ، وَابْنُ شِهَابٍ الْعُكْبَرِيُّ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ بُطْلَانَ صَلَاةِ الْمُكْرَهِ عَلَى الْكَلَامِ وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَتَبِعَهُ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَإِذَا قُلْنَا: تَبْطُلُ بِكَلَامِ النَّاسِي فَكَذَا كَلَامُ الْمُكْرَهِ أَوْلَى؛ لِأَنَّ عُذْرَهُ أَنْدَرُ، وَقَالَ الْقَاضِي: لَا تَبْطُلُ بِخِلَافِ النَّاسِي قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَالنَّاسِي كَالْمُتَعَمِّدِ، وَكَذَا جَاهِلٌ وَمُكْرَهٌ فِي رِوَايَةٍ، وَعَنْهُ لَا فَظَاهِرُهُ: أَنَّ الْمُقَدَّمَ عِنْدَهُ الْبُطْلَانُ، وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَإِنْ قُلْنَا لَا يُعْذَرُ النَّاسِي فَفِي الْمُكْرَهِ وَنَحْوِهِ وَقِيلَ: مُطْلَقًا وَجْهَانِ، وَقَالَ فِي التَّلْخِيصِ: وَلَا تَبْطُلُ بِكَلَامِ النَّاسِي، وَلَا بِكَلَامِ الْجَاهِلِ بِتَحْرِيمِ الْكَلَامِ إذَا كَانَ قَرِيبَ الْعَهْدِ بِالْإِسْلَامِ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَعَلَيْهِمَا يَخْرُجُ سَبْقُ اللِّسَانِ، وَكَلَامُ الْمُكْرَهِ. انْتَهَى. قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ: أَلْحَقَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا الْمُكْرَهَ بِالنَّاسِي، وَقَالَ الْقَاضِي: بَلْ أَوْلَى بِالْعَفْوِ مِنْ النَّاسِي، وَكَذَا قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ وَنَصَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي التَّحْقِيقِ مَا قَالَهُ الْقَاضِي وَاخْتَارَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ، الثَّالِثَةُ: لَوْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْكَلَامُ كَمَا لَوْ خَافَ عَلَى ضَرِيرٍ وَنَحْوِهِ، فَتَكَلَّمَ مُحَذِّرًا لَهُ بَطَلَتْ الصَّلَاةُ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ.

ص: 136

قَالَ فِي الْفَائِقِ، وَحَوَاشِي ابْنِ مُفْلِحٍ: هُوَ قَوْلُ أَصْحَابِنَا وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. وَقِيلَ: لَا تَبْطُلُ قَالَ الْمُصَنِّفُ: هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، لِأَنَّهُ عَلَّلَ صِحَّةَ صَلَاةِ مَنْ أَجَابَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بِوُجُوبِ الْكَلَامِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا لَمْ يَجِبْ عَيْنًا، وَقَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: لُزُومُ الْإِجَابَةِ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَا يَمْنَعُ الْفَسَادَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ رَأَى مَنْ يَقْتُلُ رَجُلًا مَنَعَهُ فَإِذَا فَعَلَ فَسَدَتْ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَإِنْ وَجَبَ الْكَلَامُ لِتَحْذِيرِ مَعْصُومٍ ضَرِيرٍ أَوْ صَغِيرٍ لَا تَكْفِيهِ الْإِشَارَةُ عَنْ وُقُوعِهِ فِي بِئْرٍ وَنَحْوِهَا فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا: الْعَفْوُ وَالْبِنَاءُ وَقَدَّمَهُ فِي الْفَائِقِ، وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ، وَمَجْمَعُ الْبَحْرَيْنِ.

الرَّابِعَةُ: لَوْ نَامَ فِيهَا فَتَكَلَّمَ، أَوْ سَبَقَ عَلَى لِسَانِهِ حَالَ قِرَاءَتِهِ، أَوْ غَلَبَهُ سُعَالٌ أَوْ عُطَاسٌ، أَوْ تَثَاؤُبٌ وَنَحْوُهُ فَبَانَ حَرْفَانِ: لَمْ تَبْطُلْ الصَّلَاةُ بِهِ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ، وَقِيلَ: حُكْمُهُ حُكْمُ النَّاسِي، وَإِنْ لَمْ يَغْلِبْهُ ذَلِكَ بَطَلَتْ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: هُوَ كَالنَّفْخِ وَأَوْلَى. الْخَامِسَةُ: حَيْثُ قُلْنَا لَا تَبْطُلُ بِالْكَلَامِ، فَمَحَلُّهُ فِي الْكَلَامِ الْيَسِيرِ، وَأَمَّا الْكَلَامُ الْكَثِيرُ: فَتَبْطُلُ بِهِ مُطْلَقًا عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَقَطَعَ بِهِ جَمَاعَةٌ قَالَ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ: هُوَ رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ، وَعَنْهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ قَلِيلِ الْكَلَامِ وَكَثِيرِهِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي أَيْضًا وَغَيْرُهُ قَالَ فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ: لَا فَرْقَ بَيْنَ الْكَلَامِ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ فِي حَقِّ النَّاسِي، فِي ظَاهِرِ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَقَالَ فِي الْمُجَرَّدِ: إنْ طَالَ مِنْ النَّاسِي أَفْسَدَ رِوَايَةً وَاحِدَةً، وَهُمَا وَجْهَانِ فِي ابْنِ تَمِيمٍ وَغَيْرِهِ، وَأَطْلَقَهُمَا هُوَ وَالزَّرْكَشِيُّ.

ص: 137

تَنْبِيهٌ: مَفْهُومُ قَوْلِهِ (وَإِنْ قَهْقَهَ فَبَانَ حَرْفَانِ فَهُوَ كَالْكَلَامِ) أَنَّهُ إذَا لَمْ يَبِنْ حَرْفَانِ: أَنَّهُ لَا يَضُرُّ، وَأَنَّ صَلَاتَهُ صَحِيحَةٌ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ، وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ، أَوْ الرِّوَايَتَيْنِ جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَشَرْحِهَا لِلْمَجْدِ، وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ، وَالْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَابْنُ تَمِيمٍ وَغَيْرُهُمَا، وَعَنْهُ أَنَّهُ كَالْكَلَامِ، وَلَوْ لَمْ يَبِنْ حَرْفَانِ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَقَالَ: إنَّهُ الْأَظْهَرُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي، وَالْمُغْنِي، وَقَالَ: لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا وَقَدَّمَهُ فِي الشَّرْحِ، وَحَكَاهُ ابْنُ هُبَيْرَةَ إجْمَاعًا، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ، وَالْفَائِقِ قَوْلُهُ (أَوْ نَفَخَ فَبَانَ حَرْفَانِ فَهُوَ كَالْكَلَامِ) ، وَهَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: أَنَّ النَّفْخَ لَيْسَ كَالْكَلَامِ، وَلَوْ بَانَ حَرْفَانِ فَأَكْثَرُ فَلَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِهِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ.

تَنْبِيهٌ: مَفْهُومُ كَلَامِهِ: أَنَّهُ إذَا لَمْ يَبِنْ حَرْفَانِ: أَنَّ صَلَاتَهُ صَحِيحَةٌ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَنَصَرُوهُ وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَعَنْهُ أَنَّهُ كَالْحَرْفَيْنِ، وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ، وَصَاحِبُ الْفَائِقِ، قَوْلُهُ (أَوْ انْتَحَبَ، فَبَانَ حَرْفَانِ) فَهُوَ كَالْكَلَامِ، إلَّا مَا كَانَ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ تَعَالَى فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّ صَلَاتَهُ لَا تَبْطُلُ، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالْمَجْدِ فِي شَرْحِهِ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ، وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ، وَالْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَقِيلَ: إنْ غَلَبَهُ لَمْ تَبْطُلْ، وَإِلَّا بَطَلَتْ قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَهُوَ الْأَشْبَهُ بِأُصُولِ أَحْمَدَ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفَائِقِ، وَابْنِ تَمِيمٍ. .

ص: 138

فَائِدَةٌ: لَوْ اسْتَدْعَى الْبُكَاءَ كُرِهَ كَالضَّحِكِ، وَإِلَّا فَلَا.

أَمَّا إذَا لَحَنَ فِي الصَّلَاةِ: فَيَأْتِي عَنْهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي بَابِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ (وَتُكْرَهُ إمَامَةُ اللَّحَّانِ) قَوْلُهُ (وَقَالَ أَصْحَابُنَا النَّحْنَحَةُ مِثْلُ ذَلِكَ) ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّهُ كَانَ يَتَنَحْنَحُ فِي صَلَاتِهِ، وَلَا يَرَاهَا مُبْطِلَةً لِلصَّلَاةِ، وَهِيَ رِوَايَةٌ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَاخْتَارَهَا الْمُصَنِّفُ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَابْنِ تَمِيمٍ، وَالْفَائِقِ، تَنْبِيهٌ: مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لَمْ تَكُنْ حَاجَةٌ. فَإِنْ كَانَ ثَمَّ حَاجَةٌ فَلَيْسَتْ كَالْكَلَامِ رِوَايَةً وَاحِدَةً، عِنْدَ جُمْهُورِ الْأَصْحَابِ، وَقِيلَ: هِيَ كَالْكَلَامِ أَيْضًا، وَتَقَدَّمَ.

قَوْلُهُ (فَمَتَى تَرَكَ رُكْنًا فَذَكَرَهُ بَعْدَ شُرُوعِهِ فِي قِرَاءَةِ رَكْعَةٍ أُخْرَى، بَطَلَتْ الَّتِي تَرَكَهُ مِنْهَا) ، وَهَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَهُوَ مِنْ الْمُفْرَدَاتِ، وَفِيهِ وَجْهٌ لَا تَبْطُلُ الرَّكْعَةُ بِشُرُوعِهِ فِي قِرَاءَةِ رَكْعَةٍ أُخْرَى فَمَتَى ذَكَرَ قَبْلَ سُجُودِ الثَّانِيَةِ رَجَعَ فَسَجَدَ لِلْأُولَى، وَإِنْ ذَكَرَ بَعْدَ أَنْ سَجَدَ كَانَ السُّجُودُ عَنْ الْأُولَى، ثُمَّ يَقُومُ إلَى الثَّانِيَةِ، ذَكَرَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ.

وَقَالَ فِي الْمُبْهِجِ: مَنْ تَرَكَ رُكْنًا نَاسِيًا، فَذَكَرَهُ حِينَ شَرَعَ فِي رُكْنٍ آخَرَ، بَطَلَتْ الرَّكْعَةُ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: حَكَى ذَلِكَ رِوَايَةً وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَرْكَانِ الصَّلَاةِ رِوَايَةٌ بِأَنَّهُ إذَا نَسِيَ الْفَاتِحَةَ فِي الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ قَرَأَهَا فِي الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ مَرَّتَيْنِ، وَزَادَ عَبْدُ اللَّهِ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ: وَإِنْ تَرَكَ الْقِرَاءَةَ فِي الثَّلَاثِ، ثُمَّ ذَكَرَ فِي الرَّابِعَةِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَاسْتَأْنَفَهَا، وَذَكَرَ

ص: 139

ابْنُ عَقِيلٍ: إنْ نَسِيَهَا فِي رَكْعَةٍ فَأَتَى بِهَا فِيمَا بَعْدَهَا مَرَّتَيْنِ يُعْتَدُّ بِهَا، وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ قَالَ فِي فُنُونِهِ: وَقَدْ أَشَارَ إلَيْهِ أَحْمَدُ، فَعَلَى الْمَذْهَبِ: لَوْ رَجَعَ إلَى الرَّكْعَةِ الَّتِي قَدْ بَطَلَتْ عَالِمًا عَمْدًا، بَطَلَتْ صَلَاتُهُ قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ.

تَنْبِيهَانِ. أَحَدُهُمَا: مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ " فَمَتَى تَرَكَ رُكْنًا فَذَكَرَهُ بَعْدَ شُرُوعِهِ فِي قِرَاءَةِ رَكْعَةٍ أُخْرَى " غَيْرَ النِّيَّةِ، إنْ قُلْنَا هِيَ رُكْنٌ، وَغَيْرَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ، وَهُوَ وَاضِحٌ. الثَّانِي: مَفْهُومُ قَوْلِهِ (فَمَتَى تَرَكَ رُكْنًا فَذَكَرَهُ بَعْدَ شُرُوعِهِ فِي قِرَاءَةِ رَكْعَةٍ أُخْرَى بَطَلَتْ الَّتِي تَرَكَهُ مِنْهَا) أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ مَا قَبْلَ تِلْكَ الرَّكْعَةِ الْمَتْرُوكِ مِنْهَا الرُّكْنُ وَلَا تَبْطُلُ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْقِرَاءَةِ، وَهُوَ صَحِيحٌ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَنَصَّ عَلَيْهِ، وَحَكَاهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ إجْمَاعًا، وَقِيلَ: لَا يَبْطُلُ أَيْضًا مَا قَبْلَهَا اخْتَارَهُ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ، وَابْنُ حَمْدَانَ: وَهُوَ بَعِيدٌ. قَوْلُهُ (وَإِنْ ذَكَرَ قَبْلَ ذَلِكَ) يَعْنِي قَبْلَ شُرُوعِهِ فِي الْقِرَاءَةِ (عَادَ فَأَتَى بِهِ، وَبِمَا بَعْدَهُ) مِثْلُ إنْ قَامَ وَلَمْ يَشْرَعْ فِي الْقِرَاءَةِ نَصَّ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْقِيَامَ غَيْرُ مَقْصُودٍ فِي نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ قَدْرُ الْقِرَاءَةِ الْوَاجِبَةِ، وَهِيَ الْمَقْصُودَةُ، وَلَوْ كَانَ قَامَ مِنْ السَّجْدَةِ وَكَانَ قَدْ جَلَسَ لِلْفَصْلِ، لَمْ يَجْلِسْ لَهُ إذَا أَرَادَ أَنْ يَأْتِيَ بِالسَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ وَالْوَجْهَيْنِ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَجْلِسُ لِلْفَصْلِ بَيْنَهُمَا أَيْضًا قَالَ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ: عِنْدِي يَجْلِسُ لِيَأْتِيَ بِالسَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ عَنْ جُلُوسٍ، وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ، وَأَمَّا إذَا قَامَ وَلَمْ يَكُنْ جَلَسَ لِلْفَصْلِ: جَلَسَ لَهُ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُنُونِ: يُحْتَمَلُ جُلُوسُهُ وَسُجُودُهُ بِلَا جِلْسَةٍ.

ص: 140

قُلْت: فَيُعَايَى بِهَا، وَلَوْ سَجَدَ سَجْدَةً، ثُمَّ جَلَسَ لِلِاسْتِرَاحَةِ، وَقَامَ قَبْلَ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ، لَمْ تُجْزِئْهُ جِلْسَةُ الِاسْتِرَاحَةِ عَنْ جِلْسَةِ الْفَصْلِ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَقَالَ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ: وَعِنْدِي يُجْزِئُهُ، وَعَلَّلَهُ قَوْلُهُ (فَإِنْ لَمْ يُعِدْ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) يَعْنِي إذَا ذَكَرَهُ قَبْلَ شُرُوعِهِ فِي الْقِرَاءَةِ، وَلَمْ يُعِدْ عَمْدًا، بَطَلَتْ صَلَاتُهُ بِلَا خِلَافٍ أَعْلَمُهُ، وَإِنْ لَمْ يُعِدْ سَهْوًا بَطَلَتْ الرَّكْعَةُ فَقَطْ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَقِيلَ: إنْ لَمْ يُعِدْ لَمْ يُعْتَدَّ بِمَا يَفْعَلُهُ بَعْدَ الْمَتْرُوكِ جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ: يَعْنِي مِنْ تَمَامِ الرَّكْعَةِ فَقَطْ، وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ: فَإِنْ تَرَكَ رُكُوعًا أَوْ سَجْدَةً، فَلَمْ يَذْكُرْ حَتَّى قَامَ إلَى الثَّانِيَةِ جَعَلَهَا أُولَتَهُ، وَإِنْ لَمْ يَنْتَصِبْ قَائِمًا عَادَ فَتَمَّمَ الرَّكْعَةَ. كَمَا لَوْ تَرَكَ الْقِرَاءَةَ يَأْتِي بِهَا، إلَّا أَنْ يَذْكُرَ بَعْدَ الِانْحِطَاطِ مِنْ قِيَامِ تِلْكَ الرَّكْعَةِ فَإِنَّهَا تَلْغُو وَيَجْعَلُ الثَّانِيَةَ أُولَتَهُ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: كَذَا قَالَ قَوْلُهُ (وَإِنْ عَلِمَ بَعْدَ السَّلَامِ فَهُوَ كَتَرْكِ رَكْعَةٍ كَامِلَةٍ) الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِتَرْكِ الرُّكْنِ إلَّا بَعْدَ سَلَامِهِ: أَنَّ صَلَاتَهُ صَحِيحَةٌ، وَأَنَّهُ كَتَرْكِ رَكْعَةٍ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِفَادَاتِ، وَالْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَابْنِ تَمِيمٍ، وَالرِّعَايَةِ، وَالْفَائِقِ، وَقِيلَ: يَأْتِي بِالرُّكْنِ وَبِمَا بَعْدَهُ.

قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ، وَابْنُ حَمْدَانَ: وَهُوَ أَحْسَنُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَنَصَّ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ: أَنَّهَا لَا تَبْطُلُ إلَّا بِطُولِ الْفَصْلِ، وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ

ص: 141

وَغَيْرُهُ عَنْ أَحْمَدَ: تَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَالتَّبْصِرَةِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ وَاخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ، فَعَلَى الْقَوْلِ بِالصِّحَّةِ: إذَا أَتَى بِذَلِكَ سَجَدَ لِلسَّهْوِ قَبْلَ السَّلَامِ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ حَرْبٍ؛ لِأَنَّ السُّجُودَ لِتَرْكِ الرُّكْنِ، وَالسَّلَامَ تَبَعٌ، وَقِيلَ: يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ؛ لِأَنَّهُ سَلَّمَ عَنْ نَقْصٍ.

تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ (فَهُوَ كَتَرْكِ رَكْعَةٍ كَامِلَةٍ) يَعْنِي يَأْتِي بِهَا، وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِقُرْبِ الْفَصْلِ عُرْفًا، وَلَوْ انْحَرَفَ عَنْ الْقِبْلَةِ أَوْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ نَصَّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: بِدَوَامِهِ فِي الْمَسْجِدِ قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ فَلَوْ كَانَ الْفَصْلُ قَرِيبًا، وَلَكِنْ شَرَعَ فِي صَلَاةٍ أُخْرَى، عَادَ فَأَتَمَّ الْأُولَى، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، بَعْدَ قَطْعِ مَا شَرَعَ فِيهَا، وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ، وَعَنْهُ يَسْتَأْنِفُهَا لِتَضَمُّنِ عَمَلِهِ قَطْعَ نِيَّتِهَا، وَعَنْهُ يَسْتَأْنِفُهَا إنْ كَانَ مَا شَرَعَ فِيهِ نَفْلًا، وَقَالَ أَبُو الْفَرَجِ الشِّيرَازِيُّ فِي الْمُبْهِجِ: يُتِمُّ الْأَوَّلَةَ مِنْ صَلَاتِهِ الثَّانِيَةِ، وَتَقَدَّمَ لَفْظُهُ فِي الْبَابِ عِنْدَ قَوْلِهِ (وَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ بَطَلَتْ) وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ: إنْ كَانَتَا صَلَاتَيْ جَمْعٍ أَتَمَّهَا تَمَّ سَجَدَ عَقِبَهَا لِلسَّهْوِ عَنْ الْأُولَى؛ لِأَنَّهَا كَصَلَاةٍ وَاحِدَةٍ، وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَسْجِدِ، وَمَا لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ يَسْجُدُ عِنْدَنَا لِلسَّهْوِ. انْتَهَى.

فَائِدَةٌ: لَوْ تَرَكَ رُكْنًا مِنْ آخِرِ رَكْعَةٍ سَهْوًا، ثُمَّ ذَكَرَهُ فِي الْحَالِ، فَإِنْ كَانَ سَلَامًا أَتَى بِهِ فَقَطْ، وَإِنْ كَانَ تَشَهُّدًا أَتَى بِهِ وَسَجَدَ ثُمَّ سَلَّمَ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَهُمَا أَتَى بِرَكْعَةٍ كَامِلَةٍ نَصَّ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ، وَابْنُ حَمْدَانَ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَأْتِيَ بِالرُّكْنِ وَبِمَا بَعْدَهُ، وَهُوَ أَحْسَنُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى مَا تَقَدَّمَ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ نَسِيَ أَرْبَعَ سَجَدَاتٍ مِنْ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ، وَذَكَرَ فِي التَّشَهُّدِ، سَجَدَ سَجْدَةً فَصَحَّتْ لَهُ رَكْعَةٌ، وَيَأْتِي بِثَلَاثٍ) هَذَا الْمَذْهَبُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَعَنْهُ

ص: 142

تَبْطُلُ صَلَاتُهُ، وَأَطْلَقَهُمَا الْخِرَقِيُّ، وَعَنْهُ يَبْنِي عَلَى تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ، ذَكَرَهَا الْآمِدِيُّ، وَنَقَلَهَا الْمَيْمُونِيُّ، وَعَنْهُ يَصِحُّ لَهُ رَكْعَتَانِ، ذَكَرَهَا ابْنُ تَمِيمٍ، وَصَاحِبُ الْفَائِقِ، وَغَيْرُهُمَا وَجْهًا، وَهُوَ تَخْرِيجٌ فِي النَّظْمِ وَغَيْرِهِ قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هُوَ الصَّحِيحَ، وَأَنْ يَكُونَ قَوْلًا لِأَحْمَدَ؛ لِأَنَّهُ رضي الله عنه نَقَلَهُ عَنْ الشَّافِعِيِّ، وَقَالَ: هُوَ أَشْبَهُ مِنْ قَوْلِ أَصْحَابِ الرَّأْيِ.

تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ: أَنَّهُ لَوْ ذَكَرَ بَعْدَ سَلَامِهِ، أَنَّهُ لَيْسَ كَمَنْ ذُكِرَ وَهُوَ فِي التَّشَهُّدِ، وَأَنَّ صَلَاتَهُ تَبْطُلُ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ نَصَّ عَلَيْهِ اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ، وَالْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، قُلْت: قِيَاسُ الْمَذْهَبِ قَوْلُ ابْنِ عَقِيلٍ؛ لِأَنَّ مِنْ أَصْلِنَا أَنَّ مَنْ تَرَكَ رُكْنًا مِنْ رَكْعَةٍ، فَلَمْ يَدْرِ حَتَّى سَلَّمَ: أَنَّهُ كَمَنْ تَرَكَ رَكْعَةً، وَهُنَا الْفَرْضُ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ إلَّا بَعْدَ السَّلَامِ، وَإِذَا كَانَ كَمَنْ تَرَكَ رَكْعَةً، وَالْحَاصِلُ لَهُ مِنْ الصَّلَاةِ رَكْعَةٌ فَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ رَأْسًا وَجَزَمَ بِهِ فِي الشَّرْحِ، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَقَالَ: ابْتَدَأَ الصَّلَاةَ رِوَايَةً وَاحِدَةً وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَالْفَائِقِ، وَابْنِ تَمِيمٍ، وَقِيلَ: حُكْمُهَا حُكْمُ مَا لَوْ ذَكَرَ وَهُوَ فِي التَّشَهُّدِ، قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ: إنَّمَا يَسْتَقِيمُ قَوْلُ ابْنِ عَقِيلٍ عَلَى قَوْلِ أَبِي الْخَطَّابِ فِيمَنْ تَرَكَ رُكْنًا، فَلَمْ يَذْكُرْهُ حَتَّى سَلَّمَ: أَنَّ صَلَاتَهُ تَبْطُلُ فَأَمَّا عَلَى مَنْصُوصِ أَحْمَدَ فِي الْبِنَاءِ، إذَا ذَكَرَ قَبْلَ طُولِ الْفَصْلِ: فَإِنَّهُ يَصْنَعُ كَمَا يَصْنَعُ إذَا ذَكَرَ فِي التَّشَهُّدِ. انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ.

فَوَائِدُ. الْأُولَى: لَوْ ذَكَرَ أَنَّهُ نَسِيَ أَرْبَعَ سَجَدَاتٍ مِنْ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ، بَعْدَ أَنْ قَامَ إلَى خَامِسَةٍ وَشَرَعَ فِي الْقِرَاءَةِ، وَكَانَ ذَلِكَ سَهْوًا أَوْ جَهْلًا: لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ، وَكَانَتْ هَذِهِ الْخَامِسَةُ أُولَاهُ، وَلَغَا مَا قَبْلَهَا، وَلَا يُعِيدُ الِافْتِتَاحَ فِيهَا جَزَمَ بِهِ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ

ص: 143

الثَّانِيَةُ: تَشَهُّدُهُ قَبْلَ سَجْدَتَيْ الْأَخِيرَةِ زِيَادَةٌ فِعْلِيَّةٌ، وَقَبْلَ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ زِيَادَةٌ قَوْلِيَّةٌ.

الثَّالِثَةُ: لَوْ تَرَكَ سَجْدَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا مِنْ رَكْعَتَيْنِ جَهِلَهُمَا: صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، وَإِنْ تَرَكَ ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا مِنْ ثَلَاثٍ: صَلَّى ثَلَاثًا، وَإِنْ تَرَكَ مِنْ الْأَوَّلَةَ سَجْدَةً، وَمِنْ الثَّانِيَةِ سَجْدَتَيْنِ وَمِنْ الرَّابِعَةِ سَجْدَةً، وَذَكَرَ فِي التَّشَهُّدِ: سَجَدَ سَجْدَةً وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، وَإِنْ تَرَكَ خَمْسَ سَجَدَاتٍ مِنْ ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ، أَوْ مِنْ أَرْبَعٍ: أَتَى بِسَجْدَتَيْنِ فَصَحَّتْ لَهُ رَكْعَةٌ كَامِلَةٌ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ نَسِيَ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ وَنَهَضَ، لَزِمَهُ الرُّجُوعُ مَا لَمْ يَنْتَصِبْ قَائِمًا فَإِنْ اسْتَتَمَّ قَائِمًا لَمْ يَرْجِعْ، وَإِنْ رَجَعَ جَازَ) اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا تَرَكَ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ نَاسِيًا وَقَامَ إلَى ثَالِثَةٍ، لَمْ يَخْلُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ أَحَدُهَا: أَنْ يَذْكُرَ قَبْلَ أَنْ يَعْتَدِلَ قَائِمًا فَهُنَا يَلْزَمُهُ الرُّجُوعُ لِلتَّشَهُّدِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا، وَلَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا، وَيَلْزَمُ الْمَأْمُومَ مُتَابَعَتُهُ، وَلَوْ بَعْدَ قِيَامِهِمْ وَشُرُوعِهِمْ فِي الْقِرَاءَةِ.

الْحَالُ الثَّانِيَةُ: ذَكَرَهُ بَعْدَ أَنْ اسْتَتَمَّ قَائِمًا وَقَبْلَ شُرُوعِهِ فِي الْقِرَاءَةِ فَجَزَمَ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ، وَإِنْ رَجَعَ جَازَ فَظَاهِرُهُ: أَنَّ الرُّجُوعَ مَكْرُوهٌ، وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَاتِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَالْأَشْهَرُ يُكْرَهُ الرُّجُوعُ وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ قَالَ الشَّارِحُ: الْأَوْلَى أَنْ لَا يَرْجِعَ، وَإِنْ رَجَعَ جَازَ قَالَ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ: وَالْأَوْلَى لَهُ أَنْ لَا يَرْجِعَ، وَهُوَ أَصَحُّ قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْمُغْنِي: أَوْلَى وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّلْخِيصِ، وَنَاظِمِ الْمُفْرَدَاتِ، وَهُوَ مِنْهَا وَقَدَّمَهُ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَعَنْهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ الرُّجُوعِ وَعَدَمِهِ، وَعَنْهُ يَمْضِي فِي صَلَاتِهِ، وَلَا يَرْجِعُ وُجُوبًا اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ، وَصَاحِبُ الْفَائِقِ، وَعَنْهُ يَجِبُ الرُّجُوعُ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ

ص: 144

فَائِدَةٌ: لَوْ كَانَ إمَامًا، فَلَمْ يُذَكِّرْهُ الْمَأْمُومُ حَتَّى قَامَ، فَاخْتَارَ الْمُضِيَّ أَوْ شَرَعَ فِي الْقِرَاءَةِ: لَزِمَ الْمَأْمُومَ مُتَابَعَتُهُ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَنْهُ يَتَشَهَّدُ الْمَأْمُومُ وُجُوبًا. قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي التَّذْكِرَةِ: يَتَشَهَّدُ الْمَأْمُومُ وَلَا يَتْبَعُهُ فِي الْقِيَامِ فَإِنْ تَبِعَهُ وَلَمْ يَتَشَهَّدْ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ.

الْحَالُ الثَّالِثَةُ: ذَكَرَهُ بَعْدَ أَنْ شَرَعَ فِي الْقِرَاءَةِ فَهُنَا لَا يَرْجِعُ قَوْلًا وَاحِدًا كَمَا قَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ شَرَعَ فِي الْقِرَاءَةِ لَمْ يَجُزْ لَهُ الرُّجُوعُ) قَوْلُهُ (وَعَلَيْهِ السُّجُودُ لِذَلِكَ كُلِّهِ) أَمَّا فِي الْحَالِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ: فَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ فِيهِمَا بِلَا خِلَافٍ أَعْلَمُهُ، وَأَمَّا فِي الْحَالِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ مَا إذَا لَمْ يَنْتَصِبْ قَائِمًا وَرَجَعَ: فَقَطَعَ الْمُصَنِّفُ هُنَا بِأَنَّهُ يَسْجُدُ لَهُ أَيْضًا، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَقِيلَ: لَا يَجِبُ السُّجُودُ لِذَلِكَ، وَعَنْهُ إنْ كَثُرَ نُهُوضُهُ سَجَدَ لَهُ وَإِلَّا فَلَا، وَهُوَ وَجْهٌ لِبَعْضِ الْأَصْحَابِ وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَقَالَ فِي التَّلْخِيصِ: يَسْجُدُ إنْ كَانَ انْتَهَى إلَى حَدِّ الرَّاكِعِينَ، وَإِلَّا فَلَا، وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَقِيلَ بَلْ يُخَيَّرُ بَيْنَهُمَا. فَائِدَةٌ: لَوْ نَسِيَ التَّشَهُّدَ دُونَ الْجُلُوسِ لَهُ، فَحُكْمُهُ فِي الرُّجُوعِ إلَيْهِ حُكْمُ مَا لَوْ نَسِيَهُ مَعَ الْجُلُوسِ؛ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ.

فَائِدَةٌ: حُكْمُ التَّسْبِيحِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، وَقَوْلِ (رَبِّ اغْفِرْ لِي) بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، وَكُلُّ وَاجِبٍ إذَا تَرَكَهُ سَهْوًا ثُمَّ ذَكَرَهُ: حُكْمُ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ، فَيَرْجِعُ إلَى تَسْبِيحِ الرُّكُوعِ قَبْلَ اعْتِدَالِهِ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَجَزَمَ بِهِ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ فَقَالَ: وَمَنْ نَسِيَ تَسْبِيحَ الرُّكُوعِ ثُمَّ ذَكَرَ قَبْلَ أَنْ يَنْتَصِبَ قَائِمًا رَجَعَ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَقِيلَ: لَا يَرْجِعُ وَيَبْطُلُ. لِعَمْدِهِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي فِي بَابِ صِفَةِ الصَّلَاةِ، وَالشَّرْحِ وَقَدَّمَهُ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ.

ص: 145

وَإِنْ ذَكَرَهُ بَعْدَ اعْتِدَالِهِ لَزِمَهُ الْمُضِيُّ، وَلَمْ يَجُزْ الرُّجُوعُ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالْكَافِي، وَالشَّرْحِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَابْنِ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ وَقَدَّمَهُ فِي الْفَائِقِ، وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ، وَقِيلَ: يَجُوزُ الرُّجُوعُ. كَمَا فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَقَدَّمَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ فَقَالَ: وَإِذَا انْتَصَبَ فَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَرْجِعَ فَإِنْ رَجَعَ جَازَ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي كَالتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ، وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ أَنْ يَرْجِعَ. انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ فَعَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِ الرُّجُوعِ فِيهِمَا: لَوْ رَجَعَ فَأَدْرَكَهُ مَسْبُوقٌ، وَهُوَ رَاكِعٌ فَقَدْ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ بِذَلِكَ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَقِيلَ: لَا يُدْرِكُهَا بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ نَفْلٌ كَرُجُوعِهِ إلَى الرُّكُوعِ سَهْوًا.

قَوْلُهُ (وَأَمَّا الشَّكُّ، فَمَتَى شَكَّ: فِي عَدَدِ الرَّكَعَاتِ بَنَى عَلَى الْيَقِينِ) هَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، مِنْهُمْ: أَبُو بَكْرٍ، وَالْقَاضِي، وَأَبُو الْخَطَّابِ، وَالشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرٍ، وَالْمَجْدُ، وَصَاحِبُ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ فِيهِ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَابْنِ تَمِيمٍ، وَفُرُوعِ الْقَاضِي أَبِي الْحُسَيْنِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ، وَعَنْهُ يَبْنِي عَلَى غَالِبِ ظَنِّهِ قَدَّمَهُ فِي الْفَائِقِ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَقَالَ: عَلَى هَذَا عَامَّةُ أُمُورِ الشَّرْعِ، وَأَنَّ مِثْلَهُ يُقَالُ فِي طَوَافٍ وَسَعْيٍ وَرَمْيِ جِمَارٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ قَالَ الشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرٍ، وَأَبُو الْخَطَّابِ: هَذَا اخْتِيَارُ الْخِرَقِيِّ،

ص: 146

قَوْلُهُ (وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ: أَنَّ الْمُنْفَرِدَ يَبْنِي عَلَى الْيَقِينِ، وَالْإِمَامَ عَلَى غَالِبِ ظَنِّهِ) ، وَكَذَا قَالَ فِي الْكَافِي، وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، يَعْنُونَ ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ عِنْدَهُمْ قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ: هَذِهِ الْمَشْهُورَةُ فِي الْمَذْهَبِ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ، وَقَالَ: هِيَ الْمَشْهُورَةُ عَنْ أَحْمَدَ، وَاخْتِيَارُ الْخِرَقِيِّ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَاخْتُلِفَ فِي اخْتِيَارِ الْخِرَقِيِّ، قَالَ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ: وَيَأْخُذُ مُنْفَرِدٌ بِيَقِينِهِ، وَإِمَامٌ بِظَنِّهِ، عَلَى الْأَشْهَرِ فِيهَا وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْعُمْدَةِ، وَالْوَجِيزِ، وَالْإِفَادَاتِ وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَقَطَعَ فِي التَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ بِأَنَّ الْمُنْفَرِدَ يَبْنِي عَلَى الْيَقِينِ، وَأَطْلَقَ فِي الْإِمَامِ وَالْمُنْفَرِدِ الرِّوَايَتَيْنِ، وَقَالَ فِي الْمَذْهَبِ: يَبْنِي الْمُنْفَرِدُ عَلَى الْيَقِينِ رِوَايَةً وَاحِدَةً، وَكَذَا الْإِمَامُ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ، وَكَذَا فِي مَسْبُوكِ الذَّهَبِ فَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْإِمَامَ يَبْنِي عَلَى غَالِبِ ظَنِّهِ، قَالَ الْأَصْحَابُ: لِأَنَّ لَهُ مَنْ يُنَبِّهُهُ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَمُرَادُهُمْ مَا لَمْ يَكُنْ الْمَأْمُومُ وَاحِدًا فَإِنْ كَانَ الْمَأْمُومُ وَاحِدًا أَخَذَ الْإِمَامُ بِالْيَقِينِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَرْجِعُ إلَيْهِ، وَبِدَلِيلِ الْمَأْمُومِ الْوَاحِدِ لَا يَرْجِعُ إلَى فِعْلِ إمَامِهِ، وَيَبْنِي عَلَى الْيَقِينِ، لِلْمَعْنَى الْمَذْكُورِ فَيُعَايَى بِهَا. انْتَهَى. وَبِدَلِيلِ الْمَأْمُومِ الْوَاحِدِ لَا يَرْجِعُ.

قُلْت: قَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ ابْنُ تَمِيمٍ، فَقَالَ: إنْ كَانَ الْمَأْمُومُ وَاحِدًا لَا يُقَلِّدُ إمَامَهُ وَيَبْنِي عَلَى الْيَقِينِ، وَكَذَا لَا يَرْجِعُ الْإِمَامُ إلَى تَسْبِيحِ الْمَأْمُومِ الْوَاحِدِ، لَكِنْ مَتَى كَانَ مَنْ سَبَّحَ عَلَى يَقِينٍ مِنْ خَطَأِ إمَامِهِ لَمْ يُتَابِعْهُ وَلَا يُسَلِّمُ قَبْلَهُ. انْتَهَى. قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ: لَوْ كَانَ الْمَأْمُومُ وَاحِدًا، فَشَكَّ الْمَأْمُومُ، فَلَمْ أَجِدْ فِيهَا نَصًّا عَنْ أَصْحَابِنَا. وَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ: لَا يُقَلِّدُ إمَامَهُ، وَيَبْنِي عَلَى الْيَقِينِ كَالْمُنْفَرِدِ، لَكِنْ لَا يُفَارِقُهُ قَبْلَ السَّلَامِ، فَإِذَا سَلَّمَ أَتَى بِالرَّكْعَةِ الْمَشْكُوكِ فِيهَا وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ.

ص: 147

فَائِدَتَانِ. الْأُولَى: يَأْخُذُ الْمَأْمُومُ بِفِعْلِ إمَامِهِ، وَفِي فِعْلِ نَفْسِهِ يَبْنِي عَلَى الْيَقِينِ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَقِيلَ: يَأْخُذُ بِغَلَبَةِ ظَنِّهِ.

الثَّانِيَةُ: حَيْثُ قُلْنَا يَبْنِي عَلَى الْيَقِينِ أَوْ التَّحَرِّي، فَفَعَلَ ثُمَّ تَيَقَّنَ أَنَّهُ مُصِيبٌ فِيمَا فَعَلَهُ، فَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ: لَمْ يَسْجُدْ إلَّا أَنْ يَزُولَ شَكُّهُ بَعْدَ أَنْ فَعَلَ مَعَهُ مَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ زَائِدًا فَإِنَّهُ يَسْجُدُ. مِثَالُهُ: لَوْ كَانَ فِي سُجُودِ رَكْعَةٍ مِنْ الرُّبَاعِيَّةِ، وَشَكَّ هَلْ هِيَ أُولَاهُ أَوْ ثَانِيَتُهُ؟ فَبَنَى عَلَى الْيَقِينِ وَصَلَّى أُخْرَى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ زَالَ شَكُّهُ لَمْ يَسْجُدْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ إلَّا مَا هُوَ مَأْمُورٌ بِهِ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: قُلْت بَلْ قَدْ زَادَ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ، وَتَرَكَهُ فِي مَوْضِعِهِ، عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهَا ثَانِيَةٌ. انْتَهَى.

قَالَ الْمَجْدُ: وَلَوْ صَلَّى مَعَ الشَّكِّ ثَلَاثًا، أَوْ شَرَعَ فِي ثَالِثَةٍ، ثُمَّ تَحَقَّقَ أَنَّهَا رَابِعَةٌ سَجَدَ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا عَلَيْهِ مُتَرَدِّدًا فِي كَوْنِهِ زِيَادَةً، وَذَلِكَ نَقْصٌ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى، وَلَوْ شَكَّ وَهُوَ سَاجِدٌ هَلْ هُوَ فِي السَّجْدَةِ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ؟ . ثُمَّ زَالَ شَكُّهُ لَمَّا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ سُجُودِهِ، فَلَا سَهْوَ عَلَيْهِ، وَلَوْ لَمْ يَزُلْ شَكُّهُ حَتَّى سَجَدَ ثَانِيًا، لَزِمَهُ سُجُودُ السَّهْوِ؛ لِأَنَّهُ أَدَّى فَرْضَهُ شَاكًّا فِي كَوْنِهِ زَائِدًا قَالَ: هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِنَا، وَفِيهِمَا وَجْهٌ لَا يَسْجُدُ فِي الْقِسْمَيْنِ جَمِيعًا، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ فَقَالَ: وَإِذَا سَهَا فَتَذَكَّرَ فِي صَلَاتِهِ لَمْ يَسْجُدْ. انْتَهَى. كَلَامُ الْمَجْدِ، وَتَابَعَهُ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ يَسْجُدُ، قَالَهُ فِي التَّلْخِيصِ وَقَدَّمَهُ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ. قُلْت: فَيُعَايَى بِهَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ

ص: 148

قَوْلُهُ (وَمَنْ شَكَّ فِي تَرْكِ رُكْنٍ فَهُوَ كَتَرْكِهِ) هَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ، وَقِيلَ: هُوَ كَتَرْكِ رَكْعَةٍ قِيَاسًا، فَيَتَحَرَّى وَيَعْمَلُ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ، وَقَالَهُ أَبُو الْفَرَجِ فِي قَوْلٍ وَفِعْلٍ.

فَائِدَةٌ: قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ: لَوْ جَهِلَ عَيْنَ الرُّكْنِ الْمَتْرُوكِ بَنَى عَلَى الْأَحْوَطِ فَإِنْ شَكَّ فِي الْقِرَاءَةِ وَالرُّكُوعِ جَعَلَهُ قِرَاءَةً، وَإِنْ شَكَّ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ جَعَلَهُ رُكُوعًا، وَإِنْ تَرَكَ آيَتَيْنِ مُتَوَالِيَتَيْنِ مِنْ الْفَاتِحَةِ جَعَلَهُمَا مِنْ رَكْعَةٍ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ تَوَالِيهِمَا جَعَلَهُمَا مِنْ رَكْعَتَيْنِ، وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ: أَنَّهُ يَتَحَرَّى، وَيَعْمَلُ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ فِي تَرْكِ الرُّكْنِ كَالرَّكْعَةِ، وَقَالَ أَبُو الْفَرَجِ: التَّحَرِّي سَائِغٌ فِي الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ كَمَا تَقَدَّمَ. انْتَهَى.

قَوْلُهُ (وَإِنْ شَكَّ فِي تَرْكِ وَاجِبٍ، فَهَلْ يَلْزَمُهُ السُّجُودُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ) وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالْكَافِي، وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ. (إحْدَاهُمَا: لَا يَلْزَمُهُ وَهُوَ الْمَذْهَبُ) وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ قَالَ فِي الْمُذْهَبِ: هُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: لَمْ يَسْجُدْ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ، وَالْمُصَنِّفُ، وَالْمَجْدُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَلْزَمُهُ صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَالنَّظْمِ، وَالشَّرْحِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْفَائِقِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِفَادَاتِ، وَالْمُنَوِّرِ.

ص: 149

فَائِدَةٌ: لَوْ شَكَّ، هَلْ دَخَلَ مَعَهُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ؟ جَعَلَهُ فِي الثَّانِيَةِ وَلَوْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ رَاكِعًا، ثُمَّ شَكَّ بَعْدَ تَكْبِيرِهِ: هَلْ رَفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ قَبْلَ إدْرَاكِهِ رَاكِعًا أَمْ لَا؟ لَمْ يَعْتَدَّ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَقِيلَ: يَعْتَدُّ بِهَا، ذَكَرَهُ فِي التَّلْخِيصِ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ شَكَّ فِي زِيَادَةٍ لَمْ يَسْجُدْ) هَذَا الْمَذْهَبُ نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَعَنْهُ يَسْجُدُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي. كَشَكِّهِ فِي الزِّيَادَةِ وَقْتَ فِعْلِهَا، وَأَطْلَقَهَا ابْنُ تَمِيمٍ.

فَوَائِدُ. إحْدَاهَا: لَوْ سَجَدَ لِشَكٍّ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ سُجُودٌ وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْكِسَائِيّ مَعَ أَبِي يُوسُفَ قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالنُّكَتِ: فَفِي وُجُوبِ السُّجُودِ عَلَيْهِ وَجْهَانِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَالْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ، أَحَدُهُمَا: يَسْجُدُ جَزَمَ بِهِ فِي التَّلْخِيصِ، وَالثَّانِي: لَا يَسْجُدُ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا اخْتَارَهُ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَقِيلَ: يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ فِي النَّقْصِ لَا فِي الزِّيَادَةِ، وَهُوَ أَظْهَرُ. انْتَهَى. الثَّانِيَةُ: لَا أَثَرَ لِشَكِّ مَنْ سَلَّمَ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ نَصَّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: بَلَى، مَعَ قِصَرِ الزَّمَنِ.

الثَّالِثَةُ: إذَا عَلِمَ أَنَّهُ سَهَا فِي صَلَاتِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ: هَلْ هُوَ مِمَّا يُسْجَدُ لَهُ أَمْ لَا؟ لَمْ يَسْجُدْ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَقِيلَ: يَسْجُدُ. الرَّابِعَةُ: لَوْ شَكَّ فِي مَحَلِّ سُجُودِهِ سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ، قَالَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَابْنُ حَمْدَانَ.

الْخَامِسَةُ: لَوْ شَكَّ هَلْ سَجَدَ لِسَهْوِهِ أَمْ لَا؟ سَجَدَ مَرَّةً، وَقِيلَ: مَرَّتَيْنِ قَبْلَ السَّلَامِ، وَقِيلَ: يَفْعَلُ مَا تَرَكَهُ وَلَا يَسْجُدُ لَهُ، وَقِيلَ: إنْ شَكَّ هَلْ سَجَدَ لَهُ:

ص: 150

سَجَدَ لَهُ سَجْدَتَيْنِ، وَسَجَدَ لِسَهْوِهِ سَجْدَتَيْنِ بَعْدَ فِعْلِ مَا تَرَكَهُ كُلُّ ذَلِكَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَغَيْرِهِ.

قَوْلُهُ (وَلَيْسَ عَلَى الْمَأْمُومِ سُجُودُ سَهْوٍ) زَادَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَلَوْ أَتَى بِمَا تَرَكَهُ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ، وَخَالَفَهُ الْمَجْدُ وَغَيْرُهُ فِي ذَلِكَ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ إذَا شَكَّ فِي عَدَدِ الرَّكَعَاتِ قَوْلُهُ (إلَّا أَنْ يَسْهُوَ إمَامُهُ فَيَسْجُدَ مَعَهُ) يَعْنِي وَلَوْ لَمْ يُتِمَّ الْمَأْمُومُ التَّشَهُّدَ سَجَدَ مَعَهُ ثُمَّ يُتِمُّهُ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَقِيلَ: يُتِمُّهُ ثُمَّ يُعِيدُ السُّجُودَ ثَانِيًا، وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ قَوْلُهُ (فَإِنْ لَمْ يَسْجُدْ الْإِمَامُ فَهَلْ يَسْجُدُ الْمَأْمُومُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْكَافِي، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَابْنِ تَمِيمٍ وَالْمُغْنِي، إحْدَاهُمَا: يَسْجُدُ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: سَجَدَ هُوَ عَلَى الْأَصَحِّ قَالَ فِي الْفَائِقِ: الْأَصَحُّ فِعْلُهُ اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ، وَالْمُصَنِّفُ، وَالْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ، وَالرِّوَايَتَيْنِ قَالَ فِي الْحَاوِيَيْنِ: سَجَدَ الْمَأْمُومُ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ: يَسْجُدُ الْمَأْمُومُ عَلَى الْأَصَحِّ وَنَصَرَهَا الشَّرِيفُ، وَأَبُو الْخَطَّابِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِفَادَاتِ، وَالْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ أَبُو الْحُسَيْنِ فِي فُرُوعِهِ، وَهُوَ مِنْ الْمُفْرَدَاتِ، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يَلْزَمُهُ السُّجُودُ، وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَالْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: لَمْ يَسْجُدْ فِي أَظْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ قَالَ فِي الْوَجِيزِ: وَلَا سُجُودَ عَلَى مَأْمُومٍ إلَّا تَبَعًا لِإِمَامِهِ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ.

فَوَائِدُ. مِنْهَا: قَالَ الْمَجْدُ، وَمَنْ تَابَعَهُ: مَحَلُّ الرِّوَايَتَيْنِ فِيمَا إذَا تَرَكَهُ الْإِمَامُ سَهْوًا قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، قُلْت: وَزَادَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: قَيْدًا آخَرَ، وَهُوَ مَا إذَا لَمْ يَسْهُ الْمَأْمُومُ

ص: 151

فَإِنْ سَهَوْا مَعًا وَلَمْ يَسْجُدْ الْإِمَامُ سَجَدَ الْمَأْمُومُ، رِوَايَةً وَاحِدَةً: لِئَلَّا تَخْلُوَ الصَّلَاةُ عَنْ جَابِرٍ فِي حَقِّهِ، مَعَ نَقْصِهَا مِنْهُ حِسًّا، بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ، وَأَمَّا الْمَسْبُوقُ: فَإِنَّ سُجُودَهُ لَا يُخِلُّ بِمُتَابَعَةِ إمَامِهِ فَلِذَا قُلْنَا: يَسْجُدُ بِلَا خِلَافٍ كَمَا تَقَدَّمَ. انْتَهَى. قَالَ الْمَجْدُ وَمَنْ تَابَعَهُ: وَأَمَّا إنْ تَرَكَهُ الْإِمَامُ عَمْدًا وَهُوَ مِمَّا يُشْرَعُ قَبْلَ السَّلَامِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، وَهَلْ تَبْطُلُ صَلَاةُ مَنْ خَلْفَهُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ يَأْتِي أَصْلُهُمَا. انْتَهَى. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: نَعَمْ إنْ تَرَكَهُ عَمْدًا لِاعْتِقَادِهِ عَدَمَ وُجُوبِهِ فَهُوَ كَتَرْكِهِ سَهْوًا عِنْدَ أَبِي مُحَمَّدٍ، ثُمَّ قَالَ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُخَرَّجُ عَلَى تَرْكِ الْإِمَامِ مَا يَعْتَقِدُ الْمَأْمُومُ وُجُوبَهُ، وَمِنْهَا: حَيْثُ قُلْنَا يَسْجُدُ الْمَأْمُومُ إذَا لَمْ يَسْجُدْ إمَامُهُ: فَمَحَلُّهُ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ، وَأَلَّا يَيْأَسَ مِنْ سُجُودِهِ ظَاهِرًا؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا ذَكَرَ فَسَجَدَ، وَقَدْ يَكُونُ مِمَّنْ يَرَى السُّجُودَ بَعْدَ السَّلَامِ، فَلَا يُعْلَمُ أَنَّهُ تَارِكٌ إلَّا بِذَلِكَ قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: قُلْت وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَقُولَ (سَبِّحْ بِهِ) فَإِنْ لَمْ يُفْهَمْ الْمُرَادُ أَشَارَ لَهُ إلَى السُّجُودِ، عَلَى مَا مَضَى مِنْ التَّفْصِيلِ، وَلَمْ أَقِفْ عَلَى مَنْ صَرَّحَ بِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ يَدْخُلُ فِي عُمُومِ كَلَامِ الْأَصْحَابِ. انْتَهَى. وَمِنْهَا: الْمَسْبُوقُ يَسْجُدُ تَبَعًا لِإِمَامِهِ إنْ سَهَا الْإِمَامُ فِيمَا أَدْرَكَهُ مَعَهُ، وَكَذَا إنْ سَهَا فِيمَا لَمْ يُدْرِكْهُ مَعَهُ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَنْهُ يَسْجُدُ مَعَهُ إنْ سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ، وَإِلَّا قَضَى بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ ثُمَّ سَجَدَ، وَعَنْهُ يَقْضِي ثُمَّ يَسْجُدُ، سَوَاءٌ سَجَدَ إمَامُهُ قَبْلَ السَّلَامِ أَوْ بَعْدَهُ، وَعَنْهُ يُخَيَّرُ فِي مُتَابَعَتِهِ، وَعَنْهُ يَسْجُدُ مَعَهُ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ مِنْ الْمُفْرَدَاتِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي التَّلْخِيصِ، وَقَالَ: أَصْلُهُمَا هَلْ يَسْجُدُ الْمَأْمُومُ لِسَهْوِ إمَامِهِ، أَوْ لِمُتَابَعَتِهِ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ فَإِذَا قُلْنَا: يَسْجُدُ الْمَسْبُوقُ مَعَ إمَامِهِ، فَلَمْ يَسْجُدْ إمَامُهُ سَجَدَ هُوَ، رِوَايَةً وَاحِدَةً، وَحَكَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ إجْمَاعًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ جَابِرٌ مِنْ إمَامِهِ قَالَ فِي النُّكَتِ: وَفِي مَعْنَاهُ: إذَا انْفَرَدَ الْمَأْمُومُ بِعُذْرٍ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ

ص: 152

وَإِنْ لَمْ يَسْجُدْ إمَامُهُ، قَطَعَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ، مِنْهُمْ: صَاحِبُ الرِّعَايَةِ، وَيَأْتِي فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ فِي الْوَجْهِ الثَّانِي أَحْكَامُ السَّهْوِ إذَا فَارَقَتْهُ إحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ.

وَمِنْهَا: لَوْ قَامَ الْمَسْبُوقُ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ جَهْلًا بِمَا عَلَيْهِ مِنْ سُجُودٍ بَعْدَ السَّلَامِ أَوْ قَبْلَهُ، وَقَدْ نَسِيَهُ وَلَمْ يَشْرَعْ فِي الْقِرَاءَةِ: رَجَعَ فَسَجَدَ مَعَهُ وَبَنَى نَصَّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: لَا يَرْجِعُ، وَقِيلَ: إنْ لَمْ يُتِمَّ قِيَامَهُ رَجَعَ وَإِلَّا فَلَا بَلْ يَسْجُدُ هُوَ قَبْلَ سَلَامِ إمَامِهِ قَالَ فِي الْحَاوِيَيْنِ: وَعِنْدِي إنْ لَمْ يَسْتَتِمَّ قَائِمًا رَجَعَ وَإِلَّا فَلَا، وَإِنْ شَرَعَ فِي الْقِرَاءَةِ لَمْ يَرْجِعْ قَوْلًا وَاحِدًا.

وَمِنْهَا: لَوْ أَدْرَكَ الْمَسْبُوقُ الْإِمَامَ فِي إحْدَى سَجْدَتَيْ السَّهْوِ وَسَجَدَ مَعَهُ فَإِذَا سَلَّمَ أَتَى بِالسَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ ثُمَّ قَضَى صَلَاتَهُ نَصَّ عَلَيْهِ وَقِيلَ: لَا يَأْتِي بِالسَّجْدَةِ الْأُخْرَى، بَلْ يَقْضِي صَلَاتَهُ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ ثُمَّ يَسْجُدُ، وَمِنْهَا: لَوْ أَدْرَكَهُ بَعْدَ أَنْ سَجَدَ لِلسَّهْوِ وَقَبْلَ السَّلَامِ لَمْ يَسْجُدْ، ذَكَرَهُ فِي الْمُذْهَبِ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ عَلَيْهِ فِي الْفُرُوعِ، وَمِنْهَا: لَوْ سَهَا فَسَلَّمَ أَوْ سَهَا مَعَهُ، أَوْ فِيمَا انْفَرَدَ بِهِ: سَجَدَ.

قَوْلُهُ (وَسُجُودُ السَّهْوِ لِمَا يُبْطِلُ عَمْدُهُ الصَّلَاةَ: وَاجِبٌ) وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، وَعَنْهُ يُشْتَرَطُ السُّجُودُ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ قَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ: وَهُوَ الْمَشْهُورُ عَنْ أَحْمَدَ، وَعَنْهُ مَسْنُونٌ. قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ، وَتَأَوَّلَهَا بَعْضُ الْأَصْحَابِ. قُلْت: هُوَ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُغْنِي.

تَنْبِيهٌ: يُسْتَثْنَى مِنْ عُمُومِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا: سُجُودُ السَّهْوِ نَفْسُهُ. فَإِنَّ الصَّلَاةَ تَصِحُّ مَعَ سَهْوِهِ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، عَلَى مَا يَأْتِي، دُونَ عَمْدِهِ الَّذِي قَبْلَ السَّلَامِ، وَكَذَا الَّذِي بَعْدَهُ، عَلَى قَوْلٍ يَأْتِي، وَلَا يَجِبُ لِسَهْوِهِ سُجُودٌ آخَرُ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ أَوَّلَ الْبَابِ، وَيُسْتَثْنَى أَيْضًا: إذَا لَحَنَ لَحْنًا يُحِيلُ الْمَعْنَى سَهْوًا أَوْ جَهْلًا، وَقُلْنَا لَا تَبْطُلُ

ص: 153

صَلَاتُهُ، كَمَا هُوَ اخْتِيَارُ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ فَإِنَّ الْمَجْدَ قَطَعَ فِي شَرْحِهِ: أَنَّهُ لَا يَسْجُدُ لِسَهْوِهِ. قَالَ فِي النُّكَتِ: وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ عَمْدَهُ مُبْطِلٌ فَوَجَبَ السُّجُودُ لِسَهْوِهِ، وَهَذَا ظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ فِي الْفُرُوعِ قَوْلُهُ (وَمَحَلُّهُ قَبْلَ السَّلَامِ، إلَّا فِي السَّلَامِ قَبْلَ إتْمَامِ صَلَاتِهِ، وَفِيمَا إذَا بَنَى الْإِمَامُ عَلَى غَالِبِ ظَنِّهِ) ، وَهَذَا الْمَذْهَبُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَالْمَعْرُوفُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَابْنُ حَمْدَانَ، وَغَيْرُهُمَا: هُوَ الْمَذْهَبُ قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: اخْتَارَهَا مَشَايِخُ الْأَصْحَابِ وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ، وَهُوَ مِنْ الْمُفْرَدَاتِ، وَأَمَّا إذَا قُلْنَا يَبْنِي الْإِمَامُ عَلَى الْيَقِينِ: فَإِنَّهُ يَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ، وَيَكُونُ السُّجُودُ بَعْدَهُ فِي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ.

تَنْبِيهٌ: أَطْلَقَ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ قَوْلَهُمْ (السَّلَامُ قَبْلَ إتْمَامِ صَلَاتِهِ) وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ بَعْضِهِمْ " السَّلَامُ عَنْ نَقْصٍ " وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ، وَقَالَ الْقَاضِي، وَالْمَجْدُ وَمَنْ تَابَعَهُمَا: وَالْأَفْضَلُ قَبْلَهُ إلَّا إذَا سَلَّمَ عَنْ نَقْصِ رَكْعَةٍ فَأَكْثَرَ، وَإِلَّا سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ حَرْبٍ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْحَاوِيَيْنِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ مُوجَبُ الدَّلِيلِ، وَعَنْهُ أَنَّ الْجَمِيعَ يَسْجُدُ لَهُ قَبْلَ السَّلَامِ اخْتَارَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ، وَابْنُهُ أَبُو الْفَرَجِ قَالَ الْقَاضِي فِي الْخِلَافِ وَغَيْرِهِ: وَهُوَ الْقِيَاسُ، قَالَ النَّاظِمُ: وَهُوَ أَوْلَى وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْفَائِقُ، وَعَنْهُ أَنَّ الْجَمِيعَ بَعْدَ السَّلَامِ، وَعَنْهُ مَا كَانَ مِنْ زِيَادَةٍ فَهُوَ بَعْدَ السَّلَامِ، وَمَا كَانَ مِنْ نَقْصٍ كَانَ قَبْلَهُ فَيَسْجُدُ مَنْ أَخَذَ بِالْيَقِينِ قَبْلَ السَّلَامِ، وَمَنْ أَخَذَ بِظَنِّهِ بَعْدَهُ اخْتَارَهَا الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَعَنْهُ مَا كَانَ مِنْ نَقْصٍ فَهُوَ بَعْدَ السَّلَامِ، وَمَا كَانَ مِنْ زِيَادَةٍ كَانَ قَبْلَهُ، عَكْسُ الَّتِي قَبْلَهَا.

ص: 154

فَائِدَةٌ: مَحَلُّ الْخِلَافِ فِي سُجُودِ السَّهْوِ: هَلْ هُوَ قَبْلَ السَّلَامِ، أَوْ بَعْدَهُ، أَوْ قَبْلَهُ إلَّا فِي صُورَتَيْنِ، أَوْ مَا كَانَ مِنْ زِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ؟ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِحْبَابِ وَالْأَفْضَلِيَّةِ، فَيَجُوزُ السُّجُودُ بَعْدَ السَّلَامِ إذَا كَانَ مَحَلُّهُ قَبْلَ السَّلَامِ وَعَكْسُهُ، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَذَكَرَهُ الْقَاضِي، وَأَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ الْمَجْدُ وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ قَالَ الْقَاضِي: لَا خِلَافَ فِي جَوَازِ الْأَمْرَيْنِ، وَإِنَّمَا الْكَلَامُ فِي الْأَوْلَى وَالْأَفْضَلِ، وَذَكَرَهُ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ إجْمَاعًا، وَقِيلَ: مَحَلُّهُ وُجُوبًا اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ.

وَقَالَ: عَلَيْهِ يَدُلُّ كَلَامُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ صَاحِبِ الْمُسْتَوْعِبِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْمُصَنِّفِ، وَغَيْرِهِمْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي مُحَمَّدٍ، وَأَكْثَرِ الْأَصْحَابِ: أَنَّهُ عَلَى سَبِيلِ الْوُجُوبِ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفَائِقِ، وَابْنِ تَمِيمٍ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ نَسِيَهُ قَبْلَ السَّلَامِ قَضَاهُ، مَا لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ، أَوْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَسْجِدِ) . اشْتَرَطَ الْمُصَنِّفُ لِقَضَاءِ السُّجُودِ شَرْطَيْنِ أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ فِي الْمَسْجِدِ، وَالثَّانِي: أَنْ لَا يَطُولَ الْفَصْلُ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ نَصَّ عَلَيْهِ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَلَعَلَّهُ أَشْهَرُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَابْنُ مُنَجَّا فِي شَرْحِهِ: هَذَا الْمَذْهَبُ قَالَ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ: عَلَى الْأَظْهَرِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِفَادَاتِ، وَالْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ وَالتَّلْخِيصُ، وَالْمُحَرَّرُ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَالرِّعَايَةُ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَمَجْمَعُ الْبَحْرَيْنِ، وَإِدْرَاكُ الْغَايَةِ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: فَإِنْ نَسِيَهُ قَبْلَهُ سَجَدَ بَعْدَهُ إنْ قَرُبَ الزَّمَنُ، وَقِيلَ: أَوْ طَالَ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ، وَعَنْهُ يُشْتَرَطُ أَيْضًا أَنْ لَا يَتَكَلَّمَ، ذَكَرَهَا الشَّرِيفُ فِي مَسَائِلِهِ، وَقِيلَ: يَسْجُدُ إنْ تَكَلَّمَ لِمَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ، وَإِلَّا فَلَا، وَعَنْهُ يَسْجُدُ مَعَ قِصَرِ

ص: 155

الْفَصْلِ، وَلَوْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ اخْتَارَهَا الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَقَالَ: نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْوَجِيزِ فَإِنَّهُ قَالَ: وَإِنْ نَسِيَهُ وَسَلَّمَ سَجَدَ إنْ قَرُبَ زَمَنُهُ.

قَالَ الشَّارِحُ: اخْتَارَهَا الْقَاضِي قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَلَوْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ وَلَمْ يُطِلْ، سَجَدَ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وَقَدَّمَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الْكَافِي فَإِنَّهُ قَالَ: فَإِنْ نَسِيَ السُّجُودَ فَذَكَرَهُ قَبْلَ طُولِ الْفَصْلِ سَجَدَ، وَعَنْهُ لَا يَسْجُدُ، سَوَاءٌ قَصُرَ الْفَصْلُ أَوْ طَالَ، خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ أَوْ لَا، وَعَنْهُ يَسْجُدُ وَإِنْ بَعُدَ اخْتَارَهَا الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ رَزِينٍ فِي نِهَايَتِهِ، وَقِيلَ: يَسْجُدُ مَعَ طُولِ الْفَصْلِ مَا دَامَ فِي الْمَسْجِدِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ، وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ، وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ فِي الْفُرُوعِ.

فَوَائِدُ. الْأُولَى: مِثْلُ ذَلِكَ خِلَافًا وَمَذْهَبًا لَوْ نَسِيَ سُجُودَ السَّهْوِ الْمَشْرُوعِ بَعْدَ السَّلَامِ فِي الْقَضَاءِ وَغَيْرِهِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَإِنْ نَسِيَ سُجُودًا، وَأَطْلَقَ. الثَّانِيَةُ: حَيْثُ قُلْنَا يَسْجُدُ فَلَوْ أَحْدَثَ بَعْدَ صَلَاتِهِ فَقِيلَ: لَا يَسْجُدُ إذَا تَوَضَّأَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ، وَقِيلَ: يَسْجُدُ إذَا تَوَضَّأَ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَالرِّعَايَةِ، وَالْحَوَاشِي. قُلْت: ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ: أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ مَنْ لَمْ يُحْدِثْ لِإِطْلَاقِهِمْ، وَتَقَدَّمَ إذَا سَلَّمَ عَنْ نَقْصٍ سَهْوًا، وَخَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ، أَوْ شَرَعَ فِي صَلَاةٍ أُخْرَى، أَوْ طَالَ الْفَصْلُ: هَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ أَمْ لَا؟ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ أَوَّلَ الْبَابِ.

الثَّالِثَةُ: حَيْثُ قُلْنَا يَسْجُدُ فَلَمْ يَذْكُرْ إلَّا وَهُوَ فِي صَلَاةٍ أُخْرَى، سَجَدَ إذَا سَلَّمَ أَطْلَقَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ، قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ وَقَدَّمَهُ هُوَ وَصَاحِبُ الرِّعَايَةِ، وَالْحَوَاشِي،

ص: 156

وَابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ، وَقِيلَ: يَسْجُدُ مَعَ قِصَرِ الْفَصْلِ، فَيُخَفِّفُهَا مَعَ قِصَرِ الْفَصْلِ لِيَسْجُدَ وَجَزَمَ بِهِ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ قَالَ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ: يَسْجُدُ بَعْدَ فَرَاغِهِ فِي ظَاهِرِ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ، مَا دَامَ فِي الْمَسْجِدِ، وَعَلَى قَوْلِ غَيْرِهِ: إنْ طَالَ الْفَصْلُ لَمْ يَسْجُدْ، وَإِلَّا سَجَدَ. انْتَهَى. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَقِيلَ يَسْجُدُ إنْ قَصُرَ الزَّمَنُ بَيْنَهُمَا، أَوْ كَانَتَا صَلَاتَيْ جَمْعٍ، وَإِلَّا فَلَا، وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ، الرَّابِعَةُ: طُولُ الْفَصْلِ وَقِصَرُهُ مَرْجِعُهُ إلَى الْعُرْفِ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَقِيلَ: طُولُ الْفَصْلِ قَدْرُ رَكْعَةٍ طَوِيلَةٍ، قَالَهُ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ، وَقِيلَ: بَلْ قَدْرُ الصَّلَاةِ الَّتِي هُوَ فِيهَا ثَانِيًا.

قَوْلُهُ (وَيَكْفِيهِ لِجَمِيعِ السَّهْوِ سَجْدَتَانِ إلَّا أَنْ يَخْتَلِفَ مَحَلُّهُمَا فَفِيهِ وَجْهَانِ) ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْكَافِي، وَالتَّلْخِيصِ، أَحَدُهُمَا: يَكْفِيهِ سَجْدَتَانِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ نَصَّ عَلَيْهِ وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: هَذَا أَقْوَى الْوَجْهَيْنِ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَإِلَيْهِ مَيْلُ الْمَجْدِ فِي شَرْحِهِ قَالَ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ: وَهُوَ أَظْهَرُ وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لِكُلِّ سَهْوٍ سَجْدَتَانِ صَحَّحَهُ فِي الْفَائِقِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِفَادَاتِ وَالْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: لَا يَجُوزُ إفْرَادُ سَهْوٍ بِسُجُودٍ، بَلْ يَتَدَاخَلُ فَعَلَى الْمَذْهَبِ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ وَهُوَ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ يُجْزِيهِ سَجْدَتَانِ يُغَلِّبُ مَا قَبْلَ السَّلَامِ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: هَذَا أَقْوَى

ص: 157

الْوَجْهَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْفَائِقِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا، وَغَيْرِهِمْ، وَقِيلَ: يُغَلِّبُ أَسْبَقُهُمَا وُقُوعًا، وَأَطْلَقَهُمَا الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَمُحَرَّرِهِ، وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ، وَقِيلَ: مَا مَحَلُّهُ بَعْدَ السَّلَامِ، قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَحَكَاهُ بَعْدَهُ، وَأَطْلَقَهُنَّ فِي الْفُرُوعِ، وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ، وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ.

فَائِدَتَانِ إحْدَاهُمَا: مَعْنَى اخْتِلَافِ مَحَلِّهِمَا: هُوَ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ السَّلَامِ، وَالْآخَرُ بَعْدَهُ، لِاخْتِلَافِ سَبَبِهِمَا وَأَحْكَامِهِمَا، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَصَاحِبُ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ فِيهِ. وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَالرِّعَايَتَيْنِ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ، وَقَالَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ: مَعْنَاهُ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا عَنْ نَقْصٍ، وَالْآخَرُ عَنْ زِيَادَةٍ، مِنْهُمْ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ فِيهِ وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ.

الثَّانِيَةُ: قَالَ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ، وَغَيْرُهُمَا: لَوْ أَحْرَمَ مُنْفَرِدًا، فَصَلَّى رَكْعَةً، ثُمَّ نَوَى مُتَابَعَةَ الْإِمَامِ وَقُلْنَا بِجَوَازِ ذَلِكَ فَهِيَ فِيمَا إذَا انْفَرَدَ بِهِ وَسَهَا إمَامُهُ فِيمَا تَابَعَهُ فِيهِ فَإِنَّ صَلَاتَهُ تَنْتَهِي قَبْلَ صَلَاةِ الْإِمَامِ فَعَلَى قَوْلِنَا: هُمَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ إنْ كَانَ مَحَلُّهُمَا وَاحِدًا، وَعَلَى قَوْلِ مَنْ فَسَّرَ الْجِنْسَيْنِ بِالزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ: يُحْتَمَلُ كَوْنُهُمَا مِنْ جِنْسَيْنِ قَالُوا: وَهَكَذَا لَوْ صَلَّى مِنْ الرُّبَاعِيَّةِ رَكْعَةً؛ وَدَخَلَ مَعَ مُسَافِرٍ فَنَوَى مُتَابَعَتَهُ، فَلَمَّا سَلَّمَ قَامَ إمَامُهُ لِيُتِمَّ مَا عَلَيْهِ، فَقَدْ حَصَلَ مَأْمُومًا فِي وَسَطِ صَلَاتِهِ، مُنْفَرِدًا فِي طَرَفَيْهَا، وَإِذَا سَهَا فِي الْوَسَطِ وَالطَّرَفَيْنِ جَمِيعًا، فَعَلَى قَوْلِنَا: إنْ كَانَ مَحَلُّ سُجُودِهِمَا

ص: 158

وَاحِدًا، فَهِيَ جِنْسٌ وَاحِدٌ، وَإِنْ اخْتَلَفَ مَحَلُّ السُّجُودِ فَهِيَ جِنْسَانِ، وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: هِيَ جِنْسَانِ. انْتَهَى.، وَقَالَ فِي التَّلْخِيصِ عَنْ الْمِثَالِ الْأَوَّلِ: خَرَجَ عَنْ السَّهْوِ مِنْ جِنْسَيْنِ، لِتَغَايُرِ الْفُرَادَى وَالْمُتَابَعَةِ، وَقِيلَ: لَا يُوجِبُ ذَلِكَ جَعْلُهُمَا جِنْسَيْنِ، وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَكْفِيهِ سُجُودٌ فِي الْأَصَحِّ لِسَهْوَيْنِ أَحَدُهُمَا: جَمَاعَةً، وَالْآخَرُ: مُنْفَرِدًا، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ.

قَوْلُهُ (وَمَتَى سَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ جَلَسَ فَتَشَهَّدَ ثُمَّ سَلَّمَ) هَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ، وَقِيلَ: لَا يَتَشَهَّدُ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: لَا يَتَشَهَّدُ، وَلَوْ نَسِيَهُ وَفَعَلَهُ بَعْدَهُ، وَإِلَيْهِ مَيْلُ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ، فَعَلَى الْمَذْهَبِ: يَتَشَهَّدُ التَّشَهُّدَ الْأَخِيرَ، قَالَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ، وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَيَتَشَهَّدُ فِيمَا بَعْدَهُ، وَقِيلَ: وَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. كَمَا يُصَلِّي عَلَيْهِ فِي الصَّلَاةِ، وَعَلَى الْمَذْهَبِ أَيْضًا: يَجْلِسُ مُفْتَرِشًا إذَا كَانَتْ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ عَلَى الصَّحِيحِ صَحَّحَهُ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَالْمَجْدِ فِي شَرْحِهِ، وَقَالَ: هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ، ذَكَرُوهُ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ، وَقِيلَ: يَتَوَرَّكُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ عِنْدَ قَوْلِهِ " ثُمَّ يَجْلِسُ فِي التَّشَهُّدِ الثَّانِي مُتَوَرِّكًا "، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ الصَّلَاةُ ثُلَاثِيَّةً أَوْ رُبَاعِيَّةً، فَإِنَّهُ يَتَوَرَّكُ بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ.

فَائِدَةٌ: سُجُودُ السَّهْوِ وَمَا يَقُولُهُ فِيهِ وَبَعْدَ الرَّفْعِ مِنْهُ كَسُجُودِ الصَّلَاةِ فَلَوْ خَالَفَ

ص: 159

أَعَادَهُ بِنِيَّتِهِ جَزَمَ بِهِ فِي الْفُرُوعِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ، وَقَالَ: وَقِيلَ: إنْ سَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ كَبَّرَ مَرَّةً وَاحِدَةً وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ رَفَعَ.

قَوْلُهُ (وَمَنْ تَرَكَ السُّجُودَ الْوَاجِبَ قَبْلَ السَّلَامِ عَمْدًا بَطَلَتْ الصَّلَاةُ) ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: بَطَلَتْ عَلَى الْأَصَحِّ قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: هَذَا أَصَحُّ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ، وَعَنْهُ لَا تَبْطُلُ، وَهُوَ وَجْهٌ حَكَاهُ الْمَجْدُ وَغَيْرُهُ قَوْلُهُ (وَإِنْ تَرَكَ الْمَشْرُوعَ بَعْدَ السَّلَامِ لَمْ تَبْطُلْ) ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ قَالَ فِي الْفُصُولِ: وَيَأْثَمُ بِتَرْكِ مَا بَعْدَ السَّلَامِ، وَإِنَّمَا لَمْ تَبْطُلْ لِأَنَّهُ مُنْفَرِدٌ عَنْهَا وَاجِبٌ لَهَا كَالْأَذَانِ، وَعَنْهُ تَبْطُلُ، وَهُوَ وَجْهٌ ذَكَرَهُ الْمَجْدُ وَغَيْرُهُ.

فَائِدَةٌ: قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَفِي بُطْلَانِ صَلَاةِ الْمَأْمُومِ الرِّوَايَتَانِ قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ: إذَا بَطَلَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ فَفِي بُطْلَانِ صَلَاةِ الْمَأْمُومِ رِوَايَتَانِ وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَمَنْ تَعَمَّدَ تَرْكَ السُّجُودِ الْوَاجِبِ قَبْلَ السَّلَامِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَعَنْهُ لَا تَبْطُلُ. كَاَلَّذِي بَعْدَهُ فِي الْأَصَحِّ فِيهِ، وَقِيلَ: تَبْطُلُ صَلَاةُ الْمُنْفَرِدِ وَالْإِمَامِ دُونَ الْمَأْمُومِ، وَقِيلَ: إنْ بَطَلَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ بِتَرْكِهِ فَفِي صَلَاةِ الْمَأْمُومِ رِوَايَتَانِ، وَقِيلَ: وَجْهَانِ. انْتَهَى. وَتَقَدَّمَ أَوَّلَ الْبَابِ: الَّذِي لَا يَسْجُدُ لَهُ.

ص: 160