الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قالوا: وهذا من الكلام المفرد الموجز البليغ، الذي لم يسبق إليه عليه الصلاة والسلام، وسيأتي لذلك نظائر إن شاء الله تعالى.
وفي أول شوال صلى صلاة الفطر.
وهم خمسة رجال في جماعة يدفنوها، فقال: أنا قتلتها فكيدوني جميعا ثم لا تنظرون، فوالذي نفسي بيده، لو قلتم بأجمعكم ما قالت لضربتكم بسيفي هذا حتى أموت أو أقتلكم، فيومئذ ظهر الإسلام في بني خطمة وكان يستخفي بإسلامه فيهم من أسلم، وأسلم يومئذ رجال لما رأوا من عز الإسلام، ولكن يعارضه ما وقع في مصنف حماد بن سلمة أنها كانت يهودية وكانت تطرح المحايض في مسجد بني خطمة، فأهدر صلى لله عليه وسلم دمها ولم ينتطح فيها عنزان، فإن المسجد صريح في ظهور الإسلام قبل ذلك، إلا أن يقال ظهر كل الظهور. وإن المعنى كان الضعيف الذي لم يقدر على الإسلام يستخفي بإسلامه، وأثنى صلى الله عليه وسلم على عمير بعد قتله عصماء، فأقبل على الناس، وقال:"من أحب أن ينظر إلى رجل كان في نصرة الله ورسوله، فلينظر إلى عمير بن عدي"، فقال عمر بن الخطاب: انظروا إلى هذ الأعمى الذي يرى. وفي رواية: بات في طاعة الله، فقال صلى الله عليه وسلم:"مه يا عمر، فإنه بصير"، وسماه البصير لما رأى من كمال إيمانه وقوة قلبه في الله حتى قتلها وهدد بنيها وقومها مواجها لهم مع عجزه الظاهر، وكونه قاتلها هو المشهور. وفي الروض: أن زوجها قتلها. وفي رواية أنه عليه السلام، قال:"ألا رجل يكفينا هذه"؟ فقال رجل من قومها: أنا، فأتاها وكانت تبيع التمر، قال: أعندك أجود من هذا التمر؟ قالت: نعم، فدخلت البيت وانكبت لتأخذ شيئا فالتف يمينا وشمالا فلم ير أحدا فضرب رأسها حتى قتلها.
"قالوا" ليس للتبري بل للإشارة إلى شهرته حتى كأنه إجماع "وهذا من الكلام المفرد الموجز البليغ الذي لم يسبق إليه عليه الصلاة والسلام، وسيأتي لذلك نظائر إن شاء الله تعالى" في المقصد الثالث، وذكر صاحب النور هنا جملة منها:"وفي أول شوال صلى صلاة الفطر" وهذا مع ما مر يعطي أنه صلاها ببدر، وذكر ابن سعد بأسانيد الواقدي أنه صلى الله عليه وسلم خرج إلى المصلى وحملت العنزة بين يديه وغرزت في المصلى وصلى إليها صلاة الفطر، والله أعلم.
"
غزوة بني سليم وهي قرقرة الكدر
":
وفي أول شوال أيضا -وقيل بعد بدر بسبعة أيام،
غزوة بني سليم وهي قرقرة الكدر:
"وفي أول شوال أيضا، وقيل: بعد بدر بسبعة أيام" وبه جزم ابن إسحاق ومن تبعه، وتقدم
وقيل في نصف المحرم سنة ثلاث -خرج عليه الصلاة والسلام يريد بني سليم. فبلغ ماء يقال له الكدر، وتعرف بغزوة قرقرة، وهي أرض ملساء.
والكدر: طير في ألوانها كدرة عرف بها ذلك الموضع.
فأقام بها عليه الصلاة والسلام ثلاثا، وقيل عشرا، فلم يلق أحدا
قوله: فرغ من بدر في آخر رمضان وأول شوال، ويمكن أن لا تنافي بين القولين، "وقيل: في نصف المحرم سنة ثلاث" وبه جزم ابن سعد وابن هشام "خرج عليه الصلاة والسلام" في مائتي رجل "يريد بني سليم" بضم المهملة وفتح اللام، "فبلغ ماء يقال له الكدر" بضم الكاف وسكون المهملة؛ لأنه كما ذكر ابن إسحاق وابن سعد وابن عبد البر وابن حزم: بلغه صلى الله عليه وسلم أن بهذا الموضع جمعا من بني سليم وغطفان، "وتعرف" غزوة بني سليم بالكدر "بغزوة ذي قرقرة" بفتح القافين. وحكى البكري ضمهما، قال الدميري وغيره: والمعروف فتحهما بعد كل قاف راء أولاهما ساكنة، ثم تاء تأنيث. قال ابن سعد: ويقال قرارة الكدر، وفي الصحاح: قراقر، وإن عرف ما حكاه البكري يكون أربعة. "وهي أرض ملساء والكدر" كما قال السهيلي وابن الأثير وغيرهما "طير في ألوانها كدرة عرف بها ذلك الموضع" الذي هو قرقرة لاستقرار هذه الطيور به، فهما غزوة واحدة، وتبع المصنف على ذلك تلميذه الشامي، فقال: غزوة بني سليم بالكدر، ويقال لها: قرقرة الكدر، وجعلهما اليعمري غزوتين، وجعل شيخه الدمياطي غزوة بني سليم هي غزوة نجران الآتية، ويجي قول المصنف فيها وتسمى غزوة بني سليم.
"فأقام بها عليه الصلاة والسلام ثلاثا" قاله ابن إسحاق والجماعة "وقيل: عشرا، فلم يلق أحدًا" من سليم وغطفان الذين خرج يريدهم في المحال، وذكر ابن إسحاق والجماعة أنه أرسل نفرا من أصحابه في أعلى الوادي، واستقبلهم صلى الله عليه وسلم في بطن الوادي فوجد رعاة، بالكسر جمع راع فيهم غلام يقال له يسار، بتحتية ومهملة، فسأله عن الناس، فقال: لا علم لي بهم، إنما أرود لخمس وهذا يوم ربعي والناس قد ارتفعوا في المياه، ونحن عزاب في النعم، فانصرف صلى الله عليه وسلم وقد ظفر بالنعم فانحدر بها إلى المدينة واقتسموا غنمائهم بصرار على ثلاثة أميال من المدينة وكانت خمسمائة بعير، فأخرج خمسه وقسم أربعة أخماسه على المسلمين، فأصاب كل رجل منهم بكران، وكانوا مائتي رجل وصار يسار في سهمه صلى الله عليه وسلم فأعتقه لأنه رآه يصلي، أي: لأنه أسلم بعد الأسر وتعلم الصلاة من المسلمين، واستشكل بأنه لما أسلم لم يقم به رق، فلا يكون غنيمة فكيف وقع في سهم؟ وأجيب: بأن إسلامه إنما يعصم دمه ويخير الإمام فيه بين الرق والفداء
وكانت غيبته عليه السلام خمس عشرة ليلة، واستخلف على المدينة سباع بن عرفطة، وقيل ابن أم مكتوم. وحمل اللواء علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
وذكرها ابن سعد بعد غزوة السويق.
والمن بلا شيء، فيجوز أنه صلى الله عليه وسلم اختار رقه بعد علمه بإسلامه أو قبله ثم صار في سهمه حين القسمة، فأعتقه لرؤيته يصلي. وخمس بكسر المعجمة: من أظماء الإبل أن ترعى ثلاثة أيام وترد اليوم الرابع، وقد أخمس الرجل، أي: وردت إبله خمسا. ومياه بالهاء، وغلط فيه بعض المدرسين فقاله بالتاء. وصرار بكسر المهملة وراء مهملة مخففة فألف فراء ثانية، كما قيده الدارقطني وغيره للحموي والمستملي بضاد معجمة وهو وهم، كما في المطالع: موضع قريب من المدينة. وقيل: بئر قديمة على ثلاثة أميال منها من طريق العراق.
"وكانت غيبته عليه السلام" كما قال ابن إسحاق والجماعة: "خمس عشرة ليلة" قال ابن إسحاق وغيره: وأقام بالمدينة شوالا وذا القعدة وأفدى في إقامته تلك جل الأسارى من قريش "واستخلف على المدينة سباع" بمهملة مكسورة فموحدة فألف فمهملة "ابن عرفطة" بمهملة مضمومة فراء ساكنة ففاء مضمومة فطاء مهملة، الغفاري ويقال له الكناني، الصحابي الشهير، واستعمله عليها أيضا عام خيبر، فجاء أبو هريرة وصلى خلفه الصبح، "وقيل" وبه جزم ابن سعد وابن هشام: استخلف عليها "ابن أم مكتوم" عمرا على الأكثر، وقيل: عبد الله بن قيس بن زائدة القرشي العامري، والصحيح الأول.
ففي مسلم: أنه صلى الله عليه وسلم سماه عمرا في حديث فاطمة بنت قيس وأم مكتوم لم تسلم، واسمها عاتكة بنت عبد الله، وجمع بينهما بأنه استخلف سباعا للحكم، وابن مكتوم للصلاة على عادته في استخلافه للصلاة.
"وحمل اللواء" وكان أبيض، كما عند الجماعة "علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وذكرها ابن سعد بعد غزوة السويق" ضرورة جزمه بأنها في المحرم سنة ثلاث، وأن غزوة السويق في ذي الحجة، وكأنه وجه جعل اليعمري لهما غزوتين؛ لأن الكدر بعد بدر وقرقرة بعد السويق، فترجم هنا غزوة بني سليم، وذكر فيها ما حاصله: أنه بلغ ماء يقال له الكدر، فأقام عليه ثلاثا، ثم رجع ولم يلق كيدا، ثم بعد السويق ترجم غزوة قرقرة الكدر، وساق فيها القصة بتمامها من طريق ابن سعد، فعليه يكون غزا بني سليم مرتين، مرة وصل فيها لذلك الماء فلم يجد شيئا من النعم، ومرة وصل فيها تلك الأرض ووجد فيها النعم، والله أعلم.