الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما حديث أم سلمة، فعند أبي نعيم في الدلائل.
والقصة واحدة، وما في ألفاظها مما ظاهره التغاير هو من الرواة. وعند التحقيق يرجع إلى معنى واحد، فلا نطيل بذكر ذلك، والله أعلم.
"وأمَّا حديث أم سلمة، فعند أبي نعيم في الدلائل" النبوية، "والقصة واحدة، وما في ألفاظها مما هو ظاهره التغاير" الذي قد يأخذ منه من لا يعلم تعدد القصة، "هو من الرواة، وعند التحقيق" بالجمع بين المتغاير، "يرجع إلى معنى واحد، فلا نطيل بذكر ذلك" لأن غرضنا الاختصار، "والله أعلم"، وقد قال بعض علماء الحديث: من جعل كل رواية غايرت الأخرى مرة على حدة، فقد أبعد وأغرب وهرب إلى غير مهرب.
سجود الجمل وشكواه إليه "صلى الله عليه وسلم
":
وأما كلام الحيوانات وطاعتها له صلى الله عليه وسلم.
فمنها: سجود الجمل وشكواه إليه صلى الله عليه وسلم. عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان أهل بيت من الأنصار لهم جمل يسنون عليه، وأنه استصعب عليهم فمنعهم ظهره،..............
سجود الجمل وشكواه إليه "صلى الله عليه وسلم":
"وأمَّا كلام الحيوانات" أي: جنسها لا جميعها؛ إذ لم يرد كلام جميعها له، وإن انقادت له، وفرق بين الكلام اللفظي والانقياد بمعنى علمها به، وفي حديث:"ما بين السماء والأرض شيء إلا ويعلم أني رسول الله، إلا عاصي الجن والإنس"، رواه البيهقي وغيره، "وطاعتها له صلى الله عليه وسلم" عطفها على الكلام، إشارة إلى أن الانقياد يكون بلفظ وبدونه، وجعل المصنف القصد هنا نفس الكلام، والانقياد والأحاديث دالة على ذلك، وفيما سبق من قوله.
وأمَّا ما روى من طاعات الجمادات، وتكليمها له، بيان الأحاديث المروية في ذلك، ولعل نكتته زيادة على التفنن، الإشارة إلى أن القصد بهما واحد يحصل بكل من العبارتين.
"فمنها" أي: هذه المعجزة المعبَّر عنها بمجموع الكلام والطاعة، وإلّا فالظاهر منهما بالتثنية؛ لأن كل واحد معجز بانفراده، ولعلَّ وجه العدول للإفراد النظر للمعنى، وهو أن كل واحد من الجزئيات مقصود بالإخبار به، وأنه معجز، "سجود الجمل وشكواه إليه صلى الله عليه وسلم" كثرة العمل وقلة علف.
"عن أنس بن مالك رضي الله عنه، كان أهل بيت من الأنصار لهم جمل يسنون" يسقون عليه، "وإنه استصعب عليهم فمنعهم ظهره،" أي: الانتفاع به، كنَّى عن ذلك بالظهر؛ لأن الانتفاع بالإبل، بالجمل على ظهورها غالبًا، وأن الأنصار" أصحاب هذا
وأن الأنصار جاءوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: إنه كان لنا جمل نسني عليه، وإنه استصعب علينا ومنعنا ظهره، وقد عطش النخل والزرع، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه:"قوموا"، فقاموا فدخل الحائط، والجمل في ناحية فمشى رسول الله صلى الله عليه وسلم نحوه، فقالت الأنصار: يا رسول الله، قد صار مثل الكلب الكَلِب، وإنا نخاف عليك صولته، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ليس علي منه بأس"، فلما نظر الجمل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل نحوه حتى خَرَّ ساجدًا بين يديه، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بناصيته أذل ما كان قط،......................................
الجمل "جاءوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: إنه كان لنا جمل" يحتمل إن كان للدوام، وأنها للانقطاع باعتبار استصعابه وقت الشكية منه، فكأن السقاية منه انقطعت، "نسني عليه" ظاهر هذا أنه يأتي، وفي الصحاح وغيره، سننت الناقة تسنو، إذا سقت الأرض، والقوم يسنون لأنفسهم إذا سقوا، وهذا ظاهر في أنه واوي، وهو صريح قوله قبل: يسنون عليه، وهو محذوف الواو، وأصله يسنون بواوين، حذفت أولاهما لثقل الضمّة عليها، فالتقى ساكنان، فحذفت لام الكلمة، ويحتمل أن نسني واوي وأصله نسنوي، قلبت الواو ياء، ثم حذفت، لالتقاء الساكنين، "وأنه استصعب علينا ومنعنا ظهره" عطف علة على معلول، "وقد عطش النخل والزرع، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: "قوموا" معي، تأنسًا وضبطًا لما يفعله في سيره، فيقوي يقينهم بمشاهدة المعجزات، ويخبرون من وراءهم بها، "فقاموا، فدخل الحائط" البستان، "والجمل في ناحية" جانب منه، "فمشى رسول الله صلى الله عليه وسلم نحوه، فقالت الأنصار: يا رسول الله! قد صار مثل الكلب، بفتح، فسكون: الحيوان المعروف، "الكَلِب" بفتح، فكسر، أي: العقور الذي أصابه داء، كالجنون من أكل لحم الإنسان ونحوه، "وإنا نخاف عليك صولته" سطوته ووثوبه، "فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ليس علي منه بأس" شدة وضرر لمنع الله له ذلك، "فلمَّا نظر الجمل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل نحوه حتى خَرّ ساجدًا"، أي: واضعًا مشفره بالأرض، باركًا "بين يديه" كما في رواية، وهي مبينة لسجوده؛ إذ السجود الحقيقي لا يتأتَّى من الجمل، "فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بناصيته، أذلَّ" حال من الضمير المضاف لناصيته، مأخوذ من الذل -بالكسر، الانقياد لا بضمها الذي هو ضد العز، "ما كان قط" أي: حالة كونه منقادًا انقيادًا لم يسبق له مثله في زمن من الأزمنة الماضية، واستعمال قط غير مسبوقة بنفي أثبتها ابن مالك في الشواهد، قال: وهي مما خفي على كثير من النحاة لمجيئها بعد المثبت في مواضع من البخاري، منها: في الكسوف أطول صلاة صليتها قط، وفي أبي داود: توضأ ثلاثًا قط، وفي حديث حارثة بن وهب: صلَّى بنا النبي -صلى الله عليه وسلم
حتى أدخله في العمل، فقال له أصحابه: يا رسول الله، هذه بهيمة لا تعقل تسجد لك، ونحن نعقل فنحن أحق بالسجود لك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا يصلح لبشر أن يسجد لبشر، لو صلح لبشر أن يسجد لبشر لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها من عظيم حقه عليها"، رواه أحمد والنسائي بإسناد جيد.
والحائط: هو البستان.
وقوله: نسني -بالنون والسين المهملة- أي: نسقي عليه.
ونحن أكثر ما كنَّا قط، وفي حديث جابر:"ما من صاحب إبل لا يفعل فيها حقها إلّا جاءت يوم القيامة أكبر ما كانت قط"، وفي حديث سمرة في صلاة الكسوف: فقام بنا كأطول ما قام بنا في صلاة، ثم ركع كأطول ما ركع بنا في صلاة قط، ثم سجد بنا كأطول ما سجد بنا في صلاة قط. ففي هذه الأحاديث استعمال قط غير مسبوقة بنفي، "حتى أدخله في العمل، فقال له أصحابه: يا رسول الله! هذه" أنت والجمل مذكر، مراعاة للخبر، وهو "بهيمة لا تعقل" صفة كاشفة، ففي القاموس: البهيمة كل ذات أربع قوائم ولو في الماء، أو كل حي لا يميز، والمراد الثاني، "تسجد لك، ونحن نعقل، فنحن أحق بالسجود لك" منها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا يصلح لبشر أن يسجد لبشر" إنما يسجد لله، "لو صلح لبشر أن يسجد لبشر، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها من عظم حقه عليها".
قال ابن العربي: فيه تعظيم وهو جائز، فقد سجدت الملائكة لآدم، وأخبر المصطفى أنه لا يكون، ولو كان لجعل للمرأة في آداب حق الزوج، وقال غيره فيه: إن السجود لمخلوق لا يجوز، وسجود الملائكة خضوع وتواضع له من أجل علم الأسماء التي علمها الله له وإنبائهم بها، فسجودهم إنما هو ائتمام به، لأنه خليفة الله، لا سجود عبادة، إن الله لا يأمر بالفحشاء.
"رواه أحمد والنسائي، بإسناد جيد"، رواته ثقات مشهورون، كما قاله المنذري وبقيته عندهما:"والذي نفسي بيده، لو كان من قدمه إلى مفرق رأسه يتبجّس بالقيح والصديد، ثم استقبلته تلحسه، ما أدت حقه" ، ويتبجس -بفتح التحتية، والفوقية، والموحدة، والجيم الثقيلة، فسين مهملة: يتفجر، وفيه تأكيد حق الزوج، وحث على ما يجب من بره، ووفاء عهده، والقيام بحقه، "ولهن على الأزواج ما للرجال عليهن"، قاله بعض، "والحائط هو البستان" أي: المراد به ذلك تجوز، أو أصله اسم فاعل من حاطه، إذا أحاط به ودار عليه، ثم نقل للبستان نفسه الذي فيه الشجر والنخل، "وقوله: نسني بالنون والسين المهملة، أي: نسقي عليه" بيان المراد من هذه الصيغة، وقضيته أن ألفه منقلبة عن ياء، ومقتضى الصحاح، والنهاية والقاموس أنه واوي، كما مَرَّ، فقياسه نسنو، أو هما لغتان، حكاهما ابن مالك.
وفي حديث يعلي بن مرة الثقفي: بينما نحن نسير مع النبي صلى الله عليه وسلم؛ إذ مررنا ببعير يسنى عليه، فلمَّا رآه البعير جرجر، فوضع جرانه، فوقف عليه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أين صاحب هذا البعير، فجاءه، فقال:"بعنيه"، فقال: بل نهبه لك يا رسول الله، وإنه لأهل بيت ما لهم معيشة غيره، فقال:"أما إذ ذكرت هذا من أمره، فإنه شكا كثرة العمل، وقلة العلف، فأحسنوا إليه"، رواه البغوي في شرح السنة.
والجران -بكسر الجيم، قال ابن فارس: مقدم عنق البعير من مذبحه إلى منحره.
وروى الإمام أحمد قصة أخرى نحو ما تقدَّم من حديث جابر ضعيفة السند، والبيهقي بإسناد جيد.
"وفي حديث يعلى بن مرة الثقفي" تقدَّم التعريف به قريبًا: "بينما نحن نسير مع النبي صلى الله عليه وسلم" في سفر، "إذ مررنا ببعير يسنى" بضم أوله، مبني للمجهول يسقى "عليه، فلمَّا رآه البعير جرجر"، بجيمين وراءين بلا نقط، أي: صوّت كثيرًا بشدة، وردَّد ذلك، لكن بالصوت المعتاد للإبل على المتبادر، ويكون وجه المعجزة قوله:"فوضع جرانه" بالكسرة مقدم عنقه، كما يأتي عند رؤيته صلى الله عليه وسلم، فهذا من طاعة الحيوان مع فهمه عليه السلام من جرجرته شكواه، "فوقف عليه النبي صلى الله عليه وسلم" من مزيد لطفه وشفقته على خلق الله، "فقال:"أين صاحب هذا البعير؟ " فجاءه، فقال:"بعنيه" فقال: بل نهبه لك يا رسول الله صلى الله عليه وسلم" بلا عوض، "وإنه لأهل بيت ما لهم معيشة غيره، فقال:"أما إذا ذكرت هذا من أمره" فلا أقبله بشراء ولا هبة، فحذف جواب.
أما وقوله: "فإنه" ليس جوابها لعدم ترتبه عليه، فهو علة لمقدر رأى وطلبت شراءه، فإنه "شكا" بجرجرته فهم ذلك منها، أمر خارق أظهره الله له تعظيمًا وإجلالًا، قاله شيخنا.
وقال غيره: الظاهر أن شكايته بنطق فهي معجزة، "كثرة العمل وقلة العلف" بفتحتين، بمعنى المعلوف من قوت الدواب من حبوب وغيرها، "فأحسنوا إليه" بقلة العمل وكثرة العلف، "رواه البغوي" المتأخر "في شرح السنة" وتقدَّم بعض ترجمته، وقد روى حديث يعلى أحمد، والحاكم، والبيهقي بسند صحيح، والجران -بكسر الجيم، بعدها راء، فألف، فنون:"قال ابن فارس: مقدم عنق البعير من مذبحه" أي: محله لو ذبح، وهو ما تحت الحنك من الحلق، "إلى منحره" أي: لبته، وهي أصل العنق، "وروى الإمام أحمد قصة أخرى نحو ما تقدَّم" عن يعلى "من حديث ضعيفة السند، و" لكن رواها "البيهقي" في الدلائل"بإسناد جيد"؛ لأن
وكذا روى الطبراني قصة أخرى عن عكرمة عن ابن عباس: لكن بإسناد ضعيف، والإمام أحمد أيضًا من حديث يعلى بن مرة.
رجاله ثقات، وكذا رواها الدارمي، والبزار، واللفظ للبيهقي عن جابر: أن جملًا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما كان قريبًا منه، خَرَّ الجمل ساجدًا، فقال صلى الله عليه وسلم:"يا أيها الناس! من صاحب هذا الجمل؟ " فقال فتية من الأنصار: هو لنا، قال:"فما شأنه؟ " قالوا: سنونا عليه عشرين سنة، فلمَّا كبر سِنّه أردنا نحره، فقال صلى الله عليه وسلم:"تبيعونه؟ " قالوا: هو لك يا رسول الله، فقال:"أحسنوا إليه حتى يأتي أجله" فقالوا: يا رسول الله! نحن أحق أن نسجد لك من البهائم، فقال:"لا ينبغي لبشر أن يسجد لبشر، ولو كان النساء لأزواجهن".
وقد روى ذلك أيضًا أحمد في حديث طويل عن يعلى بن مرة، قال فيه: وكنت معه، يعني: النبي صلى الله عليه وسلم، جالسًا ذات يوم؛ إذ جاء جمل حتى ضرب بجرانه بين يديه، ثم ذرفت عيناه، فقال:"ويحك أنظر لمن هذا الجمل، إن له لشأنًا" فخرجت ألتمس صاحبه، فوجدته لرجل من الأنصار، فدعوته إليه، فقال:"ما شأن جملك هذا؟ "، قال: لا أدري والله ما شأنه، عملنا عليه، ونضحنا عليه حتى عجز عن السقاية، فأتمرنا البارحة أن ننحره ونقسم لحمه، قال:"لا تفعل هبه لي أو بعنيه" قال: بل هو لك يا رسول الله، فوسمه بميسم الصدقة، ثم بعث به، قال المنذري: وإسناده جيد.
قال: وفي رواية لأحمد أيضًا نحوه، لكنه قال فيه: إنه قال لصاحب البعير: "ما لبعيرك يشكوك، زعم أنك شنأته حين كبر، تريد أن تنحره"، قال: صدقت والذي بعثك بالحق لا أفعل.
"وكذا روى الطبراني قصة أخرى عن عكرمة عن ابن عباس، لكن بإسناد ضعيف:" أن رجلًا من الأنصار كان له فحلان، فاغتلما، فأدخلهما حائط، فسد عليهما الباب، ثم جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأراد أن يدعو له، والنبي صلى الله عليه وسلم قاعد معه نفر من الأنصار، فقال: يا رسول الله! إني جئت في حاجة، وإنه كان فحلان لي اغتلما، وإني أدخلتهما حائطًا، وسددت عليهما الباب، فأحب أن تدعو لي أن يسخرهما الله عز وجل، فقال صلى الله عليه وسلم لأصحابه:"قوموا معنا"، ذهب حتى أتى الباب، فقال:"افتح" ، فشفق الرجل على رسول الله، فقال:"افتح" ففتح، فإذا أحد الفحلين قريبًا من الباب، فلمَّا رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم سجد له، فقال صلى الله عليه وسلم:"ائتني بشيء أشد به رأسه وأمكنك به" فجاء بخطام فشد رأسه وأمكنه منه، ثم مشى إلى أقصى الحائط إلى الفحل الآخر، فلمَّا رآه وقع له ساجدًا، فقال للرجل:"ائتني بشيء أشد به رأسه"، فشد رأسه وأمكنه منه، وقال:"اذهب فإنهما لا يعصيانك" ، ورواها "الإمام أحمد أيضًا من حديث يعلى بن مرة" الثقفي.
وأخرج ابن شاهين في الدلائل عن عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما قال: أردفني رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم خلفه، فأسَرَّ إليَّ حديثًا لا أحدّث به أحدًا من الناس، قال: وكان أحب ما استتر به النبي صلى الله عليه وسلم لحاجته هدف أو حائش نخل، فدخل حائط رجل من الأنصار، فإذا جمل، فلمَّا رأى الجمل النبي صلى الله عليه وسلم حنَّ فذرفت عيناه، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم فمسح ذفراه، وفي رواية فسكن، ثم قال:"مَنْ رَبُّ هذا الجمل؟ لمن هذا الجمل؟ " فجاء فتى من الأنصار فقال: هو لي يا رسول الله، فقال:"ألا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها، فإنه شكا إلي أنك تجيعه وتدئبه"، قال في المصابيح: وهو حديث صحيح، قال: ورواه أبو داود عن موسى بن إسماعيل......................
وأخرج ابن شاهين في الدلائل" ومن قبله الإمام أحمد، "عن عبد الله بن جعفر" الصحابي، ابن الصحابي "رضي الله عنهما، قال:"أردفني رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم خلفه، فأسرَّ إليَّ حديثًا لا أحدث به أحدًا من الناس"؛ لكونه أسرَّه إليه، ففهم نهيه عن إفشائه، "قال: وكان أحبَّ ما استتر به النبي صلى الله عليه وسلم لحاجته" عند قضائها "هدف" بفتحتين كل شيء عظيم مرتفع على الأرض من بناء ونحوه، "أو حائش نخل،" بمهملة وهمزة وشين معجمة، "فدخل حائط رجل من الأنصار" لحاجته، ولا يرد كيف فعل ذلك بغير إذنه، وهو أيضًا قد نهى عن البول تحت الشجرة التي من شأنها أن تثمر، لأنه علم من الرجل السرور بذلك، فضلًا عن الرضا، ومحل النهي ما لم يغلب على الظنّ حصول ما يزيل أثر الحاجة على أنّ فضلاته ظاهرة، وكانت الأرض تبتلع ما يخرج منه، كما مَرَّ، "فإذا جمل، فلمَّا رأى الجمل النبي صلى الله عليه وسلم حنَّ، فذرفت، بفتحات من باب ضرب "عيناه" أي: سال دمعهما، "فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم فمسح ذفراه" بالألف مقصور.
"وفي رواية: فسكن" ما به، "ثم قال:"من رَبُّ هذا الجمل، لمن هذا الجمل"؟ أعاده بمعناه للتأكيد، "فجاء فتًى من الأنصار، فقال: هو لي يا رسول الله، فقال: "ألا" بالفتح والتخفيف "تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها، فإنه شكا إلي" بالنطق، أو بفهمه من فعله المذكور، وكل معجزة "أنك تجيعه وتدئبه" بضم التاء، وسكون الدال، وكسر الهمزة، وموحدة: تتعبه بكثرة العمل.
"قال" البغوي "في المصابيح: وهو حديث صحيح، قال: ورواه أبو داود عن" شيخه "موسى بن إسماعيل" المنقري -بكسر الميم، وسكون النون، وفتح القاف- التبوذكي، بفتح
عن مهدي بن ميمون.
والحائش -بالحاء المهملة والشين المعجمة ممدودًا: هو جماعة النخل، لا واحد له من لفظه.
وقوله: ذفراه تأنيث ذفر، بكسر الذال المعجمة مقصور، وهو الموضع الذي يعرق من قفا البعير عند أذنه.
ومنها: سجود الغنم له صلى الله عليه وسلم، عن أنس بن مالك قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم حائطًا لأنصاري ومعه أبو بكر وعمر ورجل من الأنصار، وفي الحائط غنم فسجدت له، فقال أبو بكر: يا رسول الله، نحن أحقّ بالسجود لك من الغنم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينبغي لأحد بأن يسجد لأحد. ...............................
الفوقية، وضمّ الموحدة، وسكون الواو، وفتح المعجمة، ثقة، ثبت، مات سنة ثلاث وعشرين ومائتين، "عن مهدي بن ميمون" الأزدي البصري، ثقة، روى له الجميع، مات سنة اثنتين وسبعين ومائة، "والحائش -بالحاء المهملة، والشين المعجمة، ممدودًا: هو جماعة النخل، أي: النخل المجتمع، لا واحد له من لفظه، وقوله: ذفراه تأنيث ذفر -بكسر الدال المعجمة، مقصور، هكذا في نسخ وهي ظاهرة.
وفي النهاية: الفذري مؤنثة، وألفها للتأنيث أو للإلحاق، وفي نسخة: تثنية ذفري، وفيه: إن ذفرى لايصح جعلها مفردًا مثنى، لاتحاد صورة المثنى والمفرد، فإنما تثنيته ذفريان بالألف رفعًا، وذفريين بالياء نصبًا وجرًّا، والحديث بلفظ ذفراه بالألف، إلّا على لغة من يلزم المثنى الألف في أحواله، وفي نسخة تثنية ذفر بلا ألف، ويصح مع قوله مقصور، وآن: رجع لقوله ذفراه، أشكل يجعل مفرده مذكرًا، وبما في القاموس والنهاية إنه مؤنف، "وهو الموضع الذي يعرق من قفا البعير عند أذنه"، وفي القاموس: الذفري، بالكسر من جميع الحيوانات، من لدن القدم إلى نصف القذال، أو العظم الشاخص خلف الأذن، جمعه ذفريات وذفاري، "ومنها سجود الغنم له صلى الله عليه وسلم، عن أنس بن مالك، قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم حائطًا" بستانًا "لأنصاري" لم يسمّ، ومعه أبو بكر، وعمر، ورجل من الأنصار" لم يسمّ، ويحتمل أنه أنس، أَبْهَمَ نفسه لغرض صحيح، وفي الحائط غنم، فسجدت له" تعظيمًا لما شاهدت نور نبوته، وألهمها الله معرفته، "فقال أبو بكر: يا رسول الله! نحن أحق بالسجود لك من الغنم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا ينبغي" لا يجوز "لأحد أن يسجد لأحد" عبَّر به المخصوص بالنفي، ليشمل الواد وغيره، ويختص
رواه أبو محمد عبد الله بن حامد الفقيه في كتاب دلائل النبوة له بإسناد ضعيف. وذكره القاضي عياض في الشفاء، وذكر أيضًا عن جابر بن عبد الله عن رجل أتى النبي صلى الله عليه وسلم وآمن به وهو على بعض حصون خيبر، وكان في غنم يرعاها لهم، فقال: يا رسول الله، كيف لي بالغنم، قال:"احصب وجوهها، فإن الله سيؤدي عنك أمانتك، ويردها إلى أهلها"، ففعل فسارت كل شاة حتى دخلت إلى أهلها.
بالعقلاء، فيه إشارة إلى أنَّ الغنم ونحوها لا يمتنع سجودها تعظيمًا، "رواه أبو محمد، عبد الله بن حامد الفقيه في كتاب دلائل النبوة له، بإسناد ضعيف"، وأبعده المصنف النجعة، فقد رواه أحمد والبزار "وذكره القاضي عياض في الشفاء" بدون عزو، بل قال: وعن أنس فذكره، "وذكر بالبناء للفاعل، أي: عياض "أيضًا" بلا إسناد، وقد رواه البيهقي "عن جابر بن عبد الله، عن" قصة "رجل" وليس المراد أنه يروي عنه، وهو أسلم الحبشي، كذا سماه ابن عبد البر، واعترضه ابن الأثير، بأنه ليس في شيء من السياقات أن اسمه أسلم، قال في الإصابة: وهو اعتراض متجه، وقد سماه أبو نعيم يسارًا -بتحتية وسين مهملة- الحبشي.
وقال الرشاطي في الأنساب: أسلم الحبشي يوم خيبر، وقاتل، وقتل، وما صلى لله صلاة، فقال صلى الله عليه وسلم:"إن معه الآن زوجة من الحور العين" انتهى، "أتى النبي صلى الله عليه وسلم وآمن به، "وهو" أي: النبي لا الرجل، كما زعم "على بعض حصون خيبر" جمع حصن: القلعة التي يتحَصَّن بها لا القصر، كما زعم، "وكان" الرجل في غنمٍ يرعاها لهم" أي: لأهل خيبر، ولظرفية بمعنى المعية، أو مجازية، نحو:{وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ} فقال: يا رسول الله! كيف لي بالغنم، أي: ما أفعل بها إذا أسلمت، وهي في ملك غيري، وأنا أجيز، فإن رددتها خشيت على نفسي لإسلامي، وإن مكثت معك ضاعت، فأرشده إلى ما يدفع خوفه؛ إذ "قال:"أحصب وجوهها" بمهملتين: ارمها بالحصباء، وهي صغار الحصا، والصاد مكسورة من باب ضرب، وضمّها من باب قتل، "فإن الله سيؤدي عنك أمانتك" يوصلها "ويردها إلى أهلها" أصحابها المالكين لها، فتخرج أنت عن عهدي ضمانها "ففعل" ما أمره به "فسارت كل شاة حتى دخلت إلى أهلها"، معجزة له صلى الله عليه وسلم، فهذا من طاعة الحيوان له، وإنما فعل هذا؛ لأنه كان مستأمنًا بيده أمانة لأهل خيبر، فلذا ردَّها صلى الله عليه وسلم لأصحابها مع ما فيه من تطمين قلبه بخروجه عن عهدتها، ولذا لم يجعلها فيئًا، مع علمه أنها تكون كذلك بعد الفتح، وبقية هذا الحديث عند البيهقي، أنه شهد القتال فقتل، أصابه حجر، أو سهم، ولم يصل صلاة قط، فأخبر صلى الله عليه وسلم أنه رأى عنده حوريتين.