الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تنبيه: ما يذكره بعض القصاص: أن القمر دخل في جيب النبي صلى الله عليه وسلم، وخرج من كمه، فليس له أصل، كما حكاه الشيخ بدر الدين الزركشي عن شيخه العماد بن كثير.
تنبيه:
"ما يذكره بعض القصاص أن القمر دخل في جيب النبي صلى الله عليه وسلم، وخرج من كمه، فليس له أصل، كما حكاه الشيخ بدر الدين الزركشي، عن شيخه العماد بن كثير"، وسبقهما لذلك النووي في الفتاوي، فإن سئل عن رجلين تنازعا في انشقاق القمر على عهده صلى الله عليه وسلم، فقال أحدهما: انشقّ فرقتين دخلت إحداهما في كمه، وخرجت من الكم الآخر، وقال الآخر: بل نزل إلى بين يديه فرقتان، ولم يدخل في كمه، فأجاب: الاثنان مخطئان، بل الصواب، إنه انشق وهو في موضعه من السماء، وظهرت منه إحدى الشقتين فوق الشقتين فوق الجبل، والأخرى دونه، وهكذا ثبت في الصحيحين من رواية ابن مسعود رضي الله عنه، انتهى.
ردّ الشمس له "صلى الله عليه وسلم
":
وأما رد الشمس له صلى الله عليه وسلم، فروي عن أسماء بنت عميس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوحى إليه ورأسه في حجر علي رضي الله عنه،.......................
ردّ الشمس له صلى الله عليه وسلم:
"وأما ردّ الشمس له صلى الله عليه وسلم" قسيم قوله: أمّا معجزة القمر.... إلخ، تفصيلًا لقوله أولًا: وجدتها شاملة للعلوي والسفلي..... إلخ، ومن جملته القمر والشمس، "فروي عن أسماء بنت عميس، بمهملتين مصغر، الخثعمية، تزوجها جعفر بن أبي طالب، ثم أبو بكر، ثم علي، وولدت لهم، وماتت بعد علي، وهي أخت ميمونة بنت الحارث، أم المؤمنين لأمها، ووزن أسماء فعلاء عند سيبويه، وأصله، وسماء من الوسامة، أي: الحسن، فأبدلت الواو همزة، وقيل: أفعال جمع اسم.
قال التلمساني: والأوّل أولى، أي؛ لأن المسموع منع الصرف، وإن جعله كذلك يفيد أن سبب الآخذ حسنها، وأعلَّ ابن تيمية حديث أسماء هذا، بأنها كانت مع زوجها بالحبشة.
قال الشامي: وهو وهم بلا شك؛ إذ لا خلاف أن جعفرًا قدم من الحبشة هو وامرأته على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو بخيبر بعد فتحها، وقسم لهما ولأصحاب سفينتهما، "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوحى إليه" مرة بالصهباء" "ورأسه في حجر علي رضي الله عنه" جملة خالية وحجر مثلث
فلم يصل العصر حتى غربت الشمس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أصليت يا علي؟ فقال: لا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اللهم إنه كان في طاعتك وطاعة رسولك، فاردد عليه الشمس"، قالت أسماء: فرأيتها غربت ثم رأيتها طلعت بعد ما غربت، ووقعت على الجبال والأرض، وذلك بالصهباء في خيبر، رواه الطحاوي في مشكل الحديث، كما حكاه القاضي عياض في.........
بالحاء، بمعنى: الحضن، والأظهر: أنَّ الرأس كان على ركبته وهو نائم، فاستعمل في المفيدة للظرفية ويجعل الحضن محلًّا للرأس، تجوزًا من إطلاق اسم الشيء وهو الحجر على ما يقرب منه وهو الفخذ، وبالغ في تمكّن رأسه من فخذه، فشبَّه ذلك التمكن بالظرفية، واستعمل فيه ما يستعمل فيها استعارة تبعية، "فلم يصل" عليّ "العصر حتى غربت الشمس".
وأما المصطفى فكان قد صلاها، كما يأتي في الرواية الأخرى، "فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أصليت يا علي؟ " استفهام تقريري ليرتب عليه الدعاء له، وإظهار المعجزة أو حقيقي، ولا يشكل بأن قلبه لا ينام لاشتغال قلبه حينئذ بالوحي، فاستغرق فيه، "قال: لا،" لأنهم كانوا لا يوقظونه، كما في الصحيح، وقد وضع رأسه في حجره، فهو عذر في إخراج الصلاة عن وقتها، ولم يصلها بنحو الإيماء، لجواز أنه لم يكن شرع حينئذ، "فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اللهم إنه كان في طاعتك وطاعة رسولك"؛ لأنه لم يزعجه من منامه، وانتظر يقظته، وذلك تعظيم لله برعاية نبيه ولرسوله بترك ما يؤذيه، "فأردد" بفك الإدغام على إحدى اللغتين الفصيحتين، ويأتي رواية الطبراني فرد بالإدغام، وقد قرئ من يريد بالإدغام والفكّ. "عليه الشمس" أي: أعدها لمكانها الذي غربت منه ليصلي العصر في وقتها، "قالت أسماء" بنت عميس:"فرأيتها غربت، ثم رأيتها طلعت، بدعاء المحتبي "بعدما غربت ووقعت" أي: نزلت على الجبال والأرض، وذلك بالصهباء في خيبر" بعد مفارقتها لهما، فوقعت بعين مهملة، وقول الدلجي بالفاء من الوقوف، أي: لم تسر وتبيّن رجوعها إن ثبت رواية، وإلّا فالعين أوفق، لقولها: بعدما غربت، "رواه" العلامة الإمام الحافظ أحمد بن محمد، بن سالم، بن سلمة الأزدي، أبو جعفر "الطحاوي" بفتح المهملتين نسبةً لطحا قرية بصعيد مصر، على ما قاله ابن الأثير.
وردَّه السيوطي بأنه ليس منها، بل من طحطوط بقربها، فكره أن يقال الطحطوطي المصري، ابن أخت المزني، سمع يونس بن عبد الأعلى، وهارون بن سعيد، وعنه الطبراني، وغيره، وكان ثقة، ثبتًا، فقيهًا، حنفيًّا، لا مالكيًّا، كما زعم بعض، انتهت إليه رئاسة أصحاب أبي حنيفة، وله مؤلفات، ولد سنة تسع وثلاثين ومائتين، ومات سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة، "في مشكل الحديث" كتاب جليل اشتهر بالآثار من طريقين عن أسماء، "كما حكاه القاضي عياض في
الشفاء وقال: قال الطحاوي: إن أحمد بن صالح المصري كان يقول: لا ينبغي لمن سبيله العلم التخلف عن حفظ حديث أسماء؛ لأنه من علامات النبوة. انتهى.
قال بعضهم: هذا الحديث ليس بصحيح، وإن أوهم تخريج القاضي عياض له في الشفاء عن الطحاوي من طريقين، فقد ذكره ابن الجوزي في الموضوعات وقال: إنه موضوع بلا شك، وفي سنده أحمد بن داود وهو متروك الحديث كذّاب، كما قاله الدارقطني. وقال ابن حبان: كان يضع الحديث.
قال ابن الجوزي: وقد روى هذا الحديث ابن شاهين، فذكره ثم قال: وهذا حديث باطل،............
الشفاء، وقال: قال الطحاوي: إن أحمد بن صالح المصري،" أبو جعفر بن الطبري، ثقة حافظ، روى عنه البخاري وأبو داود، تكلّم فيه النسائي، بسبب أوهام له قليلة، ونقل عن ابن معين تكذيبه، وجزم ابن حبّان، بأنه إنما كذب أحمد بن صالح الشمومي، فظنَّ النسائي أنه عني ابن الطبري، مات سنة ثمان وأربعين ومائتين، وله ثمان وسبعون سنة، "كان يقول: لا ينبغي لمن سبيله" طريقه السالك فيه "العلم" أي: طلبه والاشتغال به، ومعرفة الحديث، فجعل نفس العلم طريقًا، لأنه يصل به صاحبه إلى سعادة الدارين، "التخلف عن حفظ حديث أسماء" بنت عميس، هذا الذي روته في ردّ الشمس، "لأنه من علامات النبوة" آياتها الدالة عليها؛ إذ هو معجزة عظيمة، وهذا مؤيد لصحته، فإن أحمد هذا من كبار أئمة الحديث الثقات، وحسبه أن البخاري روى عنه في صحيحه، فلا يلتفت إلى من ضعَّفه، وفي الألفية، قال:
وربما كان بغير قادح
…
كالنسائي في أحمد بن صالح
"انتهى" كلام عياض.
"قال بعضهم" تعقبًا عليه: "هذا الحديث ليس بصحيح، وإن أوهم تخريج" أي: نقل "القاضي عياض له في الشفاء، عن الطحاوي من طريقين" صحته، فالمفعول محذوف، أي: بقوله: قال: وهذان الحديثان ثابتان، رواتهما ثقات، "فقد ذكره ابن الجوزي في الموضوعات، وقال: إنه موضوع بلا شك، وفي سنده أحمد بن داود، وهو متروك الحديث كذّاب، كما قاله الدارقطني، وقال ابن حبان: كان يضع الحديث.
"قال ابن الجوزي: ولقد روى هذا الحديث ابن شاهين فذكره، ثم قال" ابن الجوزي: "وهذا حديث باطل،" وليس فاعل.
قال ابن شاهين: لأن إسناده حسن، ولذا قال السيوطي تبعًا للحافظ: أخطأ ابن الجوزي،
قال: ومن تغفَّل واضعه أنه نظر إلى صورة فضيلة، ولم يلمح عدم الفائدة فيها، وإن صلاة العصر بغيبوبة الشمس تصير قضاء، ورجوع الشمس لا يعيدها أداء. انتهى.
وقد أفرد ابن تيمية تصنيفًا مفردًا في الرد على الروافض، ذكر فيه الحديث بطرقه ورجاله وأنه موضوع، والعجب من القاضي عياض مع جلاله قدره وعلوّ خطره...................
وقد نصَّ ابن الصلاح وسائر من تبعه على تساهل ابن الجوزي في كتاب الموضوعات؛ بحيث خرج عن موضوعه، لمطلق الضعف.
قال العراقي:
وأكثر الجامع فيه إذ خرج
…
لمطلق الضعف عني أبا الفرج
فهذه غفلة شديدة منه، يحكم بوضع حديث في أحد الصحيحين.
"قال" ابن الجوزي: "ومن تغفَّل واضعه، أنه نظر إلى صورة فضيلة" هي رد الشمس حتى صلى عليّ العصر، "ولم يلمح عدم الفائدة فيها، وإن صلاة العصر بغيبوبة الشمس تصير قضاء، ورجوع الشمس لا يعيدها أداء، انتهى"، وتعقب بأنه لا وجه له؛ لأنها فاتته بعذر مانع من الأداء، وهو عدم تشويشه على النبي، وهذه فضيلة، ودلَّ ثبوت الحديث على أنَّ الصلاة وقعت أداء. وبذلك صرَّح القرطبي في التذكرة، قال: فلو لم يكن رجوع الشمس نافعًا، وإنه يتجدد الوقت لما ردها عليه، ووجهه: إن الشمس لما عادت كأنها لم تغب، وفي الإسعاد لو غربت الشمس ثم عادت عاد الوقت أيضًا، لهذا الحديث، وتجويز حمل الغروب في كلام أسماء على الشروع فيه أو مقارنته، فيكون عودها قبل غروب الشمس، فيحصل به بقاء الوقت، فمعنى: عادت عاد ظهورها كاملة، فالوقت باقٍ حقيقة فيه، أنه لا قرينة هنا على هذا الاحتمال الصارف للفظ عن المتبادر منه، الذي حمله عليه الحفاظ المثبتون للحديث، والذين زعموا وضعه أو ضعفه، ولا دلالة في حديث جابر الآتي: أمر الشمس فتأخَّرت ساعة من نهار على أن قبل الغروب، بل الظاهر أنه بعد الغروب، بدليل قوله بعده: فزيد له في النهار ساعة، على أن حديث جابر قصة أخرى غير هذه، كما نبينه.
"وقد أفرد ابن تيمية" الحافظ أبو العباس أحمد الشهير "تصنيفًا مفردًا في الرد على الروافض، ذكر فيه هذا الحديث بطرقه ورجاله، وإنه موضوع، والعجب من القاضي عياض مع جلالة قدره" عظمته" "وعلو خطره" بفتح الخاء والطاء: علوّ قدره ومنزلته على ما في المصباح، ففيه تجريد باستعمال الخطر في مجرد القدر، أو أنه قصد المبالغة، وإن المعنى: علوّ
في علوم الحديث كيف سكت عنه موهمًا صحته، وناقلًا ثبوته، موثقًا رجاله. انتهى.
وقال شيخنا: قال الإمام أحمد: لا أصل له، وتبعه ابن الجوزي فأورده في الموضوعات.
ولكن قد صحَّحه الطحاوي والقاضي عياض، وأخرجه ابن منده وابن شاهين من حديث أسماء بنت عميس، وابن....................................................
قدره، على أن في القاموس: الخطر قدر الرجل "في علوم الحديث"؛ إذ هو من الحفَّاظ النقاد، "كيف سكت عنه موهمًا صحته، وناقلًا ثبوته، موثقًا رجاله، انتهى" ولا عجب أصلًا؛ لأن إسناد حديث أسماء حسن، وكذا إسناد حديث أبي هريرة الآتي، كما صرَّح به السيوطي قائلًا: ومن ثَمَّ صححه الطحاوي والقاضي عياض، وذكره ابن الجوزي في الموضوعات فأخطأ، كما بينته في مختصر الموضوعات، وفي النكت البديعات، انتهى. يعني: لما تقرر في علوم الحديث: أنَّ الحسن إذا اجتمع مع حسن آخر، أو تعددت طرقه ارتقى للصحة، فالعجب العجاب إنما هو من كلام ابن تيمية هذا، لا من عياض؛ لأنه الجاري على القواعد المعلومة في الألفية وغيرها، لصغار الطلبة.
ولذا قال الحافظ في فتح الباري: أخطأ ابن الجوزي بذكره في الموضوعات، وكذا ابن تيمية في كتاب الرد على الروافض في زعم وضعه، انتهى.
"وقال شيخنا" السخاوي في المقاصد: "قال الإمام أحمد: لا أصل له، وتبعه ابن الجوزي، فأورده في الموضوعات"، وكذا نقل ابن كثير عن أحمد وجماعة من الحفاظ: أنهم صرّحوا بوضعه.
قال الشامي: والظاهر أنه وقع لهم من طريق بعض الكذابين، ولم يقع لهم من الطرق السابقة، وإلّا فهي يتعذّر معها الحكم عليه بالضعف، فضلًا عن الوضع، ولو عرضت عليهم أسانيدها لاعترفوا بأن للحديث أصلًا وليس بموضوع، وقال: وما مهَّدوه من القواعد، وذكر جماعة من الحفاظ له في كتبهم المعتمدة، وتقوية من قواه يرد على من حكم عليه بالوضع، انتهى.
ولذا استدرك السخاوي، زعم وضعه، فقال:"ولكن قد صححه الطحاوي، والقاضي عياض" وناهيك بهما.
"وأخرجه ابن منده، وابن شاهين من حديث أسماء بنت عميس،" بإسناد حسن، "وابن
مردويه من حديث أبي هريرة. انتهى.
ورواه الطبراني في معجمه الكبير بإسناد حسن، كما حكاه شيخ الإسلام ابن العراقي في شرح التقريب عن أسماء بنت عميس ولفظه: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الظهر بالصهباء ثم أرسل عليًّا في حاجة، فرجع وقد صلَّى النبي صلى الله عليه وسلم العصر، فوضع صلى الله عليه وسلم رأسه في حجر علي فنام، فلم يحركه حتى غابت الشمس، فقال عليه الصلاة والسلام:"اللهم إن عبدك عليًّا احتبس بنفسه على نبيه فرد عليه الشمس"، قالت أسماء: فطلعت عليه الشمس حتى وقعت على الجبال وعلى الأرض، وقام علي فتوضأ وصلَّى العصر ثم غابت، وذلك بالصهباء.
وفي لفظ آخر: كان عليه الصلاة والسلام إذا نزل عليه الوحي يغشى عليه، فأنزل عليه يومًا وهو في حجر علي،
مردويه من حديث أبي هريرة" بإسناد حسن أيضًا، "انتهى، ورواه الطبراني في معجمه الكبير، بإسناد حسن، كما حكاه شيخ الإسلام" قاضي القضاة "ابن العراقي" الحافظ ولي الدين "في شرح التقريب عن أسماء بنت عميس، ولفظه: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلَّى الظهر بالصهباء، ثم أرسل عليًّا في حاجة" هي قسم غنائم خيبر، كما في رواية الطبراني أيضًا، "فرجع وقد صلَّى النبي صلى الله عليه وسلم العصر، فوضع صلى الله عليه وسلم رأسه في حجر علي، فنام فلم يحركه حتى غابت الشمس، فاستيقظ فسأله، "أصليت"؟ قال: لا: "فقال عليه الصلاة والسلام": "اللهم إن عبدك عليًّا احتبس نفسه" امتنع من الحركة، قاصرًا نفسه "على" حفظ نبيه" وخدمته، "فردَّ عليه الشمس" كي يصلي العصر أداء، "قالت أسماء: فطلعت عليه الشمس حتى وقعت عى الجبال وعلى الأرض، وقام عليّ فتوضأ وصلَّى العصر، ثم غابت، وذلك بالصهباء.
وعند الطبراني أيضًا عن أسماء قالت: اشتغل علي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في قسمة الغنائم يوم خيبر حتى غابت الشمس، فقال صلى الله عليه وسلم:"يا علي أصليت العصر؟ " قال: لا يا رسول الله، فتوضأ صلى الله عليه وسلم في المجلس، فتكلّم بكلمتين أو ثلاثة، كأنها من كلام الحبشة، فارتجعت الشمس كهيئتها في العصر، فقام علي فتوضأ وصلَّى العصر، ثم تكلّم صلى الله عليه وسلم بمثل ما تكلم به قبل ذلك، فرجعت الشمس إلى مغربها، فسمعت لها صريرًا كالمنشار في الخشبة، وطلعت الكواكب، وبهذا الحديث أيضًا بان أنَّ الصلاة ليست قضاء، بل يتعين الأداء، وإلا لم يكن للدعاء فائدة.
"وفي لفظ آخر" عند الطبراني أيضًا في الكبير: "كان -عليه الصلاة السلام- إذا نزل عليه الوحي يغشى عليه"، ويعرف ذلك حاضروه، "فأنزل عليه يومًا، وهو في حجر علي،
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "صليت العصر؟ " قال: لا، يا رسول الله، فدعا الله فرد عليه الشمس حتَّى صلى العصر، قالت أسماء: فرأيت الشمس طلعت بعد ما غابت حين ردت حتى صلى العصر علي.
قال: وروى الطبراني أيضًا في معجمه الأوسط بإسناد حسن عن جابر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر الشمس فتأخَّرت ساعة من نهار.
وروى يونس بن بكير في زيادات المغازي عن ابن إسحاق، مما ذكره القاضي عياض: لما أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم، وأخبر قومه بالرفقة والعلامة التي في العير، قالوا: متى تجيء؟ قال: "يوم الأربعاء"................................................
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم" لما سرَّي: "صليت العصر" قال: لا" أي: لم أصله، "يا رسول الله، فدعا الله" بكلمتين أو ثلاثة، "فردَّ عليه الشمس حتى صلى العصر، قالت أسماء: فرأيت الشمس طعلت بعد ما غابت، حين ردت، حتى صلى العصر علي"، ومن القواعد أن تعدّد الطرق يفيد أن للحديث أصلًا، ومن لطائف الاتفاقات الحسنة أن أبا المظفر الواعظ ذكر يومًا قريب الغروب فضائل علي، ورد الشمس له، والسماء مغيمة غيمًا مطبقًا، فظنّوا أنها غربت، وهموا بالانصراف، فأصحت السماء ولاحت الشمس صافية الإشراق، فأشار إليهم بالجلوس، وقال ارتجالًا:
لا تغربي يا شمس حتى ينتهي
…
مدحي لآل المصطفى ولنجله
واثني عنانك إذا أردت ثناءهم
…
أنسيت إذ كان الوقوف لأجله
إن كان للمولى وقوفك فليكن
…
هذا الوقوف لخيله ولرجله
"قال" ابن العراقي: "وروى الطبراني أيضًا في معجمه الأوسط، بإسناد حسن، عن جابر" بن عبد الله: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر الشمس" أن لا تغرب حتى تقدم عير قريش التي رآها ليلة الإسراء، وأخبرهم بأنها تقدم يوم كذا، وولّى النهار ولم تجئ، "فتأخَّرت ساعة من نهار" إلى أن قدمت، فهذه قصة أخرى كانت وهو بمكة قبل الهجرة، كما حمله الحافظ ابن حجر مؤيدًا به الحديث المنقطع المذكور، بقوله:"وروى يونس بن بكير" بن واصل الشيباني، أبو بكر الكوفي، صدوق، روى له مسلم، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه، والبخاري تعليقًا، مات سنة تسع وتسعين ومائة، "في زيادات المغازي، عن" شيخة محمد "بن إسحاق" بن يسار، إمام المغازي، "مما ذكره القاضي عياض" في الشفاء:"لما أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم، وأخبر قومه بالرفقة" -مثلث الراء: الجماعة المترافقين في السفر، ولا يذهب اسم الرفيق إلّا بالتعرف والعلامة التي في العير" هي أن يتقدَّمها جمل أو رق، "قالوا: متى تجيء؟ قال: "يوم الأربعاء" بتثليث
فلمَّا كان ذلك اليوم أشرفت قريش ينتظرون، وقد ولَّى النهار ولم تجئ، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فزيد له في النهار ساعة، وحبست عليه الشمس.
وهذا يعارضه ما في الحديث الصحيح: لم تحبس الشمس على أحد إلّا ليوشع بن نون،.......
الباء والكسر أَوْلَى، كما في المحكم وغيره -ممدود والهمزة مفتوحة على الثلاث، وحكى ابن هشام، فتح الهمزة، وكسر الهمزة، وفتح الباء، وقال: هذه أفصح اللغات، فلمَّا كان ذلك اليوم" بالرفع والنصب، والأول أولى؛ لأنه نعت فاعل كان التامة بمعنى وجد، "أشرقت" بمعجمة، وراء مهملة وراء مهملة وفاء، "قريش" أي: قامت على شرف، وهو المكان المرتفع لتنظر العير قادمة أم لا، "ينتظرون" حال أو مستأنف، أي: يترقَّبون قدوم عيرهم في اليوم الموعود، وقد ولَّى النهار،" قارب ذلك اليوم أن يتم ويدخل الليل بغروب الشمس، "ولم تجئ" العير "فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم" سأله ربه أن يمد له ذلك اليوم حتى تجيء العير قبل انقضائه، "فزيد له في النهار ساعة، "ذلك أنه "حُبِسَت عليه الشمس" أمسكها الله بقدرته وعوَّقها عن سيرها المعتاد حتى قدمت العير قبل غروبها، وعورض هذا بما ورد، واقتصر عليه البيضاوي والزمخشري أنه صلى الله عليه وسلم قال:"يقدمها جمل أورق عليه غرارتان مخططتان، تطلع عليكم عند طلوع الشمس"، فخرجوا ينتظرون طلوعها، فقال قائل منهم: هذه الشمس قد طلعت، فقال آخر: وهذه الإبل قد طلعت يقدمها.... إلخ، فقالوا: إن هذا إلّا سحر مبين.
وعند ابن أبي حاتم: فلمَّا كان ذلك اليوم، أي: الذي قال إنهم يأتون فيها أشرف الناس ينتظرون، حتى إذا كان قرب نصف النهار أقبلت لعير يقدمهم ذلك الجمل، كما وصف صلى الله عليه وسلم، ولا معارضة؛ لأنه مرَّ بعيرين، بل بثلاثة، وكان إحداها تأخرت.
روى ابن مردويه والطبراني، عن أم هانيء، قالوا: أخبرنا عن عيرنا، قال:"أتيت على عير بني فلان بالروحاء قد أضلّوا ناقة لهم، فانطلقوا في طلبها، فانتهيت إلى رحالهم، فليس بها منهم أحد، وإذا قدح ماء فشربت منه، ثم انتهيت إلى عير بني فلان بمكان كذا وكذا، فيها جمل عليه غرارتان، غرارة سوداء وغرارة بيضاء، فلا حاذيت العير نفرت، وصرع ذلك البعير وانكسر، ثم انتهيت إلى عير بني فلان بالتنعيم، يقدمهم حمل أورق عليه مسح أسود وغرارتان سوداوان" الحديث.
"وهذا يعارضه ما في الحديث الصحيح" الذي أخرجه أحمد برجال الصحيح: "لم تحبس الشمس على أحد" لفظ أحمد عن أبي هريرة، قال صلى الله عليه وسلم:"إن الشمس لم تحبس لبشر إلا ليوشع" بالشين المعجمة، ومهملة "ابن نون" مجرور بالإضافة منصرف على الأصح، وإن
يعني: حين قاتل الجبارين يوم الجمعة، فلمَّا أدبرت الشمس خاف أن تغيب قبل أن يفرغ منهم، ويدخل السبت فلا يحلّ لهم قتالهم فيه، فدعا فردّ عليه الشمس حتى فرغ من قتالهم.
قال الحافظ بن كثير فيه: إن هذا كان من خصائص يوشع، فيدل على ضعف الحديث الذي رويناه أن الشمس رجعت حتى صلَّى علي بن أبي طالب العصر، وقد صحَّحه أحمد بن صالح المصري، ولكنه منكر، ليس في شيء من الصحاح والحسان، وهو مما تتوفر الدواعي على نقله، وتفرَّدت بنقله امرأة من أهل البيت مجهولة لا يعرف حالها. انتهى.
كان أعجميًّا لسكون وسطه، كنوح ولوط ونون ابن افرايم بن يوسف، كان يوشع يخدم موسى ويتبعه، ولذا سمَّاه الله فتاه، وبقية رواية أحمد: ليالي سار إلى بيت المقدس. وأخرجه الخطيب في تاريخه من حديث أبي هريرة، بلفظ:"ما حبست الشمس على بشر قطّ إلا على يوشع، ليالي سار إلى بيت المقدس"،"يعني: حين قاتل الجبارين يوم الجمعة" بعد موت موسى وهارون في التيه، وكان رحمة لهما، وعذابًا لأولئك، وسأل موسى ربه أن يدنيه من الأرض المقدَّسة رمية حجر، فأدناه، كما في الحديث، ونبيء يوشع عند الأربعين، وأمر بقتال الجبارين، فسار بمن بقي معه وقاتلهم يوم الجمعة، "فلمَّا أدبرت الشمس،" قاربت الغروب، "خاف أن تغيب قبل أن يفرغ منهم ويدخل السبت فلا يحل لهم قتالهم فيه، فدعا الله، فردّ عليه الشمس" ساعة "حتى فرغ من قتالهم"، ويقال: كان علم النجم صحيحًا قبل، فلمّا وقفت ليوشع بطل أكثره، ولما ردت لعلي بطل جميعه.
"قال الحافظ ابن كثير فيه: إن هذا كان من خصائص يوشع" وبه اشتُهر، حتى قال أبو تمام في قصيدة:
فو الله ما أدري أأحلام نائم
…
ألمت بنا أم كان في الركب يوشع
"فيدل على ضعف الحديث الذي رويناه، أنَّ الشمس رجعت حتى صلى علي بن أبي طالب العصر، وقد صححه أحمد بن الح المصري، ولكنه منكر" أي: ضعيف؛ إذ المنكر من أقسامه، "ليس في شيء من الصحاح والحسان" ممنوع لوروده من طرق ثلاثة حسان، كما مَرَّ، وتقرَّر أنه يرتقي بذلك للصحة، وهو مما تتوفر الدواعي على نقله" لغرابته، "وتفرَّدت بنقله امرأة من أهل البيت، مجهولة لا يعرف حالها" فيه نظر أيضًا، فقد رواه جماعة وتعددت طرقه، كما بينه في النكت، وتلخيص الموضوع، وسبل الهدى وغيرهم، "انتهى" كلام ابن كثير، ولم يثبت في كل النسخ، بل بعضها.
ويحتمل الجمع بأن المعنى: لم تحبس على أحد من الأنبياء غيري إلّا ليوشع بن نون.
وكذا روى حبس الشمس لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم أيضًا يوم الخندق، حين شغل عن صلاة العصر، فيكون حبس الشمس مخصوصًا بنبينا وبيوشع، كما ذكره القاضي عياض في الإكمال، وعزاه لمشكل الآثار، ونقله النووي في شرح مسلم في باب حلّ الغنائم عن عياض، وكذا نقله الحافظ بن حجر في باب الأذان من تخريج أحاديث الرافعي، ومغلطاي في الزهر الباسم، وأقروه.
وتعقب: بأن الثابت في الصحيح وغيره: أنه صلى الله عليه وسلم صلى العصر في وقعة الخندق بعد ما غربت الشمس. كما سبق في غزوتها.
وذكر البغوي في تفسيره:.................................................
ويحتمل الجمع، بأن المعنى: لم تحبس على أحد من الأنبياء غيري، إلّا ليوشع بن نون،" نحوه قال الحافظ: الحصر محمول على الماضي للأنبياء قبل نبينا، وليس فيه أنها لا تحبس بعد الماضي، انتهى. وهو متعين لدفع التعارض بين الحديثين، ومثله كثير في الأحاديث، كقوله:"لم يتكلم في المهد إلّا ثلاثة"، فالحصر إضافي، وجمع أيضًا بأن خبر يوشع في حبسها قبل الغروب، وخبر عليّ في ردها بعده، وبأنه قال قبل قصة خيبر.
"وكذا روي حبس الشمس لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم أيضًا يوم الخندق حين شغل عن صلاة العصر، فيكون على هذا "حبس الشمس مخصوصًا بنبينا وبيوشع"، بناء على أنها لم تحبس لغيرهما، لصحة خبريهما، دون غيرهما مما يأتي، "كما ذكره" أي: حبسها يوم الخندق "القاضي عياض في الإكمال" شرح مسلم له، "وعزاه لمشكل الآثار" للطحاوي، "ونقله النووي في شرح مسلم في باب حل الغنائم عن عياض" وأقرَّه "وكذا نقله الحافظ ابن حجر في باب الأذان من" كتابه "تخريج أحاديث الرافعي، ومغلطاي في الزهر الباسم، في سيرة المصطفى أبي القاسم، وأقرّوه"، لكنه في فتح الباري قال: لم أقف عليه في مشكل الآثار، إنما فيه حديث أسماء المار" فإن قلت: فهي قصة أخرى ثالثة.
"وتعقّب بأن الثابت في الصحيح وغيره، أنه صلى الله عليه وسلم صلى العصر في وقعة الخندق بعدما غربت الشمس، كما سبق في غزوتها" وأجيب، بأنه كان في يوم آخر؛ إذ وقعة الخندق كانت أيامًا، "وذكر البغوي في تفسيره" بلفظ: حكي عن علي، أن معنى ردوها علي، يقول سليمان يأمر الله الملائكة الموكلين بالشمس يردها، فردوها حتى صلّى العصر وقتها، وذلك أنه
إنها حبست لسليمان عليه السلام؛ لقوله: {رُدُّوهَا عَلَيَّ} [ص: 33] . ونوزع فيه بعدم ذكر الشمس في الآية، فالمراد: الصافنات الجياد والله أعلم.
قال القاضي عياض: واختلف في حبس الشمس المذكور هنا، فقيل: ردت على أدراجها، وقيل: وقفت ولم ترد، وقيل: بطء حركتها. قال: وكل ذلك من معجزات النبوة. انتهى.
كان يعرض عليه الخيل الجياد غدوة حتى توارت بالحجاب، فاختصره المصنف، فقال:"إنها حبست لسليمان عليه السلام أيضًا؛ لقوله: {رُدُّوهَا عَلَيَّ} ونوزع فيه بعدم ذكر الشمس في الآية، فالمراد الصافنات:" الخيل الجياد، وأجيب بأنه لو ثبت، عاد الضمير للشمس لعلمها، وإن لم يجر لها ذكر، كقوله تعالى:{حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ} الآية.
قال الحافظ: لكنه غير ثابت، وجاء أيضًا أنها حبست عن الطلوع لموسى، ففي المبتدأ لابن إسحاق عن عروة: أنه تعالى أمر موسى أن يحمل تابوت يوسف، فلم يدلّ عليه حتى كاد الفجر يطلع، وكان وعدهم بالسير عند طلوع الفجر، فدعا ربه أن يؤخّر الفجر حتى يفرغ ففعله.
قال الحافظ: وتأخير طلوع الفجر يستلزم تأخير طلوع الشمس؛ لأنه ناشئ عنها، فلا يقال: الحصر إنما وقع في يوشع بطلوع الشمس، فلا يمنع حبس الفجر لغيره، قال: وأخرج الخطيب في كتاب ذم النجوم عن عليّ قال: سأل قوم يوشع أن يطلعهم على بدء الخلق وآجالهم، فأراهم ذلك في ماء من غمامة أمطرها الله عليهم، فكان أحدهم يعلم متى يموت، فبقوا على ذلك إلى أن قاتلهم داود على الكفر، فأخرجوا إلى داود من لم يحضر أجله، فكان يقتل من أصحاب داود ولا يقتل منهم، فشكا إلى الله ودعاه، فحبست عليه الشمس، فزيد في النهار، فاختلطت الزيادة الليل والنهار، فاختلط عليهم حسابهم، وإسناده ضعيف جدًّا، انتهى، والله أعلم" بصحة ذلك كله في نفس الأمر وضعفه.
"قال القاضي عياض: واختلف في حبس الشمس المذكور هنا، فقيل: ردت على أدراجها" أي: أحوالها التي كانت تسير عليها نهارًا، "وقيل: وقفت ولم ترد"، قال البرهان: وه ظاهر قوله: فحبست، "وقيل" بطء حركتها" قال ابن بطال: وهو أَوْلَى الأقوال، قال" عياض: وكل ذلك من معجزات النبوة. انتهى".
قال بعض شراح مسلم: والشمس أحد الكواكب السيارة، وحركتها مترتبة على حركة الفلك بها، فحبسها على التفاسير المذكورة إنما هو لحبس الفلك لا حبسها في نفسها، انتهى.