الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[بَابُ صَرِيحِ الطَّلَاقِ وَكِنَايَتِهِ]
ِ فَائِدَةٌ:
لَوْ قَالَ " امْرَأَتِي طَالِقٌ " وَأَطْلَقَ النِّيَّةَ. أَوْ قَالَ " عَبْدِي حُرٌّ " أَوْ " أَمَتِي حَرَّةٌ " وَأَطْلَقَ النِّيَّةَ: طَلُقَ جَمِيعُ نِسَائِهِ. وَعَتَقَ جَمِيعُ عَبِيدِهِ وَإِمَائِهِ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَنَصَّ عَلَيْهِ. وَهُوَ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ. وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ، وَصَاحِبُ الْفَائِقِ: أَنَّهُ لَا تَطْلُقُ إلَّا وَاحِدَةٌ، وَلَا يُعْتَقُ إلَّا وَاحِدَةٌ. وَتَخْرُجُ بِالْقُرْعَةِ. وَتَقَدَّمَ هَذَا أَيْضًا فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الْعِتْقِ بَعْدَ قَوْلُهُ " وَإِنْ قَالَ: كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي حُرٌّ ".
قَوْلُهُ (وَصَرِيحُهُ لَفْظُ " الطَّلَاقِ " وَمَا يَتَصَرَّفُ مِنْهُ) . يَعْنِي أَنَّ صَرِيحَ الطَّلَاقِ: هُوَ لَفْظُ " الطَّلَاقِ " وَمَا تَصَرَّفَ مِنْهُ، لَا غَيْرُ وَهَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَابْنُ مُنَجَّا فِي شَرْحِهِ، وَالنَّاظِمُ. وَاخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ. قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: وَهُوَ الْأَقْوَى عِنْدِي. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَمُنْتَخَبِ الْأَدَمِيِّ الْبَغْدَادِيِّ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ. وَقَالَ الْخِرَقِيُّ: صَرِيحُهُ ثَلَاثَةُ أَلْفَاظٍ " الطَّلَاقُ " وَ " الْفِرَاقُ " وَ " السَّرَاحُ " وَمَا تَصَرَّفَ مِنْهُنَّ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَنَصَرَهُ الْقَاضِي. وَاخْتَارَهُ الشَّرِيفُ، وَأَبُو الْخَطَّابِ، فِي خِلَافَيْهِمَا، وَالشِّيرَازِيُّ، وَابْنُ الْبَنَّاءِ.
قَالَ فِي الْوَاضِحِ: اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ. وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ، وَابْنُ عَقِيلٍ فِي التَّذْكِرَةِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ، وَالْبُلْغَةِ، وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُصُولِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْكَافِي، وَالْهَادِي، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَعَنْهُ " أَنْتِ مُطَلَّقَةٌ " لَيْسَتْ صَرِيحَةً. ذَكَرَهَا أَبُو بَكْرٍ؛ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ طَلَاقًا مَاضِيًا. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَيَلْزَمُهُ ذَلِكَ فِي " طَلَّقْتُك ". وَقِيلَ: " طَلَّقْتُك " لَيْسَتْ صَرِيحَةً أَيْضًا. بَلْ كِنَايَةً.
قَالَ فِي الْفُرُوعِ: فَيَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ أَنَّهُ يُحْتَمَلُ الْإِنْشَاءُ وَالْخَبَرُ. وَعَلَى الْأَوَّلِ: هُوَ إنْشَاءٌ. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله: هَذِهِ الصِّيَغُ إنْشَاءٌ، مِنْ حَيْثُ إنَّهَا هِيَ الَّتِي أَثْبَتَتْ الْحُكْمَ وَبِهَا تَمَّ. وَهِيَ إخْبَارٌ؛ لِدَلَالَتِهَا عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي فِي النَّفْسِ. وَفِي الْكَافِي احْتِمَالٌ فِي " أَنْتِ الطَّلَاقُ " أَنَّهَا لَيْسَتْ بِصَرِيحَةٍ. وَقِيلَ: إنَّ لَفْظَ " الْإِطْلَاقِ " نَحْوَ قَوْلِهِ " أَطْلَقْتُك " صَرِيحٌ. وَهُوَ احْتِمَالٌ لِلْقَاضِي. وَرَدَّهُ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ. وَأَطْلَقَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْبُلْغَةِ فِيهِ وَجْهَيْنِ.
فَوَائِدُ:
إحْدَاهَا: لَوْ قَالَ لَهَا " أَنْتَ طَالِقٌ " بِفَتْحِ التَّاءِ: طَلُقَتْ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ، وَابْنُ عَقِيلٍ: لَا تَطْلُقُ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَتَوَجَّهُ الْخِلَافُ عَلَى الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ.
الثَّانِيَةُ: لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ " كُلَّمَا قُلْتُ لِي شَيْئًا، وَلَمْ أَقُلْ لَك مِثْلَهُ، فَأَنْتِ طَالِقٌ
ثَلَاثًا " فَهَذِهِ وَقَعَتْ زَمَنَ ابْنِ جَرِيرٍ الطَّبَرِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. فَأَفْتَى فِيهَا بِأَنَّهُ لَا يَقَعُ إذَا عَلَّقَهُ، بِأَنْ قَالَ لَهَا " أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ أَنَا طَلَّقْتُك ". وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: طَلُقَتْ، وَلَوْ عَلَّقَهُ. وَجَزَمَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: بِأَنَّهَا تَطْلُقُ إذَا قَالَ بِكَسْرِ التَّاءِ، وَقَالَهُ. وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ: إذَا قَالَهُ، وَعَلَّقَهُ بِشَرْطٍ: تَطْلُقُ. وَإِنْ فَتْحَ التَّاءَ مُذَكِّرًا. فَحَكَى ابْنُ عَقِيلٍ عَنْ الْقَاضِي: أَنَّهَا تَطْلُقُ؛ لِأَنَّهُ وَاجَهَهَا بِالْإِشَارَةِ وَالتَّعْيِينِ. فَسَقَطَ حُكْمُ اللَّفْظِ. نَقَلَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَقَالَ: حُكِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهُ قَالَ فِي التَّنْبِيهِ: إنَّهَا لَا تَطْلُقُ قَالَ: وَلَمْ أَجِدْهَا فِي التَّنْبِيهِ. وَذَكَرَ كَلَامَ ابْنِ جَرِيرٍ لِابْنِ عَقِيلٍ، فَاسْتَحْسَنَهُ. وَقَالَ: لَوْ فَتَحَ التَّاءَ تَخْلُصُ. وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَلَوْ كَسَرَ التَّاءَ تَخْلُصُ. وَبَقِيَ مُعَلَّقًا. ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَلَهُ التَّمَادِي إلَى قُبَيْلِ الْمَوْتِ. وَقِيلَ: لَا يَقَعُ عَلَيْهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ اسْتِثْنَاءَ ذَلِكَ مَعْلُومٌ بِالْقَرِينَةِ. قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ رحمه الله فِي بَدَائِعِ الْفَوَائِدِ: وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ أَحْسَنُ مِنْ وَجْهَيْ ابْنِ جَرِيرٍ، وَابْنِ عَقِيلٍ. وَهُوَ جَارٍ عَلَى أُصُولِ الْمَذْهَبِ، وَهُوَ: تَخْصِيصُ اللَّفْظِ الْعَامِّ بِالنِّيَّةِ كَمَا لَوْ حَلَفَ " لَا يَتَغَدَّى " وَنِيَّتُهُ غَدَاءُ يَوْمِهِ: قَصُرَ عَلَيْهِ، وَلَوْ حَلَفَ " لَا يُكَلِّمُهُ " وَنِيَّتُهُ: تَخْصِيصُ الْكَلَامِ بِمَا يَكْرَهُهُ: لَمْ يَحْنَثْ إذَا كَلَّمَهُ بِمَا يُحِبُّهُ. وَنَظَائِرُهُ كَثِيرَةٌ وَعَلَّلَهُ بِتَعَالِيلَ جَيِّدَةٍ. قُلْتُ: وَهُوَ الصَّوَابُ.
الثَّالِثَةُ: مِنْ صَرِيحِ الطَّلَاقِ أَيْضًا: إذَا قِيلَ لَهُ " أَطَلَّقْتَ امْرَأَتَك؟ " قَالَ. " نَعَمْ " عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، كَمَا يَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ قَرِيبًا. جَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي هُنَا، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَغَيْرُهُ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَكُونَ صَرِيحًا. قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ.
تَنْبِيهٌ
قَوْلُهُ (وَمَا تَصَرَّفَ مِنْهُ) يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ: الْأَمْرُ وَالْمُضَارِعُ. وَقَدْ تَقَدَّمَ نَظِيرُهُ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْعِتْقِ وَالتَّدْبِيرِ. وَكَذَا قَوْلُهُ " أَنْتِ مُطْلِقَةٌ " بِكَسْرِ اللَّامِ، اسْمُ فَاعِلٍ. قَوْلُهُ (فَمَتَى أَتَى بِصَرِيحِ الطَّلَاقِ: وَقَعَ. نَوَاهُ، أَوْ لَمْ يَنْوِهِ) . أَمَّا إذَا نَوَاهُ: فَلَا نِزَاعَ فِي الْوُقُوعِ. وَأَمَّا إذَا لَمْ يَنْوِهِ: فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَنَصَّ عَلَيْهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رحمه الله، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ أَنَّهُ يَقَعُ مُطْلَقًا. وَعَنْهُ: لَا يَقَعُ إلَّا بِنِيَّةٍ، أَوْ قَرِينَةِ غَضَبٍ، أَوْ سُؤَالِهَا وَنَحْوِهِ.
تَنْبِيهٌ:
ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَكَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ: وُقُوعُ الطَّلَاقِ مِنْ الْهَازِلِ وَاللَّاعِبِ كَالْجَادِّ. وَهُوَ صَحِيحٌ. نَصَّ عَلَيْهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رحمه الله. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَصَرَّحُوا بِهِ. وَكَذَلِكَ الْمُخْطِئُ. قَالَهُ النَّاظِمُ، وَغَيْرُهُ.
فَائِدَةٌ:
لَا يَقَعُ مِنْ النَّائِمِ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ، وَلَا مِنْ الْحَاكِي عَنْ نَفْسِهِ، وَلَا مِنْ الْفَقِيهِ الَّذِي يُكَرِّرُهُ، وَلَا مِنْ الزَّائِلِ الْعَقْلِ، إلَّا مَا تَقَدَّمَ مِنْ السَّكْرَانِ وَنَحْوِهِ، عَلَى الْخِلَافِ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ نَوَى بِقَوْلِهِ " أَنْتِ طَالِقٌ " مِنْ وَثَاقٍ. أَوْ أَرَادَ أَنْ يَقُولَ " طَاهِرٌ " فَسَبَقَ لِسَانُهُ، أَوْ أَرَادَ بِقَوْلِهِ " مُطَلَّقَةٌ " مِنْ زَوْجٍ كَانَ قَبْلَهُ: لَمْ تَطْلُقْ.: دُيِّنَ) . الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهُ إذَا ادَّعَى ذَلِكَ يُدَيَّنُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَعَنْهُ: لَا يُدَيَّنُ. حَكَاهَا ابْنُ عَقِيلٍ فِي بَعْضِ كُتُبِهِ، وَالْحَلْوَانِيُّ. كَالْهَازِلِ عَلَى أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ.
قَوْلُهُ (وَهَلْ يُقْبَلُ فِي الْحُكْمِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي حَالِ الْغَضَبِ، أَوْ بَعْدَ سُؤَالِهَا الطَّلَاقَ. فَلَا يُقْبَلُ) . قَوْلًا وَاحِدًا. وَأَطْلَقَ الرِّوَايَتَيْنِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْهَادِي، وَالْبُلْغَةِ، وَالْفُرُوعِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا، وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ.
إحْدَاهُمَا: يُقْبَلُ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَمُنْتَخَبِ الْأَدَمِيِّ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْكَافِي. إلَّا فِي قَوْلِهِ " أَرَدْتُ أَنَّهَا مُطَلَّقَةٌ مِنْ زَوْجٍ كَانَ قَبْلِي " وَكَانَ كَذَلِكَ. فَأَطْلَقَ فِيهَا وَجْهَيْنِ.
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يُقْبَلُ فِي الْأَظْهَرِ. قَالَ فِي إدْرَاكِ الْغَايَةِ: لَمْ يُقْبَلْ فِي الْحُكْمِ فِي الْأَظْهَرِ. قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: لَمْ يُقْبَلْ فِي الْحُكْمِ عَلَى الْأَصَحِّ. وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَفِيمَا إذَا قَالَ " أَرَدْت أَنَّهَا مُطَلَّقَةٌ مِنْ زَوْجٍ كَانَ قَبْلِي " وَجْهٌ ثَالِثٌ: أَنَّهُ يُقْبَلُ إنْ كَانَ وُجِدَ، وَإِلَّا فَلَا. قُلْتُ: وَهُوَ قَوِيٌّ. وَيَأْتِي ذَلِكَ أَيْضًا فِي أَوَّلِ " بَابِ الطَّلَاقِ فِي الْمَاضِي وَالْمُسْتَقْبَلِ " عِنْدَ قَوْلِهِ " فَإِنْ قَالَ: أَرَدْت أَنَّ زَوْجًا قَبْلِي طَلَّقَهَا ".
فَائِدَةٌ:
مِثْلُ ذَلِكَ خِلَافًا وَمَذْهَبًا لَوْ قَالَ " أَنْتِ طَالِقٌ " وَأَرَادَ أَنْ يَقُولَ " إنْ قُمْتِ " فَتَرَكَ الشَّرْطَ، وَلَمْ يُرِدْ بِهِ طَلَاقًا. قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ. وَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي أَوَّلِ " بَابِ تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِالشُّرُوطِ ":" إذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ " ثُمَّ قَالَ " أَرَدْت إنْ قُمْتِ " وَقِيلَ: لَا يُقْبَلُ هُنَا.
قَوْلُهُ (وَلَوْ قِيلَ لَهُ: أَطَلَّقْتَ امْرَأَتَكَ؟ قَالَ: نَعَمْ. وَأَرَادَ الْكَذِبَ: طَلُقَتْ) . وَهُوَ الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: تَطْلُقُ فِي الْحُكْمِ فَقَطْ. وَتَقَدَّمَ احْتِمَالٌ ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ: أَنَّ هَذِهِ الصِّيغَةَ لَيْسَتْ بِصَرِيحٍ فِي الطَّلَاقِ كَمَا لَوْ قَالَ " كُنْتُ طَلَّقْتُهَا ". وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ قِيلَ لَهُ " امْرَأَتُكَ طَالِقٌ؟ " فَقَالَ " نَعَمْ " أَوْ " أَلَكَ امْرَأَةٌ؟ " فَقَالَ " قَدْ طَلَّقْتُهَا " فَلَوْ قَالَ: أَرَدْت أَنِّي طَلَّقْتهَا فِي نِكَاحٍ آخَرَ: دُيِّنَ. وَفِي الْحُكْمِ وَجْهَانِ، إنْ كَانَ وُجِدَ. قَدَّمَ فِي الرِّعَايَةِ: أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ. وَلَوْ قِيلَ لَهُ " أَأَخْلَيْتَهَا؟ " فَقَالَ " نَعَمْ " فَكِنَايَةٌ.
فَائِدَتَانِ:
إحْدَاهُمَا: لَوْ أَشْهَدَ عَلَيْهِ بِطَلَاقٍ ثَلَاثٍ، ثُمَّ اسْتَفْتَى. فَأَفْتِي بِأَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ: لَمْ يُؤَاخَذْ بِإِقْرَارِهِ، لِمَعْرِفَةِ مُسْتَنَدِهِ. وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ مُسْتَنَدَهُ فِي إقْرَارِهِ ذَلِكَ مِمَّنْ يَجْهَلُهُ مِثْلُهُ. ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله. وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْفُرُوعِ. وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي آخِرِ " بَابِ الْخُلْعِ " أَيْضًا.
الثَّانِيَةُ:
لَوْ قَالَ قَائِلٌ لِعَالِمٍ بِالنَّحْوِ " أَلَمْ تَطْلُقْ امْرَأَتُكَ؟ " فَقَالَ " نَعَمْ " لَمْ تَطْلُقْ. وَإِنْ قَالَ " بَلَى " طَلُقَتْ. ذَكَرَهُ النَّاظِمُ وَغَيْرُهُ. وَيَأْتِي نَظِيرُ ذَلِكَ فِي أَوَائِلِ " بَابِ مَا يَحْصُلُ بِهِ الْإِقْرَارُ " وَلَمْ يُفَرِّقُوا هُنَاكَ بَيْنَ الْعَالِمِ وَغَيْرِهِ. وَالصَّوَابُ: التَّفْرِقَةُ.
تَنْبِيهٌ:
مَفْهُومُ قَوْلِهِ (وَلَوْ قِيلَ لَهُ: أَلَك امْرَأَةٌ؟ قَالَ: لَا. وَأَرَادَ الْكَذِبَ، لَمْ تَطْلُقْ) أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُرِدْ الْكَذِبَ: أَنَّهَا تَطْلُقُ. وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ " لَيْسَ لِي امْرَأَةٌ " أَوْ " لَسْتِ لِي بِامْرَأَةٍ " وَنَوَى الطَّلَاقَ. وَهُوَ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّهُ كِنَايَةٌ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. نَصَّ عَلَيْهِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الرِّوَايَةِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ. وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: إذَا قِيلَ " أَلَك امْرَأَةٌ؟ " فَقَالَ " لَا " لَيْسَ بِشَيْءٍ. فَأَخَذَ الْمَجْدُ مِنْ إطْلَاقِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ: أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ طَلَاقٌ. وَلَوْ نَوَى يَكُونُ لَغْوًا. وَحَمَلَهَا الْقَاضِي عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَنْوِ الطَّلَاقَ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ: لَوْ حَلَفَ بِاَللَّهِ عَلَى ذَلِكَ، فَقَدْ تَوَقَّفَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رحمه الله فِي رِوَايَةِ مُهَنَّا عَنْ الْجَوَابِ. فَيَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي، وَالْفُرُوعِ، وَالزَّرْكَشِيِّ. وَقَالَ: مَبْنَاهُمَا عَلَى أَنَّ الْإِنْشَاءَاتِ: هَلْ تُؤَكِّدُ، فَيَقَعُ الطَّلَاقُ، أَوْ لَا تُؤَكِّدُ إلَّا الْخَبَرَ. فَتَتَعَيَّنُ خَبَرِيَّةُ هَذَا. فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ؟ قَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ: ذَلِكَ كِنَايَةٌ. وَإِنْ أَقْسَمَ بِاَللَّهِ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ)(لَطَمَ امْرَأَتَهُ، أَوْ أَطْعَمَهَا، أَوْ سَقَاهَا) وَكَذَا لَوْ أَلْبَسَهَا ثَوْبًا، أَوْ أَخْرَجَهَا مِنْ دَارِهَا. أَوْ قَبَّلَهَا. وَنَحْوَ ذَلِكَ، وَقَالَ " هَذَا طَلَاقُك " طَلُقَتْ، إلَّا أَنْ يَنْوِيَ: أَنَّ هَذَا سَبَبُ طَلَاقِكِ. وَنَحْوَ ذَلِكَ. اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا فَعَلَ ذَلِكَ، فَلَا يَخْلُو: إمَّا أَنْ يَنْوِيَ بِهِ طَلَاقَهَا أَوْ لَا. فَإِنْ نَوَى بِهِ طَلَاقَهَا: طَلُقَتْ. وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ: وَقَعَ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ صَرِيحٌ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. نَصَّ عَلَيْهِ.
وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: فَنَصُّهُ صَرِيحٌ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ: فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ وَقَعَ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَقَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَالْبُلْغَةِ: مَنْصُوصُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله: أَنَّهُ يَقَعُ. نَوَاهُ أَوْ لَمْ يَنْوِهِ. قَالَ فِي الْكَافِي: فَهُوَ صَرِيحٌ. ذَكَرَهُ ابْنُ حَامِدٍ. وَذَكَرَ الْقَاضِي: أَنَّهُ مَنْصُوصُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: كَلَامُ الْخِرَقِيِّ يَقْتَضِيهِ. وَقَطَعَ بِهِ فِي الْخُلَاصَةِ، وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالْحَاوِي. وَاخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ، وَغَيْرُهُ. وَعَنْهُ: أَنَّهُ كِنَايَةٌ. قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالنَّظْمِ، وَالْحَاوِي، وَغَيْرِهِمْ، وَقِيلَ: لَا يَلْزَمُهُ حَتَّى يَنْوِيَهُ. قَالَ الْقَاضِي: يَتَوَجَّهُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ حَتَّى يَنْوِيَهُ. نَقَلَهُ فِي الْبُلْغَةِ. وَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ: أَنَّهُ كِفَايَةٌ، وَنَصَرَاهُ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي الْخَطَّابِ فِي الْخِلَافِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْخِرَقِيِّ. وَيَكُونُ اللَّطْمُ قَائِمًا مَقَامَ النِّيَّةِ؛ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى الْغَضَبِ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ وَهُوَ الْوُقُوعُ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ لَوْ فَسَّرَهُ بِمُحْتَمَلِ غَيْرِهِ: قُبِلَ. وَقَالَهُ ابْنُ حَمْدَانَ، وَالزَّرْكَشِيُّ. وَقَالَ: وَعَلَى هَذَا فَهَذَا، قِسْمٌ بِرَأْسِهِ، لَيْسَ بِصَرِيحٍ. قَالَ فِي التَّرْغِيبِ، وَالْبُلْغَةِ: لَوْ أَطْعَمَهَا، أَوْ سَقَاهَا. فَهَلْ هُوَ كَالضَّرْبِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ.
فَعَلَى الْمَذْهَبِ: لَوْ نَوَى أَنَّ هَذَا سَبَبُ طَلَاقِك: دُيِّنَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى. وَهَلْ يُقْبَلُ فِي الْحُكْمِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ:
أَحَدُهُمَا: يُقْبَلُ. وَهُوَ الصَّحِيحُ. اخْتَارَهُ فِي الْهِدَايَةِ. وَصَحَّحَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالْحَاوِي، وَالْوَجِيزِ، وَالْمُصَنَّفِ، وَغَيْرِهِمْ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُقْبَلُ فِي الْحَكَمِ.
فَائِدَةٌ:
لَوْ طَلَّقَ امْرَأَةً، أَوْ ظَاهَرَ مِنْهَا، أَوْ آلَى، ثُمَّ قَالَ سَرِيعًا لِضَرَّتِهَا:" أَشْرَكْتُك مَعَهَا " أَوْ " أَنْتِ مِثْلُهَا " أَوْ " أَنْتِ كَهِيَ " أَوْ " أَنْتِ شَرِيكَتُهَا " فَهُوَ صَرِيحٌ فِي الضَّرَّةِ فِي الطَّلَاقِ وَالظِّهَارِ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الظِّهَارِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِيهِمَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: أَنَّهُ فِيهِمَا كِنَايَةٌ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ. وَأَمَّا الْإِيلَاءُ: فَلَا يَصِيرُ بِذَلِكَ مُولِيًا مِنْ الضَّرَّةِ مُطْلَقًا. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُقْنِعِ فِي بَابِ الْإِيلَاءِ وَصَاحِبُ الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. فِي آخِرِ بَابِ الْإِيلَاءِ. وَعَنْهُ: أَنَّهُ صَرِيحٌ فِي حَقِّ الضَّرَّةِ أَيْضًا. فَيَكُونُ مُولِيًا مِنْهَا أَيْضًا. نَصَّ عَلَيْهِ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَغَيْرِهِمْ. وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي. وَعَنْهُ: أَنَّهُ كِنَايَةٌ. فَيَكُونُ مُولِيًا مِنْهَا إنْ نَوَاهُ. وَإِلَّا فَلَا. وَأَطْلَقَهُنَّ فِي الْفُرُوعِ وَتَأْتِي مَسْأَلَةُ الْإِيلَاءِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي بَابِ الْإِيلَاءِ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ لَا شَيْءَ. أَوْ لَيْسَ بِشَيْءٍ. أَوْ لَا يَلْزَمُك شَيْءٌ: طَلُقَتْ) . هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ: لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِمْ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَإِنْ قَالَ " أَنْتِ طَالِقٌ لَا شَيْءَ " وَقَعَ فِي الْأَصَحِّ. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. أَعْنِي فِي قَوْلِهِ " أَنْتِ طَالِقٌ لَا شَيْءَ " فَقَطْ. وَقِيلَ: لَا تَطْلُقُ.
فَائِدَةٌ:
وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ قَالَ " أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً لَا تَقَعُ عَلَيْك " أَوْ " طَالِقٌ طَلْقَةً لَا يَنْقُصُ بِهَا عَدَدُ الطَّلَاقِ ".
قَوْلُهُ (وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ لَا، أَوْ طَالِقٌ وَاحِدَةً، أَوْ لَا: لَمْ يَقَعْ) . أَمَّا إذَا قَالَ " أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ لَا " فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهُ لَا يَقَعُ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ.
وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَقَعَ. وَأَمَّا إذَا قَالَ " أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً أَوْ لَا " فَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ هُنَا: عَدَمَ الْوُقُوعِ. وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ. قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَنَصَرَاهُ، وَرَدَّا قَوْلَ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا. قَالَ ابْنُ مُنَجَّا فِي شَرْحِهِ: هَذَا الْمَذْهَبُ. وَصَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ.
وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ. وَجَزَمَ بِهِ الْأَدَمِيُّ فِي مُنْتَخَبِهِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَقَعَ. وَهُوَ الْوَجْهُ الثَّانِي. وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ. فَإِنَّهُ ذَكَرَ عَدَمَ الْوُقُوعِ فِي الْأُولَى. وَلَمْ يَذْكُرْهُ فِي هَذِهِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ، وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ. قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ، فَقِيلَ: تَطْلُقُ وَاحِدَةً. وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ
قَوْلُهُ (وَإِنْ)(كَتَبَ طَلَاقَ امْرَأَتِهِ) . يَعْنِي: صَرِيحَ الطَّلَاقِ (وَنَوَى الطَّلَاقَ: وَقَعَ) . إذَا كَتَبَ صَرِيحَ الطَّلَاقِ، وَنَوَى بِهِ الطَّلَاقَ: وَقَعَ الطَّلَاقُ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. قَالَ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَغَيْرِهِمْ: وَقَعَ رِوَايَةً وَاحِدَةً. وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ، وَصَاحِبُ الْخُلَاصَةِ، وَالْوَجِيزُ، وَغَيْرُهُمْ؛ لِأَنَّهُ إمَّا صَرِيحٌ، أَوْ كِنَايَةٌ. وَقَدْ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَتَخَرَّجُ أَنَّهُ لَغْوٌ. اخْتَارَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ. بِنَاءً عَلَى إقْرَارِهِ بِخَطِّهِ. وَفِيهِ وَجْهَانِ. قَالَ: وَيَتَوَجَّهُ عَلَيْهَا صِحَّةُ الْوِلَايَةِ بِالْخَطِّ. وَصِحَّةُ الْحُكْمِ بِهِ. انْتَهَى.
قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَيَتَخَرَّجُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ بِخَطِّهِ شَيْءٌ، وَلَوْ نَوَاهُ. بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْخَطَّ بِالْحَقِّ لَيْسَ إقْرَارًا شَرْعِيًّا فِي الْأَصَحِّ. انْتَهَى.
قُلْتُ: النَّفْسُ تَمِيلُ إلَى عَدَمِ الْوُقُوعِ بِذَلِكَ. وَاخْتَارَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي حَدِّ الْإِقْرَارِ: أَنَّهُ إظْهَارُ الْحَقِّ لَفْظًا أَوْ كِنَايَةً. وَفِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي: مَا تَقُولُونَ فِي الْعُقُودِ، وَالْحُدُودِ، وَالشَّهَادَاتِ: هَلْ تَثْبُتُ بِالْكِتَابَةِ؟
قِيلَ: الْمَنْصُوصُ عَنْهُ فِي الْوَصِيَّةِ: تَثْبُتُ. وَهِيَ عَقْدٌ يَفْتَقِرُ إلَى إيجَابٍ وَقَبُولٍ. فَيَحْتَمِلُ أَنْ تَثْبُتَ جَمِيعُهَا. لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ الصَّرِيحِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا تَثْبُتَ؛ لِأَنَّهُ لَا كِنَايَةَ لَهَا، فَقَوِيَتْ. وَلِلطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ كِنَايَةٌ، فَضَعُفَا. قَالَ الْمَجْدُ: لَا أَدْرِي أَرَادَ صِحَّتَهَا بِالْكِنَايَةِ، أَوْ تَثْبِيتَهَا بِالظَّاهِرِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَتَوَجَّهُ أَنَّهُ أَرَادَهُمَا. قَوْلُهُ (وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا، فَهَلْ يَقَعُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ) . وَهُمَا رِوَايَتَانِ. خَرَّجَهُمَا فِي الْإِرْشَادِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي، وَالْبُلْغَةِ، وَالشَّرْحِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا، وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ.
أَحَدُهُمَا: هُوَ أَيْضًا صَرِيحٌ. فَيَقَعُ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ. وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. قَالَ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ: أَدْخَلَهُ الْأَصْحَابُ فِي الصَّرِيحِ. وَنَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَذَكَرَهُ الْحَلْوَانِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ. وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ. قَالَ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ: وَقَعَ، عَلَى الْأَظْهَرِ. وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ كِنَايَةٌ. فَلَا يَقَعُ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ. جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَهُوَ أَظْهَرُ. قُلْتُ: وَهُوَ الصَّوَابُ. تَقَدَّمَ تَخْرِيجٌ بِأَنَّهُ لَغْوٌ مَعَ النِّيَّةِ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ نَوَى تَجْوِيدَ خَطِّهِ. أَوْ غَمَّ أَهْلِهِ: لَمْ يَقَعْ) . هَذَا الْمَذْهَبُ. يَعْنِي: أَنَّهُ يُدَيَّنُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ.
وَقَدْ رَوَى أَبُو طَالِبٍ فِيمَنْ كَتَبَ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ، وَنَوَى أَنْ يَغُمَّ أَهْلَهُ قَالَ: قَدْ عَمِلَ فِي ذَلِكَ، يَعْنِي: أَنَّهُ يُؤَاخَذُ بِهِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ: فَظَاهِرُ هَذَا: أَنَّهُ أَوْقَعَ الطَّلَاقَ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَقَعَ: لِأَنَّهُ أَرَادَ غَمَّ أَهْلِهِ بِتَوَهُّمِ الطَّلَاقِ، دُونَ حَقِيقَتِهِ. فَلَا يَكُونُ نَاوِيًا لِلطَّلَاقِ. قَوْلُهُ (وَهَلْ تُقْبَلُ دَعْوَاهُ فِي الْحُكْمِ؟ يُخَرَّجُ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) . وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْبُلْغَةِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ.
إحْدَاهُمَا: تُقْبَلُ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. قَالَ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ: هَذَا أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ. وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ. قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْفُرُوعِ: قُبِلَ حُكْمًا. عَلَى الْأَصَحِّ. قَالَ النَّاظِمُ: هَذَا أَجْوَدُ. قَالَ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ: قُبِلَ عَلَى الْأَظْهَرِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةِ: لَا يُقْبَلُ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ كَتَبَهُ بِشَيْءٍ لَا يَبِينُ: لَمْ يَقَعْ) . هَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله. قَالَ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ: لَمْ يَقَعْ عَلَى الْأَظْهَرِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالْمُحَرَّرِ، وَالشَّرْحِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. قَالَ أَبُو حَفْصٍ: يَقَعُ
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ.
فَوَائِدُ:
الْأُولَى: لَوْ كَتَبَهُ عَلَى شَيْءٍ لَا يَثْبُتُ عَلَيْهِ خَطٌّ كَالْكِتَابَةِ عَلَى الْمَاءِ وَالْهَوَاءِ لَمْ يَقَعْ بِلَا خِلَافٍ عِنْدَ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ. وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَذَكَرَ فِي الْمُغْنِي الْوَجْهَ لِأَبِي حَفْصٍ، فِيمَا إذَا كَتَبَهُ بِشَيْءٍ لَا يَبِينُ هُنَا. فَالصُّورَةُ الْأُولَى: صِفَةُ الْمَكْتُوبِ بِهِ. وَالصُّورَةُ الثَّانِيَةُ: صِفَةُ الْمَكْتُوبِ عَلَيْهِ. قَالَهُ فِي الْبُلْغَةِ، وَغَيْرِهِ. فَأَجْرَى الْمُصَنِّفُ الْخِلَافَ فِي الْمَكْتُوبِ عَلَيْهِ، كَمَا هُوَ فِي الْمَكْتُوبِ بِهِ. قُلْت: الشَّارِحُ مَثَّلَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ بِصِفَةِ الْمَكْتُوبِ عَلَيْهِ. فَقَالَ: مِثْلَ أَنْ يَكْتُبَهُ بِأُصْبُعِهِ عَلَى وِسَادَةٍ، أَوْ فِي الْهَوَاءِ. وَكَذَا قَالَ النَّاظِمُ.
الثَّانِيَةُ: لَوْ قَرَأَ مَا كَتَبَهُ، وَقَصَدَ الْقِرَاءَةَ: فَفِي قَبُولِهِ حُكْمًا الْخِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ. فِيمَا إذَا قَصَدَ تَجْوِيدَ خَطِّهِ، أَوْ غَمَّ أَهْلِهِ. ذَكَرَهُ فِي التَّرْغِيبِ.
الثَّالِثَةُ: يَقَعُ الطَّلَاقُ مِنْ الْأَخْرَسِ وَحْدَهُ بِالْإِشَارَةِ. فَلَوْ فَهِمَهَا الْبَعْضُ فَكِنَايَةٌ. وَتَأْوِيلُهُ مَعَ صَرِيحٍ كَالنُّطْقِ. وَكِنَايَتُهُ طَلَاقٌ وَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِغَيْرِ لَفْظٍ إلَّا فِي الْكِنَايَةِ، وَالْأَخْرَسِ بِالْإِشَارَةِ. عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِيهِمَا.
قَوْلُهُ (وَصَرِيحُ الطَّلَاقِ فِي لِسَانِ الْعَجَمِ " بِهِشْتَمٌ " بِكَسْرِ الْبَاءِ وَالْهَاءِ وَسُكُونِ الشَّيْنِ وَفَتْحِ التَّاءِ. فَإِنْ قَالَهُ الْعَرَبِيُّ، وَهُوَ لَا يَفْهَمُهُ، أَوْ نَطَقَ الْأَعْجَمِيُّ بِلَفْظِ " الطَّلَاقِ " وَهُوَ لَا يَفْهَمُهُ: لَمْ يَقَعْ) بِلَا نِزَاعٍ (وَإِنْ نَوَى مُوجِبَهُ: فَعَلَى وَجْهَيْنِ) . وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْخُلَاصَةِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي.
أَحَدِهِمَا: لَا يَقَعُ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَمُنْتَخَبِ الْأَدَمِيِّ، وَالْمُنَوِّرِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي، وَالْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الرَّابِعَةِ بَعْدَ الْمِائَةِ: وَالْمَنْصُوصُ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْحَارِثِ: أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ. وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي، وَابْنِ عَقِيلٍ، وَالْأَكْثَرِينَ. انْتَهَى.
وَالْوَجْهِ الثَّانِي: يَقَعُ. جَزَمَ بِهِ فِي الْمُذْهَبِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ. وَقَالَ فِي الِانْتِصَارِ، وَعُيُونِ الْمَسَائِلِ، وَالْمُفْرَدَاتِ: مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ فَهُوَ غَيْرُ مُكَلَّفٍ. وَيَقَعُ طَلَاقُهُ.
فَائِدَةٌ:
لَوْ قَالَهُ الْعَجَمِيُّ: وَقَعَ مَا نَوَاهُ. فَإِنْ زَادَ " بِسَيَّارٍ " بِأَنْ قَالَ " أَنْتِ بِهِشْتَمٌ بِسَيَّارٍ " طَلُقَتْ ثَلَاثًا. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَنَصَرَاهُ. وَقَالَ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَغَيْرِهِمْ: يَقَعُ مَا نَوَاهُ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَتَيْنِ. وَنَقَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ، وَقَالَ: كُلُّ شَيْءٍ بِالْفَارِسِيَّةِ: عَلَى مَا نَوَاهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حَدٌّ مِثْلَ كَلَامٍ عَرَبِيٍّ.
قَوْلُهُ (وَالْكِنَايَاتُ نَوْعَانِ: ظَاهِرَةٌ، وَهِيَ سَبْعَةٌ: أَنْتِ خَلِيَّةٌ، وَبَرِيَّةٌ، وَبَائِنٌ، وَبَتَّةٌ، وَبَتْلَةٌ. وَأَنْتِ حُرَّةٌ، وَأَنْتِ الْحَرَجُ) . هَذَا الْمَذْهَبُ، أَعْنِي أَنَّهَا السَّبْعَةُ. وَكَذَا " أَعْتَقْتُك " وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ. وَقِيلَ " أَبَنْتُك " كَ " أَنْتِ بَائِنٌ " وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ. فَإِنَّهُ قَالَ: فَإِنْ قِيلَ " أَبَنْتُك " مِثْلُ " بَائِنٌ " وَيُحْتَمَلُ " أَظْهَرْتُك " كَمَا يُحْتَمَلُ " خَلِيَّةٌ " مِنْ حَيِّزِهِ.
قُلْنَا: قَدْ وُجِدَ فِي بَعْضِ الْأَلْفَاظِ " أَبَنْتُك " وَلِأَنَّهُ أَظْهَرُ فِي الْإِبَانَةِ مِنْ " خَلِيَّةٌ " فَاسْتَوَى تَصْرِيفُهُ؛ وَلِأَنَّنَا قَدْ بَيَّنَّا أَنَّ فِي " أَطْلَقْتُك " وَجْهَيْنِ، لِلْمَعْنَيَيْنِ الْمُخْتَلِفَيْنِ. فَإِنْ وُجِدَ مِثْلُهُ: جَوَّزْنَاهُ. انْتَهَى.
وَجَعَلَ أَبُو بَكْرٍ " لَا حَاجَةَ لِي فِيك " وَ " بَابُ الدَّارِ لَك مَفْتُوحٌ " كَ " أَنْتِ بَائِنٌ ". وَجَعَلَ الشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرٍ " أَنْتِ مُخَلَّاةٌ " كَ " أَنْتِ خَلِيَّةٌ ". وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا ابْنُ عَقِيلٍ، فَقَالَ: لِأَنَّ الرَّجْعِيَّةَ يَقَعُ عَلَيْهَا اسْمُ " مُخَلَّاةٍ " بِطَلْقَةٍ. وَيَحْسُنُ أَنْ يُقَالَ لِلزَّوْجِ " خَلِّهَا بِطَلْقَةٍ ". وَأَيْضًا: فَإِنَّ " الْخَلِيَّةَ " هِيَ الْخَالِيَةُ مِنْ زَوْجٍ. وَ " الرَّجْعِيَّةُ " لَيْسَتْ خَالِيَةً. انْتَهَى.
وَقَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، فَإِنْ قِيلَ " مُخَلَّاةٌ " وَ " خَلَّيْتُك " وَ " خَلِيَّةٌ " بِمَعْنًى وَاحِدٍ، فَلِمَ أَلْحَقْتُمُوهَا بِالْخَفِيَّةِ؟ قُلْنَا: قَدْ كَانَ الْقِيَاسُ يَقْتَضِي ذَلِكَ، مِثْلَ " مُطَلَّقَةٌ " وَ " طَلَّقْتُك " وَ " طَالِقٌ " وَلَكِنْ تَرَكْنَاهُ لِلتَّوْقِيفِ الَّذِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ. وَلَمْ نَجِدْهُمْ ذَكَرُوا إلَّا " خَلِيَّةً " انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْكِنَايَاتِ الظَّاهِرَةِ " أَنْتِ طَالِقٌ لَا رَجْعَةَ لِي عَلَيْك ". وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ. وَقِيلَ: هِيَ صَرِيحَةٌ فِي طَلْقَةٍ، كِنَايَةٌ ظَاهِرَةٌ فِيمَا زَادَ. وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله، وَقَالَ: هَذِهِ اللَّفْظَةُ صَرِيحَةٌ فِي الْإِيقَاعِ، كِنَايَةٌ فِي الْعَدَدِ. فَهِيَ مُرَكَّبَةٌ مِنْ صَرِيحٍ وَكِنَايَةٍ. انْتَهَى.
قُلْتُ: فَيُعَايَى بِهَا.
وَعَنْهُ: تَقَعُ بِهَا طَلْقَةٌ بَائِنَةٌ. وَعَنْهُ: أَنَّ قَوْلَهُ " أَنْتِ حُرَّةٌ " لَيْسَتْ مِنْ الْكِنَايَاتِ الظَّاهِرَةِ. بَلْ مِنْ الْخَفِيَّةِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ. وَعَنْهُ: أَنَّ " أَعْتَقْتُك " لَيْسَتْ مِنْ الْكِنَايَاتِ الظَّاهِرَةِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالنَّظْمِ.
قَوْلُهُ (وَخَفِيَّةٌ: نَحْوَ: اُخْرُجِي، وَاذْهَبِي، وَذُوقِي، وَتَجَرَّعِي، وَخَلَّيْتُك، وَأَنْتِ مُخَلَّاةٌ، وَأَنْتِ وَاحِدَةٌ، وَلَسْتِ لِي بِامْرَأَةٍ، وَاعْتَدِّي وَاسْتَبْرِئِي، وَاعْتَزِلِي. وَمَا أَشْبَهُهُ) . كَ " لَا حَاجَةَ لِي فِيك " وَ " مَا بَقِيَ شَيْءٌ " وَ " أَغْنَاك اللَّهُ " وَ " اللَّهُ قَدْ أَرَاحَك مِنِّي " وَ " جَرَى الْقَلَمُ " وَنَحْوُهُ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَتَقَدَّمَ اخْتِيَارُ أَبِي جَعْفَرٍ: فِي " أَنْتِ مُخَلَّاةٌ ". وَعَنْهُ: أَنَّ " اعْتَدِّي " وَ " اسْتَبْرِئِي " لَيْسَتَا مِنْ الْكِنَايَاتِ الْخَفِيَّةِ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: إذَا قَالَتْ لَهُ " طَلِّقْنِي " فَقَالَ " إنَّ اللَّهَ قَدْ طَلَّقَك " هَذَا كِنَايَةٌ خَفِيَّةٌ، أُسْنِدَتْ إلَى دَلَالَتَيْ الْحَالِ، وَهِيَ ذِكْرُ الطَّلَاقِ، وَسُؤَالُهَا إيَّاهُ. وَقَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ: الصَّوَابُ أَنَّهُ إنْ نَوَى: وَقَعَ الطَّلَاقُ، وَإِلَّا لَمْ يَقَعْ. لِأَنَّ قَوْلَهُ " اللَّهُ قَدْ طَلَّقَكِ " إنْ أَرَادَ بِهِ شَرَعَ طَلَاقَك، وَأَبَاحَهُ: لَمْ يَقَعْ. وَإِنْ أَرَادَ أَنَّ اللَّهَ أَوْقَعَ عَلَيْك الطَّلَاقَ، وَأَرَادَهُ وَشَاءَهُ: فَهَذَا يَكُونُ طَلَاقًا. فَإِذَا احْتَمَلَ الْأَمْرَيْنِ لَمْ يَقَعْ إلَّا بِالنِّيَّةِ. انْتَهَى.
وَنَقَلَ أَبُو دَاوُد: إذَا قَالَ " فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنِي وَبَيْنَك فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ " قَالَ: إنْ كَانَ يُرِيدُ أَنَّهُ دُعَاءٌ يَدْعُو بِهِ. فَأَرْجُو أَنَّهُ لَيْسَ بِشَيْءٍ. فَلَمْ يَجْعَلْهُ شَيْئًا مَعَ نِيَّةِ الدُّعَاءِ.
قَالَ فِي الْفُرُوعِ: فَظَاهِرُهُ: أَنَّهُ شَيْءٌ مَعَ نِيَّةِ الطَّلَاقِ، أَوْ الْإِطْلَاقِ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْفِرَاقَ صَرِيحٌ، أَوْ لِلْقَرِينَةِ. قَالَ: وَيُوَافِقُ هَذَا مَا قَالَهُ شَيْخُنَا يَعْنِي بِهِ الشَّيْخَ تَقِيَّ الدِّينِ فِي " إنْ أَبْرَأْتِينِي فَأَنْتِ طَالِقٌ " فَقَالَتْ " أَبْرَأَك اللَّهُ مِمَّا تَدَّعِي النِّسَاءُ عَلَى الرِّجَالِ " فَظَنَّ أَنَّهُ يَبْرَأُ، فَطَلَّقَ. فَقَالَ: يَبْرَأُ. فَهَذِهِ الْمَسَائِلُ الثَّلَاثُ: الْحُكْمُ فِيهَا سَوَاءٌ. وَظَهَرَ أَنَّ فِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ قَوْلَيْنِ. هَلْ يُعْمَلُ بِالْإِطْلَاقِ لِلْقَرِينَةِ، وَهِيَ تَدُلُّ عَلَى النِّيَّةِ. أَمْ تُعْتَبَرُ النِّيَّةُ؟ وَنَظِيرُ ذَلِكَ:" إنَّ اللَّهَ قَدْ بَاعَك " أَوْ " قَدْ أَقَالَك " وَنَحْوَ ذَلِكَ. انْتَهَى.
قَوْلُهُ (وَاخْتُلِفَ فِي قَوْلِهِ: الْحَقِي بِأَهْلِك، وَحَبْلُك عَلَى غَارِبِك، وَتَزَوَّجِي مَنْ شِئْت، وَحَلَلْتُ لِلْأَزْوَاجِ، وَلَا سَبِيلَ لِي عَلَيْكِ. وَلَا سُلْطَانَ لِي عَلَيْك. هَلْ هِيَ ظَاهِرَةٌ، أَوْ خَفِيَّةٌ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) . وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالْحَاوِي. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْخَمْسَةِ الْأَخِيرَةِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْفُرُوعِ. وَأَمَّا " الْحَقِي بِأَهْلِك " فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهَا مِنْ الْكِنَايَاتِ الْخَفِيَّةِ. صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: خَفِيَّةٌ عَلَى الْأَصَحِّ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْعُمْدَةِ. فَإِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْهَا فِي الظَّاهِرَةِ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُنَوِّرِ، وَمُنْتَخَبِ الْأَدَمِيِّ الْبَغْدَادِيِّ. وَقِيلَ. هِيَ كِنَايَةٌ ظَاهِرَةٌ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ.
وَقَطَعَ بِهِ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ، وَالْمُبْهِجِ، وَالْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ، وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هَذَا الْمَشْهُورُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله. وَالْمُخْتَارُ لِأَكْثَرِ الْأَصْحَابِ. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالزُّبْدَةِ. وَصَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ. وَأَمَّا الْخَمْسَةُ الْبَاقِيَةُ، فَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ: أَنَّهَا مِنْ الْكِنَايَاتِ الظَّاهِرَةِ. صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالزُّبْدَةِ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: هِيَ خَفِيَّةٌ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ. وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي مُنْتَخَبِ الْأَدَمِيِّ. وَقَدَّمَهُ فِي إدْرَاكِ الْغَايَةِ. وَاخْتَارَ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ: أَنَّ " حَبْلُكِ عَلَى غَارِبِكِ " وَ " تُزَوِّجِي مَنْ شِئْتِ " وَ " حَلَلْتِ لِلْأَزْوَاجِ " مِنْ الْكِنَايَاتِ الظَّاهِرَةِ. وَأَنَّ قَوْلَهُ " لَا سَبِيلَ لِي عَلَيْك " وَ " لَا سُلْطَانَ لِي عَلَيْك " خَفِيَّةٌ.
فَائِدَةٌ:
وَكَذَا الْحُكْمُ خِلَافًا وَمَذْهَبًا فِي قَوْلِهِ " غَطِّ شَعْرَك " وَ " تَقَنَّعِي " وَفِي " الْفِرَاقِ، وَالسَّرَاحِ " وَجْهَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ. يَعْنِي: عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ الصَّرَائِحِ.
أَحَدُهُمَا: هُمَا مِنْ الْكِنَايَاتِ الظَّاهِرَةِ. جَزَمَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ.
وَالثَّانِي: هُمَا مِنْ الْكِنَايَاتِ الْخَفِيَّةِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ.
قَوْلُهُ (وَمِنْ شَرْطِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ: أَنْ يَنْوِيَ بِهَا الطَّلَاقَ) . الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَنَصَّ عَلَيْهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رحمه الله: أَنَّ مِنْ شَرْطِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ بِالْكِنَايَاتِ: أَنْ يَنْوِيَ بِهَا الطَّلَاقَ، إلَّا مَا اسْتَثْنَى، عَلَى مَا يَأْتِي بَعْدَ ذَلِكَ قَرِيبًا.
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هَذَا قَوْلُ جُمْهُورِ الْأَصْحَابِ الْقَاضِي، وَأَصْحَابِهِ، وَالشَّيْخَيْنِ، وَغَيْرِهِمْ وَنَصَّ عَلَيْهِ. انْتَهَى.
وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: يَقَعُ الطَّلَاقُ بِالظَّاهِرَةِ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ. اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ. وَذَكَرَ الْقَاضِي: أَنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَفِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ بُعْدٌ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ: يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ النِّيَّةُ مُقَارِنَةً لِلَّفْظِ عَلَى الصَّحِيحِ. قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، فَقَالَ: وَلَا يَقَعُ بِكِنَايَةٍ إلَّا بِنِيَّةٍ مُقَارِنَةٍ لِلَّفْظِ. وَقَالَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَصَاحِبُ الْمُنَوِّرِ. وَقِيلَ: يُشْتَرَطُ أَنْ يُقَارِنَ أَوَّلَ اللَّفْظِ. قَالَ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ: وَمِنْ شَرْطِهَا: مُقَارَنَةُ أَوَّلِ اللَّفْظِ فِي الْأَصَحِّ. وَجَزَمَ بِهِ الْأَدَمِيُّ الْبَغْدَادِيُّ فِي مُنْتَخَبِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ: وَلَا يَقَعُ بِكِنَايَةٍ طَلَاقٌ إلَّا بِنِيَّةٍ قَبْلَهُ، أَوْ مَعَ أَوَّلِ اللَّفْظِ، أَوْ جُزْءٍ غَيْرَهُ. وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ. قَوْلُهُ (إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِهِ فِي حَالِ الْخُصُومَةِ وَالْغَضَبِ. فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ) وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالشَّرْحِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا.
إحْدَاهُمَا: يَقَعُ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِالنِّيَّةِ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. اخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ.
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: طَلُقَتْ عَلَى الْمَشْهُورِ وَالْمُخْتَارِ لِكَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ.
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يَقَعُ إلَّا بِالنِّيَّةِ. صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ. قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: لَمْ يَقَعْ فِي الْأَصَحِّ. وَجَزَمَ بِهِ أَبُو الْفَرَجِ، وَغَيْرُهُ. وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ، وَمُنْتَخَبِ الْأَدَمِيِّ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَقَالَ الشَّارِحُ: وَيُحْتَمَلُ أَنَّ مَا كَانَ مِنْ الْكِنَايَاتِ لَا يُسْتَعْمَلُ فِي غَيْرِ الْفُرْقَةِ إلَّا نَادِرًا. نَحْوَ قَوْلِهِ " أَنْتِ حُرَّةٌ لِوَجْهِ اللَّهِ " أَوْ " اعْتَدِّي " أَوْ " اسْتَبْرِئِي رَحِمَك " أَوْ " حَبْلُك عَلَى غَارِبِك " أَوْ " أَنْتِ بَائِنٌ " وَأَشْبَاهُ ذَلِكَ: أَنَّهُ يَقَعُ فِي حَالِ الْغَضَبِ. وَجَوَابُ السُّؤَالِ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ، وَمَا كَثُرَ اسْتِعْمَالُهُ لِغَيْرِ ذَلِكَ، نَحْوَ " اُخْرُجِي " وَ " اذْهَبِي " وَ " رُوحِي " وَ " تَقَنَّعِي " لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِهِ إلَّا بِنِيَّةٍ. انْتَهَى.
قَوْلُهُ (وَإِنْ جَاءَتْ جَوَابًا لِسُؤَالِهَا الطَّلَاقَ. فَقَالَ أَصْحَابُنَا: يَقَعُ بِهَا الطَّلَاقُ) . وَهُوَ الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ. وَعَنْهُ: لَا يَقَعُ إلَّا بِنِيَّةٍ. وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ: الْفَرْقَ، فَقَالَ: وَالْأَوْلَى فِي الْأَلْفَاظِ الَّتِي يَكْثُرُ اسْتِعْمَالُهَا لِغَيْرِ الطَّلَاقِ، نَحْوَ " اُخْرُجِي " وَ " اذْهَبِي " وَ " رُوحِي " أَنَّهُ لَا يَقَعُ بِهَا طَلَاقٌ حَتَّى يَنْوِيَهُ. وَمَالَ إلَيْهِ الشَّارِحُ.
فَائِدَةٌ:
لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ مَا أَرَادَ الطَّلَاقَ، أَوْ أَرَادَ غَيْرَهُ: دُيِّنَ، وَلَمْ يُقْبَلْ فِي الْحُكْمِ مَعَ سُؤَالِهَا، أَوْ خُصُومَةٍ وَغَضَبٍ. عَلَى أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ. قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ.
قَوْلُهُ (وَمَتَى نَوَى بِالْكِنَايَاتِ الطَّلَاقَ: وَقَعَ بِالظَّاهِرَةِ ثَلَاثٌ، وَإِنْ نَوَى وَاحِدَةً) .
وَهَذَا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ. قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ، وَغَيْرُهُمْ: هَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ. وَاخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى، وَالْقَاضِي، وَغَيْرُهُمَا. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هَذَا الْمَشْهُورُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله، وَالْمُخْتَارُ لِأَكْثَرِ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالنَّظْمِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. وَهُوَ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ. وَعَنْهُ: يَقَعُ مَا نَوَاهُ. اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الْهِدَايَةِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْعُمْدَةِ. وَالْمُنَوِّرِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. فَيَدِينُ فِيهِ. فَعَلَيْهَا: إنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا: وَقَعَ وَاحِدَةً. وَفِي قَبُولِهِ فِي الْحُكْمِ رِوَايَتَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالنَّظْمِ. قُلْت: الصَّوَابُ أَنَّهُ يُقْبَلُ فِي الْحُكْمِ. وَيَكُونُ رَجْعِيًّا. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. (وَعَنْهُ: مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ)(يَقَعُ بِهَا وَاحِدَةً بَائِنَةً) . وَهُنَّ أَوْجَهُ مُطْلَقَةً فِي الْمُذْهَب، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ. وَتَقَدَّمَ رِوَايَةٌ اخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ: أَنَّهُ لَا تُشْتَرَطُ النِّيَّةُ فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ بِالْكِنَايَاتِ الظَّاهِرَةِ.
فَوَائِدُ:
الْأُولَى: وَكَذَلِكَ الرِّوَايَاتُ الثَّلَاثُ فِي قَوْلِهِ " أَنْتِ طَالِقٌ بَائِنٌ " أَوْ " طَالِقٌ أَلْبَتَّةَ " أَوْ " أَنْتِ طَالِقٌ بِلَا رَجْعَةٍ " قَالَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ.
وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ أَيْضًا عَلَى قَوْلِهِ " أَنْتِ طَالِقٌ بِلَا رَجْعَةٍ " فِي الْكِنَايَاتِ الظَّاهِرَةِ.
الثَّانِيَةُ: لَوْ قَالَ " أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً بَائِنَةً " أَوْ " وَاحِدَةً بَتَّةً " وَقَعَ رَجْعِيًّا. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. قَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: يَقَعُ طَلْقَةً بَائِنَةً. وَعَنْهُ: يَقَعُ ثَلَاثًا. وَقَدَّمَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ: أَنَّهُ إذَا قَالَ " أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً بَائِنَةً " أَنَّهَا تَقَعُ. ثُمَّ قَالَ: وَعَنْهُ رَجْعِيَّةً.
الثَّالِثَةُ: لَوْ قَالَ " أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً ثَلَاثًا " وَقَعَ ثَلَاثٌ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَقَالَ فِي الْفُصُولِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ فِي قَوْلِهِ " أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَاحِدَةً " يَقَعُ وَاحِدَةً؛ لِأَنَّهُ وَصَفَ الْوَاحِدَةَ بِالثَّلَاثِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا وَصَفَ الثَّلَاثَ بِالْوَاحِدَةِ. فَوَقَعَتْ الثَّلَاثُ، وَلَغَا الْوَصْفُ. وَهُوَ أَصَحُّ.
الرَّابِعَةُ: كَرِهَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رحمه الله: أَنْ يُفْتِيَ فِي الْكِنَايَاتِ الظَّاهِرَةِ، وَتَوَقَّفَ. وَإِنَّمَا تَوَقَّفَ لِاخْتِلَافِ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم فِي ذَلِكَ.
قَوْلُهُ (وَيَقَعُ بِالْخَفِيَّةِ مَا نَوَاهُ) . هَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا. جَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَغَيْرِهِمْ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: لَا نِزَاعَ عِنْدَهُمْ أَنَّ الْخَفِيَّةَ يَقَعُ بِهَا مَا نَوَاهُ. وَلَيْسَ كَمَا قَالَ. وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالنَّظْمِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَالَ النَّاظِمُ: وَتَطْلِيقَةٌ رَجْعِيَّةٌ فِي الْمُجَرَّدِ
وَاسْتَثْنَى الْقَاضِي، وَالْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ قَوْلَهُ " أَنْتِ وَاحِدَةٌ " فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ بِهَا إلَّا وَاحِدَةٌ. وَإِنْ نَوَى ثَلَاثًا. وَعِنْدَ ابْنِ أَبِي مُوسَى: يَقَعُ بِالْخَفِيَّةِ ثَلَاثًا، وَإِنْ نَوَى وَاحِدَةً. ذَكَرَهُ عَنْهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ.
تَنْبِيهٌ:
قَوْلُهُ (فَإِنْ لَمْ يَنْوِ عَدَدًا: وَقَعَ وَاحِدَةٌ) . يَعْنِي: رَجْعِيَّةً، إنْ كَانَ مَدْخُولًا بِهَا. وَإِلَّا بَائِنَةً.
قَوْلُهُ (فَأَمَّا مَا لَا يَدُلُّ عَلَى الطَّلَاقِ، نَحْوَ " كُلِي " وَ " اشْرَبِي " وَ " اُقْعُدِي " وَ " اقْرَبِي " وَ " بَارَكَ اللَّهُ عَلَيْك " وَ " أَنْتِ مَلِيحَةٌ " أَوْ " قَبِيحَةٌ " فَلَا يَقَعُ بِهَا طَلَاقٌ، وَإِنْ نَوَاهُ) . هَذَا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ. وَقِيلَ: هُوَ كِنَايَةٌ فِي " كُلِي " وَ " اشْرَبِي ". وَتَقَدَّمَ: إذَا قَالَ لَهَا " لَسْت لِي بِامْرَأَةٍ " أَوْ " لَيْسَتْ لِي امْرَأَةٌ " عِنْدَ قَوْلِهِ " وَلَوْ قِيلَ لَهُ: أَلَك امْرَأَةٌ؟ فَقَالَ: لَا ". قَوْلُهُ (وَكَذَا)(قَوْلُهُ: أَنَا طَالِقٌ) . يَعْنِي: لَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ. وَإِنْ نَوَاهُ. (فَإِنْ زَادَ، فَقَالَ " أَنَا مِنْك طَالِقٌ " فَذَلِكَ) . عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ. وَاخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ، وَغَيْرُهُ. وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ كِنَايَةٌ. وَهُوَ لِأَبِي الْخَطَّابِ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ عَنْ هَذَا الِاحْتِمَالِ فَيَقَعُ إذًا. ثُمَّ قَالَ: قُلْت: إنْ نَوَى إيقَاعَهُ وَقَعَ، وَإِلَّا فَلَا.
قَوْلُهُ (وَإِنْ قَالَ " أَنَا مِنْك بَائِنٌ " أَوْ " حَرَامٌ " فَهَلْ هُوَ كِنَايَةٌ أَوْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ) . (وَ) كَذَا قَوْلُهُ (أَنَا مِنْك بَرِيءٌ) . وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْفُرُوعِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا، وَابْنِ رَزِينٍ.
أَحَدُهُمَا: هُوَ لَغْوٌ. صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ. فِي قَوْلِهِ " أَنَا مِنْك بَرِيءٌ ".
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: هُوَ كِنَايَةٌ. صَحَّحَهُ فِي الْمُذْهَب، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، فِي الْجَمِيعِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْكُبْرَى، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، فِي الْأُولَتَيْنِ. وَأَصْلُ الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ: أَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ رحمه الله: سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ، فَتَوَقَّفَ.
فَائِدَةٌ:
لَوْ أَسْقَطَ لَفْظَ " مِنْك " فَقَالَ " أَنَا بَائِنٌ " أَوْ " حَرَامٌ " فَخَرَّجَ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ مِنْ كَلَامِ الْقَاضِي فِيهَا وَجْهَيْنِ: هَلْ هُمَا كِنَايَةٌ، أَوْ لَغْوٌ؟ . قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَكَذَا مَعَ حَذْفِهِ " مِنْك " بِالنِّيَّةِ فِي احْتِمَالٍ. ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ. انْتَهَى.
قُلْتُ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ: أَنَّهُ لَغْوٌ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ قَالَ " أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ " أَوْ " مَا أَحَلَّ اللَّهُ عَلَيَّ حَرَامٌ " فَفِيهِ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ) . وَكَذَا قَوْلُهُ (الْحِلُّ عَلَيَّ حَرَامٌ) .
إحْدَاهُنَّ: أَنَّهُ ظِهَارٌ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ فِي الْجُمْلَةِ. قَالَ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ: هَذَا الْمَشْهُورُ فِي الْمُذْهَب. وَقَطَعَ بِهِ الْخِرَقِيُّ، وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَمُنْتَخَبِ الْأَدَمِيِّ الْبَغْدَادِيِّ وَغَيْرُهُمْ.
وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. وَهُوَ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ.
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: هُوَ كِنَايَةٌ ظَاهِرَةٌ. حَتَّى نَقَلَ حَنْبَلٌ، وَالْأَثْرَمُ " الْحَرَامَ " ثَلَاثٌ. حَتَّى لَوْ وَجَدْت رَجُلًا حَرَّمَ امْرَأَتَهُ عَلَيْهِ، وَهُوَ يَرَى أَنَّهَا وَاحِدَةٌ: فَرَّقْت بَيْنَهُمَا. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: مَعَ أَنَّ أَكْثَرَ الرِّوَايَاتِ كَرَاهَةُ الْفُتْيَا بِالْكِنَايَاتِ الظَّاهِرَةِ. قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: لِاخْتِلَافِ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم، كَمَا تَقَدَّمَ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّهُ ظَاهِرٌ فِي الظِّهَارِ. فَعِنْدَ الْإِطْلَاقِ يَنْصَرِفُ إلَيْهَا. وَإِنْ نَوَى يَمِينًا، أَوْ طَلَاقًا: انْصَرَفَ إلَيْهِ، لِاحْتِمَالِهِ لِذَلِكَ. انْتَهَى.
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: هُوَ يَمِينٌ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، الثَّالِثَةُ: أَنَّهُ ظَاهِرٌ فِي الْيَمِينِ. فَعِنْدَ الْإِطْلَاقِ يَنْصَرِفُ إلَيْهِ وَإِنْ نَوَى الطَّلَاقَ، أَوْ الظِّهَارَ: انْصَرَفَ إلَى ذَلِكَ. انْتَهَى.
وَأَطْلَقَهُنَّ فِي الْكَافِي. وَعَنْهُ: رِوَايَةٌ رَابِعَةٌ: أَنَّهُ كِنَايَةٌ خَفِيَّةٌ.
تَنْبِيهٌ:
ظَاهِرُ قَوْلِهِ (إحْدَاهُنَّ: أَنَّهُ ظِهَارٌ، وَإِنْ نَوَى الطَّلَاقَ) . هَذَا الْأَشْهَرُ فِي الْمُذْهَب. وَنَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله. قَالَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَغَيْرِهِمْ: هَذَا الْمَشْهُورُ فِي الْمُذْهَب.
وَقَطَعَ بِهِ الْخِرَقِيُّ، وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ، وَمُنْتَخَبِ الْأَدَمِيِّ الْبَغْدَادِيِّ، وَغَيْرُهُمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ. وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: يَقَعُ مَا نَوَاهُ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ. وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْفُرُوعِ. وَيَأْتِي أَيْضًا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ " إذَا قَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ " فِي بَابِ الظِّهَارِ.
فَائِدَتَانِ:
إحْدَاهُمَا: لَوْ قَالَ لَهَا " أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ " وَنَوَى: فِي حُرْمَتِك عَلَى غَيْرِي، فَكَطَلَاقٍ. قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ، وَغَيْرِهِ. وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْفُرُوعِ.
الثَّانِيَةُ: لَوْ قَالَ " عَلَيَّ الْحَرَامُ " أَوْ " يَلْزَمُنِي الْحَرَامُ " أَوْ " الْحَرَامُ يَلْزَمُنِي " فَهُوَ لَغْوٌ لَا شَيْءَ فِيهِ مَعَ الْإِطْلَاقِ. وَفِيهِ مَعَ قَرِينَةٍ أَوْ نِيَّةٍ وَجْهَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْفُرُوعِ. قُلْتُ: الصَّوَابُ أَنَّهُ مَعَ النِّيَّةِ أَوْ الْقَرِينَةِ كَقَوْلِهِ " أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ ". ثُمَّ وَجَدْت ابْنَ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ قَدَّمَهُ. وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَتَوَجَّهُ الْوَجْهَانِ إنْ نَوَى بِهِ طَلَاقًا، وَأَنَّ الْعُرْفَ قَرِينَةٌ. ذَكَرَهُ فِي أَوَّلِ بَابِ الظِّهَارِ. قُلْتُ: الصَّوَابُ أَنَّهُ مَعَ النِّيَّةِ أَوْ الْقَرِينَةِ كَقَوْلِهِ " أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ ".
قَوْلُهُ (وَإِنْ قَالَ " مَا أَحَلَّ اللَّهُ عَلَيَّ حَرَامٌ، أَعْنِي بِهِ الطَّلَاقَ ". فَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رحمه الله: تَطْلُقُ امْرَأَتُهُ ثَلَاثًا. وَعَنْهُ: أَنَّهُ ظِهَارٌ) .
الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّ ذَلِكَ طَلَاقٌ. وَعَلَيْهِ عَامَّةُ الْأَصْحَابِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَالْمُذْهَبِ أَنَّهُ طَلَاقٌ بِالْإِنْشَاءِ. وَعَنْهُ: أَنَّهُ ظِهَارٌ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ: قَطَعَ الْمُصَنِّفُ هُنَا بِمَا قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رحمه الله: أَنَّهَا تَطْلُقُ ثَلَاثًا مُطْلَقًا، وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالشَّرْحِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ. وَقَالَ: إنْ حَرُمَتْ الرَّجْعِيَّةُ. وَقَالَهُ ابْنُ عَقِيلٍ. ذَكَرَهُ عَنْهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ.
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّهَا تَطْلُقُ وَاحِدَةً، إنْ لَمْ يَنْوِ أَكْثَرَ. جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالْحَاوِي، وَالْفُرُوعِ. قَوْلُهُ (وَإِنْ قَالَ " أَعْنِي بِهِ طَلَاقًا " طَلُقَتْ وَاحِدَةً) هَذَا الْمَذْهَبُ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَالْمُذْهَبِ إنَّهُ طَلَاقٌ بِالْإِنْشَاءِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَعَنْهُ: أَنَّهُ ظِهَارٌ.
فَائِدَتَانِ:
إحْدَاهُمَا: لَوْ قَالَ " أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ. أَعْنِي بِهِ الطَّلَاقَ " وَقُلْنَا: الْحَرَامُ صَرِيحٌ فِي الظِّهَارِ فَقَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّلَاثِينَ: فَهَلْ يَلْغُو تَفْسِيرُهُ، وَيَكُونُ ظِهَارًا. أَوْ يَصِحُّ، وَيَكُونُ طَلَاقًا؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. انْتَهَى. قُلْت: الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ طَلَاقٌ قِيَاسًا عَلَى نَظِيرَتِهَا الْمُتَقَدِّمَةِ.
الثَّانِيَةُ: لَوْ قَالَ " فِرَاشِي عَلَيَّ حَرَامٌ " فَإِنْ نَوَى امْرَأَتَهُ: فَظِهَارٌ. وَإِنْ نَوَى فِرَاشَهُ: فَيَمِينٌ.
نَقَلَهُ ابْنُ هَانِئٍ. وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْفُرُوعِ
وَقَوْلُهُ (وَإِنْ قَالَ " أَنْتِ عَلَيَّ كَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ " وَقَعَ مَا نَوَاهُ مِنْ الطَّلَاقِ وَالظِّهَارِ وَالْيَمِينِ) . هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: يَقَعُ مَا نَوَاهُ، سِوَى الظِّهَارِ. جَزَمَ بِهِ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ. وَقَالَ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ: وَإِنْ نَوَى بِهِ الظِّهَارَ: احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ ظِهَارًا، كَمَا قُلْنَا فِي قَوْلِهِ " أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ ". وَاحْتَمَلَ أَنْ لَا يَكُونَ ظِهَارًا كَمَا لَوْ قَالَ " أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ الْبَهِيمَةِ " أَوْ " كَظَهْرِ أَبِي " انْتَهَيَا.
فَائِدَةٌ:
لَوْ نَوَى الطَّلَاقَ، وَلَمْ يَنْوِ عَدَدًا: وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ. قَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّارِحُ. وَقَالَا: لِأَنَّهُ مِنْ الْكِنَايَاتِ الْخَفِيَّةِ. قَوْلُهُ (وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا. فَهَلْ يَكُونُ ظِهَارًا، أَوْ يَمِينًا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ) وَهُمَا رِوَايَتَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَغَيْرِهِمْ.
أَحَدُهُمَا: يَكُونُ ظِهَارًا. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ. قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ: هَذِهِ أَشْهَرُ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ.
وَالثَّانِي: يَكُونُ يَمِينًا. قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْخُلَاصَةِ.
قَوْلُهُ (فَإِنْ قَالَ " حَلَفْت بِالطَّلَاقِ " وَكَذَبَ: لَزِمَهُ إقْرَارُهُ فِي الْحُكْمِ) هَذَا الْمَذْهَبُ. قَالَ فِي الْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْفُرُوعِ: لَزِمَ حُكْمًا. عَلَى الْأَصَحِّ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْوَجِيزِ، وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالشَّرْحِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَغَيْرِهِمْ. وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَأَبُو الْخَطَّابِ، وَغَيْرُهُمَا. وَعَنْهُ: لَا يَلْزَمُهُ إقْرَارُهُ فِي الْحُكْمِ. وَيَأْتِي نَظِيرُ ذَلِكَ فِي " كِتَابِ الْأَيْمَانِ " قُبَيْلَ حُكْمِ الْكَفَّارَةِ. قَوْلُهُ (وَلَا يَلْزَمُهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ) . هَذَا الْمَذْهَبُ. جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَعَنْهُ: يَلْزَمُهُ. اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ. وَهُمَا وَجْهَانِ فِي الْإِرْشَادِ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ " أَمْرُك بِيَدِك " فَلَهَا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا ثَلَاثًا. وَإِنْ نَوَى وَاحِدَةً) . هَذَا الْمَذْهَبُ؛ لِأَنَّهُ كِنَايَةٌ ظَاهِرَةٌ. وَأَفْتَى بِهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رحمه الله مِرَارًا. وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ عَقِيلٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ، وَنَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَمُنْتَخَبِ الْأَدَمِيِّ، وَغَيْرُهُمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْكَافِي، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ.
قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ: هَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هَذَا الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ. وَهُوَ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ. وَعَنْهُ: لَيْسَ لَهَا أَنْ تُطَلِّقَ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ، مَا لَمْ يَنْوِ أَكْثَرَ. قَالَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ. وَقَطَعَ بِهِ صَاحِبُ التَّبْصِرَةِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ. قَوْلُهُ (وَهُوَ فِي يَدِهَا، مَا لَمْ يَفْسَخْ أَوْ يَطَأْ) . هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هَذَا مَنْصُوصُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي، وَالْوَجِيزِ، وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ، وَالْمُنَوِّرِ، وَمُنْتَخَبِ الْأَدَمِيِّ، وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. وَهُوَ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ. وَخَرَّجَ أَبُو الْخَطَّابِ: أَنَّهُ مُقَيَّدٌ بِالْمَجْلِسِ. كَمَا يَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ قَرِيبًا.
قَوْلُهُ (وَإِنْ قَالَ لَهَا " اخْتَارِي نَفْسَك " لَمْ يَكُنْ لَهَا أَنْ تُطَلِّقَ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ، إلَّا أَنْ يَجْعَلَ إلَيْهَا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ) هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ. وَعَنْهُ فِي " اخْتَارِي " غَيْرِ مُكَرَّرٍ: يَقَعُ ثَلَاثًا. وَعَنْهُ: إنْ خَيَّرَهَا. فَقَالَتْ " طَلَّقْت نَفْسِي " تَطْلُقُ ثَلَاثًا.
فَائِدَةٌ:
لَوْ كَرَّرَ لَفْظَ الْخِيَارِ. بِأَنْ قَالَ " اخْتَارِي، اخْتَارِي، اخْتَارِي " فَإِنْ نَوَى إفْهَامَهَا، وَلَيْسَ نِيَّتُهُ ثَلَاثًا: فَوَاحِدَةٌ. قَالَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رحمه الله.
وَإِنْ أَرَادَ ثَلَاثًا: فَثَلَاثٌ قَالَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ أَيْضًا رحمه الله. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَغَيْرِهِمَا. وَإِنْ أَطْلَقَ فَوَاحِدَةٌ. اخْتَارَهُ الْقَاضِي. وَعَنْهُ: ثَلَاثًا. ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ.
قَوْلُهُ (وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تُطَلِّقَ إلَّا مَا دَامَتْ فِي الْمَجْلِسِ، وَلَمْ يَتَشَاغَلَا بِمَا يَقْطَعُهُ، إلَّا أَنْ يَجْعَلَهُ لَهَا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ) . هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هَذَا اخْتِيَارُ الْقَاضِي، وَالْأَكْثَرِينَ. وَعَنْهُ: أَنَّهُ عَلَى الْفَوْرِ. جَوَابًا لِكِلَيْهِمَا. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ. وَقِيلَ: هُوَ عَلَى التَّرَاخِي. ذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ. وَهُوَ تَخْرِيجٌ لِأَبِي الْخَطَّابِ. وَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ جَعَلَ لَهَا الْخِيَارَ الْيَوْمَ كُلَّهُ، أَوْ جَعَلَ أَمْرَهَا بِيَدِهَا، فَرَدَّتْهُ، أَوْ رَجَعَ فِيهِ، أَوْ وَطِئَهَا: بَطَلَ خِيَارُهَا) . هَذَا الْمَذْهَبُ. وَهُوَ كَمَا قَالَ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَخَرَّجَ أَبُو الْخَطَّابِ فِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ وَجْهًا مِثْلَ حُكْمِ الْأُخْرَى. يَعْنِي: مِنْ حَيْثُ التَّرَاخِي وَالْفَوْرِيَّةُ لَا مِنْ حَيْثُ الْعَدَدُ. مَعَ أَنَّ كَلَامَ أَبِي الْخَطَّابِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فِي الْعَدَدِ أَيْضًا. قَالَ مَعْنَاهُ ابْنُ مُنَجَّا فِي شَرْحِهِ. وَقَدْ نَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رحمه الله: عَلَى التَّفْرِقَةِ بَيْنَهُمَا. فَلَا يُتَّجَهُ التَّخْرِيجُ. وَقِيلَ: الْوَطْءُ لَا يُبْطِلُ خِيَارَهَا. ذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ.
قَوْلُهُ (وَلَفْظُهُ " الْأَمْرِ " وَ " الْخِيَارِ " كِنَايَةٌ فِي حَقِّ الزَّوْجِ، يَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ) . لَفْظُ " الْأَمْرِ " مِنْ الْكِنَايَاتِ الظَّاهِرَةِ. وَلَفْظَةُ " الْخِيَارِ " مِنْ الْكِنَايَاتِ الْخَفِيَّةِ. يَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ، وَكَوْنُهُ بَعْدَ سُؤَالِهَا الطَّلَاقَ وَنَحْوَهُ. وَقَدْ تَقَدَّمَ الْخِلَافُ فِي قَدْرِ مَا يَقَعُ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا. وَتَقَدَّمَ رِوَايَةٌ اخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ: أَنَّ الْكِنَايَاتِ الظَّاهِرَةَ لَا يَحْتَاجُ الْوُقُوعُ فِيهَا إلَى نِيَّةٍ. فَكَذَا لَفْظَةُ الْأَمْرِ هُنَا.
قَوْلُهُ (فَإِنْ قَبِلَتْهُ بِلَفْظِ الْكِنَايَةِ نَحْوَ " اخْتَرْت نَفْسِي ". افْتَقَرَ إلَى نِيَّتِهَا أَيْضًا) . فَإِنْ قَبِلَتْهُ بِلَفْظِ الصَّرِيحِ، بِأَنْ قَالَتْ (طَلَّقْت نَفْسِي) :(وَقَعَ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ) . لَوْ جَعَلَ ذَلِكَ لَهَا بِلَفْظِ الْكِنَايَةِ، كَقَوْلِهِ لَهَا " اخْتَارِي نَفْسَك " أَوْ " أَمْرُك بِيَدِك " فَهُوَ تَوْكِيلٌ مِنْهُ لَهَا. فَإِنْ أَوْقَعَتْهُ بِالصَّرِيحِ، كَقَوْلِهَا " طَلَّقْت نَفْسِي " فَجَزَمَ الْمُصَنِّفُ هُنَا بِالْوُقُوعِ. وَهُوَ صَحِيحٌ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ: مِنْهُمْ: الْمُصَنِّفُ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّارِحُ. وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ، وَغَيْرُهُمْ. وَتَقَدَّمَ قَرِيبًا رِوَايَةٌ: أَنَّهُ لَوْ خَيَّرَهَا. فَقَالَتْ " طَلَّقْت نَفْسِي ثَلَاثًا " أَنَّهَا تَطْلُقُ ثَلَاثًا. وَحَكَى فِي التَّرْغِيبِ فِي الْوُقُوعِ وَجْهَيْنِ، فِيمَا إذَا أَتَى الزَّوْجُ بِالْكِنَايَةِ. وَأَوْقَعَتْ هِيَ بِالصَّرِيحِ، كَعَكْسِهَا عَلَى مَا يَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بَعْدَ هَذَا.
فَوَائِدُ:
إحْدَاهَا: يَقَعُ الطَّلَاقُ بِإِيقَاعِ الْوَكِيلِ بِصَرِيحٍ أَوْ كِنَايَةٍ بِنِيَّةٍ. وَفِي وُقُوعِهِ بِكِنَايَةٍ بِنِيَّةٍ مِمَّنْ وَكَّلَ فِيهِ بِصَرِيحٍ: وَجْهَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ. وَكَذَا عَكْسُهُ فِي التَّرْغِيبِ وَتَبِعَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْأُولَى فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي. قُلْتُ: الصَّوَابُ الْوُقُوعُ كَالْمَرْأَةِ.
الثَّانِيَةُ: تَقَدَّمَ أَنَّهُ هَلْ تُقْبَلُ دَعْوَى الْمُوَكِّلِ بِأَنَّهُ رَجَعَ قَبْلَ إيقَاعِ وَكِيلِهِ، أَمْ لَا؟ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ.
الثَّالِثَةُ: لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِقَوْلِهَا " اخْتَرْت " وَلَوْ نَوَتْ، حَتَّى تَقُولَ " نَفْسِي " أَوْ " أَبَوَيْ " أَوْ " الْأَزْوَاجَ ". وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ. إنْ اخْتَارَتْ زَوْجَهَا فَوَاحِدَةٌ. وَإِنْ اخْتَارَتْ نَفْسَهَا فَثَلَاثَةٌ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي نِيَّتِهَا، فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا. وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي رُجُوعِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) . لَا أَعْلَمُ فِي ذَلِكَ خِلَافًا.
قَوْلُهُ (وَإِنْ قَالَ " طَلِّقِي نَفْسَك " فَقَالَتْ " اخْتَرْتُ نَفْسِي " وَنَوَتْ الطَّلَاقَ: وَقَعَ) . هَذَا الْمَذْهَبُ. صَحَّحَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَغَيْرِهِمْ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَقَعَ. وَهُوَ لِأَبِي الْخَطَّابِ. وَوَجْهٌ اخْتَارَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي. وَتَقَدَّمَ قَرِيبًا عَكْسُهَا. قَوْلُهُ (وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تُطَلِّقَ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ، إلَّا أَنْ يَجْعَلَ لَهَا أَكْثَرَ مِنْهَا) .
إمَّا بِلَفْظِهِ أَوْ نِيَّتِهِ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ. جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالْمُحَرَّرِ، وَالشَّرْحِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي، وَالنَّظْمِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ. وَعَنْهُ: تَطْلُقُ ثَلَاثًا، إنْ نَوَاهَا هُوَ وَنَوَتْهَا هِيَ.
فَوَائِدُ:
الْأُولَى: لَوْ قَالَ " لَهَا طَلِّقِي نَفْسَكِ ثَلَاثًا " طَلُقَتْ ثَلَاثًا بِنِيَّتِهَا. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: تَطْلُقُ ثَلَاثًا، وَلَوْ لَمْ تَنْوِهَا. وَقِيلَ: لَا تَطْلُقُ إلَّا وَاحِدَةً. وَلَوْ نَوَتْ ثَلَاثًا.
الثَّانِيَةُ: هَلْ قَوْلُهُ " طَلِّقِي نَفْسَك " مُخْتَصٌّ بِالْمَجْلِسِ كَقَوْلِهِ " اخْتَارِي نَفْسَك، أَوْ عَلَى التَّرَاخِي " كَأَمْرُك بِيَدِك "؟ فِيهِ وَجْهَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ.
أَحَدُهُمَا: يَكُونُ عَلَى التَّرَاخِي. وَهُوَ الصَّحِيحُ. رَجَّحَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالْكَافِي، وَالْمُغْنِي. قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ: وَهُوَ أَوْلَى.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَخْتَصُّ بِالْمَجْلِسِ. قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ. وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ.
الثَّالِثَةُ: قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ: لَوْ قَالَ ذَلِكَ لِأَجْنَبِيٍّ كَانَ ذَلِكَ عَلَى التَّرَاخِي فِي الْجَمِيعِ. يَعْنِي فِي " الْأَمْرِ " وَ " الِاخْتِيَارِ " وَ " الطَّلَاقِ ". وَحُكْمُ الْأَجْنَبِيِّ إذَا وَكَّلَ حُكْمُهَا فِيمَا تَقَدَّمَ خِلَافًا وَمَذْهَبًا إلَّا فِي التَّرَاخِي عَلَى مَا تَقَدَّمَ. وَتَقَدَّمَتْ أَحْكَامُ تَوْكِيلِ الْأَجْنَبِيِّ وَالْمَرْأَةِ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الطَّلَاقِ. فَلْيُعَاوَدْ.
الرَّابِعَةُ: تَمْلِكُ الْمَرْأَةُ بِقَوْلِهِ " طَلَاقُك بِيَدِك " أَوْ " وَكَّلْتُك فِي الطَّلَاقِ "
مَا تَمْلِكُ بِقَوْلِهِ لَهَا " أَمْرُك بِيَدِك " فَلَا يَقَعُ بِقَوْلِهَا " أَنْتِ طَالِقٌ " أَوْ " أَنْتِ مِنِّي طَالِقٌ " أَوْ " طَلَّقْتُك " عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَةِ. وَقِيلَ: يَقَعُ بِالنِّيَّةِ. وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ: صِفَةُ طَلَاقِهَا " طَلَّقْتُ نَفْسِي " أَوْ " أَنَا مِنْك طَالِقٌ " وَإِنْ قَالَتْ " أَنَا طَالِقٌ " لَمْ يَقَعْ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ قَالَ " وَهَبْتُكِ لِأَهْلِكِ " فَإِنْ قَبِلُوهَا، فَوَاحِدَةٌ) . يَعْنِي: رَجْعِيَّةً. نَصَّ عَلَيْهِ (وَإِنْ رَدُّوهَا فَلَا شَيْءَ) . هَذَا الْمَذْهَبُ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هَذَا الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ: هَذِهِ الْمَشْهُورَةُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله. وَجَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ، وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَالْمُنْتَخَبِ، وَغَيْرُهُمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْبُلْغَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. وَهُوَ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ. وَجَزَمَ بِهِ نَاظِمُهَا. (وَعَنْهُ: إنْ قَبِلُوهَا: فَثَلَاثٌ، وَإِنْ رَدُّوهَا: فَوَاحِدَةٌ) . يَعْنِي: رَجْعِيَّةً. قَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ. وَعَنْهُ: إنْ قَبِلُوهَا فَثَلَاثٌ، وَإِنْ رَدُّوهَا: فَوَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ. وَعِنْدَ الْقَاضِي: يَقَعُ مَا نَوَاهُ.
فَوَائِدُ:
الْأُولَى: تُعْتَبَرُ النِّيَّةُ مِنْ الْوَاهِبِ وَالْمَوْهُوبِ. وَيَقَعُ أَقَلُّهُمَا إذَا اخْتَلَفَا فِي النِّيَّةِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. قَالَ فِي الْبُلْغَةِ: وَبِكُلِّ حَالٍ لَا بُدَّ مِنْ النِّيَّةِ؛ لِأَنَّهُ كِنَايَةٌ. فَتَقْدِيرُهُ، مَعَ النِّيَّةِ: أَنْتِ طَالِقٌ، إنْ رَضِيَ أَهْلُك، أَوْ رَضِيَ فُلَانٌ. انْتَهَى.