الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[بَابُ نِكَاحِ الْكُفَّارِ]
ِ قَوْلُهُ (وَحُكْمُهُ حُكْمُ نِكَاحِ الْمُسْلِمِينَ، فِيمَا يَجِبُ بِهِ، وَتَحْرِيمُ الْمُحَرَّمَاتِ) . هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ. وَقَالَ فِي التَّرْغِيبِ: حُكْمُهُ حُكْمُ نِكَاحِ الْمُسْلِمِينَ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ. قَوْلُهُ (وَيُقَرُّونَ عَلَى الْأَنْكِحَةِ الْمُحَرَّمَةِ، مَا اعْتَقَدُوا حِلَّهَا، وَلَمْ يَرْتَفِعُوا إلَيْنَا) . هَذَا الْمَذْهَبُ بِهَذَيْنِ الشَّرْطَيْنِ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَعَنْهُ: فِي مَجُوسِيٍّ تَزَوَّجَ كِتَابِيَّةً، أَوْ اشْتَرَى نَصْرَانِيَّةً: يَحُولُ الْإِمَامُ بَيْنَهُمَا. فَيَخْرُجُ مِنْ هَذَا: أَنَّهُمْ لَا يُقَرُّونَ عَلَى نِكَاحٍ مُحَرَّمٍ. وَهُوَ لِأَبِي الْخَطَّابِ فِي الْهِدَايَةِ، قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ، وَغَيْرِهِ: لَا يُقَرُّونَ عَلَى مَا لَا مَسَاغَ لَهُ فِي الْإِسْلَامِ. كَنِكَاحِ ذَاتِ الْمَحَارِمِ، وَنِكَاحِ الْمَجُوسِيِّ الْكِتَابِيَّةَ وَنَحْوِهِ. وَتَقَدَّمَ فِي بَابِ الْمُحَرَّمَاتِ فِي النِّكَاحِ " هَلْ يَجُوزُ لِلْمَجُوسِيِّ نِكَاحُ الْكِتَابِيَّةِ؟ ". وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله: وَالصَّوَابُ: أَنَّ أَنْكِحَتَهُمْ الْمُحَرَّمَةَ فِي دِينِ الْإِسْلَامِ حَرَامٌ مُطْلَقًا. فَإِذَا لَمْ يُسْلِمُوا عُوقِبُوا عَلَيْهَا. وَإِنْ أَسْلَمُوا عُفِيَ لَهُمْ عَنْهَا لِعَدَمِ اعْتِقَادِهِمْ تَحْرِيمَهَا. أَمَّا الصِّحَّةُ، وَالْفَسَادُ، فَالصَّوَابُ: أَنَّهَا صَحِيحَةٌ مِنْ وَجْهٍ، فَاسِدَةٌ مِنْ وَجْهٍ. فَإِنْ أُرِيدَ بِالصِّحَّةِ: إبَاحَةُ التَّصَرُّفِ. فَإِنَّمَا يُبَاحُ لَهُمْ بِشَرْطِ الْإِسْلَامِ. وَإِنْ أُرِيدَ نُفُوذُهُ، وَتَرْتِيبُ أَحْكَامِ الزَّوْجِيَّةِ عَلَيْهِ مِنْ حُصُولِ الْحِلِّ بِهِ لِلْمُطَلِّقِ ثَلَاثًا وَوُقُوعُ الطَّلَاقِ فِيهِ، وَثُبُوتُ الْإِحْصَانِ بِهِ فَصَحِيحٌ.
وَهَذَا مِمَّا يُقَوِّي طَرِيقَةَ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ التَّحْرِيمُ لِعَيْنِ الْمَرْأَةِ، أَوْ لِوَصْفٍ لِأَنَّ تَرَتُّبَ هَذِهِ الْأَحْكَامِ عَلَى نِكَاحِ الْمَحَارِمِ بَعِيدٌ جِدًّا. وَقَدْ أَطْلَقَ أَبُو بَكْرٍ، وَابْنُ أَبِي مُوسَى وَغَيْرُهُمَا: صِحَّةَ أَنْكِحَتِهِمْ، مَعَ تَصْرِيحِهِمْ بِأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ الْإِحْصَانُ بِنِكَاحِ ذَوَاتِ الْمَحَارِمِ. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَيْضًا: رَأَيْت لِأَصْحَابِنَا فِي أَنْكِحَتِهِمْ أَرْبَعَةَ أَقْوَالٍ:
أَحَدُهَا: هِيَ صَحِيحَةٌ. وَقَدْ يُقَالُ: هِيَ فِي حُكْمِ الصِّحَّةِ. وَالثَّانِي: مَا أُقِرُّوا عَلَيْهِ فَهُوَ صَحِيحٌ، وَمَا لَمْ يُقَرُّوا عَلَيْهِ فَهُوَ فَاسِدٌ. وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ، وَابْنِ عَقِيلٍ، وَأَبِي مُحَمَّدٍ. وَالثَّالِثُ: مَا أَمْكَنَ إقْرَارُهُمْ عَلَيْهِ فَهُوَ صَحِيحٌ، وَمَا لَا فَلَا. وَالرَّابِعُ: أَنَّ كُلَّ مَا فَسَدَ مِنْ مَنَاكِحِ الْمُسْلِمِينَ: فَسَدَ مِنْ نِكَاحِهِمْ. وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ. انْتَهَى.
قَوْلُهُ (وَإِنْ كَانَ فِي أَثْنَائِهِ يَعْنِي: إذَا أَسْلَمُوا وَتَرَافَعُوا إلَيْنَا فِي أَثْنَاءِ الْعَقْدِ لَمْ نَتَعَرَّضْ لِكَيْفِيَّةِ عَقْدِهِمْ، بَلْ إنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ مِمَّنْ لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءُ نِكَاحِهَا، كَذَاتِ مَحْرَمِهِ، وَمَنْ هِيَ فِي عِدَّتِهَا، أَوْ شُرِطَ الْخِيَارُ فِي نِكَاحِهَا مَتَى شَاءَ، أَوْ مُدَّةً هُمَا فِيهَا، أَوْ مُطَلَّقَتِهِ ثَلَاثًا: فُرِّقَ بَيْنَهُمَا، وَإِلَّا أُقِرَّا عَلَى النِّكَاحِ) . إذَا أَسْلَمُوا أَوْ تَرَافَعُوا إلَيْنَا فِي أَثْنَاء الْعَقْدِ، وَالْمَرْأَةُ مِمَّنْ لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءُ نِكَاحِهَا: فُرِّقَ بَيْنَهُمَا مُطْلَقًا. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَعَنْهُ: لَا يُفْسَخُ إلَّا مَعَ مُفْسِدٍ، مُؤَبَّدٍ أَوْ مُجْمَعٍ عَلَيْهِ. فَلَوْ تَزَوَّجَهَا، وَهِيَ فِي عِدَّتِهَا. وَأَسْلَمَا أَوْ تَرَافَعَا إلَيْنَا. فَإِنْ كَانَ تَزَوَّجَهَا فِي عِدَّةِ مُسْلِمٍ: فُرِّقَ بَيْنَهُمَا. بِلَا نِزَاعٍ.
وَإِنْ كَانَ فِي عِدَّةِ كَافِرٍ. فَجَزَمَ الْمُصَنِّفُ هُنَا: أَنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُغْنِي، وَالْكَافِي، وَالْبُلْغَةِ، وَالشَّرْحِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا، وَالْوَجِيزِ، وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ، وَالْمُنَوِّرِ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: لَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا. نَصَّ عَلَيْهِ. صَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ.
تَنْبِيهٌ:
شَمَلَ كَلَامُهُ: وَلَوْ كَانَتْ حُبْلَى مِنْ زِنًا قَبْلَ الْعَقْدِ. وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ أَوْ الرِّوَايَتَيْنِ. أَحَدُهُمَا: يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ. جَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ. وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالثَّانِي: لَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ. وَأَمَّا إذَا شَرَطَ الْخِيَارَ فِي نِكَاحِهَا مَتَى شَاءَ، أَوْ مُدَّةً هُمَا فِيهَا. فَجَزَمَ الْمُصَنِّفُ بِأَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. جَزَمَ بِهِ فِي الْخُلَاصَةِ، وَالْكَافِي، وَالْمُغْنِي، وَالْبُلْغَةِ، وَالشَّرْحِ، وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُذْهَبِ فِي الْأُولَى. وَقِيلَ: لَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. أَمَّا إذَا اسْتَدَامَ مُطَلَّقَتَهُ ثَلَاثَةً، وَهُوَ مُعْتَقِدٌ حِلَّهُ: فَجَزَمَ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: لَمْ يُقَرَّ عَلَى الْأَصَحِّ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْخُلَاصَةِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ.
وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَعَنْهُ: لَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا. وَاخْتَارَهُ فِي الْمُحَرَّرِ فِيمَا إذَا أَسْلَمَا.
تَنْبِيهٌ:
مَفْهُومُ قَوْلِهِ (وَإِنْ قَهَرَ حَرْبِيٌّ حَرْبِيَّةً فَوَطِئَهَا، أَوْ طَاوَعَتْهُ وَاعْتَقَدَاهُ نِكَاحًا: أُقِرَّا، وَإِلَّا فَلَا) . أَنَّهُ لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ أَهْلُ الذِّمَّةِ: أَنَّهُمْ لَا يُقَرُّونَ عَلَيْهِ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ. وَصَرَّحَ بِهِ فِي التَّرْغِيبِ. وَجَزَمَ بِهِ الْبُلْغَةُ. ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّارِحِ: أَنَّهُمْ كَأَهْلِ الْحَرْبِ. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ كَانَ الْمَهْرُ مُسَمًّى صَحِيحًا، أَوْ فَاسِدًا قَبَضَتْهُ: اسْتَقَرَّ) وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ. لَكِنْ لَوْ أَسْلَمَا، فَانْقَلَبَتْ خَمْرٌ خَلًّا، وَطَلَّقَ: فَهَلْ يَرْجِعُ بِنِصْفِهِ أَمْ لَا؟ فِيهِ وَجْهَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ. قُلْت: الصَّوَابُ رُجُوعُهُ بِنِصْفِهِ. وَلَوْ تَلِفَ الْخَلُّ، ثُمَّ طَلَّقَ. فَفِي رُجُوعِهِ بِنِصْفِ مِثْلِهِ: احْتِمَالَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ. قُلْت: الصَّوَابُ رُجُوعُهُ بِنِصْفِ مِثْلِهِ؛ لِأَنَّهُ مِثْلِيٌّ. قَوْلُهُ (وَإِنْ كَانَ فَاسِدًا لَمْ تَقْبِضْهُ: فَرَضَ لَهَا مَهْرَ الْمِثْلِ) . وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَعَنْهُ: لَوْ كَانَتْ لَهَا فِي خَمْرٍ وَخِنْزِيرٍ مُعَيَّنٍ. وَهُوَ رِوَايَةٌ مُخَرَّجَةٌ. خَرَّجَهَا الْقَاضِي.
فَائِدَةٌ:
لَوْ كَانَتْ قَبْلَ بَعْضِ الْمُسَمَّى الْفَاسِدِ: وَجَبَ لَهَا حِصَّةُ مَا بَقِيَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ. وَيُعْتَبَرُ قَدْرُ الْحِصَّةِ فِيمَا يَدْخُلُهُ الْكَيْلُ وَالْوَزْنُ، وَفِيمَا يَدْخُلُهُ الْعَدُّ بَعْدَهُ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. قَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ.
وَقِيلَ: بِقِيمَتِهِ عِنْدَ أَهْلِهِ. وَأَطْلَقَهَا فِي الْفُرُوعِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ، الشَّارِحُ: لَوْ أَصْدَقَهَا عَشْرَ زُقَاقِ خَمْرٍ مُتَسَاوِيَةً، فَقَبَضَتْ نِصْفَهَا وَجَبَ لَهَا نِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ. وَإِنْ كَانَتْ مُخْتَلِفَةً، اُعْتُبِرَ ذَلِكَ بِالْكَيْلِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ. وَالثَّانِي: يُقْسَمُ عَلَى عَدَدِهَا. وَإِنْ أَصْدَقَهَا عَشْرَ خَنَازِيرَ: فَفِيهِ الْوَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: يُقْسَمُ عَلَى عَدَدِهَا. وَالثَّانِي: يُعْتَبَرُ قِيمَتُهَا. وَإِنْ أَصْدَقَهَا كَلْبًا وَخِنْزِيرَيْنِ، وَثَلَاثَ زُقَاقِ خَمْرٍ. فَثَلَاثُهُ أَوْجُهٍ. أَحَدُهَا: يُقْسَمُ عَلَى قَدْرِ قِيمَتِهَا عِنْدَهُمْ. وَالثَّانِي: يُقْسَمُ عَلَى عَدَدِ الْأَجْنَاسِ. فَيُحْمَلُ لِكُلِّ جَزْءِ ثُلُثُ الْمَهْرِ.
وَالثَّالِثُ: يُقْسَمُ عَلَى الْمَعْدُودِ كُلِّهِ. فَيُحْمَلُ لِكُلِّ وَاحِدٍ سُدُسُ الْمَهْرِ.
تَنْبِيهٌ:
ظَاهِرُ قَوْلِهِ (وَإِذَا أَسْلَمَ الزَّوْجَانِ مَعًا، فَهُمَا عَلَى نِكَاحِهِمَا) أَنْ يَتَلَفَّظَا بِالْإِسْلَامِ دَفْعَةً وَاحِدَةً. وَهُوَ صَحِيحٌ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله: يَدْخُلُ فِي الْمَعِيَّةِ: لَوْ شُرِعَ الثَّانِي قَبْلَ أَنْ يَفْرُغَ الْأَوَّلُ. وَقِيلَ: هُمَا عَلَى نِكَاحِهِمَا إنْ أَسْلَمَا فِي الْمَجْلِسِ. وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْمُغْنِي. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّ تَلَفُّظَهُمَا بِالْإِسْلَامِ دَفْعَةً وَاحِدَةً فِيهِ عُسْرٌ. وَاخْتَارَهُ النَّاظِمُ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ أَسْلَمَتْ الْكِتَابِيَّةُ، أَوْ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ غَيْرَ الْكِتَابِيَّيْنِ قَبْلَ الدُّخُولِ: انْفَسَخَ النِّكَاحُ) بِلَا نِزَاعٍ.
(فَإِنْ كَانَتْ هِيَ الْمُسْلِمَةَ: فَلَا مَهْرَ لَهَا) . هَذَا الْمَذْهَبُ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ. مِنْهُمْ الْخِرَقِيُّ، وَصَاحِبُ الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ. وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِمْ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: قَطَعَ بِهَذَا جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ. وَنَصَّ عَلَيْهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالْمُحَرَّرِ، وَالشَّرْحِ، وَالنَّظْمِ، وَالْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: لَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ. اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ. قُلْت: وَهُوَ أَوْلَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَحَكَى أَبُو مُحَمَّدٍ رِوَايَةً: بِأَنَّ لَهَا نِصْفَ الْمَهْرِ. وَأَنَّهَا اخْتِيَارُ أَبِي بَكْرٍ، نَظَرًا إلَى أَنَّ الْفُرْقَةَ جَاءَتْ مِنْ قِبَلِ الزَّوْجِ بِتَأَخُّرِهِ عَنْ الْإِسْلَامِ. وَالْمَنْقُولُ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ التَّوَقُّفُ. انْتَهَى.
قَوْلُهُ (وَإِنْ أَسْلَمَ قَبْلَهَا، فَلَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ) هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ أَيْضًا. قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ. اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ. قَالَ فِي الْهِدَايَةِ. وَهِيَ اخْتِيَارُ عَامَّةِ أَصْحَابِنَا. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هَذَا الْمَشْهُورُ مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ. وَالْمُخْتَارُ لِلْأَصْحَابِ: الْخِرَقِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ، وَالْقَاضِي، وَغَيْرِهِمْ. وَجَزَمَ بِهِ الْوَجِيزُ، وَغَيْرُهُ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ. وَهَذَا مِنْ غَيْرِ الْأَكْثَرِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ الْفُرُوعِ فِي الْخُطْبَة. وَعَنْهُ: لَا شَيْءَ لَهَا. جَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِ. وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ.
قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ. وَيَأْتِي ذَلِكَ أَيْضًا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي كِتَابِ الصَّدَاقِ فِيمَا يُنَصِّفُ الْمَهْرَ. فَعَلَى الْأَوَّلِ: إنْ أَسْلَمَا وَقَالَتْ: سَبَقْتَنِي، وَقَالَ: أَنْتِ سَبَقْتِنِي فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا. وَلَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ. قَالَهُ الْأَصْحَابُ. وَإِنْ قَالَا: سَبَقَ أَحَدُنَا، وَلَا نَعْلَمُ عَيْنَهُ: فَلَهَا أَيْضًا نِصْفُ الْمَهْرِ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَغَيْرِهِمْ. وَصَحَّحَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالنَّظْمِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ وَقَالَ الْقَاضِي: إنْ لَمْ تَكُنْ قَبَضَتْهُ. لَمْ تُطَالِبْهُ بِشَيْءٍ. وَإِنْ كَانَتْ قَبَضَتْهُ. لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهَا بِمَا فَوْقَ النِّصْفِ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ قَالَ: أَسْلَمْنَا مَعًا، فَنَحْنُ عَلَى النِّكَاحِ. وَأَنْكَرَتْهُ: فَعَلَى وَجْهَيْنِ) . وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْكَافِي، وَالْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْفُرُوعِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا، وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ. وَظَاهِرِ الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ: إطْلَاقُ الْخِلَافِ. أَحَدُهُمَا: الْقَوْلُ قَوْلُهَا. وَهُوَ الْمَذْهَبُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهَا. اخْتَارَهُ الْقَاضِي. قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا عَلَى الْأَصَحِّ. وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالثَّانِي: الْقَوْلُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ النِّكَاحِ. صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ. وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الدُّخُولِ: وَقَفَ الْأَمْرُ عَلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ) . وَهُوَ لِلْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هَذَا الْمَشْهُورُ مِنْ الرِّوَايَاتِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: رَوَاهُ عَنْهُ نَحْوٌ مِنْ خَمْسِينَ رَجُلًا. وَالْمُخْتَارُ لِعَامَّةِ الْأَصْحَابِ: الْخِرَقِيُّ، وَالْقَاضِي، وَأَصْحَابُهُ، وَالشَّيْخَانِ وَغَيْرُ وَاحِدٍ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: هَذَا أَظْهَرُ وَأَوْلَى. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالْمُحَرَّرِ، وَالشَّرْحِ، وَالنَّظْمِ، وَالْحَاوِي، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: أَنَّ الْفُرْقَةَ تَتَعَجَّلُ بِإِسْلَامِ أَحَدِهِمَا، كَمَا قَبْلَ الدُّخُولِ. اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ، وَصَاحِبُهُ أَبُو بَكْرٍ. وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ. وَعَنْهُ: رِوَايَةٌ ثَالِثَةٌ: الْوَقْفُ بِإِسْلَامِ الْكِتَابِيَّةِ، وَالِانْفِسَاخُ بِغَيْرِهَا: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَعَنْهُ رِوَايَةٌ رَابِعَةٌ بِالْوَقْفِ، وَقَالَ: أَحَبُّ إلَيَّ الْوَقْفُ عِنْدَهَا. وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله فِيمَا إذَا أَسْلَمَتْ قَبْلَهُ بَقَاءَ نِكَاحِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ، مَا لَمْ تَنْكِحْ غَيْرَهُ. وَالْأَمْرُ إلَيْهَا. وَلَا حُكْمَ لَهُ عَلَيْهَا. وَلَا حَقَّ لَهَا عَلَيْهِ. كَذَا لَوْ أَسْلَمَ قَبْلَهَا. وَلَيْسَ لَهُ حَبْسُهَا. وَأَنَّهَا مَتَى أَسْلَمَتْ وَلَوْ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَ الْعِدَّةِ فَهِيَ امْرَأَتُهُ إنْ اخْتَارَ. انْتَهَى.
قَوْلُهُ مُفَرَّعًا عَلَى الْمَذْهَبِ (فَإِنْ أَسْلَمَ الثَّانِي قَبْلَ انْقِضَائِهَا: فَهُمَا عَلَى نِكَاحِهِمَا، وَإِلَّا تَبَيَّنَّا أَنَّ الْفُرْقَةَ وَقَعَتْ حِينَ أَسْلَمَ الْأَوَّلُ) . وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَتَقَدَّمَ اخْتِيَارُ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ رحمه الله -
تَنْبِيهٌ:
مَفْهُومُ قَوْلِهِ " وَقَفَ الْأَمْرُ عَلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ " أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ عَلَيْهَا سَبِيلٌ بَعْدَ انْقِضَائِهَا. وَهُوَ صَحِيحٌ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَتَقَدَّمَ اخْتِيَارُ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ رحمه الله. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَقِيلَ: عَنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى رِوَايَةٍ. وَهِيَ الْأَخْذُ بِظَاهِرِ حَدِيثِ زَيْنَبَ بِنْتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَأَنَّهَا تُرَدُّ لَهُ، وَلَوْ بَعْدَ الْعِدَّةِ. قَوْلُهُ (فَعَلَى هَذَا) يَعْنِي: عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْأَمْرَ يَقِفُ عَلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةُ.
(لَوْ وَطِئَهَا فِي عِدَّتِهَا وَلَمْ يُسْلِمْ الثَّانِي: فَعَلَيْهِ الْمَهْرُ وَإِنْ أَسْلَمَ فَلَا شَيْءَ لَهَا) . بِلَا نِزَاعٍ عَلَى هَذَا الْبِنَاءِ. وَقَوْلُهُ (وَإِذَا أَسْلَمَتْ قَبْلَهُ، فَلَهَا نَفَقَةُ الْعِدَّةِ. وَإِنْ كَانَ هُوَ الْمُسْلِمُ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا) . هَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا. جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْعُمْدَةِ، وَالْوَجِيزِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَقِيلَ: لَهَا النَّفَقَةُ إنْ أَسْلَمَتْ بَعْدَهُ فِي الْعِدَّةِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَإِنْ أَسْلَمَتْ بَعْدَهُ فِي الْعِدَّةِ، وَهِيَ غَيْرُ كِتَابِيَّةٍ: فَهَلْ لَهَا النَّفَقَةُ فِيمَا بَيْنَ إسْلَامِهِمَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي السَّابِقِ مِنْهُمَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا، فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ) .
وَهُوَ الْمَذْهَبُ. صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَالنَّظْمِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: الْقَوْلُ قَوْلُهُ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ فَوَائِدُ. إحْدَاهَا: لَوْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهَا أَسْلَمَتْ بَعْدَهُ وَقَالَتْ: أَسْلَمَتْ فِي الْعِدَّةِ. وَقَالَ: بَلْ بَعْدَهَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهَا. الثَّانِيَةُ: لَوْ لَاعَنَ ثُمَّ أَسْلَمَ: صَحَّ لِعَانُهُ. وَإِلَّا فَسَدَ. فَفِي الْحَدِّ إذَنْ وَجْهَانِ فِي التَّرْغِيبِ. وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْفُرُوعِ، وَقَالَ: هُمَا فِيمَنْ ظَنَّ صِحَّةَ نِكَاحِهِ فَلَاعَنَ، ثُمَّ بَانَ فَسَادُهُ. الثَّالِثَةُ: قَوْلُهُ (وَإِنْ ارْتَدَّ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ قَبْلَ الدُّخُولِ: انْفَسَخَ النِّكَاحُ. وَلَا مَهْرَ لَهَا إنْ كَانَتْ هِيَ الْمُرْتَدَّةَ، وَإِنْ كَانَ هُوَ الْمُرْتَدَّ: فَلَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ) بِلَا نِزَاعٍ. لَكِنْ لَوْ ارْتَدَّا، فَهَلْ يَتَنَصَّفُ الْمَهْرُ، أَوْ يَسْقُطُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالزَّرْكَشِيِّ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُنَوِّرِ: أَنَّهُ يَسْقُطُ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَإِنْ كَفَرَا أَوْ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الدُّخُولِ: بَطَلَ الْعَقْدُ. وَإِنْ سَبَقَهَا وَحْدَهُ، أَوْ كَفَرَ وَحْدَهُ: فَلَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ، وَإلَّا يَسْقُطْ. وَقِيلَ: إنْ كَفَرَا مَعًا وَجَبَ. وَقِيلَ: فِيهِ وَجْهَانِ. فَقُدِّمَ السُّقُوطُ. كَذَا قُدِّمَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ. وَصَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ.
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي شَرْحِ الْوَجِيزِ: وَالْأَظْهَرُ التَّنْصِيفُ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ كَانَتْ الرِّدَّةُ بَعْدَ الدُّخُولِ: فَهَلْ تَتَعَجَّلُ الْفُرْقَةُ، أَوْ تَقِفُ عَلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) . وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْكَافِي، وَالْهَادِي، وَالْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْبُلْغَةِ، وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ. إحْدَاهُمَا: تَقِفُ عَلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ. صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَمُنْتَخَبِ الْأَدَمِيِّ. وَاخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ. وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي شَرْحِ الْوَجِيزِ: وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَنَصَرَهُ الْمُصَنِّفُ. قَالَ ابْنُ مُنَجَّا: هَذَا الْمَذْهَبُ، وَمَالَ إلَيْهِ الشَّارِحُ. وَهُوَ الصَّحِيحُ. وَالثَّانِي: تَتَعَجَّلُ الْفُرْقَةُ. اخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالزُّبْدَةِ، وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ. وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله هُنَا مِثْلَ اخْتِيَارِهِ فِيمَا إذَا أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الدُّخُولِ. كَمَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا. قَوْلُهُ (فَإِنْ كَانَ هُوَ الْمُرْتَدَّ فَلَهَا نَفَقَةُ الْعِدَّةِ) . هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ النِّكَاحَ يَقِفُ عَلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ. قَالَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَغَيْرِهِ.
فَائِدَةٌ:
لَوْ وَطِئَهَا، أَوْ طَلَّقَهَا وَقُلْنَا: لَا تَتَعَجَّلُ الْفُرْقَةُ فَفِي وُجُوبِ الْمَهْرِ وَوُقُوعِ الطَّلَاقِ خِلَافٌ. ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ. قُلْت: جَزَمَ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ بِوُجُوبِ الْمَهْرِ، إذَا لَمْ يُسْلِمَا حَتَّى انْقَضَتْ الْعِدَّةُ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ انْتَقَلَ أَحَدُ الْكِتَابِيَّيْنِ إلَى دِينٍ لَا يُقَرُّ عَلَيْهِ: فَهُوَ كَرِدَّتِهِ) .
إنْ انْتَقَلَ الزَّوْجَانِ. أَوْ أَحَدُهُمَا إلَى دِينٍ لَا يُقَرُّ عَلَيْهِ، أَوْ تَمَجَّسَ كِتَابِيٌّ تَحْتَهُ كِتَابِيَّةٌ: فَكَالرِّدَّةِ. بِلَا نِزَاعٍ. وَإِنْ تَمَجَّسَتْ الْمَرْأَةُ تَحْتَ كِتَابِيٍّ، فَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ: أَنَّهُ كَالرِّدَّةِ أَيْضًا وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ. جَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْمُنَوِّرِ وَهُوَ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّهَا لَا تُقَرُّ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَتْ تُبَاحُ لِلْكِتَابِيِّ. عَلَى الصَّحِيحِ. وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. وَقِيلَ: النِّكَاحُ بِحَالِهِ. جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ قُلْت: قَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْمُحَرَّمَاتِ فِي النِّكَاحِ: أَنَّ الْكِتَابِيَّ يَجُوزُ لَهُ نِكَاحُ الْمَجُوسِيَّةِ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَهَذَا فِي مَعْنَاهُ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ أَسْلَمَ كَافِرٌ، وَتَحْتَهُ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ، فَأَسْلَمْنَ مَعَهُ: اخْتَارَ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا. وَفَارَقَ سَائِرَهُنَّ) . إنْ كَانَ مُكَلَّفًا اخْتَارَ. وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا: لَمْ يَصِحَّ اخْتِيَارُهُ. وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: لَا يَخْتَارُ لَهُ الْوَلِيُّ. وَيَقِفُ الْأَمْرُ حَتَّى يَبْلُغَ. قَالَهُ الْأَصْحَابُ؛ لِأَنَّهُ رَاجِعٌ إلَى الشَّهْوَةِ وَالْإِرَادَةِ. وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله: أَنَّ وَلِيَّهُ يَقُومُ مَقَامَهُ فِي التَّعْيِينِ، وَضَعَّفَ الْوَقْفِ. وَخَرَّجَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ صِحَّةَ اخْتِيَارِ الْأَبِ مِنْهُنَّ وَفَسْخَهُ، عَلَى صِحَّةِ طَلَاقِهِ عَلَيْهِ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، قُلْت: فَإِنْ قُلْنَا: يَصِحُّ طَلَاقُ وَالِدِهِ عَلَيْهِ. صَحَّ اخْتِيَارُهُ لَهُ، وَإِلَّا فَلَا.
فَعَلَى الْمَذْهَبِ: يُوقَفُ الْأَمْرُ حَتَّى يَبْلُغَ فَيَخْتَارَ. عَلَى الصَّحِيحِ. قَالَهُ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ. وَقَالَ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ: يُوقَفُ الْأَمْرُ حَتَّى يَبْلُغَ عَشْرَ سِنِينَ، فَيَخْتَارَ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَقَالَ: قُلْت: إنْ صَحَّ إسْلَامُهُ بِنَفْسِهِ، صَحَّ اخْتِيَارُهُ وَإِلَّا فَلَا. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: يُوقَفُ الْأَمْرُ حَتَّى يُرَاهِقَ، وَيَبْلُغَ أَرْبَعَ عَشَرَ سَنَةً فَيَخْتَارَ.
فَائِدَةٌ:
أَوْ أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ، أَوْ عَلَى أُخْتَيْنِ، فَاخْتَارَ أَرْبَعًا، أَوْ إحْدَى الْأُخْتَيْنِ، فَقَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ: يَعْتَزِلُ الْمُخْتَارَاتِ، وَلَا يَطَأُ الرَّابِعَةَ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّةُ الْمُفَارِقَةِ. فَلَوْ كُنَّ خَمْسًا فَفَارَقَ إحْدَاهُنَّ، فَلَهُ وَطْءٌ ثَلَاثًا مِنْ الْمُخْتَارَاتِ، وَلَا يَطَأُ الرَّابِعَةَ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّةُ الْمُفَارِقَةِ. وَعَلَى ذَلِكَ فَقِسْ وَكَذَلِكَ الْأُخْتُ. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله، فِي شَرْحِ الْمُحَرَّرِ: وَفِي هَذَا نَظَرٌ. فَإِنَّ ظَاهِرَ السُّنَّةِ يُخَالِفُ ذَلِكَ. قَالَ: وَقَدْ تَأَمَّلْت كَلَامَ عَامَّةِ أَصْحَابِنَا، فَوَجَدْتهمْ قَدْ ذَكَرُوا: أَنَّهُ يُمْسِكُ أَرْبَعًا. وَلَمْ يَشْتَرِطُوا فِي جَوَازِ وَطْئِهِ انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ. لَا فِي جَمْعِ الْعَدَدِ، وَلَا فِي جَمْعِ الرَّحِمِ. وَلَوْ كَانَ لِهَذَا أَصْلٌ عِنْدَهُمْ: لَمْ يُغْفِلُوهُ. فَإِنَّهُمْ دَائِمًا يُنَبِّهُونَ فِي مِثْلِ هَذَا عَلَى اعْتِزَالِ الزَّوْجَةِ. كَمَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رحمه الله، فِيمَا إذَا وَطِئَ أُخْتَ امْرَأَتِهِ بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ، أَوْ زِنًا بِهَا، وَقَالَ: هَذَا هُوَ الصَّوَابُ. فَإِنَّ هَذِهِ الْعِدَّةَ تَابِعَةٌ لِنِكَاحِهَا وَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْ جَمِيعِ نِكَاحِهَا. فَكَذَلِكَ يَعْفُو عَنْ تَوَابِعِ ذَلِكَ النِّكَاحِ. وَهَذَا بَعْدَ الْإِسْلَامِ لَمْ يَجْمَعْ عَقْدًا وَلَا وَطْئًا. انْتَهَى.
وَتَقَدَّمَ فِي الْمُحَرَّمَاتِ فِي النِّكَاحِ " إذَا زَنَا بِامْرَأَةٍ، وَلَهُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ. هَلْ يَعْتَزِلُ الْأَرْبَعُ حَتَّى يَسْتَبْرِئَ لِلرَّابِعَةِ، أَوْ وَاحِدَةً؟ ".
تَنْبِيهٌ:
ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَغَيْرِهِ: جَوَازُ الِاخْتِيَارِ فِي حَالِ إحْرَامِهِ. وَهُوَ صَحِيحٌ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَنَصَرَاهُ. وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ، لِأَنَّهُ اسْتِدَامَةٌ. وَقَالَ الْقَاضِي: لَا يَخْتَارُ، وَالْحَالَةُ هَذِهِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ.
فَوَائِدُ:
إحْدَاهُمَا: مَوْتُ الزَّوْجَاتِ لَا يَمْنَعُ اخْتِيَارَهُنَّ. فَلَوْ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ ثَمَانِ نِسْوَةٍ، أَسْلَمَ مَعَهُ أَرْبَعَةٌ مِنْهُنَّ ثُمَّ مُتْنَ، ثُمَّ أَسْلَمَ الْبَوَاقِي فِي الْعِدَّةِ: فَلَهُ أَنْ يَخْتَارَ الْأَحْيَاءَ. وَيَتَبَيَّنَ أَنَّ الْفُرْقَةَ وَقَعَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَوْتَى بِاخْتِلَافِ الدِّينِ. فَلَا يَرِثُهُنَّ. وَلَهُ أَنْ يَخْتَارَ الْمَوْتَى فَيَرِثُهُنَّ. وَيَتَبَيَّنُ أَنَّ الْأَحْيَاءَ بِنَّ لِاخْتِلَافِ الدِّينِ، وَعِدَّتُهُنَّ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ. ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ؛ لِأَنَّ الِاخْتِيَارَ لَيْسَ بِإِنْشَاءِ عَقْدٍ فِي الْحَالِ. وَإِنَّمَا تَبِينُ بِهِ مَنْ كَانَتْ زَوْجَتُهُ. وَالتَّبَيُّنُ يَصِحُّ فِي الْمَوْتَى كَمَا يَصِحُّ فِي الْأَحْيَاءِ. وَقَالَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَغَيْرُهُمَا.
الثَّانِيَةُ: لَوْ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعٍ، أَوْ مَنْ لَا يَجُوزُ جَمْعُهُ فِي الْإِسْلَامِ. فَاخْتَارَ، وَانْفَسَخَ نِكَاحُ الْعَدَدِ الزَّائِدِ قَبْلَ الدُّخُولِ: فَلَا مَهْرَ لَهُنَّ. ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ، وَالْخِلَافِ. وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْمُغْنِي، وَالْمُحَرَّرِ. قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ: وَيَتَخَرَّجُ وَجْهٌ بِوُجُوبِ نِصْفِ الْمَهْرِ. الثَّالِثَةُ: صِفَةُ الِاخْتِيَارِ: أَنْ يَقُولَ " اخْتَرْت نِكَاحَ هَؤُلَاءِ " أَوْ " أَمْسَكْتهنَّ " أَوْ " اخْتَرْت حَبْسَهُنَّ " أَوْ " إمْسَاكَهُنَّ " أَوْ " نِكَاحَهُنَّ " وَنَحْوَهُ. أَوْ يَقُولَ " تَرَكْت هَؤُلَاءِ " أَوْ " فَسَخْت نِكَاحَهُنَّ " أَوْ " اخْتَرْت مُفَارَقَتَهُنَّ " وَنَحْوَهُ. فَيَثْبُتُ نِكَاحُ الْأُخَرِ. وَإِنْ لَمْ يَخْتَرْ: أُجْبِرَ عَلَيْهِ بِحَبْسٍ وَتَعْزِيرٍ
وَعِدَّةُ ذَوَاتِ الْفَسْخِ: مُنْذُ اخْتَارَ. عَلَى الصَّحِيحِ. قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَغَيْرِهِمْ. قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ: هَذَا الْمَشْهُورُ. وَقِيلَ: مُنْذُ أَسْلَمَ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ. وَيَأْتِي: إذَا اخْتَارَ أَرْبَعًا قَدْ أَسْلَمْنَ: أَنَّ عِدَّةَ الْبَوَاقِي، إنْ لَمْ يُسْلِمْنَ: مِنْ وَقْتِ إسْلَامِهِ. وَكَذَا إنْ أَسْلَمْنَ، عَلَى الصَّحِيحِ.
قَوْلُهُ (فَإِنْ طَلَّقَ إحْدَاهُنَّ، أَوْ وَطِئَهَا: كَانَ اخْتِيَارًا لَهَا) . وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْكَافِي، وَالْمُحَرَّرِ، وَالشَّرْحِ، وَالنَّظْمِ، وَالْوَجِيزِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَغَيْرِهِمْ. وَجَزَمَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ فِي الطَّلَاقِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْوَطْءِ. وَقَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ: وَإِنْ وَطِئَ كَانَ اخْتِيَارًا، فِي قِيَاسِ الْمَذْهَبِ. وَقَدَّمَهُ فِيهِمَا فِي الْفُرُوعِ. وَقِيلَ: لَيْسَ اخْتِيَارًا فِيهِمَا. وَفِي الْوَاضِحِ وَجْهٌ: أَنَّ الْوَطْءَ هُنَا كَالْوَطْءِ فِي الرَّجْعَةِ. وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ، فِي بَابِ الرَّجْعَةِ: أَنَّ الْوَطْءَ لَا يَكُونُ اخْتِيَارًا. قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ التَّاسِعَةِ بَعْدَ الْمِائَةِ: لَوْ أَسْلَمَ الْكَافِرُ، وَعِنْدَهُ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ، فَأَسْلَمْنَ، أَوْ كُنَّ كِتَابِيَّاتٍ فَالْأَظْهَرُ: أَنَّ لَهُ وَطْءَ أَرْبَعٍ مِنْهُنَّ. وَيَكُونُ اخْتِيَارًا مِنْهُ؛ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالزِّيَادَةِ عَلَى الْأَرْبَعِ. وَكَلَامُ الْقَاضِي قَدْ يَدُلُّ عَلَى هَذَا. وَقَدْ يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِ الْجَمِيعِ قَبْلَ الِاخْتِيَارِ. انْتَهَى.
تَنْبِيهٌ:
ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي الطَّلَاقِ: أَنَّهُ سَوَاءٌ كَانَ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ، أَوْ السَّرَاحِ، أَوْ الْفِرَاقِ. وَهُوَ صَحِيحٌ. لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَنْوِيَ بِلَفْظِ " السَّرَاحِ " أَوْ
الْفِرَاقِ " الطَّلَاقَ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ. قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْفُرُوعِ. وَقَالَ الْقَاضِي: فِي " الْفِرَاقِ " عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ يَكُونُ اخْتِيَارًا لِلْمُفَارَقَاتِ؛ لِأَنَّ لَفْظَ " الْفِرَاقِ " صَرِيحٌ فِي الطَّلَاقِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ: وَالْأَوَّلُ أَوْلَى. وَقَالَ فِي الْكَافِي، وَالْبُلْغَةِ، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَفِي لَفْظِ " الْفِرَاقِ " وَ " السَّرَاحِ " وَجْهَانِ، يَعْنُونَ: هَلْ يَكُونُ فَسْخًا لِلنِّكَاحِ، أَوْ اخْتِيَارًا لَهُ؟ وَاخْتَارَ فِي التَّرْغِيبِ: أَنَّ لَفْظَ " الْفِرَاقِ " هُنَا: لَيْسَ طَلَاقًا وَلَا اخْتِيَارًا، لِلْخَبَرِ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ طَلَّقَ الْجَمِيعَ ثَلَاثًا: أَقْرَعَ بَيْنَهُنَّ. فَأَخْرَجَ بِالْقُرْعَةِ أَرْبَعًا مِنْهُنَّ. وَلَهُ نِكَاحُ الْبَوَاقِي) . يَعْنِي بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهِنَّ. صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ. اخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْكَافِي، وَالْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقِيلَ: لَا قُرْعَةَ. وَيَحْرُمْنَ عَلَيْهِ. وَلَا يَبُحْنَ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ وَإِصَابَةٍ. قَالَ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ فِي كِتَابِ الْبَيْعِ: يُطَلِّقُ الْجَمِيعَ ثَلَاثًا. قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ: وَهَذَا يَرْجِعُ إلَى أَنَّ الطَّلَاقَ فَسْخٌ، وَلَيْسَ بِاخْتِيَارٍ. وَلَكِنْ يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ لِلرَّجُلِ فِي الْإِسْلَامِ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعِ زَوْجَاتٍ يَتَصَرَّفُ فِيهِنَّ بِخَصَائِصِ مِلْكِ النِّكَاحِ، مِنْ الطَّلَاقِ وَغَيْرِهِ. وَهُوَ بَعِيدٌ. وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله: أَنَّ الطَّلَاقَ هُنَا فَسْخٌ. وَلَا يَحْتَسِبُ بِهِ مِنْ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ. وَلَيْسَ بِاخْتِيَارٍ.
فَائِدَةٌ:
لَوْ وَطِئَ الْكُلَّ: تَعَيَّنَ لَهُ الْأَوَّلُ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ ظَاهَرَ، أَوْ آلَى مِنْ إحْدَاهُنَّ. فَهَلْ يَكُونُ اخْتِيَارًا لَهَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ) . وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُغْنِي، وَالْمُحَرَّرِ، وَالشَّرْحِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا. أَحَدُهُمَا: لَا يَكُونُ اخْتِيَارًا. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ. قَالَ فِي الْبُلْغَةِ: لَمْ يَكُنْ اخْتِيَارًا عَلَى الْأَصَحِّ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هَذَا أَشْهَرُ الْوَجْهَيْنِ. وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَنِهَايَةِ ابْنِ رَزِينٍ. وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ الْأَزَجِيُّ فِي مُنْتَخَبِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ، وَالْمُجَرَّدِ وَابْنُ عَقِيلٍ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَكُونُ اخْتِيَارًا. وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْكَافِي. قَالَ فِي الْمُنَوِّرِ: لَوْ ظَاهَرَ مِنْهَا فَمُخْتَارَةٌ. وَقَالَ فِي إدْرَاكِ الْغَايَةِ، وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ: وَطَلَاقُهُ وَوَطْؤُهُ اخْتِيَارٌ لِإِظْهَارِهِ وَإِيلَاؤُهُ فِي وَجْهٍ. قَوْلُهُ (وَإِنْ مَاتَ، فَعَلَى الْجَمِيعِ عِدَّةُ الْوَفَاةِ) . هَذَا أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ. اخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ.
وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ، وَغَيْرِهِمْ. قَالَ ابْنُ مُنَجَّا فِي شَرْحِهِ: هَذَا الْمَذْهَبُ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَلْزَمَهُنَّ أَطْوَلُ الْأَمْرَيْنِ: مِنْ ذَلِكَ، أَوْ ثَلَاثَةُ قُرُوءٍ. إنْ كُنَّ مِمَّنْ يَحِضْنَ، أَوْ إنْ كَانَتْ حَامِلًا فَبِوَضْعِهِ وَالْآيِسَةُ وَالصَّغِيرَةُ عِدَّةُ الْوَفَاةِ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. قَالَ الشَّارِحُ: هَذَا الصَّحِيحُ وَالْأَوْلَى. وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ لَا يَصِحُّ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْفُصُولِ، وَالْكَافِي، وَالْمُغْنِي. وَقَدَّمَهُ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْبُلْغَةِ، وَالْفُرُوعِ. وَقِيلَ: يَلْزَمُهُنَّ الْأَطْوَلُ مِنْ عِدَّةِ الْوَفَاةِ، أَوْ عِدَّةِ الطَّلَاقِ. وَقَطَعَ بِهِ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ. قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ: لَزِمَهُنَّ عِدَّةُ الْوَفَاةِ وَقِيلَ: يَلْزَمُ الْمَدْخُولَ بِهَا الْأَطْوَلُ مِنْ عِدَّةِ الْوَفَاةِ أَوْ عِدَّةِ طَلَاقٍ مِنْ حِينِ الْإِسْلَامِ. وَقِيلَ: هَذَا إنْ كُنَّ ذَوَاتِ أَقْرَاءٍ، وَإِلَّا فَعِدَّةُ وَفَاةٍ. كَمَنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا. انْتَهَى
فَوَائِدُ:
إحْدَاهَا: لَوْ أَسْلَمَ مَعَهُ الْبَعْضُ دُونَ الْبَعْضِ، وَلَسْنَ بِكِتَابِيَّاتٍ: لَمْ يُخَيَّرْ فِي غَيْرِ مُسْلِمَةٍ. وَلَهُ إمْسَاكُ مَنْ شَاءَ عَاجِلًا، وَتَأْخِيرُهُ حَتَّى يُسْلِمَ مَنْ بَقِيَ، أَوْ تَفْرُغَ عِدَّتُهُنَّ. هَذَا الْمَذْهَبُ. قَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالنَّظْمِ، وَغَيْرِهِمْ. وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمَا. وَقِيلَ: مَتَى نَقَصَ الْكَوَافِرُ عَنْ أَرْبَعٍ: لَزِمَهُ تَعْجِيلُهُ بِقَدْرِ النَّقْصِ.
وَإِذَا عَجَّلَ اخْتِيَارَ أَرْبَعٍ قَدْ أَسْلَمْنَ، فَعِدَّةُ الْبَوَاقِي إنْ لَمْ يُسْلِمْنَ: مِنْ وَقْتِ إسْلَامِهِ. كَذَا إنْ أَسْلَمْنَ عَلَى الصَّحِيحِ. قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالزُّبْدَةِ. وَصَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَغَيْرِهِمَا وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَغَيْرِهِ. وَقِيلَ: تَعْتَدُّ مِنْ وَقْتِ اخْتِيَارِهِ. قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ: وَهُوَ أَوْلَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ. وَإِذَا انْقَضَتْ عِدَّةُ الْبَوَاقِي، وَلَمْ يُسْلِمْ إلَّا أَرْبَعٌ أَوْ أَقَلُّ: فَقَدْ لَزِمَ نِكَاحُهُنَّ. وَلَوْ اخْتَارَ أَوَّلًا فَسْخَ نِكَاحِ مُسْلِمَةٍ: صَحَّ إنْ تَقَدَّمَهُ إسْلَامُ أَرْبَعٍ سِوَاهَا. وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ بِحَالٍ. وَهَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ. قَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَغَيْرِهِ. وَقِيلَ: يُوقَفُ. فَإِنْ نَكَلَ بَعْدَ إسْلَامِ أَرْبَعٍ سِوَاهَا ثَبَتَ الْفَسْخُ فِيهَا وَإِلَّا بَطَلَ. الثَّانِيَةُ: لَوْ أَسْلَمَتْ الْمَرْأَةُ، وَلَهَا زَوْجَانِ أَوْ أَكْثَرُ، تَزَوَّجَاهَا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ: لَمْ يَكُنْ لَهَا تَخْتَارُ أَحَدَهُمَا. ذَكَرَهُ الْقَاضِي مَحَلُّ وِفَاقٍ. الثَّالِثَةُ: قَوْلُهُ (وَإِنْ كَانَ دَخَلَ بِالْأُمِّ: فَسَدَ نِكَاحُهُمَا) . بِلَا نِزَاعٍ لَكِنَّ الْمَهْرَ يَكُونُ لِلْأُمِّ. قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْفُرُوعِ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ إمَاءٌ، فَأَسْلَمْنَ مَعَهُ وَكَانَ فِي حَالِ اجْتِمَاعِهِمْ عَلَى الْإِسْلَامِ مِمَّنْ يَحِلُّ وَالْإِمَاءُ: فَلَهُ الِاخْتِيَارُ مِنْهُنَّ، وَإِلَّا فَسَدَ نِكَاحُهُنَّ) . هَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إنْ كَانَ قَدْ دَخَلَ بِهِنَّ ثُمَّ أَسْلَمَ، ثُمَّ أَسْلَمْنَ فِي عِدَّتِهِنَّ: لَا يَجُوزُ لَهُ الِاخْتِيَارُ هُنَا، بَلْ يَبِنُّ بِمُجَرَّدِ إسْلَامِهِ. وَرَدَّهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ أَسْلَمَ وَهُوَ مُوسِرٌ، فَلَمْ يُسْلِمْنَ حَتَّى أَعْسَرَ: فَلَهُ الِاخْتِيَارُ مِنْهُنَّ) . قَطَعَ بِهِ الْأَصْحَابُ. وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: اخْتَارَ إنْ جَازَ لَهُ نِكَاحُهُنَّ وَقْتَ اجْتِمَاعِ إسْلَامِهِ بِإِسْلَامِهِنَّ، وَإِلَّا فَسَدَ. وَإِنْ تَنَجَّزَتْ الْفُرْقَةُ: اُعْتُبِرَ عَدَمُ الطَّوْلِ، وَخَوْفُ الْعَنَتِ وَقْتَ إسْلَامِهِ. قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ.
تَنْبِيهٌ:
مَفْهُومُ قَوْلِهِ (وَإِنْ عَتَقَتْ، ثُمَّ أَسْلَمَتْ، ثُمَّ أَسْلَمْنَ: لَمْ يَكُنْ لَهُ الِاخْتِيَارُ مِنْ الْبَوَاقِي) . أَنَّهَا لَوْ عَتَقَتْ ثُمَّ أَسْلَمَتْ بِحَدِّ إسْلَامِهِنَّ: كَانَ لَهُ الِاخْتِيَارُ. وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَيْسَ لَهُ الِاخْتِيَارُ، بَلْ تَتَعَيَّنُ الْأُولَى إنْ كَانَتْ تُعِفُّهُ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي، وَغَيْرِهِمْ.
تَنْبِيهٌ:
قَوْلُهُ (وَإِنْ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ حُرَّةٌ وَإِمَاءٌ. فَأَسْلَمَتْ الْحُرَّةُ فِي عِدَّتِهَا قَبْلَهُنَّ، أَوْ بَعْدَهُنَّ: انْفَسَخَ نِكَاحُهُنَّ) . وَتَعَيَّنَتْ الْحُرَّةُ إنْ كَانَتْ تُعِفَّهُ. هَذَا مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ تُعْتَقْ الْإِمَاءُ، ثُمَّ يُسْلِمْنَ فِي الْعِدَّةِ. فَأَمَّا إنْ عَتَقْنَ، ثُمَّ أَسْلَمْنَ فِي الْعِدَّةِ: فَإِنَّ حُكْمَهُنَّ كَالْحَرَائِرِ.
فَائِدَةٌ:
قَوْلُهُ (وَإِنْ أَسْلَمَ عَبْدٌ وَتَحْتَهُ إمَاءٌ، فَأَسْلَمْنَ مَعَهُ ثُمَّ عَتَقَ: فَلَهُ أَنْ يَخْتَارَ مِنْهُنَّ) .
هَذَا صَحِيحٌ. لَكِنْ لَوْ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ أَرْبَعُ إمَاءٍ، فَأَسْلَمَتْ ثِنْتَانِ. ثُمَّ عَتَقْنَ، فَأَسْلَمَتْ الثِّنْتَانِ الْبَاقِيَتَانِ كَانَ لَهُ أَنْ يَخْتَارَ مِنْ الْجَمِيعِ أَيْضًا. عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَتَعَيَّنُ الْأُولَتَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ أَسْلَمَ وَعَتَقَ، ثُمَّ أَسْلَمْنَ: فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْحُرِّ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَخْتَارَ مِنْهُنَّ إلَّا بِوُجُودِ الشَّرْطَيْنِ فِيهِ) . بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ.
فَائِدَةٌ:
لَوْ كَانَ تَحْتَهُ أَحْرَارٌ، فَأَسْلَمَ وَأَسْلَمْنَ مَعَهُ: لَمْ يَكُنْ لِلْحُرَّةِ خِيَارُ الْفَسْخِ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ. قَالَ الْقَاضِي، وَابْنُ عَقِيلٍ: هَذَا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ. وَقَالَ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ: هُوَ كَالْعَيْبِ الْحَادِثِ.