الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[كِتَابُ الصَّدَاقِ]
ِ فَائِدَةٌ:
لِلْمُسَمَّى فِي الْعَقْدِ ثَمَانِيَةُ أَسْمَاءٍ " الصَّدَاقُ، وَالصَّدُقَةُ " بِضَمِّ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ. وَمِنْهُ {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} [النساء: 4] وَ " الطَّوْلُ " وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلا} [النساء: 25] أَيْ مَهْرَ حُرَّةٍ. وَ " النِّحْلَةُ، وَالْأَجْرُ، وَالْفَرِيضَةُ، وَالْمَهْرُ وَالنِّكَاحُ " وَمِنْهُ {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا} [النور: 33] وَ " الْعَلَائِقُ " وَ " الْعُقْرُ " بِضَمِّ الْعَيْنِ وَسُكُونِ الْقَافِ وَ " الْحِبَاءُ " مَمْدُودًا مَعَ كَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ.
قَوْلُهُ (وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَعْرَى النِّكَاحُ عَنْ تَسْمِيَتِهِ) الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّ تَسْمِيَةَ الصَّدَاقِ فِي الْعَقْدِ مُسْتَحَبَّةٌ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَقَالَ فِي التَّبْصِرَةِ: يُكْرَهُ تَرْكُ التَّسْمِيَةِ فِيهِ. وَيَأْتِي ذِكْرُ الْخِلَافِ.
تَنْبِيهٌ:
قَوْلُهُ " وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَعْرَى النِّكَاحُ عَنْ تَسْمِيَتِهِ ". هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَصْلٍ. وَهُوَ أَنَّ الصَّدَاقَ: هَلْ هُوَ حَقٌّ لِلَّهِ، أَوْ لِلْآدَمِيِّ؟ . قَالَ الْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ، وَأَبُو الْخَطَّابِ، وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِهِ، فِي كُتُبِ الْخِلَافِ: هُوَ حَقٌّ لِلْآدَمِيِّ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ إسْقَاطَهُ بَعْدَ ثُبُوتِهِ وَالْعَفْوَ عَنْهُ وَتَرَدَّدَ ابْنُ عَقِيلٍ، فَقَالَ مَرَّةً كَذَلِكَ، وَقَالَ أُخْرَى: هُوَ حَقٌّ لِلَّهِ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ لَا يَعْرَى عَنْهُ ثُبُوتًا وَلُزُومًا. فَهُوَ كَالشَّهَادَةِ. وَقَالَهُ أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ قِيَاسُ الْمَنْصُوصِ فِي وُجُوبِ الْمَهْرِ، فِيمَا إذَا زَوَّجَ عَبْدَهُ مِنْ أَمَتِهِ. فَإِنْ قِيلَ بِالْأَوَّلِ وَهُوَ كَوْنُهُ حَقًّا لِلْآدَمِيِّ فَالْحِلُّ مُسْتَفَادٌ مِنْ الْعَقْدِ بِمُجَرَّدِهِ وَيُسْتَحَبُّ ذِكْرُهُ فِيهِ، وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ. وَهَلْ هُوَ عِوَضٌ حَقِيقِيٌّ، أَمْ لَا؟
لِلْأَصْحَابِ فِيهِ تَرَدُّدٌ. وَمِنْهُمْ مَنْ ذَكَرَ احْتِمَالَيْنِ. وَيَنْبَنِي عَلَى ذَلِكَ لَوْ أَخَذَهُ بِالشُّفْعَةِ وَغَيْرُ ذَلِكَ. وَإِنْ قِيلَ: هُوَ حَقٌّ لِلَّهِ. فَالْحِلُّ مُرَتَّبٌ عَلَيْهِ مَعَ الْعَقْدِ. وَتَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ كِتَابِ النِّكَاحِ " هَلْ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ الْمَنْفَعَةُ أَوْ الْحِلُّ؟ "
قَوْلُهُ (وَأَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى صَدَاقِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَبَنَاتِهِ. وَهُوَ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ) . وَكَذَا قَالَ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَغَيْرِهِ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ: يُسَنُّ أَنْ لَا يَعْبُرَ خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ. وَقَالَ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالْوَجِيزِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ: مِنْ أَرْبَعِمِائَةٍ إلَى خَمْسِمِائَةٍ وَقَالَ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ: قَوْلُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله " أَرْبَعِمِائَةٍ " يَعْنِي مِنْ الدَّرَاهِمِ الَّتِي وَزْنُ الدِّرْهَمِ مِنْهَا مِثْقَالٌ. فَيَكُونُ الْأَرْبَعُمِائَةِ خَمْسَمِائَةٍ، أَوْ قَرِيبًا مِنْهَا بِضَرْبِ الْإِسْلَامِ. وَقَدَّمَ فِي التَّرْغِيبِ: أَنَّ السُّنَّةَ أَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى مَهْرِ بَنَاتِهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ أَرْبَعُمِائَةٍ. قَالَ فِي الْبُلْغَةِ: السُّنَّةُ أَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى مَهْرِ بَنَاتٍ صلى الله عليه وسلم. وَهُوَ أَرْبَعُمِائَةِ دِرْهَمٍ. وَقِيلَ: عَلَى مَهْرِ نِسَائِهِ. وَهُوَ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: يُسْتَحَبُّ جَعْلُهُ خَفِيفًا أَرْبَعَمِائَةٍ كَصَدَاقِ بَنَاتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَإِلَى خَمْسِمِائَةٍ كَصَدَاقِ زَوْجَاتِهِ. وَقِيلَ: بَنَاتُهُ. انْتَهَى.
قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: وَرُوِيَ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله: أَنَّهُ قَالَ " الَّذِي نُحِبُّهُ: أَرْبَعُمِائَةِ دِرْهَمٍ، عَلَى فِعْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي بَنَاتِهِ ".
قَالَ الْقَاضِي: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا أَصْدَقَ بَنَاتِهِ غَيْرَ مَا أَصْدَقَهُ زَوْجَاتِهِ» ؛ لِأَنَّ حَدِيثَ عَائِشَةَ «أَنَّهُ أَصْدَقَ نِسَاءَهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ أُوقِيَّةً وَنَشًّا» وَالنَّشُّ: نِصْفُ أُوقِيَّةٍ. وَهُوَ عِشْرُونَ دِرْهَمًا. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله: كَلَامُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ يَقْتَضِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ الصَّدَاقُ أَرْبَعَمِائَةِ دِرْهَمٍ. وَهُوَ الصَّوَابُ، مَعَ الْقُدْرَةِ وَالْيَسَارِ. فَيُسْتَحَبُّ بُلُوغُهُ، وَلَا يُزَادُ عَلَيْهِ. قَالَ: وَكَلَامُ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ: يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ. بَلْ يَكُونُ بُلُوغُهُ مُبَاحًا. انْتَهَى.
قَوْلُهُ (وَلَا يَتَقَدَّرُ أَقَلُّهُ وَلَا أَكْثَرُهُ، بَلْ كُلُّ مَا جَازَ أَنْ يَكُونَ ثَمَنًا أَوْ أُجْرَةً: جَازَ أَنْ يَكُونَ صَدَاقًا) . هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَقَطَعُوا بِهِ. وَاشْتَرَطَ الْخِرَقِيُّ أَنْ يَكُونَ لَهُ نِصْفٌ يَحْصُلُ. فَلَا يَجُوزُ عَلَى فَلْسٍ وَنَحْوِهِ. وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ، وَالْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ. وَفَسَّرُوهُ بِنِصْفٍ يَتَحَوَّلُ عَادَةً. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَيْسَ فِي كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ هَذَا الشَّرْطُ. وَكَذَا كَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، حَتَّى بَالَغَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي ضِمْنِ، كَلَامٍ لَهُ فَجَوَّزَ الصَّدَاقَ بِالْحَبَّةِ وَالتَّمْرَةِ الَّتِي يُنْتَبَذُ مِثْلُهَا. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَا يُعْرَفُ ذَلِكَ.
فَائِدَةٌ:
ذَكَرَ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ، وَالْمُصَنِّفُ فِي الْمُغْنِي، وَغَيْرُهُمَا: أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَا يَنْقُصُ الْمَهْرُ عَنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ تَزَوَّجَهَا) يَعْنِي الْحُرَّ (عَلَى مَنَافِعِهِ مُدَّةً مَعْلُومَةً. فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ) .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ.
إحْدَاهُمَا: يَصِحُّ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. جَزَمَ بِهِ فِي تَذْكِرَةِ ابْنِ عَقِيلٍ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ، وَالْكَافِي، وَالْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِمْ. وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَصَاحِبُ الْبُلْغَةِ، وَالنَّظْمِ، وَالتَّصْحِيحِ، وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ، وَغَيْرِهِمْ. وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ، وَغَيْرُهُ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يَصِحُّ. وَذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله قَوْلًا: أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ يَخْتَصُّ بِالْخِدْمَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمِهْنَةِ وَالْمُنَافَاةِ. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله: وَإِذَا لَمْ تَصِحَّ الْخِدْمَةُ صَدَاقًا، فَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ: أَنَّهُ يَجِبُ قِيمَةُ الْمَنْفَعَةِ الْمَشْرُوطَةِ، إلَّا إذَا عَلِمَا أَنَّ هَذِهِ الْمَنْفَعَةَ لَا تَكُونُ صَدَاقًا. فَيُشْبِهُ مَا لَوْ أَصْدَقَهَا مَالًا مَغْصُوبًا، فِي أَنَّ الْوَاجِبَ مَهْرُ الْمِثْلِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ تَنْبِيهٌ:
ذَكَرَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّبْصِرَةِ، وَالتَّرْغِيبِ، وَالْبُلْغَةِ، وَغَيْرِهِمْ: الرِّوَايَتَيْنِ فِي " مَنَافِعِهِ مُدَّةً مَعْلُومَةً " كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ هُنَا. وَأَطْلَقُوا الْمَنْفَعَةَ، وَلَمْ يُقَيِّدُوهَا بِالْعِلْمِ، لَكِنْ قَيَّدُوهَا بِالْمُدَّةِ الْمَعْلُومَةِ. ثُمَّ قَالُوا بَعْدَ ذَلِكَ: وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَصِحُّ فِي خِدْمَةٍ مَعْلُومَةٍ، كَبِنَاءِ حَائِطٍ، وَخِيَاطَةِ ثَوْبٍ. وَلَا يَصِحُّ إنْ كَانَتْ مَجْهُولَةً، كَرَدِّ عَبْدِهَا الْآبِقِ، أَوْ خِدْمَتِهَا فِي أَيِّ شَيْءٍ أَرَادَتْهُ سَنَةً. فَقَيَّدَ الْمَنْفَعَةَ بِالْعِلْمِ. وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُدَّةَ. وَهُوَ الصَّوَابُ. وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَفِي " مَنْفَعَتِهِ الْمَعْلُومَةِ مُدَّةً مَعْلُومَةً " رِوَايَتَانِ. ثُمَّ ذَكَرَ بَعْضَ مَنْ نَقَلَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ، فَقَيَّدَ الْمَنْفَعَةَ وَالْمُدَّةَ بِالْعِلْمِ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَفِي مَنْفَعَةِ نَفْسِهِ وَقِيلَ: الْمُقَدَّرَةُ رِوَايَتَانِ.
وَقِيلَ: إنْ عَيَّنَا الْعَمَلَ: صَحَّ. وَإِلَّا فَلَا.
فَوَائِدُ:
إحْدَاهَا: لَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى مَنَافِعِ حُرِّ غَيْرِهِ مُدَّةً مَعْلُومَةً: صَحَّ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. جَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَغَيْرِهِ. وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَغَيْرُهُمَا. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ. وَقِيلَ: هِيَ كَالْأُولَى. وَقَالَهُ الْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ، وَابْنُ عَقِيلٍ. الثَّانِيَةُ: لَا يَضُرُّ جَهْلٌ يَسِيرٌ، وَلَا غَرَرٌ يُرْجَى زَوَالُهُ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ وَقِيلَ: يَضُرُّ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ: لَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ لَهَا عَبْدَ زَيْدٍ: صَحَّ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ. فَعَلَى الْمَنْصُوصِ: لَوْ تَعَذَّرَ شِرَاؤُهُ بِقِيمَتِهِ، فَلَهَا قِيمَتُهُ.
الثَّالِثَةُ: يَصِحُّ عَقْدُهُ أَيْضًا عَلَى دَيْنِ سَلَمٍ، وَغَيْرِهِ. وَعَلَى غَيْرِ مَقْدُورٍ لَهُ كَآبِقٍ، وَمُغْتَصِبٍ يُحَصِّلُهُ. وَعَلَى مَبِيعٍ اشْتَرَاهُ وَلَمْ يَقْبِضْهُ. نَصَّ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَغَيْرِهِ. وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقِيلَ: لَا تَصِحُّ التَّسْمِيَةُ فِي الْجَمِيعِ، كَثَوْبٍ، وَدَابَّةٍ، وَرَدِّ عَبْدِهَا أَيْنَ كَانَ. وَخِدْمَتِهَا سَنَةً فِيمَا شَاءَتْ، كَمَا تَقَدَّمَ، وَمَا يُثْمِرُ شَجَرُهُ، وَمَتَاعِ بَيْتِهِ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ أَصْدَقَهَا تَعْلِيمَ أَبْوَابٍ مِنْ الْفِقْهِ، أَوْ الْحَدِيثِ، أَوْ قَصِيدَةٍ مِنْ الشِّعْرِ الْمُبَاحِ: صَحَّ) . وَكَذَا لَوْ أَصْدَقَهَا تَعَلُّمَ شَيْءٍ مِنْ الْأَدَبِ، أَوْ صَنْعَةٍ، أَوْ كِتَابَةٍ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ. أَطْلَقَهُ كَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ هُنَا.
قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهِ، فِي الْقَصِيدَةِ: يَصِحُّ رِوَايَةً وَاحِدَةً. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ. قَالَ فِي الْبُلْغَةِ، وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ: وَيَصِحُّ عَلَى تَعْلِيمِ حَدِيثٍ، وَفِقْهٍ، وَشِعْرٍ مُبَاحٍ. وَقَطَعَا بِهِ. وَقَيَّدَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالْمَجْدُ، وَالشَّارِحُ، وَالْحَاوِي، وَغَيْرُهُمْ، بِمَا إذَا قُلْنَا: يَجُوزُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَى تَعْلِيمِهَا. وَجَزَمَ فِي الْمُنَوِّرِ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ. وَقَدَّمَهُ فِي النَّظْمِ فِي الْفِقْهِ. وَأَطْلَقَ فِي الْفُرُوعِ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ، فِي جَوَازِ أَخْذِ الْأُجْرَةِ عَلَى تَعْلِيمِ الْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ الْوَجْهَيْنِ. كَمَا تَقَدَّمَ هُنَاكَ. قَوْلُهُ (وَإِنْ كَانَ لَا يَحْفَظُهَا: لَمْ يَصِحَّ) . وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ. قَالَ الشَّارِحُ: يُنْظَرُ فِي قَوْلِهِ. فَإِنْ قَالَ " أُحَصِّلُ لَك تَعْلِيمَ هَذِهِ السُّورَةِ " صَحَّ؛ لِأَنَّ هَذَا مَنْفَعَةٌ فِي ذِمَّتِهِ لَا يَخْتَصُّ بِهَا. فَجَازَ أَنْ يَسْتَأْجِرَ عَلَيْهَا مَنْ يُحْسِنُهَا. وَإِنْ قَالَ " عَلَى أَنْ أُعَلِّمَك " فَذَكَرَ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ: أَنَّهُ لَا يَصِحُّ. وَذَكَرَ فِي الْمُجَرَّدِ احْتِمَالًا بِالصِّحَّةِ. أَشْبَهَ مَا لَوْ أَصْدَقهَا مَالًا فِي ذِمَّتِهِ، وَلَوْ كَانَ مُعْسِرًا بِهِ. قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ: وَيَصِحُّ عَلَى قَصِيدَةٍ لَا يُحْسِنُهَا، فَيَتَعَلَّمُهَا ثُمَّ يُعَلِّمُهَا. وَقِيلَ: لَا تَصِحُّ التَّسْمِيَةُ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، فِي الْقِرَاءَةِ: لَوْ شَرَطَ سُورَةً لَا يَعْرِفُهَا: تَعَلَّمَ وَعَلَّمَ. كَمَنْ شَرَطَ تَعْلِيمَهَا. وَقِيلَ: يَبْطُلُ. وَقَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: وَإِنْ أَصْدَقَهَا تَعْلِيمَ فِقْهٍ، أَوْ حَدِيثٍ، أَوْ أَدَبٍ، أَوْ شِعْرٍ مُبَاحٍ مَعْلُومٍ، أَوْ صَنْعَةٍ، أَوْ كِتَابَةٍ: صَحَّ. وَفُرُوعُهُ كَفُرُوعِ الْقِرَاءَةِ. انْتَهَى.
قَوْلُهُ (وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَصِحَّ، وَيَتَعَلَّمَهَا ثُمَّ يُعَلِّمَهَا) . وَهَذَا الْمَذْهَبُ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَهُوَ الَّذِي قَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. قَالَ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ: يَصِحُّ. وَلَوْ لَمْ يَحْفَظْهُ نَصًّا.
فَائِدَةٌ:
قَوْلُهُ (وَإِنْ تَعَلَّمَتْهَا مِنْ غَيْرِهِ: لَزِمَهُ أُجْرَةُ تَعْلِيمِهَا) . وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ. لَكِنْ لَوْ ادَّعَى الزَّوْجُ: أَنَّهُ عَلَّمَهَا، وَادَّعَتْ أَنَّ غَيْرَهُ عَلَّمَهَا: كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهَا، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. قَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَغَيْرِهِ. وَقِيلَ: الْقَوْلُ قَوْلُهُ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَقَبْلَ تَعَلُّمِهَا: فَعَلَيْهِ نِصْفُ الْأُجْرَةِ) وَهُوَ الْمَذْهَبُ. جَزَمَ بِهِ فِي الْفُصُولِ، وَالْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ نِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُعَلِّمَهَا نِصْفَهَا. بِشَرْطِ أَمْنِ الْفِتْنَةِ. وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله. وَوَجْهٌ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَغَيْرِهِمَا. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْخُلَاصَةِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ. فَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ: يُعَلِّمُهَا مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ مِنْ غَيْرِ خَلْوَةٍ بِهَا.
فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا: وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ طَلَّقَهَا بَعْدَ الدُّخُولِ، وَقَبْلَ تَعْلِيمِهَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ، وَغَيْرُهُمَا. فَعَلَيْهِ الْأُجْرَةُ كَامِلَةً.
وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ مَهْرُ الْمِثْلِ. وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ تَعْلِيمُهَا كَامِلَةً لَهَا قِيَاسًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ قَبْلَهُ. الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ (وَإِنْ كَانَ بَعْدَ تَعْلِيمِهَا: رَجَعَ عَلَيْهَا بِنِصْفِ الْأُجْرَةِ) بِلَا نِزَاعٍ. وَلَوْ حَصَلَتْ الْفُرْقَةُ مِنْ جِهَتِهَا: رَجَعَ بِالْأُجْرَةِ كَامِلَةً عَلَيْهَا.
قَوْلُهُ (وَإِنْ أَصْدَقَهَا تَعْلِيمَ شَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ مُعَيَّنٍ: لَمْ يَصِحَّ) . هَذَا الْمَذْهَبُ نَصَّ عَلَيْهِ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. مِنْهُمْ: أَبُو بَكْرٍ، وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ، وَابْنُ مُنَجَّا، وَغَيْرُهُمْ. وَصَحَّحَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ، وَغَيْرِهِمْ. قَالَ فِي الْبُلْغَةِ، وَالنَّظْمِ: هَذَا الْمَشْهُورُ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَمُنْتَخَبِ الْأَدَمِيِّ، وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ. وَعَنْهُ: يَصِحُّ. قَالَ ابْنُ رَزِينٍ: هَذَا الْأَظْهَرُ. وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي تَذْكِرَةِ ابْنِ عَقِيلٍ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ. وَقِيلَ: يَصِحُّ مُطْلَقًا. وَقِيلَ: بَلْ يَصِحُّ إنْ جَازَ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَيْهِ. ذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. قُلْت: الَّذِي يَظْهَرُ: أَنَّ هَذَا مُرَادُ مَنْ قَالَ " لَا يَصِحُّ " وَأَطْلَقَ. وَأَنَّ الْخِلَافَ مَبْنِيٌّ عَلَى جَوَازِ أَخْذِ الْأُجْرَةِ عَلَى ذَلِكَ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ. قَوْلُهُ (وَلَا يَحْتَاجُ إلَى ذِكْرِ قِرَاءَةٍ مَنْ) . يَعْنِي عَلَى الْقَوْلِ بِالصِّحَّةِ: لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يُعَيِّنَ قِرَاءَةَ شَخْصٍ مِنْ الْقُرَّاءِ. وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ. اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ.
وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: يَحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ. وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ. وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ مُنَجَّا فِي شَرْحِهِ.
فَوَائِدُ:
الْأُولَى: هَلْ يَتَوَقَّفُ الْحُكْمُ بِقَبْضِ السُّورَةِ عَلَى تَلْقِينِ جَمِيعِهَا، أَوْ تَلْقِينِ كُلِّ آيَةٍ قَبَضَ لَهَا؟ فِيهِ احْتِمَالَانِ. ذَكَرَهُمَا الْأَزَجِيُّ. قُلْت: الصَّوَابُ، الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ: أَنَّ تَلْقِينَ كُلِّ آيَةٍ قَبَضَ لَهَا؛ لِأَنَّ تَعْلِيمَ كُلِّ آيَةٍ يَحْصُلُ بِهِ نَفْعٌ كَامِلٌ. فَهُوَ كَقَبْضِ بَعْضِ الصَّدَاقِ إذَا كَانَ عَيْنًا. الثَّانِيَةُ: أَجْرَى فِي الْوَاضِحِ الرِّوَايَتَيْنِ فِي بَقِيَّةِ الْقُرَبِ كَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَنَحْوِهِمَا.
الثَّالِثَةُ: لَا يَصِحُّ إصْدَاقُ الذِّمِّيَّةِ شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ. وَإِنْ صَحَّحْنَاهُ فِي حَقِّ الْمُسْلِمَةِ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَقِيلَ: يَصِحُّ. قَالَ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ، وَابْنُ عَقِيلٍ: يَصِحُّ بِقَصْدِهَا الِاهْتِدَاءَ. وَقَطَعَ بِهِ فِي الْمُذْهَبِ وَتَقَدَّمَ فِي أَحْكَامِ أَهْلِ الذِّمَّةِ: أَنَّهُمْ يُمْنَعُونَ مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ.
الرَّابِعَةُ: لَوْ طَلَّقَهَا وَوُجِدَتْ حَافِظَةً لِمَا أَصْدَقَهَا، وَتَنَازَعَا: هَلْ عَلَّمَهَا الزَّوْجُ أَمْ لَا؟ فَأَيُّهُمَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ. أَطْلَقَهُمَا فِي الْقَاعِدَةِ الثَّالِثَةَ عَشْرَ. قُلْت: الصَّوَابُ قَبُولُ قَوْلِهَا. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ.
قَوْلُهُ (وَإِذَا تَزَوَّجَ نِسَاءً بِمَهْرٍ وَاحِدٍ، وَخَالَعَهُنَّ بِعِوَضٍ وَاحِدٍ: صَحَّ وَيُقْسَمُ بَيْنَهُنَّ عَلَى قَدْرِ مُهُورِهِنَّ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ) . وَهُوَ الْمَذْهَبُ. اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ، وَالْقَاضِي، وَالْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ. وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَمُنْتَخَبِ الْأَزَجِيِّ. وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ. وَفِي الْآخَرِ: يُقْسَمُ بَيْنَهُنَّ بِالسَّوِيَّةِ. اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ. وَذَكَرَهُ ابْنُ رَزِينٍ رِوَايَةً. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْخُلَاصَةِ. وَقِيلَ فِي الْخُلْعِ: يُقْسَمُ عَلَى قَدْرِ مُهُورِهِنَّ. وَفِي الصَّدَاقِ: يُقْسَمُ بَيْنَهُنَّ بِالسَّوِيَّةِ. [وَقَالَ: الصَّدَاقُ يُقْسَمُ بَيْنَهُنَّ بِالسَّوِيَّةِ عَلَى عَدَدِهِنَّ. وَفِي الْمُحَرَّرِ. وَالْفُرُوعِ. وَغَيْرِهِمَا، فِي الْخُلْعِ: أَنَّ الْعِوَضَ يُقْسَمُ بَيْنَهُنَّ عَلَى قَدْرِ مُهُورِهِنَّ الْمُسَمَّاةِ لَهُنَّ. وَالْقَوْلَانِ الْأَوَّلَانِ فِيهِمَا عَلَى قَدْرِ مُهُورِ مِثْلِهِنَّ أَوْ عَلَى عَدَدِهِنَّ بِالتَّسْوِيَةِ، كَالْقَوْلَيْنِ فِي الصَّدَاقِ وَنَحْوِهِ] .
فَائِدَةٌ:
لَوْ كَانَ عَقْدُ بَعْضِهِنَّ فَاسِدًا: فَفِيهِ الْخِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَقِيلَ: لِلَّتِي عَقْدُهَا فَاسِدٌ: مَهْرُ الْمِثْلِ. وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي التَّرْغِيبِ مِنْ صِحَّةِ الْعُقُودِ
قَوْلُهُ (وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا كَالثَّمَنِ. فَإِنْ أَصْدَقَهَا دَارًا غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ، أَوْ دَابَّةً: لَمْ يَصِحَّ) . وَهَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا. اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَغَيْرُهُ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ ابْنُ مُنَجَّا فِي. وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ. وَقَالَ الْقَاضِي: يَصِحُّ مَجْهُولًا، مَا لَمْ تَزِدْ جَهَالَتُهُ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ. فَعَلَيْهِ: لَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ، أَوْ فَرَسٍ أَوْ بَغْلٍ، أَوْ حَيَوَانٍ مِنْ جِنْسٍ مَعْلُومٍ، أَوْ ثَوْبٍ هَرَوِيٍّ أَوْ مَرْوِيٍّ، وَمَا أَشْبَهَهُ مِمَّا يُذْكَرُ جِنْسُهُ: صَحَّ. وَلَهَا الْوَسَطُ وَكَذَا لَوْ أَصْدَقَهَا قَفِيزَ حِنْطَةٍ، أَوْ عَشْرَةَ أَرْطَالِ زَيْتٍ، وَمَا أَشْبَهَهُ. فَإِنْ كَانَتْ الْجَهَالَةُ تَزِيدُ عَلَى جَهَالَةِ مَهْرِ الْمِثْلِ كَثَوْبٍ، أَوْ دَابَّةٍ، أَوْ حَيَوَانٍ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الْجِنْسِ، أَوْ عَلَى حُكْمِهَا، أَوْ حُكْمِ أَجْنَبِيٍّ، أَوْ عَلَى حِنْطَةٍ، أَوْ زَبِيبٍ، أَوْ عَلَى مَا اكْتَسَبَهُ فِي الْعَامِّ: لَمْ يَصِحَّ. ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَغَيْرُهُمَا. وَيَأْتِي مَعْنَى هَذَا قَرِيبًا عِنْدَ قَوْلِهِ " وَكَذَلِكَ يَخْرُجُ إذَا أَصْدَقَهَا دَابَّةً مِنْ دَوَابِّهِ وَنَحْوِهِ ".
قَوْلُهُ (وَإِنْ أَصْدَقَهَا عَبْدًا مُطْلَقًا: لَمْ يَصِحَّ) وَهُوَ الْمَذْهَبُ. اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو الْخَطَّابِ، وَالْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْكَافِي، وَنَصَرَهُ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَمُنْتَخَبِ الْأَدَمِيِّ. قَالَ ابْنُ مُنَجَّا: هَذَا الْمَذْهَبُ. وَقَالَ الْقَاضِي: يَصِحُّ. وَلَهَا الْوَسَطُ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَظَاهِرُ نَصِّهِ صِحَّتُهُ. وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ، وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَقَالَ: نَصَّ عَلَيْهِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ. وَظَاهِرُ الْمُسْتَوْعِبِ، وَالْفُرُوعِ: الْإِطْلَاقُ.
فَائِدَةٌ:
قَوْلُهُ (وَهُوَ السِّنْدِيُّ) . قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْفُرُوعِ: لَهَا فِي الْمُطْلَقِ وَسَطُ رَقِيقِ الْبَلَدِ نَوْعًا وَقِيمَةً كَالسِّنْدِيِّ بِالْعِرَاقِ. زَادَ فِي الْفُرُوعِ، فَقَالَ: لِأَنَّ أَعْلَى الْعَبِيدِ: التُّرْكِيُّ وَالرُّومِيُّ، وَأَدْنَاهُمْ: الزِّنْجِيُّ، وَالْحَبَشِيُّ. وَالْوَسَطُ: السِّنْدِيُّ وَالْمَنْصُورِيُّ. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله: نَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رحمه الله فِي رِوَايَةِ جَعْفَرٍ النَّسَائِيّ أَنَّ لَهَا وَسَطًا، يَعْنِي: فِيمَا إذَا أَصْدَقَهَا عَبْدًا مِنْ عَبِيدِهِ، عَلَى قَدْرِ مَا يُخْدَمُ مِثْلُهَا. وَهَذَا تَقْيِيدٌ لِلْوَسَطِ بِأَنْ يَكُونَ مِمَّا يُخْدَمُ مِثْلُهَا. انْتَهَى.
وَقَالَ أَيْضًا: وَاَلَّذِي يَنْبَغِي فِي سَائِرِ أَصْنَافِ الْمَالِ كَالْعَبْدِ، وَالشَّاةِ، وَالْبَقَرَةِ، وَالثِّيَابِ، وَنَحْوِهَا أَنَّهُ إذَا أَصْدَقَهَا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ: أَنَّهُ يَرْجِعُ فِيهِ إلَى مُسَمَّى ذَلِكَ اللَّفْظِ فِي عُرْفِهَا. وَإِنْ كَانَ بَعْضُ ذَلِكَ غَالِبًا: أَخَذَتْهُ كَالْبَيْعِ، أَوْ كَانَ مَنْ عَادَتِهَا اقْتِنَاؤُهُ أَوْ لُبْسُهُ: فَهُوَ كَالْمَلْفُوظِ بِهِ. انْتَهَى.
وَيَأْتِي " إذَا أَصْدَقَهَا ثَوْبًا هَرَوِيًّا أَوْ مَرْوِيًّا، أَوْ ثَوْبًا مُطْلَقًا " قَرِيبًا. وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ أَيْضًا.
قَوْلُهُ (وَإِنْ أَصْدَقَهَا عَبْدًا مِنْ عَبِيدِهِ: لَمْ يَصِحَّ. ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ) وَاخْتَارَهُ هُوَ وَالْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي. وَنَصَرَهُ. وَرُوِيَ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله: أَنَّهُ يَصِحُّ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَالْفُرُوعِ: وَظَاهِرُ نَصِّهِ صِحَّتُهُ. وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَبُو الْخَطَّابِ، وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَغَيْرُهُمْ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَقَالَ: نَصَّ عَلَيْهِ وَإِدْرَاكُ الْغَايَةِ، وَغَيْرُهُمْ.
قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الْخَامِسَةِ بَعْدَ الْمِائَةِ: إذَا أَصْدَقَهَا مُبْهَمًا مِنْ أَعْيَانٍ مُخْتَلِفَةٍ: فَفِي الصِّحَّةِ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: الصِّحَّةُ. انْتَهَى.
وَظَاهِرُ الْفُرُوعِ: الْإِطْلَاقُ. فَإِنَّهُ قَالَ فِيهَا، وَفِي الَّتِي قَبْلَهَا: لَمْ يَصِحَّ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ وَالشَّيْخِ. وَظَاهِرُ نَصِّهِ: صِحَّتُهُ. انْتَهَى.
فَتَلَخَّصَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَالْمُصَنِّفَ وَجَمَاعَةً، قَالُوا: بِعَدَمِ الصِّحَّةِ فِيهِمَا. وَأَنَّ الْقَاضِيَ وَجَمَاعَةً، قَالُوا: بِالصِّحَّةِ فِيهِمَا. وَأَنَّ أَبَا الْخَطَّابِ وَجَمَاعَةً، قَالُوا: لَا يَصِحُّ فِي الْأُولَى، وَيَصِحُّ فِي الثَّانِيَةِ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. كَمَا تَقَدَّمَ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ: لَهَا أَحَدُهُمْ بِالْقُرْعَةِ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ مُهَنَّا. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْفُرُوعِ. وَعَنْهُ: لَهَا الْوَسَطُ. اخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْقَاعِدَةِ السِّتِّينَ بَعْدَ الْمِائَةِ. وَقِيلَ: لَهَا مَا اخْتَارَتْ مِنْهُمْ. وَقِيلَ: هُوَ كَنَذْرِهِ عِتْقَ أَحَدِهِمْ. ذَكَرَهُمَا ابْنُ عَقِيلٍ. وَقِيلَ: لَهَا مَا اخْتَارَ الزَّوْجُ. وَأَطْلَقَ الثَّلَاثَةَ الْأُوَلَ وَالْأَخِيرَ فِي الْبُلْغَةِ. وَاخْتَارَ ابْنُ عَقِيلٍ: أَنَّهُمْ إنْ تَسَاوَوْا فَلَهَا وَاحِدٌ بِالْقُرْعَةِ. وَإِلَّا فَلَهَا الْوَسَطُ.
قَوْلُهُ (وَكَذَلِكَ يَخْرُجُ إذَا أَصْدَقَهَا دَابَّةً مِنْ دَوَابِّهِ، أَوْ قَمِيصًا مِنْ قُمْصَانِهِ) . وَكَذَا لَوْ أَصْدَقَهَا عِمَامَةً مِنْ عَمَائِمِهِ، أَوْ خِمَارًا مِنْ خُمُرِهِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ
وَهَذَا التَّخْرِيجُ لِأَبِي الْخَطَّابِ، وَمَنْ تَابَعَهُ مِنْ الْأَصْحَابِ. وَقَطَعَ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ: أَنَّهُ كَذَلِكَ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ، وَالْمُحَرَّرِ: وَثَوْبٌ مَرْوِيٌّ، وَنَحْوُهُ: كَعَبْدٍ مُطْلَقٍ؛ لِأَنَّ أَعْلَى الْأَجْنَاسِ وَأَدْنَاهَا مِنْ الثِّيَابِ غَيْرُ مَعْلُومٍ. وَثَوْبٌ مِنْ ثِيَابِهِ، وَنَحْوُهُ: كَقَفِيزِ حِنْطَةٍ وَقِنْطَارِ زَيْتٍ، وَنَحْوِهِ: كَعَبْدٍ مِنْ عَبِيدِهِ. وَجَزَمَ بِالصِّحَّةِ فِي ذَلِكَ فِي الْوَجِيزِ. وَمَنَعَ فِي الْوَاضِحِ، فِي غَيْرِ عَبْدٍ مُطْلَقٍ. وَمَنَعَ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الِانْتِصَارِ: عَدَمَ الصِّحَّةِ فِي قَوْسٍ أَوْ ثَوْبٍ. وَقَالَ: كُلُّ مَا جُهِلَ دُونَ جَهَالَةِ الْمِثْلِ: صَحَّ. وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ عَنْ الْقَاضِي أَيْضًا.
قَوْلُهُ (وَإِنْ أَصْدَقَهَا عَبْدًا مَوْصُوفًا: صَحَّ) . قَطَعَ بِهِ الْأَصْحَابُ. وَفِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى: وَجْهٌ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ. وَفِيهِ نَظَرٌ. قَالَهُ بَعْضُهُمْ. قَوْلُهُ (وَإِنْ جَاءَهَا بِقِيمَتِهِ، أَوْ أَصْدَقَهَا عَبْدًا وَسَطًا، أَوْ جَاءَهَا بِقِيمَتِهِ، أَوْ خَالَعَتْهُ عَلَى ذَلِكَ. فَجَاءَتْهُ بِقِيمَتِهِ: لَمْ يَلْزَمْهَا قَبُولُهَا) . هَذَا أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ. وَصَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ، وَالْخُلَاصَةِ. وَقَدَّمَهُ فِي النَّظْمِ. قَالَ ابْنُ مُنَجَّا فِي شَرْحِهِ: هَذَا الْمَذْهَبُ. وَجَزَمَ بِهِ الشِّيرَازِيُّ. وَقَالَ الْقَاضِي: يَلْزَمُهَا. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ. وَقَطَعَ بِهِ ابْنُ عَقِيلٍ فِي عُمَدِ الْأَدِلَّةِ، وَالشَّرِيفُ، وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي خِلَافَيْهِمَا.
وَأَطْلَقَهَا فِي الْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ أَصْدَقَهَا طَلَاقَ امْرَأَةٍ لَهُ أُخْرَى: لَمْ يَصِحَّ) . يَعْنِي: لَمْ يَصِحَّ جَعْلُ الطَّلَاقِ صَدَاقًا. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَغَيْرُهُ. قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ: هَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ. قَالَ فِي النَّظْمِ، وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ: لَمْ يَصِحَّ فِي الْأَصَحِّ. وَجَزَمَ بِهِ فِي مُنْتَخَبِ الْأَدَمِيِّ. وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ، وَالْكَافِي، وَالْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ. وَعَنْهُ يَصِحُّ. جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ. وَلَمْ أَرَ مَنْ اخْتَارَهُ غَيْرَهُ. مَعَ أَنَّ لَهُ قُوَّةً. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْبُلْغَةِ. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله: وَلَوْ قِيلَ بِبُطْلَانِ النِّكَاحِ: لَمْ يَبْعُدْ؛ لِأَنَّ الْمُسَمَّى فَاسِدٌ لَا بَدَلَ لَهُ. فَهُوَ كَالْخَمْرِ وَنِكَاحِ الشِّغَارِ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ: لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا. قَالَهُ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ، وَأَبُو الْخَطَّابِ، وَغَيْرُهُمَا وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي. وَغَيْرِهِمْ. وَحَكَى الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ: أَنَّهَا تَسْتَحِقُّ مَهْرَ الضَّرَّةِ. وَقَالَهُ ابْنُ عَقِيلٍ. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله: وَهُوَ أَجْوَدُ. ذَكَرَهُ فِي الِاخْتِيَارَاتِ.
قَوْلُهُ (فَإِنْ فَاتَ طَلَاقُهَا بِمَوْتِهَا، فَلَهَا مَهْرُهَا فِي قِيَاسِ الْمَذْهَبِ) . وَهَكَذَا قَالَ فِي الْهِدَايَةِ. وَهُوَ الصَّحِيحُ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ. جَزَمَ بِهِ فِي الْمُذْهَبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِمْ. وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ وَفَرَضَا الْمَسْأَلَةَ فِيمَا إذَا لَمْ يُطَلِّقْهَا.
وَقِيلَ: لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا. وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ. وَوَجْهٌ فِي الْبُلْغَةِ وَأَطْلَقَهُمَا.
فَائِدَتَانِ:
إحْدَاهُمَا: وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ جَعَلَ صَدَاقَهَا أَنْ يَجْعَلَ إلَيْهَا طَلَاقَ ضَرَّتِهَا إلَى سَنَةٍ قَالَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمَا. وَقِيلَ: يَسْقُطُ حَقُّهَا مِنْ الْمَهْرِ إذَا مَضَتْ السَّنَةُ وَلَمْ تَطْلُقْ. ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ. الثَّانِيَةُ: لَوْ أَصْدَقَهَا عِتْقَ أَمَتِهِ: صَحَّ، بِلَا نِزَاعٍ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ إنْ كَانَ أَبُوهَا حَيًّا، وَأَلْفَيْنِ إنْ كَانَ مَيِّتًا: لَمْ يَصِحَّ. نَصَّ عَلَيْهِ) . وَهُوَ الْمَذْهَبُ. اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَغَيْرُهُ. قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ: هَذَا أَوْلَى. قَالَ فِي الْفُرُوعِ، وَنَصُّهُ: لَا يَصِحُّ. وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَغَيْرِهِمَا. قَالَ فِي الْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ: بَطَلَ فِي الْمَشْهُورِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْبُلْغَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: يَصِحُّ. وَهِيَ مُخَرَّجَةٌ. خَرَّجَهَا بَعْضُ الْأَصْحَابِ مِنْ الَّتِي بَعْدَهَا. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ إنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ زَوْجَةٌ، وَأَلْفَيْنِ إنْ كَانَ لَهُ زَوْجَةٌ: لَمْ يَصِحَّ فِي قِيَاسِ الَّتِي قَبْلَهَا) .
وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَالْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ. قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: لَمْ يَصِحَّ عَلَى الْأَصَحِّ. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ. وَهُوَ رِوَايَةٌ مُخَرَّجَةٌ. وَالْمَنْصُوصُ: أَنَّهُ يَصِحُّ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَنَصُّهُ يَصِحُّ. وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ. قَالَ فِي الْمُذْهَبِ: صَحَّ فِي الْمَشْهُورِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْبُلْغَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ. قَالَ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَغَيْرِهِمَا: نَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رحمه الله فِي الْأُولَى: عَلَى وُجُوبِ مَهْرِ الْمِثْلِ. وَفِي الثَّانِيَةِ: عَلَى صِحَّةِ التَّسْمِيَةِ. فَيَخْرُجُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ رِوَايَتَانِ. وَقَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: قَالَ أَصْحَابُنَا تَخْرُجُ الْمَسْأَلَةُ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. وَقَدَّمَ فِي الْبُلْغَةِ عَدَمَ التَّخْرِيجِ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ كَمَا تَقَدَّمَ. قَالَ: وَحَمَلَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا كُلَّ وَاحِدَةٍ عَلَى الْأُخْرَى.
فَائِدَةٌ:
وَكَذَا الْحُكْمُ: لَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ إنْ لَمْ يُخْرِجْهَا مِنْ دَارِهَا، وَعَلَى أَلْفَيْنِ إنْ أَخْرَجَهَا، وَنَحْوُهُ.
قَوْلُهُ (وَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ لِسَيِّدَتِهِ: أَعْتِقِينِي عَلَى أَنْ أَتَزَوَّجَك. فَأَعْتَقَتْهُ عَلَى ذَلِكَ: عَتَقَ. وَلَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ) . وَهَذَا الْمَذْهَبُ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. كَذَا لَوْ قَالَتْ: أَعْتَقْتُك عَلَى أَنْ تَتَزَوَّجَ بِي: لَمْ يَلْزَمْهُ ذَلِكَ، وَيُعْتَقُ. وَتَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَى ذَلِكَ فِي " بَابِ أَرْكَانِ النِّكَاحِ " عِنْدَ قَوْلِهِ " إذَا قَالَ: أَعْتَقَكِ وَجَعَلْتُ عِتْقَكِ صَدَاقَكِ ".
قَوْلُهُ (وَإِذَا فَرَضَ الصَّدَاقَ مُؤَجَّلًا، وَلَمْ يَذْكُرْ مَحَلَّ الْأَجَلِ: صَحَّ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِ. وَمَحَلُّهُ: الْفَرْقُ، عِنْدَ أَصْحَابِنَا) . اعْلَمْ أَنَّ الصَّدَاقَ يَجُوزُ فَرْضُهُ مُؤَجَّلًا أَوْ مُعَجَّلًا بِطُرُقٍ أُولَى. وَيَجُوزُ بَعْضُهُ مُعَجَّلًا، وَبَعْضُهُ مُؤَجَّلًا. وَمَتَى فَرَضَ الصَّدَاقَ وَأَطْلَقَ: اقْتَضَى الْحُلُولَ. وَإِنْ شَرَطَ مُؤَجَّلًا إلَى وَقْتٍ: فَهُوَ إلَى أَجَلِهِ. وَإِنْ شَرَطَهُ مُؤَجَّلًا، وَلَمْ يَذْكُرْ مَحَلَّ الْأَجَلِ وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْمُصَنِّفِ فَالصَّحِيحُ: أَنَّهُ يَصِحُّ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، مِنْهُمْ الْقَاضِي. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: لَا يَصِحُّ. يَعْنِي: لَا يَصِحُّ فَرْضُهُ مُؤَجَّلًا مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ مَحَلِّ الْأَجَلِ. وَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ. وَقَالَ عَنْ الْأَوَّلِ: فِيهِ نَظَرٌ. وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله. وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ: قَالَ الْمُصَنِّفُ هُنَا " وَمَحَلُّهُ الْفُرْقَةُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا " مِنْهُمْ الْقَاضِي. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالْوَجِيزِ، وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ، وَمُنْتَخَبِ الْأَزَجِيِّ وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَغَيْرِهِمْ. وَهُوَ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ. وَعَنْهُ: يَكُونُ حَالًّا. وَذَكَرَهَا ابْنُ أَبِي مُوسَى احْتِمَالًا وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: يُحْتَمَلُ عِنْدِي أَنْ يَكُونَ الْأَجَلُ إلَى حِينِ الْفُرْقَةِ، أَوْ حِينَ الْخَلْوَةِ وَالدُّخُولِ. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله: الْأَظْهَرُ أَنَّهُمْ أَرَادُوا بِالْفُرْقَةِ الْبَيْنُونَةَ.
فَعَلَى هَذَا: الرَّجْعِيَّةُ لَا يَحِلُّ مَهْرُهَا إلَّا بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا.
قَوْلُهُ (وَإِنْ أَصْدَقَهَا خَمْرًا، أَوْ خِنْزِيرًا، أَوْ مَالًا مَغْصُوبًا: صَحَّ النِّكَاحُ) . هَذَا الْمَذْهَبُ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، مِنْهُمْ الْخِرَقِيُّ، وَابْنُ حَامِدٍ، وَالْقَاضِي، وَالشَّرِيفُ، وَأَبُو الْخَطَّابِ، وَابْنُ عَقِيلٍ، وَالْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَابْنُ عَبْدُوسٍ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ الْمُصَنِّفُ هُنَا: وَالْمَذْهَبُ صِحَّتُهُ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: أَنَّهُ يُعْجِبُهُ اسْتِقْبَالُ النِّكَاحِ يَعْنِي أَنَّ النِّكَاحَ فَاسِدٌ اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ. وَاخْتَارَهُ أَيْضًا شَيْخُهُ الْخَلَّالُ، وَالْجُوزَجَانِيُّ. لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَا يَعْلَمَانِ حَالَةَ الْعَقْدِ: أَنَّهُ خَمْرٌ، أَوْ خِنْزِيرٌ، أَوْ مَغْصُوبٌ. وَحَمَلَهَا الْقَاضِي، وَالْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَغَيْرُهُمْ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ.
تَنْبِيهٌ:
إلْحَاقُ الْمَغْصُوبِ بِالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ: عَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. مِنْهُمْ أَبُو بَكْرٍ، وَابْنُ أَبِي مُوسَى، وَأَبُو الْخَطَّابِ، وَابْنُ عَقِيلٍ، وَصَاحِبُ الْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقِيلَ: مَحَلُّ الْخِلَافِ فِيمَا هُوَ مُحَرَّمٌ لِحَقِّ اللَّهِ كَالْخَمْرِ، وَالْخِنْزِيرِ، وَالْحُرِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَلَا يَدْخُلُ الْمَغْصُوبُ. فَيَصِحُّ بِهِ قَوْلًا وَاحِدًا. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهَذَا اخْتِيَارُ الشَّيْخَيْنِ، حَتَّى بَالَغَ أَبُو مُحَمَّدٍ فَحَكَى الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ قُلْت: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ صَاحِبِ الرِّعَايَةِ، وَالْحَاوِي
قَوْلُهُ (وَوَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ) . هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَعِنْدَ ابْنِ أَبِي مُوسَى: يَجِبُ مِثْلُ الْمَغْصُوبِ أَوْ قِيمَتُهُ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَاخْتَارَهُ أَبُو الْعَبَّاسِ. وَقَالَ فِي الْوَاضِحِ: إنْ بَاعَ الْمَغْصُوبَ صَاحِبُهُ بِثَمَنِ مِثْلِهِ: لَزِمَهُ. وَعَنْهُ: يَجِبُ مِثْلُ الْخَمْرِ خَلًّا.
فَائِدَةٌ:
يَجِبُ الْمَهْرُ هُنَا بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَقَالَ فِي التَّرْغِيبِ، وَالْبُلْغَةِ: وَعَنْهُ يَجِبُ بِالْعَقْدِ، بِشَرْطِ الدُّخُولِ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى عَبْدٍ، فَخَرَجَ حُرًّا، أَوْ مَغْصُوبًا، أَوْ عَصِيرًا، فَبَانَ خَمْرًا: فَلَهَا قِيمَتُهُ) . يَعْنِي يَوْمَ التَّزْوِيجِ. قَالَ الْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ: إنْ خَرَجَ حُرًّا فَلَهَا قِيمَتُهُ. وَقَطَعَ بِهِ الْأَصْحَابُ. وَهُوَ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ. وَإِنْ خَرَجَ الْعَبْدُ مَغْصُوبًا فَلَهَا قِيمَتُهُ أَيْضًا. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَقَطَعَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِمْ. وَإِنْ بَانَ الْعَصِيرُ خَمْرًا، فَجَزَمَ الْمُصَنِّفُ هُنَا: أَنَّ لَهَا قِيمَتَهُ. وَهُوَ أَحَدُ الْوُجُوهِ. اخْتَارَهُ الْقَاضِي. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَقَالَا: رِوَايَةً وَاحِدَةً وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالنَّظْمِ. وَقِيلَ: لَهَا مِثْلُ الْعَصِيرِ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَرَدَّا قَوْلَ الْقَاضِي.
وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ. وَقِيلَ: لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْإِيضَاحِ. قَالَ فِي الْبُلْغَةِ: يَرْجِعُ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ فِي الْمِثْلِيِّ، وَبِالْقِيمَةِ فِي غَيْرِهِ. وَعِنْدَ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ رحمه الله: لَا يَلْزَمُهُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ شَيْءٌ. وَكَذَا قَالَ فِي مَهْرٍ مُعَيَّنٍ تَعَذَّرَ حُصُولُهُ.
فَائِدَةٌ:
لَوْ تَزَوَّجَ عَلَى عَبْدَيْنِ، فَبَانَ أَحَدُهُمَا حُرًّا. فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّ لَهَا قِيمَةَ الْحُرِّ فَقَطْ، وَتَأْخُذُ الرَّقِيقَ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَغَيْرِهِمَا. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ. وَعَنْهُ: أَنَّ لَهَا قِيمَتَهُمَا. وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى عَبْدٍ. فَبَانَ نِصْفُهُ مُسْتَحَقًّا، أَوْ أَصْدَقَهَا أَلْفَ ذِرَاعٍ، فَبَانَتْ تِسْعَمِائَةٍ: خُيِّرَتْ بَيْنَ أَخْذِهِ وَقِيمَةِ التَّالِفِ، وَبَيْنَ قِيمَةِ الْكُلِّ. ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَقَالَ: هُوَ مَعْنَى الْمَنْقُولِ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله. قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ: نَصَّ عَلَيْهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَتَقَدَّمَ اخْتِيَارُ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ رحمه الله: أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ. قَوْلُهُ (وَإِنْ وَجَدَتْ بِهِ عَيْبًا: فَلَهَا الْخِيَارُ بَيْنَ أَخْذِ أَرْشِهِ، أَوْ رَدِّهِ وَأَخْذِ قِيمَتِهِ) . وَكَذَا لَوْ بَانَ نَاقِصًا صِفَةً شَرَطَتْهَا. [فَأَمَّا الَّذِي بِالذِّمَّةِ إذَا قَبَضَ مِثْلَهُ عَنْهُ، ثُمَّ بَانَ مَعِيبًا، وَنَحْوَهُ. فَإِنَّهُ يَجِبُ، بَدَلُهُ، لَا أَرْشُهُ وَلَا قِيمَتُهُ. كَمَا قَدْ صَرَّحَ بِهِ الْمُحَرَّرُ وَغَيْرُهُ] . وَحُكْمُ ذَلِكَ كُلِّهِ كَالْبَيْعِ. كَمَا تَقَدَّمَ. ذِكْرُهُ فِي الْفُرُوعِ. وَقَالَ النَّاظِمُ: لَهَا أَخْذُ الْأَرْشِ فِي الْأَصَحِّ.
وَقَالَ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ: وَعَنْهُ لَا أَرْشَ لَهَا مَعَ إمْسَاكِهِ.
فَائِدَةٌ:
ذَكَرَ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ رحمه الله: أَنَّهُ ذَكَرَ فِي بَعْضِ قَوَاعِدِهِ: جَوَازَ فَسْخِ الْمَرْأَةِ النِّكَاحَ، إذَا ظَهَرَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ حُرًّا، أَوْ مَغْصُوبًا. أَوْ مَعِيبًا. وَالْإِمَامُ وَالْأَصْحَابُ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ لَهَا، وَأَلْفٍ لِأَبِيهَا: صَحَّ. وَكَانَا جَمِيعًا مَهْرَهَا. فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ، بَعْدَ قَبْضِهِمَا: رَجَعَ عَلَيْهَا بِأَلْفٍ. وَلَمْ يَكُنْ عَلَى الْأَبِ شَيْءٌ مِمَّا أَخَذَهُ) . هَذَا الْمَذْهَبُ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. لَكِنْ يُشْتَرَطُ فِي الْأَبِ: أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يَصِحُّ تَمَلُّكُهُ. قَالَهُ الْأَصْحَابُ. وَذَكَرَ فِي التَّرْغِيبِ رِوَايَةً: أَنَّ الْمُسَمَّى كُلَّهُ لَهَا. وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْأَبِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَحَكَى أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ تَيْمِيَّةَ رِوَايَةً بِبُطْلَانِ الشَّرْطِ، وَصِحَّةِ التَّسْمِيَةِ. وَقِيلَ: يَبْطُلَانِ، وَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ. قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ.
فَائِدَةٌ:
لَوْ شَرَطَ أَنَّ جَمِيعَ الْمَهْرِ لَهُ: صَحَّ. كَشُعَيْبٍ صلى الله عليه وسلم. فَلَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ رَجَعَ بِنِصْفِهِ عَلَيْهَا، وَلَا شَيْءَ عَلَى الْأَبِ. وَهَذَا الصَّحِيحُ. وَقَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقِيلَ: يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِنِصْفِ مَا أَخَذَ. وَهُوَ احْتِمَالُ الْمُصَنِّفِ. قُلْت: وَالنَّفْسُ تَمِيلُ إلَى ذَلِكَ. [فَعَلَى هَذَا: لَوْ كَانَ مَا شَرَطَهُ الْأَبُ أَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ: رَجَعَ عَلَى الْأَبِ بِمَا زَادَ عَلَى النِّصْفِ. وَبِبَقِيَّةِ النِّصْفِ عَلَى الزَّوْجَةِ]
تَنْبِيهٌ:
ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ رحمه الله، وَغَيْرِهِ: أَنَّهُ سَوَاءٌ أَجْحَفَ الْأَخْذُ بِمَالِ الْبِنْتِ أَوْ لَا. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله، وَالْقَاضِي فِي تَعْلِيقِهِ وَأَبِي الْخَطَّابِ، وَطَائِفَةٍ. وَشَرَطَ عَدَمَ الْإِجْحَافِ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ، وَابْنُ عَقِيلٍ، وَالْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله: وَهَذَا ضَعِيفٌ. وَلَا يُتَصَوَّرُ الْإِجْحَافُ، لِعَدَمِ مِلْكِهَا لَهُ.
فَائِدَةٌ:
يَمْلِكُ الْأَبُ مَا شَرَطَهُ لِنَفْسِهِ بِنَفْسِ الْعَقْدِ كَمَا تَمْلِكُهُ هِيَ. حَتَّى لَوْ مَاتَ قَبْلَ الْقَبْضِ وَرِثَ عَنْهُ. لَكِنْ يُقَدَّرُ فِيهِ الِانْتِقَالُ إلَى الزَّوْجَةِ أَوَّلًا، ثُمَّ إلَيْهِ كَعِتْقِ عَبْدِك عَنْ كَفَّارَتِي. ذَكَرَ ذَلِكَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي عُمَدِ الْأَدِلَّةِ. وَقَدَّمَهُ الزَّرْكَشِيُّ. وَقَالَ الْقَاضِي، وَالْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ: لَا يَمْلِكُهُ إلَّا بِالْقَبْضِ مَعَ النِّيَّةِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَضَعُفَ هَذَا بِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ بُطْلَانُ خِصِّيصَةِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ. قَالَ: وَيَتَفَرَّعُ مِنْ هَذَا عَلَى قَوْلِ أَبِي مُحَمَّدٍ أَنَّهُ لَوْ وَجَدَ الطَّلَاقَ قَبْلَ الْقَبْضِ فَلِلْأَبِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْأَلْفِ الَّتِي اسْتَقَرَّتْ لِلْبِنْتِ مَا شَاءَ. وَالْقَاضِي يَجْعَلُ الْأَلْفَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، كَجُمْلَةِ الصَّدَاقِ.
تَنْبِيهٌ:
ظَاهِرُ قَوْلِهِ (فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ غَيْرُ الْأَبِ فَالْكُلُّ لَهَا) . صِحَّةُ التَّسْمِيَةِ. وَهُوَ صَحِيحٌ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَقِيلَ: تَبْطُلُ التَّسْمِيَةُ، وَيَجِبُ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ. قَالَهُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ.
قَوْلُهُ (وَلِلْأَبِ تَزْوِيجُ ابْنَتِهِ الْبِكْرِ وَالثَّيِّبِ بِدُونِ صَدَاقِ مِثْلِهَا وَإِنْ كَرِهَتْ) . هَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. مِنْهُمْ الْخِرَقِيُّ، وَالْقَاضِي، وَأَصْحَابُهُ.
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هَذَا الْمَنْصُوصُ، وَالْمُخْتَارُ لِعَامَّةِ الْأَصْحَابِ. وَقَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ، وَغَيْرُهُمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ. وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله. وَهُوَ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ. وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ: اخْتِصَاصُ هَذَا الْحُكْمِ بِالْأَبِ الْمُجْبَرِ. وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ. وَهُوَ مِنْ الْمُفْرَدَاتِ أَيْضًا. وَقِيلَ: يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِالْمَحْجُورِ عَلَيْهَا فِي الْمَالِ. ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى فِي الصَّغِيرَةِ وَفِي مَعْنَاهَا السَّفِيهَةُ. وَفِي التَّعْلِيقِ احْتِمَالٌ: أَنَّ حُكْمَ الْأَبِ مَعَ الثَّيِّبِ حُكْمُ غَيْرِهِ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ.
تَنْبِيهٌ:
حَيْثُ قُلْنَا لِلْأَبِ ذَلِكَ، فَلَيْسَ لَهَا إلَّا مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ. فَلَا يُتَمِّمُهُ الْأَبُ وَلَا الزَّوْجُ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: يُتَمِّمُهُ الْأَبُ كَبَيْعِهِ بَعْضَ مَالِهَا بِدُونِ ثَمَنِهِ لِسُلْطَانٍ يَظُنُّ بِهِ حِفْظَ الْبَاقِي ذُكِرَ فِي الِانْتِصَارِ. وَقِيلَ: يُتَمِّمُهُ لِثَيِّبٍ كَبِيرَةٍ. وَفِي الرَّوْضَةِ: بِمَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ قَبْلَ لُزُومِ الْعَقْدِ. وَقِيلَ: عَلَى الزَّوْجِ بَقِيَّةُ مَهْرِ الْمِثْلِ. ذَكَرَهُ ابْنُ حَمْدَانَ فِي رِعَايَتَيْهِ.
تَنْبِيهٌ:
قَوْلُهُ " وَإِنْ كَرِهَتْ " هَذَا الْمَذْهَبُ. نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَقَدْ يُسْتَشْكَلُ مَنْ لَا يَمْلِكُ إجْبَارَهَا إذَا قَالَتْ " أَذِنْت لَك أَنْ تُزَوِّجَنِي عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ لَا أَقَلَّ " فَكَيْفَ يَصِحُّ أَنْ يُزَوِّجَهَا عَلَى أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ؟ وَقَدْ يُقَالُ: إذْنُهَا فِي الْمَهْرِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ، فَيُلْغَى. وَيَبْقَى أَصْلُ إذْنِهَا فِي النِّكَاحِ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ غَيْرٌ بِإِذْنِهَا: صَحَّ. وَلَمْ يَكُنْ لِغَيْرِهِ الِاعْتِرَاضُ) .
هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَقِيلَ: عَلَى الزَّوْجِ بَقِيَّةُ مَهْرِ الْمِثْلِ. ذَكَرَهُ ابْنُ حَمْدَانَ فِي رِعَايَتَيْهِ. قُلْت: وَهُوَ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ رَشِيدَةً، فَكَيْفَ يَلْزَمُ الزَّوْجَ ذَلِكَ مَعَ رِضَاهَا بِغَيْرِهِ؟ وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ رَشِيدَةٍ، وَلَهَا إذْنٌ، وَأَذِنَتْ فِي ذَلِكَ. فَهَذَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَلْزَمَ الزَّوْجُ التَّتِمَّةَ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَلْزَمَ الْوَلِيَّ. لَكِنَّ الْأَوْلَى هُنَا: لُزُومُ التَّتِمَّةِ إمَّا عَلَى الزَّوْجِ أَوْ الْوَلِيِّ. هَذَا مَا يَظْهَرُ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ فَعَلَهُ بِغَيْرِ إذْنِهَا، فَعَلَيْهِ مَهْرُ الْمِثْلِ) . فَيُكْمِلُهُ الزَّوْجُ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُغْنِي، وَالْمُحَرَّرِ، وَالشَّرْحِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَلْزَمَ الزَّوْجَ إلَّا الْمُسَمَّى، وَالْبَاقِي عَلَى الْوَلِيِّ كَالْوَكِيلِ فِي الْبَيْعِ. وَهُوَ لِأَبِي الْخَطَّابِ. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ. وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رحمه الله. وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْقَوَاعِدِ فِي الْفَائِدَةِ الْعِشْرِينَ. وَقَالَ: نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَبِدُونِ إذْنِهَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ تَتِمَّتُهُ. وَيَضْمَنُهُ الْوَلِيُّ. وَعَنْهُ: تَتِمَّتُهُ عَلَيْهِ كَمَنْ زَوَّجَ بِدُونِ مَا عَيَّنَتْهُ لَهُ. قَالَ: وَيَتَوَجَّهُ كَخُلْعٍ. وَفِي الْكَافِي: لِلْأَبِ تَعْوِيضُهَا.
قَوْلُهُ (وَإِنْ زَوَّجَ ابْنَهُ الصَّغِيرَ بِأَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ: صَحَّ. وَلَزِمَ ذِمَّةَ الِابْنِ) هَذَا الْمَذْهَبُ. قَالَ الْقَاضِي: هَذَا الْمَذْهَبُ، رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَغَيْرِهِمْ.
وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ، وَغَيْرِهِ. وَعَنْهُ: عَلَى الْأَبِ ضَمَانًا. وَعَنْهُ: أَصَالَةً. ذَكَرَهُمَا الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ. وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ يَلْزَمُ ذِمَّةَ الِابْنِ مَعَ رِضَاهُ وَقِيلَ: لَا يَتَزَوَّجُ لَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ. اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ بِأَبْسَطَ مِنْ هَذَا فِي أَرْكَانِ النِّكَاحِ، بَعْدَ قَوْلِهِ " الثَّانِي: رِضَى الزَّوْجَيْنِ ". فَعَلَى الْمَذْهَبِ: لَوْ قَضَاهُ عَنْهُ أَبُوهُ، ثُمَّ طَلَّقَ ابْنُهُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَقِيلَ: بَعْدَ الْبُلُوغِ فَنِصْفُ الصَّدَاقِ لِلِابْنِ دُونَ الْأَبِ. قَالَهُ فِي الرِّعَايَةِ. قَوْلُهُ (فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا، فَهَلْ يَضْمَنُهُ الْأَبُ؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ) . وَهُمَا رِوَايَتَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا. أَحَدُهُمَا: لَا يَضْمَنُهُ الْأَبُ. كَثَمَنِ مَبِيعِهِ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. قَالَ الْقَاضِي: هَذَا أَصَحُّ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ. وَالثَّانِي: يَضْمَنُهُ لِلْعُرْفِ. اخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَالنَّظْمِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ. وَعَنْهُ: يَلْزَمُهُ أَصَالَةً. ذَكَرَهَا فِي الرِّعَايَةِ. وَقِيلَ: يَضْمَنُ الْأَبُ الزِّيَادَةَ فَقَطْ. وَقَالَ فِي النَّوَادِرِ: نَقَلَ صَالِحٌ كَالنَّفَقَةِ. فَلَا شَيْءَ عَلَى الِابْنِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: كَذَا قَالَ. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وَيَتَحَرَّرُ لِأَصْحَابِنَا فِيمَا إذَا زَوَّجَ ابْنَهُ الصَّغِيرَ بِمَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ أَزْيَدَ رِوَايَاتٌ
إحْدَاهُنَّ: هُوَ عَلَى الِابْنِ مُطْلَقًا، إلَّا أَنْ يَضْمَنَهُ الْأَبُ. فَيَكُونَ عَلَيْهِمَا. الثَّانِيَةُ: هُوَ عَلَى الِابْنِ، إلَّا أَنْ يَضْمَنَهُ الْأَبُ. فَيَكُونَ عَلَيْهِ وَحْدَهُ. الثَّالِثَةُ: عَلَى الْأَبِ ضَمَانًا. الرَّابِعَةُ: عَلَى الْأَبِ أَصَالَةً. الْخَامِسَةُ: إنْ كَانَ الِابْنُ مُقِرًّا فَهُوَ عَلَى الْأَبِ أَصَالَةً. السَّادِسَةُ: فَرَّقَ بَيْنَ رِضَى الِابْنِ وَعَدَمِ رِضَاهُ.
تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ (وَلِلْأَبِ قَبْضُ صَدَاقِ ابْنَتِهِ الصَّغِيرَةِ بِغَيْرِ إذْنِهَا) وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ. (وَلَا يَقْبِضُ صَدَاقَ الثَّيِّبِ الْكَبِيرَةِ إلَّا بِإِذْنِهَا) . يَعْنِي إذَا كَانَتْ رَشِيدَةً. فَأَمَّا إنْ كَانَتْ مَحْجُورًا عَلَيْهَا: فَلَهُ قَبْضُهُ بِغَيْرِ إذْنِهَا، وَهُوَ وَاضِحٌ. وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي بَابِ الْحَجْرِ. قَوْلُهُ (وَفِي الْبِكْرِ الْبَالِغِ: رِوَايَتَانِ) . يَعْنِي الرَّشِيدَةَ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ.
إحْدَاهُمَا: لَا يَقْبِضُهُ إلَّا بِإِذْنِهَا إذَا كَانَتْ رَشِيدَةً. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. اخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَغَيْرُهُ. وَصَحَّحَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالتَّصْحِيحِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالْحَارِثِيُّ فِي بَابِ الْهِبَةِ.
وَالثَّانِيَةُ: يَقْبِضُهُ بِغَيْرِ إذْنِهَا مُطْلَقًا. زَادَ فِي الْمُحَرَّرِ وَمَنْ تَابَعَهُ: مَا لَمْ يَمْنَعْهُ. فَعَلَى الثَّانِيَةِ: يَبْرَأُ الزَّوْجُ بِقَبْضِ الْأَبِ، وَتَرْجِعُ عَلَى أَبِيهَا بِمَا بَقِيَ، لَا بِمَا أَنْفَقَ مِنْهُ
فَائِدَتَانِ: إحْدَاهُمَا:
قَوْلُهُ (وَإِنْ تَزَوَّجَ الْعَبْدُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ عَلَى صَدَاقٍ مُسَمًّى: صَحَّ) . بِلَا نِزَاعٍ. وَيَجُوزُ لَهُ نِكَاحُ أَمَةٍ. وَلَوْ قَدَرَ عَلَى نِكَاحِ حُرَّةٍ. ذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ. وَابْنُ عَقِيلٍ، وَهُوَ مَعْنَى كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله.
الثَّانِيَةُ: مَتَى أَذِنَ لَهُ، وَأَطْلَقَ: لَمْ يَنْكِحْ إلَّا وَاحِدَةً. نَصَّ عَلَيْهِ. وَزِيَادَتُهُ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ فِي رَقَبَتِهِ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَنْهُ: بِذِمَّتِهِ. وَفِي تَنَاوُلِ النِّكَاحِ الْفَاسِدِ احْتِمَالَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ. قُلْت: الصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يَتَنَاوَلُهُ. قَوْلُهُ (وَهَلْ يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ، أَوْ بِذِمَّةِ سَيِّدِهِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) . وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا.
إحْدَاهُمَا: يَتَعَلَّقُ بِذِمَّةِ سَيِّدِهِ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله. وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ. قَالَ فِي الْعِنَايَةِ: وَيَتَعَلَّقُ بِذِمَّةِ سَيِّدِهِ عَلَى الْأَسَدِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْفُرُوعِ، وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ.
وَالثَّانِيَةُ: يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ. قَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَعَنْهُ: يَتَعَلَّقُ بِذِمَّةِ السَّيِّدِ وَرَقَبَةِ الْعَبْدِ. وَعَنْهُ: يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِمَا: ذِمَّةِ الْعَبْدِ أَصَالَةً، وَذِمَّةِ السَّيِّدِ ضَمَانًا. وَعَنْهُ: يَتَعَلَّقُ بِكَسْبِهِ. وَأَطْلَقَهُنَّ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ.
فَإِنْ قِيلَ: هَذِهِ الرِّوَايَةُ هِيَ عَيْنُ الرِّوَايَةِ الْأُولَى، لِأَنَّ السَّيِّدَ يَمْلِكُ كَسْبَهُ فَهُوَ فِي ذِمَّتِهِ؟ . قِيلَ: لَيْسَتْ هِيَ، بَلْ غَيْرَهَا.
وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ:
أَنَّا إذَا قُلْنَا يَتَعَلَّقُ بِذِمَّةِ السَّيِّدِ: تَجِبُ النَّفَقَةُ عَلَيْهِ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْعَبْدِ كَسْبٌ. وَلَيْسَ لِلْمَرْأَةِ الْفَسْخُ لِعَدَمِ كَسْبِهِ. وَلِلسَّيِّدِ اسْتِخْدَامُهُ وَمَنْعُهُ مِنْ التَّكَسُّبِ. وَإِنْ قُلْنَا: يَتَعَلَّقُ بِكَسْبِهِ، فَلِلْمَرْأَةِ الْفَسْخُ، إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ كَسْبٌ. وَلَيْسَ لِسَيِّدِهِ مَنْعُهُ مِنْ الثَّلَاثِ. ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ. وَيَأْتِي فِي آخِرِ نَفَقَةِ الْأَقَارِبِ وَالْمَمَالِيكِ " هَلْ لَهُ أَنْ يَتَسَرَّى بِإِذْنِ سَيِّدِهِ أَمْ لَا؟ ".
تَنْبِيهٌ:
إذَا قُلْنَا يَتَعَلَّقُ الْمَهْرُ بِذِمَّةِ السَّيِّدِ ضَمَانًا، فَقَضَاهُ عَنْ عَبْدِهِ: فَهَلْ يَرْجِعُ عَلَيْهِ إذَا عَتَقَ؟ . قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله: يَنْبَغِي أَنْ يُخَرَّجَ هُنَا عَلَى الْخِلَافِ فِي مَهْرِ زَوْجَتِهِ إذَا كَانَتْ أَمَةً لِلسَّيِّدِ، فَحَيْثُ رَجَعَ هُنَاكَ رَجَعَ هُنَا.
فَائِدَتَانِ:
إحْدَاهُمَا: حُكْمُ النَّفَقَةِ حُكْمُ الصَّدَاقِ، خِلَافًا وَمَذْهَبًا. قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ: وَزَوْجَةُ الْعَبْدِ بِإِذْنِ السَّيِّدِ عَلَيْهِمَا يُنْفِقُ فِي الْمُجَوَّدِ
الثَّانِيَةُ: لَوْ طَلَّقَ الْعَبْدُ. فَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا فَلَهُ الرَّجْعَةُ بِدُونِ إذْنِ سَيِّدِهِ. ذَكَرَهُ الْقَاضِي، وَابْنُ عَقِيلٍ، وَأَبُو الْخَطَّابِ، وَغَيْرُهُمْ. وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ قَائِمٌ بَعْدُ. وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا، لَمْ يَمْلِكْ إعَادَتَهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ؛ لِأَنَّهُ تَجْدِيدُ مِلْكٍ. وَالْإِذْنُ مُطْلَقٌ، فَلَا يَتَنَاوَلُ أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ. قَالَهُ فِي الْقَاعِدَةِ الْأَرْبَعِينَ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذْنِهِ: لَمْ يَصِحَّ النِّكَاحُ) . هَذَا الْمَذْهَبُ. نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ. وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: النِّكَاحُ مَوْقُوفٌ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ بَعْدَ أَنْ قَدَّمَ الْأَوَّلَ وَقَالَ أَصْحَابُنَا: كَفُضُولِيٍّ. وَنَقَلَهُ حَنْبَلٌ وَإِنْ وَطِئَ فِيهِ: فَكَنِكَاحٍ فَاسِدٍ. فَعَلَى الْقَوْلِ بِالْوَقْفِ عَلَى إجَازَةِ السَّيِّدِ: لَوْ أَعْتَقَهُ عَقِبَ النِّكَاحِ. فَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الِانْتِصَارِ: صَحَّ نِكَاحُهُ وَنَفَذَ، بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَرَى شَيْئًا بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ، ثُمَّ أَعْتَقَهُ عَقِبَ الشِّرَاءِ: لَمْ يَنْفُذْ شِرَاؤُهُ. قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ: وَمَا قَالَهُ فِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ (فَإِنْ دَخَلَ بِهَا وَجَبَ فِي رَقَبَتِهِ مَهْرُ الْمِثْلِ) . هَذَا الْمَذْهَبُ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ. قَالَ فِي الْمَذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ: وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَمُنْتَخَبِ الْأَزَجِيِّ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ. وَقِيلَ: فِي ذِمَّتِهِ. وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْمُغْنِي، وَغَيْرِهِ. وَاخْتَارَهُ الشَّارِحُ، وَغَيْرُهُ. وَعَنْهُ: الْوَاجِبُ هُوَ الْمُسَمَّى، وَيَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ. وَقِيلَ: الْوَاجِبُ خُمُسَا مَهْرُ الْمِثْلِ. وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْمُغْنِي أَيْضًا وَغَيْرِهِ. وَعَنْهُ: الْوَاجِبُ خُمُسَا الْمُسَمَّى. نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله.
وَاخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ، وَالْقَاضِي، وَأَصْحَابُهُ. مِنْهُمْ الشَّرِيفُ، وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي خِلَافَيْهِمَا، وَالشِّيرَازِيُّ. وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هَذِهِ أَشْهَرُ الرِّوَايَاتِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ، وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ. وَجَزَمَ بِهِ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ وَهُوَ مِنْهَا. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ. وَعَنْهُ: إنْ عَلِمَتْ أَنَّهُ عَبْدٌ: فَلَهَا خُمُسَا الْمُسَمَّى. وَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ: فَلَهَا الْمَهْرُ فِي رَقَبَتِهِ. وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: لَا مَهْرَ لَهَا مُطْلَقًا. قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ، وَعَنْهُ: إنْ عَلِمَا فَلَا مَهْرَ لَهَا بِحَالٍ. فَقَيَّدَهَا بِمَا إذَا عَلِمَا التَّحْرِيمَ. كَذَا حَمَلَهَا الْقَاضِي أَيْضًا. وَتَبِعَهُ فِي الرِّعَايَةِ. وَزَادَ: قُلْت إنْ عَلِمَتْ الْمَرْأَةُ وَحْدَهَا. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ: أَوْ عَلِمَتْهُ هِيَ، يَعْنِي وَحْدَهَا. قَالَ: وَالْإِخْلَالُ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ سَهْوٌ. انْتَهَى.
وَقَالَ الْمُصَنِّفُ: يَحْتَمِلُ مَا نَقَلَ حَنْبَلٌ: أَنْ يُحْمَلَ عَلَى إطْلَاقِهِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا قَبْلَ الدُّخُولِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّ الْمَهْرَ لَا يَجِبُ فِي الْحَالِ. بَلْ يَجِبُ فِي ذِمَّةِ الْعَبْدِ، يُتْبَعُ بِهِ إذَا عَتَقَ. قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ: وَأُوِّلَتْ هَذِهِ الرِّوَايَةُ بِتَأْوِيلَاتٍ فِيهَا نَظَرٌ. وَعَنْهُ: تُعْطَى شَيْئًا. نَقَلَهُ الْمَرُّوذِيُّ، قَالَ: قُلْت: أَتَذْهَبُ إلَى قَوْلِ عُثْمَانَ؟ قَالَ: أَذْهَبُ إلَى أَنْ تُعْطِيَ شَيْئًا. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَهُوَ الْقِيَاسُ.
تَنْبِيهَانِ:
أَحَدُهُمَا: ظَاهِرُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَغَيْرِهِ: أَنَّ خُمُسَا الْمُسَمَّى تَجِبُ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ وَقَالُوا: اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ. وَالْخِرَقِيُّ إنَّمَا قَالَ: عَلَى سَيِّدِهِ خُمُسَا الْمَهْرِ.
وَالْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ: أَنَّ الْقَوْلَ بِوُجُوبِهِ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ: هُوَ عَلَى السَّيِّدِ؛ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ. غَايَتُهُ: أَنَّهُمْ خَصَّصُوهُ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ. وَالْخِرَقِيُّ جَعَلَهُ عَلَى السَّيِّدِ. وَلَا يَنْفَكُّ ذَلِكَ عَنْ مَالِ السَّيِّدِ.
الثَّانِي: مُرَادُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالدُّخُولِ فِي قَوْلِهِ " فَإِنْ دَخَلَ بِهَا " الْوَطْءُ. وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. فَعَلَى هَذَا: لَا يَجِبُ بِالْخَلْوَةِ إذَا لَمْ يَطَأْ. وَالظَّاهِرُ: أَنَّ هَذَا مِنْ الْأَنْكِحَةِ الْفَاسِدَةِ، يُعْطَى حُكْمَهَا فِي الْخَلْوَةِ. عَلَى مَا يَأْتِي فِي آخِرِ الْبَابِ، وَالْخِلَافُ فِيهِ.
فَائِدَتَانِ:
إحْدَاهُمَا: ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ: أَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ رحمه الله: إنَّمَا صَارَ إلَى أَنَّ الْوَاجِبَ خُمُسَا الْمُسَمَّى تَوْقِيفًا؛ لِأَنَّهُ نَقَلَ عَنْ عُثْمَانَ رضي الله عنه. وَوَجَّهَهَا الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله، فَقَالَ: الْمَهْرُ فِي نِكَاحِ الْعَبْدِ يَجِبُ بِخَمْسَةِ أَشْيَاءَ: النِّكَاحُ، وَعَقْدُ الصَّدَاقِ، وَإِذْنُ السَّيِّدِ فِي النِّكَاحِ، وَإِذْنُهُ فِي الصَّدَاقِ، وَالدُّخُولُ. فَإِذَا نَكَحَ بِلَا إذْنِهِ: فَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ، وَلَمْ يُوجَدْ إلَّا التَّسْمِيَةُ مِنْ الْعَبْدِ وَالدُّخُولُ. فَيَجِبُ الْخُمُسَانِ.
الثَّانِيَةُ: يَفْدِيهِ سَيِّدُهُ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ، أَوْ الْمَهْرِ الْوَاجِبِ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ زَوَّجَ السَّيِّدُ عَبْدَهُ أَمَتَهُ: لَمْ يَجِبْ مَهْرٌ) . ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ. وَاخْتَارَهُ هُوَ وَجَمَاعَةٌ. مِنْهُمْ الْقَاضِي. وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ. وَقِيلَ: يَجِبُ وَيَسْقُطُ. وَهُوَ رِوَايَةٌ فِي التَّبْصِرَةِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ. وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْكَافِي، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ.
وَعَنْهُ: يَجِبُ الْمَهْرُ، وَيُتْبَعُ بِهِ بَعْدَ عِتْقِهِ. نَقَلَهُ سِنْدِيٌّ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ: وَهُوَ الْمَنْصُوصُ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ. وَظَاهِرُ الْفُرُوعِ: إطْلَاقُ الْخِلَافِ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ زَوَّجَ عَبْدَهُ حُرَّةً، ثُمَّ بَاعَهَا الْعَبْدُ بِثَمَنٍ فِي الذِّمَّةِ: تَحَوَّلَ صَدَاقُهَا، أَوْ نِصْفُهُ إنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ إلَى ثَمَنِهِ) . يَعْنِي إذَا قُلْنَا: وَتَعَلَّقَ الْمَهْرُ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ. قَالَهُ الْأَصْحَابُ. فَأَمَّا إنْ قُلْنَا: يَتَعَلَّقُ بِذِمَّةِ السَّيِّدِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ. كَمَا تَقَدَّمَ: فَإِنْ كَانَ الْمَهْرُ وَثَمَنُ الْعَبْدِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ، وَاتَّفَقَا فِي الْحُلُولِ أَوْ التَّأْجِيلِ: تَقَاصَّا. وَأَمَّا إنْ قُلْنَا: إنَّ الْمَهْرَ يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتَيْهِمَا: فَإِنَّهُ يَسْقُطُ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. قَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. لِمِلْكِهَا الْعَبْدَ. وَالْمَالِكُ لَا يَجِبُ لَهُ شَيْءٌ عَلَى مَمْلُوكِهِ. وَالسَّيِّدُ تَبَعٌ لَهُ؛ لِأَنَّهُ ضَامِنٌ. وَيَبْقَى الثَّمَنُ لِلسَّيِّدِ عَلَيْهَا لِسُقُوطِ مَهْرِهَا. وَقِيلَ: لَا يَسْقُطُ، لِثُبُوتِهِ لَهَا عَلَيْهِمَا قَبْلَ أَنْ تَمْلِكَهُ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ: بِنَاءً عَلَى مَنْ ثَبَتَ لَهُ دَيْنٌ عَلَى عَبْدٍ ثُمَّ مَلَكَهُ. فَإِنَّ فِي سُقُوطِهِ وَجْهَيْنِ. قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: أَصْلُهُمَا مَنْ ثَبَتَ لَهُ دَيْنٌ عَلَى عَبْدٍ ثُمَّ مَلَكَهُ، هَلْ يَسْقُطُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. وَقَدَّمَ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ: السُّقُوطَ. وَقَالَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي. وَقِيلَ: لَا يَسْقُطُ، لِثُبُوتِهِ لَهَا قَبْلَ شِرَائِهِ. فَمَنْ ثَبَتَ لَهُ عَلَى عَبْدٍ دَيْنٌ، أَوْ أَرْشُ جَنَابَةٍ، ثُمَّ مَلَكَهُ: سَقَطَ. وَقِيلَ: لَا يَسْقُطُ. وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي أَوَاخِرِ بَابِ الْحَجْرِ
تَنْبِيهٌ:
صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ " تَحَوَّلَ صَدَاقُهَا، أَوْ نِصْفُهُ " أَنَّ شِرَاءَهَا لَهُ قَبْلَ الدُّخُولِ: لَا يُسْقِطُ نِصْفَ مَهْرِهَا. وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْخُلَاصَةِ هُنَا. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ هُنَا. وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ.
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يَسْقُطُ؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ إنَّمَا تَمَّ بِشِرَائِهَا، فَكَأَنَّهَا هِيَ الْفَاسِخَةُ. وَهُمَا وَجْهَانِ مُطْلَقَانِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ. وَيَأْتِي هَذَا مُحَرَّرًا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا إذَا جَاءَتْ الْفُرْقَةُ مِنْ جِهَتِهَا. قَوْلُهُ (وَإِنْ بَاعَهَا إيَّاهُ بِالصَّدَاقِ: صَحَّ، قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ) . هَذَا الْمَذْهَبُ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. مِنْهُمْ أَبُو بَكْرٍ، وَالْقَاضِي. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالشَّرْحِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَصِحَّ قَبْلَ الدُّخُولِ. وَهُوَ رِوَايَةٌ ذَكَرَهَا فِي الْفُرُوعِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَقَالَ: لِأَنَّهَا مَتَى مَلَكَتْهُ انْفَسَخَ النِّكَاحُ، قَالَ: فَعَلَى هَذَا يَجِبُ أَنْ لَا يَصِحَّ شِرَاؤُهَا لِزَوْجِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ؛ لِأَنَّهُ مُبْطِلٌ مَهْرَهَا؛ لِأَنَّ الْفُرْقَةَ بِسَبَبٍ مِنْ جِهَتِهَا. وَإِذَا بَطَلَ الْمَهْرُ بَطَلَ الشِّرَاءُ. قَالَ: وَهَذِهِ إحْدَى مَسَائِلِ الدَّوْرِ. قَالَ: وَعَلَى الْأَوَّلَةِ: السَّيِّدُ قَائِمٌ مَقَامَ الزَّوْجِ فِي تَوْفِيَةِ الْمَهْرِ، فَصَارَتْ الْفُرْقَةُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ. وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ: غَلَبَ فِيهَا حُكْمُ الزَّوْجِ كَالْخُلْعِ. وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الْفَسْخَ مِنْ جِهَةِ الزَّوْجِ: فَعَلَيْهِ نِصْفُ الْمَهْرِ. فَيَصِحُّ الْبَيْعُ. وَيَغْرَمُ النِّصْفَ الْآخَرَ. كَمَا لَوْ قَبَضَتْ جَمِيعَ الصَّدَاقِ، ثُمَّ طَلُقَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ؛ فَإِنَّهَا تَرُدُّ نِصْفَهُ. انْتَهَى.
قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَاخْتَارَ وَلَدُ صَاحِبِ التَّرْغِيبِ: أَنَّهُ إنْ تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ أَوْ ذِمَّتِهِ، وَسَقَطَ مَا فِي الذِّمَّةِ بِمِلْكٍ طَارِئٍ: بَرِئَتْ ذِمَّةُ السَّيِّدِ. فَعَلَى هَذَا: يَلْزَمُ الدَّوْرُ. فَيَكُونُ فِي الصِّحَّةِ، بَعْدَ الدُّخُولِ، الرِّوَايَتَانِ قَبْلَهُ. انْتَهَى فَعَلَى الْمَذْهَبِ وَهُوَ الصِّحَّةُ فِي رُجُوعِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ بِنِصْفِهِ، أَوْ بِجَمِيعِهِ: الرِّوَايَتَانِ الْمُتَقَدِّمَتَانِ.
فَائِدَةٌ:
لَوْ جَعَلَ السَّيِّدُ الْعَبْدَ مَهْرَهَا: بَطَلَ الْعَقْدُ كَمَنْ زَوَّجَ ابْنَهُ عَلَى رَقَبَةِ مَنْ يُعْتَقُ عَلَى الِابْنِ لَوْ مَلَكَهُ. إذْ نُقَدِّرُهُ لَهُ قَبْلَهَا. فَيُقَدَّرُ الْمِلْكُ فِيمَنْ يُعْتَقُ عَلَى الِابْنِ لِلِابْنِ قَبْلَ الزَّوْجَةِ. وَقِيلَ: عَقْدُ الزَّوْجِيَّةِ إذَا دَخَلَ فِي مِلْكِهِ هُوَ قَبْلَهَا: عَتَقَ عَلَيْهِ دُونَهَا.
قَوْلُهُ (وَتَمْلِكُ الْمَرْأَةُ الصَّدَاقَ الْمُسَمَّى بِالْعَقْدِ) . هَذَا الْمَذْهَبُ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هَذَا الْمَذْهَبُ الْمَعْرُوفُ الْمَجْزُومُ بِهِ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ. انْتَهَى.
وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ. وَعَنْهُ: لَا تَمْلِكُ إلَّا نِصْفَهُ. ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَمَنْ بَعْدَهُ.
قَوْلُهُ (فَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا كَالْعَبْدِ، وَالدَّارِ فَلَهَا التَّصَرُّفُ فِيهِ، وَنَمَاؤُهُ لَهَا. وَزَكَاتُهُ، وَنَقْصُهُ، وَضَمَانُهُ عَلَيْهَا، إلَّا أَنْ يَمْنَعَهَا قَبْضَهُ، فَيَكُونُ ضَمَانُهُ عَلَيْهِ) . وَهَذَا الْمَذْهَبُ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا وَقَالَ: هَذَا الْمَذْهَبُ وَغَيْرُهُمْ. وَعَنْهُ فِيمَنْ تَزَوَّجَ عَلَى عَبْدٍ فَفُقِئَتْ عَيْنُهُ إنْ كَانَتْ قَدْ قَبَضَتْهُ فَهُوَ لَهَا، وَإِلَّا فَهُوَ لِلزَّوْجِ. فَعَلَى هَذَا: لَا يَدْخُلُ فِي ضَمَانِهَا إلَّا بِقَبْضِهِ.
قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ: وَمَنْ شُرِطَ تَصَرُّفُهَا فِيهِ، وَدُخُولُهُ فِي ضَمَانِهِ: قَبَضَهُ، إلَّا الْمُتَمَيِّزُ. فَإِنَّهُ عَلَى رِوَايَتَيْنِ، كَمَا بَيَّنَّاهُ فِي الْبَيْعِ. وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَتَقَدَّمَ الضَّمَانُ وَالتَّصَرُّفُ فِي الْبَيْعِ. قَوْلُهُ (وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُعَيَّنٍ، كَقَفِيزٍ مِنْ صُبْرَةٍ: لَمْ يَدْخُلْ فِي ضَمَانِهَا، وَلَمْ تَمْلِكْ التَّصَرُّفَ فِيهِ إلَّا بِقَبْضِهِ كَالْمَبِيعِ) . قَالَهُ الْأَصْحَابُ. وَتَقَدَّمَ الْخِلَافُ فِي ذَلِكَ. وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَمَا يَحْصُلُ بِهِ الْقَبْضُ فِي آخِرِ بَابِ خِيَارِ الْبَيْعِ. فَإِنَّ هَذَا مِثْلَهُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ. وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ مِنْ كَلَامِهِ: أَنَّ مَا لَمْ يُنْتَقَضْ الْعَقْدُ بِهَلَاكِهِ كَالْمَهْرِ وَعِوَضِ الْخُلْعِ يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ قَبَضَتْ صَدَاقَهَا، ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ: رَجَعَ بِنِصْفِهِ إنْ كَانَ بَاقِيًا. وَيَدْخُلُ فِي مِلْكِهِ: حُكْمًا كَالْمِيرَاثِ) هَذَا الْمَذْهَبُ. نَصَّ عَلَيْهِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْكَافِي، وَالْمُغْنِي، وَالشَّارِحُ: هَذَا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْخُلَاصَةِ، وَالْمُنَوِّرِ. وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ، وَغَيْرِهِمْ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَدْخُلَ حَتَّى يُطَالَبَ بِهِ وَيَخْتَارَ. وَذَكَرَهُ الْقَاضِي، وَأَبُو الْخَطَّابِ. وَهُوَ وَجْهٌ لِبَعْضِهِمْ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ. قَالَ فِي التَّرْغِيبِ، وَالْبُلْغَةِ: أَصْلُ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ: الِاخْتِلَافُ فِيمَنْ بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ.
قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الْخَامِسَةِ وَالثَّمَانِينَ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ. وَلَا يَلْزَمُ مِنْ طَلَبِ الْعَفْوِ مِنْ الزَّوْجِ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمَالِكَ. فَإِنَّ الْعَفْوَ يَصِحُّ عَمَّا يَثْبُتُ فِيهِ حَقُّ التَّمَلُّكِ.
كَالشُّفْعَةِ. وَلَيْسَ فِي قَوْلِنَا " إنَّ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ: هُوَ الْأَبُ " مَا يَسْتَلْزِمُ أَنَّ الزَّوْجَ لَمْ يَمْلِكْ نِصْفَ الصَّدَاقِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَعْفُو عَنْ النِّصْفِ الْمُخْتَصِّ بِابْنَتِهِ. انْتَهَى.
فَعَلَى الْمَذْهَبِ: مَا حَصَلَ مِنْ النَّمَاءِ قَبْلَ ذَلِكَ: فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ. وَعَلَى الثَّانِي: يَكُونُ لَهَا. وَعَلَى الْمَذْهَبِ: لَوْ طَلَّقَهَا عَلَى أَنَّ الْمَهْرَ كُلَّهُ لَهَا: لَمْ يَصِحَّ الشَّرْطُ. وَعَلَى الثَّانِي: فِيهِ وَجْهَانِ. قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَعَلَى الْمَذْهَبِ أَيْضًا: لَوْ طَلَّقَ ثُمَّ عَفَا. فَفِي صِحَّتِهِ وَجْهَانِ. قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَيَصِحُّ عَلَى الثَّانِي، وَلَا يَتَصَرَّفُ. وَفِي التَّرْغِيبِ، عَلَى الثَّانِي: وَجْهَانِ. لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ خِيَارِ الْبَيْعِ وَخِيَارِ الْوَاهِبِ. وَيَأْتِي " إذَا طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ. وَكَانَ الصَّدَاقُ بَاقِيًا بِعَيْنِهِ. هَلْ يَجِبُ رَدُّهُ. أَمْ لَا؟ " بَعْدَ قَوْلِهِ " وَإِنْ نَقَصَ الصَّدَاقُ بِيَدِهَا ".
قَوْلُهُ (وَإِنْ كَانَ الصَّدَاقُ زَائِدًا زِيَادَةً مُنْفَصِلَةً: رَجَعَ فِي نِصْفِ الْأَصْلِ، وَالزِّيَادَةِ لَهَا) . هَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ. نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد، وَصَالِحٍ. وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: لَا يَرْجِعُ فِي نِصْفِ زِيَادَةٍ مُنْفَصِلَةٍ عَلَى الْأَصَحِّ. قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّمَانِينَ: هَذَا الْمَذْهَبُ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: لَهُ نِصْفُ الزِّيَادَةِ الْمُنْفَصِلَةِ.
تَنْبِيهٌ:
ظَاهِرُ قَوْلِهِ (رَجَعَ فِي نِصْفِ الْأَصْلِ وَالزِّيَادَةِ)
أَنَّ الْأَصْلَ لَوْ كَانَ أَمَةً، وَوَلَدَتْ عِنْدَهَا: أَنَّ الْوَلَدَ لَهَا. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ. فَإِنَّ الْوَلَدَ نَمَاءٌ مُنْفَصِلٌ. عَلَى الصَّحِيحِ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ. وَصَرَّحَ الْقَاضِي بِهِ فِي التَّعْلِيقِ. وَقَالَ فِي الْمُجَرَّدِ: لِلزَّوْجِ نِصْفُ قِيمَةِ الْأُمِّ. وَقَالَ فِي الْخِلَافِ: يَرْجِعُ بِنِصْفِ الْأَمَةِ. قَالَهُ فِي الْقَوَاعِدِ. وَاسْتَثْنَى أَبُو بَكْرٍ قَالَهُ فِي الْقَوَاعِدِ، وَصَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ، وَالْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَغَيْرُهُمْ مِنْ النَّمَاءِ الْمُنْفَصِلِ: وَلَدُ الْأَمَةِ. فَلَا يَجُوزُ لِلزَّوْجِ الرُّجُوعُ فِي نِصْفِ الْأَمَةِ، حَذَرًا مِنْ التَّفْرِيقِ فِي بَعْضِ الزَّمَانِ. قُلْت: وَفِي هَذَا نَظَرٌ ظَاهِرٌ. فَإِنَّ ذَلِكَ كَالْأَمَةِ الْمُشْتَرَكَةِ إذَا وَلَدَتْ. وَخَرَّجَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: أَنَّ الْوَلَدَ لِلْمَرْأَةِ، وَلَهَا نِصْفُ قِيمَةِ الْأُمِّ قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ: وَهَذَا ضَعِيفٌ جِدًّا. وَهُوَ كَمَا قَالَ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ كَانَتْ مُتَّصِلَةً: فَهِيَ مُخَيَّرَةٌ بَيْنَ دَفْعِ نِصْفِهِ زَائِدًا، وَبَيْنَ دَفْعِ نِصْفِ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْعَقْدِ) . اعْلَمْ أَنَّ الزِّيَادَةَ الْمُتَّصِلَةَ: لِلزَّوْجَةِ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ الرُّجُوعُ فِيهَا. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ. قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الْحَادِيَةِ وَالثَّمَانِينَ: ذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ. وَلَمْ يُعْلَمْ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الْأَصْحَابِ خِلَافُهُ، حَتَّى جَعَلَهُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ رِوَايَةً وَاحِدَةً. وَخَرَّجَ الْمَجْدُ، وَمَنْ تَبِعَهُ: رِوَايَةً بِوُجُوبِ دَفْعِ النِّصْفِ بِزِيَادَتِهِ مِنْ الرِّوَايَةِ الَّتِي فِي الْمُنْفَصِلَةِ. وَهَذَا التَّخْرِيجُ رِوَايَةٌ فِي التَّرْغِيبِ. وَأَطْلَقَ فِي الْمُوجَزِ وَالرِّوَايَتَيْنِ فِي النَّمَاءِ. وَقَالَ فِي التَّبْصِرَةِ: لَهَا نَمَاؤُهُ بِتَعْيِينِهِ. وَعَنْهُ: بِقَبْضِهِ. وَخَرَّجَ فِي الْقَوَاعِدِ وَجْهًا آخَرَ، بِالرُّجُوعِ فِي النِّصْفِ بِزِيَادَتِهِ، وَبِرَدِّ قِيمَةِ الزِّيَادَةِ كَمَا فِي الْفَسْخِ بِالْعَيْبِ.
قَالَ: وَهَذَا الْحُكْمُ إذَا كَانَتْ الْعَيْنُ يُمْكِنُ فَصْلُهَا وَقِسْمَتُهَا. وَأَمَّا إنْ لَمْ يُمْكِنْ: فَهُوَ شَرِيكٌ بِقِيمَةِ النِّصْفِ يَوْمَ الْإِصْدَاقِ.
تَنْبِيهَانِ:
أَحَدُهُمَا: مَحَلُّ الْخِيرَةِ لِلزَّوْجَةِ: إذَا كَانَتْ غَيْرَ مَحْجُورٍ عَلَيْهَا. فَأَمَّا الْمَحْجُورُ عَلَيْهَا: فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تُعْطِيَهُ إلَّا نِصْفَ الْقِيمَةِ. قَالَهُ الْمُصَنِّفُ، وَغَيْرُهُ. وَهُوَ وَاضِحٌ.
الثَّانِي: ظَاهِرُ قَوْلِهِ (وَبَيْنَ دَفْعِ نِصْفِ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْعَقْدِ) أَنَّهُ سَوَاءٌ كَانَ مُتَمَيِّزًا، أَوْ لَا. كَذَا قَالَ الْخِرَقِيُّ، وَالْمُصَنِّفُ فِي الْمُغْنِي، وَالْكَافِي، وَالشَّارِحُ، وَابْنُ حَمْدَانَ فِي رِعَايَتَيْهِ، وَغَيْرُهُمْ. وَحَرَّرَ فِي الْمُحَرَّرِ، وَتَبِعَهُ فِي الْفُرُوعِ، فَقَالَا: إنْ كَانَ الْمَهْرُ الْمُتَمَيِّزُ يُضْمَنُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ: فَلَهُ نِصْفُ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْعَقْدِ. وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُتَمَيِّزٍ: فَلَهُ قِيمَةُ نِصْفِهِ يَوْمَ الْفُرْقَةِ، عَلَى أَدْنَى صِفَةٍ مِنْ وَقْتِ الْعَقْدِ إلَى وَقْتِ قَبْضِهِ. وَفِي الْكَافِي: إلَى وَقْتِ التَّمْكِينِ مِنْهُ. قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ. وَيُحْمَلُ كَلَامُ الْخِرَقِيِّ، وَأَبِي مُحَمَّدٍ، وَمَنْ تَابَعَهُمَا عَلَى ذَلِكَ. قَالَ: إذْ الزِّيَادَةُ فِي غَيْرِ الْمُتَمَيِّزِ: صُورَةٌ نَادِرَةٌ. وَلِذَلِكَ عَلَّلَ أَبُو مُحَمَّدٍ: بِأَنَّ ضَمَانَ النَّقْصِ عَلَيْهَا. فَعُلِمَ أَنَّ كَلَامَهُ فِي الْمُتَمَيِّزِ. انْتَهَى.
وَقَالَ فِي الْبُلْغَةِ، وَالتَّرْغِيبِ: الْمَهْرُ الْمُعَيَّنُ قَبْلَ قَبْضِهِ: هَلْ هُوَ بِيَدِهِ أَمَانَةٌ، أَوْ مَضْمُونٌ، فَيَكُونُ مُؤْنَةُ دَفْنِ الْعَبْدِ عَلَيْهِ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ. وَبَنَى عَلَيْهِمَا التَّصَرُّفَ وَالنَّمَاءَ، وَتَلَفِهِ. وَعَلَى الْقَوْلِ بِضَمَانِهِ: هَلْ هُوَ ضَمَانُ عَقْدٍ، بِحَيْثُ يَنْفَسِخُ فِي الْمُعَيَّنِ، وَيَبْقَى فِي تَقْدِيرِ الْمَالِيَّةِ يَوْمَ الْإِصْدَاقِ، أَوْ ضَمَانَ يَدٍ، بِحَيْثُ تَجِبُ الْقِيمَةُ يَوْمَ تَلَفِهِ كَعَارِيَّةٍ؟ فِيهِ وَجْهَانِ
ثُمَّ ذَكَرَ: أَنَّ الْقَاضِيَ، وَجَمَاعَةً، قَالُوا: مَا نَفْتَقِرُ تَوْفِيَتَهُ إلَى مِعْيَارٍ: ضَمِنَهُ، وَإِلَّا فَلَا كَبَيْعٍ. انْتَهَى. وَالْوَجْهَانِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ كَانَ نَاقِصًا، خُيِّرَ الزَّوْجُ بَيْنَ أَخْذِهِ نَاقِصًا. وَلَا شَيْءَ لَهُ غَيْرَهُ، وَبَيْنَ نِصْفِ الْقِيمَةِ وَقْتَ الْعَقْدِ) وَهُوَ الْمَذْهَبُ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ اخْتِيَارُ الْأَكْثَرِينَ. قَالَ فِي الْبُلْغَةِ: وَلَا أَرْشَ عَلَى الْأَصَحِّ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَغَيْرِهِمْ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: وَحَكَى شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ رِوَايَةً أُخْرَى: أَنَّهُ إنْ اخْتَارَ أَنْ يَأْخُذَ نِصْفَهُ نَاقِصًا، وَيَرْجِعَ عَلَيْهَا بِنِصْفِ النُّقْصَانِ، فَلَهُ ذَلِكَ. وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ. وَقَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: وَخَرَّجَ الْقَاضِي رِوَايَةً بِالْأَرْشِ مَعَ نِصْفِهِ. قَالَ الشَّارِحُ، قَالَ الْقَاضِي: الْقِيَاسُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ كَالْمَبِيعِ يُمْسِكْهُ وَيُطَالِبُ بِالْأَرْشِ. وَرَدَّهُ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ. وَفِي التَّبْصِرَةِ رِوَايَةً ثَالِثَةً وَقَدَّمَهَا: لَهُ نِصْفُهُ بِأَرْشِهِ بِلَا تَخْيِيرٍ.
تَنْبِيهٌ:
مَحَلُّ ذَلِكَ، إذَا حَدَثَ ذَلِكَ عِنْدَ الزَّوْجَةِ. فَأَمَّا إنْ كَانَ بِجِنَايَةِ جَانٍ، فَالصَّحِيحُ: أَنَّ لَهُ مَعَ ذَلِكَ نِصْفَ الْأَرْشِ. قَالَهُ فِي الْبُلْغَةِ وَغَيْرِهِ. وَهُوَ وَاضِحٌ. [وَعِبَارَتُهَا، وَأَمَّا النُّقْصَانُ: فَإِنْ تَعَيَّبَ فِي يَدِهَا تَخَيَّرَ هُوَ. فَإِنْ شَاءَ رَجَعَ بِقِيمَةِ النِّصْفِ سَلِيمًا. وَإِنْ شَاءَ قَنَعَ بِهِ مَعِيبًا، إلَّا أَنْ يَكُونَ بِحِيَازَتِهِ جَازَ. فَالصَّحِيحُ: أَنَّ لَهُ مَعَ ذَلِكَ نِصْفَ الْأَرْشِ] .
فَائِدَةٌ:
قَوْلُهُ " وَقْتَ الْعَقْدِ " هَذَا أَحَدُ الْأَقْوَالِ، وَقَالَهُ الْخِرَقِيُّ. وَاعْتَبَرَ الْقَاضِي أَخْذَ الْقِيمَةِ بِيَوْمِ الْقَبْضِ. وَقَالَ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمَا: لَهُ نِصْفُ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْفُرْقَةِ عَلَى أَدْنَى صِفَاتِهِ، مِنْ يَوْمِ الْعَقْدِ إلَى يَوْمِ الْقَبْضِ، إلَّا الْمُتَمَيِّزَ إذَا قُلْنَا: إنَّهُ يَضْمَنُهُ بِالْعَقْدِ. فَتُعْتَبَرُ صِفَتُهُ وَقْتَ الْعَقْدِ. كَمَا تَقَدَّمَ فِي الزِّيَادَةِ الْمُتَّصِلَةِ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ كَانَ تَالِفًا، أَوْ مُسْتَحَقًّا بِدَيْنٍ، أَوْ شُفْعَةٍ: فَلَهُ نِصْفُ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْعَقْدِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ مِثْلِيًّا، فَيَرْجِعَ بِنِصْفِ مِثْلِهِ) . إذَا فَاتَ مَا قَبَضَتْهُ بِتَلَفٍ، أَوْ انْتِقَالٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ. فَإِنْ كَانَ مِثْلِيًّا: فَلَهُ نِصْفُ مِثْلِهِ. وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مِثْلِيٍّ، فَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ: أَنَّ لَهُ نِصْفَ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْعَقْدِ. وَقَالَهُ الْخِرَقِيُّ. وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ. وَقَالَ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمَا: إنْ كَانَ مُتَمَيِّزًا وَقُلْنَا: يَضْمَنُهُ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، كَمَا تَقَدَّمَ اُعْتُبِرَتْ صِفَتُهُ وَقْتَ الْعَقْدِ. وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُتَمَيِّزٍ: فَلَهُ نِصْفُ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْفُرْقَةِ عَلَى أَدْنَى صِفَاتِهِ مِنْ يَوْمِ الْعَقْدِ إلَى يَوْمِ الْقَبْضِ. كَمَا تَقَدَّمَ فِي نَظَائِرِهِ. فَإِنَّهُمْ قَدْ قَطَعُوا فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ بِذَلِكَ. وَقَالَ الْقَاضِي: لَهُ الْقِيمَةُ أَقَلَّ مَا كَانَتْ يَوْمَ الْعَقْدِ إلَى يَوْمِ الْقَبْضِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ: هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الصَّدَاقَ لَا يَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمَرْأَةِ إلَّا بِقَبْضِهِ. وَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا كَالْمَبِيعِ فِي رِوَايَةٍ.
فَائِدَةٌ:
لَوْ طَلَّقَ قَبْلَ أَخْذِ الشَّفِيعِ، فَقِيلَ: يُقَدَّمُ الشَّفِيعُ. وَهُوَ الصَّحِيحُ. قَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ أَسْبَقُ. وَقِيلَ: يُقَدَّمُ الزَّوْجُ، لِأَنَّ حَقَّهُ آكَدُ. لِثُبُوتِهِ بِنَصِّ الْقُرْآنِ وَالْإِجْمَاعِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي، وَالْفُرُوعِ، وَالشَّرْحِ، وَغَيْرِهِمْ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ نَقَصَ الصَّدَاقُ فِي يَدِهَا بَعْدَ الطَّلَاقِ: فَهَلْ تَضْمَنُ. نَقْصَهُ؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ) . فَإِذَا كَانَتْ مَنَعَتْهُ مِنْهُ بَعْدَ طَلَبِهِ مِنْهَا حَتَّى نَقَصَ، أَوْ تَلِفَ: فَعَلَيْهَا الضَّمَانُ لِأَنَّهَا غَاصِبَةٌ. وَإِنْ تَلِفَ، أَوْ نَقَصَ قَبْلَ الْمُطَالَبَةِ، بَعْدَ الطَّلَاقِ، فَقَالَ الْمُصَنِّفُ هُنَا: يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ. وَكَذَا قَالَ فِي الْهِدَايَةِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ.
أَحَدُهُمَا: تَضْمَنُهُ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ. جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَمُنْتَخَبِ الْأَزَجِيِّ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ.
وَالثَّانِي: لَا تَضْمَنُهُ. اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَقَالَا: هُوَ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: لَمْ تَضْمَنْ فِي الْأَصَحِّ. وَقِيلَ: لَا تَضْمَنُ الْمُتَمَيِّزَ. ذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ. وَقِيلَ: هُوَ كَتَلَفِهِ فِي يَدِهِ قَبْلَ طَلَبِهَا.
فَوَائِدُ:
إحْدَاهَا: لَوْ زَادَ الصَّدَاقُ مِنْ وَجْهٍ، وَنَقَصَ مِنْ وَجْهٍ كَعَبْدٍ صَغِيرٍ كَبُرَ، وَمَصُوغٍ كَسَرَتْهُ وَأَعَادَتْهُ عَلَى صِيَاغَةٍ أُخْرَى، وَحَمْلِ الْأَمَةِ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا الْخِيَارُ. قَالَهُ فِي الْبُلْغَةِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ، وَقَالُوا: حَمْلُ الْبَهِيمَةِ زِيَادَةٌ مَحْضَةٌ مَا لَمْ يَفْسُدْ اللَّحْمُ. وَالزَّرْعُ وَالْغَرْسُ: نَقْصٌ لِلْأَرْضِ، وَالْإِجَارَةِ. وَالنِّكَاحِ: نَقْصٌ. وَلَا أَثَرَ لِمَصُوغٍ كَسَرَتْهُ وَأَعَادَتْهُ كَمَا كَانَ، أَوْ أَمَةٍ سَمِنَتْ ثُمَّ هَزَلَتْ ثُمَّ سَمِنَتْ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ.
وَفِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ: وَجْهَانِ. وَلَا أَثَرَ أَيْضًا لِارْتِفَاعِ سُوقٍ، وَلَا لِنَقْلِهَا الْمِلْكَ فِيهِ، ثُمَّ طَلَّقَ وَهُوَ بِيَدِهَا. وَلَا يُشْتَرَطُ لِلْخِيَارِ زِيَادَةُ الْقِيمَةِ. بَلْ مَا فِيهِ غَرَضٌ مَقْصُودٌ قَالَهُ فِي الْبُلْغَةِ، وَالتَّرْغِيبِ، وَغَيْرِهِمَا. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَظَاهِرُ كَلَامِ بَعْضِهِمْ: خِلَافُهُ.
الثَّانِيَةُ: إنْ كَانَ النَّخْلُ حَائِلًا ثُمَّ أَطْلَعَتْ. فَزِيَادَةٌ مُتَّصِلَةٌ. وَكَذَا مَا أَبَرَّ. قَالَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ، وَغَيْرُهُمْ. وَقَالَ فِي الْبُلْغَةِ: زِيَادَةٌ مُتَّصِلَةٌ عَلَى الْمَشْهُورِ. وَذَكَرَ فِي التَّرْغِيبِ: وَجْهَيْنِ.
الثَّالِثَةُ: لَوْ أَصْدَقَهَا أَمَةً حَامِلًا، فَوَلَدَتْ: لَمْ يَرْجِعْ فِي نِصْفِهِ. إنْ قُلْنَا: لَا يُقَابِلُهُ قِسْطٌ مِنْ الثَّمَنِ. وَإِنْ قُلْنَا يُقَابِلُهُ: فَهُوَ بَعْضُ مَهْرٍ زَادَ زِيَادَةً لَا تَتَمَيَّزُ. فَفِي لُزُومِهَا نِصْفُ قِيمَتِهِ، وَلُزُومِهِ قَبُولُ نِصْفِ الْأَرْضِ بِنِصْفِ زَرْعِهَا: وَجْهَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ فِيهِمَا. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَفِي الْبُلْغَةِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، فِي الْأَوْلَى. وَاخْتَارَ الْقَاضِي: أَنَّهُ يَلْزَمُهُ قَبُولُ نِصْفِ الْأَرْضِ بِنِصْفِ زَرْعِهَا. وَالصَّحِيحُ: أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ. قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ.
الرَّابِعَةُ: مِمَّا يَمْنَعُ الرُّجُوعَ: الْبَيْعُ، وَالْهِبَةُ الْمَقْبُوضَةُ، وَالْعِتْقُ. كَذَا الرَّهْنُ، وَالْكِتَابَةُ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. قَدَّمَهُ فِي الْبُلْغَةِ، وَالرِّعَايَةِ. وَقِيلَ: يَرْجِعُ إلَى نِصْفِ الْمُكَاتَبِ إنْ اخْتَارَ. وَيَكُونُ عَلَى كِتَابَتِهِ. وَلَوْ قَالَ فِي الرَّهْنِ " أَنَا أَصْبِرُ إلَى فِكَاكِهِ " فَصَبَرَ: لَمْ يَلْزَمْهَا دَفْعُ الْعَيْنِ كَمَا لَوْ رَجَعَتْ بِالِابْتِيَاعِ بَعْدَ الطَّلَاقِ وَهَلْ يَمْنَعُ التَّدْبِيرُ الرُّجُوعَ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْبُلْغَةِ.
وَقَدَّمَ فِي الرِّعَايَةِ: أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّارِحُ: هَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّهُ وَصِيَّةٌ، أَوْ تَعْلِيقُ نِصْفِهِ. وَكِلَاهُمَا لَا يَمْنَعُ الرُّجُوعَ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: لَهُ الرُّجُوعُ فِي الْمُدَبَّرِ، إنْ رَجَعَ فِيهِ بِقَوْلٍ. وَفِي لُزُومِ الْمَرْأَةِ رَدُّ نِصْفِهِ قَبْلَ تَقْبِيضِ هِبَةٍ، وَرَهْنٍ، وَفِي مُدَّةِ خِيَارِ بَيْعٍ: وَجْهَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ.
أَحَدُهُمَا: لَا يَلْزَمُهَا ذَلِكَ. قَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ.
وَالثَّانِي: يَلْزَمُهَا.
الْخَامِسَةُ: لَوْ أَصْدَقَهَا صَيْدًا، ثُمَّ طَلَّقَ وَهُوَ مُحْرِمٌ. فَإِنْ لَمْ يَمْلِكْهُ بِإِرْثٍ فِي الْإِحْرَامِ: فَلَهُ هُنَا نِصْفُ قِيمَتِهِ. وَإِلَّا فَهَلْ يُقَدَّمُ حَقُّ اللَّهِ، فَيُرْسِلُهُ وَيَغْرَمُ لَهَا قِيمَةُ النِّصْفِ، أَوْ يُقَدَّمُ حَقُّ الْآدَمِيِّ فَيُمْسِكُهُ، وَيَبْقَى مِلْكُ الْمُحَرَّمِ ضَرُورَةً، أَمْ هُمَا سَوَاءٌ فَيُخَيَّرَانِ؟ فِيهِ الْأَوْجُهُ. وَأَطْلَقَهُنَّ فِي الْفُرُوعِ. فَعَلَى الْوَجْهِ الثَّالِثِ: لَوْ أَرْسَلَهُ بِرِضَاهَا: غَرِمَ لَهَا، وَإِلَّا بَقِيَا مُشْتَرَكَيْنِ. قَالَ فِي التَّرْغِيبِ: يَنْبَنِي عَلَى حُكْمِ الصَّيْدِ الْمَمْلُوكِ بَيْنَ مُحَلٍّ وَمُحَرَّمٍ.
السَّادِسَةُ: لَوْ أَصْدَقَهَا ثَوْبًا فَصَبَغَتْهُ، أَوْ أَرْضًا فَبَنَتْهَا، فَبَذَلَ الزَّوْجُ قِيمَةَ زِيَادَتِهِ لِتَمَلُّكِهِ: فَلَهُ ذَلِكَ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَالْخِرَقِيُّ. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: فَلَهُ ذَلِكَ عِنْدَ الْخِرَقِيِّ، وَالشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ. وَقَالَ الْقَاضِي: لَيْسَ لَهُ إلَّا الْقِيمَةُ. انْتَهَى.
فَلَوْ بَذَلَتْ الْمَرْأَةُ النِّصْفَ بِزِيَادَتِهِ: لَزِمَ الزَّوْجَ قَبُولُهُ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، قُلْت: وَيَتَخَرَّجُ عَدَمُ اللُّزُومِ مِمَّا إذَا وَهَبَ الْعَامِرُ تَزْوِيقَ الدَّارِ وَنَحْوَهَا لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ. وَهُوَ أَظْهَرُ فِي الْبِنَاءِ. انْتَهَى.
السَّابِعَةُ: لَوْ فَاتَ نِصْفُ الصَّدَاقِ مُشَاعًا: فَلَهُ النِّصْفُ الْبَاقِي. وَكَذَا لَوْ فَاتَ النِّصْفُ مُعَيَّنًا مِنْ الْمُتَنَصِّفِ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. فَيَأْخُذُ النِّصْفَ الْبَاقِيَ. قَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّارِحُ: لَهُ نِصْفُ الْبَقِيَّةِ، وَنِصْفُ قِيمَةِ الْفَائِتِ أَوْ مِثْلُهُ.
الثَّامِنَةُ: إنْ قَبَضَتْ الْمُسَمَّى فِي الذِّمَّةِ فَهُوَ كَالْمُعَيَّنِ، إلَّا أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِنَمَائِهِ مُطْلَقًا. وَيُعْتَبَرُ فِي تَقْوِيمِهِ صِفَةُ يَوْمِ قَبْضِهِ، وَفِي وُجُوبِ رَدِّهِ بِعَيْنِهِ وَجْهَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالنَّظْمِ، وَالْفُرُوعِ
أَحَدُهُمَا: يَجِبُ رَدُّهُ بِعَيْنِهِ. جَزَمَ بِهِ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَجِبُ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ (وَالزَّوْجُ هُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ) . هَذَا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ. وَهُوَ الْمَشْهُورُ. وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ. حَتَّى قَالَ أَبُو حَفْصٍ: رَجَعَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رحمه الله عَنْ الْقَوْلِ بِأَنَّهُ الْأَبُ. وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ، وَغَيْرُهُ. وَاخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ، وَأَبُو حَفْصٍ، وَالْقَاضِي، وَأَصْحَابُهُ، وَغَيْرُهُمْ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَعَنْهُ: أَنَّهُ الْأَبُ. قَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ. وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله، وَقَالَ: لَيْسَ فِي كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله: أَنَّ عَفْوَهُ صَحِيحٌ، لِأَنَّ بِيَدِهِ عُقْدَةَ النِّكَاحِ. بَلْ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِهَا مَا شَاءَ. وَتَعْلِيلُهُ بِالْأَخْذِ مِنْ مَالِهَا مَا شَاءَ: يَقْتَضِي جَوَازَ الْعَفْوِ بَعْدَ الدُّخُولِ عَنْ الصَّدَاقِ كُلِّهِ. وَكَذَلِكَ سَائِرُ الدُّيُونِ.
وَأَطْلَقَ الرِّوَايَتَيْنِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْبُلْغَةِ. وَقِيلَ: سَيِّدُ الْأَمَةِ كَالْأَبِ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ: إذَا طَلَّقَ قَبْلَ الدُّخُولِ، فَأَيُّهُمَا عَفَى لِصَاحِبِهِ عَمَّا وَجَبَ لَهُ مِنْ الْمَهْرِ وَهُوَ جَائِزُ الْأَمْرِ فِي مَالِهِ بَرِئَ مِنْهُ صَاحِبُهُ.
وَعَلَى الثَّانِيَةِ: لِلْأَبِ أَنْ يَعْفُوَ عَنْ نِصْفِ مَهْرِ ابْنَتِهِ الصَّغِيرَةِ، إذَا طَلُقَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ. كَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا. وَكَلَامُهُ يَشْمَلُ الْبِكْرَ وَالثَّيِّبَ الصَّغِيرَتَيْنِ. وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعِبَارَتُهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْبُلْغَةِ، وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ، وَغَيْرِهِمْ: كَعِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَقَالَ فِي الْمُغْنِي، وَالْكَافِي، وَالشَّرْحِ: لَيْسَ لِلْأَبِ ذَلِكَ إذَا كَانَتْ بِكْرًا صَغِيرَةً. وَاشْتَرَطَ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ: الْبَكَارَةَ لَا غَيْرُ.
فَائِدَةٌ:
الْمَجْنُونَةُ كَالْبِكْرِ الصَّغِيرَةِ.
تَنْبِيهَانِ:
الْأَوَّلُ: مَفْهُومُ قَوْلِهِ " ابْنَتُهُ الصَّغِيرَةُ " أَنَّ الْأَبَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْ مَهْرِ ابْنَتِهِ الْبِكْرِ الْبَالِغَةِ. وَهُوَ صَحِيحٌ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ، وَابْنُ الْبِنَاءِ، وَصَاحِبُ الْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْبُلْغَةِ، وَالْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ، وَغَيْرُهُمْ. وَاخْتَارَ جَمَاعَةٌ: أَنَّهَا كَالصَّغِيرَةِ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ.
وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي النَّظْمِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْبُلْغَةِ. وَقَالَ فِي التَّرْغِيبِ، وَالْبُلْغَةِ أَيْضًا: أَصْلُ الْوَجْهَيْنِ: هَلْ يَنْفَكُّ الْحَجْرُ بِالْبُلُوغِ أَمْ لَا؟ وَلَمْ يُقَيِّدْ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ بِصِغَرٍ وَكِبَرٍ، وَبَكَارَةٍ وَثُيُوبَةٍ.
الثَّانِي: ظَاهِرُ قَوْلِهِ " لِلْأَبِ أَنْ يَعْفُوَ " أَنَّ غَيْرَهُ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَعْفُوَ. وَهُوَ صَحِيحٌ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَقَطَعُوا بِهِ. وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ رِوَايَةً فِي عَفْوِ الْوَلِيِّ فِي حَقِّ الصَّغِيرَةِ. قُلْت: إذَا رَأَى الْوَلِيُّ
الْمَصْلَحَةَ
فِي ذَلِكَ، فَلَا بَأْسَ بِهِ.
الثَّالِثُ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ: أَنَّ الْمَعْفُوَّ عَنْهُ مِنْ الصَّدَاقِ، سَوَاءٌ كَانَ دَيْنًا أَوْ عَيْنًا. وَهُوَ صَحِيحٌ وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. قَالَ فِي الْبُلْغَةِ: قَالَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله وَالْجُمْهُورِ. وَقِيلَ: مِنْ شَرْطِهِ: أَنْ يَكُونَ دَيْنًا. قَدَّمَهُ فِي الْبُلْغَةِ، وَالتَّرْغِيبِ. فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْ عَيْنٍ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: نَعَمْ، يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ مَقْبُوضًا. وَهُوَ مَفْهُومٌ مِنْ كَلَامِهِمْ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ هِبَةً لَا عَفْوًا.
الرَّابِعُ: مَفْهُومُ قَوْلِهِ " إذْ طَلُقَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ ". أَنَّهَا إذَا طَلُقَتْ بَعْدَ الدُّخُولِ لَيْسَ لِلْأَبِ الْعَفْوُ. وَهُوَ صَحِيحٌ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. قَالَ فِي الْبُلْغَةِ: لَا يَمْلِكُهُ فِي أَظْهَرِ الْوَجْهَيْنِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَغَيْرِهِمَا. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقِيلَ: لَهُ ذَلِكَ، مَا لَمْ تَلِدْ، أَوْ يَمْضِي لَهَا سَنَةٌ فِي بَيْتِ الزَّوْجِ.
وَهُوَ مَبْنِيٌّ أَيْضًا عَلَى أَنَّهُ: هَلْ يَنْفَكُّ الْحَجْرُ عَنْهَا بِالْبُلُوغِ أَمْ لَا؟ قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ. وَقَالَ فِيهِ، وَفِي الْبُلْغَةِ: وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ: يَنْبَنِي مِلْكُ الْأَبِ لِقَبْضِ صَدَاقِ ابْنَتِهِ الْبَالِغَةِ الرَّشِيدَةِ.
فَائِدَةٌ:
إنْ كَانَ الْعَفْوُ عَنْ دَيْنٍ: سَقَطَ بِلَفْظِ " الْهِبَةِ " وَ " التَّمْلِيكِ " وَ " الْإِسْقَاطِ " وَ " الْإِبْرَاءِ " وَ " الْعَفْوِ " وَ " الصَّدَقَةِ " وَ " التَّرْكِ " وَلَا يَفْتَقِرُ إلَى قَبُولٍ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: يَفْتَقِرُ. وَإِنْ كَانَ الْعَفْوُ عَنْ عَيْنٍ: صَحَّ. بِلَفْظِ " الْهِبَةِ " وَ " التَّمْلِيكِ " وَغَيْرِهِمَا، كَعَفَوْت عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. اخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَالْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَصَاحِبُ الْقَوَاعِدِ، وَغَيْرُهُمْ. وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ بِهَا. اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْبُلْغَةِ، وَالرِّعَايَةِ، وَقَدَّمَ: أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بِالْإِبْرَاءِ. وَاقْتَصَرَ فِي التَّرْغِيبِ عَلَى " وَهَبْت " وَ " مَلَكْت ". وَقَالَ فِي الْقَوَاعِدِ: وَإِنْ كَانَ عَيْنًا وَقُلْنَا: لَمْ يَمْلِكْهُ الزَّوْجُ، وَإِنَّمَا يَثْبُتُ لَهُ حَقُّ التَّمْلِيكِ فَكَذَلِكَ. يَعْنِي: هُوَ كَالْعَفْوِ عَنْهُ إذَا كَانَ دَيْنًا. وَهَلْ يَفْتَقِرُ إلَى قَبُولِهِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْبُلْغَةِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ. قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ: قَالَ الْقَاضِي، وَابْنُ عَقِيلٍ: يُشْتَرَطُ هُنَا الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ الْقَبْضُ. وَالصَّحِيحُ: أَنَّ الْقَبْضَ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْفُسُوخِ، كَالْإِقَالَةِ وَنَحْوِهِ. صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْهِبَةِ فِي الْعَيْنِ، وَبَعْدَهُ بِيَسِيرِهِ فِي الدَّيْنِ، فِي إبْرَاءِ الْغَرِيمِ، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ عَفْوُ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ.
قَوْلُهُ (وَإِذَا أَبْرَأَتْ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا مِنْ صَدَاقِهَا، أَوْ وَهَبَتْهُ لَهُ. ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ: رَجَعَ عَلَيْهَا بِنِصْفِهِ) . هَذَا الْمَذْهَبُ. اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ. وَعَنْهُ: لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ عَقْدَ الْهِبَةِ لَا يَقْتَضِي ضَمَانًا. وَعَنْهُ: لَا يَرْجِعُ مَعَ الْهِبَةِ. وَيَرْجِعُ مَعَ الْإِبْرَاءِ قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ: وَهُوَ الْأَصَحُّ. قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ: هَلْ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِبَدَلِ نِصْفِهَا؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. فَإِنْ قُلْنَا: يَرْجِعُ، فَهَلْ يَرْجِعُ إذَا كَانَ الصَّدَاقُ دَيْنًا فَأَبْرَأَتْهُ مِنْهُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ أَصَحُّهُمَا: لَا يَرْجِعُ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ لَمْ يَزُلْ عَنْهُ. انْتَهَى.
قَالَ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ: فَلَوْ وَهَبَتْهُ بَعْدَ قَبْضِهِ، ثُمَّ طَلَّقَ قَبْلَ مَسٍّ: رَجَعَ بِنِصْفِهِ. لَا إنْ أَبْرَأَتْهُ، عَلَى الْأَظْهَرِ فِيهِمَا. وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ: فَإِنْ كَانَ الصَّدَاقُ دَيْنًا، فَأَبْرَأَتْهُ مِنْهُ. فَإِنْ قُلْنَا: لَا يَرْجِعُ فِي الْمُعَيَّنِ، فَهُنَا أَوْلَى. وَإِنْ قُلْنَا يَرْجِعُ هُنَاكَ: خَرَجَ هُنَا وَجْهَانِ، الرُّجُوعُ وَعَدَمُهُ. وَكَذَا قَالَ فِي الْبُلْغَةِ. وَقَالَ فِيهَا، وَفِي التَّرْغِيبِ: أَصْلُ الْخِلَافِ فِي الْإِبْرَاءِ: هَلْ زَكَاتُهُ إذَا مَضَى عَلَيْهِ أَحْوَالٌ وَهُوَ دَيْنٌ عَلَى الزَّوْجَةِ، أَوْ عَلَى الزَّوْجِ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَكَلَامُهُ فِي الْمُغْنِي: عَلَى أَنَّهُ إسْقَاطٌ، أَوْ تَمْلِيكٌ.
فَوَائِدُ:
أَحَدُهَا: لَوْ وَهَبَتْهُ، [أَوْ أَبْرَأَتْهُ مِنْ نِصْفِهِ أَوْ] بَعْضِهِ [فِيهِمَا] ثُمَّ تَنَصَّفَ: رَجَعَ بِالْبَاقِي، عَلَى الرِّوَايَةِ الْأُولَى. وَبِنِصْفِهِ [أَوْ بِبَاقِيهِ] ، عَلَى الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى
قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ: وَهِيَ أَصَحُّ. وَقِيلَ: لَهُ نِصْفُ الْبَاقِي، وَرُبُعُ بَدَلِ الْكُلِّ، أَوْ نِصْفُ بَدَلِ الْكُلِّ فَقَطْ. وَقِيلَ: يَرْجِعُ فِي الْإِبْرَاءِ مِنْ الْمُعَيَّنِ، دُونَ الدَّيْنِ. ذَكَرَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَإِنْ وَهَبَتْهُ بَعْضَهُ، ثُمَّ تَنَصَّفَ: رَجَعَ بِنِصْفِ غَيْرِ الْمَوْهُوبِ. وَنِصْفُ الْمَوْهُوبِ اسْتَقَرَّ مِلْكًا لَهُ، فَلَا يَرْجِعُ بِهِ. وَنِصْفُهُ الَّذِي لَمْ يَسْتَقِرَّ: يَرْجِعُ بِهِ، عَلَى الْأُولَى، لَا الثَّانِيَةِ. وَفِي الْمُنْتَخَبِ: عَلَيْهَا احْتِمَالٌ.
الثَّانِيَةُ: لَوْ وَهَبَ الثَّمَنَ لِمُشْتَرٍ، فَظَهَرَ الْمُشْتَرِي عَلَى عَيْبٍ. فَهَلْ بَعْدَ الرَّدِّ لَهَا الْأَرْشُ، أَمْ تَرُدُّهُ وَلَهُ ثَمَنُهُ؟ وَقَالَ فِي التَّرْغِيبِ: الْقِيمَةُ فِيهِ الْخِلَافُ، قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَقَالَ فِي الْقَوَاعِدِ: فِيهِ طَرِيقَانِ:
أَحَدُهُمَا: تَخْرِيجُهُ عَلَى الْخِلَافِ فِي رَدِّهِ.
وَالْأُخْرَى: تَمْتَنِعُ الْمُطَالَبَةُ هُنَا وَجْهًا وَاحِدًا. وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ عَقِيلٍ. قُلْت: الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّ لَهُ الْأَرْشَ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي خِيَارِ الْعَيْبِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ هُنَاكَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.
الثَّالِثَةُ: لَوْ قَضَى الْمَهْرَ أَجْنَبِيٌّ مُتَبَرِّعًا، ثُمَّ سَقَطَ أَوْ تَنَصَّفَ: فَالرَّاجِعُ لِلزَّوْجِ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. اخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ. وَقِيلَ: الرَّاجِعُ لِلْأَجْنَبِيِّ الْمُتَبَرِّعِ. وَمِثْلُهُ: خِلَافًا وَمَذْهَبًا [حُكْمًا لَا صُورَةً] لَوْ بَاعَ عَيْنًا، ثُمَّ وَهَبَ ثَمَنَهَا لِلْمُشْتَرِي، أَوْ أَبْرَأَهُ مِنْهُ، ثُمَّ بَانَ بِهَا عَيْبٌ يُوجِبُ الرَّدَّ.
وَمِثْلُهُ أَيْضًا فِيهِمَا: لَوْ تَبَرَّعَ أَجْنَبِيٌّ عَنْ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ، ثُمَّ فُسِخَ بِعَيْبٍ، خِلَافًا وَمَذْهَبًا] . قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَمِثْلُهُ أَدَاءُ ثَمَنٍ، ثُمَّ يُفْسَخُ بِعَيْبٍ. انْتَهَى. وَكَذَا لَوْ أَبْرَأَهُ مِنْ بَعْضِ الثَّمَنِ. وَاخْتَارَ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ: عَدَمَ الرُّجُوعِ عَلَيْهِ مِمَّا أَبْرَأَهُ مِنْهُ. وَكَذَا الْحُكْمُ: لَوْ كَاتَبَ عَبْدَهُ، ثُمَّ أَبْرَأَهُ مِنْ دَيْنِ الْكِتَابَةِ، وَعَتَقَ. فَهَلْ يَسْتَحِقُّ الْمُكَاتَبُ الرُّجُوعَ عَلَيْهِ بِمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ مِنْ الْإِيتَاءِ الْوَاجِبِ، أَمْ لَا؟ قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَضَعَّفَ الْمُصَنِّفُ ذَلِكَ، وَقَالَ: لَا يَرْجِعُ بِهِ الْمُكَاتَبُ. ذَكَرَ هَذَا وَغَيْرَهُ فِي الْقَاعِدَةِ السَّابِعَةِ وَالسِّتِّينَ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ ارْتَدَّتْ قَبْلَ الدُّخُولِ: فَهَلْ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِجَمِيعِهِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) يَعْنِي: إذَا أَبْرَأَتْهُ، أَوْ وَهَبَتْهُ، ثُمَّ ارْتَدَّتْ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الشَّرْحِ.
إحْدَاهُمَا: يَرْجِعُ بِجَمِيعِهِ. وَهُوَ الصَّحِيحُ. صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَالنَّظْمِ. وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ مُنَجَّا: أَنَّ هَذَا الْمَذْهَبُ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ.
وَالثَّانِيَةُ: لَا يَرْجِعُ إلَّا بِنِصْفِهِ. وَعَنْهُ: يَرْجِعُ بِجَمِيعِهِ مَعَ الْهِبَةِ، وَبِنِصْفِهِ مَعَ الْإِبْرَاءِ. قَالَ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ: عَلَى الْأَظْهَرِ. قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ: وَهُوَ أَصَحُّ.
قَوْلُهُ (وَكُلُّ فُرْقَةٍ جَاءَتْ مِنْ) قِبَلِ (الزَّوْجِ كَطَلَاقِهِ وَخُلْعِهِ،
وَإِسْلَامِهِ وَرِدَّتِهِ أَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ كَالرَّضَاعِ وَنَحْوِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ: يَتَنَصَّفُ بِهَا الْمَهْرُ بَيْنَهُمَا) وَكَذَا تَعْلِيقُ طَلَاقِهَا عَلَى فِعْلِهَا، وَتَوْكِيلِهَا فِيهِ، فَفَعَلَتْهُ فِيهِمَا. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله: لَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى صِفَةٍ وَكَانَتْ الصِّفَةُ مِنْ فِعْلِهَا الَّذِي لَهَا مِنْهُ بُدٌّ، وَفَعَلَتْهُ: فَلَا مَهْرَ لَهَا. وَقَوَّاهُ صَاحِبُ الْقَوَاعِدِ. أَمَّا إذَا خَالَعَهَا: فَجَزَمَ الْمُصَنِّفُ بِأَنَّهُ يَتَنَصَّفُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ قِبَلِهِ. وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ. وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الشَّرْحِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي، وَالْوَجِيزِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ. قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ: الْمَنْصُوصُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله: أَنَّ لَهَا نِصْفَ الصَّدَاقِ. وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَسْقُطُ الْجَمِيعُ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ. وَقِيلَ: يَتَنَصَّفُ الْمَهْرُ إنْ كَانَ الْخُلْعُ مَعَ غَيْرِ الزَّوْجَةِ.
تَنْبِيهٌ:
مَحَلُّ الْخِلَافِ: إذَا قِيلَ " هُوَ فَسْخٌ " عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: أَوْ طَلَاقٌ أَيْضًا. ذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ. قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ بَعْدَ حِكَايَتِهِ الْقَوْلَ الثَّانِيَ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ: وَمِنْ الْأَصْحَابِ مَنْ خَرَّجَهُ عَلَى أَنَّهُ " فَسْخٌ " فَيَكُونُ كَسَائِرِ الْفُسُوخِ مِنْ الزَّوْجِ. وَمِنْهُمْ: مَنْ جَعَلَهُ مِمَّا يَشْتَرِكُ فِيهِ الزَّوْجَانِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ بِسُؤَالِ الْمَرْأَةِ. فَتَكُونُ الْفُرْقَةُ فِيهِ مِنْ قِبَلِهَا. وَكَذَلِكَ يَسْقُطُ أَرْشُهَا فِي الْخُلْعِ فِي الْمَرَضِ. وَهَذَا عَلَى قَوْلِنَا " لَا يَصِحُّ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ " أَظْهَرُ.
أَمَّا إنْ وَقَعَ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ، وَصَحَّحْنَاهُ: فَيَنْبَغِي أَنْ يَتَنَصَّفَ، وَجْهًا وَاحِدًا. انْتَهَى.
وَأَمَّا إذَا أَسْلَمَ، أَوْ ارْتَدَّ قَبْلَ الدُّخُولِ: فَتَقَدَّمَ ذَلِكَ مُحَرَّرًا فِي " بَابِ نِكَاحِ الْكُفَّارِ ". وَأَمَّا إذَا جَاءَتْ الْفُرْقَةُ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ كَالرَّضَاعِ، وَنَحْوِهِ: فَإِنَّهُ يَتَنَصَّفُ الْمَهْرُ بَيْنَهُمَا. وَيَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَى مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ. وَيَأْتِي ذَلِكَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي كِتَابِ الرَّضَاعِ، حَيْثُ قَالَ " وَكُلُّ مَنْ أَفْسَدَ نِكَاحَ امْرَأَةٍ بِرَضَاعٍ قَبْلَ الدُّخُولِ. فَإِنَّ الزَّوْجَ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِنِصْفِ مَهْرِهَا الَّذِي يَلْزَمُهُ لَهَا ".
فَائِدَةٌ:
لَوْ أَقَرَّ الزَّوْجُ بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمُفْسِدَاتِ: قُبِلَ مِنْهُ فِي انْفِسَاخِ النِّكَاحِ، دُونَ سُقُوطِ النِّصْفِ. وَلَوْ وَطِئَ أُمَّ زَوْجَتِهِ، أَوْ ابْنَتَهَا بِشُبْهَةٍ، أَوْ زِنًا: انْفَسَخَ النِّكَاحُ. وَلَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ. نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ ابْنِ هَانِئٍ.
قَوْلُهُ (وَكُلُّ فُرْقَةٍ جَاءَتْ مِنْ قِبَلِهَا كَإِسْلَامِهَا وَرِدَّتِهَا وَإِرْضَاعِهَا مَنْ يَنْفَسِخُ بِهِ نِكَاحُهَا) ؛ وَارْتِضَاعُهَا مِنْهُ بِنَفْسِهَا (وَفَسْخُهَا لِعَيْبِهِ وَإِعْسَارِهِ، وَفَسْخُهُ لِعَيْبِهَا: يَسْقُطُ بِهِ مَهْرُهَا وَمُتْعَتُهَا) . أَمَّا إذَا أَسْلَمَتْ، أَوْ ارْتَدَّتْ قَبْلَ الدُّخُولِ: فَتَقَدَّمَ ذَلِكَ أَيْضًا فِي أَوَّلِ " بَابِ نِكَاحِ الْكُفَّارِ " مُسْتَوْفًى، فَلْيُعَاوَدْ. وَأَمَّا إذَا جَاءَتْ الْفُرْقَةُ مِنْ قِبَلِهَا بِرَضَاعِهَا، أَوْ ارْتِضَاعِهَا مِمَّنْ يَنْفَسِخُ بِهِ نِكَاحُهَا فَيَأْتِي ذَلِكَ أَيْضًا فِي كِتَابِ الرَّضَاعِ. حَيْثُ قَالَ " فَإِذَا أَرْضَعَتْ امْرَأَتُهُ الْكُبْرَى الصُّغْرَى، فَانْفَسَخَ نِكَاحُهُمَا. فَعَلَيْهِ نِصْفُ مَهْرِ الصُّغْرَى، يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْكُبْرَى، وَلَا مَهْرَ لِلْكُبْرَى ".
وَأَمَّا فَسْخُهَا لِعَيْبِهِ، وَفَسْخُهُ لِعَيْبِهَا: فَإِنَّ ذَلِكَ يُسْقِطُ مَهْرَهَا بِلَا خِلَافٍ فِي الْمَذْهَبِ، إلَّا تَوْجِيهٌ لِصَاحِبِ الْفُرُوعِ. يَأْتِي فِي الْفَائِدَةِ الْآتِيَةِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ: فَإِنْ قِيلَ: فَهَلَّا جَعَلْتُمْ فَسْخَهَا لِعَيْبِهِ كَأَنَّهُ مِنْهُ، لِحُصُولِهِ بِتَدْلِيسِهِ؟ قُلْنَا: الْعِوَضُ مِنْ الزَّوْجِ فِي مُقَابَلَةِ مَنَافِعِهَا. فَإِذَا اخْتَارَتْ فَسْخَ الْعَقْدِ، مَعَ سَلَامَةِ مَا عَقَدَ عَلَيْهِ وَهُوَ نَفْعُ بُضْعِهَا رَجَعَ الْعِوَضُ إلَى الْعَاقِدِ مَعَهَا، وَلَيْسَ مِنْ جِهَتِهَا عِوَضٌ فِي مُقَابَلَةِ مَنَافِعِ الزَّوْجِ. وَإِنَّمَا يَثْبُتُ لَهَا لِأَجْلِ ضَرَرٍ يَلْحَقُهَا لَا لِتَعَذُّرِ مَا اسْتَحَقَّتْ عَلَيْهِ فِي مُقَابَلَتِهِ عِوَضًا. فَافْتَرَقَا. وَقَالَ فِي الْقَاعِدَةِ السَّادِسَةِ وَالْخَمْسِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ: هَذَا الْفَرْقُ يَرْجِعُ إلَى أَنَّ الزَّوْجَ غَيْرُ مَعْقُودٍ عَلَيْهِ فِي النِّكَاحِ. وَفِيهِ خِلَافٌ. وَالْأَظْهَرُ فِي الْفَرْقِ أَنْ يُقَالَ: الْفُسُوخُ الشَّرْعِيَّةُ الَّتِي يَمْلِكُهَا كُلٌّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ عَلَى الْآخَرِ إنَّمَا شُرِعَتْ لِإِزَالَةِ ضَرَرٍ حَاصِلٍ. فَإِذَا وَقَعَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ فَقَدْ رَجَعَ كُلٌّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ إلَى مَا بَذَلَهُ سَلِيمًا كَمَا خَرَجَ مِنْهُ. فَلَا حَقَّ لَهُ فِي غَيْرِهِ، بِخِلَافِ الطَّلَاقِ، وَمَا فِي مَعْنَاهُ كَالْخُلْعِ وَنَحْوِهِمَا لَا كالانفساخات الْقَهْرِيَّةِ بِأَسْبَابِهَا كَالرَّضَاعِ، وَاللِّعَانِ، وَالرِّدَّةِ، وَالْإِسْلَامِ، وَالرِّقِّ، وَالْحُرِّيَّةِ، وَنَحْوِهَا بِشُرُوطِهَا، وَكَثُبُوتِ الْقَرَابَةِ وَنَحْوِهَا مِنْ مُوجِبَاتِ الْفُرْقَةِ بِغَيْرِ ضَرَرٍ ظَاهِرٍ. فَإِنَّهُ يَحْصُلُ لِلْمَرْأَةِ بِهِ انْكِسَارٌ وَضَرَرٌ. فَجَبَرَهُ الشَّارِعُ بِإِعْطَائِهَا نِصْفَ الْمَهْرِ، وَبِالْمُتْعَةِ عِنْدَ فَقْدِ التَّسْمِيَةِ. انْتَهَى.
فَائِدَةٌ:
لَوْ شُرِطَ عَلَيْهِ شَرْطٌ صَحِيحٌ حَالَةَ الْعَقْدِ، فَلَمْ يَفِ بِهِ. وَفَسَخَتْ: سَقَطَ بِهِ مَهْرُهَا. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ، وَالْفُرُوعِ. قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ السَّادِسَةِ وَالْخَمْسِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ: وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي وَالْأَكْثَرِينَ وَعَنْهُ: يَتَنَصَّفُ بِفَسْخِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ. اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ فِي التَّنْبِيهِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: فَتَتَوَجَّهُ هَذِهِ الرِّوَايَةُ فِي فَسْخِهَا لِعَيْبِهِ.
وَلَوْ فَسَخَتْ بَعْدَ الدُّخُولِ فَلَهَا الْمُتْعَةُ إنْ لَمْ يُسَمِّ لَهَا مَهْرًا. وَأَمَّا فَسْخُهَا لِإِعْسَارِهِ بِالْمَهْرِ، أَوْ بِالنَّفَقَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ: فَهُوَ مِنْ جِهَتِهَا. فَلَا تَسْتَحِقُّ شَيْئًا بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ.
قَوْلُهُ (وَفُرْقَةُ اللِّعَانِ تَخْرُجُ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) . وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي، وَالْكَافِي، وَالْمُحَرَّرِ، وَالشَّرْحِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا، وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ، وَالْفُرُوعِ.
إحْدَاهُمَا: يَسْقُطُ بِهَا الْمَهْرُ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يَنْتَصِفُ بِهَا الْمَهْرُ. وَخَرَّجَ الْقَاضِي: إنْ لَاعَنَهَا فِي مَرَضِهِ: تَكُونُ الْفُرْقَةُ مِنْهُ، لَا مِنْهَا.
قَوْلُهُ (وَفِي فُرْقَةِ بَيْعِ الزَّوْجَةِ مِنْ الزَّوْجِ، وَشِرَائِهَا لَهُ: وَجْهَانِ) وَهُمَا رِوَايَتَانِ فِي الثَّانِيَةِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي، وَالْكَافِي، وَالْمُحَرَّرِ، وَالشَّرْحِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ.
إحْدَاهُمَا: يَتَنَصَّفُ بِهَا الْمَهْرُ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ. قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ: هَذَا أَشْهَرُ الْوَجْهَيْنِ. وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي بَكْرٍ، وَالْقَاضِي، وَأَصْحَابُهُ. فِيمَا إذَا اشْتَرَتْ الزَّوْجَ.
وَالثَّانِي: يَسْقُطُ بِهَا كُلُّهُ. وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، فِيمَا إذَا اشْتَرَاهَا الزَّوْجُ.
وَقِيلَ: مَحَلُّ الْخِلَافِ: إذَا اشْتَرَاهَا مِنْ مُسْتَحِقِّ مَهْرِهَا. وَهِيَ طَرِيقَتُهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إنْ اشْتَرَاهَا سَقَطَ الْمَهْرُ، وَإِنْ اشْتَرَتْهُ هِيَ تَنَصَّفَ. وَاخْتَارَ فِي الرِّعَايَةِ: إنْ طَلَبَ الزَّوْجُ شِرَاءَ زَوْجَتِهِ فَلَهَا الْمُتْعَةُ، وَإِنْ طَلَبَهُ سَيِّدُهَا فَلَا.
فَائِدَةٌ:
لَوْ جَعَلَ لَهَا الْخِيَارَ بِسُؤَالِهَا. فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا. فَالْمَنْصُوصُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله: أَنَّهُ لَا مَهْرَ لَهَا. قَالَهُ فِي الْقَوَاعِدِ. وَقِيلَ: يَتَنَصَّفُ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ. وَإِنْ جَعَلَ لَهَا الْخِيَارَ مِنْ غَيْرِ سُؤَالٍ مِنْهَا، فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا: لَمْ يَسْقُطْ مَهْرُهَا. جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ.
قَوْلُهُ (وَلَوْ قَتَلَتْ نَفْسَهَا لَاسْتَقَرَّ مَهْرُهَا كَامِلًا) . هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ. وَعَنْهُ: لَا يَجِبُ سِوَى النِّصْفِ. وَقَالَ فِي الْوَجِيزِ: يَتَقَرَّرُ الْمَهْرُ إنْ قَتَلَ نَفْسَهُ، أَوْ قَتَلَهُ غَيْرُهُمَا. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: فَظَاهِرُهُ لَا يَتَقَرَّرُ إنْ قَتَلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ. قَالَ: وَهُوَ مُتَوَجِّهٌ إنْ قَتَلَتْهُ هِيَ.
فَوَائِدُ جَمَّةٌ
اعْلَمْ أَنَّ الْمَهْرَ يَتَقَرَّرُ كَامِلًا سَوَاءٌ كَانَتْ الزَّوْجَةُ حُرَّةً أَوْ أَمَةً بِأَشْيَاءَ، ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ بَعْضَهَا. فَذَكَرَ الْمَوْتَ. وَهُوَ بِلَا خِلَافٍ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَتَقَرَّرُ الْمُسَمَّى لِحُرَّةٍ أَوْ أَمَةٍ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا. انْتَهَى. وَذَكَرَ الْقَتْلَ. وَتَقَدَّمَ الْخِلَافُ فِيهِ
وَمِمَّا يُقَرِّرُ الْمَهْرَ كَامِلًا: وَطْؤُهُ فِي فَرْجِ حَيَّةٍ لَا مَيِّتَةٍ. ذَكَرَهُ أَبُو الْمَعَالِي وَغَيْرُهُ وَلَوْ بِوَطْئِهَا فِي الدُّبُرِ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: لَا يُقَرِّرُهُ الْوَطْءُ فِي الدُّبُرِ. وَمِنْهَا: الْخَلْوَةُ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَهُوَ مِنْ الْمُفْرَدَاتِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَعَنْهُ أَوْ لَا. اخْتَارَهُ فِي عُمَدِ الْأَدِلَّةِ بِزِيَادَةٍ " أَوْ " قَبَّلَ " لَا ". وَاَلَّذِي يَظْهَرُ: أَنَّهَا سَهْوٌ. وَقَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الْخَامِسَةِ وَالْخَمْسِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ: مِنْ الْأَصْحَابِ مَنْ حَكَى رِوَايَةً بِأَنَّ الْمَهْرَ لَا يَسْتَقِرُّ بِالْخَلْوَةِ بِمُجَرَّدِهَا، بِدُونِ الْوَطْءِ. وَأَنْكَرَ الْأَكْثَرُونَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ. وَحَمَلُوهَا عَلَى وَجْهٍ آخَرَ وَذَكَرَهُ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ: يَتَقَرَّرُ كَامِلًا، إنْ لَمْ تَمْنَعْهُ، بِشَرْطِ أَنْ يَعْلَمَ بِهَا. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَنْهُ: يَتَقَرَّرُ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهَا. وَيُشْتَرَطُ فِي الْخَلْوَةِ: أَنْ لَا يَكُونَ عِنْدَهُمَا مُمَيَّزٌ مُطْلَقًا. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَقِيلَ: مُمَيَّزٌ مُسْلِمٌ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا: أَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ مِمَّنْ يَطَأُ مِثْلُهُ. وَلَا تَقْبَلُ دَعْوَاهُ عَدَمَ عِلْمِهِ بِهَا. وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: وَلَوْ كَانَ أَعْمَى. نَصَّ عَلَيْهِ. لِأَنَّ الْعَادَةَ أَنَّهُ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ. وَقِيلَ: تَقْبَلُ دَعْوَاهُ عَدَمَ عِلْمِهِ إذَا كَانَ أَعْمَى. وَقَالَ فِي الْمَذْهَبِ: إنْ صَدَّقَتْهُ لَمْ تَثْبُتْ الْخَلْوَةُ. إنْ كَذَّبَتْهُ: فَهِيَ خَلْوَةٌ فَعَلَى الْمَنْصُوصِ: قَدَّمَ الْأَصْحَابُ هُنَا الْعَادَةَ عَلَى الْأَصْلِ.
قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله: فَكَذَا دَعْوَى إنْفَاقِهِ. فَإِنَّ الْعَادَةَ هُنَاكَ أَقْوَى. انْتَهَى.
وَالنَّائِمُ فِي الْخَلْوَةِ كَالْأَعْمَى. وَيُقْبَلُ قَوْلُ مُدَّعِي الْوَطْءِ. يَعْنِي فِي الْخَلْوَةِ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. [وَإِلَّا فَسَيَأْتِي: أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الزَّوْجِ، فِيمَا إذَا اخْتَلَفَا فِيمَا يَسْتَقِرُّ فِيهِ الْمَهْرُ مِنْ جُمْلَةِ الْوَطْءِ بِلَا خَلْوَةٍ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ] . وَفِي الْوَاضِحِ: يُقْبَلُ قَوْلُ مُنْكِرَةٍ، كَعَدَمِهَا. قَالَهُ ابْنُ عَقِيلٍ، وَجَمَاعَةٌ. فَلَا يَرْجِعُ هُوَ بِمَهْرٍ لَا يَدَّعِيهِ، وَلَا لَهَا مَا لَا تَدَّعِيهِ. [وَسَيَأْتِي: أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ هُوَ دُونَهَا، فِيمَا إذَا اخْتَلَفَا فِيمَا يَسْتَقِرُّ بِهِ الْمَهْرُ. وَمِنْهُ الْوَطْءُ، وَنَحْوُهُ بِلَا خَلْوَةٍ] . قَالَ فِي الِانْتِصَارِ: وَالتَّسَلُّمُ بِالتَّسْلِيمِ. وَلِهَذَا لَوْ دَخَلَتْ الْبَيْتَ، فَخَرَجَ: لَمْ تُكْمِلْ. قَالَهُ قُبَيْلَ الْمَسْأَلَةِ. وَفِي الِانْتِصَارِ أَيْضًا: يَسْتَقِرُّ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَتَسَلَّمْ، كَبَيْعٍ وَإِجَارَةٍ. وَفِي الْعِدَّةِ، وَالرَّجْعَةِ، وَتَحْرِيمِ الرَّبِيبَةِ بِالْخَلْوَةِ: الْخِلَافُ. قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَيَأْتِي فِي أَوَّلِ بَابِ الْعَدَدِ: حُكْمُ الْخَلْوَةِ مِنْ جِهَةِ الْعِدَّةِ. وَتَقَدَّمَ أَحْكَامُ الرَّبِيبَةِ إذَا خَلَا بِأُمِّهَا فِي " الْمُحَرَّمَاتِ فِي النِّكَاحِ ". وَقَطَعَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَغَيْرُهُمَا: بِثُبُوتِ الرَّجْعَةِ لَهُ عَلَيْهَا إذَا خَلَا بِهَا فِي عِدَّتِهَا.
قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: الْخَلْوَةُ تَقُومُ مَقَام الدُّخُولِ فِي أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ: تَكْمِيلُ الصَّدَاقِ، وَوُجُوبُ الْعِدَّةِ، وَمِلْكُ الرَّجْعَةِ إذَا طَلَّقَهَا دُونَ الثَّلَاثِ، وَثُبُوتُ الرَّجْعَةِ إنْ كَانَتْ مُطَلَّقَةً بَعْدَ الدُّخُولِ. وَقِيلَ: هَذِهِ الْخَلْوَةُ دُونَ الثَّلَاثِ. انْتَهَى.
وَلَا يَتَعَلَّقُ بِالْخَلْوَةِ بَقِيَّةُ حُكْمِ الْوَطْءِ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: كَمَدْخُولٍ بِهَا. إلَّا فِي حِلِّهَا لِمُطَلِّقِهَا، وَإِحْصَانٍ. قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَنَقَلَ أَبُو الْحَارِثِ وَغَيْرُهُ: هِيَ كَمَدْخُولٍ بِهَا. وَيُجْلَدَانِ إذَا زَنَيَا. انْتَهَى.
وَأَمَّا لُحُوقُ النَّسَبِ: فَقَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ رحمه الله فِي صَائِمٍ خَلَا بِزَوْجَتِهِ، وَهِيَ نَصْرَانِيَّةٌ. ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْمَسِيسِ، وَأَتَتْ بِوَلَدٍ مُمْكِنٍ رِوَايَتَانِ.
إحْدَاهُمَا: يَلْزَمُهُ. لِثُبُوتِ الْفِرَاشِ. وَهِيَ أَصَحُّ.
وَالْأُخْرَى: قَالَ: لَا يَلْزَمُهُ الْوَلَدُ إلَّا بِالْوَطْءِ. انْتَهَى.
وَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَطَأْ فِي الْخَلْوَةِ: لَزِمَ الْمَهْرُ وَالْعِدَّةُ. نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُقِرٌّ بِمَا يَلْزَمُهُ. وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ فِي تَنْصِيفِ الْمَهْرِ هُنَا: رِوَايَتَيْنِ. إذَا عُلِمَ ذَلِكَ، فَالْخَلْوَةُ مُقَرِّرَةٌ لِلْمَهْرِ لِمَظِنَّةِ الْوَطْءِ. وَمِنْ الْأَصْحَابِ مَنْ قَالَ: إنَّمَا قَرَّرْت الْمَهْرَ لِحُصُولِ التَّمْكِينِ بِهَا. وَهِيَ طَرِيقَةُ الْقَاضِي. وَرَدَّهَا ابْنُ عَقِيلٍ، وَقَالَ: إنَّمَا قُرِّرْت لِأَحَدِ أَمْرَيْنِ: إمَّا لِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ. وَهُوَ حُجَّةٌ. وَإِمَّا لِأَنَّ طَلَاقَهَا بَعْدَ الْخَلْوَةِ بِهَا، وَرَدَّهَا زُهْدًا مِنْهُ فِيهَا: فِيهِ ابْتِذَالٌ لَهَا وَكَسْرٌ. فَوَجَبَ جَبْرُهُ بِالْمَهْرِ. وَقِيلَ: بَلْ الْمُقَرَّرُ هُوَ اسْتِبَاحَةُ مَا لَا يُبَاحُ إلَّا بِالنِّكَاحِ مِنْ الْمَرْأَةِ. فَدَخَلَ فِي ذَلِكَ الْخَلْوَةُ وَاللَّمْسُ بِمُجَرَّدِهِمَا. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله فِي رِوَايَةِ حَرْبٍ. ذَكَرَهُ فِي الْقَوَاعِدِ. فَلَوْ خَلَا بِهَا، وَلَكِنْ بِهِمَا مَانِعٌ شَرْعِيٌّ كَإِحْرَامٍ وَحَيْضٍ، وَصَوْمٍ أَوْ حِسِّيٌّ كَجَبٍّ، وَرَتَقٍ، وَنُضَاوَةٍ تَقَرَّرَ الْمَهْرُ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ.
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ الْمُخْتَارُ لِلْأَصْحَابِ. وَقَالَ: اتَّفَقُوا فِيمَا عَلِمْت أَنَّ هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ. انْتَهَى.
وَهُوَ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ. وَقَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَغَيْرُهُمَا. وَعَنْهُ: لَا يُقَرِّرُهُ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَعَنْهُ: يُقَرِّرُهُ، إنْ كَانَ الْمَانِعُ بِهِ، وَإِلَّا فَلَا. وَهُوَ قَوْلٌ فِي الرِّعَايَةِ. قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: إنْ خَلَا بِهَا وَهُوَ مُدْنِفٌ، أَوْ صَائِمٌ، أَوْ مُحْرِمٌ، أَوْ مَجْبُوبٌ: اسْتَقَرَّ الصَّدَاقُ. رِوَايَةً وَاحِدَةً. وَإِنْ خَلَا بِهَا وَهِيَ مُحْرِمَةٌ، أَوْ صَائِمَةٌ، أَوْ رَتْقَاءُ، أَوْ حَائِضٌ: كَمَّلَ الصَّدَاقَ فِي أَشْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَعَنْهُ يُكْمِلُ، مَعَ مَا لَا يَمْنَعُ دَوَاعِيَ الْوَطْءِ. بِخِلَافِ صَوْمِ رَمَضَانَ وَالْحَيْضِ، وَالْإِحْرَامِ بِنُسُكٍ وَنَحْوِهَا. قَالَ الْقَاضِي: إنْ كَانَ الْمَانِعُ لَا يَمْنَعُ دَوَاعِيَ الْوَطْءِ كَالْجَبِّ وَالْعُنَّةِ وَالرَّتَقِ وَالْمَرَضِ وَالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَجَبَ الصَّدَاقُ. وَإِنْ كَانَ يَمْنَعُ دَوَاعِيهِ كَالْإِحْرَامِ وَصِيَامِ الْفَرْضِ فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ: وَعَنْهُ رِوَايَةٌ، إنْ كَانَا صَائِمَيْنِ صَوْمَ رَمَضَانَ: لَمْ يُكْمِلْ الصَّدَاقَ. وَإِنْ كَانَ غَيْرَهُ: كَمُلَ. انْتَهَى.
وَقِيلَ: إنْ خَلَا بِهَا وَهُوَ مُرْتَدٌّ أَوْ صَائِمٌ أَوْ مُحْرِمٌ أَوْ مَجْبُوبٌ: اسْتَقَرَّ الصَّدَاقُ. وَإِنْ كَانَتْ صَائِمَةً أَوْ مُحْرِمَةً أَوْ رَتْقَاءَ أَوْ حَائِضًا: كَمُلَ الصَّدَاقُ عَلَى الْأَصَحِّ وَتَقَدَّمَ كَلَامُهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ.
تَنْبِيهٌ:
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَغَيْرُهُ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الرِّوَايَتَيْنِ: اخْتَلَفَتْ طُرُقُ الْأَصْحَابِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ. فَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ فِي خِلَافِهِ، وَالْمَجْدُ، وَالْقَاضِي فِي الْجَامِعِ فِيمَا نَقَلَهُ عَنْهُ فِي الْقَوَاعِدِ: مَحَلُّ الرِّوَايَتَيْنِ فِي الْمَانِعِ، سَوَاءٌ كَانَ مِنْ جِهَتِهِ أَوْ مِنْ
جِهَتِهَا، شَرْعِيًّا كَانَ كَالصَّوْمِ وَالْإِحْرَامِ وَالْحَيْضِ أَوْ حِسِّيًّا كَالْجَبِّ وَالرَّتَقِ وَنَحْوِهِمَا. وَقَالَ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ، وَالشَّرِيفُ فِي خِلَافِهِ مَحَلُّهُمَا: إنْ كَانَ الْمَانِعُ مِنْ جِهَتِهَا. أَمَّا إنْ كَانَ مِنْ جِهَتِهِ: فَإِنَّ الصَّدَاقَ يَتَقَرَّرُ بِلَا خِلَافٍ. وَنَسَبَ هَذِهِ الطَّرِيقَةَ فِي الْقَوَاعِدِ إلَى الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ. وَقَالَ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ فِيمَا أَظُنُّ وَابْنُ الْبَنَّاءِ: مَحَلُّهُمَا إذَا امْتَنَعَ الْوَطْءُ وَدَوَاعِيهِ، كَالْإِحْرَامِ وَالصِّيَامِ. فَأَمَّا إنْ كَانَ لَا يَمْنَعُ الدَّوَاعِيَ كَالْحَيْضِ وَالْجَبِّ وَالرَّتَقِ فَيَسْتَقِرُّ رِوَايَةً وَاحِدَةً. وَنَسَبَ هَذِهِ الطَّرِيقَةَ فِي الْقَوَاعِدِ إلَى الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ، وَابْنِ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ. وَقَالَ الْقَاضِي فِي الرِّوَايَتَيْنِ: مَحَلُّهُمَا فِي الْمَانِعِ الشَّرْعِيِّ. أَمَّا الْمَانِعُ الْحِسِّيُّ: فَيَتَقَرَّرُ مَعَهُ الصَّدَاقُ. وَهِيَ قَرِيبَةٌ مِنْ الَّتِي قَبْلَهَا. وَيَقْرُبُ مِنْهَا طَرِيقَةُ الْمُصَنِّفِ فِي الْمُغْنِي: أَنَّ الْمَسْأَلَةَ عَلَى ثَلَاثِ رِوَايَاتٍ.
الثَّالِثَةُ: إنْ كَانَ الْمَانِعُ مُتَأَكِّدًا كَالْإِحْرَامِ وَالصِّيَامِ لَمْ يُكْمِلْ، وَإِلَّا كَمُلَ. انْتَهَى.
وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ لَمْ يُصَرِّحْ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رحمه الله فِيهَا بِالْإِحْرَامِ. وَإِنَّمَا قَاسَهُ الْمُصَنِّفُ عَلَى الصَّوْمِ الَّذِي صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ. وَمِمَّا يُقَرِّرُ الْمَهْرَ أَيْضًا: اللَّمْسُ وَالنَّظَرُ إلَى فَرْجِهَا وَنَحْوِهِ لِشَهْوَةٍ. حَتَّى تَقْبِيلَهَا بِحَضْرَةِ النَّاسِ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَهِيَ مِنْ الْمُفْرَدَاتِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَخَرَّجَهُ ابْنُ عَقِيلٍ عَلَى الْمُصَاهَرَةِ. وَقَالَهُ الْقَاضِي مَعَ الْخَلْوَةِ وَقَالَ: إنْ كَانَ ذَلِكَ عَادَتُهُ: تَقَرَّرَ، وَإِلَّا فَلَا. هَكَذَا نَقَلَهُ فِي الْفُرُوعِ. قُلْت: قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي التَّذْكِرَةِ: إنْ كَانَ مِمَّنْ يُقَبِّلُ أَوْ يُعَانِقُ بِحَضْرَةِ النَّاسِ عَادَةً: كَانَتْ خَلْوَةً مِنْهُ، وَإِلَّا فَلَا. وَنَقَلَهُ عَنْهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَالْبُلْغَةِ، وَالْقَوَاعِدِ.
فَلَعَلَّ قَوْلَ صَاحِبِ الْفُرُوعِ " وَقَالَ: إنْ كَانَ ذَلِكَ عَادَتَهُ: تَقَرَّرَ " عَائِدٌ إلَى ابْنِ عَقِيلٍ، لَا إلَى الْقَاضِي. أَوْ يَكُونُ ابْنُ عَقِيلٍ وَافَقَ الْقَاضِيَ. وَيَكُونُ لِابْنِ عَقِيلٍ فِيهَا قَوْلَانِ. قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ: وَالْمَنْصُوصُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله فِي رِوَايَةِ مُهَنَّا أَنَّهُ إذَا تَعَمَّدَ النَّظَرَ إلَيْهَا، وَهِيَ عُرْيَانَةٌ تَغْتَسِلُ: وَجَبَ لَهَا الْمَهْرُ. وَلَا يُقَرِّرُهُ النَّظَرُ إلَيْهَا، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَنْهُ: بَلَى [إذَا كَانَتْ غَيْرَ عُرْيَانَةٍ. فَأَمَّا إنْ كَانَتْ عُرْيَانَةً، وَتَعَمَّدَ النَّظَرَ إلَيْهَا فَالْمَنْصُوصُ: أَنَّهُ يَجِبُ لَهَا الْمَهْرُ] قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَيُقَرِّرُهُ النَّظَرُ إلَيْهَا عُرْيَانَةً. وَقَطَعَ نَاظِمُ الْقَوَاعِدِ: أَنَّ النَّظَرَ إلَى فَرْجِهَا يُقَرِّرُ الْمَهْرَ. قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ: أَمَّا مُقَدَّمَاتُ الْجِمَاعِ كَاللَّمْسِ لِشَهْوَةٍ، وَالنَّظَرِ إلَى الْفَرَجِ، أَوْ إلَى جَسَدِهَا وَهِيَ عُرْيَانَةٌ فَمِنْ الْأَصْحَابِ مَنْ أَلْحَقَهُ بِالْوَطْءِ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَمِنْهُمْ: مَنْ خَرَّجَهُ عَلَى وَجْهَيْنِ، أَوْ رِوَايَتَيْنِ، مِنْ الْخِلَافِ فِي تَحْرِيمِ الْمُصَاهَرَةِ بِهِ [وَلَمْ يُقَيِّدْهُ فِيهِمَا بِالشَّهْوَةِ؛ لِأَنَّ قَصْدَ النَّظَرِ إلَى الْفَرَجِ، أَوْ إلَى جَسَدِهَا وَهِيَ عُرْيَانَةٌ: لَا يَكُونُ إلَّا لِشَهْوَةٍ، بِخِلَافِ اللَّمْسِ. إذْ الْغَالِبُ فِيهِ عَدَمُ اقْتِرَانِهِ بِالشَّهْوَةِ فَلِذَلِكَ قَيَّدَهُ فِيهِ بِهَا] انْتَهَى.
فَإِنْ تَحَمَّلَتْ بِمَاءِ الزَّوْجِ. فَفِي تَقْرِيرِ الصَّدَاقِ بِهِ وَجْهَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ. وَقَالَ: وَيَلْحَقُهُ نَسَبُهُ. قُلْت: ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ: أَنَّهُ لَا يُقَرِّرُهُ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَلَوْ اسْتَدْخَلَتْ مَنِيَّ زَوْجٍ أَوْ أَجْنَبِيٍّ بِشَهْوَةٍ: ثَبَتَ النَّسَبُ، وَالْعِدَّةُ، وَالْمُصَاهَرَةُ. وَلَا تَثْبُتُ رَجْعَةٌ، وَلَا مَهْرُ الْمِثْلِ. وَلَا يُقَرَّرُ الْمُسَمَّى. انْتَهَى.
قَوْلُهُ (وَإِنْ اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ فِي قَدْرِ الصَّدَاقِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ، مَعَ يَمِينِهِ) . وَهُوَ الْمَذْهَبُ. اخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ. وَعَنْهُ: الْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يَدَّعِي مَهْرَ الْمِثْلِ مِنْهُمَا. جَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ، وَصَاحِبُ الْعُمْدَةِ، وَالْوَجِيزِ، وَمُنْتَخَبِ الْأَزَجِيِّ، وَنَاظِمِ الْمُفْرَدَاتِ. وَنَصَرَهُ الْقَاضِي، وَأَصْحَابُهُ مِنْهُمْ الشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرٍ، وَأَبُو الْخَطَّابِ. وَابْنُ عَقِيلٍ، وَالشِّيرَازِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: اخْتَارَهُ عَامَّةُ الْأَصْحَابِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: نَصَرَهُ الْقَاضِي، وَأَصْحَابُهُ. وَهُوَ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ بِلَا خِلَافٍ بَيْنَهُمْ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا. وَعَنْهُ: يَتَحَالَفَانِ. حَكَاهَا الشِّيرَازِيُّ فِي الْمَنْهَجِ. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله: يَتَخَرَّجُ لَنَا قَوْلٌ كَقَوْلِ مَالِكٍ رحمه الله: إنْ كَانَ الِاخْتِلَافُ قَبْلَ الدُّخُولِ: تَحَالَفَا. وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ: فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ. فَعَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ وَهُوَ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ مَنْ يَدَّعِي مَهْرَ الْمِثْلِ مِنْهُمَا لَوْ ادَّعَى أَقَلَّ مِنْهُ، وَادَّعَتْ أَكْثَرَ مِنْهُ: رَدَّتْ إلَيْهِ بِلَا يَمِينٍ عِنْدَ الْقَاضِي، فِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ. وَقِيلَ: يَجِبُ الْيَمِينُ فِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا.
اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الْهِدَايَةِ. وَقَطَعَ بِهِ هُوَ وَالشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرٍ فِي خِلَافَيْهِمَا. وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ: إذَا ادَّعَى أَقَلَّ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ، وَادَّعَتْ أَكْثَرَ. مِنْهُ: رُدَّ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ. وَلَمْ يَذْكُرْ الْأَصْحَابُ يَمِينًا. وَالْأَوْلَى أَنْ يَتَحَالَفَا. فَإِنَّ مَا يَقُولُهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُحْتَمِلٌ لِلصِّحَّةِ. فَلَا يُعْدَلُ عَنْهُ إلَّا بِيَمِينٍ مِنْ صَاحِبِهِ كَالْمُنْكِرِ فِي سَائِرِ الدَّعَاوَى؛ وَلِأَنَّهُمَا تَسَاوَيَا فِي عَدَمِ الظُّهُورِ. فَشُرِعَ التَّحَالُفُ كَمَا لَوْ اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ. انْتَهَيَا. وَقَالَ فِي الْمُحَرَّرِ، وَعَنْهُ: يُؤْخَذُ بِقَوْلِ مُدَّعِي مَهْرِ الْمِثْلِ. وَلَمْ يَذْكُرْ الْيَمِينَ. فَيَخْرُجُ وُجُوبُهَا عَلَى وَجْهَيْنِ. وَقَالَ فِي الْهِدَايَةِ: وَعَنْهُ الْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يَدَّعِي مَهْرَ الْمِثْلِ. فَإِنْ ادَّعَى هُوَ دُونَهُ، وَادَّعَتْ هِيَ زِيَادَةً: رُدَّ إلَيْهِ. وَلَا يَجِبُ يَمِينٌ فِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا، عَلَى قَوْلِ شَيْخِنَا. وَعِنْدِي: أَنَّهُ يَجِبُ فِيهَا كُلِّهَا يَمِينٌ لِإِسْقَاطِ الدَّعَاوَى. وَفِي كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله: مَا يَدُلُّ عَلَى الْوَجْهَيْنِ. انْتَهَى.
وَتَبِعَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَغَيْرِهِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ. لَكِنَّ صَاحِبَ الْفُرُوعِ حَكَى الْخِلَافَ فِيمَا إذَا ادَّعَى مَهْرَ الْمِثْلِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَلَا نُقْصَانٍ، تَبَعًا لِصَاحِبِ الْمُحَرَّرِ وَلَمْ يَذْكُرَا يَمِينًا فِي غَيْرِهَا. وَصَاحِبُ الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي، قَدْ حَكَيَا الْخِلَافَ كَذَلِكَ، وَأَطْلَقَاهُ أَيْضًا. وَحَكَيَاهُ وَجْهَيْنِ، فِيمَا إذَا ادَّعَى هُوَ نَقْصًا وَادَّعَتْ هِيَ زِيَادَةً. وَقَدَّمَا عَدَمَ الْيَمِينِ. وَأَبُو الْخَطَّابِ وَمَنْ تَبِعَهُ كَالسَّامِرِيِّ، وَالْمُصَنِّفِ هُنَا أَجْرَوْا الْخِلَافَ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ. وَحَكَوْهُ أَيْضًا عَنْ الْقَاضِي أَبِي يَعْلَى الْكَبِيرِ.
وَالظَّاهِرُ: أَنَّ الْمُصَنِّفَ، وَالْمَجْدَ، وَالشَّارِحَ حَالَةَ التَّصْنِيفِ: لَمْ يَطَّلِعَا عَلَى الْخِلَافِ، أَوْ مَا اسْتَحْضَرَاهُ. [لَكِنَّ الْمَجْدَ لَمْ يُصَرِّحْ فِي كَلَامِهِ فِي حُكْمِ الْيَمِينِ نَفْيًا وَلَا إثْبَاتًا فِي الْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ. نَعَمْ حَيْثُ رُدَّ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ، فَإِنَّهُ يَكُونُ كَالْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا عَلَى الْخِلَافِ. وَأَيْضًا فَإِنَّهُ لَمْ يَنْفِ ذِكْرَ الْيَمِينِ إلَّا عَنْ الرِّوَايَةِ. وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِثُبُوتِهِ فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَلَا لِنَفْيِهِ، وَكَيْفَ يَنْفِيهِ عَنْهُمْ؟ وَهُوَ ثَابِتٌ فِي الْمُقْنِعِ، وَقَبْلَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ. وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إنَّمَا جَزَمَ الشَّيْخُ فِي الْمُقْنِعِ بِوُجُوبِ الْيَمِينِ فِي الْأَحْوَالِ أَوْ بِعَدَمِهِ فِيهَا: اخْتِيَارًا مِنْهُ لِإِطْلَاقِ الْحَالَةِ الْأَخِيرَةِ بِالْأَحْوَالِ الْأَوَّلَةِ. وَهِيَ مَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ " مُدَّعِي مَهْرِ الْمِثْلِ فِي وُجُوبِ الْيَمِينِ، أَوْ عَدَمِهِ " وَأَنَّ ذَلِكَ هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ. وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ فِي الْمُغْنِي مِنْ " أَنَّ الْأَصْحَابَ لَمْ يَذْكُرُوا يَمِينًا " لَا يُنَافِي صَنِيعَهُ فِي الْمُقْنِعِ حِينَئِذٍ. فَإِنَّ ذَلِكَ مُخْتَصٌّ بِالْحَالِ الْأَخِيرِ فَقَطْ] .
فَائِدَةٌ:
وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ اخْتَلَفَ وَرَثَتُهُمَا فِي قَدْرِ الصَّدَاقِ. قَالَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْوَجِيزِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. وَكَذَا لَوْ اخْتَلَفَ الزَّوْجُ وَوَلِيُّ الزَّوْجَةِ الصَّغِيرَةِ فِي قَدْرِهِ. قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ. وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَغَيْرِهِ. وَيَحْلِفُ الْوَلِيُّ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ قَالَ: تَزَوَّجْتُك عَلَى هَذَا الْعَبْدِ، فَقَالَتْ: بَلْ عَلَى هَذِهِ الْأَمَةِ: خُرِّجَ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ) . يَعْنِي: اللَّتَيْنِ فِيمَا إذَا اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الصَّدَاقِ.
وَكَذَا قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ مِنْ الْأَصْحَابِ. وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ اخْتَلَفَا فِي جِنْسِهِ أَوْ صِفَتِهِ، عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ. لَكِنْ عَلَى رِوَايَةِ مَنْ يَدَّعِي مَهْرَ الْمِثْلِ: لَوْ كَانَتْ الْأَمَةُ تُسَاوِي مَهْرَ الْمِثْلِ: لَمْ تَدْفَعْ إلَيْهَا، بَلْ يَدْفَعُ إلَيْهَا الْقِيمَةَ، لِئَلَّا يُمَلِّكَهَا مَا يُنْكِرُهُ. قَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ. قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ، وَغَيْرِهِ بَعْدَ ذِكْرِ الرِّوَايَتَيْنِ لَكِنَّ الْوَاجِبَ الْقِيمَةُ، لَا شَيْءَ مِنْ الْمُعَيَّنَيْنِ. وَقِيلَ: إنْ كَانَ مُعَيَّنُ الْمَرْأَةِ أَعْلَى قِيمَةً وَهُوَ كَمَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ أَقَلَّ، وَأَخَذْنَا بِقَوْلِهَا: أَعْطَيْته بِعَيْنِهِ. وَكَذَا قَالَ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ. وَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي فَتَاوِيهِ: إنْ عَيَّنَتْ الْمَرْأَةُ أُمَّهَا، وَعَيَّنَ الزَّوْجُ أَبَاهَا: فَيَنْبَغِي أَنْ يُعْتِقَ أَبُوهَا؛ لِأَنَّهُ مُقِرٌّ بِمِلْكِهَا لَهُ وَإِعْتَاقِهِ عَلَيْهَا. ثُمَّ يَتَحَالَفَانِ. وَلَهَا الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَةِ أُمِّهَا، أَوْ مَهْرِ مِثْلِهَا. انْتَهَى.
وَفِي الْوَاضِحِ: يَتَحَالَفَانِ كَبَيْعٍ. وَلَهَا الْأَقَلُّ مِمَّا ادَّعَتْهُ أَوْ مَهْرُ مِثْلِهَا. وَفِي التَّرْغِيبِ: يُقْبَلُ قَوْلُ مُدَّعِي جِنْسِ مَهْرِ الْمِثْلِ فِي أَشْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ.
وَالثَّانِيَةُ: قِيمَةُ مَا يَدَّعِيهِ هُوَ. وَقَدَّمَ فِي الْبُلْغَةِ، وَالرِّعَايَةِ مَا قَالَ فِي التَّرْغِيبِ: إنَّهُ أَشْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ.
فَائِدَةٌ:
لَوْ ادَّعَتْ تَسْمِيَةَ الصَّدَاقِ وَأَنْكَرَ: كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهَا فِي تَسْمِيَةِ مَهْرِ الْمِثْلِ، فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ.
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: الْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْبُلْغَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالْفُرُوعِ. فَعَلَى الْأَوَّلِ: يَتَنَصَّفُ الْمَهْرُ إذَا طَلَّقَ قَبْلَ الدُّخُولِ. وَعَلَى الثَّانِيَةِ: فِي تَنَصُّفِهِ أَوْ الْمُتْعَةِ فَقَطْ الْخِلَافُ الْآتِي.
قَوْلُهُ (وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي قَبْضِ الْمَهْرِ. فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا) . هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ قَاطِبَةً. وَذَكَرَ فِي الْوَاضِحِ رِوَايَةً: أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ، بِنَاءً عَلَى مَا إذَا قَالَ " كَانَ لَهُ عَلَيَّ كَذَا وَقَضِيَّتُهُ " عَلَى مَا يَأْتِي فِي كَلَامِ الْخِرَقِيِّ فِي " بَابِ طَرِيقِ الْحَاكِمِ وَصِفَتِهِ ". قَوْلُهُ (وَإِنْ اخْتَلَفَا فِيمَا يَسْتَقِرُّ بِهِ الْمَهْرُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) . بِلَا نِزَاعٍ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى صَدَاقَيْنِ: سِرٍّ وَعَلَانِيَةٍ، أَخِذَ بِالْعَلَانِيَةِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ انْعَقَدَ بِالسِّرِّ. ذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ) . وَذَكَرَهُ فِي التَّرْغِيبِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَغَيْرِهِمْ. وَهُوَ مَنْصُوصٌ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَقَرَّ بِهِ. نَقَلَ أَبُو الْحَارِثِ: يُؤْخَذُ بِالْعَلَانِيَةِ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُذْهَبِ، وَالْبُلْغَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالزَّرْكَشِيِّ، وَغَيْرِهِمْ. قَالَهُ فِي الْخُلَاصَةِ. فَإِنْ رَضِيَتْ الْمَرْأَةُ بِمَهْرِ السِّرِّ، وَإِلَّا لَزِمَهُ الْعَلَانِيَةُ. وَقَالَ الْقَاضِي: وَإِنْ تَصَادَقَا عَلَى السِّرِّ لَمْ يَكُنْ لَهَا غَيْرُهُ. وَحُمِلَ كَلَامُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَالْخِرَقِيِّ: عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ لَمْ تُقِرَّ بِنِكَاحِ السِّرِّ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ.
فَائِدَةٌ:
ذَكَرَ الْحَلْوَانِيُّ: أَنَّ الْبَيْعَ مِثْلُ النِّكَاحِ فِي ذَلِكَ. وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْبَيْعِ بِأَتَمَّ مِنْ هَذَا.
تَنْبِيهٌ:
قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُغْنِي، وَمَنْ تَابَعَهُ مِنْ الشَّارِحِ، وَغَيْرِهِ: وَجْهُ قَوْلِ
الْخِرَقِيِّ: أَنَّهُ إذَا عَقَدَ فِي الظَّاهِرِ عَقْدًا بَعْدَ عَقْدِ السِّرِّ فَقَدْ وُجِدَ مِنْهُ بَذْلُ الزَّائِدِ عَلَى مَهْرِ السِّرِّ. فَيَجِبُ ذَلِكَ عَلَيْهِ، كَمَا لَوْ زَادَهَا عَلَى صَدَاقِهَا. قَالُوا: وَمُقْتَضَى مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ التَّعْلِيلِ لِكَلَامِ الْخِرَقِيِّ: أَنَّهُ إنْ كَانَ مَهْرُ السِّرِّ أَكْثَرَ مِنْ الْعَلَانِيَةِ: وَجَبَ مَهْرُ السِّرِّ؛ لِأَنَّهُ وَجَبَ عَلَيْهِ بِعَقْدِهِ. وَلَمْ تُسْقِطْهُ الْعَلَانِيَةُ فَبَقِيَ وُجُوبُهُ. انْتَهَوْا. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: قَدْ حَمَلْنَا كَلَامَ الْخِرَقِيِّ عَلَى مَا إذَا كَانَ مَهْرُ الْعَلَانِيَةِ أَزْيَدَ. وَهُوَ مُتَأَخِّرٌ. بِنَاءً عَلَى الْغَالِبِ. انْتَهَى.
قُلْتُ: بَلْ هَذَا هُوَ الْوَاقِعُ. وَلَا يَتَأَتَّى فِي الْعَادَةِ غَيْرُهُ. وَقَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: وَإِذَا كُرِّرَ الْعَقْدُ بِمَهْرَيْنِ سِرًّا، وَعَلَانِيَةً: أُخِذَ بِالْمَهْرِ الزَّائِدِ، وَهُوَ الْعَلَانِيَةُ. وَإِنْ انْعَقَدَ بِغَيْرِهِ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَقَالَهُ الْخِرَقِيُّ. قَالَ شَارِحُهُ: فَقَوْلُهُ " أَخَذَ بِالْمَهْرِ الزَّائِدِ وَهُوَ الْعَلَانِيَةُ " أَخْرَجَهُ مَخْرَجَ الْغَالِبِ. انْتَهَى.
وَأَمَّا صَاحِبُ الْفُرُوعِ: فَجَعَلَ قَوْلَ الْخِرَقِيِّ وَمَنْ تَابَعَهُ قَوْلًا غَيْرَ الْقَوْلِ بِالْأَخْذِ بِالزَّائِدِ. فَقَالَ: وَمَنْ تَزَوَّجَ سِرًّا بِمَهْرٍ، وَعَلَانِيَةً بِغَيْرِهِ: أَخَذَ بِأَزْيَدِهِمَا. وَقِيلَ: بِأَوَّلِهِمَا. وَفِي الْخِرَقِيِّ وَغَيْرِهِ: يُؤْخَذُ بِالْعَلَانِيَةِ. وَذَكَرَهُ فِي التَّرْغِيبِ نَصُّ الْإِمَامِ أَحْمَدَ مُطْلَقًا. انْتَهَى.
قُلْت: أَمَّا عَلَى تَقْدِيرِ وُقُوعِ أَنَّ مَهْرَ السِّرِّ أَكْثَرُ: فَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا صَرَّحَ بِأَنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّ الزَّائِدَ. وَإِنْ كَانَ أَنْقَصَ: فَيَأْتِي كَلَامُ الْخِرَقِيِّ وَالْقَاضِي.
فَوَائِدُ:
الْأُولَى: لَوْ اتَّفَقَا قَبْلَ الْعَقْدِ عَلَى مَهْرٍ، وَعَقَدَاهُ بِأَكْثَرَ مِنْهُ تَجَمُّلًا مِثْلَ أَنْ
يَتَّفِقَا عَلَى أَنَّ الْمَهْرَ أَلْفٌ، وَيَعْقِدَاهُ عَلَى أَلْفَيْنِ فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّ الْأَلْفَيْنِ هِيَ الْمَهْرُ. جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ، وَالْمَجْدُ، وَالشَّارِحُ، وَصَاحِبُ الْبُلْغَةِ، وَالرِّعَايَةِ، وَالنَّظْمِ، وَالْحَاوِي، وَغَيْرُهُمْ. وَقَالَهُ الْقَاضِي، وَغَيْرُهُ. وَقِيلَ: الْمَهْرُ مَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ أَوَّلًا. فَعَلَى الْمَذْهَبِ: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رحمه الله: تَفِي بِمَا وَعَدَتْ بِهِ وَشَرَطَتْهُ، مِنْ أَنَّهَا لَا تَأْخُذُ إلَّا مَهْرَ السِّرِّ. قَالَ الْقَاضِي، وَالْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَغَيْرُهُمْ: هَذَا عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِحْبَابِ. وَقَالَ أَبُو حَفْصٍ الْبَرْمَكِيُّ: يَجِبُ عَلَيْهَا الْوَفَاءُ بِذَلِكَ. قُلْتُ: وَهُوَ الصَّوَابُ.
الثَّانِيَةُ: لَوْ وَقَعَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْبَيْعِ، فَهَلْ يُؤْخَذُ بِمَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ، أَوْ بِمَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ، وَالْفُرُوعِ.
أَحَدُهُمَا: يُؤْخَذُ بِمَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ. قَطَعَ بِهِ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ. وَحَكَاهُ أَبُو الْخَطَّابِ، وَأَبُو الْحُسَيْنِ عَنْ الْقَاضِي. وَهُوَ مِنْ الْمُفْرَدَاتِ.
وَالثَّانِي: يُؤْخَذُ بِمَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ. قَطَعَ بِهِ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ. وَتَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَى ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْبَيْعِ بَعْدَ قَوْلِهِ " فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُكْرَهًا "
الثَّالِثَةُ: أَفَادَنَا الْمُصَنِّفُ رحمه الله بِقَوْلِهِ " وَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى صَدَاقَيْنِ: سِرٍّ وَعَلَانِيَةٍ، أَخَذَ بِالْعَلَانِيَةِ " أَنَّ الزِّيَادَةَ فِي الصَّدَاقِ بَعْدَ الْعَقْدِ: تَلْحَقُ بِهِ. وَيَبْقَى حُكْمُهَا حُكْمَ الْأَصْلِ فِيمَا يُقَرِّرُهُ وَيُنْصِفُهُ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَعَنْهُ: لَا تَلْحَقُ بِهِ. وَإِنَّمَا هِيَ هِبَةٌ تَفْتَقِرُ إلَى شُرُوطِ الْهِبَةِ. فَإِنْ طَلَّقَهَا بَعْدَ هِبَتِهَا: لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ مِنْ الزِّيَادَةِ. وَخَرَّجَ عَلَى الْمَذْهَبِ: سُقُوطَهُ بِمَا يُنَصِّفُهُ، مِنْ وُجُوبِ الْمُتْعَةِ لِمُفَوَّضَةٍ مُطَلَّقَةٍ قَبْلَ الدُّخُولِ بَعْدَ فَرْضِهِ.
فَعَلَى الْمَذْهَبِ: يَمْلِكُ الزِّيَادَةَ مِنْ حِينِهَا. نَقَلَهُ مُهَنَّا فِي أَمَةٍ عَتَقَتْ، فَزِيدَ مَهْرُهَا وَجَعَلَهَا الْقَاضِي لِمَنْ أَصْلُ الزِّيَادَةِ لَهُ. [قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: وَإِذَا أُلْحِقَ بِالْمَهْرِ بَعْدَ الْعَقْدِ زِيَادَةٌ: أُلْحِقَتْ بِهِ وَلَزِمَتْهُ. وَكَانَتْ كَأَصْلٍ فِيمَا يُقَرِّرُهُ وَيُنَصِّفُهُ. نَصَّ عَلَيْهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رحمه الله. وَيَتَخَرَّجُ: أَنْ تَسْقُطَ هِيَ بِمَا يُنَصِّفُهُ، وَنَحْوُهُ. انْتَهَى بِمَا مَعَهُ] .
الرَّابِعَةُ: هَدِيَّةُ الزَّوْجَةِ لَيْسَتْ مِنْ الْمَهْرِ، نَصَّ عَلَيْهِ. فَإِنْ كَانَتْ قَبْلَ الْعَقْدِ وَقَدْ وَعَدُوهُ بِأَنْ يُزَوِّجُوهُ، فَزَوَّجُوا غَيْرَهُ: رَجَعَ بِهَا. قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله. وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْفُرُوعِ. قُلْت: وَهَذَا مِمَّا لَا شَكَّ فِيهِ. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله أَيْضًا: مَا قُبِضَ بِسَبَبِ النِّكَاحِ فَكَمَهْرٍ. وَقَالَ أَيْضًا: مَا كُتِبَ فِيهِ الْمَهْرُ لَا يَخْرُجُ مِنْهَا بِطَلَاقِهَا. وَقَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الْخَمْسِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ: حَكَى الْأَثْرَمُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله فِي الْمَوْلَى يَتَزَوَّجُ الْعَرَبِيَّةَ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا. فَإِنْ كَانَ دَفَعَ إلَيْهَا بَعْضَ الْمَهْرِ، وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا: يَرُدُّوهُ. وَإِنْ كَانَ أَهْدَى هَدِيَّةً: يَرُدُّونَهَا عَلَيْهِ. قَالَ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ: لِأَنَّ فِي هَذِهِ الْحَالِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ وَهَبَ بِشَرْطِ بَقَاءِ الْعَقْدِ. فَإِذَا زَالَ: مَلَكَ الرُّجُوعَ كَالْهِبَةِ بِشَرْطِ الثَّوَابِ. انْتَهَى.
وَهَذَا فِي الْفُرْقَةِ الْقَهْرِيَّةِ لِفَقْدِ الْكَفَاءَةِ وَنَحْوِهَا ظَاهِرٌ. وَكَذَا الْفُرْقَةُ الِاخْتِيَارِيَّةُ الْمُسْقِطَةُ لِلْمَهْرِ. فَأَمَّا الْفَسْخُ الْمُقَرِّرُ لِلْمَهْرِ، أَوْ لِنِصْفِهِ: فَتَثْبُتُ مَعَهُ الْهَدِيَّةُ. وَإِنْ كَانَتْ الْعَطِيَّةُ لِغَيْرِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ بِسَبَبِ الْعَقْدِ كَأُجْرَةِ الدَّلَّالِ، وَالْخَاطِبِ، وَنَحْوِهِمَا فَفِي النَّظَرِيَّاتِ لِابْنِ عَقِيلٍ: إنْ فُسِخَ الْبَيْعُ بِإِقَالَةٍ، وَنَحْوِهَا: لَمْ يَقِفْ عَلَى التَّرَاضِي. فَلَا تَرُدُّ الْأُجْرَةَ. وَإِنْ فُسِخَ بِخِيَارٍ، أَوْ عَيْبٍ: رَدَّتْ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ وَقَعَ مُتَرَدِّدًا بَيْنَ اللُّزُومِ وَعَدَمِهِ.
وَقِيَاسُهُ فِي النِّكَاحِ: أَنَّهُ إنْ فُسِخَ لِفَقْدِ الْكَفَاءَةِ، أَوْ لِعَيْبِهِ: رَدَّتْ. وَإِنْ فُسِخَ لِرِدَّةٍ، أَوْ رَضَاعٍ، أَوْ مُخَالَعَةٍ: لَمْ تَرُدَّ. انْتَهَى. نَقَلَهُ صَاحِبُ الْقَوَاعِدِ.
تَنْبِيهَانِ: أَحَدُهُمَا: قَوْلُهُ (وَالتَّفْوِيضُ عَلَى ضَرْبَيْنِ: تَفْوِيضُ الْبُضْعِ، وَهُوَ أَنْ يُزَوِّجَ الْأَبُ ابْنَتَهُ الْبِكْرَ) . مُرَادُهُ: إذَا كَانَتْ مُجْبَرَةً. وَكَذَلِكَ الثَّيِّبُ الصَّغِيرَةُ، إذَا قُلْنَا: يُجْبِرُهَا. وَأَمَّا إذَا قُلْنَا: لَا يُجْبِرُهَا. فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِذْنِ فِي تَزْوِيجِهَا بِغَيْرِ مَهْرٍ، حَتَّى يَكُونَ تَفْوِيضَ بُضْعٍ.
الثَّانِي: ظَاهِرُ قَوْلِهِ (وَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ بِالْعَقْدِ، وَلَهَا الْمُطَالَبَةُ بِفَرْضِهِ) . أَنَّهَا لَيْسَ لَهَا الْمُطَالَبَةُ بِالْمَهْرِ قَبْلَ الْفَرْضِ. وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَقِرَّ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ. وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ: لَهَا الْمُطَالَبَةُ بِهِ، مِنْهُمْ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّارِحُ، وَابْنُ رَزِينٍ، وَغَيْرُهُمْ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، كَمَا أَنَّ لَهَا الْمُطَالَبَةَ بِفَرْضِهِ [لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَقِرَّ] .
فَائِدَةٌ:
حَيْثُ فَسَدَتْ التَّسْمِيَةُ كَانَ لَهَا الْمُطَالَبَةُ بِفَرْضِ مَهْرِ الْمِثْلِ كَمَا أَنَّ لَهَا ذَلِكَ هُنَا.
قَوْلُهُ (وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْإِصَابَةِ وَرِثَهُ صَاحِبُهُ وَلَهَا مَهْرُ نِسَائِهَا) هَذَا الْمَذْهَبُ. نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَغَيْرُهُمَا: هَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ. وَهُوَ الصَّحِيحُ.
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هَذَا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ. وَصَحَّحَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى، وَغَيْرُهُ. فَمَا قُرِّرَ الْمَهْرُ الْمُسَمَّى قَرَّرَهُ هُنَا. وَقِيلَ عَنْهُ: لَا مَهْرَ لَهَا. حَكَاهَا ابْنُ أَبِي مُوسَى. وَقِيلَ: إنَّهُ يَنْتَصِفُ بِالْمَوْتِ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ فَرَضَهُ لَهَا. قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: لَا وَجْهَ لِلتَّنْصِيفِ عِنْدِي. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: فِي الْقَلْبِ حَزَازَةٌ مِنْ هَذِهِ الرِّوَايَةِ، وَالْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ: أَنَّ لَهَا مَهْرَ الْمِثْلِ، عَلَى حَدِيثِ بِرْوَعَ بِنْتِ وَاشِقٍ. نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ سَعِيدٍ، وَصَالِحٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَكَمِ، وَالْمَيْمُونِيِّ، وَابْنِ مَنْصُورٍ، وَحَمْدَانَ بْنِ عَلِيٍّ، وَحَنْبَلٍ. قَالَ: وَنُقِلَ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله رِوَايَةٌ تُخَالِفُ السُّنَّةَ وَإِجْمَاعَ الصَّحَابَةِ، بَلْ الْأُمَّةَ. فَإِنَّ الْقَائِلَ قَائِلَانِ: قَائِلٌ بِوُجُوبِ مَهْرِ الْمِثْلِ، وَقَائِلٌ بِسُقُوطِهِ. فَعَلِمْنَا أَنَّ نَاقِلَ ذَلِكَ غَالَطَ عَلَيْهِ. وَالْغَلَطُ إمَّا فِي النَّقْلِ، أَوْ مِمَّنْ دُونَهُ فِي السَّمْعِ أَوْ فِي الْحِفْظِ، أَوْ فِي الْكِتَابِ. إذْ مِنْ أَصْلِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ الَّذِي لَا خِلَافَ عَنْهُ فِيهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْخُرُوجُ عَنْ أَقْوَالِ الصَّحَابَةِ. وَلَا يَجُوزُ تَرْكُ الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ مِنْ غَيْرِ مُعَارِضٍ لَهُ مِنْ جِنْسِهِ. وَكَانَ رحمه الله شَدِيدَ الْإِنْكَارِ عَلَى مَنْ يُخَالِفُ ذَلِكَ. فَكَيْفَ يَفْعَلُهُ هُوَ مَعَ إمَامَتِهِ مِنْ غَيْرِ مُوَافَقَةٍ لِأَحَدٍ؟ وَمَعَ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ لَا حَظَّ لَهُ فِي الْآيَةِ وَلَا لَهُ نَظِيرٌ. هَذَا مِمَّا يُعْلَمُ قَطْعًا أَنَّهُ بَاطِلٌ. انْتَهَى.
قَوْلُهُ (وَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا: لَمْ يَكُنْ لَهَا عَلَيْهِ إلَّا الْمُتْعَةَ) إذَا طَلَّقَ الْمُفَوَّضَةَ قَبْلَ الدُّخُولِ، فَلَا يَخْلُو: إمَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ فَرَضَ لَهَا صَدَاقًا، أَوْ لَا. فَإِنْ كَانَ مَا فَرَضَ لَهَا صَدَاقًا وَهُوَ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ فَلَا يَخْلُو: إمَّا أَنْ يَكُونَ تَفْوِيضَ بُضْعٍ، أَوْ تَفْوِيضَ مَهْرٍ. فَإِنْ كَانَ تَفْوِيضَ بُضْعٍ: فَلَيْسَ لَهَا إلَّا الْمُتْعَةُ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ جَمَاعَةٍ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. مِنْهُمْ الْخِرَقِيُّ، وَالْقَاضِي، وَأَصْحَابُهُ. قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: وَهُوَ أَصَحُّ عِنْدِي. وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ، وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ. قَالَ فِي الْبُلْغَةِ: هَذَا أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ. قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ: وَهُوَ أَظْهَرُ. وَاخْتَارَهُ الشِّيرَازِيُّ، وَغَيْرُهُ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالْكَافِي وَقَالَ: هَذَا. الْمَذْهَبُ وَالشَّرْحِ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ، وَغَيْرُهُمْ. وَعَنْهُ: يَجِبُ لَهَا نِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ. قَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَنِهَايَةِ ابْنِ رَزِينٍ، وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هَذِهِ أَضْعَفُهُمَا. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ، وَالْفُرُوعِ. وَإِنْ كَانَ تَفْوِيضَ مَهْرٍ: فَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ هُنَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهَا إلَّا الْمُتْعَةَ. وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَالْمَذْهَبُ مِنْهُمَا. قَدَّمَهُ فِي الْكَافِي، وَقَالَ: هَذَا الْمَذْهَبُ. وَصَحَّحَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ، وَغَيْرُهُمْ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْفُرُوعِ. قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ: وَهُوَ أَظْهَرُ.
وَعَنْهُ: يَجِبُ لَهَا نِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ، وَالْمُنَوِّرِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَنِهَايَةِ ابْنِ رَزِينٍ، وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ، وَأَطْلَقَهُمَا الزَّرْكَشِيُّ، وَالْفُرُوعُ. وَإِنْ كَانَ فَرَضَ لَهَا صَدَاقًا صَحِيحًا: فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: وُجُوبُ نِصْفِ الصَّدَاقِ الْمُسَمَّى. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابِ. وَعَنْهُ: يَسْقُطُ، وَتَجِبُ الْمُتْعَةُ.
فَائِدَةٌ:
لَوْ سَمَّى لَهَا صَدَاقًا فَاسِدًا، وَطَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ: لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ سِوَى الْمُتْعَةِ، عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. نَصَرَهُ الْقَاضِي، وَأَصْحَابُهُ. قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: اخْتَارَهُ الشَّرِيفُ، وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي خِلَافَيْهِمَا. وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ، وَصَاحِبُ الرِّعَايَتَيْنِ. وَعَنْهُ: يَجِبُ عَلَيْهِ نِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ. جَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ، وَابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ. وَاخْتَارَهُ الشِّيرَازِيُّ، وَالْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَالزَّرْكَشِيُّ. فَمَا نَصَّفَ الْمُسَمَّى: نَصَّفَهُ هُنَا، إلَّا فِي هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ، عَلَى الْخِلَافِ فِيهِمَا.
قَوْلُهُ (وَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ: لَمْ يَكُنْ لَهَا عَلَيْهِ إلَّا الْمُتْعَة. عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ، وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدْرُهُ فَأَعْلَاهَا: خَادِمٌ. وَأَدْنَاهَا كِسْوَةٌ تُجْزِيهَا فِي صَلَاتِهَا) . اعْلَمْ أَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ الْمَذْهَبِ: اعْتِبَارُ وُجُوبِ الْمُتْعَةِ بِحَالِ الزَّوْجِ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ.
وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالْمُحَرَّرِ، وَالشَّرْحِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ وَالزَّرْكَشِيِّ، وَغَيْرُهُمْ. وَقِيلَ: الِاعْتِبَارُ بِحَالِ الْمَرْأَةِ وَقِيلَ: الِاعْتِبَارُ بِحَالِهِمَا. وَعَنْهُ: يَرْجِعُ فِي تَقْدِيرِهَا إلَى الْحَاكِمِ. وَعَنْهُ: يَجِبُ لَهَا نِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ. ذَكَرَهَا الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ تَضْعُفُ لِوَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: مُخَالَفَةُ نَصِّ الْكِتَابِ؛ لِأَنَّ نَصَّ الْكِتَابِ يَقْتَضِي تَقْدِيرَهَا بِحَالِ الزَّوْجِ. وَتَقْدِيرُهَا بِنِصْفِ الْمَهْرِ يُوجِبُ اعْتِبَارَهَا بِحَالِ الْمَرْأَةِ.
الثَّانِي: أَنَّا لَوْ قَدَّرْنَاهَا بِنِصْفِ مَهْرِ الْمِثْلِ، لَكَانَتْ نِصْفَ الْمَهْرِ. إذْ لَيْسَ الْمَهْرُ مُعَيَّنًا فِي شَيْءٍ. انْتَهَى.
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ أَخَذَهَا الْقَاضِي فِي رِوَايَتَيْهِ مِنْ رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ وَسَأَلَهُ " كَمْ الْمَتَاعُ؟ فَقَالَ: عَلَى قَدْرِ الْجَدَّةِ. وَعَلَى مَنْ؟ قَالَ: تَمَتَّعْ بِنِصْفِ صَدَاقِ الْمِثْلِ " لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ فَرَضَ لَهَا صَدَاقًا كَانَ لَهَا نِصْفُهُ. قَالَ الْقَاضِي: وَظَاهِرُ هَذَا: أَنَّهَا غَيْرُ مُقَدَّرَةٍ، وَأَنَّهَا مُعْتَبَرَةٌ بِيَسَارِهِ وَإِعْسَارِهِ. وَقَدْ حَكَى قَوْلَ غَيْرِهِ: أَنَّهُ قَدَّرَهَا بِنِصْفِ مَهْرِ الْمِثْلِ، وَلَمْ يُنْكِرْهُ. فَظَاهِرُ هَذَا: أَنَّهُ مَذْهَبٌ لَهُ. انْتَهَى.
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهَذَا فِي غَايَةِ التَّهَافُتِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا حَكَى مَذْهَبَ غَيْرِهِ، بَعْدَ أَنْ حَكَى مَذْهَبَهُ. قَالَ: وَإِنَّمَا تَكُونُ هَذِهِ الرِّوَايَةُ مَذْهَبًا مُعْتَمَدًا لَهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الْإِمَامُ أَحْمَدُ قَدْ ذَكَرَ مَذْهَبَهُ مَعَهَا، مَعَ أَنَّهُ قَدْ ذَكَرَهُ هُنَا مَعَهَا. قَالَ: وَلَا تَلِيقُ هَذِهِ الرِّوَايَةُ بِمَذْهَبِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ تَنْفِي
فَائِدَةَ اعْتِبَارِ الْمُوسِعِ وَالْمُقْتِرِ، وَلَا تَبْقَى فَائِدَةٌ فِي إيجَابِ نِصْفِ مَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ الْمُتْعَةِ، إلَّا أَنَّ غَايَتَهُ: أَنَّ ثَمَّ الْوَاجِبَ مِنْ النَّقْدَيْنِ. وَهُنَا: الْوَاجِبُ مَتَاعٌ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ دَخَلَ بِهَا: اسْتَقَرَّ مَهْرُ الْمِثْلِ. فَإِنْ طَلَّقَهَا بَعْدَ ذَلِكَ: فَهَلْ تَجِبُ الْمُتْعَةُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. أَصَحُّهُمَا: لَا تَجِبُ) وَكَذَا قَالَ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَغَيْرِهِمَا. وَهُوَ كَمَا قَالُوا. وَهُوَ الْمَذْهَبُ: وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَصَحَّحُوهُ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ.
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: تَجِبُ لَهَا الْمُتْعَةُ. نَقَلَ حَنْبَلٌ: لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ مُتْعَةٌ. وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله فِي مَوْضِعٍ مِنْ كَلَامِهِ. [وَقَدْ تَقَدَّمَ لَنَا: أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِيمَا إذَا لَمْ يَفْرِضْ لَهَا صَدَاقًا. الرِّوَايَةُ لَا تَخْتَصُّ بِذَلِكَ، كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ سِيَاقُ كَلَامِهِ، بَلْ هِيَ مُطْلَقَةٌ فِيهِ وَفِي جَمِيعِ الْمُطَلَّقَاتِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ] . وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَالْعَمَلُ عِنْدِي عَلَيْهِ لِتَوَاتُرِ الرِّوَايَاتِ بِخِلَافِهِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَإِلَيْهِ مَيْلُ أَبِي بَكْرٍ لِذَلِكَ.
فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا: إذَا دَخَلَ بِهَا وَكَانَ قَدْ سَمَّى لَهَا صَدَاقًا ثُمَّ طَلَّقَهَا. فَلَا مُتْعَةَ لَهَا عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَعَنْهُ: لَهَا الْمُتْعَةُ. وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رحمه الله فِيمَا خَرَّجَهُ فِي مَحْبِسِهِ قَالَ ابْنُ عُمَرَ " لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ مَتَاعٌ إلَّا الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا، وَقَدْ فَرَضَ لَهَا " وَاخْتَارَ هَذِهِ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله فِي الِاعْتِصَامِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَرَجَّحَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى الَّتِي قَبْلَهَا.
قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: لَا مُتْعَةَ إلَّا لِهَذِهِ الْمُفَارِقَةِ قَبْلَ الْفَرْضِ وَالدُّخُولِ. وَعَنْهُ: تَجِبُ لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ. وَعَنْهُ: تَجِبُ لِلْكُلِّ إلَّا لِمَنْ دَخَلَ بِهَا، وَسَمَّى مَهْرَهَا. انْتَهَى.
وَتَابَعَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله عَنْ هَذِهِ الرِّوَايَةِ الثَّالِثَةِ صَوَابُهُ: إلَّا مَنْ سَمَّى مَهْرَهَا، وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا. قَالَ: وَإِنَّمَا هَذَا زَيْغٌ حَصَلَ مِنْ قَلَمِ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ. انْتَهَى.
قُلْت: رَأَيْت فِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ، أَنَّهُ قَالَ: رَأَيْت مَا يَدُلُّ عَلَى كَلَامِ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ رحمه الله بِخَطِّ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ الزَّرِيرَانِيِّ رحمه الله.
الثَّانِيَةُ: فِي سُقُوطِ الْمُتْعَةِ بِهِبَةِ مَهْرِ الْمِثْلِ قَبْلَ الْفُرْقَةِ وَجْهَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ.
أَحَدُهُمَا: لَا تَسْقُطُ بِهَا. صَحَّحَهُ النَّاظِمُ. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْمُحَرَّرِ.
وَالثَّانِي: تَسْقُطُ. قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ. وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ. وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ الْأَوَّلَ احْتِمَالًا.
قَوْلُهُ (وَمَهْرُ الْمِثْلِ مُعْتَبَرٌ بِمَنْ يُسَاوِيهَا مِنْ نِسَاءِ عَصَبَاتِهَا كَأُخْتِهَا، وَعَمَّتِهَا، وَبِنْتِ أَخِيهَا وَعَمِّهَا) . هَذَا إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ. وَصَحَّحَهُ فِي الْبُلْغَةِ. وَعَنْهُ: يُعْتَبَرُ جَمِيعُ أَقَارِبِهَا، كَأُمِّهَا وَخَالَتِهَا. وَهَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ.
وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ. وَأَطْلَقَهَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْكَافِي، وَالزَّرْكَشِيِّ.
فَائِدَةٌ
يُعْتَبَرُ فِي ذَلِكَ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ مِنْ النِّسَاءِ، عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ. قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ كَانَ عَادَتُهُمْ التَّأْجِيلَ: فُرِضَ مُؤَجَّلًا، فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ) . وَهُوَ الْمَذْهَبُ. صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ. وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْفُرُوعِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُفْرَضُ حَالًّا. كَمَا لَوْ اخْتَلَفَتْ عَادَتُهُمْ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُغْنِي، وَالْمُحَرَّرِ، وَالشَّرْحِ، وَالنَّظْمِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ.
فَائِدَةٌ
لَوْ اخْتَلَفَتْ مُهُورُهُنَّ: أَخَذَ بِالْوَسَطِ الْحَالِّ.
قَوْلُهُ (فَأَمَّا النِّكَاحُ الْفَاسِدُ: فَإِذَا افْتَرَقَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِطَلَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ، فَلَا مَهْرَ فِيهِ) . إذَا افْتَرَقَا فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ قَبْلَ الدُّخُولِ، بِغَيْرِ طَلَاقٍ وَلَا مَوْتٍ: لَمْ يَكُنْ لَهَا مَهْرٌ. بِلَا نِزَاعٍ وَإِنْ كَانَ بِطَلَاقٍ، فَجَزَمَ الْمُصَنِّفُ هُنَا: بِأَنَّهُ لَا مَهْرَ لَهَا. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ وَصَحَّحَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ وَقِيلَ: لَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ. وَحَكَاهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَجْهًا. وَإِنْ افْتَرَقَا بِمَوْتٍ، فَظَاهِرُ كَلَامِهِ هُنَا: أَنَّهُ لَا مَهْرَ لَهَا. وَهُوَ صَحِيحٌ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ.
قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَتَوَجَّهُ أَنَّهُ عَلَى الْخِلَافِ فِي وُجُوبِ الْعِدَّةِ بِهِ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ دَخَلَ بِهَا: اسْتَقَرَّ الْمُسَمَّى) . هَذَا الْمَذْهَبُ. نَصَّ عَلَيْهِ. قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ: وَهِيَ الْمَشْهُورَةُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله. وَهِيَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ، وَابْنِ أَبِي مُوسَى. وَاخْتَارَهَا الْقَاضِي، وَأَكْثَرُ أَصْحَابِهِ فِي كُتُبِ الْخِلَافِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ. وَعَنْهُ: يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ هُنَا: وَهِيَ أَصَحُّ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ. وَاخْتَارَهُ الشَّارِحُ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ: يُفَرَّقُ بَيْنَ النِّكَاحِ وَالْبَيْعِ، بِأَنَّ الْمَبِيعَ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ إذَا تَلِفَ يَضْمَنُهُ مِنْهُ بِالْقِيمَةِ لَا بِالثَّمَنِ عَلَى الْمَنْصُوصِ، وَبِأَنَّ النِّكَاحَ مَعَ فَسَادِهِ مُنْعَقِدٌ وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَكْثَرُ أَحْكَامِ الصَّحِيحِ: مِنْ وُقُوعِ الطَّلَاقِ، وَلُزُومِ عِدَّةِ الْوَفَاةِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَالِاعْتِدَادِ مِنْهُ بَعْدَ الْمُفَارَقَةِ فِي الْحَيَاةِ، وَوُجُوبِ الْمَهْرِ فِيهِ بِالْعَقْدِ، وَتَقَرُّرِهِ بِالْخَلْوَةِ. فَلِذَلِكَ لَزِمَ الْمَهْرُ الْمُسَمَّى فِيهِ كَالصَّحِيحِ. يُوَضِّحُهُ: أَنَّ ضَمَانَ الْمَهْرِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ: ضَمَانُ عَقْدٍ كَضَمَانِهِ فِي الصَّحِيحِ. وَضَمَانُ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ: ضَمَانُ تَلَفٍ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ الصَّحِيحِ. فَإِنَّ ضَمَانَهُ ضَمَانُ عَقْدٍ. قَوْلُهُ (وَلَا يَسْتَقِرُّ بِالْخَلْوَةِ) . هَذَا اخْتِيَارُ الْمُصَنِّفِ، وَالشَّارِحِ. وَذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ، وَالْمُذْهَبِ، رِوَايَةً عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله. قَالَ ابْنُ رَزِينٍ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَجِبَ، لِظَاهِرِ الْخَبَرِ. وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ. وَمُرَادُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ، لَا جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ.
وَقَالَ أَصْحَابُنَا: يَسْتَقِرُّ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَهُوَ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمُذْهَبِ. لَكِنْ هَلْ يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ، أَوْ الْمُسَمَّى؟ مَبْنِيٌّ عَلَى الَّذِي قَبْلَهُ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ. وَقِيلَ: يَجِبُ لَهَا شَيْءٌ. وَلَا يَكْمُلُ الْمَهْرُ.
فَائِدَةٌ
لَا يَصِحُّ تَزْوِيجُ مَنْ نِكَاحُهَا فَاسِدٌ قَبْلَ طَلَاقٍ أَوْ فَسْخٍ. فَإِنْ أَبَى الزَّوْجُ الطَّلَاقَ، فَسَخَهُ الْحَاكِمُ. هَذَا الْمَذْهَبُ. قَالَهُ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وَغَيْرِهِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَظَاهِرُهُ وَلَوْ زَوَّجَهَا قَبْلَ فَسْخِهِ: لَمْ يَصِحَّ مُطْلَقًا. وَمِثْلُهُ نَظَائِرُهُ. وَقَالَ ابْنُ رَزِينٍ: لَا يَفْتَقِرُ إلَى فُرْقَةٍ. لِأَنَّهُ مُنْعَقِدٌ كَالنِّكَاحِ الْبَاطِلِ. انْتَهَى.
وَقَالَ فِي الْإِرْشَادِ: لَوْ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا بِلَا شُهُودٍ: فَفِي تَزْوِيجِهَا قَبْلَ الْفُرْقَةِ رِوَايَتَانِ. وَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ: إذَا زُوِّجَتْ بِلَا وَلِيٍّ، أَوْ بِدُونِ الشُّهُودِ. وَفِي تَعْلِيقِ ابْنِ الْمُنَى، فِي انْعِقَادِ النِّكَاحِ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ: أَنَّهُ إذَا عَقَدَ عَلَيْهَا عَقْدًا فَاسِدًا لَا يَجُوزُ: صَحِيحٌ، حَتَّى يَقْضِيَ بِفَسْخِ الْأَوَّلِ، وَلَوْ سَلَّمْنَا فَلِأَنَّهُ حَرَامٌ، وَالْحَرَامُ فِي حُكْمِ الْعَدَمِ.
قَوْلُهُ (وَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ لِلْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ) . وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ رحمه الله: أَنَّهُ لَا يَجِبُ لَهَا مَهْرٌ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: الْبُضْعُ إنَّمَا يَتَقَوَّمُ عَلَى زَوْجٍ أَوْ شِبْهِهِ. فَيَمْلِكُهُ.
قَوْلُهُ (وَالْمُكْرَهَةِ عَلَى الزِّنَا) . يَعْنِي: يَجِبُ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا. وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ: هَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ.
وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ. وَعَنْهُ: يَجِبُ لِلْبِكْرِ خَاصَّةً. اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ. وَعَنْهُ: لَا يَجِبُ مُطْلَقًا. ذَكَرَهَا وَاخْتَارَهَا الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله. وَقَالَ: هُوَ خَبِيثٌ.
فَائِدَةٌ
لَوْ أَكْرَهَهَا وَوَطِئَهَا فِي الدُّبُرِ، فَلَا مَهْرَ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي، وَالْمُغْنِي، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالشَّرْحِ، وَغَيْرُهُمْ. وَقِيلَ: حُكْمُهُ حُكْمُ الْوَطْءِ فِي الْقُبُلِ. جَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ.
تَنْبِيهَانِ أَحَدُهُمَا: يَدْخُلُ فِي عُمُومِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ: الْأَجْنَبِيَّةُ، وَذَوَاتُ مَحَارِمِهِ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَغَيْرُهُ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَنَصَرَاهُ وَعَنْهُ: لَا مَهْرَ لِذَاتِ مَحْرَمِهِ. كَاللِّوَاطِ بِالْأَمْرَدِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ: لِأَنَّ تَحْرِيمَهُنَّ تَحْرِيمُ أَصْلٍ. وَفَارَقَ مَنْ حُرِّمَتْ تَحْرِيمَ مُصَاهَرَةٍ. فَإِنَّ تَحْرِيمَهَا طَارِئٌ. قَالَ: وَكَذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ فِيمَنْ حُرِّمَتْ بِالرَّضَاعِ. لِأَنَّهُ طَارِئٌ أَيْضًا. انْتَهَيَا. وَعَنْهُ: أَنَّ مَنْ تَحْرُمُ ابْنَتُهَا لَا مَهْرَ لَهَا، كَالْأُمِّ وَالْبِنْتِ، وَالْأُخْتِ. وَمَنْ تَحِلُّ ابْنَتُهَا كَالْعَمَّةِ، وَالْخَالَةِ لَهَا الْمَهْرُ. قَالَ بَعْضُهُمْ عَنْ رِوَايَةِ مَنْ تَحْرُمُ ابْنَتُهَا بِخِلَافِ الْمُصَاهَرَةِ، لِأَنَّهُ طَارِئٌ.
الثَّانِي: مَفْهُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ: أَنَّهُ لَا مَهْرَ لِلْمُطَاوِعَةِ. وَهُوَ صَحِيحٌ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَغَيْرِهِمَا. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَقَالَ فِي الِانْتِصَارِ: يَجِبُ الْمَهْرُ لِلْمُطَاوِعَةِ وَيَسْقُطُ. وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ: الْأَمَةُ إذَا وُطِئَتْ مُطَاوَعَةً. فَإِنَّ الْمَهْرَ لَا يَسْقُطُ بِذَلِكَ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. قَطَعَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَغَيْرِهِمَا. بَلْ يَأْخُذُهُ السَّيِّدُ وَقِيلَ: لَا مَهْرَ لَهَا. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ، فَقَالَ: وَفِي أَمَةٍ أَذِنَتْ وَجْهَانِ.
فَائِدَتَانِ إحْدَاهُمَا: إذَا كَانَ نِكَاحُهَا بَاطِلًا بِالْإِجْمَاعِ، وَوَطِئَ فِيهِ. فَهِيَ كَمُكْرَهَةٍ فِي وُجُوبِ الْمَهْرِ وَعَدَمِهِ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي، وَالرِّعَايَةِ، وَغَيْرِهِمْ. وَفِي التَّرْغِيبِ: رِوَايَةٌ يَلْزَمُ الْمُسَمَّى.
الثَّانِيَةُ: لَوْ وَطِئَ مَيْتَةً: لَزِمَهُ الْمَهْرُ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: لَزِمَهُ الْمَهْرُ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ. وَهُوَ مُتَّجَهٌ. وَقَالَ الْقَاضِي فِي جَوَابِ مَسْأَلَةٍ: وَوَطْءُ الْمَيِّتَةِ مُحَرَّمٌ، وَلَا مَهْرَ، وَلَا حَدَّ فِيهِ.
قَوْلُهُ (وَلَا يَجِبُ مَعَهُ أَرْشُ الْبَكَارَةِ) . يَعْنِي: مَعَ وُجُوبِ الْمَهْرِ لِلْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ، أَوْ زِنًا. هَذَا الْمَذْهَبُ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْفُرُوعِ وَغَيْرُهُمْ. (وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَجِبَ لِلْمُكْرَهَةِ) . وَهُوَ رِوَايَةٌ مَنْصُوصَةٌ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ. رحمه الله. وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ، وَقَالَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ.
فَائِدَةٌ
يَتَعَدَّدُ الْمَهْرُ بِتَعَدُّدِ الزِّنَا. لَا بِتَكَرُّرِ الْوَطْءِ بِشُبْهَةٍ. قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ، وَغَيْرِهِ. وَذَكَرَ أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ: أَنَّهُ يَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْوَطْءِ فِي الشُّبْهَةِ، لَا فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ: وَيَتَعَدَّدُ الْمَهْرُ بِتَعَدُّدِ الشُّبْهَةِ. وَفِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالنِّهَايَةِ، وَغَيْرِهِمْ: فِي الْكِتَابَةِ يَتَعَدَّدُ الْمَهْرُ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ. وَقَالُوا: إنْ اسْتَوْفَتْ الْمُكَاتَبَةُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ الْمَهْرَ عَنْ الْوَطْءِ الْأَوَّلِ: فَلَهَا مَهْرٌ ثَانٍ وَثَالِثٌ، وَإِلَّا فَلَا. وَقَالَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ هُنَا: لَا يَتَعَدَّدُ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ. وَقَالَهُ الْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ: كَدُخُولِهَا عَلَى أَنْ [لَا] تَسْتَحِقَّ مَهْرًا. وَفِي التَّعْلِيقِ أَيْضًا: بِكُلِّ وَطْءٍ فِي عَقْدٍ فَاسِدٍ مَهْرٌ، إنْ عُلِمَ فَسَادُهُ. وَإِلَّا مَهْرٌ وَاحِدٌ. وَفِي التَّعْلِيقِ أَيْضًا: فِي الْمُكْرَهَةِ لَا يَتَعَدَّدُ لِعَدَمِ التَّنْقِيصِ. كَنِكَاحٍ وَكَاسْتِوَاءِ مُوضِحَةٍ. وَفِي التَّعْلِيقِ أَيْضًا: لَوْ أَقَرَّ بِشُبْهَةٍ. فَلَهَا الْمَهْرُ وَلَوْ سَكَتَتْ.
قَوْلُهُ (وَإِذَا دَفَعَ أَجْنَبِيَّةً، فَأَذْهَبَ عُذْرَتَهَا: فَعَلَيْهِ أَرْشُ بَكَارَتِهَا) هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ. وَقَالَ: هُوَ الْقِيَاسُ، لَوْلَا مَا رُوِيَ عَنْ الصَّحَابَةِ. وَقَالَ الْقَاضِي (يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ) وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ الزَّوْجُ، ثُمَّ طَلَّقَ قَبْلَ الدُّخُولِ: لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ إلَّا نِصْفُ الْمُسَمَّى) وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَخَرَجَ وُجُوبُ الْمَهْرِ كَامِلًا مِنْ الرِّوَايَةِ الَّتِي قَالَ بِهَا الْقَاضِي قَبْلُ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ، قُلْت: وَيُحْتَمَلُ وُجُوبُهُ.
فَائِدَةٌ
قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي فَتَاوِيهِ: لَوْ مَاتَ أَوْ طَلَّقَ مَنْ دَخَلَ بِهَا، فَوَضَعَتْ فِي يَوْمِهَا، ثُمَّ تَزَوَّجَتْ فِيهِ، وَطَلَّقَ قَبْلَ دُخُولِهِ، ثُمَّ تَزَوَّجَتْ فِي يَوْمِهَا مَنْ دَخَلَ بِهَا: فَقَدْ اسْتَحَقَّتْ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ بِالنِّكَاحِ مَهْرَيْنِ وَنِصْفًا. فَيُعَايَى بِهَا. قُلْت: وَيُتَصَوَّرُ أَنْ تَسْتَحِقَّ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ: بِأَنْ تَطْلُقَ مِنْ الثَّالِثِ قَبْلَ الدُّخُولِ. وَكَذَا رَابِعٌ وَخَامِسٌ.
تَنْبِيهَانِ أَحَدُهُمَا: قَوْلُهُ (وَلِلْمَرْأَةِ مَنْعُ نَفْسِهَا حَتَّى تَقْبِضَ مَهْرَهَا) . مُرَادُهُ: الْمَهْرُ الْحَالُّ. وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ بَيْنَ الْأَصْحَابِ. وَنَقَلَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ اتِّفَاقًا. وَعَلَّلَهُ الْأَصْحَابُ بِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ الْمَعْقُودَ عَلَيْهَا تَتْلَفُ بِالِاسْتِيفَاءِ فَإِذَا تَعَذَّرَ اسْتِيفَاءُ الْمَهْرِ عَلَيْهَا: لَمْ يُمْكِنْهَا اسْتِرْجَاعُ عِوَضِهَا، بِخِلَافِ الْمَبِيعِ.
الثَّانِي: هَذَا إذَا كَانَتْ تَصْلُحُ لِلِاسْتِمْتَاعِ. فَأَمَّا إنْ كَانَتْ لَا تَصْلُحُ لِذَلِكَ: فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّ لَهَا الْمُطَالَبَةَ بِهِ أَيْضًا. اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ وَغَيْرُهُ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ. وَرَجَّحَ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُغَنِّي خِلَافَهُ. وَخَرَّجَهُ صَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ، مِمَّا حَكَى الْآمِدِيُّ: أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْبُدَاءَةُ بِتَسْلِيمِ الْمَهْرِ، بَلْ بِعَدْلٍ كَالثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله: الْأَشْبَهُ عِنْدِي: أَنَّ الصَّغِيرَةَ تَسْتَحِقُّ الْمُطَالَبَةَ
لَهَا بِنِصْفِ الصَّدَاقِ؛ لِأَنَّ النِّصْفَ يُسْتَحَقُّ بِإِزَاءِ الْحَبْسِ. وَهُوَ حَاصِلٌ بِالْعَقْدِ. وَالنِّصْفُ الْآخَرُ: بِإِزَاءِ الدُّخُولِ، فَلَا يُسْتَحَقُّ إلَّا بِالتَّمْكِينِ.
فَوَائِدُ
الْأُولَى: لَوْ كَانَ الْمَهْرُ مُؤَجَّلًا: لَمْ تَمْلِكْ مَنْعَ نَفْسِهَا. لَكِنْ لَوْ حَلَّ قَبْلَ الدُّخُولِ، فَهَلْ لَهَا مَنْعُ نَفْسِهَا كَقَبْلِ التَّسْلِيمِ كَمَا هِيَ عِبَارَةُ الْكَافِي، وَالْمُحَرَّرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ [فِيهِمَا] فِيهِ وَجْهَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ:
أَحَدُهُمَا: لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ. وَهُوَ الصَّحِيحُ. صَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَهَا ذَلِكَ.
الثَّانِيَةُ: حَيْثُ قُلْنَا: لَهَا مَنْعُ نَفْسِهَا، فَلَهَا أَنْ تُسَافِرَ بِغَيْرِ إذْنِهِ. قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ: لَهَا ذَلِكَ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ. وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّ لَهَا النَّفَقَةَ. وَعَلَّلَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رحمه الله وُجُوبَ النَّفَقَةِ بِأَنَّ الْحَبْسَ مِنْ قِبَلِهِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَقَالَ: وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ: لَا نَفَقَةَ، وَهُوَ مُتَّجَهٌ.
الثَّالِثَةُ: لَوْ قَبَضَتْ الْمَهْرَ، ثُمَّ سَلَّمَتْ نَفْسَهَا، فَبَانَ مَعِيبًا: فَلَهَا مَنْعُ نَفْسِهَا، حَتَّى تَقْبِضَ بَدَلَهُ بَعْدَهُ أَوْ مَعَهُ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ. وَقِيلَ: لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ.
قَوْلُهُ (فَإِنْ تَبَرَّعَتْ بِتَسْلِيمِ نَفْسِهَا، ثُمَّ أَرَادَتْ الْمَنْعَ) .
يَعْنِي: بَعْدَ الدُّخُولِ، أَوْ الْخَلْوَةِ. (فَهَلْ لَهَا ذَلِكَ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ) . وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالشَّرْحِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْمُذْهَبِ.
أَحَدُهُمَا: لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ. انْتَهَى.
مِنْهُمْ: أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ بَطَّةَ، وَأَبُو إِسْحَاقَ بْنُ شَاقِلَا. وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَالنَّظْمِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَهَا ذَلِكَ. اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ: لَوْ امْتَنَعَتْ لَمْ يَكُنْ لَهَا نَفَقَةٌ. وَيَأْتِي ذَلِكَ أَيْضًا فِي كِتَابِ النَّفَقَاتِ فِي أَثْنَاءِ الْفَصْلِ الثَّالِثِ.
فَائِدَتَانِ إحْدَاهُمَا: لَوْ أَبَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الزَّوْجَيْنِ التَّسْلِيمَ أَوَّلًا: أُجْبِرَ الزَّوْجُ عَلَى تَسْلِيمِ الصَّدَاقِ أَوَّلًا. ثُمَّ تُجْبَرُ هِيَ عَلَى تَسَلُّمِ نَفْسِهَا. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَغَيْرِهِمَا. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ. وَقِيلَ: يُؤْمَرُ الزَّوْجُ بِجَعْلِهِ تَحْتَ يَدِ عَدْلٍ. وَهِيَ بِتَسْلِيمِ نَفْسِهَا. فَإِذَا فَعَلَتْهُ: أَخَذَتْهُ مِنْ الْعَدْلِ. وَإِنْ بَادَرَ أَحَدُهُمَا، فَسَلَّمَ: أُجْبِرَ الْآخَرُ. فَإِنْ بَادَرَ هُوَ، فَسَلَّمَ الصَّدَاقَ فَلَهُ طَلَبُ التَّمْكِينِ. فَإِنْ أَبَتْ بِلَا عُذْرٍ فَلَهُ اسْتِرْجَاعُهُ.
الثَّانِيَةُ: لَوْ كَانَتْ مَحْبُوسَةً، أَوْ لَهَا عُذْرٌ يَمْنَعُ التَّسَلُّمَ: وَجَبَ تَسْلِيمُ الصَّدَاقِ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. كَمَهْرِ الصَّغِيرَةِ الَّتِي لَا تُوطَأُ مِثْلُهَا. كَمَا تَقَدَّمَ. وَقِيلَ: لَا يَجِبُ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ أَعْسَرَ بِالْمَهْرِ قَبْلَ الدُّخُولِ: فَلَهَا الْفَسْخُ) .
يَعْنِي: إذَا كَانَ حَالًّا. وَهَذَا الْمَذْهَبُ. قَالَ فِي التَّصْحِيحِ فِي كِتَابِ النَّفَقَاتِ هَذَا الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ. وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالنَّظْمِ، وَالْوَجِيزِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا، وَغَيْرِهِمْ. قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ: فَلَهَا الْفَسْخُ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ. وَرَجَّحَهُ فِي الْمُغْنِي. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ فِيمَا إذَا كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ الدُّخُولِ لَا قَبْلَهُ وَالشَّرْحِ، وَغَيْرِهِمَا. وَقِيلَ: لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ. اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ، وَابْنُ حَامِدٍ. قَالَهُ الشَّارِحُ. [وَاَلَّذِي نَقَلَهُ فِي الْمُحَرَّرِ عَنْ ابْنِ حَامِدٍ: عَدَمُ ثُبُوتِ الْفَسْخِ بَعْدَ الدُّخُولِ وَمُقْتَضَاهُ: أَنَّهُ لَا يُخَالِفُهُ فِي ثُبُوتِهِ لَهَا قَبْلَ ذَلِكَ] وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ. قَوْلُهُ (فَإِنْ أَعْسَرَ بَعْدَهُ: فَعَلَى وَجْهَيْنِ) . وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْهَادِي، وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ.
أَحَدُهُمَا: لَهَا الْفَسْخُ. قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي: فَلَهَا الْفَسْخُ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَيْسَ لَهَا الْفَسْخُ بَعْدَ الدُّخُولِ. نَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: إنْ تُزَوَّجُ مُفْلِسًا، وَلَمْ تَعْلَمْ الْمَرْأَةُ، لَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا إلَّا أَنْ يَكُونَ قَالَ " عِنْدِي عَرَضٌ وَمَالٌ وَغَيْرُهُ ". قَالَ فِي التَّصْحِيحِ فِي كِتَابِ النَّفَقَاتِ: الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ لَا فَسْخَ لَهَا. وَاخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ وَالْمُصَنِّفُ.
وَقِيلَ: إنْ أَعْسَرَ بَعْدَ الدُّخُولِ: انْبَنَى عَلَى مَنْعِ نَفْسِهَا لِقَبْضِ صَدَاقِهَا بَعْدَ الدُّخُولِ، كَمَا تَقَدَّمَ. إنْ قُلْنَا: لَهَا مَنْعُ نَفْسِهَا هُنَاكَ فَلَهَا الْفَسْخُ هُنَا، وَإِلَّا فَلَا. وَهِيَ طَرِيقَتُهُ فِي الْمُغْنِي. وَابْنُ مُنَجَّا فِي شَرْحِهِ.
فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا: لَوْ رَضِيَتْ بِالْمُقَامِ مَعَهُ مَعَ عُسْرَتِهِ، ثُمَّ أَرَادَتْ بَعْدَ ذَلِكَ الْفَسْخَ: لَمْ يَكُنْ لَهَا ذَلِكَ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: لَهَا ذَلِكَ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ: لَهَا مَنْعُ نَفْسِهَا.
الثَّانِيَةُ: لَوْ تَزَوَّجَتْهُ عَالِمَةً بِعُسْرَتِهِ: لَمْ يَكُنْ لَهَا الْفَسْخُ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: لَهَا ذَلِكَ.
تَنْبِيهٌ
مَحَلُّ هَذِهِ الْأَحْكَامِ: إذَا كَانَتْ الزَّوْجَةُ حُرَّةً. فَأَمَّا إنْ كَانَتْ أَمَةً: فَالْخِيرَةُ فِي الْمَنْعِ وَالْفَسْخِ إلَى السَّيِّدِ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمَا. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَغَيْرِهِمَا: وَقِيلَ: لَهَا. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَهُوَ أَوْلَى كَوَلِيِّ الصَّغِيرَةِ وَالْمَجْنُونَةِ.
قَوْلُهُ (وَلَا يَجُوزُ الْفَسْخُ إلَّا بِحُكْمِ حَاكِمٍ) . هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَقَطَعُوا بِهِ. وَقِيلَ: لَا يَحْتَاجُ إلَى حُكْمِ حَاكِمٍ كَخِيَارِ الْمُعْتَقَةِ تَحْتَ عَبْدٍ. انْتَهَى.