الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يميز بمجموع القلة ولا يعدل عن القلة في ذلك إلا عند عدم استعمال جمع القلة غالبًا وجمع القلة هنا موجود وهو إقراء فالحكمة في الإتيان بجمع الكثرة مع وجود القلة أنه لما جمع المطلقات جمع القرء لأن لكل مطلقة تربص ثلاثة أقراء فصارت كثرة بهذا الاعتبار، وسقط لفظ باب لأبي ذر.
(وقال إبراهيم) النخعي فيما وصله ابن أبي شيبة (فيمن تزوّج) امرأة (في العدّة) تزويجًا فاسدًا (فحاضت عنده) أي عند الثاني (ثلاث حيض بانت) بانقضاء هذه العدّة (من) الزوج (الأول ولا تحتسب) بفتح الفوقيتين وكسر السين (به) بالحيض (لمن بعده) لمن بعد الأول بل تعتد أخرى للثاني فلا تداخل لتعدد المستحق فتعتد لكل واحد منهما عدة كاملة، وروى المدنيون عن مالك إن كانت حاضت حيضة أو حيضتين من الأول أنها تتم بقية عدتها منه ثم تستأنف عدة أخرى وهو قول الشافعي وأحمد.
(وقال الزهري): محمد بن مسلم (تحتسب) بالحيض للثاني كالأوّل فيكفي لهما عدة واحدة وهو قول الحنفية ورواية مالك (وهذا أحب إلى سفيان) الثوري (يعني: قول الزهري) لأن الأول لا ينكحها في بقية العدة من الثاني فدلّ على أنها في عدة الثاني ولولا ذلك لنكحها في عدتها منه.
(وقال معمر) هو أبو عبيد بن المثنى (يقال أقرأت المرأة إذا دنا) قرب (حيضها وأقرأت إذا دنا) قرب (طهرها) فيستعمل في الضدين لكن المراد بالقرء عند الشافعية الطهر لقوله تعالى: {فطلقوهن لعدتهن} [الطلاق: 1] أي في زمنها وهو زمن الطهر إذ الطلاق في الحيض محرم كما سبق، ولأن القرء مأخوذ من قولهم قرأت الماء في الحوض أي جمعته فيه فالطهر أحق باسم القرء لأنه زمن اجتماع الدم في الرحم والحيض زمن خروجه منه فينصرف إذن إلى زمن الطهر الذي هو زمن العدة وزمنها يعقب زمن الطلاق والطهر ما احتوشه دمان أي دما حيضتين أو حيض ونفاس لا مجرد الانتقال إلى الحيض فإن طلقها في الطهر ولو بقي منه لحظة أو جامعها فيه انقضت عدتها بالطعن في الحيضة الثالثة ولا يبعد تسمية قرأين وبعض الثالث ثلاثة أقراء كما يقال خرجت من البلد لثلاث مضين مع وقوع خروجه في الثالثة، وكما في قوله تعالى:{الحج أشهر معلومات} [البقرة: 197] مع أن المراد شوّال وذو القعدة وبعض ذي الحجة ولأنا لو لم نعتد بالباقي قرأ لكان أبلغ في تطويل العدّة عليها من الطلاق في الحيض أو طلقها في الحيض فبالطعن في الحيضة الرابعة انقضت عدتها (ويقال: ما قرأت بسلا قط إذا لم تجمع ولدًا في بطنها) بكسر الباء الموحدة وفتح السين والتنوين من غير همز في قوله: بسلا غشاء الولد.
وسبق في أوائل سورة النور.
41 - باب قِصَّةِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ وَقَوْلِهِ عز وجل: {وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَاّ أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِى لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} . {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} -إِلَى قَوْلِهِ- {بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا}
.
(باب قصة فاطمة بنت قيس) أي ابن خالد الأكبر الفهرية أخت الضحاك من المهاجرات الأول (وقوله عز وجل ولأبي ذر وقول الله عز وجل: ({واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن}) أي لا تخرجوا المطلقات طلاقًا بائنًا بخلع أو ثلاث حاملًا كانت أو حائلًا غضبًا عليهن وكراهية لمساكنتهن أو لحاجة لكم إلى المساكن ولا تأذنوا لهن في الخروج إذا طلبن ذلك إيذانًا بأن إذنهم لا أثر له في رفع الحظر ({من بيوتهن}) مساكنهن التي يسكنها قبل العدّة وهي بيوت الأزواج وأضيفت إليهن لاختصاصها بهن من حيث السكنى ({ولا يخرجن}) بأنفسهن إن أردن ذلك، ولو وافق الزوج وعلى الحاكم المنع منه لأن في العدة حقًّا لله تعالى، وقد وجبت في ذلك المسكن. وفي الحاوي والمهذّب وغيرهما، من كتب العراقيين أن للزوج أن يسكنها حيث شاء لأنها في حكم الزوجة، وبه جزم النووي في نكته، قال السبكي: والأول أولى لإطلاق الآية، والأذرعي أنه المذهب المشهور والزركشي أنه الصواب ({إلاّ أن يأتين بفاحشة مبينة}) قيل: هي الزنا أي إلا أن يزنين فيخرجن لإقامة الحدّ عليهن قاله ابن مسعود، وبه أخذ أبو يوسف وقيل خروجها قبل انقضاء العدة فاحشة في نفسه قاله النخعي، وبه أخذ أبو حنيفة، وقال ابن عباس: الفاحشة نشوزها وأن تكون بذيّة اللسان على أحمائها. قال الشيخ كمال الدين بن الهمام: وقول ابن مسعود أظهر من جهة وضع اللفظ له لأن
إلا أن غاية والشيء لا يكون غاية لنفسه وما قاله النخعي أبدع وأعذب في الكلام كما يقال في الخطابيات لا تزن إلا أن تكون فاسقًا ولا تشتم أمك إلا أن تكون قاطع رحم ونحوه وهو بديع بليغ جدًّا ({وتلك حدود الله}) أي الأحكام المذكورة ({ومن يتعد حدود الله فقد ظل نفسه لا تدري}) أيها المخاطب ({لعل الله يحدث بعد ذلك أمرًا})[الطلاق: 1] بأن يقلب قلبه من بغضها إلى محبتها أو من الرغبة عنها إلى الرغبة فيها أو من عزيمة الطلاق إلى الندم عليه فيراجعها، والمعنى فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدّة ولا تخرجوهن من بيوتهن لعلكم تندمون فتراجعون. ثم ابتدأ المصنف بآية أخرى من سورة الطلاق فقال:
({أسكنوهن من حيث سكنتم}) من للتبعيض حذف مبعضها أي أسكنوهن مكانًا من حين سكنتم أي بعض مكان سكناكم ({من وجدكم}) عطف بيان لقوله: {من حيث سكنتم} وتفسير له كأنه قيل أسكنوهن مكانًا من مسكنكم مما تطيقونه والوجد الوسع والطاقة ({ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن}) من المسكن ببعض الأسباب حتى تضطروهن إلى الخروج ({وإن كن}) أي المطلقات
({أولات حمل}) ذوات الأحمال ({فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن} -إلى قوله-) تعالى: ({بعد عسر يسرًا})[الطلاق: 6، 7] أي بعد ضيق في المعيشة سعة وهو وعد لذي العسر باليسر والنفقة للحامل شاملة للأدم والكسوة إذ إنها مشغولة بمائه فهو مستمتع برحمها فصار كالاستمتاع بها في حال الزوجية، إذ الغسل مقصود بالنكاح كما أن الوطء مقصود به والنفقة للحامل بسبب الحمل لا للحمل لأنها لو كانت له لتقدرت بقدر كفايته ومفهوم الآية أن غير الحمل لا نفقة لها، وإلا لم يكن لتخصيصها بالذكر معنى. والسياق يفهم أنها في غير الرجعية لأن نفقة الرجعية واجبة ولو لم تكن حاملًا. وذهب الإمام إلى أنه لا نفقة لها ولا سكنى على ظاهر حديث فاطمة وإنما وجبت السكنى لمعتدة وفاة وطلاق بائن وهي حائل دون النفقة لأنها لصيانة ماء الزوج وهي تحتاج إليها بعد الفرقة كما تحتاج إليها قبلها والنفقة لسلطنته عليها، وقد انقطعت. وسياق هذه الآيات كلها ثابت في رواية كريمة، وقال أبو ذر في روايته بعد قوله تعالى:{لا تخرجوهن من بيوتهن} الآية، وهو نصب بفعل مقدر.
5321 -
5322 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ سَمِعَهُما يَذْكُران أَنَّ يَحْيَى بْنَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ طَلَّقَ بِنْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَكَمِ، فَانْتَقَلَهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، فَأَرْسَلَتْ عَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى مَرْوَانَ، وَهْوَ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ: اتَّقِ اللَّهَ وَارْدُدْهَا إِلَى بَيْتِهَا. قَالَ مَرْوَانُ فِي حَدِيثِ سُلَيْمَانَ: إِنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْحَكَمِ غَلَبَنِي. وَقَالَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ: أَوَ مَا بَلَغَكِ شَأْنُ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ؟ قَالَتْ: لَا يَضُرُّكَ أَنْ لَا تَذْكُرَ حَدِيثَ فَاطِمَةَ. فَقَالَ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ: إِنْ كَانَ بِكِ شَرٌّ فَحَسْبُكِ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ مِنَ الشَّرِّ. [الحديث 5321 - أطرافه في: 5323، 5325، 5327]. [الحديث 5322 - أطرافه في: 5324، 5326، 5328]
وبه قال: (حدّثنا) بالجمع (إسماعيل) بن أبي أويس قال: (حدّثنا) ولأبي ذر: حدّثني بالإفراد (مالك) الإمام الأعظم (عن يحيى بن سعيد) الأنصاري (عن القاسم بن محمد) أي ابن أبي بكر الصديق (وسليمان بن يسار) بالتحتية والسين المهملة المخففة مولى ميمونة (أنه) أي أن يحيى بن سعيد الأنصاري (سمعهما) أبي القاسم بن محمد وسليمان بن يسار (يذكران أن يحيى بن سعيد بن العاص) أخا عمرو بن سعيد المعروف بالأشدق (طلق بنت عبد الرحمن بن الحكم) بفتحتين عمرة الطلاق البتة (فانتقلها) أي نقلها (عبد الرحمن) أبوها من مسكنها الذي طلقت فيه، فسمعت عائشة بنقل عبد الرحمن ابنته من مسكنها الذي طلقت فيه (فأرسلت عائشة أم المؤمنين) رضي الله عنها (إلى) عم عمرة بنت عبد الرحمن بن الحكم (مروان) ولأبي ذر زيادة ابن الحكم (وهو أمير المدينة) يومئذٍ من قبل معاوية وولي الخلافة بعد تقول له (اتق الله) يا مروان (وارددها إلى بيتها) الذي طلقت فيه (قال مروان) مجيبًا لعائشة كما (في حديث سليمان) بن يسار (أن
عبد الرحمن بن الحكم) يعني أخاه والد عمرة (غلبني) فلم أقدر على منعه من نقلتها (وقال القاسم بن محمد) في حديثه قال مروان مجيبًا لعائشة أيضًا: (أو ما بلغك شأن فاطمة بنت قيس)؟ حيث لم تعتد في بيت زوجها وانتقلت إلى غيره (قالت) عائشة رضي الله عنها لمروان (لا يضرك أن لا تذكر حديث فاطمة) لأنه لا حجة فيه لجواز انتقال المطلقة من منزلها بسبب قاله في الفتح، وقال في الكواكب: كان لعلة وهو أن مكانها كان وحشًا مخوفًا عليه أو لأنها كانت لسنة استطالت على أحمائها (فقال