الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يغاير الإخلاص، فقد نقل أبو جعفر بن جرير الطبري عن جمهور السلف أن الاعتبار بالابتداء فإن كان في ابتدائه لله خالصًا لم يضره ما عرض له بعد ذلك من إعجاب وغيره والله أعلم.
6 - باب تَزْوِيجِ الْمُعْسِرِ الَّذِي مَعَهُ الْقُرْآنُ وَالإِسْلَامُ. فِيهِ سَهْلٌ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
-
(باب تزويج المعسر) الذي ليس معه شيء من المال (الذي معه القرآن والإسلام فيه) أي في
الباب (سهل) الساعدي الأنصاري ولأبي ذر والأصيلي وابن عساكر سهل بن سعد رضي الله عنه (عن النبي صلى الله عليه وسلم) السابق موصولًا في باب القراءة عن ظهر القلب في قصة الواهبة نفسها وقوله عليه الصلاة والسلام للرجل الذي قال: يا رسول الله إن لم يكن لك بها حاجة فزوّجنيها "اذهب إلى أهلك فانظر هل تجد شيئًا فذهب ثم رجع فقال: لا والله يا رسول الله ولا خاتمًا من حديد، وقوله عليه السلام له: "ماذا معك من القرآن" قال: معي سورة كذا وكذا عدّها قال: "أتقرؤهن عن ظهر قلبك"؟ قال: نعم. قال: "اذهب فقد ملّكتكها بما معك من القرآن".
5071 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنِي قَيْسٌ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: كُنَّا نَغْزُو مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَيْسَ لَنَا نِسَاءٌ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا نَسْتَخْصِي؟ فَنَهَانَا عَنْ ذَلِكَ.
وبه قال: (حدّثنا محمد بن المثنى) العنزي الحافظ قال: (حدّثنا يحيى) بن سعيد القطان قال: (حدّثنا إسماعيل) بن أبي خالد سعد البجلي الكوفي قال: (حدّثني) بالإفراد (قيس) هو ابن أبي حازم عوف الأحمسي (عن ابن مسعود) عبد الله رضي الله عنه أنه (قال: كنا نغزو مع النبي صلى الله عليه وسلم ليس لنا نساء فقلنا: يا رسول الله ألا) بفتح الهمزة وتخفيف اللام (نستخصي) لتزول عنا شهوة الجماع (فنهانا عن ذلك) لما فيه من ضرر النفس وقطع النسل المقصود بالنكاح شرعًا.
ومطابقة الحديث للترجمة كما قال ابن المنير: أنه عليه الصلاة والسلام نهاهم عن الاستخصاء ووكّلهم إلى النكاح فلو كان المعسر لا ينكح وهو ممنوع من الاستخصاء لكلف شططًا وكان كلٌّ منهم لا بد وأن يحفظ شيئًا من القرآن فتعين التزويج بما معهم من القرآن فحكم الترجمة من حديث سهل بالتنصيص ومن حديث ابن مسعود بالاستدلال.
وهذا الحديث قد سبق في التفسير.
7 - باب قَوْلِ الرَّجُلِ لأَخِيهِ انْظُرْ أَيَّ زَوْجَتَيَّ شِئْتَ حَتَّى أَنْزِلَ لَكَ عَنْهَا، رَوَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ
(باب قول الرجل لأخيه انظر أيّ زوجتيّ) بتشديد الياء (شئت حتى أنزل لك عنها) بفتح الهمزة وكسر الزاي أي أطلقها فإذا انقضت عدّتها تزوجها (رواه) أي المذكور في الترجمة (عبد الرحمن بن عوف) كما سبق موصولًا في البيع.
5072 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ: قَدِمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فَآخَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ الأَنْصَارِيِّ، وَعِنْدَ الأَنْصَارِيِّ امْرَأَتَانِ، فَعَرَضَ عَلَيْهِ أَنْ يُنَاصِفَهُ أَهْلَهُ وَمَالَهُ فَقَالَ: بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِي أَهْلِكَ وَمَالِكَ، دُلُّونِي عَلَى السُّوقِ، فَأَتَى السُّوقَ، فَرَبِحَ شَيْئًا مِنْ أَقِطٍ وَشَيْئًا مِنْ سَمْنٍ، فَرَآهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ أَيَّامٍ
وَعَلَيْهِ وَضَرٌ مِنْ صُفْرَةٍ، فَقَالَ:«مَهْيَمْ يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ» . فَقَالَ: تَزَوَّجْتُ أَنْصَارِيَّةً قَالَ: «فَمَا سُقْتَ» ؟ قَالَ: وَزْنَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ. قَالَ: «أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ» .
وبه قال: (حدّثنا محمد بن كثير) العبدي (عن سفيان) الثوري (عن حميد الطويل) أنّه (قال: سمعت أنس بن مالك) رضي الله عنه (قال: قدم عبد الرحمن بن عوف) من مكة إلى المدينة مهاجرًا (فآخى النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين سعد بن الربيع الأنصاري) بسكون عين سعد (وعند الأنصاري امرأتان فعرض عليه) أي على عبد الرحمن (أن يناصفه أهله وماله فقال) له عبد الرحمن: (بارك الله لك في أهلك ومالك دلوني على السوق فأتى السوق فربح شيئًا من أقط وشيئًا من سمن فرآه النبي صلى الله عليه وسلم بعد أيام وعليه وضر) بفتح الواو والضاد المعجمة وبالراء لطخ من خلوق (من صفرة فقال) عليه الصلاة والسلام:
(مهيم) بفتح الميم وسكون الهاء وفتح الياء بعدها ميم ساكنة أي ما حالك وما شأنك (يا عبد الرحمن؟ فقال: تزوجت) يا رسول الله (أنصارية قال: فما سقت) زاد أبو ذر عن المستملي إليها (قال) سقت إليها (وزن نواة من ذهب) خمسة دراهم (قال: أولم ولو بشاة).
وهذا الحديث قد مرّ في البيع.
8 - باب مَا يُكْرَهُ مِنَ التَّبَتُّلِ وَالْخِصَاءِ
(باب ما يكره من التبتل) بموحدة بين فوقيتين ثانيتهما مشدّدة أي الانقطاع عن النساء وترك التزويج للعبادة (والحصاء) بكسر الخاء المعجمة والمد وهو الشق على الأُنثيين وانتزاعهما.
5073 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ يَقُولُ: رَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ التَّبَتُّلَ، وَلَوْ أَذِنَ لَهُ لَاخْتَصَيْنَا. [الحديث 5073 - أطرافه في: 5074].
وبه قال: (حدّثنا أحمد بن يونس) التميمي اليربوعي الكوفي قال: (حدّثنا إبراهيم بن سعد) بسكون العين ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف قال: (أخبرنا ابن شهاب) محمد بن مسلم أنه (سمع سعيد بن المسيب يقول: سمعت سعد بن أبي وقاص يقول: ردّ رسول الله صلى الله عليه وسلم على عثمان بن مظعون) بالظاء المعجمة الساكنة (التبتل) أي ردّ عليه اعتقاد مشروعية التبتل كأنه لما رآه عبادة وليس كذلك ردّه عليه لأن كل ما يفعله العبد تقربًا إلى الله تعالى بقصد أن يتوصل به إلى رضا الله ورسوله وليس
من الشرع فهو مردود فردّ صلى الله عليه وسلم ما كان من ذلك خارجًا عن شرعه وسنته ولم يأذن له (ولو أذن) صلى الله عليه وسلم (له) أي لابن مظعون في ترك النكاح (لاختصينا) افتعال من خصيته سللت خصيته فهو خصيّ بفتح أوّله ومخصيّ أي: لفعلنا فعل من يختصي بأن نفعل ما يُزيل الشهوة، وليس المراد إخراج الخصيتين لأنه حرام أو هو على ظاهره وكان قبل النهي عن الاختصاء.
قال في الفتح ويؤيده توارد استئذان جماعة من الصحابة النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك كأبي هريرة وابن مسعود وغيرهما. قال في شرح المشكاة: وكان من حق الظاهر أن يقال لو أذن له لتبتلنا فعدل إلى قوله اختصينا إرادة للمبالغة أي لو أذن لنا بالغنا في التبتل حتى يفضي بنا الأمر إلى الاختصاء ولم يرد حقيقة الاختصاء لأنه غير جائز. قال في الفتح: وإنما كان التعبير بالخصاء أبلغ من التعبير بالتبتل لأن وجود الآلة يقتضي استمرار وجود الشهوة ووجود الشهوة ينافي المراد من التبتل فيتعين الخصاء طريقًا إلى تحصيل المطلوب وغايته أن فيه ألمًا عظيمًا في العاجل يغتفر في جنب ما يندفع به في الآجل فهو كقطع الأصبع إذا وقعت في اليد المتأكلة صيانة لبقية اليد وليس الهلاك بالخصاء محققًا بل هو نادر.
وهذا الحديث أخرجه مسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة في النكاح.
5074 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ سَمِعَ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ يَقُولُ: لَقَدْ رَدَّ ذَلِكَ يَعْنِي النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَلَى عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ، وَلَوْ أَجَازَ لَهُ التَّبَتُّلَ لَاخْتَصَيْنَا.
وبه قال: (حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع قال: (أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة (عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب أنه (قال: أخبرني) بالإفراد (سعيد بن المسيب أنه سمع سعد بن أبي وقاص يقول: لقد ردّ ذلك) أي اعتقاد مشروعية التبتل (يعني النبي صلى الله عليه وسلم عثمان بن مظعون) ثبت ابن مظعون لأبي الوقت (ولو أجاز) صلى الله عليه وسلم (له التبتل لاختصينا) لدفع شهوة النساء ليمكننا التبتل حينئذٍ ولعلهم كانوا يظنون جوازه ولم يكن هذا الظن موافقًا فإن الاختصاء حرام في الآدمي وغيره من الحيوانات إلا المأكول فيجوز في صغره ويحرم في كبره.
5075 -
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ قَيْسٍ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ كُنَّا نَغْزُو مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَيْسَ لَنَا شَيْءٌ، فَقُلْنَا: أَلَا نَسْتَخْصِي فَنَهَانَا عَنْ ذَلِكَ ثُمَّ رَخَّصَ لَنَا أَنْ نَنْكِحَ الْمَرْأَةَ بِالثَّوْبِ، ثُمَّ قَرَأَ عَلَيْنَا:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [المائدة: 87].
وبه قال: (حدّثنا قتيبة بن سعيد) البلخي قال: (حدّثنا جرير) هو ابن عبد الحميد (عن إسماعيل) بن أبي خالد البجلي (عن قيس) هو ابن أبي حازم أنه (قال: قال عبد الله) بن مسعود رضي الله عنه: (كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس لنا) من المال (فقلنا) أي لرسول الله صلى الله عليه وسلم: (ألا نستخصي) أي ألا نستدعي من يفعل بنا الخصاء أو نعالج ذلك بأنفسنا (فنهانا) صلى الله عليه وسلم (عن ذلك) نهي تحريم لما فيه من تعذيب النفس والتشويه وإبطال معنى الرجولية وتغيير خلق الله وكفر النعمة لأن خلق الشخص رجلًا من النعم العظيمة، فإذا أزال ذلك فقد تشبه بالمرأة واختار النقص على الكمال. (ثم رخص) عليه الصلاة والسلام (لنا) بعد ذلك (أن ننكح المرأة بالثوب) أي إلى أجل
في نكاح المتعة (ثم قرأ علينا) أي عبد الله بن مسعود كما في رواية مسلم وكذا الإسماعيلي في تفسير المائدة ({يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم}) ما طاب ولذّ من الحلال ومعنى لا تحرموا لا تمنعوها أنفسكم كمنع التحريم أو لا تقولوا حرمناها على أنفسنا مبالغة منكم في العزم على تركها تزهدًا منكم وتقشفًا وعن ابن مسعود أن رجلًا قال له: إني حرمت الفراش فتلا هذه الآية. وقال: نم على فراشك وكفر عن يمينك ودعي الحسن إلى طعام ومعه فرقد السبخي وأصحابه فقعدوا على المائدة وعليها ألوان من الدجاج المسمن والفالوذج وغير ذلك فاعتزل فرقد ناحية فسأل الحسن أهو صائم قالوا لا ولكنه يكره هذه الألوان فأقبل الحسن عليه، وقال: يا فريقد أترى لُعاب النحل بلباب البر بخالص السمن يعيبه مسلم ({ولا تعتدوا}) أي لا تتجاوزوا الحدّ الذي حدّ عليكم في تحريم أو تحليل أو ولا تتعدّوا حدود ما أحل لكم إلى ما حرم عليكم ({إن الله لا يحب المعتدين})[المائدة: 87] حدوده. قال الراغب: لما ذكر تعالى حال الذين قالوا إنا نصارى ذكر أن منهم قسيسين ورهبانًا فمدحهم بذلك، وكانت الرهابنة قد حرموا على أنفسهم طيبات ما أحل الله لهم ورأى الله تعالى قومًا تشوّفوا إلى حالهم