الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولأبي ذر أخبرنا (عبد الرزاق) بن همام (عن معمر) هو ابن راشد (عن همام) هو ابن منبه (عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم) أنه (قال):
(العين حق) أي الإصابة بها ثابتة موجودة، وزاد مسلم من حديث ابن عباس ولو كان شيء
سابق القدر لسبقته العين وهي كالمؤكدة لقوله: العين حق وفيها تنبيه على سرعة نفوذها وتأثيرها في الذات، والمعنى لو فرض أن شيئًا له قوّة بحيث يسبق القدر كان العين لكنها لا تسبق فكيف غيرها، وفي الحديث ردّ على طائفة من المبتدعة حيث أنكروا إصابة العين والدليل على فساد قولهم أن كل معنى لا يؤدي إلى قلب حقيقة ولا فساد دليل فإنه من مجوّزات العقول فإذا أخبر الشارع بوقوعه وجب اعتقاده ولا يجوز تكذيبه، واختلف في القصاص فقال القرطبي: لو أتلف العائن شيئًا ضمنه ولو قتل فعليه القصاص أو الدّية إذا تكرر ذلك منه بحيث يصير عادة كالساحر عند من لا يقتله كفرًا. وقال الشافعي: لا قصاص ولا دية ولا كفارة لأنه لا يقتل غالبًا ولا يعدّ مهلكًا ولأن الحكم إنما يترتب على منضبط عام دون ما يختص ببعض الناس وبعض الأحوال مما لا ضبط فيه كيف ولم يقع منه فعل أصلاً اهـ.
وفي حديث أنس رفعه "من رأى شيئًا فأعجبه فقال: ما شاء الله لا قوّة إلا بالله لم يضره". رواه البزار وابن السني.
(ونهى) صلى الله عليه وسلم نهي تحريم (عن الوشم) بفتح الواو وسكون المعجمة وهو أن يغرز إبرة أو نحوها في موضع من البدن حتى يسيل الدم ثم يحشى ذلك الموضع بالكحل ونحوه فيخضر وقال العيني: الظاهر أن قومًا سألوه صلى الله عليه وسلم عن العين وقومًا عن الوشم في مجلس واحد فأجابهما لذلك، ويأتي إن شاء الله تعالى حكم الوشم في أواخر كتاب اللباس بعون الله وقوته.
وهذا الحديث أخرجه أيضًا في اللباس ومسلم في الأدب وأبو داود في الطب.
37 - باب رُقْيَةِ الْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ
(باب) مشروعية (رقية الحية والعقرب).
5741 -
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ الشَّيْبَانِىُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الأَسْوَدِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ عَنِ الرُّقْيَةِ مِنَ الْحُمَةِ فَقَالَتْ: رَخَّصَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم الرُّقْيَةَ مِنْ كُلِّ ذِى حُمَةٍ.
وبه قال: (حدّثنا موسى بن إسماعيل) أبو سلمة التبوذكي الحافظ قال: (حدّثنا عبد الواحد) بن زياد قال: (حدّثنا سليمان) بن فيروز أبو إسحاق (الشيباني) بفتح المعجمة وسكون التحتية بعدها موحدة الكوفي الحافظ قال: (حدّثنا عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه) الأسود بن يزيد النخعي أنه (قال: سألت عائشة) رضي الله عنها (عن الرقية من الحمة) بضم الحاء المهملة وفتح الميم المخففة وأصلها حمى أو حمو بوزن صرد والهاء فيها عوض عن الواو أو الياء المحذوفة وهي السم وتطلق على إبرة العقرب للمجاورة لأن السم يخرج منها (فقالت) رضي الله عنها (رخص النبي صلى الله عليه وسلم الرقية) وللأصيلي وأبي ذر عن الكشميهني: في الرقية (من كل ذي حمة) ذي
سموم قال في الفتح: ووقع في رواية أبي الأحوص عن الشيباني بسنده رخص في الرقية من الحية والعقرب اهـ.
والرخصة إنما تكون بعد النهي وكان صلى الله عليه وسلم نهاهم عن الرقى لما عسى أن يكون منها من ألفاظ الجاهلية فانتهوا عنها ثم رخص لهم إذا عريت عن ذلك، وفي حديث أبي هريرة جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ما لقيت من عقرب لدغتني البارحة فقال: "أما إنك لو قلت حين أمسيت أعوذ بكلمات الله التامّات من شر ما خلق لم يضرك إن شاء الله" رواه أصحاب السنن وقال ابن عبد البرّ في التمهيد عن سعيد بن المسيب قال: بلغني أن من قال حين يمسي {سلام على نوح في العالمين} [الصّافّات: 79] لم يلدغه عقرب وذكر أبو القاسم القشيري في تفسيره أن في بعض التفاسير أن الحية والعقرب أتيا نوحًا فقالتا: احملنا. فقال نوح: لا أحملكما فإنكما سبب الضرر، فقالتا: احملنا ونحن نضمن لك أن لا نضر أحدًا ذكرك.
38 - باب رُقْيَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
-
(باب رقية النبي صلى الله عليه وسلم) التي كان يرقي بها.
5742 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَثَابِتٌ عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فَقَالَ ثَابِتٌ: يَا أَبَا حَمْزَةَ اشْتَكَيْتُ فَقَالَ أَنَسٌ: أَلَا أَرْقِيكَ بِرُقْيَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: بَلَى، قَالَ: اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ مُذْهِبَ الْبَاسِ اشْفِ أَنْتَ الشَّافِى لَا شَافِىَ إِلَاّ أَنْتَ شِفَاءً لَا يُغَادِرُ سَقَمًا».
وبه قال: (حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد قال: (حدّثنا عبد الوارث) بن سعيد (عن عبد العزيز) بن صهيب أنه (قال: دخلت أنا وثابت) البناني (على أنس بن مالك) رضي الله عنه (فقال ثابت) لأنس (يا أبا حمزة اشتكيت) بضم التاء أي مرضت (فقال) له (أنس: ألا) بتخفيف
اللام للعرض والتنبيه (أرقيك) بفتح الهمزة (برقية رسول الله صلى الله عليه وسلم قال) ثابت: (بلى، قال) أنس: (اللهم رب الناس مذهب الباس) بضم الميم وكسر الهاء والباس بغير همز للمؤاخاة وفي الفرع بالهمزة على الأصل (اشف أنت الشافي) فيه جواز تسمية الله تعالى بما ليس في القرآن إذا كان له أصل فيه قال تعالى: {وإذا مرضت فهو يشفين} [الشعراء: 80] وأن لا يوهم نقصًا (لا شافي إلا أنت) فلا ينجع الدواء إلا بتقديرك (شفاء) نصب على أنه مصدر اشف ويجوز الرفع خبر مبتدأ محذوف أي الشفاء المطلوب (لا يغادر) بالغين المعجمة لا يترك (سقمًا) بفتحتين ويجوز ضم ثم إسكان لغتان والجملة صفة لقوله شفاء.
وهذا الحديث أخرجه أبو داود في الطب والترمذي في الجنائز والنسائي في اليوم والليلة.
5743 -
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنِى سُلَيْمَانُ عَنْ مُسْلِمٍ عَنْ
مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُعَوِّذُ بَعْضَ أَهْلِهِ يَمْسَحُ بِيَدِهِ الْيُمْنَى وَيَقُولُ: «اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ أَذْهِبِ الْبَاسَ اشْفِهِ وَأَنْتَ الشَّافِى لَا شِفَاءَ إِلَاّ شِفَاؤُكَ شِفَاءً لَا يُغَادِرُ سَقَمًا» . قَالَ سُفْيَانُ: حَدَّثْتُ بِهِ مَنْصُورًا، فَحَدَّثَنِى عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ نَحْوَهُ.
وبه قال: (حدّثنا) بالجمع ولأبي ذر بالإفراد (عمرو بن علي) بفتح العين وسكون الميم الفلاس الصيرفي البصري أبو حفص أحد الأعلام قال: (حدّثنا يحيى) بن سعيد القطان قال: (حدّثنا سفيان) الثوري قال: (حدّثني) بالإفراد (سليمان) بن مهران الأعمش (عن مسلم) بن صبيح الهمداني العطار قال في الفتح: هو أبو الضحى مشهور بكنيته أكثر من اسمه. قال: وجوّز الكرماني أن يكون مسلم بن عمران لكونه يروي عن مسروق ويروي الأعمش عنه قال ابن حجر: وهو تجويز عقلي محض يمجه سمع المحدث على أنني لم أر لمسلم بن عمران البطين رواية عن مسروق وإن كانت ممكنة، وهذا الحديث إنما هو من رواية الأعمش عن أبي الضحى عن مسروق، وقد أخرج مسلم من رواية جرير عن الأعمش عن أبي الضحى عن مسروق به ثم أخرجه من رواية هشيم ومن رواية شعبة ومن رواية يحيى القطان عن الثوري كلهم عن الأعمش قال: بإسناد جرير فوضح أن مسلمًا المذكور في رواية البخاري هو أبو الضحى فإنه أخرجه من رواية يحيى القطان، وغايته أن بعض الرواة عن يحيى سماه وبعضهم كناه انتهى.
وتعقبه العيني فقال: هذا الذي قاله يمجه سمع كل أحد ودعواه أنه لم ير لمسلم بن عمران رواية عن مسروق باطلة لأن غيره أثبتها فكيف يدّعي هذا المدّعي بدعواه الفاسدة ردًّا على من سبقه في شرح هذا الحديث مشنعًا عليه بسوء أدب {قل كلٌّ يعمل على شاكلته} [الإسراء: 84] انتهى.
وأجاب في انتقاض الاعتراض بقوله: سبحان من خذل هذا المعترض حتى يعيب ما وقع فيه وأعجب ما يسمع أن هذا المعترض. قال في باب مسح الراقي الوجع بيده حين أورد المصنف الحديث المذكور عن سفيان عن الأعمش بالسند المذكور عن سفيان هو الثوري والأعمش هو سليمان ومسلم هو أبو الضحى فذكر لفظ أحمد بن حجر بعينه ونسي ما قيل عن الكرماني ثم وليس بينهما سوى باب واحد يأتي إن شاء الله تعالى. (عن مسروق) هو ابن الأجدع (عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعوّذ بعض أهله) قال في الفتح: لم أقف على تعيينه (يمسح بيده اليمنى) على موضع الوجع تفاؤلاً لزوال الوجع كما قاله الطبري (ويقول):
(اللهم رب الناس أذهب الباس) بالهمز في فرع اليونينية والمشهور حذفه ليناسب سابقه (واشفه) بكسر الهاء أي العليل (وأنت الشافي) بإثبات الواو في الكلمتين للحموي والمستملي وحذفها فيهما للكشميهني (لا شفاء) بالمدّ مبني على الفتح حاصل لنا أو للمريض (إلا شفاؤك) بدل من موضع لا شفاء. وقال في المصابيح: الكلام في إعرابه كالكلام في قولنا لا إله إلا الله ولا يخفى أنه بحسب صدر الكلام نفي لكل إله سواه تعالى وبحسب الاستثناء إثبات له ولألوهيته
لأن الاستثناء من النفي إثبات لا سيما إذا كان بدلاً فإنه يكون هو المقصود بالنسبة، ولهذا كان البدل الذي هو المختار في كل كلام تام غير موجب بمنزلة الواجب في هذه الكلمة الشريفة حتى لا يكاد يستعمل لا إله إلا الله بالنسب ولا إله إلا إياه. فإن قيل: كيف يصح مع أن البدل هو المقصود والنسبة إلى المبدل منه سلبية؟ فالجواب: إنه إنما وقعت النسبة إلى البدل بعد النقض بإلا فالبدل هو المقصود بالنفي المعتبر في المبدل