الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نظر إلى المعنى أجازه بكل مزيل لكن تبين أن النتف مقصود من جهة المعنى لأنه محل الرائحة الكريهة الناشئة من الوسخ المجتمع بالعرق فيه فيتلبد ويهيج فشرع النتف الذي يضعفه فتخف الرائحة به بخلاف الحلق فإنه يقوّي الشعر ويهيجه فتكثر الرائحة لذلك.
(و) رابعها (تقليم الأظفار) جمع ظفر بضم الظاء والفاء وتسكن ويأتي الكلام في ذلك إن شاء الله تعالى في الباب اللاحق.
(و) خامسها (قص الشارب) وهو الشعر النابت على الشفة، وهو عند النسائي بلفظ الحلق، لكن أكثر الأحاديث بلفظ القص، وعند النسائي من طريق سعيد المقبري عن أبي هريرة بلفظ تقصير الشارب، نعم في حديث ابن عمر في الباب التالي: واحفوا الشوارب، وفي الباب الذي بعده أنهكوا الشوارب، وفي مسلم: جزّوا الشوارب وهي تدل على أن المطلوب المبالغة في الإزالة لأن الإحفاء الإزالة والاستقصاء والإنهاك المبالغة في الإزالة والجزّ قص الشعر إلى أن يبلغ الجلد. قال في شرح المهذّب: وهو مذهب الشافعية وكان المزني والربيع يفعلانه. قال الطحاوي: وما أظنهما أخذا ذلك إلاّ عنه. ونقل عن الإمام أحمد بن حنبل وأبي حنيفة ومحمد وأبي يوسف واختاره النووي أنه يقصه حتى يبدو طرف الشفة ولا يحفيه من أصله، ونقل ابن القاسم عن مالك أن إحفاء الشارب مثلة، وأن المراد بالحديث المبالغة في أخذ الشارب حتى يبدو طرف الشفة. وقال أشهب سألت مالكًا عمن يحفي شاربه فقال: أرى أن يوجع ضربًا.
وقوله: الفطرة خمس ظاهره الحصر والحصر يكون حقيقيًا ومجازيًّا فالحقيقي كقوله العالم في
البلد زيد إذا لم يكن فيه غيره ومن المجازي الدين النصيحة قاله ابن دقيق العيد، ودلالة من على التبعيض فيه أي في قوله أو خمس من الفطرة أظهر من دلالة الرواية الأولى على الحصر، فليس الحصر مرادًا هنا بدلالة حديث عائشة عند مسلم: عشر من الفطرة فذكر الخمسة التي في حديث الباب إلا الختان وزاد إعفاء اللحية والسواك والمضمضة والاستنشاق وغسل البراجم والاستنجاء.
وعند أحمد وأبي داود وابن ماجة من حديث عمار بن ياسر مرفوعًا زيادة الانتضاح، وفي تفسير عبد الرزاق والطبري من طريقه بسند صحيح عن طاوس عن ابن عباس في قوله تعالى:{وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن} [البقرة: 124] ذكر العشر، وعند ابن أبي حاتم من وجه آخر عن ابن عباس غسل الجمعة، ولأبي عوانة في مستخرجه زياد الاستنثار، وهذه الخصال منها ما هو واجب كالختان وما هو مندوب ولا مانع من اقتران الواجب بغيره كما قال تعالى:{كلوا من ثمره إذا أثمر وآتوا حقه يوم حصاده} [الأنعام: 141] فإيتاء الحق واجب والأكل مباح.
وهنا الحديث أخرجه مسلم في الطهارة وأبو داود والنسائي وابن ماجة.
64 - باب تَقْلِيمِ الأَظْفَارِ
(باب) سُنّة (تقليم الأظفار) تفعيل من القلم وهو القطع قال في الصحاح قفلّت ظفري بالتخفيف وقلّمت أظفاري بالتشديد للتكثير والمبالغة.
5890 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِى رَجَاءٍ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ حَنْظَلَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مِنَ الْفِطْرَةِ حَلْقُ الْعَانَةِ، وَتَقْلِيمُ الأَظْفَارِ، وَقَصُّ الشَّارِبِ» .
وبه قال: (حدّثنا أحمد بن أبي رجاء) بالجيم والمدّ واسمه عبد الله بن أيوب الحنفي الهروي قال: (حدّثنا إسحاق بن سليمان) الرازي (قال: سمعت حنظلة) بن أبي سفيان الجمحي (عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال):
(من الفطرة) أي ثلاث (حلق العانة) بالموسى وفي معناه الإزالة بالنتف والنورة لكنه بالموسى أولى للرجل لتقويته للمحل بخلاف المرأة فإن الأولى لها الإزالة بالنتف واستشكله الفاكهاني فإن فيه ضررًا على الزوج باسترخاء المحل باتفاق الأطباء. اهـ.
وقد يؤيده حديث جابر في الصحيح: إذا دخلت ليلاً فلا تدخل على أهلك حتى تستأذن المغيبة، ولابن العربي هنا تفصيل جيد فقال إن كانت شابة فالنتف في حقها أولى لأنه يربو فكان النتف وإن كانت كهلة فالأولى الحلق لأن النتف يرخي المحل ولو قيل في حقها بالتنوير مطلقًا لما كان بعيدًا وتجب عليها الإزالة إذا طلب الزوج منها ذلك على الأصح.
(وتقليم الأظفار) وهو إزالة ما طال منها عن اللحم بمقص أو سكين أو غيرهما من الآلة
ويكره بالأسنان، والمعنى فيه أن الوسخ يجتمع تحته
فيستقذر وقد ينتهي إلى حدّ يمنع من وصول الماء إلى ما يجب غسله في الطهارة وقد قطع المتولي فيه بعدم صحة الوضوء وفي الإحياء العفو عنه لأن غالب الأعراب كانوا لا يتعاهدون ذلك ولم يروا أنه عليه السلام أمرهم بإعادة الصلاة (وقص الشارب) واختلف هل السبالان وهما جانبا الشارب منه؟ فقيل: إنهما منه وإنه يشرع قصّهما معه وقيل هما من جملة شعر اللحية.
5891 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - سَمِعْتُ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«الْفِطْرَةُ خَمْسٌ: الْخِتَانُ، وَالاِسْتِحْدَادُ، وَقَصُّ الشَّارِبِ، وَتَقْلِيمُ الأَظْفَارِ، وَنَتْفُ الآبَاطِ» .
وبه قال: (حدّثنا أحمد بن يونس) هو ابن عبد الله بن يونس اليربوعي التميمي الكوفي قال: (حدّثنا إبراهيم بن سعد) بسكون العين الزهري العوفي أبو إسحاق المدني قال: (حدّثنا ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري (عن سعيد بن المسيب) المخزومي أحد الأعلام (عن أبي هريرة رضي الله عنه) أنه قال: (سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول):
(الفطرة خمس) قال صاحب العدة مبتدأ وخبر والمراد خصال الفطرة خمس أولاً تقدير لأنه جنس والجنس يجري مجرى الجمع يقال أعجبني الدينار الصفر والدرهم البيض أو يكون على النسب أي الفطرة ذات خصال خمس (الختان) وهو قطع القلفة بالضم يقال ختن الصبي يختنه ويختنه بكسر التاء وضمها ختنًا بإسكانها والاسم الختان والختانة وقد يطلق على موضع القطع ومنه إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل (و) الثاني من الفطرة (الاستحداد) وهو حلق شعر العانة بالحديد وهو الموسى كما مر (و) الثالث (قص الشارب) وسبق ما فيه من البحث (و) الرابع (تقليم الأظفار) وإنما جمع الأظفار ووحد السابق لأنها متعدّدة في اليدين والرجلين ويستحب الاستقصاء في إزالتها إلى حدّ لا يدخل منه ضرر على الإصبع، وجزم النووي في شرح مسلم باستحباب البداءة بمسبحة اليمنى ثم الوسطى ثم البنصر ثم الخنصر ثم الإبهام وفي اليسرى يبدأ بخنصرها ثم بالبنصر إلى الإبهام وفي الرجلين بخنصر اليمنى إلى الإبهام وفي اليسرى بإبهامها إلى الخنصر، قال في الفتح: ولم يذكروا للاستحباب مستندًا. قال: وتوجيه البداءة باليمنى لحديث عائشة كان يعجبه التيمن في شأنه كله والبداءة بالمسبحة منها لكونها أشرف الأصابع لأنها آلة التشهد، وأما إتباعها بالوسطى فلأن غالب من يقلم أظفاره يقلمها قبل ظهر الكف فتكون الوسطى جهة يمينه فيستمر إلى أن يختم بالخنصر ثم يكمل اليد بقص الإبهام، وأما اليسرى فإذا بدأ بالخنصر لزم أن يستمر على جهة اليمنى إلى الإبهام لكن يعكر على هذا التوجيه ما ذكره في الرجلين إلا أن يقال غالب من يقلم رجليه يقلمهما من جهة باطن القدمين فيستمر التوجيه وذكر الدمياطي الحافظ أنه تلقى عن بعض المشايخ أن من قلّم أظفاره مخالفًا لم يصبه رمد وأنه جرّب ذلك خمسين سنة فلم يرمد، لكن قال ابن دقيق العيد كل ذلك لا أصل له واحدًاث استحباب لا دليل عليه وهو قبيح عندي بالعالم ولم يثبت أيضًا
في استحباب قصها يوم الخميس حديث صحيح والمختار أنه يختلف ذلك باختلاف الأشخاص والأحوال والضابط الحاجة في هذا وفي جميع الخصال المذكورة (و) الخامس (نتف الآباط) بالجمع مقابلة الجمع من الناس أو يكون أوقع الجمع على التثنية كقوله تعالى: {إذ دخلوا على داود ففزع منهم قالوا لا تخف خصمان} [ص: 22] ولأبي ذر عن الحموي والمستملي الإبط بالإفراد والأفضل النتف لإضعاف المنبت فإن الإبط إذا قوي فيه الشعر وغلظ جرمه كان أفوح للرائحة الكريهة فناسب إضعافه بالنتف بخلاف العانة وقد سبق مزيد لذلك.
5892 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«خَالِفُوا الْمُشْرِكِينَ وَفِّرُوا اللِّحَى، وَأَحْفُوا الشَّوَارِبَ» . وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا حَجَّ أَوِ اعْتَمَرَ قَبَضَ عَلَى لِحْيَتِهِ فَمَا فَضَلَ أَخَذَهُ. [الحديث 5892 - طرفه في: 5893].
وبه قال: (حدّثنا محمد بن منهال) بكسر الميم وسكون النون البصري الضرير الحافظ قال: (حدّثنا يزيد بن زريع) بضم الزاي وفتح الراء مصغرًا الخياط أبو معاوية البصري قال: (حدّثنا عمر بن محمد بن زيد) بضم العين وزيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب (عن نافع عن ابن عمر) رضي الله عنهما (عن النبي صلى الله عليه وسلم) أنه (قال):
(خالفوا المشركين) أي المجوس كما صرح به عن مسلم من حديث أبي هريرة (وفروا اللحى) بتشديد الفاء أي اتركوها