الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أنا أنصرف فاقدروا) بضم الدال وتكسر (قدر الجارية الحديثة السن) أي القريبة العهد بالصغر وقد كانت يومئذ بنت خمس عشرة أو أزيد (تسمع اللهو).
وهذا الحديث قد سبق في كتاب العيدين وغيره وفيه ما ترجم له من حسن المعاشرة مع الأهل وكرم الأخلاق.
83 - باب مَوْعِظَةِ الرَّجُلِ ابْنَتَهُ لِحَالِ زَوْجِهَا
(باب موعظة الرجل ابنته لحال زوجها) أي لأجله.
5191 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي ثَوْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: لَمْ أَزَلْ حَرِيصًا أَنْ أَسْأَلَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ عَنِ الْمَرْأَتَيْنِ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم اللَّتَيْنِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: 4] حَتَّى حَجَّ وَحَجَجْتُ مَعَهُ، وَعَدَلَ وَعَدَلْتُ مَعَهُ بِإِدَاوَةٍ، فَتَبَرَّزَ ثُمَّ جَاءَ فَسَكَبْتُ عَلَى يَدَيْهِ مِنْهَا فَتَوَضَّأَ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَنِ الْمَرْأَتَانِ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم اللَّتَانِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} قَالَ: وَاعَجَبًا لَكَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، هُمَا عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ. ثُمَّ اسْتَقْبَلَ عُمَرُ الْحَدِيثَ يَسُوقُهُ قَالَ: كُنْتُ أَنَا وَجَارٌ لِي مِنَ الأَنْصَارِ فِي بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدٍ وَهُمْ مِنْ عَوَالِي الْمَدِينَةِ، وَكُنَّا نَتَنَاوَبُ النُّزُولَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَيَنْزِلُ يَوْمًا وَأَنْزِلُ يَوْمًا، فَإِذَا نَزَلْتُ جِئْتُهُ بِمَا حَدَثَ مِنْ خَبَرِ ذَلِكَ الْيَوْمِ مِنَ الْوَحْيِ أَوْ غَيْرِهِ، وَإِذَا نَزَلَ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ، وَكُنَّا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ نَغْلِبُ النِّسَاءَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى الأَنْصَارِ إِذَا قَوْمٌ تَغْلِبُهُمْ نِسَاؤُهُمْ، فَطَفِقَ نِسَاؤُنَا يَأْخُذْنَ مِنْ أَدَبِ نِسَاءِ الأَنْصَارِ. فَصَخِبْتُ عَلَى امْرَأَتِي فَرَاجَعَتْنِي، فَأَنْكَرْتُ أَنْ تُرَاجِعَنِي قَالَتْ: وَلِمَ تُنْكِرُ أَنْ أُرَاجِعَكَ؟ فَوَاللَّهِ إِنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَيُرَاجِعْنَهُ وَإِنَّ إِحْدَاهُنَّ لَتَهْجُرُهُ الْيَوْمَ حَتَّى اللَّيْلِ فَأَفْزَعَنِي ذَلِكَ وَقُلْتُ لَهَا: وَقَدْ خَابَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ مِنْهُنَّ. ثُمَّ جَمَعْتُ عَلَيَّ ثِيَابِي، فَنَزَلْتُ فَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ فَقُلْتُ لَهَا: أَيْ حَفْصَةُ أَتُغَاضِبُ إِحْدَاكُنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم الْيَوْمَ حَتَّى اللَّيْلِ؟ قَالَتْ: نَعَمْ. فَقُلْتُ: قَدْ خِبْتِ وَخَسِرْتِ، أَفَتَأْمَنِينَ أَنْ يَغْضَبَ اللَّهُ لِغَضَبِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم فَتَهْلِكِي؟ لَا تَسْتَكْثِرِي النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَلَا تُرَاجِعِيهِ فِي شَيْءٍ وَلَا تَهْجُرِيهِ، وَسَلِينِي مَا بَدَا لَكِ وَلَا يَغُرَّنَّكِ أَنْ كَانَتْ جَارَتُكِ أَوْضَأَ مِنْكِ وَأَحَبَّ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يُرِيدُ عَائِشَةَ قَالَ عُمَرُ: وَكُنَّا قَدْ تَحَدَّثْنَا أَنَّ غَسَّانَ تُنْعِلُ الْخَيْلَ لِغَزْوِنَا، فَنَزَلَ صَاحِبِي الأَنْصَارِيُّ يَوْمَ نَوْبَتِهِ، فَرَجَعَ إِلَيْنَا عِشَاءً فَضَرَبَ بَابِي ضَرْبًا شَدِيدًا وَقَالَ: أَثَمَّ
هُوَ؟ فَفَزِعْتُ فَخَرَجْتُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: قَدْ حَدَثَ الْيَوْمَ أَمْرٌ عَظِيمٌ. قُلْتُ: مَا هُوَ؟ أَجَاءَ غَسَّانُ؟ قَالَ: لَا بَلْ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ وَأَهْوَلُ. طَلَّقَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم نِسَاءَهُ. فَقُلْتُ خَابَتْ حَفْصَةُ وَخَسِرَتْ. قَدْ كُنْتُ أَظُنُّ هَذَا يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ. فَجَمَعْتُ عَلَيَّ ثِيَابِي، فَصَلَّيْتُ صَلَاةَ الْفَجْرِ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَدَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَشْرُبَةً لَهُ فَاعْتَزَلَ فِيهَا، وَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ فَإِذَا هِيَ تَبْكِي، فَقُلْتُ مَا يُبْكِيكِ، أَلَمْ أَكُنْ حَذَّرْتُكِ هَذَا، أَطَلَّقَكُنَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَتْ: لَا أَدْرِي، هَا هُوَ ذَا مُعْتَزِلٌ فِي الْمَشْرُبَةِ فَخَرَجْتُ فَجِئْتُ إِلَى الْمِنْبَرِ فَإِذَا حَوْلَهُ رَهْطٌ يَبْكِي بَعْضُهُمْ فَجَلَسْتُ مَعَهُمْ قَلِيلًا، ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَجِدُ فَجِئْتُ الْمَشْرُبَةَ الَّتِي فِيهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ لِغُلَامٍ لَهُ أَسْوَدَ: اسْتَأْذِنْ لِعُمَرَ، فَدَخَلَ الْغُلَامُ فَكَلَّمَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ: كَلَّمْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَذَكَرْتُكَ لَهُ فَصَمَتَ، فَانْصَرَفْتُ حَتَّى جَلَسْتُ مَعَ الرَّهْطِ الَّذِينَ عِنْدَ الْمِنْبَرِ. ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَجِدُ فَجِئْتُ فَقُلْتُ لِلْغُلَامِ اسْتَأْذِنْ لِعُمَرَ، فَدَخَلَ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ: قَدْ ذَكَرْتُكَ لَهُ فَصَمَتَ، فَرَجَعْتُ فَجَلَسْتُ مَعَ الرَّهْطِ الَّذِينَ عِنْدَ الْمِنْبَرِ، ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَجِدُ، فَجِئْتُ الْغُلَامَ فَقُلْتُ: اسْتَأْذِنْ لِعُمَرَ، فَدَخَلَ ثُمَّ رَجَعَ إِلَيَّ فَقَالَ قَدْ ذَكَرْتُكَ لَهُ فَصَمَتَ، فَلَمَّا وَلَّيْتُ مُنْصَرِفًا قَالَ: إِذَا الْغُلَامُ يَدْعُونِي فَقَالَ: قَدْ أَذِنَ لَكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم. فَدَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَإِذَا هُوَ مُضْطَجِعٌ عَلَى رِمَالِ حَصِيرٍ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ فِرَاشٌ قَدْ أَثَّرَ الرِّمَالُ بِجَنْبِهِ مُتَّكِئًا عَلَى وِسَادَةٍ مِنْ أَدَمٍ حَشْوُهَا لِيفٌ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ ثُمَّ قُلْتُ وَأَنَا قَائِمٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَطَلَّقْتَ نِسَاءَكَ؟ فَرَفَعَ إِلَيَّ بَصَرَهُ فَقَالَ:«لَا» . فَقُلْتُ: اللَّهُ أَكْبَرُ. ثُمَّ قُلْتُ: وَأَنَا قَائِمٌ أَسْتَأْنِسُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ رَأَيْتَنِي وَكُنَّا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ نَغْلِبُ النِّسَاءَ فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ إِذَا قَوْمٌ تَغْلِبُهُمْ نِسَاؤُهُمْ، فَتَبَسَّمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ رَأَيْتَنِي وَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ فَقُلْتُ لَهَا لَا يَغُرَّنَّكِ أَنْ كَانَتْ جَارَتُكِ أَوْضَأَ مِنْكِ وَأَحَبَّ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، يُرِيدُ عَائِشَةَ. فَتَبَسَّمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم تَبَسُّمَةً أُخْرَى فَجَلَسْتُ حِينَ رَأَيْتُهُ تَبَسَّمَ، فَرَفَعْتُ بَصَرِي فِي بَيْتِهِ فَوَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ فِي بَيْتِهِ شَيْئًا يَرُدُّ الْبَصَرَ غَيْرَ أَهَبَةٍ ثَلَاثَةٍ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ فَلْيُوَسِّعْ عَلَى أُمَّتِكَ فَإِنَّ فَارِسًا وَالرُّومَ قَدْ وُسِّعَ عَلَيْهِمْ وَأُعْطُوا الدُّنْيَا وَهُمْ لَا يَعْبُدُونَ اللَّهَ. فَجَلَسَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ مُتَّكِئًا فَقَالَ: «أَوَفِي هَذَا أَنْتَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ؟ إِنَّ أُولَئِكَ قَوْمٌ عُجِّلُوا طَيِّبَاتِهِمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا» ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اسْتَغْفِرْ لِي. فَاعْتَزَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم نِسَاءَهُ، مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ الْحَدِيثِ حِينَ أَفْشَتْهُ حَفْصَةُ إِلَى عَائِشَةَ تِسْعًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً، وَكَانَ قَالَ:«مَا أَنَا بِدَاخِلٍ عَلَيْهِنَّ شَهْرًا» مِنْ شِدَّةِ مَوْجِدَتِهِ عَلَيْهِنَّ. حِينَ عَاتَبَهُ اللَّهُ فَلَمَّا مَضَتْ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ لَيْلَةً دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ فَبَدَأَ بِهَا، فَقَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّكَ كُنْتَ قَدْ أَقْسَمْتَ أَنْ لَا تَدْخُلَ عَلَيْنَا شَهْرًا؛ وَإِنَّمَا أَصْبَحْتَ مِنْ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ لَيْلَةً أَعُدُّهَا عَدًّا، فَقَالَ:«الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ» ، فَكَانَ ذَلِكَ الشَّهْرُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً، قَالَتْ عَائِشَةُ: ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى آيَةَ التَّخَيُّرِ فَبَدَأَ بِي أَوَّلَ امْرَأَةٍ مِنْ نِسَائِهِ فَاخْتَرْتُهُ، ثُمَّ خَيَّرَ نِسَاءَهُ كُلَّهُنَّ فَقُلْنَ مِثْلَ مَا قَالَتْ عَائِشَةُ.
وبه قال: (حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع قال: (أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة (عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب أنه (قال: أخبرني) بالإفراد (عبيد الله) بضم العين (ابن عبد الله بن أبي ثور) بالمثلثة (عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما) أنه (قال: لم أزل حريصًا على أن أسأل عمر بن الخطاب) رضي الله عنه (عن المرأتين من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم اللتين قال الله تعالى) في حقهما: ({إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما})[التحريم: 4] أي فقد وجد منكما ما يوجب التوبة (حتى حج وحججت معه) فلما رجعنا وكنا ببعض الطريق (وعدل) عن الطريق المسلوكة الجادّة إلى الأراك لحاجته وفي مسلم أنه مرّ الظهران (وعدلت معه بإداوة) فيها ماء (فتبرز ثم جاء فسكبت على يديه منها فتوضأ فقلت له: يا أمير المؤمنين من المرأتان من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم اللتان قال الله تعالى) فيهما: ({إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما}؟ قال: واعجبًا) بالتنوين في الفرع اسم فعل بمعنى أعجب كقوله: واهًا ويجوز عدمه لأن الأصل فيه واعجبي فأبدلت الكسرة فتحة فصارت الياء ألفًا كقوله: يا أسفا ويا حسرتا وفي رواية معمر واعجبي (لك يا ابن عباس) أي كيف خفي عليك هذا القدر مع حرصك على طلب العلم، وفي الكشاف أنه كره ما سأله، وبذلك جزم الزهري كما في مسلم (هما عائشة وحفصة. ثم استقبل عمر الحديث يسوقه) إلى آخر القصة التي كانت سبب نزول الآية المسؤول عنها (قال: كنت أنا وجار لي من الأنصار) اسمه أوس بن خوليّ أو عتبان بن مالك والأول هو الراجح لأنه منصوص عليه عند ابن سعد، والثاني استنبطه ابن بشكوال من المؤاخاة بينهما وما ثبت بالنص مقدّم (في بني أمية بن زيد وهم من عوالي المدينة) قرية من قرى المدينة مما يلي الشرق وكانت منازل الأوس (وكنا نتناوب النزول) من العوالي (على النبي صلى الله عليه وسلم) نجعله نوبًا (فينزل) جاري الأنصاري (يومًا وأنزل يومًا فإذا نزلت) على النبي صلى الله عليه وسلم (جئته بما حدّث من خبر ذلك اليوم من الوحي أو غيره) من الحوادث الكائنة عند النبي صلى الله عليه وسلم (وإذا نزل) جاري (فعل مثل ذلك) وإذا شرطية أو ظرفية (وكنا معشر قريش) ونحن بمكة (نغلب النساء) نحكم عليهن ولا يحكمن علينا (فلما قدمنا) من مكة (على الأنصار) بالمدينة (إذا) هم (قوم تغلبهم نساؤهم) ويحكمن عليهم (فطفق) بفتح الطاء المهملة وكسر الفاء وتفتح جعل أو أخذ (نساؤنا يأخذن من أدب نساء الأنصار) في طريقتهن وسيرتهن فجعلن يكلمننا ويراجعننا (فصخبت) بالصاد المهملة المفتوحة والخاء المعجمة المكسورة، ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: فسخبت بالسين المهملة بدل الصاد أي صحت (على امرأتي) زينب بنت مظعون لأمر غضبت منه (فراجعتني) راددتني في القول (فأنكرت) عليها (أن تراجعني قالت: ولم)؟ بكسر اللام وفتح الميم (تنكر) ليّ (أن أراجعك فوالله إن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ليراجعنه) بكسر الجيم وسكون العين وفتح النون (وإن إحداهن لتهجره اليوم حتى الليل) بنصب اليوم على الظرفية وخفض الليل بحتى التي بمعنى إلى ونصبه على أنها للعطف، وفي رواية عبيد بن حنين وإن ابنتك لتراجع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يظل يومه غضبان. قال عمر:(فأفزعني ذلك وقلت لها: قد خاب من فعل ذلك منهن ثم جمعت عليّ ثيابي) أي لبستها أجمع جميعًا (فنزلت) من العوالي إلى المدينة (فدخلت على حفصة) ابنتي (فقلت لها:
أي حفصة أتغاضب إحداكن النبي صلى الله عليه وسلم اليوم حتى الليل)؟ والهمزة في أتغاضب
للاستفهام الإنكاري (قالت: نعم) قال عمر: (فقلت) لها (قد خبتِ وخسرتِ) بكسر الفوقيتين (أفتأمنين أن يغضب الله) عز وجل (لغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم فتهلكي) بكسر اللام (لا تستكثري النبي صلى الله عليه وسلم) لا تطلبي منه الكثير، وفي رواية يزيد بن رومان لا تكلمي رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس عنده دنانير ولا دراهم فما كان لك من حاجة حتى دهنة سليني (ولا تراجعيه في شيء) من الكلام (ولا تهجريه) ولو هجرك (وسليني ما بدا) ما ظهر (لك) مما تريدين (ولا يغرنك) بتشديد الراء والنون (إن كانت) بفتح الهمزة وتكسر (جارتك أوضأ) أحسن وأجمل (منك وأحب إلى النبي صلى الله عليه وسلم) فلا يؤاخذها صلى الله عليه وسلم إذا فعلت ما نهيتك عنه فإنها تدل بجمالها ومحبته صلى الله عليه وسلم لها (يريد) عمر رضي الله عنه بذلك (عائشة) ولم يقل ضرّتك بل جارتك أدبًا منه رضي الله عنه أو أنها كانت جارتها حقيقة منزلها جوار منزلها والعرب تطلق على الضرة جارة لتجاورهما المعنوي لكونهما عند شخص واحد وإن لم يكن حسيًّا.
(قال عمر: وكنا قد تحدّثنا أن غسان) بفتح الغين المعجمة والسين المهملة المشددة أي قبيلة غسان وملكهم واسمه الحارث بن أبي شمر (تنعل الخيل) بضم الفوقية وكسر العين (لغزونا) ولأبي ذر عن الكشميهني لتغزونا، وفي اللباس وكان من حول رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم قد استقام له فلم يبق إلا ملك غسان بالشام كنا نتخوّف أن يأتينا (فنزل صاحبي الأنصاري) من العوالي إلى المدينة (يوم نوبته فرجع) من المدينة (إلينا عشاء فضرب بابي ضربًا شديدًا) أي طرقه طرقًا شديدًا ليخبرني بما حدث عند النبي صلى الله عليه وسلم من الوحي وغيره على العادة (وقال) لما أبطأت عن إجابته (أثم هو) بفتح المثلثة أي في البيت وكأنه ظن أنه خرج منه. قال عمر رضي الله عنه:(ففزعت) بكسر الزاي خفت من شدة ضربه الباب إذ هو خلاف عادته (فخرجت إليه) فقلت له: ما الخبر؟ (فقال: قد حدث اليوم أمر عظيم. قلت) له (ما هو أجاء غسان؟ قال: لا بل أعظم من ذلك وأهول طلّق النبي صلى الله عليه وسلم نساءه) أي وحفصة منهن فهو أهول بالنسبة إلى عمر لأجل ابنته، وزاد أبو ذر هنا وقال عبيد بن حنين بضم العين والحاء المهملتين فيهما مصغرين مولى زيد بن الخطاب العدوي مما وصله المؤلّف في تفسير سورة والنجم سمع ابن عباس عن عمر أي بهذا الحديث فقال: يعني الأنصاري اعتزل النبي صلى الله عليه وسلم أزواجه بدل قوله طلق نساءه، ولم يذكر البخاري هنا من رواية عبيد بن حنين إلا هذا القدر، ولعله أراد أن يبين به أن قوله طلق نساءه لم تتفق الروايات عليه فلعل بعضهم رواه بالمعنى لما وقع من اعتزاله صلى الله عليه وسلم لهن إذ لم تجر عادته بذلك فظنوا أنه طلقهن وأما اللاحق فهو من رواية أبي ثور لا من رواية عبيد وهو قوله:(فقلت: خابت حفصة وخسرت) إنما خصها بالذكر لمكانتها منه (قد كنت أظن هذا يوشك) بكسر الشين المعجمة يسرع (أن يكون) لأن مراجعتهن قد تفضي إلى الغضب المفضي إلى الفرقة (فجمعت عليّ ثياب) لبستها جميعًا ودخلت المسجد (فصليت صلاة الفجر مع النبي صلى الله عليه وسلم فدخل النبي صلى الله عليه وسلم مشربة) بفتح الميم وسكون الشين المعجمة وضم الراء وفتحها أي غرفة (له فاعتزل فيها ودخلت على حفصة فإذا هي تبكي، فقلت: ما يبكيك؟ ألم أكن
حذرتك هذا)؟ زاد في رواية سماك لقد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحبك ولولا أنا لطلّقك فبكت أشد البكاء وعند ابن مردويه والله إن كان طلّقك لا أكلمك أبدًا. (أطلقكنّ النبي صلى الله عليه وسلم؟ قالت: لا أدري ها هو) عليه الصلاة والسلام (ذا معتزل في المشربة فخرجت) من عند حفصة (فجئت إلى المنبر فإذا حوله) أي المنبر (رهط) أي يقف الحافظ ابن حجر على أسمائهم (يبكي بعضهم فجلست معهم قليلًا ثم غلبني ما أجد) من اعتزاله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- نساءه ومنهن حفصة (فجئت المشربة التي فيها النبي صلى الله عليه وسلم فقلت لغلام له أسود): اسمه رباح بالراء المفتوحة والموحدة المخففة (استأذن) رسول الله صلى الله عليه وسلم (لعمر فدخل الغلام فكلّم النبي صلى الله عليه وسلم) في ذلك (ثم رجع فقال: كلمت النبي صلى الله عليه وسلم وذكرتك له فصمت) بفتح الصاد المهملة والميم فسكت كالآتية (فانصرفت حتى جلست مع الرهط الذين عند المنبر ثم غلبني ما أجد فجئت) ثانيًا (فقلت للغلام) رباح: (استأذن لعمر فدخل ثم رجع فقال قد ذكرتك له) عليه الصلاة والسلام (فصمت فرجعت فجلست مع الرهط الذين عند المنبر ثم غلبني ما أجد فجئت الغلام) ثالثًا (فقلت استأذن لعمر فدخل ثم رجع إليّ) بتشديد الياء وهذه اللفظة ساقطة في الأوليين (فقال قد ذكرتك له) عليه الصلاة والسلام (فصمت فلما وليت منصرفًا قال: إذا الغلام) رباح (يدعوني فقال: قد أذن لك النبي صلى الله عليه وسلم فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو مضطجع على رمال حصير) بكسر الراء وتضم أي على سرير مرمول بما يرمل به الحصير أي ينسج ورمال الحصير ضلوعه المتداخلة فيه كالخيوط في الثوب (ليس بينه وبينه فراش قد أثر الرمال بجنبه) الشريف حال كونه (متكئًا) ولأبي ذر: متكئ بالرفع أي وهو متكئ (على وسادة من أدم) جلد (حشوها ليف فسلمت عليه ثم قلت) له (وأنا قائم يا رسول الله أطلقت نساءك)؟ بهمزة الاستفهام (فرفع) عليه الصلاة والسلام (إليّ بصره فقال):
(لا) لم أطلقهن (فقلت: الله أكبر) تعجبًا مما أخبرني به الأنصاري من التطليق جازمًا به أو حامدًا الله تعالى على ما أنعم به عليه من عدم وقوع الطلاق (ثم قلت: وأنا قائم) حال كوني (أستأنس) وجزم القرطبي بأنه للاستفهام. قال في الفتح: فيكون أصله بهمزتين تسهل إحداهما وقد تحذف تخفيفًا أي أنبسط في الحديث وأستأنس في ذلك (يا رسول الله). منادى مضاف (لو رأيتني) بفتح التاء الفوقية (وكنا معشر قريش نغلب النساء فلما قدمنا المدينة إذا) الأنصار (قوم تغلبهم نساؤهم) وذكر مراجعته زوجته له إلى آخر ذلك (فتبسم النبي صلى الله عليه وسلم) ضحك من غير صوت (ثم قلت: يا رسول الله لو رأيتني) بفتح الفوقية (ودخلت على حفصة فقلت لها: لا يغرنك إن كانت جارتك أوضأ) أجمل (منك وأحب إلى النبي صلى الله عليه وسلم يريد) عمر (عائشة فتبسم النبي صلى الله عليه وسلم تبسمة) بضم السين ولأبي ذر عن الكشميهني بكسرها من غير مثناة تحتية فيهما كذا من الفرع وأصله، وقال في الفتح: تبسمة بتشديد السين وللكشميهني تبسيمة (أخرى فجلست حين رأيته تبسم فرفعت بصري في بيته) أي نظرت فيه (فوالله ما رأيت في بيته شيئًا يردّ البصر غير أهبة) بفتح الهمزة والهاء منوّنة جلود (ثلاثة) أي تدبغ أو مطلقًا دبغت أو لم تدبغ (فقلت: يا رسول الله ادع الله) عز وجل (فليوسع على أمتك فإن فارسًا) بالصرف ولأبي ذر فارس بعدمه (والروم قد وسع
عليهم وأعطوا الدنيا وهم لا يعبدون الله فجلس النبي صلى الله عليه وسلم وكان متكئًا فقال: وفي هذا أنت) بهمزة الاستفهام وواو العطف على مقدّر بعدها. قال الكرماني: أي أنت في مقام استعظام التجملات الدنيوية واستعجالها (يا ابن الخطاب) وعند مسلم من رواية معمر أو في شك: أنت يا ابن الخطاب كرواية عقيل السابقة في المظالم أي أنت في شك أن التوسع في الآخرة خير من التوسع في الدنيا (وأن أولئك) فارس والروم (قوم قد عجلوا طيباتهم في الحياة الدنيا. فقلت: يا رسول الله استغفر لي) عن اعتقادي أن التجملات الدنيوية مرغوب فيها (فاعتزل النبي صلى الله عليه وسلم نساءه من أجل ذلك الحديث حين أفشته حفصة إلى عائشة تسعًا وعشرين ليلة) وذلك أنه صلى الله عليه وسلم خلا بمارية القبطية في بيت حفصة فجاءت فوجدتها معه فقالت: يا رسول الله تفعل هذا معي دون نسائك. فقال: "لا تخبري أحدًا هي عليّ حرام" فأخبرت عائشة أو السبب تحريم العسل السابق ذكره في سورة