المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل جناية العبد] - الاختيار لتعليل المختار - جـ ٥

[ابن مودود الموصلي]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ الصَّيْدِ

- ‌كِتَابُ الذَّبَائِحِ

- ‌[فصل مَا يَحِلُّ وَمَا يَحْرُمُ أَكْلُهُ مِنَ الْحَيَوَانَاتِ]

- ‌كِتَابُ الْأُضْحِيَةِ

- ‌كِتَابُ الْجِنَايَاتِ

- ‌[فصل يقتل الحر بالحر وبالعبد]

- ‌[فصل الْقصاص في الْأَطْرَافِ]

- ‌كِتَابُ الدِّيَاتِ

- ‌[فصل في النفس الدية]

- ‌[فصل في أَنْوَاعُ الشِّجَاجِ]

- ‌[فصل من ضرب بطن امرأة]

- ‌[فصل ضَمَانُ الْإِنْسَانِ فِعْلُهُ]

- ‌[فصل جِنَايَةُ الْعَبْدِ]

- ‌بَابُ الْقَسَامَةِ

- ‌بَابُ الْمَعَاقِلِ

- ‌كِتَابُ الْوَصَايَا

- ‌[فصل ما يجوز الوصية به]

- ‌[فصل أوصى بثلث ماله لرجل وبالسدس لآخر]

- ‌[فصل الوصية للجيران والأصهار والأختان والأهل]

- ‌كِتَابُ الْفَرَائِضِ

- ‌فَصْلٌ [فِي الْعَصَبَاتِ]

- ‌[فصل السهام المفروضة]

- ‌[فصل في الحجب]

- ‌[فصل الْعَوْلُ وَأُصُولُ الْمَسَائِلِ]

- ‌[فصل في الرد على الوارثين]

- ‌[فصل تَوْرِيثُ ذَوِي الْأَرْحَامِ]

- ‌[فصل مِيرَاثُ الْغَرْقَى وَالْهَدْمَى]

- ‌[فصل لَا إِرْثَ بِالْأَنْكِحَةِ الْبَاطِلَةِ]

- ‌[فصل مِيرَاثُ الْحَمْلِ]

- ‌[فصل في المناسخات]

- ‌حِسَابُ الْفَرَائِضُ

- ‌[فصل تَصْحِيحُ الْمَسَائِلِ]

- ‌[فصل المصالحة على التركة]

الفصل: ‌[فصل جناية العبد]

فَصْلٌ إِذَا جَنَى الْعَبْدُ خَطَأً فَمَوْلَاهُ إِمَّا أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَى وَلِيِّ الْجِنَايَةِ فَيَمْلِكُهُ أَوْ يَفْدِيَهُ بِأَرْشِهَا، وَكَذَلِكَ إِنْ جَنَى ثَانِيًا وَثَالِثًا، وَإِنْ جَنَى جِنَايَتَيْنِ فَإِمَّا أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَيْهِمَا يَقْتَسِمَانِهِ بِقَدْرِ مَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ أَرْشِ جِنَايَتِهِ، أَوْ يَفْدِيَهُ بِأَرْشِهِمَا،

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

[فصل جِنَايَةُ الْعَبْدِ]

فَصْلٌ (إِذَا جَنَى الْعَبْدُ خَطَأً فَمَوْلَاهُ إِمَّا أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَى وَلِيِّ الْجِنَايَةِ فَيَمْلِكُهُ أَوْ يَفْدِيهِ بِأَرْشِهَا) وَسَوَاءٌ كَانَتِ الْجِنَايَةُ عَلَى حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ فِي النَّفْسِ أَوْ فِيمَا دُونَهَا قَلَّ أَرْشُهَا أَوْ كَثُرَ، لِمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا جَنَى الْعَبْدُ فَمَوْلَاهُ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ دَفَعَهُ وَإِنْ شَاءَ فَدَاهُ.

وَعَنْ عُمَرَ رضي الله عنه: عَبِيدُ النَّاسِ أَمْوَالُهُمْ وَجِنَايَتُهُمْ فِي رَقَبَتِهِمْ، وَعَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه مِثْلُهُ، وَلِأَنَّهَا جِنَايَةٌ يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهَا مِنَ الرَّقَبَةِ فَتَتَعَلَّقُ بِهَا الْجِنَايَةُ كَجِنَايَةِ الْعَمْدِ. وَإِذَا تَعَلَّقَتْ بِرَقَبَتِهِ، فَإِذَا خَلَّى الْمَوْلَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَلِيِّ الْجِنَايَةِ سَقَطَتِ الْمُطَالَبَةُ عَنْهُ كَمَا فِي الْعَمْدِ، وَلِأَنَّهُ إِنَّمَا خُوطِبَ بِالْجِنَايَةِ لِأَجْلِ مِلْكِهِ، فَإِذَا سَقَطَ حَقُّهُ زَالَتِ الْمُطَالَبَةُ كَالْوَارِثِ إِذَا خَلَّى بَيْنَ التَّرِكَةِ وَبَيْنَ أَرْبَابِ الدُّيُونِ، فَإِذَا اخْتَارَ الْفِدَاءَ فَحَقُّ وَلِيِّ الْجِنَايَةِ فِي الْأَرْشِ، فَإِذَا اسْتَوْفَاهُ سَقَطَ حَقُّهُ، إِلَّا أَنَّ الْوَاجِبَ الْأَصْلِيَّ هُوَ الدَّفْعُ حَتَّى يَسْقُطَ مُوجِبُ الْجِنَايَةِ بِمَوْتِ الْعَبْدِ لِفَوَاتِ مَحَلِّهِ، إِلَّا أَنَّ لَهُ حَقَّ الْفِدَاءِ لِمَا ذَكَرْنَا كَدَفْعِ الْقِيَمِ فِي الزَّكَاةِ.

وَلَوِ اخْتَارَ الْمَوْلَى الْفِدَاءَ ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ فَالْفِدَاءُ عَلَيْهِ ; لِأَنَّ بِالِاخْتِيَارِ انْتَقَلَ الْحَقُّ مِنَ الرَّقَبَةِ إِلَى الذِّمَّةِ فَلَا يَسْقُطُ بِمَوْتِ الْعَبْدِ كَغَيْرِهِ مِنَ الدُّيُونِ، وَلَيْسَتْ جِنَايَةُ الْعَبْدِ كَدَيْنِهِ فِي تَعَلُّقِهِ بِرَقَبَتِهِ ; لِأَنَّ جِنَايَةَ الْحُرِّ الْخَطَأَ يُطَالَبُ بِهَا غَيْرُهُ وَهُمُ الْعَاقِلَةُ، وَدُيُونَهُ لَا يُطَالَبُ بِهَا غَيْرُهُ، فَكَذَلِكَ الْعَبْدُ جِنَايَتُهُ الْخَطَأُ يُطَالِبُ بِهَا غَيْرُهُ وَهُوَ الْمَوْلَى، وَدُيُونُهُ تَتَعَلَّقُ بِهِ، وَلَا يُطَالِبُ بِهَا غَيْرُهُ، وَإِنَّمَا يَمْلِكُهُ بِالدَّفْعِ لِأَنَّهُ عِوَضُ جِنَايَتِهِ فَيَمْلِكُهُ كَسَائِرِ الْمُعَاوَضَاتِ.

قَالَ: (وَكَذَلِكَ إِنْ جَنَى ثَانِيًا وَثَالِثًا) مَعْنَاهُ إِذَا جَنَى بَعْدَ الْفِدَاءِ مِنَ الْأُولَى يُخَيَّرُ الْمَوْلَى كَالْأُولَى؛ لِأَنَّهُ لَمَّا فَدَاهُ فَقَدْ طَهَرَ عَنِ الْجِنَايَةِ وَصَارَتْ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ فَهَذِهِ تَكُونُ جِنَايَةً مُبْتَدَأَةً، وَكَذَا الثَّالِثَةُ وَالرَّابِعَةُ وَغَيْرُهَا.

قَالَ: (وَإِنْ جَنَى جِنَايَتَيْنِ فَإِمَّا أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَيْهِمَا يَقْتَسِمَانِهِ بِقَدْرِ مَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ أَرْشِ جِنَايَتِهِ أَوْ يَفْدِيِهِ بِأَرْشِهِمَا) وَكَذَلِكَ إِنْ جَنَى عَلَى جَمَاعَةٍ إِمَّا أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَيْهِمْ يَقْتَسِمُونَهُ بِالْحِصَصِ، وَإِمَّا أَنْ يَفْدِيَهُ بِجَمِيعِ أَرْشِهِمْ ; لِأَنَّ تَعَلُّقَ الْجِنَايَةِ بِرَقَبَتِهِ لَا يَمْنَعُ تَعَلُّقَ مِثْلِهَا كَمَا فِي الدُّيُونِ، وَلِأَنَّ حَقَّ الْمَوْلَى لَمْ يَمْنَعْ تَعَلُّقَ الْجِنَايَةِ بِرَقَبَتِهِ، فَحَقُّ وَلِيِّ الْجِنَايَةِ

ص: 50

وَإِنْ أَعْتَقَهُ الْمَوْلَى قَبْلَ الْعِلْمِ بِالْجِنَايَةِ ضَمِنَ الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنَ الْأَرْشِ، وَبَعْدَ الْعِلْمِ يَضْمَنُ جَمِيعَ الْأَرْشِ، وَفِي الْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ يَضْمَنُ الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِمَا وَمِنَ الْأَرْشِ، وَإِنْ عَادَ فَجَنَى وَقَدْ دَفَعَ الْقِيمَةَ بِقَضَاءٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَيُشَارِكُ وَلِيُّ الْجِنَايَةِ الثَّانِيَةِ الْأَوَّلَ فِيمَا أَخَذَ، وَإِنْ دَفَعَ الْمَوْلَى الْقِيمَةَ بِغَيْرِ قَضَاءٍ، فَإِنْ شَاءَ الثَّانِي شَارَكَ الْأَوَّلَ، وَإِنْ شَاءَ اتَّبَعَ (سم) الْمَوْلَى، ثُمَّ يَرْجِعُ الْمَوْلَى عَلَى الْأَوَّلِ،

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

الْأُولَى أَوْلَى أَنْ لَا يُمْنَعَ.

قَالَ: (وَإِنْ أَعْتَقَهُ الْمَوْلَى قَبْلَ الْعِلْمِ بِالْجِنَايَةِ ضَمِنَ الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنَ الْأَرْشِ وَبَعْدَ الْعِلْمِ يَضْمَنُ جَمِيعَ الْأَرْشِ) لِأَنَّ حَقَّهُ فِي أَحَدِهِمَا، فَفِي الْأُولَى خِيَارُهُ بَاقٍ فَيَخْتَارُ الْأَقَلَّ، وَفِي الثَّانِيَةِ لِمَا عَلِمَ فَقَدِ اخْتَارَ الْفِدَاءَ؛ لِأَنَّ بِالْعِتْقِ امْتَنَعَ الدَّفْعُ بِسَبَبٍ مِنْ جِهَتِهِ فَكَانَ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ، وَالْبَيْعُ وَالْهِبَةُ وَالتَّدْبِيرُ وَالِاسْتِيلَادُ بِمَنْزِلَةِ الْإِعْتَاقِ ; لِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ يَمْنَعُ الدَّفْعَ، وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَهُ مِنَ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ كَانَ اخْتِيَارًا، وَلَوْ وَهَبَهُ لَا لَأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ أَخَذَهُ بِغَيْرِ عِوَضٍ وَقَدْ وُجِدَ فِي الْهِبَةِ دُونَ الْبَيْعِ.

قَالَ: (وَفِي الْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ يَضْمَنُ الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِمَا وَمِنَ الْأَرْشِ) لِمَا رُوِيَ أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ قَضَى بِجِنَايَةِ الْمُدَبَّرِ عَلَى مَوْلَاهُ وَهُوَ أَمِيرُ الشَّامِ بِمَحْضَرٍ مِنَ الصَّحَابَةِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ، وَلِأَنَّ الْمَوْلَى صَارَ مَانِعًا مِنْ تَسْلِيمِهِ فِي الْجِنَايَةِ بِالتَّدْبِيرِ وَالِاسْتِيلَادِ مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارٍ لِلْفِدَاءِ فَصَارَ كَمَا إِذَا دَبَّرَهُ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِالْجِنَايَةِ، وَإِنَّمَا لَزِمَهُ الْأَقَلُّ؛ لِأَنَّ الْأَرْشَ إِنْ كَانَ أَقَلَّ فَلَا حَقَّ لِوَلِيِّ الْجِنَايَةِ غَيْرَ الْأَرْشِ، وَإِنْ كَانَتِ الْقِيمَةُ أَقَلَّ فَلَمْ يَتْلَفْ بِالتَّدْبِيرِ إِلَّا الرَّقَبَةُ.

قَالَ: (وَإِنْ عَادَ فَجَنَى وَقَدْ دَفَعَ الْقِيمَةَ بِقَضَاءٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَيُشَارِكُ وَلِيُّ الْجِنَايَةِ الثَّانِيَةِ الْأَوَّلَ فِيمَا أَخَذَ) لِأَنَّ جِنَايَاتِ الْمُدَبَّرِ وَإِنْ تَعَدَّدَتْ لَا تُوجِبُ إِلَّا قِيمَةً وَاحِدَةً ; لِأَنَّهُ لَمْ يَمْنَعْ إِلَّا رَقَبَةً وَاحِدَةً وَالضَّمَانُ مُتَعَلِّقٌ بِالْمَنْعِ فَصَارَ كَأَنَّهُ دَبَّرَهُ بَعْدَ الْجِنَايَاتِ، وَلِأَنَّ دَفْعَ الْقِيمَةِ كَدَفْعِ الْعَبْدِ، وَدَفْعَ الْعَبْدِ لَا يَتَكَرَّرُ فَكَذَا الْقِيمَةُ، وَيَتَضَارَبُونَ بِالْحِصَصِ فِي الْقِيمَةِ كَمَا مَرَّ.

قَالَ: (وَإِنْ دَفَعَ الْمَوْلَى الْقِيمَةَ بِغَيْرِ قَضَاءٍ، فَإِنْ شَاءَ الثَّانِي شَارَكَ الْأَوَّلَ، وَإِنْ شَاءَ اتَّبَعَ الْمَوْلَى، ثُمَّ يَرْجِعُ الْمَوْلَى عَلَى الْأَوَّلِ) وَقَالَا: لَا شَيْءَ عَلَى الْمَوْلَى ; لِأَنَّهُ لَمَّا دَفَعَ لَمْ تَكُنِ الْجِنَايَةُ الثَّانِيَةُ مَوْجُودَةً فَقَدْ دَفَعَ الْحَقَّ إِلَى مُسْتَحِقِّهِ وَصَارَ كَمَا إِذَا دَفَعَهُ بِقَضَاءٍ.

وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْجِنَايَاتِ اسْتَنَدَ ضَمَانُهَا إِلَى التَّدْبِيرِ الَّذِي صَارَ الْمَوْلَى بِهِ مَانِعًا، فَكَأَنَّهُ دَبَّرَ بَعْدَ الْجِنَايَاتِ فَيَتَعَلَّقُ حَقُّ جَمَاعَتِهِمْ بِالْقِيمَةِ، فَإِذَا دَفَعَهَا بِقَضَاءٍ فَقَدْ زَالَتْ يَدُهُ عَنْهَا بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانُهَا، وَإِنْ دَفَعَهَا بِغَيْرِ قَضَاءٍ فَقَدْ سَلَّمَ إِلَى الْأَوَّلِ مَا تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الثَّانِي، فَلِلثَّانِي أَنْ يَضْمَنَ أَيَّهُمَا شَاءَ الْمَوْلَى ; لِأَنَّهُ جَنَى بِالدَّفْعِ إِلَى غَيْرِ مُسْتَحِقِّهِ، وَالْأَوَّلُ لِأَنَّهُ قَبَضَ حَقَّهُ ظُلْمًا وَصَارَ كَالْوَصِيِّ إِذَا صَرَفَ التَّرِكَةَ إِلَى الْغُرَمَاءِ ثُمَّ ظَهَرَ غَرِيمٌ آخَرُ، فَإِنْ دَفَعَهُ بِقَضَاءٍ شَارَكَ الْغَرِيمُ الْآخَرُ الْغُرَمَاءَ فِيمَا قَبَضُوهُ، وَإِنْ دَفَعَ بِغَيْرِ قَضَاءٍ،

ص: 51

وَمَنْ قَتَلَ عَبْدًا خَطَأً فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ لَا يُزَادُ (س) عَلَى عَشَرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ إِلَّا عَشَرَةٌ، وَلِلْأَمَةِ خَمْسَةُ آلَافٍ إِلَّا عَشَرَةً، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ،

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

إِنْ شَاءَ رَجَعَ عَلَى الْوَصِيِّ، وَإِنْ شَاءَ شَارَكَ الْغُرَمَاءَ كَذَا هَذَا، فَإِنِ اتَّبَعَ الْمَوْلَى رَجَعَ الْمَوْلَى عَلَى الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ سَلَّمَ إِلَيْهِ غَيْرَ حَقِّهِ، وَإِنْ شَارَكَ الْأَوَّلَ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى أَحَدٍ ; لِأَنَّ الْحَاصِلَ الضَّمَانُ عَلَيْهِ، وَتُعْتَبَرُ قِيمَةُ الْمُدَبَّرِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَوْمَ جَنَى عَلَيْهِ، وَلَا يُعْتَبَرُ التَّدْبِيرُ لِأَنَّ الْمَوْلَى صَارَ مَانِعًا مِنْ تَسْلِيمِهِ فِي الْحَالِ بِالتَّدْبِيرِ السَّابِقِ فَكَأَنَّهُ جَنَى ثُمَّ دَبَّرَهُ، فَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ حِينَئِذٍ.

مِثَالُهُ: قَتَلَ قَتِيلًا خَطَأً وَقِيمَتُهُ أَلْفٌ فَازْدَادَتْ خَمْسَمِائَةٍ، ثُمَّ قَتَلَ آخَرَ فَوَلِيَ الْجِنَايَةَ الثَّانِيَةَ يَأْخُذُ مِنَ الْمَوْلَى خَمْسَمِائَةٍ، فَضْلُ الْقِيمَةِ تُحْسَبُ عَلَيْهِ مِنْ أَرْشِ جِنَايَتِهِ، فَتُقْسَمُ الْأَلْفُ عَلَى تِسْعَةٍ وَثَلَاثِينَ جُزْءًا ; لِأَنَّ مَا زَادَ عَلَى الْقِيمَةِ بَعْدَ الْجِنَايَةِ الْأُولَى لَا حَقَّ لِوَلِيِّهَا فِيهِ؛ لِأَنَّهَا حَدَثَتْ وَقَدْ تَعَلَّقَ حَقُّهُ فِي الذِّمَّةِ فَيَنْفَرِدُ بِهَا وَلِيُّ الْجِنَايَةِ الثَّانِيَةِ فَيَبْقَى لَهُ مِنَ الدِّيَةِ تِسْعَةُ آلَافٍ وَخَمْسُمِائَةٍ وَلِلْأَوَّلِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ عَشَرَةُ آلَافٍ، فَاجْعَلْ كُلَّ خَمْسِمِائَةٍ بَيْنَهُمَا لِلْأَوَّلِ عِشْرُونَ وَلِلثَّانِي تِسْعَةَ عَشَرَ فَاقْسِمِ الْأَلْفَ كَذَلِكَ.

وَلَوْ جَنَى الْمُدَبَّرُ خَطَأً ثُمَّ مَاتَ عَقِيبَهَا بِلَا فَصْلٍ لَمْ تَبْطُلِ الْقِيمَةُ عَلَى الْمَوْلَى؛ لِأَنَّهَا وَجَبَتْ فِي ذِمَّتِهِ عَقِيبَ الْجِنَايَةِ، فَبَقَاءُ الرَّقَبَةِ وَتَلَفُهَا سَوَاءٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ عَمِيَ بَعْدَ الْجِنَايَةِ لَا يَنْقُصُ شَيْءٌ مِنَ الْقِيمَةِ لِمَا بَيَّنَّا، وَلَوْ أَعْتَقَ الْمُدَبَّرَ الْمَوْلَى وَقَدْ جَنَى جِنَايَاتٍ لَمْ تَلْزَمْهُ إِلَّا قِيمَةٌ وَاحِدَةٌ ; لِأَنَّ الضَّمَانَ إِنَّمَا وَجَبَ عَلَيْهِ بِالْمَنْعِ بِالتَّدْبِيرِ فَكَانَ الْإِعْتَاقُ بَعْدَهُ وَعَدَمُهُ سَوَاءٌ. وَإِذَا أَقَرَّ الْمُدَبَّرُ بِجِنَايَةٍ خَطَأٍ لَمْ يَجُزْ إِقْرَارُهُ وَلَا يَلْزَمْهُ شَيْءٌ عَتَقَ أَوْ لَمْ يَعْتِقْ؛ لِأَنَّهَا لَازِمَةٌ لِمَوْلَاهُ، وَإِقْرَارُهُ عَلَى الْمَوْلَى لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حُكْمٌ.

قَالَ: (وَمَنْ قَتَلَ عَبْدًا خَطَأً فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ لَا يُزَادُ عَلَى عَشَرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ إِلَّا عَشَرَةٌ، وَلِلْأَمَةِ خَمْسَةُ آلَافٍ إِلَّا عَشَرَةً، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ) .

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: تَجِبُ قِيمَتُهُ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ، وَلَوْ غَصَبَ عَبْدًا قِيمَتُهُ عِشْرُونَ أَلْفًا فَهَلَكَ فِي يَدِهِ تَجِبُ قِيمَتُهُ بِالْإِجْمَاعِ. لِأَبِي يُوسُفَ أَنَّهَا جِنَايَةٌ عَلَى الْمَالِ فَتَجِبُ الْقِيمَةُ غَيْرَ مُقَدَّرَةٍ كَالْبَهَائِمِ، وَهَذَا لِأَنَّ الْوَاجِبَ لِلْمَوْلَى، وَالْمَوْلَى إِنَّمَا يَمْلِكُهُ مِنْ حَيْثُ الْمَالِيَّةِ فَيَكُونُ الْوَاجِبُ بَدَلَ الْمَالِيَّةِ.

وَعَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهم مِثْلَ قَوْلِهِ. وَلَهُمَا قَوْله تَعَالَى: {وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} [النساء: 92] مُطْلَقًا، وَالدِّيَةُ اسْمٌ لِلْوَاجِبِ بِمُقَابَلَةِ الْآدَمِيَّةِ، وَلِأَنَّهَا جِنَايَةٌ عَلَى نَفْسِ آدَمِيٍّ فَلَا يَزِيدُ عَلَى عَشَرَةِ آلَافٍ كَالْحُرِّ، وَلِأَنَّ الْمَعَانِيَ الَّتِي فِي الْعَبْدِ مَوْجُودَةٌ فِي الْحُرِّ، وَفِي زِيَادَةِ الْحُرِّيَّةِ، فَإِذَا لَمْ يَجِبْ فِيهِ أَكْثَرُ مِنَ الدِّيَةِ فَلِأَنْ لَا يَجِبُ فِي الْعَبْدِ مَعَ نُقْصَانِهِ أَوْلَى، وَلِأَنَّ فِيهِ مَعْنَى الْآدَمِيَّةِ حَتَّى كَانَ مُكَلَّفًا، وَفِيهِ مَعْنَى الْمَالِيَّةِ وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا مُتَعَذِّرٌ، وَالْآدَمِيَّةُ أَعْلَى فَتُعْتَبَرُ، وَيَسْقُطُ الْأَدْنَى بِخِلَافِ الْبَهَائِمِ؛ لِأَنَّهَا مَالٌ مَحْضٌ، وَبِخِلَافِ الْغَصْبِ؛ لِأَنَّ الْغَصْبَ إِنَّمَا يُرَدُّ عَلَى الْمَالِ فَكَانَ الْوَاجِبُ بِمُقَابَلَةِ الْمَالِ.

وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ

ص: 52