المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل توريث ذوي الأرحام] - الاختيار لتعليل المختار - جـ ٥

[ابن مودود الموصلي]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ الصَّيْدِ

- ‌كِتَابُ الذَّبَائِحِ

- ‌[فصل مَا يَحِلُّ وَمَا يَحْرُمُ أَكْلُهُ مِنَ الْحَيَوَانَاتِ]

- ‌كِتَابُ الْأُضْحِيَةِ

- ‌كِتَابُ الْجِنَايَاتِ

- ‌[فصل يقتل الحر بالحر وبالعبد]

- ‌[فصل الْقصاص في الْأَطْرَافِ]

- ‌كِتَابُ الدِّيَاتِ

- ‌[فصل في النفس الدية]

- ‌[فصل في أَنْوَاعُ الشِّجَاجِ]

- ‌[فصل من ضرب بطن امرأة]

- ‌[فصل ضَمَانُ الْإِنْسَانِ فِعْلُهُ]

- ‌[فصل جِنَايَةُ الْعَبْدِ]

- ‌بَابُ الْقَسَامَةِ

- ‌بَابُ الْمَعَاقِلِ

- ‌كِتَابُ الْوَصَايَا

- ‌[فصل ما يجوز الوصية به]

- ‌[فصل أوصى بثلث ماله لرجل وبالسدس لآخر]

- ‌[فصل الوصية للجيران والأصهار والأختان والأهل]

- ‌كِتَابُ الْفَرَائِضِ

- ‌فَصْلٌ [فِي الْعَصَبَاتِ]

- ‌[فصل السهام المفروضة]

- ‌[فصل في الحجب]

- ‌[فصل الْعَوْلُ وَأُصُولُ الْمَسَائِلِ]

- ‌[فصل في الرد على الوارثين]

- ‌[فصل تَوْرِيثُ ذَوِي الْأَرْحَامِ]

- ‌[فصل مِيرَاثُ الْغَرْقَى وَالْهَدْمَى]

- ‌[فصل لَا إِرْثَ بِالْأَنْكِحَةِ الْبَاطِلَةِ]

- ‌[فصل مِيرَاثُ الْحَمْلِ]

- ‌[فصل في المناسخات]

- ‌حِسَابُ الْفَرَائِضُ

- ‌[فصل تَصْحِيحُ الْمَسَائِلِ]

- ‌[فصل المصالحة على التركة]

الفصل: ‌[فصل توريث ذوي الأرحام]

وَذَوُو الْأَرْحَامِ: كُلُّ قَرِيبٍ لَيْسَ بِذِي سَهْمٍ وَلَا عَصَبَةٍ، وَهُمْ كَالْعَصَبَاتِ مَنِ انْفَرَدَ مِنْهُمْ أَخَذَ جَمِيعَ الْمَالِ، وَالْأَقْرَبُ يَحْجُبُ الْأَبْعَدَ، وَهُمْ أَوْلَادُ الْبَنَاتِ، وَأَوْلَادُ بَنَاتِ الِابْنِ، وَالْجَدُّ الْفَاسِدُ، وَالْجَدَّاتُ الْفَاسِدَاتُ، وَأَوْلَادُ الْأَخَوَاتِ كُلِّهِنَّ، وَبَنَاتُ الْإِخْوَةِ كُلِّهِمْ، وَأَوْلَادُ الْإِخْوَةِ لِأُمٍّ،

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

قِبَلِ الْأُمِّ، وَالثَّانِيَةُ أُمُّ أُمِّ الْأَبِ، وَالثَّالِثَةُ أُمُّ أَبِ الْأَبِ، وَعَلَى هَذَا كُلَّمَا زَادَ فِي دَرَجَةِ الْأَجْدَادِ زَادَ فِي دَرَجَةِ الْجَدَّاتِ وَارِثَةٌ.

[فصل تَوْرِيثُ ذَوِي الْأَرْحَامِ]

فَصْلٌ

فِي ذَوِي الْأَرْحَامِ قَالَ عَامَّةُ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم بِتَوْرِيثِ ذَوِي الْأَرْحَامِ وَهُوَ مَذْهَبُنَا.

وَقَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ: لَا مِيرَاثَ لَهُمْ وَيُوضَعُ فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ. لَنَا قَوْله تَعَالَى:{وَأُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ} [الأنفال: 75] أَيْ أَوْلَى بِمِيرَاثِ بَعْضٍ بِالنَّقْلِ. وَقَالَ عليه الصلاة والسلام: «الْخَالُ وَارِثُ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ» . وَرُوِيَ: «أَنَّ ثَابِتَ بْنَ الدَّحْدَاحِ مَاتَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ عليه الصلاة والسلام لِعَاصِمِ بْنِ عَدِيٍّ: هَلْ تَعْرِفُونَ لَهُ فِيكُمْ نَسَبًا؟ فَقَالَ: إِنَّمَا كَانَ آتِيًا فِينَا: أَيْ غَرِيبًا، فَجَعَلَ مِيرَاثَهُ لِابْنِ أُخْتِهِ أَبِي لُبَابَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُنْذِرِ» ، وَلِأَنَّ أَصْلَ الْقَرَابَةِ سَبَبٌ لِاسْتِحْقَاقِ الْإِرْثِ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ، إِلَّا أَنَّ هَذِهِ الْقَرَابَةَ أَبْعَدُ مِنْ سَائِرِ الْقَرَابَاتِ فَتَأَخَّرَتْ عَنْهَا، وَالْمَالُ مَتَى كَانَ لَهُ مُسْتَحِقٌّ لَا يَجُوزُ صَرْفُهُ إِلَى بَيْتِ الْمَالِ، وَلِأَنَّ سَائِرَ الْمُسْلِمِينَ يُدْلُونَ إِلَيْهِ بِالْإِسْلَامِ، وَهَؤُلَاءِ يُدْلُونَ بِهِ وَبِالْقَرَابَةِ، وَالْمُدْلِي بِجِهَتَيْنِ أَوْلَى كَبَنِي الْأَعْيَانِ مَعَ بَنَاتِ الْعَلَّاتِ.

(وَذَوُو الْأَرْحَامِ كُلُّ قَرِيبٍ لَيْسَ بِذِي سَهْمٍ وَلَا عَصَبَةٍ، وَهُمْ كَالْعَصَبَاتِ مَنِ انْفَرَدَ مِنْهُمْ أَخَذَ جَمِيعَ الْمَالِ) لِأَنَّهُمْ يُدْلُونَ بِالْقَرَابَةِ وَلَيْسَ لَهُمْ سَهْمٌ مُقَدَّرٌ فَكَانُوا كَالْعَصَبَاتِ.

(وَالْأَقْرَبُ يَحْجُبُ الْأَبْعَدَ) كَالْعَصَبَاتِ حَتَّى مَنْ هُوَ أَقْرَبُ إِلَى الْمَيِّتِ مِنْ أَيِّ صِنْفٍ كَانَ فَهُوَ أَوْلَى.

مِثَالُهُ: بِنْتُ بِنْتِ بِنْتٍ وَأَبُ أُمٍّ فَهُوَ أَوْلَى لِأَنَّهُ أَقْرَبُ. أَبُ أَبِ أُمٍّ وَعَمَّةٌ أَوْ خَالَةٌ فَهِيَ أَوْلَى لِأَنَّهَا أَقْرَبُ. وَذَكَرَ رَضِيُّ الدِّينِ النَّيْسَابُورِيُّ فِي فَرَائِضِهِ أَنَّهُ لَا يَرِثُ أَحَدٌ مِنَ الصِّنْفِ الثَّانِي وَإِنْ قَرُبَ وَهُنَاكَ وَاحِدٌ مِنَ الصِّنْفِ الْأَوَّلِ وَإِنْ بَعُدَ، وَكَذَا الثَّالِثُ مَعَ الثَّانِي وَالرَّابِعُ مَعَ الثَّالِثِ، قَالَ: وَهُوَ الْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى، وَالْمَعْمُولُ عَلَيْهِ مِنْ جِهَةِ مَشَايِخِنَا تَقْدِيمُ الصِّنْفِ الْأَوَّلِ مُطْلَقًا ثُمَّ الثَّانِي ثُمَّ الثَّالِثِ ثُمَّ الرَّابِعِ.

قَالَ: وَهَكَذَا ذَكَرَهُ الْأُسْتَاذُ الصَّدْرُ الْكُوفِيُّ فِي فَرَائِضِهِ، فَعَلَى هَذَا بِنْتُ الْبِنْتِ وَإِنْ سَفَلَتْ أَوْلَى مِنْ أَبِ الْأُمِّ، وَهُمْ أَرْبَعَةُ أَصْنَافٍ: صِنْفٌ يَنْتَمِي إِلَى الْمَيِّتِ،

(وَهُمْ أَوْلَادُ الْبَنَاتِ، وَأَوْلَادُ بَنَاتِ الِابْنِ) وَصِنْفٌ يَنْتَمِي إِلَيْهِمُ الْمَيِّتُ.

(وَ) هُمْ (الْجَدُّ الْفَاسِدُ، وَالْجَدَّاتُ الْفَاسِدَاتُ) وَصِنْفٌ يَنْتَمِي إِلَى أَبَوَيِ الْمَيِّتِ.

(وَ) هُمْ:

(أَوْلَادُ الْأَخَوَاتِ كُلِّهِنَّ، وَبَنَاتُ الْإِخْوَةِ كُلِّهِمْ، وَأَوْلَادُ الْإِخْوَةِ لِأُمٍّ) وَصِنْفٌ

ص: 105

وَالْأَخْوَالُ وَالْخَالَاتُ وَالْأَعْمَامُ لِأُمٍّ، وَالْعَمَّاتُ وَبَنَاتُ الْأَعْمَامِ كُلُّهُمْ وَأَوْلَادُ هَؤُلَاءِ وَمَنْ يُدْلِي بِهِمْ، وَأَوْلَاهُمُ الصِّنْفُ الْأَوَّلُ ثُمَّ الصِّنْفُ الثَّانِي (سم) .

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

يَنْتَمِي إِلَى جَدَّيِ الْمَيِّتِ.

(وَ) هُمْ:

(الْأَخْوَالُ وَالْخَالَاتُ وَالْأَعْمَامُ لِأُمٍّ، وَالْعَمَّاتُ وَبَنَاتُ الْأَعْمَامِ كُلِّهِمْ وَأَوْلَادُ هَؤُلَاءِ وَمَنْ يُدْلِي بِهِمْ، وَأَوْلَاهُمُ الصِّنْفُ الْأَوَّلُ) لِأَنَّ قَرَابَةَ الْوِلَادِ أَقْرَبُ مِنْ غَيْرِهِمْ كَمَا فِي الْأُصُولِ.

(ثُمَّ الصِّنْفُ الثَّانِي) وَقَالَا: الصِّنْفُ الثَّالِثُ أَوْلَى مِنَ الثَّانِي لِأَنَّهُمْ أَوْلَادُ عَصَبَةٍ أَوْ ذِي سَهْمٍ، وَالْأَصْلُ فِي ذَوِي الْأَرْحَامِ إِذَا اسْتَوَوْا فِي الدَّرَجَةِ أَنْ يُقَدَّمَ وَلَدٌ وَارِثٌ. وَلِأَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله أَنَّ الصِّنْفَ الثَّانِيَ لَهُ زِيَادَةُ اتِّصَالٍ بِاعْتِبَارِ الْجُزْئِيَّةِ لِأَنَّهُمْ أُصُولُهُ، وَزِيَادَةُ الْقُرْبِ أَوْلَى مِمَّا ذُكِرَ ; لِأَنَّ عِلَّةَ الِاسْتِحْقَاقِ الْقُرْبُ، وَالْعِلَّةُ تَتَرَجَّحُ بِالزِّيَادَةِ مِنْ جِنْسِهَا.

الصِّنْفُ الْأَوَّلُ: أَقْرَبُهُمْ إِلَى الْمَيِّتِ أَوْلَى كَبِنْتِ بِنْتٍ وَبِنْتِ بِنْتِ بِنْتٍ، الْمَالُ لِلْأُولَى لِأَنَّهَا أَقْرَبُ، وَإِنِ اسْتَوَوْا فِي الْقُرْبِ فَمَنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ وَارِثٌ أَوْلَى ; لِأَنَّ لَهُ زِيَادَةً فِي الْقُرْبِ بِاعْتِبَارِ أَصْلِهِ كَبِنْتِ بِنْتِ بِنْتٍ، وَبِنْتِ بِنْتِ ابْنٍ، الْمَالُ لِلثَّانِيَةِ لِأَنَّهَا وَلَدُ صَاحِبِ سَهْمٍ. بِنْتُ بِنْتِ أَخٍ وَبِنْتُ ابْنِ أَخٍ، الْمَالُ لِلثَّانِيَةِ لِأَنَّهَا وَلَدُ عَصَبَةٍ وَارِثٍ، فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا يُدْلِي بِوَارِثٍ لَا بِنَفْسِهِ بَلْ بِوَاسِطَةٍ فَهُمَا سَوَاءٌ.

مِثَالُهُ: بِنْتُ بِنْتِ بِنْتِ بِنْتٍ، وَبِنْتُ بِنْتِ بِنْتِ ابْنٍ، هُمَا سَوَاءٌ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يُدْلِي إِلَى الْمَيِّتِ بِوَاسِطَةٍ، وَالْعِلَّةُ هِيَ الْقُرْبُ فَلَا يَتَرَجَّحُ بِالْإِدْلَاءِ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمْ أَقَرَبَ وَالْآخَرُ أَبْعَدَ وَلَكِنَّهُ يُدْلِي بِوَارِثٍ فَالْأَقْرَبُ أَوْلَى ; لِأَنَّ الْعِلَّةَ هِيَ الْقَرَابَةُ فَتَتَرَجَّحُ بِزِيَادَةِ الْقُرْبِ كَالْعَصَبَاتِ إِذَا اسْتَوَوْا يُطْلَبُ التَّرْجِيحُ بِزِيَادَةِ الْقُرْبِ كَذَا هُنَا.

مِثَالُهُ: بِنْتُ بِنْتِ بِنْتٍ، وَبِنْتُ بِنْتِ بِنْتِ ابْنٍ، الْمَالُ لِلْأُولَى لِأَنَّهَا أَقْرَبُ، وَكَذَلِكَ خَالَةٌ وَبِنْتُ عَمٍّ، الْخَالَةُ أَوْلَى، وَإِنِ اسْتَوَوْا فِي الْقُرْبِ وَالْإِدْلَاءِ، فَإِنِ اتَّفَقَتِ الْآبَاءُ وَالْأُمَّهَاتُ فَالْمَالُ بَيْنَهُمَا عَلَى السَّوَاءِ إِنْ كَانُوا ذُكُورًا أَوْ إِنَاثًا، وَإِنْ كَانُوا مُخْتَلِطِينَ فَلِلذِّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ.

مِثَالُهُ: بِنْتُ بِنْتِ ابْنٍ، وَبِنْتُ بِنْتِ ابْنٍ، الْمَالُ بَيْنَهُمَا عَلَى السَّوَاءِ، وَكَذَلِكَ ابْنُ بِنْتِ بِنْتٍ، وَابْنُ بِنْتِ بِنْتٍ. بِنْتُ بِنْتِ بِنْتٍ وَابْنُ بِنْتِ بِنْتٍ، الْمَالُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا. وَإِنِ اخْتَلَفَتِ الْأُمَّهَاتُ وَالْآبَاءُ فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ الْعِبْرَةُ لِأَبْدَانِهِمْ لَا لِأُصُولِهِمْ. وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ وَهُوَ أَشْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ الْعِبْرَةُ لِأُصُولِهِمْ فَيُقْسَمُ الْمَالُ عَلَى أُصُولِهِمْ وَيُعْتَبَرُ الْأَصْلُ الْوَاحِدُ مُتَعَدِّدًا بِتَعَدُّدِ أَوْلَادِهِ، ثُمَّ يُعْطَى لِكُلِّ فَرْعٍ مِيرَاثُ أَصْلِهِ، وَيُجْعَلُ كُلُّ أُنْثَى تُدْلِي إِلَى الْمَيِّتِ بِذَكَرٍ ذَكَرًا، وَكُلُّ ذَكَرٍ يُدْلِي إِلَى الْمَيِّتِ بِأُنْثَى أُنْثَى، سَوَاءٌ كَانَ إِدْلَاؤُهُمَا بِأَبٍ وَاحِدٍ أَوْ بِأَكْثَرَ، أَوْ بِأُمٍّ وَاحِدَةٍ أَوْ بِأَكْثَرَ، ثُمَّ يَقْسِمُ سِهَامَ كُلِّ فَرِيقٍ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ إِنِ اتَّفَقَتْ

ص: 106

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

صِفَاتُهُمْ، وَإِنِ اخْتَلَفَتْ فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ. لِمُحَمَّدٍ أَنَّ الْفُرُوعَ إِنَّمَا تَسْتَحِقُّ الْمِيرَاثَ بِوَاسِطَةِ الْأُصُولِ فَيَجِبُ أَنْ تَكُونَ الْعِبْرَةُ لِلْأُصُولِ. وَلِأَبِي يُوسُفَ أَنَّ ذَوِي الْأَرْحَامِ إِنَّمَا يَرِثُونَ بِالْقَرَابَةِ كَالْعَصَبَاتِ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مُسْتَبِدٍّ بِنَفْسِهِ فِي أَصْلِ الِاسْتِحْقَاقِ، فَتُعْتَبَرُ الْأَبْدَانُ كَالْعَصَبَاتِ.

مِثَالُهُ: بِنْتُ بِنْتِ ابْنٍ، وَابْنُ بِنْتِ ابْنٍ، الْمَالُ بَيْنَهُمَا لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ بِالْإِجْمَاعِ. بِنْتُ بِنْتِ بِنْتٍ، وَبِنْتُ ابْنِ بِنْتٍ، الْمَالُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ بِاعْتِبَارِ الْأَبْدَانِ. وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ أَثْلَاثًا بِاعْتِبَارِ الْأُصُولِ كَأَنَّهُ مَاتَ عَنْ بِنْتِ بِنْتٍ وَابْنِ بِنْتٍ، ثُمَّ يُنْقَلُ نَصِيبُ الِابْنِ إِلَى ابْنَتِهِ وَنَصِيبُ الْبِنْتِ إِلَى بِنْتِهَا. بِنْتُ ابْنِ بِنْتٍ، وَابْنُ بِنْتِ بِنْتٍ، عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ الْمَالُ بَيْنَهُمَا لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لِلْبِنْتِ سَهْمَانِ وَلِلِابْنِ سَهْمٌ. بَنْتَا ابْنِ بِنْتٍ، وَابْنُ بِنْتِ بِنْتٍ، عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ ظَاهِرٌ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لِلِابْنِ خُمُسُ الْمَالِ، وَأَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِ لِلْبِنْتَيْنِ كَأَنَّهُ مَاتَ عَنِ ابْنَيْ بِنْتٍ وَبِنْتِ بِنْتٍ.

بِنْتُ بِنْتِ بِنْتٍ، وَابْنُ بِنْتِ بِنْتٍ، وَبِنْتُ ابْنِ بِنْتٍ، وَابْنُ ابْنِ بِنْتٍ، عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ ظَاهِرٌ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يُقْسَمُ عَلَى الْآبَاءِ عَلَى سِتَّةٍ لِلْأَوَّلَيْنِ سَهْمَانِ لِإِدْلَائِهِمَا إِلَى الْمَيِّتِ بِأُنْثَى فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، وَلِلْآخَرَيْنِ أَرْبَعَةٌ لِإِدْلَائِهِمَا إِلَى الْمَيِّتِ بِذَكَرٍ فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، فَصَارَ الْمَالُ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ أَثْلَاثًا فَقَدِ انْكَسَرَ بِالْأَثْلَاثِ، فَاضْرِبْ ثَلَاثَةً فِي ثَلَاثَةٍ يَكُنْ تِسْعَةً مِنْهَا تَصِحُّ. وَإِنْ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي بَطْنٍ أَوْ أَكْثَرَ فَأَبُو يُوسُفَ مَرَّ عَلَى أَصْلِهِ، وَمُحَمَّدٌ يَقْسِمُ الْمَالَ عَلَى أَوَّلِ خِلَافٍ يَقَعُ، فَمَا أَصَابَ الذُّكُورَ يُنْقَلُ إِلَى فُرُوعِهِمْ، وَمَا أَصَابَ الْإِنَاثَ يُنْقَلُ إِلَى فُرُوعِهِنَّ مَعَ اعْتِبَارِ الِاخْتِلَافِ فِي الْبَطْنِ الثَّانِي عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي اعْتُبِرَ فِي الْبَطْنِ الْأَوَّلِ حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى الْأَوْلَادِ الْأَحْيَاءِ، فَيُقْسَمُ عَلَى اعْتِبَارِ أَبْدَانِهِمْ. مِثَالُهُ:

ميت بنت بنت بنت بنت بنت بنت ابن بنت بنت ابن بنت بنت ابن بنت بنت بنت

فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ الْمَالُ بَيْنَهُمْ عَلَى خَمْسَةٍ: خُمُسَانِ لِلِابْنِ، وَلِكُلِّ بِنْتٍ خُمُسٌ. وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ عَلَى عَشَرَةٍ، لِلْأُولَى سَهْمٌ، وَلِلثَّانِيَةِ أَرْبَعَةٌ، وَلِلثَّالِثَةِ ثَلَاثَةٌ، وَلِلرَّابِعِ سَهْمَانِ ; لِأَنَّهُ يُعْتَبَرُ الْخِلَافُ فِي أَوَّلِ بَطْنٍ وَقَعَ وَفِيهِ ابْنُ بِنْتٍ وَثَلَاثُ بَنَاتِ بِنْتٍ فَيُقْسَمُ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ مَا أَصَابَ الِابْنَ وَهُوَ خُمُسَانِ يَصِيرَانِ إِلَى ابْنَتِهِ، وَمَا أَصَابَ الْبَنَاتِ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسٍ يَصِيرُ إِلَى أَوْلَادِهِنَّ، وَهُمُ ابْنٌ وَبِنْتَانِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، فَيَكُونُ لِلِابْنِ خُمُسٌ وَنِصْفٌ، وَلِلْبِنْتَيْنِ خُمُسٌ وَنِصْفٌ، ثُمَّ يُنْقَلُ نَصِيبُ الِابْنِ إِلَى بِنْتِهِ، وَنَصِيبُ الْبِنْتَيْنِ إِلَى وَلَدَيْهِمَا وَهُمَا ابْنٌ وَبِنْتٌ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، فَيَكُونُ لِلِابْنِ خُمُسٌ، وَلِلْبِنْتِ

ص: 107

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

نِصْفُ خُمُسٍ وَهُوَ عُشْرٌ فَيَصِحُّ مِنْ عَشَرَةٍ.

وَمَنْ لَهُ قَرَابَةٌ مِنْ جِهَتَيْنِ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ فَلَهُ سَهْمَانِ، وَمَنْ لَهُ قَرَابَةٌ وَاحِدَةٌ فَسَهْمٌ عِنْدَ مُحَمَّدٍ اعْتِبَارًا بِالْأُصُولِ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ هُمَا سَوَاءٌ لِأَنَّهُمْ يَرِثُونَ بِالتَّعْصِيبِ وَذَلِكَ لَا يَخْتَلِفُ كَالْعَصَبَاتِ حَقِيقَةً.

مِثَالُهُ: بِنْتُ بِنْتِ بِنْتٍ، وَبِنْتُ بِنْتِ بِنْتٍ هِيَ بِنْتُ ابْنِ بِنْتٍ أُخْرَى، فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ الْمَالُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لِذِي الْقَرَابَةِ سَهْمٌ، وَلِذِي الْقَرَابَتَيْنِ ثَلَاثَةٌ لِمَا مَرَّ. وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الْبِنْتِ مِنْ جِهَتَيْنِ ابْنٌ، فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لِذَاتِ قَرَابَةٍ سَهْمٌ، وَلِذِي قِرَابَتَيْنِ ثَلَاثَةُ سُهْمَانٍ مِنْ قِبَلِ أَصْلِهِ الذَّكَرِ وَيُسَلَّمُ لَهُ لِتَفَرُّدِهِ بِذَلِكَ الْأَصْلِ، وَسَهْمٌ مِنْ قِبَلِ أَصْلِ الْأُنْثَى فَيَضُمُّهُ إِلَى مَا فِي يَدِ ذَاتِ قَرَابَةٍ فَيُقَسِّمَانِ السَّهْمَيْنِ لِلذَّكْرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ لِاتِّحَادِ أَصْلِهِمَا فِي هَذَيْنِ السَّهْمَيْنِ وَاخْتِلَافِ أَبْدَانِهِمَا عَلَى ثَلَاثَةٍ، فَاضْرِبْ ثَلَاثَةً فِي أَرْبَعَةٍ تَكُنِ اثْنَيْ عَشَرَ مِنْهَا تَصِحُّ.

الصِّنْفُ الثَّانِي: وَأَوْلَاهُمْ أَقْرَبُهُمْ إِلَى الْمَيِّتِ كَأَبِ أُمٍّ، وَأَبِ أُمِّ أُمٍّ، وَأَبِ أُمِّ أَبٍ، الْمَالُ كُلُّهُ لِأَبِ الْأُمِّ، فَإِنِ اسْتَوَوْا فِي الْقُرْبِ فَالْإِدْلَاءُ بِوَارِثٍ لَيْسَ بِأَوْلَى فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ ; لِأَنَّ السَّبَبَ لِلِاسْتِحْقَاقِ الْقَرَابَةُ دُونَ الْإِدْلَاءِ بِوَارِثٍ. مِثَالُهُ: أَبُ أُمِّ أُمٍّ، وَأَبُ أَبِ أُمٍّ هُمَا سَوَاءٌ، إِنْ كَانُوا ذُكُورًا أَوْ إِنَاثًا، وَإِنِ اخْتَلَطُوا فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، وَإِنْ كَانُوا مِنْ جِهَتَيْنِ فَلِقَوْمِ الْأُمِّ الثُّلُثُ، وَلِقَوْمِ الْأَبِ الثُّلُثَانِ.

مِثَالُهُ: أَبُ أُمٍّ وَأَبُ أَبِ أُمٍّ، لِلْأَوَّلِ الثُّلُثَانِ، وَلِلثَّانِي الثُّلُثُ. وَإِذَا كَانَ لِأَبِ الْمَيِّتِ جَدَّانِ مِنْ جِهَتَيْنِ وَكَذَلِكَ لِأُمِّهِ، فَلِقَوْمِ الْأَبِ الثُّلُثَانِ، وَلِقَوْمِ الْأُمِّ الثُّلُثُ، ثُمَّ مَا أَصَابَ قَوْمُ الْأَبِ ثُلُثَاهُ لِقَرَابَتِهِ مِنْ جِهَةِ أَبِيهِ، وَثُلُثُهُ لِقَرَابَتِهِ مِنْ جِهَةِ أُمِّهِ، وَكَذَلِكَ مَا أَصَابَ قَوْمُ الْأُمِّ. وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ مَا أَصَابَ قَوْمُ الْأَبِ كُلُّهُ لِقَرَابَتِهِ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ، وَمَا أَصَابَ قَوْمُ الْأُمِّ فَلِقَرَابَتِهَا مِنْ قِبَلِ أَبِيهَا أَيْضًا.

مِثَالُهُ: أَبُ أُمِّ أَبِ أَبٍ، وَأَبُ أَبِ أُمِّ أَبٍ، وَأَبُ أُمِّ أَبِ أُمٍّ، وَأَبُ أَبِ أُمِّ أُمٍّ، فَلِلْأَوَّلَيْنِ الثُّلُثَانِ، وَلِلْآخِرَيْنِ الثُّلُثُ لِمَا بَيَّنَّاهُ.

الصِّنْفُ الثَّالِثُ، وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ:

الْأَوَّلُ بَنَاتُ الْإِخْوَةِ وَأَوْلَادُ الْأَخَوَاتِ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَأَوْلَادُهُمْ.

وَالثَّانِي بَنَاتُ الْإِخْوَةِ وَأَوْلَادُ الْأَخَوَاتِ لِأَبٍ وَأَوْلَادُهُمْ.

وَالثَّالِثُ أَوْلَادُ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ لِأُمِّ وَأَوْلَادُهُمْ. فَإِنْ كَانُوا مِنَ النَّوْعِ الْأَوَّلِ أَوِ الثَّانِي فَهُمْ كَالصِّنْفِ الْأَوَّلِ فِي تَسَاوِي الدَّرَجَةِ وَالْقُرْبِ وَالْإِدْلَاءِ بِوَارِثٍ وَالْقِسْمَةِ. وَإِنِ اخْتَلَفَا فِي ذَلِكَ، فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ تُعْتَبَرُ الْأَبْدَانُ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ تُعْتَبَرُ الْأَبْدَانُ وَوَصْفُ الْأُصُولِ. وَإِنْ كَانُوا مِنَ النَّوْعِ الثَّالِثِ فَالْمَالُ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ ذَكَرُهُمْ وَأُنْثَاهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ اعْتِبَارًا بِأُصُولِهِمْ، وَلَا خِلَافَ فِيهِ إِلَّا مَا رُوِيَ

ص: 108

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

شَاذًّا عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يُقْسَمُ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ. وَإِنْ كَانُوا مِنَ الْأَنْوَاعِ وَتَسَاوَوْا فِي الدَّرَجَةِ فَالْمُدْلِي بِوَارِثٍ أَوْلَى، ثُمَّ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ لِأَبٍ وَأُمٍّ أَوْلَى ثُمَّ لِأَبٍ ثُمَّ لِأُمٍّ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يُقْسَمُ الْمَالُ عَلَى أُصُولِهِمْ وَيُنْقَلُ نَصِيبُ كُلِّ أَصْلٍ إِلَى فُرُوعِهِ.

مِثَالُهُ: ثَلَاثُ بَنَاتِ أَخَوَاتٍ مُتَفَرِّقَاتٍ، عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ الْمَالُ كُلُّهُ لِبِنْتِ الْأُخْتِ لِأَبَوَيْنِ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَهَا ثَلَاثَةُ أَخْمَاسٍ، وَلِبِنْتِ الْأُخْتِ مِنَ الْأَبِ خُمُسٌ، وَلِبِنْتِ الْأُخْتِ لِأُمٍّ خُمُسٌ بِاعْتِبَارِ الْأُصُولِ فَرْضًا وَرَدًّا. ثَلَاثُ بَنَاتِ إِخْوَةٍ مُتَفَرِّقِينَ، عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ كُلُّ الْمَالِ لِبِنْتِ الْأَخِ مِنَ الْأَبَوَيْنِ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لِبِنْتِ الْأَخِ مِنَ الْأُمِّ السُّدُسُ، وَالْبَاقِي لِبِنْتِ الْأَخِ مِنَ الْأَبَوَيْنِ. بِنْتُ أُخْتٍ لِأَبٍ وَبِنْتُ أُخْتٍ لِأُمٍّ، الْمَالُ لِلْأُولَى عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لِأَنَّهَا أَقْوَى، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَهَا ثَلَاثَةُ أَرْبَاعٍ، وَلِلْأُخْرَى الرُّبُعُ فَرْضًا وَرَدًّا اعْتِبَارًا بِالْأُصُولِ. ابْنَا أُخْتٍ لِأَبَوَيْنِ وَبِنْتُ أُخْتٍ لِأُمٍّ، عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ الْمَالُ لِلِابْنَيْنِ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ ابْنَا أُخْتٍ كَأُخْتَيْنِ، فَيُقْسَمُ الْمَالُ بَيْنَهُمْ عَلَى خَمْسَةٍ، وَأَوْلَادُ هَؤُلَاءِ كَأُصُولِهِمُ الْمُدْلِي بِوَارِثٍ أَوْلَى إِذَا اسْتَوَوْا.

مِثَالُهُ: ابْنُ ابْنِ أَخٍ لِأُمٍّ، وَابْنُ بِنْتِ أَخٍ لِأَبَوَيْنِ، وَبِنْتُ ابْنِ أَخٍ لِأَبٍ، الْمَالُ لِلْبِنْتِ لِأَنَّهَا تُدْلِي بِوَارِثٍ.

الصِّنْفُ الرَّابِعُ: أَقْرَبُهُمْ إِلَى الْمَيِّتِ أَوْلَاهُمْ، فَعَمَّةُ الْأَبِ أَوْلَى مِنْ عَمَّةِ الْجَدِّ، وَإِنِ اسْتَوَوْا فَمَنْ كَانَ لِأَبٍ وَأُمٍّ أَوْلَى، ثُمَّ مَنْ كَانَ لِأَبٍ، ثُمَّ مَنْ كَانَ لِأُمٍّ، فَالْعَمَّةُ لِأَبَوَيْنِ أَوْلَى مِنَ الْعَمَّةِ لِأَبٍ وَمِنَ الْعَمَّةِ لِأُمٍّ، وَالْعَمَّةُ لِأَبٍ أَوْلَى مِنَ الْعَمِّ وَالْعَمَّةِ لِأُمٍّ، وَالْخَالَاتُ وَالْأَخْوَالُ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ. وَإِنْ تَسَاوَوْا فِي الْقَرَابَةِ وَهُمْ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ فَالْمَالُ بَيْنَهُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ. وَإِنِ اجْتَمَعَ الْجِنْسَانِ الْعُمُومَةُ وَالْخُئُولَةُ، فَالثُّلُثَانِ لِجَانِبِ الْعُمُومَةِ وَالثُّلُثُ لِجَانِبِ الْخُئُولَةِ كَيْفَ كَانُوا فِي الْعَدَدِ وَالذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ.

مِثَالُهُ: عَمَّةٌ وَعَشَرَةُ أَخْوَالٍ، لِلْعَمَّةِ الثُّلُثَانِ، وَلِلْأَخْوَالِ الثُّلُثُ. عَمَّةٌ وَخَالٌ أَوْ خَالَةٌ، لِلْعَمَّةِ الثُّلُثَانِ وَالْخَالَةُ الثُّلُثُ، وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَكُونَ لِلْخَالِ وَالْخَالَةِ شَيْءٌ ; لِأَنَّ قَرَابَةَ الْأَبِ أَقْوَى كَمَا لَا شَيْءَ لِلْعَمَّةِ لِأُمٍّ مَعَ الْعَمَّةِ لِأَبٍ، إِلَّا أَنَّا تَرَكْنَا الْقِيَاسَ بِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ، فَإِنَّهُمْ قَالُوا: لِلْعَمَّةِ الثُّلُثَانِ وَلِلْخَالَةِ الثُّلُثُ، وَلِأَنَّ الْعَمَّةَ لَمَّا كَانَتْ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ فَهِيَ كَالْأَبِ وَالْخَالَةَ كَالْأُمِّ. فَصَارَ كَأَنَّهُ تَرَكَ أَبًا وَأُمًّا فَيُقْسَمُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا كَذَا هَذَا، بِخِلَافِ مَا ذُكِرَ لِأَنَّ الْعَمَّاتِ كُلُّهُنَّ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ، وَالْعَمَّةُ لِأَبٍ أَقْوَى مِنَ الْعَمَّةِ لِأُمٍّ فَلَا تَرِثُ مَعَهَا كَالْأَعْمَامِ، وَذُو قَرَابَتَيْنِ مِنْ أَحَدِ الْجِنْسَيْنِ لَا يَحْجُبُ ذَا الْقَرَابَةِ الْوَاحِدَةِ مِنَ الْجِنْسِ الْآخَرِ ; لِأَنَّ الصَّحَابَةَ رضي الله عنهم جَعَلُوا الْمِيرَاثَ بَيْنَ الْخَالَةِ وَالْعَمَّةِ أَثْلَاثًا مُطْلَقًا فَيَجْرِي الْإِجْمَاعُ عَلَى الْإِطْلَاقِ.

ص: 109

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

مِثَالُهُ: عَمَّةٌ لِأَبَوَيْنِ وَخَالَةٌ لِأَبٍ، الثُّلُثَانِ لِلْعَمَّةِ، وَالثُّلُثُ لِلْخَالَةِ. وَرَوَى ابْنُ سَمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ الْمَالُ كُلُّهُ لِلْعَمَّةِ. خَالَةٌ لِأَبَوَيْنِ وَعَمَّةٌ لِأَبٍ كَذَلِكَ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ الْمَالُ كُلُّهُ لِلْخَالَةِ، وَإِذَا اجْتَمَعَ الْجِنْسَانِ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ وَالْجِنْسَانِ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ فَالثُّلُثَانِ لِقَرَابَتَيِ الْأَبِ، وَالثُّلُثُ لِقَرَابَتَيِ الْأُمِّ، ثُمَّ مَا أَصَابَ قَرَابَةَ الْأَبِ ثُلُثَاهُ لِقَرَابَةِ أَبِيهِ، وَثُلُثُهُ لِقَرَابَةِ أُمِّهِ، وَمَا أَصَابَ قَرَابَةَ الْأُمِّ كَذَلِكَ.

مِثَالُهُ: عَمَّةُ الْأَبِ وَخَالَتُهُ وَعَمَّةُ الْأُمِّ وَخَالَتُهَا، الثُّلُثَانِ لِلْعَمَّتَيْنِ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا، وَالثُّلُثُ لِلْخَالَتَيْنِ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا وَقَدِ انْكَسَرَ بِالْأَثْلَاثِ فَاضْرِبْ ثَلَاثَةً فِي ثَلَاثَةٍ تَكُنْ تِسْعَةً مِنْهَا تَصِحُّ. وَأَوْلَادُ هَذِهِ الْأَصْنَافِ حُكْمُهُمْ حُكْمُ آبَائِهِمْ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا عِنْدَ عَدَمِ آبَائِهِمْ، وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ. .

1 -

فَصْلٌ:

فِي الْوَلَاءِ وَهُوَ نَوْعَانِ: وَلَاءُ عَتَاقَةٍ وَوَلَاءُ مُوَالَاةٍ، وَقَدْ ذَكَرْنَا صُورَتَهُمَا وَأَحْكَامَهُمَا فِي كِتَابِ الْوَلَاءِ، وَنَذْكُرُ فِي هَذَا الْفَصْلِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْإِرْثِ، فَنَبْدَأُ بِوَلَاءِ الْعَتَاقَةِ فَنَقُولُ:

إِذَا مَاتَ الْمُعْتَقُ وَلَا عَصَبَةَ لَهُ مِنْ جِهَةِ النَّسَبِ فَالْمَوْلَى الْمُعْتِقُ عَصَبَتُهُ، لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام:«الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» ، وَقَالَ عليه الصلاة والسلام:«الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ» ، «وَمَاتَ مُعْتَقٌ لِابْنَةِ حَمْزَةَ رضي الله عنهما عَنْهَا وَعَنْ بِنْتٍ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَالَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ» . «وَأَعْتَقَ رَجُلٌ عَبْدًا لَهُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ عليه الصلاة والسلام فَقَالَ عليه الصلاة والسلام: " إِنْ شَكَرَكَ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَشَرٌّ لَكَ، وَإِنْ كَفَرَكَ فَهُوَ شَرٌّ لَهُ وَخَيْرٌ لَكَ، وَإِنْ مَاتَ وَلَمْ يَدَعْ وَارِثًا كُنْتَ أَنْتَ عَصَبَتَهُ» . وَلَا يَرِثُ الْأَسْفَلُ مِنَ الْأَعْلَى؛ لِأَنَّهُ لَا قَرَابَةَ بَيْنَهُمَا وَإِنَّمَا أَلْحَقَ الْوَلَاءَ بِالنَّسَبِ فِي حَقِّ الْأَعْلَى حَيْثُ أَنْعَمَ عَلَى عَبْدِهِ بِالْإِعْتَاقِ وَتَسَبَّبَ إِلَى حَيَاتِهِ مَعْنًى، فَجُوزِيَ بِاسْتِحْقَاقِ الْإِرْثِ صِلَةً لَهُ وَكَرَامَةً، وَهَذَا الْمَعْنَى مَعْدُومٌ مِنَ الْعَبْدِ فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ، فَلَوْ مَاتَ الْمُعْتَقُ عَنْ صَاحِبِ فَرْضٍ وَالْمُعَتِقِ، أَخَذَ صَاحِبُ الْفَرْضِ فَرْضَهُ وَالْبَاقِي لِلْمُعْتِقِ لِأَنَّهُ عَصَبَتُهُ لِمَا رُوِّينَا، وَالْوَلَاءُ يُوَرَّثُ بِهِ وَلَا يُوَرَّثُ، قَالَ عليه الصلاة والسلام:«الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ وَلًا يُوَرَّثُ» ، وَيُسْتَحَقُّ بِالْعُصُوبَةِ، وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام:«كُنْتَ أَنْتَ عَصَبَةً» ، وَلَيْسَ لِلنِّسَاءِ مِنَ الْوَلَاءِ شَيْءٌ

ص: 110

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

بِالْإِرْثِ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام: «لَيْسَ لِلنِّسَاءِ مِنَ الْوَلَاءِ إِلَّا مَا أَعْتَقْنَ أَوْ أَعْتَقَ مَنْ أَعْتَقْنَ أَوْ كَاتَبْنَ أَوْ كَاتَبَ مَنْ كَاتَبْنَ» ، وَهُوَ لِأَقْرَبِ عَصَبَةِ الْمُعْتَقِ، فَلَوْ مَاتَ عَنِ ابْنِ الْمُعْتِقِ وَأَبِيهِ فَالْوَلَاءُ كُلُّهُ لِلِابْنِ.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: لِلْأَبِ السُّدُسُ وَالْبَاقِي لِلِابْنِ ; لِأَنَّ الْأَبَ يَكُونُ عَصَبَةً حَتَّى يُحْرِزَ جَمِيعَ الْمَالِ لَوِ انْفَرَدَ. وَلَهُمَا أَنَّهُ صَاحِبُ فَرْضٍ مَعَ الِابْنِ فَصَارَ كَالزَّوْجِ فَلَا يُزَاحِمُ الِابْنَ الْعَصَبَةَ، وَلَوْ مَاتَ عَنْ جَدِّ مَوْلَاهُ وَأَخِيهِ فَالْكُلُّ لِلْجَدِّ.

وَقَالَا: بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَقَدْ عُرِفَ.

وَعَنْ عِدَّةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم أَنَّهُمْ قَالُوا: الْوَلَاءُ لِلْكُبْرِ أَيْ لِلْأَقْرَبِ إِلَى الْمَيِّتِ نَسَبًا، وَهَذَا لَا يُعْرَفُ إِلَّا سَمَاعًا فَصَارَ كَالْمَرْوِيِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

وَصُورَتُهُ: إِذَا مَاتَ الْمُعْتِقُ عَنِ ابْنَيْنِ، ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمَا عَنِ ابْنٍ، ثُمَّ مَاتَ الْمُعْتَقُ فَوَلَاؤُهُ لِابْنِ مَوْلَاهُ دُونَ ابْنِ ابْنِهِ لِمَا رُوِّينَا وَلِأَنَّهُ أَقْرَبُ نَسَبًا وَعُصُوبَةً، وَلَوْ مَاتَ الِابْنَانِ وَتَرَكَ أَحَدُهُمَا ابْنًا وَالْآخَرُ ابْنَيْنِ فَالْوَلَاءُ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ لِاسْتِوَائِهِمْ فِي الْعُصُوبَةِ وَالْقُرْبِ، وَلِأَنَّ الْجَدَّ لَوْ مَاتَ قُسِّمَتْ تَرِكَتُهُ عَلَى حَفَدَتِهِ كَذَلِكَ، فَكَذَلِكَ مَا وَرِثُوهُ بِسَبَبِهِ.

وَأَمَّا مَوْلَى الْمُوَالَاةِ فَإِنَّ الْأَعْلَى يَرِثُ الْأَسْفَلَ وَيَعْقِلُ عَنْهُ إِذَا جَنَى مُقَابَلَةً لِلْغُنْمِ بِالْغُرْمِ، وَهُوَ مُؤَخَّرٌ عَنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ؛ لِأَنَّ ذَوِي الْأَرْحَامِ يَرِثُونَ بِالْقَرَابَةِ وَهِيَ أَقْوَى وَآكَدُ مِنَ الْوَلَاءِ لِأَنَّهَا لَا تَقْبَلُ النَّقْضَ وَالْوَلَاءُ يَقْبَلُهُ، بِخِلَافِ الزَّوْجَيْنِ حَيْثُ يَرِثُ مَعَهُمَا لِأَنَّهُمَا بَعْدَ الْمَوْتِ كَالْأَجَانِبِ، وَلِهَذَا لَا يُرَدُّ عَلَيْهِمَا، فَإِذَا أَخَذَا حَقَّهُمَا صَارَ الْبَاقِي خَالِيًا عَنِ الْوَارِثِ فَيَكُونُ لِمَوْلَى الْمُوَالَاةِ. وَلَوِ اتَّفَقَا فِي عَقْدِ الْمُوَالَاةِ عَلَى أَنْ يَرِثَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْآخَرِ صَحَّ، وَوَرِثَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْآخَرَ إِذَا لَمْ يَكُنْ عَصَبَةً وَلَا ذُو سَهْمٍ وَلَا ذُو رَحِمٍ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ وَلَاءِ الْعَتَاقَةِ وَوَلَاءِ الْمُوَالَاةِ أَنَّ السَّبَبَ فِي وَلَاءِ الْعَتَاقَةِ الْعِتْقُ الَّذِي هُوَ إِحْيَاءُ مَعْنَى عَلَى مَا بَيَّنَّا، وَأَنَّهُ مِنَ الْأَعْلَى خَاصَّةً، وَالسَّبَبُ فِي وَلَاءِ الْمُوَالَاةِ الْعَقْدُ وَالشَّرْطُ، فَيَثْبُتُ عَلَى الْوَصْفِ الَّذِي عَقَدَا وَشَرَطَا. وَالْأَصْلُ فِي الْإِرْثِ بِوَلَاءِ الْمُوَالَاةِ قَوْله تَعَالَى:{وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ} [النساء: 33] وَكَانَ فِي ابْتِدَاءِ الْإِسْلَامِ يَتَوَارَثُونَ بِالْعَقْدِ وَالْحِلْفِ دُونَ النَّسَبِ وَالرَّحِمِ حَتَّى نَزَلَ قَوْلُهُ - تَعَالَى - {وَأُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ} [الأنفال: 75] فَنُسِخَ تَقْدِيمُهُ وَصَارَ مُؤَخَّرًا عَنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَجَمَاعَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ - عَلَى أَنَّا نَقُولُ بِمُوجَبِ الْآيَةِ فَلَا نُوَرِّثُهُ مَعَ وُجُودِ

ص: 111