الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْبُصَاقِ فِي الْمَسْجِدِ فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا)
وَالنَّهْيِ عَنْ بُصَاقِ الْمُصَلِّي بَيْنَ يَدَيْهِ وَعَنْ يَمِينِهِ
[547]
يُقَالُ بُصَاقٌ وَبُزَاقٌ لُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ وَلُغَةٌ قَلِيلَةٌ بُسَاقٌ بِالسِّينِ وَعَدَّهَا جَمَاعَةٌ غَلَطًا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم فَلَا يَبْصُقُ قِبَلَ وَجْهِهِ فَإِنَّ اللَّهَ قِبَلَ وَجْهِهِ أَيِ الْجِهَةِ الَّتِي عَظَّمَهَا وَقِيلَ فَإِنَّ قِبْلَةَ اللَّهِ وَقِيلَ ثَوَابُهُ وَنَحْوُ هَذَا فَلَا يُقَابِلُ هَذِهِ الْجِهَةَ بِالْبُصَاقِ الَّذِي هُوَ الِاسْتِخْفَافُ بِمَنْ يَبْزُقُ إِلَيْهِ وَإِهَانَتُهُ وَتَحْقِيرُهُ قَوْلُهُ رَأَى بُصَاقًا وفي رواية نخامة وَفِي رِوَايَةٍ مُخَاطًا قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ الْمُخَاطُ مِنَ الْأَنْفِ وَالْبُصَاقُ وَالْبُزَاقُ مِنَ الْفَمِ وَالنُّخَامَةُ وهي
النُّخَاعَةُ مِنَ الرَّأْسِ أَيْضًا وَمِنَ الصَّدْرِ وَيُقَالُ تَنَخَّمَ وَتَنَخَّعَ
[548]
قَوْلُهُ إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى أَنْ يَبْزُقَ الرَّجُلُ عَنْ يَمِينِهِ وَأَمَامَهُ وَلَكِنْ يَبْزُقُ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ الْيُسْرَى وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ يُنَاجِي رَبَّهُ فَلَا يَبْزُقَنَّ بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَا عَنْ يَمِينِهِ وَلَكِنْ عَنْ شِمَالِهِ تَحْتَ قَدَمِهِ فِيهِ نَهْيُ الْمُصَلِّي عَنِ الْبُصَاقِ بَيْنَ يَدَيْهِ وَعَنْ يَمِينِهِ وَهَذَا عَامٌّ فِي الْمَسْجِدِ وَغَيْرِهِ وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم وَلْيَبْزُقْ تَحْتَ قَدَمِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ هَذَا فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ أَمَّا الْمُصَلِّي فِي الْمَسْجِدِ فَلَا يَبْزُقْ إِلَّا فِي ثَوْبِهِ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم الْبُزَاقُ فِي الْمَسْجِدِ خَطِيئَةٌ فَكَيْفَ يَأْذَنُ فِيهِ صلى الله عليه وسلم وَإِنَّمَا نَهَى عَنِ الْبُصَاقِ عَنِ الْيَمِينِ تَشْرِيفًا لَهَا وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ فَلَا يَبْصُقْ أَمَامَهُ وَلَا عَنْ يَمِينِهِ فَإِنَّ عَنْ يَمِينِهِ مَلَكًا قَالَ الْقَاضِي وَالنَّهْيُ عَنِ الْبُزَاقِ عن يمينه هو مع امكان غير اليمين فَإِنْ تَعَذَّرَ غَيْرُ الْيَمِينِ بِأَنْ يَكُونَ عَنْ يَسَارِهِ مُصَلٍّ فَلَهُ الْبُصَاقُ عَنْ يَمِينِهِ لَكِنِ الْأَوْلَى تَنْزِيهُ الْيَمِينِ عَنْ ذَلِكِ مَا أَمْكَنَ قَوْلُهُ رَأَى نُخَامَةً فِي قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ فَحَكَّهَا فِيهِ إِزَالَةُ الْبُزَاقِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْأَقْذَارِ وَنَحْوِهَا مِنَ الْمَسْجِدِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
[550]
فَلْيَتَنَخَّعْ عَنْ يَسَارِهِ وَتَحْتَ قَدَمِهِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيَقُلْ هَكَذَا وَوَصَفَ الْقَاسِمُ فَتَفَلَ فِي ثَوْبِهِ ثُمَّ مَسَحَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ هَذَا فِيهِ جَوَازُ الْفِعْلِ فِي الصَّلَاةِ وَفِيهِ أَنَّ الْبُزَاقَ وَالْمُخَاطَ وَالنُّخَاعَةَ طَاهِرَاتٌ وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا مَا حَكَاهُ الْخَطَّابِيُّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ أَنَّهُ قَالَ الْبُزَاقُ نَجَسٌ وَلَا أَظُنُّهُ يَصِحُّ عَنْهُ وَفِيهِ أَنَّ الْبُصَاقَ لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ وَكَذَا التَّنَخُّعُ إِنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ مِنْهُ حَرْفَانِ أَوْ كَانَ مَغْلُوبًا عَلَيْهِ
[551]
قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم فَإِنَّهُ يُنَاجِي رَبَّهُ إِشَارَةٌ إِلَى إِخْلَاصِ
الْقَلْبِ وَحُضُورِهِ وَتَفْرِيغِهِ لِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَتَمْجِيدِهِ وَتِلَاوَةِ كِتَابِهِ وَتَدَبُّرِهِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم التَّفْلُ فِي الْمَسْجِدِ خَطِيئَةٌ هُوَ بِفَتْحِ التَّاءِ الْمُثَنَّاةِ فَوْقُ وَإِسْكَانِ الْفَاءِ وَهُوَ الْبُصَاقُ كَمَا فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ الْبُزَاقُ فِي الْمَسْجِدِ خَطِيئَةٌ وَاعْلَمْ أَنَّ الْبُزَاقَ فِي الْمَسْجِدِ خَطِيئَةٌ مُطْلَقًا سَوَاءٌ احْتَاجَ إِلَى الْبُزَاقِ أَوْ لَمْ يَحْتَجْ بَلْ يَبْزُقُ فِي ثَوْبِهِ فَإِنْ بَزَقَ فِي الْمَسْجِدِ فَقَدِ ارْتَكَبَ الْخَطِيئَةَ وَعَلَيْهِ أَنْ يُكَفِّرَ هَذِهِ الْخَطِيئَةَ بِدَفْنِ الْبُزَاقِ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ أَنَّ الْبُزَاقَ خَطِيئَةٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ الْعُلَمَاءُ وَالْقَاضِي عِيَاضٌ فِيهِ كَلَامٌ بَاطِلٌ حَاصِلُهُ أَنَّ الْبُزَاقَ لَيْسَ بِخَطِيئَةٍ إِلَّا فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يَدْفِنْهُ وَأَمَّا مَنْ أَرَادَ دَفْنَهُ فَلَيْسَ بِخَطِيئَةٍ وَاسْتَدَلَّ لَهُ بِأَشْيَاءَ بَاطِلَةٍ فَقَوْلُهُ هَذَا غَلَطٌ صَرِيحٌ مُخَالِفٌ لِنَصِّ الْحَدِيثِ وَلِمَا قَالَهُ الْعُلَمَاءُ نَبَّهْتُ عَلَيْهِ لِئَلَّا يُغْتَرَّ بِهِ وَأَمَّا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم وَكَفَّارَتُهَا دَفْنُهَا فَمَعْنَاهُ إِنْ ارْتَكَبَ هَذِهِ الْخَطِيئَةَ فِعْلَيْهِ تكفيرها كما أن الزنى وَالْخَمْرَ وَقَتْلَ الصَّيْدِ فِي الْإِحْرَامِ مُحَرَّمَاتٌ وَخَطَايَا وَإِذَا ارْتَكَبَهَا فِعْلَيْهِ عُقُوبَتُهَا وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمُرَادِ بِدَفْنِهَا فَالْجُمْهُورُ قَالُوا الْمُرَادُ دَفْنُهَا فِي تُرَابِ الْمَسْجِدِ وَرَمْلِهِ وَحَصَاتِهِ إِنْ كَانَ فِيهِ تُرَابٌ أَوْ رَمْلٌ أَوْ حَصَاةٌ وَنَحْوُهَا وَإِلَّا فَيُخْرِجُهَا وَحَكَى الرُّويَانِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا قَوْلًا أَنَّ الْمُرَادَ إِخْرَاجُهَا مُطْلَقًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى سَأَلْتُ قَتَادَةَ فَقَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ فِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ قَتَادَةَ سَمِعَهُ مِنْ أَنَسٍ لِأَنَّ قَتَادَةَ مُدَلِّسٌ فَإِذَا قَالَ عَنْ لَمْ يَتَحَقَّقِ اتِّصَالُهُ فَإِذَا جَاءَ في