الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَلَمَّا انْصَرَفْنَا أَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سَلِمَةَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نُرِيدُ أَنْ نَنْحَرَ جَزُورًا لَنَا وَنَحْنُ نُحِبُّ أَنْ تَحْضُرَهَا قَالَ نَعَمْ فَانْطَلَقَ وَانْطَلَقْنَا مَعَهُ فَوَجَدْنَا الْجَزُورَ لَمْ تُنْحَرْ فَنُحِرَتْ ثُمَّ قُطِعَتْ ثُمَّ طُبِخَ مِنْهَا ثُمَّ أَكَلْنَا مِنْهَا قَبْلَ أَنْ تَغِيبَ الشَّمْسُ هَذَا تَصْرِيحٌ بِالْمُبَالَغَةِ فِي التَّبْكِيرِ بِالْعَصْرِ وَفِيهِ إِجَابَةُ الدَّعْوَةِ وَأَنَّ الدَّعْوَةَ لِلطَّعَامِ مُسْتَحَبَّةٌ فِي كُلِّ وَقْتٍ سَوَاءٌ أَوَّلُ النَّهَارِ وَآخِرُهُ وَالْجَزُورُ بِفَتْحِ الْجِيمِ لَا يَكُونُ إِلَّا مِنَ الْإِبِلِ وَبَنُو سَلِمَةَ بِكَسْرِ اللَّامِ قَوْلُهُ عَنْ أَبِي النَّجَاشِيِّ هُوَ بِفَتْحِ النُّونِ وَاسْمُهُ عَطَاءُ بْنُ صُهَيْبٍ مَوْلَى رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ رضي الله عنه
(باب التَّغْلِيظِ فِي تَفْوِيتِ صَلَاةِ الْعَصْرِ)
[626]
قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم الَّذِي تَفُوتُهُ صَلَاةُ الْعَصْرِ كَأَنَّمَا وُتِرَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ رُوِيَ بِنَصْبِ اللَّامَيْنِ
وَرَفْعِهِمَا وَالنَّصْبُ هُوَ الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ ثَانٍ وَمَنْ رَفَعَ فَعَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ وَمَعْنَاهُ انْتُزِعَ مِنْهُ أَهْلُهُ وَمَالُهُ وَهَذَا تَفْسِيرُ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ وَأَمَّا عَلَى رِوَايَةِ النَّصْبِ فَقَالَ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْرُهُ مَعْنَاهُ نُقِصَ هُوَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ وَسُلِبَهُ فَبَقِيَ بِلَا أَهْلٍ وَلَا مَالٍ فَلْيَحْذَرْ مِنْ تَفْوِيتِهَا كَحَذَرِهِ مِنْ ذَهَابِ أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَقَالَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ مَعْنَاهُ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ وَالْفِقْهِ أَنَّهُ كَالَّذِي يُصَابُ بِأَهْلِهِ وَمَالِهِ إِصَابَةً يَطْلُبُ بِهَا وَتْرًا وَالْوَتْرُ الْجِنَايَةُ الَّتِي يَطْلُبُ ثَأْرَهَا فَيَجْتَمِعُ عَلَيْهِ غَمَّانِ غَمُّ الْمُصِيبَةِ وَغَمُّ مُقَاسَاةِ طَلَبِ الثَّأْرِ وَقَالَ الدَّاوُدِيُّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ مَعْنَاهُ يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ مِنَ الِاسْتِرْجَاعِ مَا يَتَوَجَّهُ عَلَى مَنْ فَقَدَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ فَيَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ النَّدَمُ وَالْأَسَفُ لِتَفْوِيتِهِ الصَّلَاةَ وَقِيلَ مَعْنَاهُ فَاتَهُ مِنَ الثَّوَابِ مَا يَلْحَقهُ مِنَ الْأَسَفِ عَلَيْهِ كَمَا يَلْحَقُ مَنْ ذَهَبَ أَهْلُهُ وَمَالُهُ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُرَادِ بِفَوَاتِ الْعَصْرِ فِي هَذَا الحديث فقال بن وَهْبٍ وَغَيْرُهُ هُوَ فِيمَنْ لَمْ يُصَلِّهَا فِي وَقْتِهَا الْمُخْتَارِ وَقَالَ سَحْنُونُ وَالْأَصِيلِيُّ هُوَ أَنْ تَفُوتَهُ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ وَقِيلَ هُوَ تَفْوِيتُهَا إِلَى أَنْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ وَقَدْ وَرَدَ مُفَسَّرًا مِنْ رِوَايَةِ الْأَوْزَاعِيِّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ فِيهِ وَفَوَاتُهَا أَنْ يَدْخُلَ الشَّمْسَ صُفْرَةٌ وَرُوِيَ عَنْ سَالِمٍ أَنَّهُ قَالَ هَذَا فِيمَنْ فَاتَتْهُ نَاسِيًا وَعَلَى قَوْلِ الدَّاوُدِيِّ هُوَ فِي الْعَامِدِ وَهَذَا هُوَ الْأَظْهَرُ وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ الْبُخَارِيِّ فِي صَحِيحِهِ مَنْ تَرَكَ صَلَاةَ الْعَصْرِ حَبَطَ عَمَلُهُ وَهَذَا إنما يكون في العامد قال بن عَبْدِ الْبَرِّ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَلْحَقَ بِالْعَصْرِ بَاقِي الصَّلَوَاتِ وَيَكُونُ نَبَّهَ بِالْعَصْرِ عَلَى غَيْرِهَا وَإِنَّمَا خَصَّهَا بِالذِّكْرِ لِأَنَّهَا تَأْتِي وَقْتَ تَعَبِ النَّاسِ مِنْ مُقَاسَاةِ أَعْمَالِهِمْ وَحِرْصِهِمْ عَلَى قَضَاءِ أَشْغَالِهِمْ وَتَسْوِيفِهِمْ بِهَا إِلَى انْقِضَاءِ وَظَائِفِهِمْ وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ لِأَنَّ الشَّرْعَ وَرَدَ فِي الْعَصْرِ وَلَمْ تَتَحَقَّقِ الْعِلَّةُ فِي هَذَا الْحُكْمِ فَلَا يُلْحَقُ بِهَا غَيْرُهَا بِالشَّكِّ وَالتَّوَهُّمِ وَإِنَّمَا يُلْحَقُ غَيْرُ الْمَنْصُوصِ بِالْمَنْصُوصِ إِذَا عَرَفْنَا الْعِلَّةَ وَاشْتَرَكَا فِيهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ قَالَ عَمْرٌو يَبْلُغُ بِهِ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَفَعَهُ هُمَا بِمَعْنًى لَكِنَّ عَادَةَ مُسْلِمٍ رحمه الله الْمُحَافَظَةُ عَلَى اللَّفْظِ وَإِنْ اتَّفَقَ مَعْنَاهُ وَهِيَ عَادَةٌ جَمِيلَةٌ وَاللَّهُ أعلم