الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لِلْآخَرِ
[637]
قَوْلُهُ كُنَّا نُصَلِّي الْمَغْرِبَ مَعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَيَنْصَرِفُ أَحَدُنَا وَإِنَّهُ لَيُبْصِرُ مَوَاقِعَ نَبْلِهِ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يُبَكِّرُ بِهَا فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا بِمُجَرَّدِ غُرُوبِ الشَّمْسِ حَتَّى نَنْصَرِفَ وَيَرْمِي أَحَدُنَا النَّبْلَ عَنْ قَوْسِهِ ويبصر موقعه لِبَقَاءِ الضَّوْءِ وَفِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ أَنَّ الْمَغْرِبَ تُعَجَّلُ عَقِبَ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَهَذَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ وَقَدْ حُكِيَ عَنِ الشِّيعَةِ فِيهِ شَيْءٌ لَا الْتِفَاتَ إِلَيْهِ وَلَا أَصْلَ لَهُ وَأَمَّا الْأَحَادِيثُ السَّابِقَةُ فِي تَأْخِيرِ الْمَغْرِبِ إِلَى قَرِيبِ سُقُوطِ الشَّفَقِ فَكَانَتْ لِبَيَانِ جَوَازِ التَّأْخِيرِ كَمَا سَبَقَ إِيضَاحُهُ فَإِنَّهَا كَانَتْ جَوَابَ سَائِلٍ عَنِ الْوَقْتِ وَهَذَانِ الْحَدِيثَانِ إِخْبَارٌ عَنْ عَادَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمُتَكَرِّرَةِ الَّتِي وَاظَبَ عَلَيْهَا إِلَّا لِعُذْرٍ فَالِاعْتِمَادُ عَلَيْهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ
(باب وَقْتِ الْعِشَاءِ وَتَأْخِيرِهَا)
ذَكَرَ فِي الْبَابِ تَأْخِيرَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ هَلِ الْأَفْضَلُ تَقْدِيمُهَا أَمْ تَأْخِيرُهَا وَهُمَا مَذْهَبَانِ مَشْهُورَانِ لِلسَّلَفِ وَقَوْلَانِ لِمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ فَمَنْ فَضَّلَ التَّأْخِيرَ احْتَجَّ بِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ وَمَنْ فَضَّلَ التَّقْدِيمَ احْتَجَّ بِأَنَّ الْعَادَةَ الْغَالِبَةَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَقْدِيمُهَا وَإِنَّمَا أَخَّرَهَا فِي أَوْقَاتٍ يَسِيرَةٍ لِبَيَانِ الْجَوَازِ أَوْ لِشُغْلٍ أَوْ لِعُذْرٍ وَفِي بَعْضِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ الْإِشَارَةُ إِلَى هَذَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ
[638]
قَوْلُهُ حَدَّثَنَا عَمْرُو
بْنُ سَوَّادٍ هُوَ بِتَشْدِيدِ الْوَاوِ وَقَوْلُهُ أَعْتَمَ بِالصَّلَاةِ أَيْ أَخَّرَهَا حَتَّى اشْتَدَّتْ عَتَمَةُ اللَّيْلِ وَهِيَ ظُلْمَتُهُ قَوْلُهُ نَامَ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ أَيْ مَنْ يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ مِنْهُمْ فِي الْمَسْجِدِ وَإِنَّمَا قَالَ عُمَرُ رضي الله عنه نَامَ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ لِأَنَّهُ ظَنَّ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم إِنَّمَا تَأَخَّرَ عَنِ الصَّلَاةِ نَاسِيًا لَهَا أَوْ لِوَقْتِهَا قَوْلُهُ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تَنْزُرُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الصَّلَاةِ هُوَ بِتَاءٍ مُثَنَّاةٍ مِنْ فوق مفتوحة ثم نون ساكنة ثم زاء مَضْمُومَةٍ ثُمَّ رَاءٍ أَيْ تُلِحُّوا عَلَيْهِ وَنَقَلَ الْقَاضِي عَنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ أَنَّهُ ضَبَطَهُ تُبْرِزُوا بِضَمِّ التَّاءِ وَبَعْدَهَا بَاءٌ مُوَحَّدَةٌ ثُمَّ رَاءٌ مَكْسُورَةٌ ثُمَّ زَايٌ مِنَ الْإِبْرَازِ وَهُوَ الْإِخْرَاجُ وَالرِّوَايَةُ الْأُولَى هِيَ الصَّحِيحَةُ الْمَشْهُورَةُ الَّتِي عَلَيْهَا الْجُمْهُورُ وَاعْلَمْ أَنَّ التَّأْخِيرَ الْمَذْكُورَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَمَا بَعْدَهُ كُلُّهُ تَأْخِيرٌ لَمْ يَخْرُجْ بِهِ عَنْ وَقْتِ الِاخْتِيَارِ
وَهُوَ نِصْفُ اللَّيْلِ أَوْ ثُلُثُ اللَّيْلِ عَلَى الْخِلَافِ الْمَشْهُورِ الَّذِي قَدَّمْنَا بَيَانَهُ فِي أَوَّلِ الْمَوَاقِيتِ وَقَوْلُهُ فِي رِوَايَةِ عَائِشَةَ ذَهَبَ عَامَّةُ اللَّيْلِ أَيْ كَثِيرٌ مِنْهُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَكْثَرُهُ وَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا التَّأْوِيلِ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم إِنَّهُ لَوَقْتِهَا وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهَذَا الْقَوْلِ مَا بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ تَأْخِيرَهَا إِلَى مَا بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ أَفْضَلُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم إِنَّهُ لَوَقْتُهَا لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي مَعْنَاهُ إِنَّهُ لَوَقْتُهَا الْمُخْتَارُ أَوِ الْأَفْضَلُ فَفِيهِ تَفْضِيلُ تَأْخِيرِهَا وَأَنَّ الْغَالِبَ كَانَ تَقْدِيمُهَا وَإِنَّمَا قَدَّمَهَا لِلْمَشَقَّةِ فِي تَأْخِيرِهَا وَمَنْ قَالَ بِتَفْضِيلِ التَّقْدِيمِ قَالَ لَوْ كَانَ التَّأْخِيرُ أَفْضَلَ لَوَاظَبَ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ فِيهِ مَشَقَّةٌ وَمَنْ قَالَ بِالتَّأْخِيرِ قَالَ قَدْ نَبَّهَ عَلَى تَفْضِيلِ التَّأْخِيرِ بِهَذَا اللَّفْظِ وَصَرَّحَ بِأَنَّ تَرْكَ التَّأْخِيرِ إِنَّمَا هُوَ لِلْمَشَقَّةِ وَمَعْنَاهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ خَشِيَ أَنْ يُوَاظِبُوا عَلَيْهِ فَيُفْرَضُ عَلَيْهِمْ وَيَتَوَهَّمُوا إِيجَابَهُ فَلِهَذَا تَرَكَهُ كَمَا تَرَكَ صَلَاةَ التَّرَاوِيحِ وَعَلَّلَ تَرْكَهَا بِخَشْيَةِ افْتِرَاضِهَا وَالْعَجْزِ عَنْهَا وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى اسْتِحْبَابِهَا لِزَوَالِ الْعِلَّةِ الَّتِي خِيفَ مِنْهَا وَهَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودٌ فِي الْعِشَاءِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْرُهُ إِنَّمَا يُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُهَا لِتَطُولَ مُدَّةُ انْتِظَارِ الصَّلَاةِ وَمُنْتَظِرُ الصَّلَاةِ فِي صَلَاةٍ
[639]
قَوْلُهُ الْعِشَاءُ الْآخِرَةُ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ وَصْفِهَا بِالْآخِرَةِ وَأَنَّهُ لا كراهة
فِيهِ خِلَافًا لِمَا حُكِيَ عَنِ الْأَصْمَعِيِّ مِنْ كَرَاهَةِ هَذَا وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُ الْمَسْأَلَةِ قَوْلُهُ فَقَالَ حِينَ خَرَجَ إِنَّكُمْ لَتَنْتَظِرُونَ صَلَاةً مَا يَنْتَظِرُهَا أَهْلُ دِينٍ غَيْرُكُمْ فِيهِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ وَالْعَالِمِ إِذَا تَأَخَّرَ عَنِ أَصْحَابِهِ أَوْ جَرَى مِنْهُ مَا يَظُنُّ أَنَّهُ يَشُقُّ عَلَيْهِمْ أَنْ يَعْتَذِرَ إِلَيْهِمْ وَيَقُولُ لَكُمْ فِي هَذَا مَصْلَحَةٌ مِنْ جِهَةِ كَذَا أَوْ كَانَ لِي عُذْرٌ أَوْ نَحْوُ هَذَا قَوْلُهُ رَقَدْنَا فِي الْمَسْجِدِ ثُمَّ اسْتَيْقَظْنَا ثُمَّ رَقَدْنَا ثُمَّ اسْتَيْقَظْنَا وفي رواية عائشة نام أهل المسجد محل هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى نَوْمٍ لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ وَهُوَ نَوْمُ الْجَالِسِ مُمَكِّنًا مَقْعَدَهُ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ نَوْمَ مِثْلِ هَذَا لَا يَنْقُضُ وَبِهِ قَالَ الْأَكْثَرُونَ وَهُوَ الصَّحِيحُ فِي مَذْهَبِنَا وَقَدْ سَبَقَ إِيضَاحُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي آخِرِ كِتَابِ الطَّهَارَةِ
[640]
قَوْلُهُ وَبِيصُ خَاتَمِهِ أَيْ بَرِيقُهُ وَلَمَعَانُهُ وَالْخَاتَمُ بِكَسْرِ التَّاءِ وَفَتْحِهَا وَيُقَالُ خَاتَامُ وَخَيْتَامُ أَرْبَعُ لُغَاتٍ وَفِيهِ جَوَازُ لُبْسِ خَاتَمِ الفضة وهو
إِجْمَاعُ الْمُسْلِمِينَ قَوْلُهُ قَالَ أَنَسٌ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ خَاتَمِهِ مِنْ فِضَّةٍ وَرَفَعَ إِصْبَعَهُ الْيُسْرَى بِالْخِنْصَرِ هَكَذَا هُوَ فِي الْأُصُولِ بِالْخِنْصَرِ وَفِيهِ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ مُشِيرًا بِالْخِنْصَرِ أَيْ أَنَّ الْخَاتَمَ كَانَ فِي خِنْصَرِ الْيَدِ الْيُسْرَى وَهَذَا الَّذِي رَفَعَ إِصْبَعَهُ هُوَ أَنَسٌ رضي الله عنه وَفِي الْإِصْبَعِ عَشْرُ لُغَاتٍ كَسْرُ الْهَمْزَةِ وَفَتْحُهَا وَضَمُّهَا مَعَ كَسْرِ الْبَاءِ وَفَتْحِهَا وَضَمِّهَا وَالْعَاشِرَةُ أُصْبُوعٌ وَأَفْصَحُهُنَّ كَسْرُ الْهَمْزَةِ مَعَ فَتْحِ الْبَاءِ قَوْلُهُ نَظَرْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةً حَتَّى كَانَ قَرِيبٌ مِنْ نِصْفِ اللَّيْلِ هَكَذَا هُوَ فِي بَعْضِ الْأُصُولِ قَرِيبٌ وَفِي بَعْضِهَا قَرِيبًا وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ وَتَقْدِيرُ الْمَنْصُوبِ حَتَّى كَانَ الزَّمَانُ قَرِيبًا وَقَوْلُهُ نَظَرْنَا أَيِ انْتَظَرْنَا يُقَالُ نَظَرْتُهُ وَانْتَظَرْتُهُ بِمَعْنًى
[641]
قَوْلُهُ بَقِيعُ بُطْحَانَ تَقَدَّمَ الِاخْتِلَافُ فِي ضَبْطِ بُطْحَانَ فِي بَابِ صَلَاةِ الْوُسْطَى وَبَقِيعٌ بِالْبَاءِ قَوْلُهُ ابهار الليل
هُوَ بِإِسْكَانِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ أَيِ انْتَصَفَ قَوْلُهُ فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ قَالَ لِمَنْ حَضَرَهُ عَلَى رِسْلِكُمْ أُعْلِمُكُمْ وَأَبْشِرُوا أَنَّ مِنْ نِعْمَةِ اللَّهِ عَلَيْكُمْ أَنَّهُ لَيْسَ إِلَى آخِرِهِ فَقَوْلُهُ رِسْلِكُمْ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَفَتْحِهَا لُغَتَانِ الْكَسْرُ أَفْصَحُ وَأَشْهَرُ أَيْ تَأَنُّوا وَقَوْلُهُ إِنَّ مِنْ نِعْمَةِ اللَّهِ هُوَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ مَعْمُولٌ لِقَوْلِهِ أُعْلِمُكُمْ وَقَوْلُهُ إِنَّهُ لَيْسَ بِفَتْحِهَا أَيْضًا وَفِيهِ جَوَازُ الْحَدِيثِ بَعْدَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ إِذَا كَانَ فِي خَيْرٍ وَإِنَّمَا نَهَى عَنِ الْكَلَامِ فِي غير الخير
[642]
قَوْلُهُ إِمَامًا وَخِلْوًا بِكَسْرِ الْخَاءِ أَيْ مُنْفَرِدًا قَوْلُهُ يَقْطُرُ رَأْسُهُ مَاءً مَعْنَاهُ أَنَّهُ اغْتَسَلَ حينئذ قَوْلُهُ ثُمَّ وَضَعَ أَطْرَافَ أَصَابِعِهِ عَلَى قَرْنِ الرَّأْسِ ثُمَّ صَبَّهَا هَكَذَا هُوَ فِي أُصُولِ رِوَايَاتِنَا قَالَ الْقَاضِي وَضَبَطَهُ بَعْضُهُمْ قَلَبَهَا وَفِي الْبُخَارِيِّ ضَمَّهَا وَالْأَوَّلُ هُوَ الصَّوَابُ وَقَوْلُهُ
وَلَا يُقَصِّرُ وَلَا يَبْطِشُ هَكَذَا هُوَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الْبُخَارِيِّ وَفِي بعضها ولا يعصر العين وَكُلُّهُ صَحِيحٌ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم لَا تَغْلِبَنَّكُمُ الْأَعْرَابُ عَلَى اسْمِ صَلَاتِكُمُ الْعِشَاءِ