المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها) - شرح النووي على مسلم - جـ ٥

[النووي]

فهرس الكتاب

- ‌(كتاب المساجد ومواضع الصلاة[520]قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ

- ‌(باب تَحْوِيلِ الْقِبْلَةِ مِنْ الْقُدْسِ إِلَى الْكَعْبَةِ)

- ‌(باب النهي عن بناء المسجد على القبور واتخاذ الصور

- ‌(باب فَضْلِ بِنَاءِ الْمَسَاجِدِ وَالْحَثِّ عَلَيْهَا)

- ‌(باب الندب إلى وضع الايدي على الركب في الركوع)

- ‌(باب جواز الاقعاء على العقبين)

- ‌(باب تَحْرِيمِ الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ وَنَسْخِ مَا كَانَ مِنْ إِبَاحَتِهِ)

- ‌(باب جَوَازِ لَعْنِ الشَّيْطَانِ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ وَالتَّعَوُّذِ مِنْهُ)

- ‌(باب جَوَازِ حَمْلِ الصبيان في الصلاة)

- ‌(بَابُ جَوَازِ الْخُطْوَةِ وَالْخُطْوَتَيْنِ فِي الصَّلَاةِ)

- ‌(باب كَرَاهَةِ الْاخْتِصَارِ فِي الصَّلَاةِ)

- ‌(باب كَرَاهَةِ مَسْحِ الْحَصَى)

- ‌(بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْبُصَاقِ فِي الْمَسْجِدِ فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا)

- ‌(باب جواز الصلاة في النعلين)

- ‌(باب كَرَاهَةِ الصَّلَاةِ فِي ثَوْبٍ لَهُ أَعْلَامٌ)

- ‌(باب كَرَاهَةُ الصَّلَاةِ بِحَضْرَةِ الطَّعَامِ الَّذِي يُرِيدُ أَكْلَهُ في

- ‌(باب نَهْيِ مَنْ أَكَلَ ثُومًا أَوْ بَصَلًا أَوْ كُرَّاثًا أَوْ نَحْوَهَا)

- ‌(باب النَّهْيِ عَنْ نَشْدِ الضَّالَةِ فِي الْمَسْجِدِ وَمَا يَقُولُهُ مَنْ

- ‌(باب السهو في الصلاة والسجود له)

- ‌(باب سجود التلاوة)

- ‌(باب صفة الجلوس في الصلاة وكيفية وضع اليدين على

- ‌(باب السلام للتحليل من الصلاة عند فراغها وكيفيته)

- ‌(باب الذكر بعد الصلاة)

- ‌(باب استحباب التعوذ من عذاب القبر وعذاب جهنم)

- ‌(باب اسْتِحْبَابِ الذِّكْرِ بَعْدَ الصَّلَاةِ وَبَيَانِ صِفَتِهِ)

- ‌(وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ الْمَشْهُورُ الَّذِي عَلَيْهِ

- ‌(باب مَا يُقَالُ بَيْنَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَالْقِرَاءَةِ)

- ‌(باب اسْتِحْبَابِ إِتْيَانِ الصَّلَاةِ بِوَقَارٍ وَسَكِينَةٍ وَالنَّهْيِ عَنْ

- ‌(بَابُ مَتَى يَقُومُ الناس للصلاة)

- ‌(بَاب مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الصَّلَاةِ فَقَدْ أَدْرَكَ تِلْكَ الصَّلَاةَ)

- ‌(باب أوقات الصلوات الخمس)

- ‌(باب اسْتِحْبَابِ الْإِبْرَادِ بِالظُّهْرِ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ لِمَنْ يَمْضِي

- ‌(باب استحباب تقديم الظهر في أول الوقت في غير شدة

- ‌(باب اسْتِحْبَابِ التَّبْكِيرِ بِالْعَصْرِ)

- ‌(باب التَّغْلِيظِ فِي تَفْوِيتِ صَلَاةِ الْعَصْرِ)

- ‌(باب الدَّلِيلِ لِمَنْ قَالَ الصَّلَاةُ الْوُسْطَى هِيَ صَلَاةِ الْعَصْرِ)

- ‌(باب فَضْلِ صَلَاتَيْ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ وَالْمُحَافَظَةِ عَلَيْهِمَا)

- ‌(باب بَيَانِ أَنَّ أَوَّلَ وَقْتِ الْمَغْرِبِ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ)

- ‌(باب وَقْتِ الْعِشَاءِ وَتَأْخِيرِهَا)

- ‌(باب استحباب التبكير بالصبح في أول وقتها)

- ‌(باب كراهة تَأْخِيرِ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا الْمُخْتَارِ وَمَا يَفْعَلُهُ

- ‌(باب فضل صلاة الجماعة وبيان التشديد في التخلف عنها)

- ‌(باب الرُّخْصَةِ فِي التَّخَلُّفِ عَنْ الْجَمَاعَةِ لعذر)

- ‌(باب جَوَازِ الْجَمَاعَةِ فِي النَّافِلَةِ وَالصَّلَاةِ عَلَى حَصِيرٍ

- ‌(باب فضل الصلاة المكتوبة في جماعة)

- ‌(باب فَضْلِ الْجُلُوسِ فِي مُصَلَّاهُ بَعْدَ الصُّبْحِ وَفَضْلِ الْمَسَاجِدِ)

- ‌(باب مَنْ أَحَقُّ بِالْإِمَامَةِ)

- ‌(باب اسْتِحْبَابِ الْقُنُوتِ فِي جميع الصلاة)

- ‌(باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها)

- ‌(كتاب صلاة المسافرين وقصرها[685]قَوْلُهَا فُرِضَتِ الصَّلَاةُ

- ‌(باب الصَّلَاةِ فِي الرِّحَالِ فِي الْمَطَرِ)

- ‌(باب جَوَازِ صَلَاةِ النَّافِلَةِ عَلَى الدَّابَّةِ فِي السفر حيث

- ‌(باب جَوَازِ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي السَّفَرِ)

- ‌(باب جَوَازِ الِانْصِرَافِ مِنْ الصَّلَاةِ عَنْ الْيَمِينِ وَالشِّمَالِ)

- ‌(بَابُ اسْتِحْبَابِ يَمِينِ الْإِمَامِ)

- ‌(باب كراهة المشوع في نافلة بعد شروع المؤذن)

- ‌(باب مَا يَقُولُ إِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ)

- ‌(باب اسْتِحْبَابِ تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ بِرَكْعَتَيْنِ وَكَرَاهَةِ الْجُلُوسِ قَبْلَ

- ‌(باب استحباب ركعتين في المسجد لمن قدم من سفر أول

- ‌(بَابُ اسْتِحْبَابِ صَلَاةِ الضُّحَى وَأَنَّ أَقَلَّهَا رَكْعَتَانِ)

الفصل: ‌(باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها)

(باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها)

حَاصِلُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ إِذَا فَاتَتْهُ فَرِيضَةٌ وَجَبَ قَضَاؤُهَا وَإِنْ فَاتَتْ بِعُذْرٍ اسْتُحِبَّ قَضَاؤُهَا عَلَى الْفَوْرِ وَيَجُوزُ التَّأْخِيرُ عَلَى الصَّحِيحِ وَحَكَى الْبَغَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَجْهًا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَإِنْ فَاتَتْهُ بِلَا عُذْرٍ وَجَبَ قَضَاؤُهَا عَلَى الْفَوْرِ عَلَى الْأَصَحِّ وَقِيلَ لَا يَجِبُ عَلَى الْفَوْرِ بَلْ لَهُ التَّأْخِيرُ وَإِذَا قَضَى صَلَوَاتٍ اسْتُحِبَّ قَضَاؤُهُنَّ مُرَتَّبًا فَإِنْ خَالَفَ ذَلِكَ صَحَّتْ صَلَاتُهُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَنْ وَافَقَهُ سَوَاءٌ كَانَتِ الصَّلَاةُ قَلِيلَةً أَوْ كَثِيرَةً وَإِنْ فَاتَتْهُ سُنَّةٌ رَاتِبَةٌ فَفِيهَا قَوْلَانِ لِلشَّافِعِيِّ أَصَحُّهُمَا يُسْتَحَبُّ قَضَاؤُهَا لِعُمُومِ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ نَسِيَ الصَّلَاةَ فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا وَلِأَحَادِيثَ أُخَرَ كَثِيرَةٍ فِي الصَّحِيحِ كَقَضَائِهِ صلى الله عليه وسلم سُنَّةَ الظُّهْرِ بَعْدَ الْعَصْرِ حِينَ شَغَلَهُ عَنْهَا الْوَفْدُ وَقَضَائِهِ سُنَّةَ الصُّبْحِ فِي حَدِيثِ الْبَابِ وَالْقَوْلُ الثَّانِي لَا يُسْتَحَبُّ وَأَمَّا السُّنَنُ الَّتِي شُرِعَتْ لِعَارِضٍ كَصَلَاةِ الْكُسُوفِ وَالِاسْتِسْقَاءِ وَنَحْوِهِمَا فَلَا يُشْرَعُ قَضَاؤُهَا بِلَا خِلَافٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

[680]

قَوْلُهُ قَفَلَ مِنْ غَزْوَةِ خَيْبَرَ أَيْ رَجَعَ وَالْقُفُولُ الرُّجُوعُ وَيُقَالُ غَزْوَةٌ وَغَزَاةٌ وَخَيْبَرُ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ وَكَذَا ضَبَطْنَاهُ وَكَذَا هُوَ فِي أصول بِلَادِنَا مِنْ نُسَخِ مُسْلِمٍ قَالَ الْبَاجِيُّ وَأَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَغَيْرُهُمَا هَذَا هُوَ الصَّوَابُ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ هَذَا قَوْلُ أَهْلِ السِّيَرِ وَهُوَ الصَّحِيحُ قَالَ وَقَالَ الْأَصِيلِيُّ إِنَّمَا هُوَ حُنَيْنٌ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالنُّونِ وَهَذَا غَرِيبٌ ضَعِيفٌ وَاخْتَلَفُوا هَلْ كَانَ هَذَا النَّوْمُ

ص: 181

مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ وَظَاهِرُ الْأَحَادِيثِ مَرَّتَانِ قَوْلُهُ إِذَا أَدْرَكَهُ الْكَرَى عَرَّسَ الْكَرَى بِفَتْحِ الْكَافِ النُّعَاسُ وَقِيلَ النَّوْمُ يُقَالُ مِنْهُ كَرِيَ الرَّجُلُ بِفَتْحِ الْكَافِ وَكَسْرِ الرَّاءِ يَكْرِي كَرًى فَهُوَ كَرٍ وَامْرَأَةٌ كَرِيَةٌ بِتَخْفِيفِ الْيَاءِ وَالتَّعْرِيسُ نُزُولُ الْمُسَافِرِينَ آخِرَ اللَّيْلِ لِلنَّوْمِ وَالِاسْتِرَاحَةِ هَكَذَا قَالَهُ الْخَلِيلُ وَالْجُمْهُورُ وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ هُوَ النُّزُولُ أَيَّ وَقْتٍ كَانَ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ وَفِي الْحَدِيثِ مُعَرِّسُونَ فِي نَحْرِ الظَّهِيرَةِ قَوْلُهُ وَقَالَ لِبِلَالٍ اكْلَأْ لَنَا الْفَجْرَ هُوَ بِهَمْزِ آخره أي ارقبه واحفظه واحرسه ومصدره الكلأ بِكَسْرِ الْكَافِ وَالْمَدِّ ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَقَوْلُهُ مُوَاجِهُ الْفَجْرِ أَيْ مُسْتَقْبِلُهُ بِوَجْهِهِ قَوْلُهُ فَفَزِعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَيِ انْتَبَهَ وَقَامَ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم أَيْ بِلَالُ هَكَذَا هُوَ فِي رِوَايَاتِنَا وَنُسَخِ بِلَادِنَا وَحَكَى الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ جَمَاعَةٍ أَنَّهُمْ ضَبَطُوهُ أَيْنَ بِلَالٌ بِزِيَادَةِ نُونٍ قَوْلُهُ فَاقْتَادُوا رَوَاحِلَهُمْ شَيْئًا فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ قَضَاءَ الْفَائِتَةِ بِعُذْرٍ لَيْسَ عَلَى الْفَوْرِ وَإِنَّمَا اقْتَادُوهَا لِمَا ذَكَرَهُ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ فَإِنَّ هَذَا مَنْزِلٌ حَضَرَنَا فِيهِ الشَّيْطَانُ قَوْلُهُ وَأَمَرَ بِلَالًا بِالْإِقَامَةِ فَأَقَامَ الصَّلَاةَ فِيهِ إِثْبَاتُ الْإِقَامَةِ لِلْفَائِتَةِ وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى تَرْكِ الْأَذَانِ لِلْفَائِتَةِ وَفِي حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ بَعْدَ إِثْبَاتِ الْأَذَانِ لِلْفَائِتَةِ وَفِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ مَشْهُورٌ وَالْأَصَحُّ عِنْدَنَا إِثْبَاتُ الْأَذَانِ بِحَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ وَغَيْرِهِ مِنَ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ وَأَمَّا تَرْكُ ذِكْرِ الْأَذَانِ فِي حَدِيثِ

ص: 182

أَبِي هُرَيْرَةَ وَغَيْرِهِ فَجَوَابُهُ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا لَا يَلْزَمُ مِنْ تَرْكِ ذِكْرِهِ أَنَّهُ لَمْ يُؤَذِّنْ فَلَعَلَّهُ أَذَّنَ وَأَهْمَلَهُ الرَّاوِي أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ وَالثَّانِي لَعَلَّهُ تَرَكَ الْأَذَانَ فِي هَذِهِ الْمَرَّةِ لِبَيَانِ جَوَازِ تَرْكِهِ وَإِشَارَةً إِلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ مُتَحَتِّمٍ لَا سِيَّمَا فِي السَّفَرِ قَوْلُهُ فَصَلَّى بِهِمُ الصُّبْحَ فِيهِ اسْتِحْبَابُ الْجَمَاعَةِ فِي الْفَائِتَةِ وَكَذَا قَالَهُ أَصْحَابُنَا قَوْلُهُ ص مَنْ نَسِيَ صَلَاةً فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا فِيهِ وُجُوبُ قَضَاءِ الْفَرِيضَةِ الْفَائِتَةِ سَوَاءٌ تَرَكَهَا بِعُذْرٍ كنوم ونسيان أم بِغَيْرِ عُذْرٍ وَإِنَّمَا قَيَّدَ فِي الْحَدِيثِ بِالنِّسْيَانِ لِخُرُوجِهِ عَلَى سَبَبٍ لِأَنَّهُ إِذَا وَجَبَ الْقَضَاءُ عَلَى الْمَعْذُورِ فَغَيْرُهُ أَوْلَى بِالْوُجُوبِ وَهُوَ مِنْ بَابِ التَّنْبِيهِ بِالْأَدْنَى عَلَى الْأَعْلَى وَأَمَّا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا فَمَحْمُولٌ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ تَأْخِيرُ قَضَاءِ الْفَائِتَةِ بِعُذْرٍ عَلَى الصَّحِيحِ وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُهُ وَدَلِيلُهُ وَشَذَّ بَعْضُ أَهْلِ الظَّاهِرِ فَقَالَ لَا يَجِبُ قَضَاءُ الْفَائِتَةِ بِغَيْرِ عُذْرٍ وَزَعَمَ أَنَّهَا أَعْظَمُ مِنْ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ وَبَالِ مَعْصِيَتِهَا بِالْقَضَاءِ وَهَذَا خَطَأٌ مِنْ قَائِلِهِ وَجَهَالَةٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِيهِ دَلِيلٌ لِقَضَاءِ السُّنَنِ الرَّاتِبَةِ إِذَا فَاتَتْ وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُهُ وَالْخِلَافُ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم فَإِنَّ هَذَا مَنْزِلٌ حَضَرَنَا فِيهِ الشَّيْطَانُ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ اجْتِنَابِ مَوَاضِعِ الشَّيْطَانِ وَهُوَ أَظْهَرُ الْمَعْنَيَيْنِ فِي النَّهْيِ عَنِ الصَّلَاةِ فِي الْحَمَّامِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم فَتَوَضَّأَ ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَصَلَّى الْغَدَاةَ فِيهِ اسْتِحْبَابُ قَضَاءِ النَّافِلَةِ الرَّاتِبَةِ وَجَوَازُ تَسْمِيَةِ

ص: 183

صَلَاةِ الصُّبْحِ الْغَدَاةَ وَأَنَّهُ لَا يُكْرَهُ ذَلِكَ فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ نَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ مَعَ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم إِنَّ عَيْنَيَّ تَنَامَانِ وَلَا يَنَامُ قَلْبِي فَجَوَابُهُ مِنْ وَجْهَيْنِ أَصَحُّهُمَا وَأَشْهَرُهُمَا أَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ الْقَلْبَ إِنَّمَا يُدْرِكُ الْحِسِّيَّاتِ الْمُتَعَلِّقَةَ بِهِ كَالْحَدَثِ وَالْأَلَمِ وَنَحْوِهُمَا وَلَا يُدْرِكُ طُلُوعَ الْفَجْرِ وَغَيْرَهُ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالْعَيْنِ وَإِنَّمَا يُدْرِكُ ذَلِكَ بِالْعَيْنِ وَالْعَيْنُ نَائِمَةٌ وَإِنْ كَانَ الْقَلْبُ يَقْظَانُ وَالثَّانِي أَنَّهُ كَانَ لَهُ حَالَانِ أَحَدُهُمَا يَنَامُ فِيهِ الْقَلْبُ وَصَادَفَ هَذَا الْمَوْضِعَ وَالثَّانِي لَا يَنَامُ وَهَذَا هُوَ الْغَالِبُ مِنْ أَحْوَالِهِ وَهَذَا التَّأْوِيلٌ ضَعِيفٌ وَالصَّحِيحُ الْمُعْتَمَدُ هُوَ الْأَوَّلُ

[681]

قَوْلُهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحَ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ رَبَاحٌ هَذَا بِفَتْحِ الرَّاءِ وَبِالْمُوَحَّدَةِ وَأَبُو قَتَادَةَ الْحَارِثُ بْنُ رِبْعِيٍّ الْأَنْصَارِيُّ قَوْلُهُ خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ إِنَّكُمْ تَسِيرُونَ فِيهِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِأَمِيرِ الْجَيْشِ إِذَا رَأَى مَصْلَحَةً لِقَوْمِهِ فِي إِعْلَامِهِمْ بِأَمْرٍ أَنْ يَجْمَعَهُمْ كُلَّهُمْ وَيُشِيعَ ذَلِكَ فِيهِمْ لِيُبَلِّغَهُمْ كُلَّهُمْ وَيَتَأَهَّبُوا لَهُ وَلَا يَخُصُّ بِهِ بَعْضَهُمْ وَكِبَارَهُمْ لِأَنَّهُ رُبَّمَا خَفِيَ عَلَى بَعْضِهِمْ فَيَلْحَقُهُ الضَّرَرُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم وَتَأْتُونَ الْمَاءَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ غَدًا فِيهِ اسْتِحْبَابُ قَوْلِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فِي الْأُمُورِ الْمُسْتَقْبَلَةِ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِلْأَمْرِ بِهِ فِي الْقُرْآنِ قَوْلُهُ لَا يَلْوِي أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ أَيْ لَا يَعْطِفُ قَوْلُهُ ابْهَارَّ اللَّيْلُ هُوَ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ أَيِ انْتَصَفَ قَوْلُهُ فَنَعَسَ هُوَ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالنُّعَاسُ مُقَدِّمَةُ النَّوْمِ وَهُوَ رِيحٌ لَطِيفَةٌ تَأْتِي مِنْ قِبَلِ الدِّمَاغِ تُغَطِّي عَلَى الْعَيْنِ وَلَا تَصِلُ إِلَى الْقَلْبِ فَإِذَا وَصَلَتْ إِلَى الْقَلْبِ كَانَ نَوْمًا وَلَا يُنْتَقَضُ الْوُضُوءُ بِالنُّعَاسِ مِنَ الْمُضْطَجِعِ وَيُنْتَقَضُ بِنَوْمِهِ وَقَدْ بَسَطْتُ الْفَرْقَ بَيْنَ حَقِيقَتِهِمَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ قَوْلُهُ فَدَعَمْتُهُ أَيْ أَقَمْتُ مَيْلَهُ

ص: 184

مِنَ النَّوْمِ وَصِرْتُ تَحْتَهُ كَالدِّعَامَةِ لِلْبِنَاءِ فَوْقَهَا قَوْلُهُ تَهَوَّرَ اللَّيْلُ أَيْ ذَهَبَ أَكْثَرُهُ مَأْخُوذٌ مِنْ تَهَوَّرَ الْبِنَاءُ وَهُوَ انْهِدَامُهُ يُقَالُ تَهَوَّرَ اللَّيْلُ وَتَوَهَّرَ قَوْلُهُ يَنْجَفِلُ أَيْ يَسْقُطُ قَوْلُهُ قَالَ مَنْ هَذَا قُلْتُ أَبُو قَتَادَةَ فِيهِ أَنَّهُ إِذَا قِيلَ لِلْمُسْتَأْذِنِ وَنَحْوِهِ مَنْ هَذَا يَقُولُ فُلَانٌ بِاسْمِهِ وَأَنَّهُ لَا بَأْسَ أَنْ يَقُولَ أَبُو فُلَانٍ إِذَا كَانَ مَشْهُورًا بِكُنْيَتِهِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم حَفِظَكَ اللَّهُ بِمَا حَفِظْتَ بِهِ نَبِيَّهُ أَيْ بِسَبَبِ حِفْظِكَ نَبِيَّهُ وَفِيهِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ صُنِعَ إِلَيْهِ مَعْرُوفٌ أَنْ يَدْعُوَ لِفَاعِلِهِ وَفِيهِ حَدِيثٌ آخَرُ صَحِيحٌ مَشْهُورٌ قَوْلُهُ سَبْعَةُ رَكْبٍ هُوَ جَمْعُ رَاكِبٍ كَصَاحِبٍ وَصَحْبٍ وَنَظَائِرِهِ قَوْلُهُ ثُمَّ دَعَا بِمِيضَأَةٍ هِيَ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَبِهَمْزَةٍ بَعْدَ الضَّادِ وَهِيَ الْإِنَاءُ الَّذِي يُتَوَضَّأُ بِهِ كَالرَّكْوَةِ قَوْلُهُ فَتَوَضَّأَ مِنْهَا وُضُوءًا دُونَ وُضُوءٍ مَعْنَاهُ وُضُوءًا خَفِيفًا مَعَ أَنَّهُ أَسْبَغَ الْأَعْضَاءَ وَنَقَلَ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ أَنَّ الْمُرَادَ تَوَضَّأَ وَلَمْ يَسْتَنْجِ بِمَاءٍ بَلِ اسْتَجْمَرَ بِالْأَحْجَارِ وَهَذَا الَّذِي زَعَمَهُ هَذَا

ص: 185

الْقَائِلُ غَلَطٌ ظَاهِرٌ وَالصَّوَابُ مَا سَبَقَ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم فَسَيَكُونُ لَهَا نَبَأٌ هَذَا مِنْ مُعْجِزَاتِ النُّبُوَّةِ قَوْلُهُ ثُمَّ أَذَّنَ بِلَالٌ بِالصَّلَاةِ فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ صَلَّى الْغَدَاةَ فَصَنَعَ كَمَا كَانَ يَصْنَعُ كُلَّ يَوْمٍ فِيهِ اسْتِحْبَابُ الْأَذَانِ لِلصَّلَاةِ الْفَائِتَةِ وَفِيهِ قَضَاءُ السُّنَّةِ الرَّاتِبَةِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ هَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ قَبْلَ الْغَدَاةِ هُمَا سُنَّةُ الصُّبْحِ وَقَوْلُهُ كَمَا كَانَ يَصْنَعُ كُلَّ يَوْمٍ فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ صِفَةَ قَضَاءِ الْفَائِتَةِ كَصِفَةِ أَدَائِهَا فَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ فَائِتَةَ الصُّبْحِ يُقْنَتُ فِيهَا وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ عِنْدَنَا وَقَدْ يَحْتَجُّ بِهِ مَنْ يَقُولُ يَجْهَرُ فِي الصُّبْحِ الَّتِي يَقْضِيهَا بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَهَذَا أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ لِأَصْحَابِنَا وَأَصَحُّهُمَا أَنَّهُ يُسِرُّ بِهَا وَيُحْمَلُ قَوْلُهُ كَمَا كَانَ يَصْنَعُ أَيْ فِي الْأَفْعَالِ وَفِيهِ إِبَاحَةُ تَسْمِيَةِ الصُّبْحِ غَدَاةً وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْأَحَادِيثِ قَوْلُهُ فَجَعَلَ بَعْضُنَا يَهْمِسُ إِلَى بَعْضٍ هُوَ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْمِيمِ وَهُوَ الْكَلَامُ الْخَفِيُّ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم إِنَّهُ لَيْسَ فِي النَّوْمِ تَفْرِيطٌ فِيهِ دَلِيلٌ لِمَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ الْعُلَمَاءُ أَنَّ النَّائِمَ لَيْسَ بِمُكَلَّفٍ وَإِنَّمَا يَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاءُ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا بِأَمْرٍ جَدِيدٍ هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ الصَّحِيحُ الْمُخْتَارُ عِنْدَ أَصْحَابِ الْفِقْهِ وَالْأُصُولِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ يَجِبُ الْقَضَاءُ بِالْخِطَابِ السَّابِقِ وَهَذَا الْقَائِلُ يُوَافِقُ عَلَى أَنَّهُ فِي حَالِ النَّوْمِ غَيْرُ مُكَلَّفٍ وَأَمَّا إِذَا أَتْلَفَ النَّائِمُ بِيَدِهِ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ أَعْضَائِهِ شَيْئًا فِي حَالِ نَوْمِهِ فَيَجِبُ ضَمَانَهُ بِالِاتِّفَاقِ وَلَيْسَ ذَلِكَ تَكْلِيفًا لِلنَّائِمِ لِأَنَّ غَرَامَةَ الْمُتْلَفَاتِ لَا يُشْتَرَطُ لَهَا التَّكْلِيفُ بِالْإِجْمَاعِ بَلْ لَوْ أَتْلَفَ الصَّبِيُّ أَوِ الْمَجْنُونُ أَوِ الْغَافِلُ وَغَيْرُهُمْ مِمَّنْ لَا تَكْلِيفَ عَلَيْهِ شَيْئًا وَجَبَ ضَمَانُهُ بِالِاتِّفَاقِ وَدَلِيلُهُ مِنَ الْقُرْآنِ قَوْلُهُ تَعَالَى وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إلى أهله فَرَتَّبَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى

ص: 186

عَلَى الْقَتْلِ خَطَأً الدِّيَةَ وَالْكَفَّارَةَ مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ آثِمٍ بِالْإِجْمَاعِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم إِنَّمَا التَّفْرِيطُ عَلَى مَنْ لَمْ يُصَلِّ الصَّلَاةَ حَتَّى يَجِيءَ وَقْتُ الصَّلَاةِ الْأُخْرَى فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَلْيُصَلِّهَا حِينَ يَنْتَبِهُ لَهَا فَإِذَا كَانَ مِنَ الْغَدِ فَلْيُصَلِّهَا عِنْدَ وَقْتِهَا فِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى امْتِدَادِ وَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ مِنَ الْخَمْسِ حَتَّى يَدْخُلَ وَقْتُ الْأُخْرَى وَهَذَا مُسْتَمِرٌّ عَلَى عُمُومِهِ فِي الصَّلَوَاتِ إِلَّا الصُّبْحَ فَإِنَّهَا لَا تَمْتَدُّ إِلَى الظُّهْرِ بَلْ يَخْرُجُ وَقْتُهَا بِطُلُوعِ الشَّمْسِ لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصُّبْحِ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الصُّبْحَ وَأَمَّا الْمَغْرِبُ فَفِيهَا خِلَافٌ سَبَقَ بَيَانُهُ فِي بَابِهِ وَالصَّحِيحُ الْمُخْتَارُ امْتِدَادُ وَقْتِهَا إِلَى دُخُولِ وَقْتِ الْعِشَاءِ لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ السَّابِقَةِ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَقَدْ ذَكَرْنَا الْجَوَابَ عَنْ حَدِيثِ إِمَامَةِ جِبْرِيلَ صلى الله عليه وسلم فِي الْيَوْمَيْنِ فِي الْمَغْرِبِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْإِصْطَخْرِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا تَفُوتُ الْعَصْرُ بِمَصِيرِ ظِلِّ الشَّيْءِ مِثْلَيْهِ وَتَفُوتُ الْعِشَاءُ بِذَهَابِ ثُلُثِ اللَّيْلِ أَوْ نِصْفِهِ وَتَفُوتُ الصُّبْحُ بِالْإِسْفَارِ وَهَذَا الْقَوْلُ ضَعِيفٌ وَالصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنَ الِامْتِدَادِ إِلَى دُخُولِ الصَّلَاةِ الثَّانِيَةِ وَأَمَّا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم فَإِذَا كَانَ مِنَ الْغَدِ فَلْيُصَلِّهَا عِنْدَ وَقْتِهَا فَمَعْنَاهُ أَنَّهُ إِذَا فَاتَتْهُ صَلَاةٌ فَقَضَاهَا لَا يَتَغَيَّرُ وَقْتُهَا وَيَتَحَوَّلُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ بَلْ يَبْقَى كَمَا كَانَ فَإِذَا كَانَ الْغَدُ صَلَّى صَلَاةَ الْغَدِ فِي وَقْتِهَا الْمُعْتَادِ وَيَتَحَوَّلُ وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَقْضِي الْفَائِتَةَ مَرَّتَيْنِ مَرَّةً فِي الْحَالِ وَمَرَّةً فِي الْغَدِ وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ مَا قَدَّمْنَاهُ فَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ وَقَدِ اضْطَرَبَتْ أَقْوَالُ الْعُلَمَاءِ فِيهِ وَاخْتَارَ الْمُحَقِّقُونَ مَا ذَكَرْتُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ ثُمَّ قَالَ مَا تَرَوْنَ النَّاسَ صَنَعُوا قَالَ ثُمَّ قَالَ أَصْبَحَ النَّاسُ فَقَدُوا نَبِيَّهُمْ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رضي الله عنهما رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَكُمْ لَمْ يَكُنْ لِيُخَلِّفَكُمْ وَقَالَ النَّاسُ إِنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم

ص: 187

بَيْنَ أَيْدِيكُمْ فَإِنْ يُطِيعُوا أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ يَرْشُدُوا مَعْنَى هَذَا الْكَلَامِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمَّا صَلَّى بِهِمْ الصُّبْحَ بَعْدَ ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ وَقَدْ سَبَقَهُمُ النَّاسُ وَانْقَطَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَهَؤُلَاءِ الطَّائِفَةُ الْيَسِيرَةُ عَنْهُمْ قَالَ مَا تَظُنُّونَ النَّاسَ يَقُولُونَ فِينَا فَسَكَتَ الْقَوْمُ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَمَّا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فَيَقُولَانِ لِلنَّاسِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَرَاءَكُمْ وَلَا تَطِيبُ نَفْسُهُ أَنْ يُخَلِّفَكُمْ وَرَاءَهُ وَيَتَقَدَّمَ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ فَيَنْبَغِي لَكُمْ أَنْ تَنْتَظِرُوهُ حَتَّى يَلْحَقَكُمْ وَقَالَ بَاقِي النَّاسِ إِنَّهُ سَبَقَكُمْ فَالْحَقُوهُ فَإِنْ أَطَاعُوا أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ رَشَدُوا فَإِنَّهُمَا عَلَى الصَّوَابِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم لَا هُلْكَ عَلَيْكُمْ هُوَ بِضَمِّ الْهَاءِ وَهُوَ مِنَ الْهَلَاكِ وَهَذَا مِنَ الْمُعْجِزَاتِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم أَطْلِقُوا لِي غُمَرِي هُوَ بِضَمِّ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الْمِيمِ وبالراء هو القدح الصغير قوه فَلَمْ يَعُدْ أَنْ رَأَى النَّاسُ مَا فِي الْمِيضَأَةِ تَكَابُّوا عَلَيْهَا ضَبَطْنَا قَوْلَهُ مَا هُنَا بِالْمَدِّ وَالْقَصْرِ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم أَحْسِنُوا الْمَلَأَ كُلُّكُمْ سَيَرْوَى الْمَلَأُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَاللَّامِ وَآخِرُهُ هَمْزَةٌ وَهُوَ مَنْصُوبٌ مَفْعُولُ أَحْسِنُوا وَالْمَلَأُ الْخُلُقُ وَالْعِشْرَةُ يُقَالُ مَا أَحْسَنَ مَلَأَ فُلَانٍ أَيْ خُلُقَهُ وَعِشْرَتَهُ وَمَا أَحْسَنَ مَلَأَ بَنِي فُلَانٍ أَيْ عِشْرَتَهُمْ وَأَخْلَاقَهُمْ ذكره الجوهري وغيره وأنشد الجوهري

تنادوا بال بهتة إِذْ رَأَوْنَا

فَقُلْنَا أَحْسَنِي مَلَأً جُهَيْنَا

ص: 188

قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم إِنَّ سَاقِي القوم آخرهم فيه هذا الْأَدَبِ مِنْ آدَابِ شَارِبِي الْمَاءِ وَاللَّبَنِ وَنَحْوِهِمَا وَفِي مَعْنَاهُ مَا يُفَرَّقُ عَلَى الْجَمَاعَةِ مِنَ الْمَأْكُولِ كَلَحْمٍ وَفَاكِهَةٍ وَمَشْمُومٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ فَأَتَى النَّاسُ الْمَاءَ جَامِّينَ رِوَاءً أَيْ نِشَاطًا مُسْتَرِيحِينَ قَوْلُهُ فِي مَسْجِدِ الْجَامِعِ هُوَ مِنْ بَابِ إِضَافَةِ الْمَوْصُوفِ إِلَى صِفَتِهِ فعند الكوفين يَجُوزُ ذَلِكَ بِغَيْرِ تَقْدِيرٍ وَعِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ لَا يَجُوزُ إِلَّا بِتَقْدِيرٍ وَيَتَأَوَّلُونَ مَا جَاءَ فِي هَذَا بِحَسَبِ مَوَاطِنِهِ وَالتَّقْدِيرُ هُنَا مَسْجِدُ الْمَكَانِ الْجَامِعِ وَفِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَمَا كُنْتَ بجانب الغربي صلى الله عليه وسلم أَيِ الْمَكَانِ الْغَرْبِيِّ وَقَوْلُهُ تَعَالَى وَلَدَارُ الْآخِرَةِ صلى الله عليه وسلم أَيِ الْحَيَاةِ الْآخِرَةِ وَقَدْ سَبَقَتِ الْمَسْأَلَةُ فِي مَوَاضِعَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم وَمَا شَعَرْتُ أَنَّ أَحَدًا حَفِظَهُ كَمَا حَفِظْتُهُ ضَبَطْنَاهُ حَفِظْتُهُ بِضَمِّ التَّاءِ وَفَتْحِهَا وَكِلَاهُمَا حسن وفي حديث أبي قتادة هذا مُعْجِزَاتٌ ظَاهِرَاتٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِحْدَاهَا إِخْبَارُهُ بِأَنَّ الْمِيضَأَةَ سَيَكُونُ لَهَا نَبَأٌ وَكَانَ كَذَلِكَ الثَّانِيَةُ تَكْثِيرُ الْمَاءِ الْقَلِيلِ الثَّالِثَةُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم كُلُّكُمْ سَيَرْوَى وَكَانَ كَذَلِكَ الرَّابِعَةُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ كَذَا وَقَالَ النَّاسُ كَذَا الْخَامِسَةُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم إِنَّكُمْ تَسِيرُونَ عَشِيَّتَكُمْ وَلَيْلَتَكُمْ وَتَأْتُونَ الْمَاءَ وَكَانَ كَذَلِكَ وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنَ الْقَوْمِ يَعْلَمُ ذَلِكَ وَلِهَذَا قَالَ فَانْطَلَقَ النَّاسُ لَا يَلْوِي أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ إِذْ لَوْ كَانَ أَحَدٌ مِنْهُمْ يَعْلَمُ ذَلِكَ لَفَعَلُوا ذَلِكَ قَبْلَ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم

[682]

قَوْلُهُ حدثنا سلم

ص: 189

بْنُ زَرِيرٍ هُوَ بِزَايٍ فِي أَوَّلِهِ مَفْتُوحَةٍ ثُمَّ رَاءٍ مُكَرَّرَةٍ قَوْلُهُ فَأَدْلَجْنَا لَيْلَتَنَا هُوَ بِإِسْكَانِ الدَّالِ وَهُوَ سَيْرُ اللَّيْلِ كُلِّهُ وَأَمَّا أَدَّلَجْنَا بِفَتْحِ الدَّالِ الْمُشَدَّدَةِ فَمَعْنَاهُ سِرْنَا آخِرَ اللَّيْلِ هَذَا هُوَ الْأَشْهَرُ فِي اللُّغَةِ وَقِيلَ هُمَا لُغَتَانِ بِمَعْنًى وَمَصْدَرُ الْأَوَّلِ إِدْلَاجٌ بِإِسْكَانِ الدَّالِ وَالثَّانِي إِدْلَاجٌ بِكَسْرِ الدَّالِ الْمُشَدَّدَةِ قَوْلُهُ بَزَغَتِ الشَّمْسُ هُوَ أَوَّلُ طُلُوعِهَا وَقَوْلُهُ وَكُنَّا لَا نُوقِظُ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ مَنَامِهِ إِذَا نَامَ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ قَالَ الْعُلَمَاءُ كَانُوا يَمْتَنِعُونَ مِنْ إِيقَاظِهِ صلى الله عليه وسلم لِمَا كَانُوا يَتَوَقَّعُونَ مِنَ الْإِيحَاءِ إِلَيْهِ فِي الْمَنَامِ وَمَعَ هَذَا فَكَانَتِ الصَّلَاةُ قَدْ فَاتَ وَقْتُهَا فَلَوْ نَامَ آحَادُ النَّاسِ الْيَوْمَ وَحَضَرَتْ صَلَاةٌ وَخِيفَ فَوْتُهَا نَبَّهَهُ مَنْ حَضَرَهُ لِئَلَّا تَفُوتَ الصَّلَاةُ قَوْلُهُ فِي الْجُنُبِ فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَتَيَمَّمَ بِالصَّعِيدِ فَصَلَّى فِيهِ جَوَازُ التَّيَمُّمِ لِلْجُنُبِ إِذَا عَجَزَ عَنِ الْمَاءِ وَهُوَ مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْجُمْهُورِ وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُهُ فِي بَابِهِ قَوْلُهُ إِذَا نَحْنُ بِامْرَأَةٍ سَادِلَةٍ رِجْلَيْهَا بَيْنَ مَزَادَتَيْنِ السَّادِلَةُ الْمُرْسِلَةُ الْمُدْنِيَةُ وَالْمَزَادَةُ مَعْرُوفَةٌ وَهِيَ أكبر من القربة والمزادتان

ص: 190

حمل البعير سُمِّيَتْ مَزَادَةٌ لِأَنَّهُ يُزَادُ فِيهَا مِنْ جِلْدٍ آخَرَ مِنْ غَيْرِهَا قَوْلُهُ فَقُلْنَا لَهَا أَيْنَ الْمَاءُ قَالَتْ أَيْهَاهْ أَيْهَاهْ لَا مَاءَ لَكُمْ هَكَذَا هُوَ فِي الْأُصُولِ وَهُوَ بِمَعْنَى هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ وَمَعْنَاهُ الْبُعْدُ مِنَ الْمَطْلُوبِ وَالْيَأْسُ مِنْهُ كَمَا قَالَتْ بَعْدَهُ لَا مَاءَ لَكُمْ أَيْ لَيْسَ لَكُمْ مَاءٌ حَاضِرٌ وَلَا قَرِيبٌ وَفِي هَذِهِ اللَّفْظَةِ بِضْعُ عَشْرَةَ لُغَةً ذَكَرْتُهَا كُلَّهَا مُفَصَّلَةً وَاضِحَةً مُتْقَنَةً مَعَ شَرْحِ مَعْنَاهَا وَتَصْرِيفِهَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا فِي تَهْذِيبِ الْأَسْمَاءِ وَاللُّغَاتِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَيْضًا ذَلِكَ قَوْلُهُ وَأَخْبَرْتُهُ أَنَّهَا مُؤْتِمَةٌ بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ التَّاءِ أَيْ ذَاتِ أيتام قوله فأمر براويتها فأنيخت والراوية عِنْدَ الْعَرَبِ هِيَ الْجَمَلُ الَّذِي يَحْمِلُ الْمَاءَ وَأَهْلُ الْعُرْفِ قَدْ يَسْتَعْمِلُونَهُ فِي الْمَزَادَةِ اسْتِعَارَةً وَالْأَصْلُ الْبَعِيرُ قَوْلُهُ فَمَجَّ فِي الْعَزْلَاوَيْنِ الْعُلْيَاوَيْنِ الْمَجُّ زَرْقُ الْمَاءِ بِالْفَمِ وَالْعَزْلَاءُ بِالْمَدِّ هُوَ الْمُشَعَّبُ الْأَسْفَلُ لِلْمَزَادَةِ الَّذِي يُفْرَغُ مِنْهُ الْمَاءُ ويطلق أَيْضًا عَلَى فَمِهَا الْأَعْلَى كَمَا قَالَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ الْعَزْلَاوَيْنِ الْعُلْيَاوَيْنِ وَتَثْنِيَتُهَا عَزْلَاوَانِ وَالْجَمْعُ الْعَزَالِي بِكَسْرِ اللَّامِ قَوْلُهُ وَغَسَّلْنَا صَاحِبَنَا يَعْنِي الْجُنُبَ هُوَ بِتَشْدِيدِ السِّينِ أَيْ أَعْطَيْنَاهُ مَا يَغْتَسِلُ بِهِ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُتَيَمِّمَ عَنِ الْجَنَابَةِ إِذَا أَمْكَنَهُ اسْتِعْمَالُ الْمَاءِ اغْتَسَلَ قَوْلُهُ وَهِيَ تَكَادُ تَنْضَرِجُ مِنَ الْمَاءِ

ص: 191

أَيْ تَنْشَقُّ وَهُوَ بِفَتْحِ التَّاءِ وَإِسْكَانِ النُّونِ وَفَتْحِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَبِالْجِيمِ وَرُوِيَ بِتَاءٍ أُخْرَى بَدَلَ النُّونِ وَهُوَ بِمَعْنَاهُ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَشْهُورُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم لَمْ نَرْزَأْ مِنْ مَائِكَ هُوَ بِنُونٍ مَفْتُوحَةٍ ثُمَّ رَاءٍ ساكنة ثم زاء ثُمَّ هَمْزَةٍ أَيْ لَمْ نُنْقِصْ مِنْ مَائِكَ شَيْئًا وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مُعْجِزَةٌ ظَاهِرَةٌ مِنْ أَعْلَامِ النُّبُوَّةِ قَوْلُهَا كَانَ مِنْ أَمْرِهِ ذَيْتَ وَذَيْتَ قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ هُوَ بِمَعْنَى كَيْتَ وَكَيْتَ وَكَذَا وَكَذَا قَوْلُهُ فَهَدَى اللَّهُ ذَلِكَ الصِّرْمَ بِتِلْكَ الْمَرْأَةِ فَأَسْلَمَتْ وَأَسْلَمُوا الصِّرْمُ بِكَسْرِ الصَّادِ أَبْيَاتٌ مُجْتَمَعَةٌ قَوْلُهُ قُبَيْلُ الصُّبْحِ بِضَمِّ الْقَافِ هُوَ أَخَصُّ مِنْ قَبْلُ وَأَصْرَحُ فِي الْقُرْبِ قَوْلُهُ وَكَانَ أَجْوَفَ جَلِيدًا أَيْ رَفِيعَ الصَّوْتِ يُخْرِجُ صَوْتَهُ مِنْ جَوْفِهِ وَالْجَلِيدُ الْقَوِيُّ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم لَا ضَيْرَ أَيْ لَا ضَرَرَ عَلَيْكُمْ فِي هَذَا النَّوْمِ وَتَأْخِيرِ الصَّلَاةِ بِهِ

ص: 192

وَالضَّيْرُ وَالضُّرُّ وَالضَّرَرُ بِمَعْنًى

[684]

قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم مَنْ نَسِيَ صَلَاةً فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا لَا كَفَّارَةَ لَهَا إِلَّا ذَلِكَ مَعْنَاهُ لَا يُجْزِئُهُ إِلَّا الصَّلَاةُ مِثْلُهَا وَلَا يَلْزَمُهُ مَعَ ذَلِكَ شَيْءٌ آخَرَ

[684]

قَوْلُهُ حَدَّثَنَا هَدَّابٌ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ هَذَا الْإِسْنَادُ كُلُّهُ بَصْرِيُّونَ وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ جَرَتْ فِي سَفَرَيْنِ أَوْ أسْفَارٍ لَا فِي سُفْرَةٍ وَاحِدَةٍ وَظَاهِرُ أَلْفَاظِهَا يَقْتَضِي ذَلِكَ وَاللَّهُ أعلم

ص: 193