المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب أوقات الصلوات الخمس) - شرح النووي على مسلم - جـ ٥

[النووي]

فهرس الكتاب

- ‌(كتاب المساجد ومواضع الصلاة[520]قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ

- ‌(باب تَحْوِيلِ الْقِبْلَةِ مِنْ الْقُدْسِ إِلَى الْكَعْبَةِ)

- ‌(باب النهي عن بناء المسجد على القبور واتخاذ الصور

- ‌(باب فَضْلِ بِنَاءِ الْمَسَاجِدِ وَالْحَثِّ عَلَيْهَا)

- ‌(باب الندب إلى وضع الايدي على الركب في الركوع)

- ‌(باب جواز الاقعاء على العقبين)

- ‌(باب تَحْرِيمِ الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ وَنَسْخِ مَا كَانَ مِنْ إِبَاحَتِهِ)

- ‌(باب جَوَازِ لَعْنِ الشَّيْطَانِ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ وَالتَّعَوُّذِ مِنْهُ)

- ‌(باب جَوَازِ حَمْلِ الصبيان في الصلاة)

- ‌(بَابُ جَوَازِ الْخُطْوَةِ وَالْخُطْوَتَيْنِ فِي الصَّلَاةِ)

- ‌(باب كَرَاهَةِ الْاخْتِصَارِ فِي الصَّلَاةِ)

- ‌(باب كَرَاهَةِ مَسْحِ الْحَصَى)

- ‌(بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْبُصَاقِ فِي الْمَسْجِدِ فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا)

- ‌(باب جواز الصلاة في النعلين)

- ‌(باب كَرَاهَةِ الصَّلَاةِ فِي ثَوْبٍ لَهُ أَعْلَامٌ)

- ‌(باب كَرَاهَةُ الصَّلَاةِ بِحَضْرَةِ الطَّعَامِ الَّذِي يُرِيدُ أَكْلَهُ في

- ‌(باب نَهْيِ مَنْ أَكَلَ ثُومًا أَوْ بَصَلًا أَوْ كُرَّاثًا أَوْ نَحْوَهَا)

- ‌(باب النَّهْيِ عَنْ نَشْدِ الضَّالَةِ فِي الْمَسْجِدِ وَمَا يَقُولُهُ مَنْ

- ‌(باب السهو في الصلاة والسجود له)

- ‌(باب سجود التلاوة)

- ‌(باب صفة الجلوس في الصلاة وكيفية وضع اليدين على

- ‌(باب السلام للتحليل من الصلاة عند فراغها وكيفيته)

- ‌(باب الذكر بعد الصلاة)

- ‌(باب استحباب التعوذ من عذاب القبر وعذاب جهنم)

- ‌(باب اسْتِحْبَابِ الذِّكْرِ بَعْدَ الصَّلَاةِ وَبَيَانِ صِفَتِهِ)

- ‌(وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ الْمَشْهُورُ الَّذِي عَلَيْهِ

- ‌(باب مَا يُقَالُ بَيْنَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَالْقِرَاءَةِ)

- ‌(باب اسْتِحْبَابِ إِتْيَانِ الصَّلَاةِ بِوَقَارٍ وَسَكِينَةٍ وَالنَّهْيِ عَنْ

- ‌(بَابُ مَتَى يَقُومُ الناس للصلاة)

- ‌(بَاب مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الصَّلَاةِ فَقَدْ أَدْرَكَ تِلْكَ الصَّلَاةَ)

- ‌(باب أوقات الصلوات الخمس)

- ‌(باب اسْتِحْبَابِ الْإِبْرَادِ بِالظُّهْرِ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ لِمَنْ يَمْضِي

- ‌(باب استحباب تقديم الظهر في أول الوقت في غير شدة

- ‌(باب اسْتِحْبَابِ التَّبْكِيرِ بِالْعَصْرِ)

- ‌(باب التَّغْلِيظِ فِي تَفْوِيتِ صَلَاةِ الْعَصْرِ)

- ‌(باب الدَّلِيلِ لِمَنْ قَالَ الصَّلَاةُ الْوُسْطَى هِيَ صَلَاةِ الْعَصْرِ)

- ‌(باب فَضْلِ صَلَاتَيْ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ وَالْمُحَافَظَةِ عَلَيْهِمَا)

- ‌(باب بَيَانِ أَنَّ أَوَّلَ وَقْتِ الْمَغْرِبِ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ)

- ‌(باب وَقْتِ الْعِشَاءِ وَتَأْخِيرِهَا)

- ‌(باب استحباب التبكير بالصبح في أول وقتها)

- ‌(باب كراهة تَأْخِيرِ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا الْمُخْتَارِ وَمَا يَفْعَلُهُ

- ‌(باب فضل صلاة الجماعة وبيان التشديد في التخلف عنها)

- ‌(باب الرُّخْصَةِ فِي التَّخَلُّفِ عَنْ الْجَمَاعَةِ لعذر)

- ‌(باب جَوَازِ الْجَمَاعَةِ فِي النَّافِلَةِ وَالصَّلَاةِ عَلَى حَصِيرٍ

- ‌(باب فضل الصلاة المكتوبة في جماعة)

- ‌(باب فَضْلِ الْجُلُوسِ فِي مُصَلَّاهُ بَعْدَ الصُّبْحِ وَفَضْلِ الْمَسَاجِدِ)

- ‌(باب مَنْ أَحَقُّ بِالْإِمَامَةِ)

- ‌(باب اسْتِحْبَابِ الْقُنُوتِ فِي جميع الصلاة)

- ‌(باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها)

- ‌(كتاب صلاة المسافرين وقصرها[685]قَوْلُهَا فُرِضَتِ الصَّلَاةُ

- ‌(باب الصَّلَاةِ فِي الرِّحَالِ فِي الْمَطَرِ)

- ‌(باب جَوَازِ صَلَاةِ النَّافِلَةِ عَلَى الدَّابَّةِ فِي السفر حيث

- ‌(باب جَوَازِ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي السَّفَرِ)

- ‌(باب جَوَازِ الِانْصِرَافِ مِنْ الصَّلَاةِ عَنْ الْيَمِينِ وَالشِّمَالِ)

- ‌(بَابُ اسْتِحْبَابِ يَمِينِ الْإِمَامِ)

- ‌(باب كراهة المشوع في نافلة بعد شروع المؤذن)

- ‌(باب مَا يَقُولُ إِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ)

- ‌(باب اسْتِحْبَابِ تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ بِرَكْعَتَيْنِ وَكَرَاهَةِ الْجُلُوسِ قَبْلَ

- ‌(باب استحباب ركعتين في المسجد لمن قدم من سفر أول

- ‌(بَابُ اسْتِحْبَابِ صَلَاةِ الضُّحَى وَأَنَّ أَقَلَّهَا رَكْعَتَانِ)

الفصل: ‌(باب أوقات الصلوات الخمس)

(باب أوقات الصلوات الخمس)

[610]

قَوْلُهُ إِنَّ جِبْرِيلَ نَزَلَ فَصَلَّى إِمَامَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَوْلُهُ إِمَامَ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَيُوَضِّحهُ قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ نَزَلَ جِبْرِيلُ فَأَمَّنِي فَصَلَّيْتُ مَعَهُ ثُمَّ صَلَّيْتُ مَعَهُ ثُمَّ إِنَّهُ قَدْ يُقَالُ لَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بَيَانُ أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُ كَانَ مَعْلُومًا عِنْدَ الْمُخَاطَبِ فَأَبْهَمَهُ فِي هَذِهِ الرواية وبينه في رواية جابر وبن عَبَّاسٍ رضي الله عنهم وَقَدْ ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُمَا مِنْ أَصْحَابِ السُّنَنِ قَوْلُهُ إِنَّ جِبْرِيلَ نَزَلَ فَصَلَّى فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَكَرَّرَهُ هَكَذَا خَمْسَ

ص: 107

مرات معناه أنه كلما فعل جزأ مِنْ أَجْزَاءِ الصَّلَاةِ فَعَلَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَهُ حَتَّى تَكَامَلَتْ صَلَاتُهُ قَوْلُهُ بِهَذَا أُمِرْتُ رُوِيَ بِضَمِّ التَّاءِ وَفَتْحِهَا وَهُمَا ظاهران قوله أو إن جِبْرِيلَ هُوَ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِ الْهَمْزَةِ قَوْلُهُ أَخَّرَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْعَصْرَ فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ عُرْوَةُ وَأَخَّرَهَا الْمُغِيرَةُ فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ أَبُو مسعود الانصاري واحتجابا بِإِمَامَةِ جِبْرِيلَ عليه السلام أَمَّا تَأْخِيرُهُمَا فَلِكَوْنِهِمَا لَمْ يَبْلُغْهُمَا الْحَدِيثُ أَوْ أنَّهُمَا كَانَا يَرَيَانِ جَوَازَ التَّأْخِيرِ مَا لَمْ يَخْرُجِ الْوَقْتُ كَمَا هُوَ مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْجُمْهُورِ وَأَمَّا احْتِجَاجُ أَبِي مَسْعُودٍ وَعُرْوَةَ بِالْحَدِيثِ فَقَدْ يُقَالُ قَدْ ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِمَا من رواية بن عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ فِي إِمَامَةِ جِبْرِيلَ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ صَلَّى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ مَرَّتَيْنِ فِي يَوْمَيْنِ فَصَلَّى الْخَمْسَ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَفِي الْيَوْمِ الثَّانِي فِي آخِرِ وَقْتِ الِاخْتِيَارِ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَكَيْفَ يَتَوَجَّهُ الِاسْتِدْلَالُ بِالْحَدِيثِ وَجَوَابُهُ أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّهُمَا أَخَّرَا الْعَصْرَ عَنِ الْوَقْتِ الثَّانِي وَهُوَ مَصِيرُ ظِلِّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَيْهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

[611]

قَوْلُهُ كَانَ يُصَلِّي الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ فِي حُجْرَتِهَا قَبْلَ أَنْ تَظْهَرَ وَفِي رِوَايَةٍ يُصَلِّي الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ طالعة في

ص: 108

حجرتي لم يفيء الْفَيْءُ بَعْدُ وَفِي رِوَايَةٍ وَالشَّمْسُ وَاقِعَةٌ فِي حجرتي معناه كله التكبير بِالْعَصْرِ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا وَهُوَ حِينَ يَصِيرُ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ وَكَانَتِ الْحُجْرَةُ ضَيِّقَةَ الْعَرْصَةِ قَصِيرَةَ الْجِدَارِ بِحَيْثُ يَكُونُ طُولُ جِدَارِهَا أَقَلَّ مِنْ مِسَاحَةِ الْعَرْصَةِ بِشَيْءٍ يَسِيرٍ فَإِذَا صَارَ ظِلُّ الْجِدَارِ مِثْلَهُ دَخَلَ وَقْتُ الْعَصْرِ وَتَكُونُ الشَّمْسُ بَعْدُ فِي أَوَاخِرِ الْعَرْصَةِ لَمْ يَقَعِ الْفَيْءُ فِي الْجِدَارِ الشَّرْقِيِّ وَكُلُّ الرِّوَايَاتِ مَحْمُولَةٌ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

[612]

قَوْلُهُ ص إِذَا صَلَّيْتُمُ الصُّبْحَ فَإِنَّهُ وَقْتٌ إِلَى أَنْ يَطْلُعَ قَرْنُ الشَّمْسِ الْأَوَّلُ مَعْنَاهُ وَقْتٌ لِأَدَاءِ الصُّبْحِ فَإِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ قَالَ خَرَجَ وَقْتُ الْأَدَاءِ وَصَارَتْ قَضَاءً وَيَجُوزُ قَضَاؤُهَا فِي كُلِّ وَقْتٍ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ لِلْجُمْهُورِ أَنَّ وَقْتَ الْأَدَاءِ يَمْتَدُّ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْإِصْطَخْرِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا إِذَا أَسْفَرَ الْفَجْرُ صَارَتْ قَضَاءً بَعْدَهُ لِأَنَّ جِبْرِيلَ عليه السلام صَلَّى فِي الْيَوْمِ الثَّانِي حِينَ أَسْفَرَ وَقَالَ الْوَقْتُ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ وَدَلِيلُ الْجُمْهُورِ هَذَا الْحَدِيثُ قَالُوا وَحَدِيثُ جِبْرِيلَ عليه السلام لِبَيَانِ وَقْتِ الِاخْتِيَارِ لَا لِاسْتِيعَابِ وَقْتَ الْجَوَازِ لِلْجَمْعِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ فِي امْتِدَادِ الْوَقْتِ إِلَى أَنْ يَدْخُلَ وَقْتُ الصَّلَاةِ الْأُخْرَى إِلَّا الصُّبْحَ وَهَذَا التَّأْوِيلُ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ مَنْ يَقُولُ إِنَّ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ نَاسِخَةٌ لِحَدِيثِ جِبْرِيلَ عليه السلام لِأَنَّ النَّسْخَ لَا يُصَارُ إِلَيْهِ إِلَّا إِذَا عَجَزْنَا عَنِ التَّأْوِيلِ وَلَمْ نَعْجِزْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

ص: 109

قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم إِذَا صَلَّيْتُمُ الظُّهْرَ فَإِنَّهُ وَقْتٌ إِلَى أَنْ يَحْضُرَ الْعَصْرُ مَعْنَاهُ وَقْتٌ لِأَدَاءِ الظُّهْرِ وَفِيهِ دَلِيلٌ لِلشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَلِلْأَكْثَرِينَ أَنَّهُ لَا اشْتِرَاكَ بَيْنَ وَقْتِ الظُّهْرِ وَوَقْتِ الْعَصْرِ بَلْ مَتَى خرج وقت الظهر بمصير ظل الشي مِثْلَهُ غَيْرَ الظِّلِّ الَّذِي يَكُونُ عِنْدَ الزَّوَالِ دَخَلَ وَقْتُ الْعَصْرِ وَإِذَا دَخَلَ وَقْتُ الْعَصْرِ لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ مِنْ وَقْتِ الظُّهْرِ وَقَالَ مَالِكٌ رضي الله عنه وَطَائِفَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ إِذَا صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ دَخَلَ وَقْتُ الْعَصْرِ وَلَمْ يَخْرُجْ وَقْتُ الظُّهْرِ بَلْ يَبْقَى بَعْدَ ذَلِكَ قَدْرَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ صَالِحٌ لِلظُّهْرِ وَالْعَصْرِ أَدَاءٌ وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَدِيثِ جِبْرِيلَ عليه السلام صَلَّى بِي الظُّهْرَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي حِينَ صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ وَصَلَّى بِي الْعَصْرِ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ حِينَ صَارَ ظِلُّ كُلُّ شَيْءٍ مِثْلَهُ فَظَاهِرُهُ اشْتِرَاكُهُمَا فِي قَدْرِ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ وَالْأَكْثَرُونَ بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ الَّذِي نَحْنُ فِيهِ وَأَجَابُوا عَنْ حَدِيثِ جِبْرِيلَ عليه السلام بِأَنَّ مَعْنَاهُ فَرَغَ مِنَ الظُّهْرِ حِينَ صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ وَشَرَعَ فِي الْعَصْرِ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ حِينَ صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ فَلَا اشْتِرَاكَ بَيْنَهُمَا فَهَذَا التَّأْوِيلُ مُتَعَيِّنٌ لِلْجَمْعِ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ وَأَنَّهُ إِذَا حُمِلَ عَلَى الِاشْتِرَاكِ يَكُونُ آخِرَ وَقْتِ الظُّهْرِ مَجْهُولًا لِأَنَّهُ إِذَا ابْتَدَأَ بِهَا حِينَ صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ لَمْ يَعْلَمْ مَتَى فَرَغَ مِنْهَا وَحِينَئِذٍ يَكُونُ آخِرَ وَقْتِ الظُّهْرِ مَجْهُولًا وَلَا يَحْصُلُ بَيَانُ حُدُودِ الْأَوْقَاتِ وَإِذَا حُمِلَ عَلَى مَا تَأَوَّلْنَاهُ حَصَلَ مَعْرِفَةُ آخِرِ الْوَقْتِ وَانْتَظَمَتِ الْأَحَادِيثُ عَلَى اتِّفَاقٍ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم فَإِذَا صَلَّيْتُمُ الْعَصْرَ فَإِنَّهُ وَقْتٌ إِلَى أَنْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ مَعْنَاهُ فَإِنَّهُ وَقْتٌ لِأَدَائِهَا بِلَا كَرَاهَةٍ فَإِذَا اصْفَرَّتْ صَارَ وَقْتُ كَرَاهَةٍ وَتَكُونُ أَيْضًا أَدَاءً حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ لِلْحَدِيثِ السَّابِقِ وَمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الْعَصْرَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ رَدٌّ عَلَى أَبِي سَعِيدٍ الْإِصْطَخْرِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي قَوْلِهِ إِذَا صَارَ ظِلُّ الشَّيْءِ مِثْلَيْهِ صَارَتِ الْعَصْرُ قَضَاءً وَقَدْ تَقَدَّمَ قَرِيبًا الِاسْتِدْلَالُ عَلَيْهِ قَالَ أَصْحَابُنَا رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى لِلْعَصْرِ خَمْسَةُ أَوْقَاتٍ وَقْتُ فَضِيلَةٍ وَاخْتِيَارٍ وَجَوَازٍ بِلَا كَرَاهَةٍ وَجَوَازٍ مَعَ كَرَاهَةٍ وَوَقْتِ عُذْرٍ فَأَمَّا وَقْتُ الْفَضِيلَةِ فَأَوَّلُ وَقْتِهَا وَوَقْتُ الِاخْتِيَارِ يَمْتَدُّ إِلَى أَنْ يَصِيرَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَيْهِ وَوَقْتُ الْجَوَازِ إِلَى الِاصْفِرَارِ وَوَقْتُ الْجَوَازِ مَعَ الْكَرَاهَةِ حَالَةُ الِاصْفِرَارِ إِلَى الْغُرُوبِ وَوَقْتُ الْعُذْرِ وَهُوَ وَقْتُ الظُّهْرِ فِي حَقِّ مَنْ يجمع

ص: 110

بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ لِسَفَرٍ أَوْ مَطَرٍ وَيَكُونُ الْعَصْرُ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ الْخَمْسَةِ أَدَاءً فَإِذَا فَاتَتْ كُلُّهَا بِغُرُوبِ الشَّمْسِ صَارَتْ قَضَاءً وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم فَإِذَا صَلَّيْتُمُ الْمَغْرِبَ فَإِنَّهُ وَقْتٌ إِلَى أَنْ يَسْقُطَ الشَّفَقُ وَفِي رِوَايَةٍ وَقْتُ الْمَغْرِبِ مَا لَمْ يَسْقُطْ ثَوْرُ الشَّفَقِ وَفِي رِوَايَةٍ مَا لَمْ يَغِبِ الشَّفَقُ وَفِي رِوَايَةٍ مَا لَمْ يَسْقُطِ الشَّفَقُ هَذَا الْحَدِيثُ وَمَا بَعْدَهُ مِنَ الْأَحَادِيثِ صَرَائِحُ فِي أَنَّ وَقْتَ الْمَغْرِبِ يَمْتَدُّ إِلَى غُرُوبِ الشَّفَقِ وَهَذَا أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِنَا وَهُوَ ضَعِيفٌ عِنْدَ جُمْهُورِ نَقَلَةِ مَذْهَبِنَا وَقَالُوا الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهَا إِلَّا وَقْتٌ وَاحِدٌ وهو عقب غروب الشمس بقدر مَا يَتَطَهَّرُ وَيَسْتُرُ عَوْرَتَهُ وَيُؤَذِّنُ وَيُقِيمُ فَإِنْ أَخَّرَ الدُّخُولَ فِي الصَّلَاةِ عَنْ هَذَا الْوَقْتِ أَثِمَ وَصَارَتْ قَضَاءً وَذَهَبَ الْمُحَقِّقُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا إِلَى تَرْجِيحِ الْقَوْلِ بِجَوَازِ تَأْخِيرِهَا مَا لَمْ يَغِبِ الشَّفَقُ وَأَنَّهُ يَجُوزُ ابْتِدَاؤُهَا فِي كُلِّ وَقْتٍ مِنْ ذَلِكَ وَلَا يَأْثَمُ بِتَأْخِيرِهَا عَنْ أَوَّلِ الْوَقْتِ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ أَوِ الصَّوَابُ الَّذِي لَا يَجُوزُ غَيْرُهُ وَالْجَوَابُ عَنْ حَدِيثِ جِبْرِيلَ عليه السلام حِينَ صَلَّى الْمَغْرِبَ فِي الْيَوْمَيْنِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ حِينَ غَرَبَتِ الشَّمْسُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا أَنَّهُ اقْتَصَرَ عَلَى بَيَانِ وَقْتِ الِاخْتِيَارِ وَلَمْ يَسْتَوْعِبْ وَقْتَ الْجَوَازِ وَهَذَا جَارٍ فِي كُلِّ الصَّلَوَاتِ سِوَى الظُّهْرِ وَالثَّانِي أَنَّهُ مُتَقَدِّمٌ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ بِمَكَّةَ وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ بِامْتِدَادِ وَقْتِ الْمَغْرِبِ إِلَى غُرُوبِ الشَّفَقِ مُتَأَخِّرَةٌ فِي أَوَاخِرِ الْأَمْرِ بِالْمَدِينَةِ فَوَجَبَ اعْتِمَادُهَا وَالثَّالِثُ أَنَّ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ أَصَحُّ إِسْنَادًا مِنْ حَدِيثِ بَيَانِ جِبْرِيلَ عليه السلام فَوَجَبَ تَقْدِيمُهَا فَهَذَا مُخْتَصَرُ مَا يَتَعَلَّقُ بِوَقْتِ الْمَغْرِبِ وَقَدْ بَسَطْتُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ دَلَائِلَهُ وَالْجَوَابُ عَنْ مَا يُوهِمُ خِلَافَ الصَّحِيحِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم فَإِذَا صَلَّيْتُمُ الْعِشَاءَ فَإِنَّهُ وَقْتٌ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ مَعْنَاهُ وقت لأدائها اختيارا أما وَقْتُ الْجَوَازِ فَيَمْتَدُّ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ الثَّانِي لحديث أبي قتادة الَّذِي ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ بَعْدَ هَذَا فِي بَابِ مَنْ نَسِيَ صَلَاةً أَوْ نَامَ عَنْهَا أَنَّهُ لَيْسَ فِي النَّوْمِ تفريط إِنَّمَا التَّفْرِيطُ عَلَى مَنْ لَمْ يُصَلِّ الصَّلَاةَ حَتَّى يَجِيءَ وَقْتُ الصَّلَاةِ الْأُخْرَى وَسَنُوَضِّحُ شَرْحَهُ فِي مَوْضِعهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَقَالَ الْإِصْطَخْرِيُّ إِذَا ذَهَبَ نِصْفُ

ص: 111

اللَّيْلِ صَارَتْ قَضَاءً وَدَلِيلُ الْجُمْهُورِ حَدِيثُ أَبِي قَتَادَةَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ الْمَرَاغُ حَيٌّ مِنَ الْأَزْدِ هُوَ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَبِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ قَوْلُهُ ص ما لم يسقط ثور الشفق هو بالثاء الْمُثَلَّثَةُ أَيْ ثَوَرَانُهُ وَانْتِشَارُهُ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ فَوْرُ الشَّفَقِ بِالْفَاءِ وَهُوَ بِمَعْنَاهُ وَالْمُرَادُ بِالشَّفَقِ الْأَحْمَرِ هَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَجُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ وَأَهْلِ اللُّغَةِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالْمُزَنِيُّ رضي الله عنهما وَطَائِفَةٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَأَهْلِ اللُّغَةِ الْمُرَادُ الْأَبْيَضُ وَالْأَوَّلُ هُوَ الرَّاجِحُ الْمُخْتَارُ وَقَدْ بَسَطْتُ دَلَائِلَهُ فِي تَهْذِيبِ اللُّغَاتِ وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم فَإِنَّهَا تَطْلُعُ بَيْنَ قَرْنَيِ

ص: 112

الشَّيْطَانِ قِيلَ الْمُرَادُ بِقَرْنِهِ أُمَّتُهُ وَشِيعَتُهُ وَقِيلَ قَرْنُهُ جَانِبُ رَأْسِهِ وَهَذَا ظَاهِرُ الْحَدِيثِ فَهُوَ أَوْلَى وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ يُدْنِي رَأْسَهُ إِلَى الشَّمْسِ فِي هَذَا الْوَقْتِ لِيَكُونَ السَّاجِدُونَ لِلشَّمْسِ مِنَ الْكُفَّارِ فِي هَذَا الْوَقْتِ كَالسَّاجِدِينَ لَهُ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ لَهُ وَلِشِيعَتِهِ تَسَلُّطٌ وَتَمَكُّنٌ مِنْ أَنْ يُلَبِّسُوا عَلَى الْمُصَلِّي صَلَاتَهُ فَكُرِهَتِ الصَّلَاةُ فِي هَذَا الْوَقْتِ لِهَذَا الْمَعْنَى كَمَا كُرِهَتْ فِي مَأْوَى الشَّيْطَانِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم وَوَقْتُ صَلَاةِ الْعَصْرِ مَا لَمْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ وَيَسْقُطُ قَرْنُهَا الْأَوَّلُ فِيهِ دَلِيلٌ لِمَذْهَبِ الْجُمْهُورِ أَنَّ وَقْتَ الْعَصْرِ يَمْتَدُّ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ وَالْمُرَادُ بِقَرْنِهَا جَانِبِهَا فِيهِ أَنَّ الْعَصْرَ يَكُونُ أَدَاءً مَا لَمْ تَغِبِ الشَّمْسُ وَقَدْ سَبَقَ قَرِيبًا هَذَا كُلُّهُ قَوْلُهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ لَا يُسْتَطَاعُ الْعِلْمُ بِرَاحَةِ الْجِسْمِ جَرَتْ عَادَةُ الْفُضَلَاءِ بِالسُّؤَالِ عَنْ إِدْخَالِ مُسْلِمٍ هَذِهِ الْحِكَايَةَ عَنْ يَحْيَى مَعَ أَنَّهُ لَا يَذْكُرُ فِي كِتَابِهِ إِلَّا أَحَادِيثَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَحْضَةً مَعَ أَنَّ هَذِهِ الْحِكَايَةَ لَا تَتَعَلَّقُ بِأَحَادِيثِ مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ فَكَيْفَ أَدْخَلَهَا بَيْنَهَا وَحَكَى الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ بَعْضِ الْأَئِمَّةِ أَنَّهُ قَالَ سَبَبُهُ أَنَّ مُسْلِمًا رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَعْجَبَهُ حُسْنُ سِيَاقِ هَذِهِ الطُّرُقِ الَّتِي

ص: 113

ذكرها لحديث عبد الله بن عمر وَكَثْرَةِ فَوَائِدِهَا وَتَلْخِيصُ مَقَاصِدِهَا وَمَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ مِنَ الْفَوَائِدِ فِي الْأَحْكَامِ وَغَيْرِهَا وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا شَارَكَهُ فِيهَا فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ أَرَادَ أَنْ يُنَبِّهَ مَنْ رَغِبَ فِي تَحْصِيلِ الرُّتْبَةِ الَّتِي يَنَالُ بِهَا مَعْرِفَةَ مِثْلَ هَذَا فَقَالَ طَرِيقهُ أَنْ يُكْثِرَ اشْتِغَالَهُ وَإِتْعَابَهُ جِسْمَهُ فِي الِاعْتِنَاءِ بِتَحْصِيلِ الْعِلْمِ هَذَا شَرْحُ مَا حَكَاهُ الْقَاضِي

[613]

قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ بُرَيْدَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ رَجُلًا سَأَلَهُ عَنْ وَقْتِ الصَّلَاةِ فَقَالَ لَهُ صَلِّ مَعَنَا هَذَيْنِ يَعْنِي الْيَوْمَيْنِ وَذَكَرَ الصَّلَوَاتِ فِي الْيَوْمَيْنِ فِي الْوَقْتَيْنِ فِيهِ بَيَانُ أَنَّ لِلصَّلَاةِ وَقْتَ فَضِيلَةٍ وَوَقْتَ اخْتِيَارٍ وَفِيهِ أَنَّ وَقْتَ الْمَغْرِبِ مُمْتَدٌّ وَفِيهِ الْبَيَانُ بِالْفِعْلِ فَإِنَّهُ أَبْلَغُ فِي الْإِيضَاحِ وَالْفِعْلُ تَعُمُّ فَائِدَتُهُ السَّائِلَ وَغَيْرَهُ وَفِيهِ تَأْخِيرُ الْبَيَانِ إِلَى وَقْتِ الْحَاجَةِ وَهُوَ مَذْهَبُ جُمْهُورِ الْأُصُولِيِّينَ وَفِيهِ احْتِمَالُ تَأْخِيرِ الصَّلَاةِ عَنْ أَوَّلِ وَقْتِهَا وَتَرْكِ فَضِيلَةِ أَوَّلِ الْوَقْتِ لِمَصْلَحَةٍ راجحة قول صلى الله عليه وسلم وَقْتُ صَلَاتِكُمْ بَيْنَ مَا رَأَيْتُمْ هَذَا خِطَابٌ لِلسَّائِلِ وَغَيْرِهِ وَتَقْدِيرُهُ وَقْتُ صَلَاتِكُمْ فِي الطَّرَفَيْنِ اللَّذَيْنِ صَلَّيْتُ

ص: 114

فِيهِمَا وَفِيمَا بَيْنَهُمَا وَتَرَكَ ذِكْرَ الطَّرَفَيْنِ بِحُصُولِ عِلْمِهِمَا بِالْفِعْلِ أَوْ يَكُونُ الْمُرَادُ مَا بَيْنَ الْإِحْرَامِ بِالْأُولَى وَالسَّلَامِ مِنَ الثَّانِيَةِ قَوْلُهُ وَحَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَرْعَرَةَ السَّامِيُّ عَرْعَرَةُ بفتح العينين المهملتين واسكان الراء بينهما والسامي بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ مَنْسُوبٌ إِلَى سَامَةَ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ وَهُوَ مِنْ نَسْلِهِ قُرَشِيٌّ سَامِيٌّ قَوْلُهُ حِينَ وَجَبَتِ الشَّمْسُ أَيْ غَابَتْ وَقَوْلُهُ وَقَعَ الشَّفَقُ أَيْ غَابَ قَوْلُهُ فَنَوَّرَ بِالصُّبْحِ أَيْ أَسْفَرَ مِنَ النُّورِ وَهُوَ الْإِضَاءَةُ

[614]

قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ أَتَاهُ سَائِلٌ يَسْأَلُهُ عَنْ مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ شَيْئًا فَأَقَامَ الْفَجْرَ حِينَ انْشَقَّ الْفَجْرُ مَعْنَى قَوْلِهِ لَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ شَيْئًا أَيْ لَمْ يَرُدَّ جَوَابًا بِبَيَانِ الْأَوْقَاتِ بِاللَّفْظِ بَلْ قَالَ لَهُ صَلِّ مَعَنَا لِتَعْرِفَ ذَلِكَ وَيَحْصُلَ لَكَ الْبَيَانُ بِالْفِعْلِ وَإِنَّمَا تَأَوَّلْنَاهُ

ص: 115

لِنَجْمَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ وَلِأَنَّ الْمَعْلُومَ مِنْ أَحْوَالِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ يُجِيبُ إِذَا سُئِلَ عَمَّا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ بُرَيْدَةَ وَحَدِيثِ أَبِي مُوسَى أَنَّهُ صَلَّى الْعِشَاءَ بَعْدَ ثُلُثِ اللَّيْلِ وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَوَقْتُ الْعِشَاءِ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ لِبَيَانِ آخِرِ وَقْتِ الِاخْتِيَارِ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الرَّاجِحِ مِنْهُمَا وَلِلشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّ وَقْتَ الِاخْتِيَارِ يَمْتَدُّ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ وَالثَّانِي إِلَى نِصْفِهِ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ شُرَيْحٍ لَا اخْتِلَافَ بَيْنَ الرِّوَايَاتِ وَلَا عَنِ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بَلِ الْمُرَادُ بِثُلُثِ اللَّيْلِ أَنَّهُ أَوَّلُ ابْتِدَائِهَا وَبِنِصْفِهِ آخِرُ انْتِهَائِهَا وَيُجْمَعُ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ بِهَذَا وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ يُوَافِقُ ظَاهِرَ أَلْفَاظِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ لِأَنَّ قَوْلَهُ صلى الله عليه وسلم وَقْتُ الْعِشَاءِ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ آخِرُ وَقْتِهَا الْمُخْتَارِ وَأَمَّا

ص: 116