الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(باب مَنْ أَحَقُّ بِالْإِمَامَةِ)
[672]
قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم وَأَحَقُّهمْ بِالْإِمَامَةِ أَقْرَؤُهُمْ
[673]
وَفِي حَدِيثِ أَبِي مَسْعُودٍ يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ فِيهِ دَلِيلٌ لِمَنْ يَقُولُ بِتَقْدِيمِ الْأَقْرَأِ عَلَى الْأَفْقَهِ وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ وَبَعْضِ أَصْحَابِنَا وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا الْأَفْقَهُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْأَقْرَأِ لِأَنَّ الَّذِي يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنَ الْقِرَاءَةِ مَضْبُوطٌ وَالَّذِي يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنَ الْفِقْهِ غَيْرُ مَضْبُوطٍ وَقَدْ يَعْرِضُ فِي الصَّلَاةِ أَمْرٌ لَا يَقْدِرُ عَلَى مُرَاعَاةِ الصَّوَابِ فِيهِ إِلَّا كَامِلُ الْفِقْهِ قَالُوا وَلِهَذَا قَدَّمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْبَاقِينَ مَعَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
نَصَّ عَلَى أَنَّ غَيْرَهُ أَقْرَأُ مِنْهُ وَأَجَابُوا عَنِ الْحَدِيثِ بِأَنَّ الْأَقْرَأَ مِنَ الصَّحَابَةِ كَانَ هُوَ الْأَفْقَهُ لَكِنَّ فِي قَوْلِهِ فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ دَلِيلٌ عَلَى تَقْدِيمِ الْأَقْرَأِ مُطْلَقًا وَلَنَا وَجْهٌ اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّ الْأَوْرَعَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْأَفْقَهِ وَالْأَقْرَأِ لِأَنَّ مَقْصُودَ الْإِمَامَةِ يَحْصُلُ مِنَ الْأَوْرَعِ أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم فَإِنْ كَانُوا فِي السُّنَّةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً قَالَ أَصْحَابُنَا يَدْخُلُ فِيهِ طَائِفَتَانِ إِحْدَاهُمَا الَّذِينَ يُهَاجِرُونَ الْيَوْمَ مِنْ دَارِ الْكُفْرِ إِلَى دَارِ الْإِسْلَامِ فَإِنَّ الْهِجْرَةَ بَاقِيَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ عِنْدَنَا وَعِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ أَيْ لَا هِجْرَةَ مِنْ مَكَّةَ لِأَنَّهَا صَارَتْ دار اسلام أَوْ لَا هِجْرَةَ فَضْلُهَا كَفَضْلِ الْهِجْرَةِ قَبْلَ الفتح وسيأتي شرحه مَبْسُوطًا فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ أَوْلَادُ الْمُهَاجِرِينَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَإِذَا اسْتَوَى اثْنَانِ فِي الْفِقْهِ وَالْقِرَاءَةِ وَأَحَدُهُمَا مِنْ أَوْلَادِ مَنْ تَقَدَّمَتْ هِجْرَتُهُ وَالْآخَرُ مِنْ أَوْلَادِ مَنْ تَأَخَّرَتْ هِجْرَتُهُ قُدِّمَ الْأَوَّلُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم فَإِنْ كَانُوا فِي الْهِجْرَةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ سِلْمًا وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى سِنًّا وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى فَأَكْبَرُهُمْ سِنًّا مَعْنَاهُ إِذَا اسْتَوَيَا فِي الْفِقْهِ وَالْقِرَاءَةِ وَالْهِجْرَةِ وَرَجَحَ أَحَدُهُمَا بِتَقَدُّمِ إِسْلَامِهِ أَوْ بِكِبَرِ سِنِّهِ قُدِّمَ لِأَنَّهَا فَضِيلَةٌ يُرَجَّحُ بِهَا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم وَلَا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي سُلْطَانِهِ مَعْنَاهُ مَا ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ أَنَّ صَاحِبَ الْبَيْتِ وَالْمَجْلِسِ وَإِمَامَ الْمَسْجِدِ أَحَقُّ مِنْ غَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْغَيْرُ أَفْقَهَ وَأَقْرَأَ وَأَوْرَعَ وَأَفْضَلَ مِنْهُ وَصَاحِبُ الْمَكَانِ أَحَقُّ فَإِنْ شَاءَ تَقَدَّمَ وَإِنْ شَاءَ قَدَّمَ مَنْ يُرِيدُهُ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الَّذِي يُقَدِّمُهُ مَفْضُولًا بِالنِّسْبَةِ إِلَى بَاقِي الْحَاضِرِينَ لأنه سلطانه فيتصرف فيه كيف شاء قال أَصْحَابُنَا فَإِنْ حَضَرَ السُّلْطَانُ أَوْ نَائِبُهُ قُدِّمَ عَلَى صَاحِبِ الْبَيْتِ وَإِمَامِ الْمَسْجِدِ وَغَيْرِهِمَا لِأَنَّ وِلَايَتَهُ وَسَلْطَنَتَهُ عَامَّةٌ قَالُوا وَيُسْتَحَبُّ لِصَاحِبِ الْبَيْتِ أَنْ يَأْذَنَ لِمَنْ هُوَ أَفْضَلُ مِنْهُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم وَلَا يَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ عَلَى تَكْرِمَتِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ وَفِي الرِّوَايَةِ
الْأُخْرَى وَلَا تَجْلِسْ عَلَى تَكْرِمَتِهِ فِي بَيْتِهِ إِلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَكَ قَالَ الْعُلَمَاءُ التَّكْرِمَةُ الْفِرَاشُ وَنَحْوُهُ مِمَّا يُبْسَطُ لِصَاحِبِ الْمَنْزِلِ وَيُخَصُّ بِهِ وَهِيَ بِفَتْحِ التَّاءِ وَكَسْرِ الرَّاءِ قَوْلُهُ عَنْ أَوْسِ بْنِ ضَمْعَجٍ هُوَ بِفَتْحِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَإِسْكَانِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ
[674]
قَوْلُهُ وَنَحْنُ شَبَبَةٌ مُتَقَارِبُونَ جَمْعُ شَابٍّ وَمَعْنَاهُ مُتَقَارِبُونَ فِي السِّنِّ قَوْلُهُ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَحِيمًا رَقِيقًا هُوَ بِالْقَافَيْنِ هَكَذَا ضَبَطْنَاهُ فِي مُسْلِمٍ وَضَبَطْنَاهُ فِي الْبُخَارِيِّ بِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا هَذَا وَالثَّانِي رَفِيقًا بِالْفَاءِ وَالْقَافِ وَكِلَاهُمَا ظَاهِرٌ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ وَلْيَؤُمَّكُمْ
أَكْبَرُكُمْ فِيهِ الْحَثُّ عَلَى الْأَذَانِ وَالْجَمَاعَةِ وَتَقْدِيمِ الْأَكْبَرِ فِي الْإِمَامَةِ إِذَا اسْتَوَوْا فِي بَاقِي الْخِصَالِ وَهَؤُلَاءِ كَانُوا مُسْتَوِينَ فِي بَاقِي الْخِصَالِ لِأَنَّهُمْ هَاجَرُوا جَمِيعًا وَأَسْلَمُوا جَمِيعًا وَصَحِبُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَازَمُوهُ عِشْرِينَ لَيْلَةً فَاسْتَوَوْا فِي الْأَخْذِ عَنْهُ وَلَمْ يَبْقَ مَا يُقَدَّمُ بِهِ إِلَّا السِّنُّ وَاسْتَدَلَّ جَمَاعَةٌ بِهَذَا عَلَى تَفْضِيلِ الْإِمَامَةِ عَلَى الْأَذَانِ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ يُؤَذِّنُ أَحَدُكُمْ وَخَصَّ الْإِمَامَةَ بِالْأَكْبَرِ وَمَنْ قَالَ بِتَفْضِيلِ الْأَذَانِ وَهُوَ الصَّحِيحُ الْمُخْتَارُ قَالَ إِنَّمَا قَالَ يُؤَذِّنُ أَحَدُكُمْ وَخَصَّ الْإِمَامَةَ بِالْأَكْبَرِ لِأَنَّ الْأَذَانَ لَا يَحْتَاجُ إِلَى كَبِيرِ عِلْمٍ وَإِنَّمَا أَعْظَمُ مَقْصُودِهِ الْإِعْلَامُ بِالْوَقْتِ وَالْإِسْمَاعُ بِخِلَافِ الْإِمَامِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ فَلَمَّا أَرَدْنَا الْإِقْفَالَ هُوَ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ يُقَالُ فِيهِ قَفَلَ الْجَيْشُ إِذَا رَجَعُوا وَأَقْفَلَهُمُ الْأَمِيرُ إِذَا أَذِنَ لَهُمْ فِي الرُّجُوعِ فَكَأَنَّهُ قَالَ فَلَمَّا أَرَدْنَا أَنْ يُؤْذَنَ لَنَا فِي الرُّجُوعِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم وَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَأَذِّنَا ثُمَّ أَقِيمَا وَلْيَؤُمَّكُمَا أَكْبَرُكُمَا فِيهِ أَنَّ الْأَذَانَ وَالْجَمَاعَةَ مَشْرُوعَانِ لِلْمُسَافِرِينَ وَفِيهِ الْحَثُّ عَلَى الْمُحَافَظَةِ عَلَى الْأَذَانِ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ وَفِيهِ أَنَّ الْجَمَاعَةَ تَصِحُّ بِإِمَامٍ وَمَأْمُومٍ وَهُوَ إِجْمَاعُ الْمُسْلِمِينَ وَفِيهِ تَقْدِيمُ الصَّلَاةِ