الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَلَا يَدْخُلُ فِيهِ مَنْ أَنْفَقَهَا ذَاهِلًا وَلَكِنْ يَدْخُلُ الْمُحْتَسِبُ وَطَرِيقُهُ فِي الِاحْتِسَابِ أَنْ يَتَذَكَّرَ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِنْفَاقُ عَلَى الزَّوْجَةِ وَأَطْفَالِ أَوْلَادِهِ وَالْمَمْلُوكِ وَغَيْرِهِمْ مِمَّنْ تَجِبُ نَفَقَتُهُ عَلَى حَسَبِ أَحْوَالِهِمْ وَاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِيهِمْ وَأَنَّ غَيْرَهُمْ مِمَّنْ يُنْفَقُ عَلَيْهِ مَنْدُوبٌ إِلَى الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِمْ فَيُنْفِقُ بِنِيَّةِ أَدَاءِ مَا أُمِرَ بِهِ وَقَدْ أُمِرَ بِالْإِحْسَانِ إِلَيْهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
[1003]
قَوْلُهُ (عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ قَدِمَتَ عَلَيَّ أُمِّي وَهِيَ رَاهِبَةٌ أَوْ رَاغِبَةٌ) وَفِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ رَاغِبَةٌ بِلَا شَكٍّ وَفِيهَا وَهِيَ مُشْرِكَةٌ فَقُلْتُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَفَأَصِلُ أُمِّي قَالَ نَعَمْ صِلِي أُمَّكِ قَالَ الْقَاضِي الصَّحِيحُ رَاغِبَةٌ بِلَا شَكٍّ قَالَ قِيلَ مَعْنَاهُ رَاغِبَةٌ عَنِ الْإِسْلَامِ وَكَارِهَةٌ لَهُ وَقِيلَ مَعْنَاهُ طامعة فيما أعطيتها حريصة عَلَيْهِ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ قَدِمَتَ عَلَيَّ أُمِّي رَاغِبَةٌ فِي عَهْدِ قُرَيْشٍ وَهِيَ رَاغِمَةٌ مُشْرِكَةٌ فَالْأَوَّلُ رَاغِبَةٌ بِالْبَاءِ أَيْ طَامِعَةٌ طَالِبَةٌ صِلَتِي وَالثَّانِيَةُ بِالْمِيمِ مَعْنَاهُ كَارِهَةٌ لِلْإِسْلَامِ سَاخِطَتُهُ وَفِيهِ جَوَازُ صِلَةِ الْقَرِيبِ الْمُشْرِكِ وَأُمُّ أَسْمَاءَ اسْمُهَا قَيْلَةُ وَقِيلَ قَتِيلَةُ بِالْقَافِ وَتَاءِ مُثَنَّاةٍ من فوق وهي قَيْلَةُ بِنْتُ عَبْدِ الْعُزَّى الْقُرَشِيَّةُ الْعَامِرِيَّةُ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي أَنَّهَا أَسْلَمَتْ أَمْ مَاتَتْ عَلَى كفرها والأكثرون على موتها مشركة
(باب وصول ثواب الصدقة عن الميت إليه)
[1004]
قَوْلُهُ (يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أُمِّي افْتَلَتَتْ نَفْسَهَا
(ضَبَطْنَاهُ نَفْسَهَا وَنَفْسُهَا بِنَصَبِ السِّينِ وَرَفْعِهَا فالرفع)
عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولُ مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ وَالنَّصْبُ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ ثَانٍ قَالَ الْقَاضِي أَكْثَرُ رِوَايَتِنَا فِيهِ بِالنَّصْبِ وَقَوْلُهُ افْتَلَتَتْ بِالْفَاءِ هَذَا هُوَ صَوَابُ الَّذِي رَوَاهُ أَهْلُ الْحَدِيثِ وغيرهم ورواه بن قُتَيْبَةَ اقْتَتَلَتْ نَفْسَهَا بِالْقَافِ قَالَ وَهِيَ كَلِمَةٌ يُقَالُ لِمَنْ مَاتَ فَجْأَةً وَيُقَالُ أَيْضًا لِمَنْ قتلته الْجِنُّ وَالْعِشْقُ وَالصَّوَابُ الْفَاءُ قَالُوا وَمَعْنَاهُ مَاتَتْ فَجْأَةً وَكُلُّ شَيْءٍ فُعِلَ بِلَا تَمَكُّثٍ فَقَدِ افْتُلِتَ وَيُقَالُ افْتَلَتَ الْكَلَامَ وَاقْتَرَحَهُ وَاقْتَضَبَهُ إِذَا ارْتَجَلَهُ وَقَوْلُهَا (أَفَلَهَا أَجْرٌ إِنْ تَصَدَّقْتُ عَنْهَا قَالَ نَعَمْ) فَقَوْلُهُ إِنْ تَصَدَّقْتِ هُوَ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ مِنْ إِنْ وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ قَالَ الْقَاضِي هَكَذَا الرِّوَايَةُ فِيهِ قَالَ وَلَا يَصِحُّ غَيْرُهُ لِأَنَّهُ إِنَّمَا سَأَلَ عَمَّا لَمْ يَفْعَلْهُ بَعْدُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الصَّدَقَةَ عَنِ الْمَيِّتِ تَنْفَعُ الْمَيِّتَ وَيَصِلُهُ ثَوَابُهَا وَهُوَ كَذَلِكَ بِإِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ وَكَذَا أَجْمَعُوا عَلَى وُصُولِ الدُّعَاءِ وَقَضَاءِ الدِّينِ بِالنُّصُوصِ الْوَارِدَةِ فِي الْجَمِيعِ وَيَصِحُّ الْحَجُّ عَنِ الْمَيِّتِ إِذَا كَانَ حَجَّ الْإِسْلَامِ وَكَذَا إِذَا وَصَّى بِحَجِّ التَّطَوُّعِ عَلَى الأصح عندنا واختلف العلماء في الصوم إِذَا مَاتَ وَعَلَيْهِ صَوْمٌ فَالرَّاجِحُ جَوَازُهُ عَنْهُ لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ فِيهِ وَالْمَشْهُورُ فِي مَذْهَبِنَا أَنَّ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ لَا يَصِلُهُ ثَوَابُهَا وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا يَصِلُهُ ثَوَابُهَا وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَأَمَّا الصَّلَاةُ وَسَائِرُ الطَّاعَاتِ فَلَا تَصِلُهُ عِنْدَنَا وَلَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَقَالَ أَحْمَدُ يَصِلُهُ ثَوَابُ الْجَمِيعِ كَالْحَجِّ